من أجل فلسطين المجاهدة الباسلة
بقلم / الإمام حسن البنا
نداء من مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين بالقاهرة إلى شعب الجماعة بالقطر المصرى وإلى الشعوب الإسلامية عامة وإلى مواطنينا المسيحيين الأعزاء
أيها الإخوان: هذا يوم من أيام الله يختبر الله به العزائم، ويبتلى به الهمم، ويمحص به الصادقين، ويظهر فيه قول الله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾[آل عمران: 142].
هؤلاء إخوانكم الفلسطينيون البواسل وقفوا صفًا واحدًا، وقلبًا واحدًا، وكلمة واحدة، وكتلة صامدة يعاهدون الله وإخوانهم ووطنهم ألا يضعوا راية الجهاد إلا مكللة بالنصر محفوفة بالفوز، أو يموتوا دون الغاية، وفداء للوطن ومقدساته.
أيها الإخوان: ثمانمائة ألف عربى ما بين مسلم ومسيحى وقفوا يذودون عن المقدسات العزيزة والتراث الخالد، وينوبون عن مسلمى الأرض ومسيحيى الأرض فى حفظ المسجد المقدس والدفاع عن فلسطين بلد الذكريات والأنبياء، ويدفعون عنها حيف اليهود وظلم الإنجليز، ويقاومون يد الاستعمار الباطشة الفاتكة، وهم فى هذا يقومون بالواجب عنكم، ويحتملون آلام الجهاد دونكم، وأنتم جميعًا آمنون وادعون.
أيها الإخوان: إن وطنكم لا تنتهى حدوده بحدود مصر، بل تمتد إلى كل شبر أرض فيه مسلم يقول:
لا إله إلا الله، وإن قلوبكم التى تخفق لمصر وتحنو عليها وتعمل لها بحكم البر بالوطن يجب أن تخفق لفلسطين، وتحنو عليها، وتعمل لها بحكم الدين والجوار والإنسانية والوطن أيضًا.
لقد وقفتم بالأمس إلى جانب الحبشة موقفًا كريمًا، فقفوا اليوم بجانب فلسطين مثل ذلك الموقف أو أسمى، فإن فلسطين ألصق بكم جميعًا وأقرب إليكم جميعًا، وقد وقع عليها من الظلم ما لا يعلم مداه إلا الله.
أيها الإخوان: إخوانكم الفلسطينيون الآن فى الميدان يجوعون ويجهدون ويخرجون ويقتلون ويسجنون فى سبيل الله وفى سبيل البلد المقدس، وهم إلى الآن فى أشرف المواقف يقومون بأمجد الأعمال، ويبدون من ضروب البسالة ما هو فوق الاحتمال والطاقة، فهم قد أعذروا إلى الله وإلى التاريخ، فإذا ضعفت هذه الحركة أو وهنت فأنتم المسئولون عن هذا الضعف وهذا الوهن، وهى جريرة يؤاخذ بها الله أشد المؤاخذة، ويحصيها التاريخ فى أسود صحائفه، فانتهزوا الفرصة وقوموا بواجبكم إلى جانب إخوانكم، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.
وإن مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين، وقد أقضت هذه الحوادث مضجعه فى الوقت الذى يهيب فيه بالشعوب العربية مسلمها ومسيحيها أن يمدوا يد المعونة لفلسطين المجاهدة الباسلة يقرر ما يأتى:
أولاً: تأليف لجنة مركزية من أعضائه لتلقى تبرعات الإخوان وإرسالها إلى اللجنة العربية العليا.
ثانيًا: تأليف لجان فى شعب الإخوان لتلقى التبرعات وإرسالها إلى اللجنة المركزية.
ثالثًا: شكر الشعب الفلسطينى الباسل على موقفه المشرف وتأييده فيه كل التأييد.
رابعًا: إرسال برقية احتجاج إلى المندوب السامى بفلسطين ووزير خارجية إنجلترا وسكرتارية عصبة الأمم.
خامسًا: دعوة سمو الأمير عمر طوسون والهيئات العاملة بمصر إلى العمل على مساعدة فلسطين.
سادسًا: رجاء لجنة مساعدة الحبشة فى أن تحول وجهها شطر فلسطين، وأن تمدها بما بقى عندها من أموال.
سابعًا: موالاة الكتابة تذكيرًا بالواجب نحو فلسطين، وحث التجار الذين يساعدون اليهود على التضامن مع العرب فى مقاطعة المعتدين الغاصبين.
المصدر: جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (6)، السنة الرابعة، 28صفر 1355ه- 19مايو 1936م، ص(19-20).
للمزيد عن الإمام حسن البنا