الفرق بين المراجعتين لصفحة: «ضرورة قطع المفاوضات والالتجاء إلى مجلس الأمن»
Attea mostafa (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
|||
(٥ مراجعات متوسطة بواسطة ٣ مستخدمين غير معروضة) | |||
سطر ١: | سطر ١: | ||
'''<center> | '''<center><font color="blue"><font size=5>ضرورة قطع المفاوضات والالتجاء إلى مجلس الأمن</font></font></center>''' | ||
'''بقلم / | '''<center>"ضرورة قطع المفاوضات والالتجاء إلى مجلس الأمن"</center>''' | ||
'''بقلم / [[الإمام حسن البنا]]''' | |||
سطر ١٠: | سطر ١٢: | ||
'''وبعد:''' فقد وصل الموقف فى الداخل والخارج إلى الحال التى تعلمونها دولتكم من الضيق والحرج، وأصبح من الحتم اللازم على كل غيور على مصلحة هذا البلد أن ينسى نفسه وحزبه ويذكر شيئا واحدا هو خير هذا الوطن [[العمل]] السريع الحازم لعلاج هذا الحال. | '''وبعد:''' فقد وصل الموقف فى الداخل والخارج إلى الحال التى تعلمونها دولتكم من الضيق والحرج، وأصبح من الحتم اللازم على كل غيور على مصلحة هذا البلد أن ينسى نفسه وحزبه ويذكر شيئا واحدا هو خير هذا الوطن [[العمل]] السريع الحازم لعلاج هذا الحال. | ||
== تصرفات [[الإنجليز]] == | |||
[[ملف:الإمام-الشهيد-حسن-البنا-08.jpg|تصغير|250بك|'''<center>[[الإمام الشهيد]]-[[حسن البنا]]</center>''']] | |||
كل تصرفات الإنجليز -يا باشا- فى لندن وفى [[:تصنيف:الإخوان في السودان|السودان]] وفى أى مكان تدل على أنهم لا يريدون أن يسيروا مع المطالب المصرية خطوة واحدة إلى الحق، فهذه التصريحات المتوالية من رئيس [[الحكومة]] البريطانية ومن حاكم [[:تصنيف:الإخوان في السودان|السودان]] العام، وهذه التصرفات العملية من إقصاء الموظفين المصريين، والاستئثار بكل شىء دون حكومة مصر فى جنوب الوادى، وهذا التحدى كل يوم بقول جديد وعمل جديد، كل هذه أدلة متوالية صريحة سافرة لا تقبل جدلا ولا تأويلا على أن القوم قد نفضوا أيديهم من الصداقة المزعومة والمجاملة الموهومة، وآثروا أن يفرضوا ما يريدون فرضا بالنهر أو بالغدر ولن يستطيعوا بإذن الله. | كل تصرفات [[الإنجليز]] -يا باشا- فى لندن وفى [[:تصنيف:الإخوان في السودان|السودان]] وفى أى مكان تدل على أنهم لا يريدون أن يسيروا مع المطالب المصرية خطوة واحدة إلى الحق، فهذه التصريحات المتوالية من رئيس [[الحكومة]] البريطانية ومن حاكم [[:تصنيف:الإخوان في السودان|السودان]] العام، وهذه التصرفات العملية من إقصاء الموظفين المصريين، والاستئثار بكل شىء دون حكومة [[مصر]] فى جنوب الوادى، وهذا التحدى كل يوم بقول جديد وعمل جديد، كل هذه أدلة متوالية صريحة سافرة لا تقبل جدلا ولا تأويلا على أن القوم قد نفضوا أيديهم من الصداقة المزعومة والمجاملة الموهومة، وآثروا أن يفرضوا ما يريدون فرضا بالنهر أو بالغدر ولن يستطيعوا بإذن الله. | ||
== قلق وعمل == | == قلق وعمل == | ||
سطر ٢٣: | سطر ٢٣: | ||
لابد إذن من عمل شىء، والسبيل أمامنا والحمد لله مهيأة، والوسائل ممهدة ولا ينقصنا إلا الحزم والإقدام، فإلى الأمام. | لابد إذن من عمل شىء، والسبيل أمامنا والحمد لله مهيأة، والوسائل ممهدة ولا ينقصنا إلا الحزم والإقدام، فإلى الأمام. | ||
== فشل المفاوضات == | == فشل المفاوضات == | ||
أعلن -يا دولة الباشا- فشل المفاوضات، واقطعها فى عزة وكرامة، صارح البريطانيين بأنهم أحوج إلى صداقتنا منا إلى صداقتهم، وأننا نعرف الوسائل التى ننال بها حقوقنا كاملة غير منقوصة وأننا لم نؤثر سبيل المفاوضات إلا إقامة للحجة وإيثاراً للمسالمة وإعذارا إلى الله والناس. | أعلن -يا دولة الباشا- فشل المفاوضات، واقطعها فى عزة وكرامة، صارح البريطانيين بأنهم أحوج إلى صداقتنا منا إلى صداقتهم، وأننا نعرف الوسائل التى ننال بها حقوقنا كاملة غير منقوصة وأننا لم نؤثر سبيل المفاوضات إلا إقامة للحجة وإيثاراً للمسالمة وإعذارا إلى الله والناس. | ||
== الجلاء == | == الجلاء == | ||
ثم اطلب إلى الإنجليز جلاء قواتهم عن أرض الوادى فلا يليق بدولة عضو فى هيئة | ثم اطلب إلى [[الإنجليز]] جلاء قواتهم عن أرض الوادى فلا يليق بدولة عضو فى هيئة الأمم المتحدة، أن تحتل قواتها أرض دولة أخرى هى عضو فى الهيئة كذلك، كما هو نص القرار، وإلا كان وجودهم عدوانا مسلحا على سيادة الوطن، وخروجا على ميثاق هيئة الأمم، وتهديدا للأمن والسلام فى الشرق الأوسط. | ||
== إلى الهيئات الدولية == | == إلى الهيئات الدولية == | ||
فإن لم يفعلوا فتقدم بقضية الوطن إلى مجلس الأمن وإلى محكمة العدل وإلى كل مجمع دولى تأنس فيه ميلا إلى الإنصاف، ونفورا من الظلم والعدوان بعد الدراسة الكاملة، والتمحيص الواسع، والتنظيم الدقيق، ورعاية كل الظروف والملابسات و... | فإن لم يفعلوا فتقدم بقضية الوطن إلى مجلس الأمن وإلى محكمة العدل وإلى كل مجمع دولى تأنس فيه ميلا إلى الإنصاف، ونفورا من الظلم والعدوان بعد الدراسة الكاملة، والتمحيص الواسع، والتنظيم الدقيق، ورعاية كل الظروف والملابسات و... | ||
== الحريات == | == الحريات == | ||
ثم أطلق الحريات كاملة ولا تخش شيئا يا باشا ولا تخف على الأمن والنظام، فإنك لن تجد شعبا يقدر الأمن ويحب النظام ويعين بالطاعة كهذا الشعب المصرى الذى لا يعرف أن يحيا إلا فى ظل النظام والطاعة.. | ثم أطلق الحريات كاملة ولا تخش شيئا يا باشا ولا تخف على الأمن والنظام، فإنك لن تجد شعبا يقدر الأمن ويحب النظام ويعين بالطاعة كهذا الشعب المصرى الذى لا يعرف أن يحيا إلا فى ظل النظام والطاعة.. | ||
== دعوة إلى الوحدة == | == دعوة إلى الوحدة == | ||
سطر ٥٦: | سطر ٤٦: | ||
ولا تستبعد هذا -يا باشا- ولا تظنه من الخيال، فقد رأيت وسمعت ولمست وأحسست استعداد الجميع العظيم لمثل هذا، معارضين، ومؤيدين، على أثر بيانك بمجلس النواب، فإذا خطوت بعد هذه الخطوة العملية فسيكون الجميع معك لا بمجرد التصفيق والاستحسان ولكن بالقول والعمل واللسان والسنان، ولا يتخلف عنك فى ذلك إلا من فى قلبه مرض فيخسر نفسه وجهاده وماضيه ويظل مع الخوالف. | ولا تستبعد هذا -يا باشا- ولا تظنه من الخيال، فقد رأيت وسمعت ولمست وأحسست استعداد الجميع العظيم لمثل هذا، معارضين، ومؤيدين، على أثر بيانك بمجلس النواب، فإذا خطوت بعد هذه الخطوة العملية فسيكون الجميع معك لا بمجرد التصفيق والاستحسان ولكن بالقول والعمل واللسان والسنان، ولا يتخلف عنك فى ذلك إلا من فى قلبه مرض فيخسر نفسه وجهاده وماضيه ويظل مع الخوالف. | ||
وثق -يا باشا- بأنه لن يكون معك شعب وادى النيل وحده، ولكن سيكون معك سبعون مليونا من العرب يؤازرهم ويمدهم ثلاثمائة مليون من المسلمين تخفق قلوبهم | وثق -يا باشا- بأنه لن يكون معك شعب وادى النيل وحده، ولكن سيكون معك سبعون مليونا من العرب يؤازرهم ويمدهم ثلاثمائة مليون من المسلمين تخفق قلوبهم ل[[مصر]]، وتتحرك مشاعرهم وعواطفهم لمشاعرها وتسكن بسكونها، وليس ذلك بقليل.. | ||
== أمة قوية == | == أمة قوية == | ||
سطر ٧٠: | سطر ٥٨: | ||
'''<center>12 صفر سنة 1366</center>''' '''<center>المخلص: [[حسن البنا]] .. [[المرشد العام]] لهيئة [[الإخوان المسلمين]]</center>''' | '''<center>12 صفر سنة 1366</center>''' '''<center>المخلص: [[حسن البنا]] .. [[المرشد العام]] لهيئة [[الإخوان المسلمين]]</center>''' | ||
<br> '''المصدر: جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (206)، السنة الأولى، 13 صفر سنة1366 | <br> '''المصدر: جريدة [[الإخوان المسلمين]] اليومية، العدد (206)، السنة الأولى، 13 صفر سنة1366 ه/5 [[يناير]] [[1947]]م''' | ||
{{روابط الإنجليز وحرب القنال}} | |||
== للمزيد عن [[الإمام حسن البنا]] == | |||
[[ملف:Banna banner.jpg|وصلة=حسن البنا|center]] | |||
[[ | [[تصنيف:صفحة مراجعة]] | ||
[[Category:تصفح_الويكيبيديا]] [[Category:رسائل_المرشدين]] [[Category:رسائل_الإمام_حسن_البنا]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ١١:٥١، ٢ يوليو ٢٠١٢
بقلم / الإمام حسن البنا
حضرة صاحب الدولة محمود فهمي النقراشي باشا ... رئيس الحكومة المصرية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد: فقد وصل الموقف فى الداخل والخارج إلى الحال التى تعلمونها دولتكم من الضيق والحرج، وأصبح من الحتم اللازم على كل غيور على مصلحة هذا البلد أن ينسى نفسه وحزبه ويذكر شيئا واحدا هو خير هذا الوطن العمل السريع الحازم لعلاج هذا الحال.
تصرفات الإنجليز
كل تصرفات الإنجليز -يا باشا- فى لندن وفى السودان وفى أى مكان تدل على أنهم لا يريدون أن يسيروا مع المطالب المصرية خطوة واحدة إلى الحق، فهذه التصريحات المتوالية من رئيس الحكومة البريطانية ومن حاكم السودان العام، وهذه التصرفات العملية من إقصاء الموظفين المصريين، والاستئثار بكل شىء دون حكومة مصر فى جنوب الوادى، وهذا التحدى كل يوم بقول جديد وعمل جديد، كل هذه أدلة متوالية صريحة سافرة لا تقبل جدلا ولا تأويلا على أن القوم قد نفضوا أيديهم من الصداقة المزعومة والمجاملة الموهومة، وآثروا أن يفرضوا ما يريدون فرضا بالنهر أو بالغدر ولن يستطيعوا بإذن الله.
قلق وعمل
وكل شىء فى الداخل مظهر سافر واضح من مظاهر القلق والألم والأسى والأسف والحزن والضيق، هذه المعاهد المعطلة وهذه الحريات المكبلة، وهذا الرعب تمتلئ به الصدور، وهذا الحذر من الحاكم والمحكوم، وهذه القوات من البوليس السرى والعلنى نراها فى كل مكان تبعث الرهبة والريبة فى كل جو، ولا يمكن أن تعيش فى هذا الوضع أمة مهما كان صبرها طويلا، ومهما كان صدرها واسعا وحلمها عظيما، والضغط يولد الانفجار.
لابد إذن من عمل شىء، والسبيل أمامنا والحمد لله مهيأة، والوسائل ممهدة ولا ينقصنا إلا الحزم والإقدام، فإلى الأمام.
فشل المفاوضات
أعلن -يا دولة الباشا- فشل المفاوضات، واقطعها فى عزة وكرامة، صارح البريطانيين بأنهم أحوج إلى صداقتنا منا إلى صداقتهم، وأننا نعرف الوسائل التى ننال بها حقوقنا كاملة غير منقوصة وأننا لم نؤثر سبيل المفاوضات إلا إقامة للحجة وإيثاراً للمسالمة وإعذارا إلى الله والناس.
الجلاء
ثم اطلب إلى الإنجليز جلاء قواتهم عن أرض الوادى فلا يليق بدولة عضو فى هيئة الأمم المتحدة، أن تحتل قواتها أرض دولة أخرى هى عضو فى الهيئة كذلك، كما هو نص القرار، وإلا كان وجودهم عدوانا مسلحا على سيادة الوطن، وخروجا على ميثاق هيئة الأمم، وتهديدا للأمن والسلام فى الشرق الأوسط.
إلى الهيئات الدولية
فإن لم يفعلوا فتقدم بقضية الوطن إلى مجلس الأمن وإلى محكمة العدل وإلى كل مجمع دولى تأنس فيه ميلا إلى الإنصاف، ونفورا من الظلم والعدوان بعد الدراسة الكاملة، والتمحيص الواسع، والتنظيم الدقيق، ورعاية كل الظروف والملابسات و...
الحريات
ثم أطلق الحريات كاملة ولا تخش شيئا يا باشا ولا تخف على الأمن والنظام، فإنك لن تجد شعبا يقدر الأمن ويحب النظام ويعين بالطاعة كهذا الشعب المصرى الذى لا يعرف أن يحيا إلا فى ظل النظام والطاعة..
دعوة إلى الوحدة
ثم وجه الدعوة إلى مواطنيك فى جنوب الوادى وشماله فى برنامج شامل مفصل يوضح غايتك ووسيلتك لتحقيق المطالب التى أجمعت عليها البلاد (الجلاء الناجز عن الوادى كله والحرص التام على وحدته)، وادع الأمة جميعا إلى أن تكون معك على ذلك، وإلى أن تتألف من هيئاتها وأحزابها وجماعاتها ومفكريها جبهة قومية سودانية مصرية واحدة تتعهد الشعور الوطنى وتسدده إلى الخير وتقف به عن العدوان، وتنظم الدعاية الشعبية فى الداخل والخارج، فتعمل الحكومة بوسيلتها الرسمية وتعمل تلك الجبهة القومية إلى جانبها بوسائلها الشعبية، والجميع يرمون عن قوس واحدة ويهدفون إلى غرض قائم واحد معروف مقدس عزيز.
ولا تستبعد هذا -يا باشا- ولا تظنه من الخيال، فقد رأيت وسمعت ولمست وأحسست استعداد الجميع العظيم لمثل هذا، معارضين، ومؤيدين، على أثر بيانك بمجلس النواب، فإذا خطوت بعد هذه الخطوة العملية فسيكون الجميع معك لا بمجرد التصفيق والاستحسان ولكن بالقول والعمل واللسان والسنان، ولا يتخلف عنك فى ذلك إلا من فى قلبه مرض فيخسر نفسه وجهاده وماضيه ويظل مع الخوالف.
وثق -يا باشا- بأنه لن يكون معك شعب وادى النيل وحده، ولكن سيكون معك سبعون مليونا من العرب يؤازرهم ويمدهم ثلاثمائة مليون من المسلمين تخفق قلوبهم لمصر، وتتحرك مشاعرهم وعواطفهم لمشاعرها وتسكن بسكونها، وليس ذلك بقليل..
أمة قوية
دعنى أصارحك يا باشا- وأنت لا شك عليم- بأن الأمة ليست اليوم كما كانت بالأمس، فقد امتلأت أفئدتها بشعور جياش فياض قوى، وأصبح الوعى الوطنى اليوم تام الاكتمال، قوى الأثر، والشعور والوعى قوة أية قوة، بل هما عدة الشعوب المجاهدة وسلاح الأمم المناضلة.
كما أتاح الله لهذه الأمة من رجالها وهيئاتها من جمع كلمتها الشعبية فى تشكيل منظم مرتب، وفى وحدات مؤمنة باذلة، والتجميع والتنسيق والنظام الدقيق قوة أخرى. ولاشك- قوة تسرع إلى الخير، وقوة تحول دون الشر فالزمام أبدا معقود ولن يفلت بإذن الله.
يا دولة الباشا: لقد تقدمت لدولتك بمثل هذه النصيحة من قبل منذ عام مضى، وهأنا ذا أتقدم بها اليوم، وأعتقد أنى بذلك قد أبرأت ذمتى وأديت أمانتى، والوقت من ذهب، فسر على بركة الله والله معك، وأقدم ولا تتردد، فتفلت الفرصة السانحة، وتعود من جديد إلى التجارب القاسية، وتستبين النصح ضحى الغد حيث لا يفيد ولا ينفع، ألا قد بلغت اللهم فاشهد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (206)، السنة الأولى، 13 صفر سنة1366 ه/5 يناير 1947م