حقيقة علاقة الإخوان بالإنجليز بعد ثورة 23 يوليو
مقدمة
احتل الإنجليز مصر في سبتمبر عام 1882، حيث تمكنوا من استيعاب المقاومة ضدهم وأخضعوا المنظومة السياسية لإرادتهم، وسيطروا على عناصرها يتلاعبون بها، وأحدثوا تغييراً اجتماعياً نشأ عنه ارتباط شريحة من المثقفين والرموز السياسية ورجال الأعمال وأصحاب الأراضي بهم وبأفكارهم، وارتبطت مصالحهم بمصالحها.
غير أن ذلك يحجب نور المقاومة التي كانت تشتعل بها بعض القلوب المصريين الغيوريين على دينهم ووطنهم أمثال أحمد عرابي ومصطفى كامل ومحمد فريد وحسن البنا وغيرهم.
حقيقة الصراع
يحاول بعض المفكرين الغربيين ومن ورائهم أتباعهم من العلمانيين واليساريين في البلاد الإسلامية وضع حسن البنا في ميزان الزعامات الذين لا يفكرون إلا بالمنطق العلماني دون المنطوق الديني والإسلامي. لكن حسن البنا ظهر بوجه إسلامي، وصنف نفسه عاملا في كل مجالات الحياة مصلحا دينا وسياسيا وتربويا واقتصاديا
وهو ما عبر به بقوله:
- "الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة وثروة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء"، فلم يكن حسن البنا ممن زاحموا الزعامات السياسية الحزبية، أو فكر في التغيير من منطوق ما يرضى الغرب أو يكرهه، لكن سيطر عليه دينه وإسلامه في آليات التغيير وتطهير الوطن وإصلاح الناس.
ولم يكن حسن البنا (كما زعم العلمانيين والشيوعيين) يلبس السياسة بالدين، أو يغرر بالناس عن طريق الدين، لأن حسن البنا اعتبر أن الدين لا ينفصل أبدا عن المنظومة الحياتية للشعوب الإسلامية سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وغيرها، وهو ما يرفضه العلمانيين المفتونين بالثقافة الغربية والذين يرون في الإسلام الرجعية والتخلف وأنه بتعاليمه سيعود بالأمة مئات السنين للخلف، وهو ما لم يره حسن البنا.
بين وثائق التزييف
من هذا المنطلق انطلق الإمام حسن البنا في تعامله مع المحتل البريطاني والغربي في البلاد الإسلامية، حيث تعامل معهم كمحتلين، وليس كما نظر العلمانيين والشيوعيين أنهم جاءوا ليطوروا البلاد الإسلامية ويخرجوها من الظلمات إلى النور.
ولهذا نظر المحتل وأتباعه من المثقفين والسياسيين في وطننا إلى حسن البنا والإسلاميين أنهم رجعيون وظلاميون وإرهابيون لأنهم يحاربون الدولة الراعية للنور والعلمم وهي دول الغرب، ولهذا رأينا كثير من المراسلات بين المندوب السامي وبلادهم تكتب بهذه الصفات وتنعت البنا بأنه يعادي الدول الغربية، ويحاربهم ويغزي الشعور والوطني والديني ضدهم، لمجرد أنه طالبهم بحرية أوطانهم
وحينما تعاملوا بأقصى درجات العنف والقتل والاضطهاد مع الشعوب الإسلامية ونصبوا لهم المذابح طالب حسن البنا والإسلاميين بمحاربة المحتل، وأنه لن يخرجه من بلادنا إلا القوة، ولهذا استخدموا ضده كل الوسائل من أجل تشويهه، وأوعزوا لصحافتهم وكتابهم أن يشوهوا كل من طالب بمحاربة المحتل الغربي سواء كان حسن البنا أو مصطفى كامل أو أحمد عرابي أو غيرهم
فالقصة ليست قصة حسن البنا فحسب، لكن كل من طالب بخروج المحتل الغربي من البلاد الإسلامية، وكل من قاومهم سواء في الجزائر أو المغرب أو ليبيا أو مصر أو حتى أندونيسيا وسوريا، فلم يكن لديهم حسن البنا، لكن كان لديهم وطنيين غيوريين على وطنهم ودينهم فاتهموا بالإرهاب ومناصبة العداء للغرب سواء في صحفهم أو وثائقهم أو مكاتباتهم.
وبعد كل هذه السنوات يأتي من يستعين بمثل هذه المكاتبات دون تحقيق أو تمحيص أو نقد لها وهل هى فعلا حقيقية أو كتابات للسفراء لحكومات بلادهم والذين يعرفون جيدا أن مثل هذه الوثائق سيفرج عنها يوما ما ولذا شاب معظمها الكذب والخداع لتشويه كل من قاومهم وطالب بمحاربتهم والتصدي لهم، أو لم يتفق مع سياستهم وأيديولوجيتهم وفكرهم وتعاملهم معهم.
لكننا لا نقلل من شأن الوثائق والمكاتبات، لكننا نطالب بإخضاعها للنقد البناء، ووضعها في الزمن الذي كتبت فيه من حيث الطبيعة السياسية والحالة الاجتماعية والاقتصادية، حتى نستطيع ان نحكم على دوافع وأعمال كل الأطراف، دون أن يعمينا بغضنا لطرف فنكيل له التهم لمجرد اختلافنا معه أيديولوجيا أو فكريا او منهجيا.
حسن البنا والمحتل الغربي
نعم حارب حسن البنا بخروج المحتل، وطالب بوقف المفاوضات التي لا تحقق أمل الشعوب الإسلامية، كما طالب بإعداد القوة من أجل مجابهة المحتل ومنازلته وإخراجه وتكبيده الخسائر (على الرغم أنه لم يعاد الحضارة الغربية، ولا علومها، ولا شعوبها، لكن كان عدائها لفرض سلطتها واحتلالها للبلاد الإسلامية).
كما أنه لم يعقد اتفاقيات معه على حساب وطنه أو من وراء حكومته، فها لم يثبت قطعيا أن البنا فعل ذلك (وإن كان حدث لقاءات يعرفها الجميع وسجلتها الكتب حتى كتب البنا نفسه). ولا من جاءوا بعده فعلوا كان الإمام البنا يستهدف نزع جذور الاستعمار الأجنبي من العقول والأفكار ومن النفوس والقلوب
ومن تبعية السلوك والتقليد وادعاءات المصالح والارتباطات، كان يريد تحريراً واستقلالاً كاملاً شاملاً لا يقتصر فقط على مجرد رحيل القوات الأجنبية، بل الأفكار المخالفة لتعاليم ديننا، ولهذا كان يؤسس مشروعه وخطته لمواجهة الاحتلال وفق هذه الرؤية الشاملة والبعيدة المدى ووفق ما جاء في الدين الإسلامي. حيث كان يرى لتحقيق ذلك أن تنهض وتتعاون قوى الأمة جميعاً وليس القوى الإسلامية أو غيرها.
فيقول:
- "ومن هنا يعتقد الإخوان المسلمون أن كل دولة اعتدت وتعتدى على أوطان الإسلام دولة ظالمة لابد أن تكف عدوانها، ولابد من أن يعد المسلمون أنفسهم ويعملوا متساندين متحدين على التخلص من نيرها".
ويضيف:
- "ولنا حساب بعد ذلك مع إنجلترا فى الأقاليم الإسلامية التى تحتلها بغير حق، والتى يفرض الإسلام على أهلها وعلينا معهم أن نعمل لإنقاذها وخلاصها"
ويؤكد موقف الإخوان من المحتل الغربي بقوله:
- "أريد أن أستخلص من هذا أن الوطن الإسلامي واحد لا يتجزأ، وأن العدوان على جزء من أجزائه عدوان عليه كله، هذه واحدة، والثانية أن الإسلام فرض على المسلمين أن يكونوا أئمة في ديارهم، سادة في أوطانهم" (1)
كان هذا فكر الإمام حسن البنا الذي نادى به وعمل من أجله وأنشأ جماعة الإخوان لنشره بين الناس، وهو ما أغضب الغربيين وأتباعهم من بني جلدتنا التي ارتبطت مصالحهم الشخصية بمصالح الغرب، دون وضع اعتبار لمصلحة الشعوب والأوطان الإسلامية. ولذا اتهموا البنا وكل وطني، وما زالوا يتهمونه وغيره من الوطنيين الذين وقفوا في وجه المستعمر وفي نفس الوقت نادى بتطبيق الإسلام على الواقع الحياتي.
مسلسل الأكاذيب
مسلسل رخيص ودنيء ما زال أتباع الغرب والكارهين لكل مظهر إسلامي ينطلقون منه في تشويه سيرة ومسيرة كل من وقف في وجه المحتل الغربي ومن بعدهم الحكام المستبدين الذين حولوا السلاح في وجه شعوبهم من اجل مصالحهم فقط دون أدنى اعتبار يعاونهم خونهم يملكون القوة ولا يهمهم إلا أنفسهم تحت مسمى وشعارات الوطنية والوطن ثم تنجلى وتتكشف الأسرار فيتعروا وتظهر خيانتهم لوطنهم وشعوبهم.
مسلسل لم ينته.. بدأ المستعمر نفسه وأوعز إلى رجالاته في دوائر الحكم الإسلامية باستخدمها في كل زمان ومكان، من أجل ألصاق كل شخص أو مؤسسة وطنية تعمل لرفعة وطنها، وتكن حجر عثرة في وجه المخططات الغربية بأنها إرهابية وظلامية ورجعية.
وأكثر المسلسلات الهابطة التي يتغنى بها الديكتاتوريين وأتباعهم أن الإسلاميين عامة، والإخوان المسلمين خاصة عملاء لبريطانيا تارة، ولألمانيا تارة أخرى، ومرة ثالثة عملاء للأمريكان، بل زادوا أنهم صنيعة هذا المحتل من أجل مجابهة الحركات الوطنية، مثل حزب الوفد مثلا في الفترة الملكية والذي لم نرى منه شيئا من أجل القضية الوطنية، بل تعاون مع الإنجليز أنفسهم على حساب القضية المصرية
ووصلت درجة التعاون بينهما أن فرضوه على حكم البلاد بقوة السلاح وتهديد الملك، ولم يكن ليتم ذلك إذا كان فعلا حزب الوفد والنحاس باشا يعمل من أجل مصلحة مصر على حساب مصلحة الإنجليز، بل ما كان ذلك دافعا أن يدفع جمال عبدالناصر ورفاقه يشكلوا فرقة اغتيالات وأول ما يستهدفوا منزل النحاس باشا في جاردن سيتي، ذلك لو كان الوفد ضد مصلحة بريطانيا. لكن أنصار هؤلاء وأذنابهم لا يرون في تلك الخيانات إلا الوطنية الحقيقية، أما من وقف وحارب وضحى بنفسه وماله وأنصاره لمحاربة المحتل فهم إرهابيون.
ومثال أخر على الازدوجية المتعمدة، حينما قام أفراد من الوفد بقتل اثنين هما حسن عبد الرازق باشا وإسماعيل زهدي بك في 16 نوفمبر 1922م من حزب الأحرار الدستوريين المنشق عن حزب الوفد كان فعلهم مثال للوطنية، إما العمليات الفردية التي تعالج وفق أحداثها ووقتها فقد اتهموا جماعة الإخوان كلها بأنها شاركت في عملية القتل، بل حينما قتل حسن البنا حاولوا جاهدين تبرأة الغرب وأعوانهم في السلطة المصرية، وهذا أمر تعودت عليه الشعوب الإسلامية أن يحارب كل وطني، في الوقت الذي يحمل فيه الخونة على الأعناق.
لقد ظل التاريخ يشوه الإسلاميون حتى يظلوا في دائرة الإتهام، ومنها أنهم ما زالوا يتحدثون عن لقاء الإخوان بممثل السفارة البريطانية مستر إيفانز بعد الثورة على أنه تم من خلف حكومة الثورة، وذلك استنادا على بيان أخرجه عبدالناصر مليء بالكذب وعدم المصداقية مسببا حل جماعة الإخوان، مثله مثل بيان عبدالرحمن عمار الذي استند إليه النقراشي في حل جماعة الإخوان المسلمين عام 1948م.
وما زال أتباع الانقلابين والمغرضين والمطبعين مع الصهاينة يثيرون هذا الأمر، على الرغم من كونهم أنفسهم جمعوا كل الوثائق التي تثبت مقاومة الإخوان المسلمين للمحتل الإنجليزي لتقديمها لبريطانيا على أن الإخوان إرهابيون كانوا يقاتلون الإنجليز وقت احتلال مصر من أجل أن تصدر بريطانيا قرارا بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية.
حيث تقدمت وزارة الخارجية المصرية عام 2014م بمستندات ووثائق للحكومة البريطانية تثبت ضلوع جماعة الإخوان فى عمليات فدائية ضد قوات الإحتلال البريطاني المتمركزة فى مدن القناة وغيرها فى أربعينيات القرن الماضى وقبل 23 يوليو 1952 فى سياق طلب رئيس الحكومة البريطانية "ديفيد كاميرون" التحقيق فى فلسفة وأنشطة جماعة الإخوان المسلمين فى بريطانيا. وإن كانت هذه الوثائق كانت دليل على وطنية الإخوان الذين جابهوا المغتصب، ودليل على خيانة وعمالة السيسي ونظامه الذي يسلم لبلد احتلت وطنه سنوات فدائيين قاوموا المحتل. (2)
الإخوان والإنجليز في بيانات الحكومة وكتابات أتباعهم
عشرون عاما كانت سببا في معرفة الشرق والغرب بدعوة الإخوان المسلمين منذ بدايتها حتى اغتيال مؤسسها، وكان بروزها الأقوى على الساحة الإقليمية والدولية في حرب فلسطين عام 1948م والتي شهدت كتائب الإخوان المجاهدين في مواجهة العصابات الصهيونية حيث كانوا مضرب الأمثال في الجهاد.
ثم كانت جولتهم الثانية في حرب القنال عام 1951م حينما انطلق شبابها ورجالها في ميادين القناة في مواجهة المحتل البريطاني بكل عتادة وسلاحه وجنوده، فكبدوه أكبر الخسائر باعتراف قادتهم وصحفهم بأن عنصر جديد دخل الحرب في مواجهة الإنجليز. (3)
ظل الإخوان أوفياء لوطنهم حتى إذا انتشر فساد العصر الملكي، تضافر بعض قادة الجيش وطلبوا تعاون الإخوان في ثورتهم، فسارع الإخوان بتحقيق ذلك من أجل دعم البلاد وضرب معاقل الفساد، فكان انقلاب 23 يوليو 1952م والذي تحول لثورة بعد انضمام الشعب لها وموافقتهم عليها
حيث يقول عماد أبو غازي:
- أن كمال الدين حسين أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة فى حديث أجراه مع مجلة روز اليوسف سنة 1975 أنه اتصل هو وجمال عبدالناصر بالإخوان المسلمين فى ليلة الثورة وأطلعاهما على التفاصيل، وفى اليوم التالى كان هناك متطوعون من الإخوان على طريق السويس مع الجيش، لمواجهة احتمال تحرش القوات البريطانية بالثورة. (4)
شهد جميع الضباط الأحرار، وأشادت الصحف بدور الإخوان في الثورة، وتحدثت الصور التي جمعت قادة الإخوان والضباط الأحرار عن العلاقة بين الطرفين والاتفاقات التي تمت بينهما من أجل الإعداد للثورة، فقد كان الإخوان ينشدون دولة ديمقراطية، غير أن أصدقائهم من العسكر أردوها دولة عسكرية بحجة أن الديمقراطية ستأتي بالفاسدين أمثال حزب الوفد، وتحولت الدولة إلى عسكرية، حتى ذكر الرئيس محمد نجيب أن الثورة طردت ملكا واحدا وجاءت بثلاثة عشر ملك حينما وجد مجلس قيادة الثورة قد خلع حلته العسكرية وأخذ يستقل أفخم السيارة ويسكن في القصور الملكية، حيث تمسكوا بهذه الحياة الجديدة بحجة أن الثورة تحتاج للقوة لحمايتها.
استغل القادة العسكريين الظروف في ضرب جميع الأحزاب بل وضرب الخصوم، واستخدموا سياسة فرق تسد (وهو ما وقع فيه الإخوان أنفسهم) حينما أصدر مجلس قيادة الثورة قرارا بحل جميع الأحزاب ما عدا الإخوان في 16 يناير 1953م، غير أن الأمر لم يطل كثيرا بالإخوان الذين كانوا وحدهم في الساحة بعدما حل العسكر جميع الأحزاب، بل وقبضوا على جميع الضباط المتمردين على سياستهم
بل وسيطروا على جميع المؤسسات، ولذا جاء الدور على أكبر جماعة منظمة ومعارضة بل ولديها نظام خاص وهى جماعة الإخوان المسلمين، فاختلق عبدالناصر وزملاءه الحجج الواهية والتي كان على رأسها اتصال الإخوان بالإنجليز من خلف الحكومة من أجل إضعاف موقف المفاوض المصري – كما ادعى – وأصدر مجلس قيادة الثورة بيانا أتبعه بقرار حل جماعة الإخوان المسلمين في 14 يناير 1954م واعتقال قادة الجماعة. (5)
بيان عبدالناصر في حل الإخوان
استغل عبدالناصر تدافع الأحداث وسعى للقضاء على كل معارضة لحكم العسكر حتى من زملاءه في الجيش، بل في مجلس قيادة الثورة أمثال يوسف صديق وخالد محي الدين ثم من بعدهم عبد اللطيف البغدادي وكمال الدين حسين حتى أعز أصدقاءه عبد الحكيم عامر الذي قتله وذلك من أجل أن يتفرد بالحكم.
حاول عبدالناصر السيطرة على جماعة الإخوان المسلمين، ودعم الفريق المتوافق معه من داخل الجماعة، وسعى لاحداث فتنة كبيرة تنقلب على الهضيبي المرشد العام وتنصب أحد المتوافقين مع عبدالناصر في سياسته، وحينما لم تنجح كل هذه الخطط، كان لابد من الصدام مع الإخوان، فجاءت حادث صدام شباب الإخوان في الجامعة مع شباب هيئة التحرير الجديدة لتكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فصمم عبدالناصر على استخدام قدرات الدولة ومؤسساتها في ضرب الإخوان، فأصدر قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين
واعتبرها حزبا سياسيا (رغم أنه من عام لم يعتبرها حزب سياسي) ويسري عليها قرار الحل، وأخرج بيان نشرته صحيفة الأهرام ملأه كذبا وتلفيقا كحال الديكتاتوريين في الماضي والحاضر حينما يستخدمون سلطاتهم في ضرب المعارضين لهم وتبرير ذلك، وحث رجالاتهم من علماء السلطان ومثقفيهم وإعلامهم باستغلال هذا القرار في كل وقت لإثبات أن الإسلاميين فعلا عملوا ذلك، حيث يكذبون الكذبة ويصدقونها.
يقول قرار الحل الذي نشره الأهرام
"قرر مجلس قيادة الثورة حل جماعة الإخوان المسلمين لتآمرهم مع رجال السفارة البريطانية على قلب نظام الحكم الحاضر.
فقد أصدر المجلس في اجتماعه برياسة البكباشي جمال عبد الناصر نائب الرئيس ما يلي :
" تعتبر جماعة الإخوان المسلمين حزبا سياسياً ويطبق عليها أمر مجلس قيادة الثورة الخاص بحل الأحزاب السياسية .. أن الثورة حينما حلت الأحزاب لم تطبق أمر الحل على الإخوان أبقاء عليهم وأملا فيهم وانتظار لجهودهم وجهادهم في معركة التحرير
ولكن نفرا من الصفوف الأولى في هيئة الإخوان أرادوا أن يسخروا هذه الهيئة لمنافع شخصية وأهواء ذاتية مستغلين سلطان الدين على النفوس ، وقد أثبتت تسلسل الحوادث أن هذا النفر من الطامعين استغلوا هيئة الإخوان والنظم التي تقوم عليها لأحداث انقلاب في نظام الحكم تحت شعار الدين
وسارت الحوادث بين الثورة والإخوان بالتسلسل الآتي :
- في صباح يوم الثورة استدعى الأستاذ حسن العشماوي لسان حال المرشد العام إلى مقر قيادة الثورة في كوبري القبة ، وكلف أن يطلب من المرشد العام إصدار بيان بتأييد الثورة ، ولكن المرشد بقي في مصيفه بالإسكندرية لائذا بالصمت ، فلم يحضر إلى القاهرة إلا بعد أن العلماء الملك ، ثم أصدر بياناً مقتضبا طلب بعده أن يقابل أحد رجال الثورة فقابله جمال عبد الناصر في منزل صالح أو رقيق الموظف بالمجامعة العربية. وقد بدأ المرشد حديثه مطالباً بتطبيق أحكام القرآن في الحال ، فرد عليه جمال أن هذه الثورة قامت حربا على الظلم الاجتماعي والاستبداد السياسي والاستعمار البريطاني ، وهي بذلك ليست إلا تطبيقا لتعاليم القرآن الكريم ، فانتقل المرشد العام بالحديث إلى تحيد الملكة وقال إن رأيه أن يكون الحد الأقصى 500 فدان (نرجو أن يعود القارئ إلى ما أورده بيان مكتب الإرشاد وصدقت عليه الهيئة التأسيسية ونشره الأهرام في 2 أغسطس 1952) ، فرد عليه جمال قائلا : إن الثورة رأت التحديد بمائتي فدان وهي مصممة على ذلك ، فانتقل المرشد بالحديث قائلا أن يرى لكي تؤيد هيئة الإخوان الثورة أن يعرض عليه أي تصرف للثورة قبل إقراره ، فرد عليه جمال قائلا بأن هذه الثورة قامت بدون وصاية أحد عليه أن وهي لن تقبل بحال أن توضع تحت وصاية أحد وإن كان هذا لا يمنع القائمين على الثورة من التشاور في السياسة العامة مع كل المخلصين من أهل الرأي دون التقيد بهيئة من الهيئات ، ولم يلق الحديث قبولا من نفس المرشد.
- سارعت الثورة بعد نجاحها في إعادة الحق إلى نصابه ، وكان من أول أعمالها أن أعادت التحقيق في مقتل الأستاذ حسن البنا فقبضت على المتهمين في الوقت الذي كان فيه المرشد لا يزال في مصيفه بالإسكندرية .
- طالبت الثورة الرئيس السابق على ماهر بمجرد تولية الوزارة أن يصدر عفوا شاملا عن المعتقلين والمسجونين السياسيين ، وفي مقدمتهم الإخوان وقد نفذ هذا فعلا بمجرد تولي الرئيس نجيب رياسة الوزارة.
- حينما تقرر إسناد الوزارة إلى الرئيس نجيب تقرر أن يشترك فيها الإخوان المسلمون بثلاثة أعضاء ، على أن يكون أحدهم الأستاذ حسن الباقوري ، وقد تم اتصال تليفوني بين اللواء عبد الحكيم عامر والمرشد ظهر يوم 7 سبتمبر 1952 فوافق على هذا الرأي قائلا أنه سيبلغ القيادة الاسمين الآخرين ، ثم حضر الأستاذ حسن العشماوي المحامي إلى القيادة في كوبري القبة ، وأبلغ جمال عبد الناصر أن المرشد يرشح للوزارة الأستاذ منير الدلة الموظف في مجلس الدولة والأستاذ حسن العشماوي ، وقد عرض هذا الترشيح على مجلس قيادة الثورة فلم يوافق عليهمأن وطلب جمال من العشماوي أن يبلغ ذلك إلى المرشد ليرشح غيرهمأن وفي نفس الوقت اتصل جمال بالمرشد فقال الأخير أنه سيجتمع بمكتب الإرشاد في الساعة السادسة ويرد عليه بعد هذا الاجتماع ، وقد أعاد جمال الاتصال مرة أخرى بالمرشد فرد عليه أن مكتب الإرشاد قرر عدم الاشتراك في الوزارة فلما قال له لقد أخطرنا الشيخ الباقوري بموافقتك ، وطلبنا منه أن يتقابل مع الوزراء في الساعة السابعة لحلف اليمين ، أجاب بأنه يرشح بعض أصدقاء الإخوان لاشتراك في الوزارة ولا يوافق على ترشيخ أحد من الإخوان ، وفي اليوم التالي صدر قرار من مكتب الإرشاد بفصل الشيخ الباقوري من هيئة الإخوان ، فاستدعي جمال عبد الناصر الأستاذ حسن العشماوي وعاتبه على هذا التصرف الذي يظهر الإخوان بمظهر الممتنع عن تأييد وزارة الرئيس نجيب ، وهدد بنشر جميع التفاصيل التي لازمت تشكيل الوزارة ، فكان رد الأستاذ حسن العشماوي أن هذا النشر يحدث الفرقة في صفوف الإخوان ويسئ لموقف المرشد ورجاء عدم النشر .
- عندما طلب من الأحزاب أن تقدم إخطارات عن تكوينها قدم الإخوان أخطارا باعتبارهم حزبا سياسيأن وقد نصحت الثورة رجال الإخوان بألا يتردوا في الحزبية ويكفي أن يمارسوا دعوتهم الإسلامية بعيدا عن غبار المعارك السياسية والشهوات الحزبية ، وقد ترددوا بادئ الأمر ثم استجابوا قبل انتهاء موعد تقديم الإخطارات وطلبوا اعتبارهم هيئة وطلبوا من جمال عبد الناصر أن يساعدهم في تصحيح الأخطار فذهب إلى وزارة الداخلية حيث تقابل مع المرشد في مكتب الأستاذ سليمان حافظ وزير الداخلية وقتئذ ، وتم الاتفاق على أن تطلب وزارة الداخلية من الإخوان تفسيرا عما إذا كانت أهدافهم سيعمل على تحقيقها عن طريق أسباب الحكم كالانتخابات وأن يكون رد الإخوان بالنفي حتى لا ينطبق عليهم القانون.
- وفي صبيحة يوم صدور قرار حل الأحزاب في يناير سنة 1953 حضر إلى مكتب جمال عبد الناصر الصاغ صلاح شادي والأستاذ منير الدلة وقالا له : الآن وبعد حل الأحزاب لم يبق من مؤيد للثورة إلا هيئة الإخوان ولهذا فإنهم يجب أن يكونوا في وضع يمكنهم من أن يردوا على كل أسباب التساؤل – فلما سألهم ما هو هذا الوضع المطلوب ، أجبا بأنهم يريدون الاشتراك في الوزارة ، فقال لهما إننا لسنا في محنة ، وإذا كنتم تعتقدون أن هذا الظرف هو ظرف المطالب وفرض الشروط فأنتم مخطئون ، فقالوا له إذا لم توافق على هذا فإننا نطالب بتكوين لجنة من هيئة الإخوان تعرض عليها القوانين قبل صدورها للموافقة عليهأن وهذا هو سبيلنا لتأييدكم أن أردتم التأييد ، فقال لهم جمال لقد قلت للمرشد سابقا إننا لن نقبل الوصاية ، وإنني أكررها اليوم مرة أخرى في عزم وإصرار. وكانت هذه الحادثة في نقطة التحول في موقف الإخوان من الثورة وحكومة الثورة. إذ دأب المرشد بعد هذا على إعطاء تصريحات صحفية مهاجما فيها الثورة وحكومتها في الصحافة الخارجية والداخلية ، كما كانت تصدر الأوامر شفويا إلى هيئات الإخوان بأن يظهروا دائما في المناسبات التي يعقدها رجال الثورة بمظهر الخصم المتحدي.
- لما علم المرشد بتكوين هيئة التحرير تقابل مع جمال في مبنى القيادة بكوبري القبة وقال أنه لا لزوم لإنشاء هيئة التحرير ما دام الإخوان قائمين ، فرد عليه جمال أن في البلاد من لا يرغب في الانضمام للإخوان وأن مجال الإصلاح متسع أمام الهيئتين ، فقال المرشد إنني لن أؤيد هذه الهيئة ، وبدأ منذ ذلك اليوم في محاربة هيئة التحرير وإصداره أوامره بإثارة الشغب واختلاف المناسبات لإيجاد جو من الخصومة بين أبناء الوطن الواحد .
- وفي شهر مايو سنة 1953 ثبت لرجال الثورة أن هناك اتصالا بين بعض الإخوان المحيطين بالمرشد وبين الإنجليز عن طريق الدكتور محمد سالم الموظف في شركة النقل والهندسة ، وقد عرف جمال من حديثه مع الأستاذ حسن العشماوي في هذا الخصوص أنه حدث اتصال فعلا بين الأستاذ منير الدلة والأستاذ صالح أبو رقيق ممثلين للإخوان وبين مستر ايفانز المستشار الشرقي للسفارة البريطانية ، وأن هذا الحديث سيعرض حينما يتقابل جمال والمرشد ، وعندما التقى جمال مع المرشد ، أظهر له استياءه من اتصال الإخوانذ بالإنجليز والتحدث معهم في القضية الوطنية ، الأمر الذي يدعوا إلى التضارب في القول وإظهار البلاد بمظهر الانقسام. ولما استجوب الدكتور محمد سالم عن موضوع اتصال الإنجليز بالمرشد ومن حوله قال أن القصة تبتدئ وقت أن كان وفد المحادثات المصري جالسا يتباحث رسميا مع الوفد البريطاني ، وفي أبريل سنة 1953 أتصل به القاضي جراهام بالسفارة البريطانية وطلب منه أن يمهد مقابلة بين مستر ايفانز المستشار الشرقي للسفارة البريطانية وبعض قادة الإخوان ، وأنه أي محمد سالم أمكنه ترتيب هذه المقابلة من منزله بالمعادي بين منير الدلة وصالح أبو رقيق عن الإخوان ومستر ايفانز عن الجانب البريطاني ، وتناول الحديث موقف الإخوان من الحكومة وتباحثوا في تفاصيل القضية المصرية ، ورأي الإخوان وموقفهم من هذه القضية –ثم قال الدكتور محمد سالم أنه جاء في رأى قادة الإخوان أن عودة الإنجليز إلى القاعدة تكون بناء على رأى لجنة مشكلة من المصريين والإنجليز وأن الذي يقرر خطر الحرب هي هيئة الأمم المتحدة. ولعل هذا هو السبب في تمسك الإنجليز بهذا الرأي الذي لم يوافق عليه الجانب المصري للمفاوضات حتى اليوم. ثم قال الدكتور محمد سالم في اجتماع آخر مماثل في منزله أيضًا حيث طلب مستر ايفانز مقابلة المرشد ، فوعد منير الدلة بترتيب هذا الاجتماع ، وفعلا تم في منزل المرشد ودار في هذا الاجتماع الحديث عن القضية المصرية وموقف الإخوان منهأن وذكر الدكتور محمد سالم أن مستر ايفانز دعا منير الدلة وصالح أبو رقيق لتناول الشاي في منزله ، وقد أجابا دعوته مرتين .
- وفي أوائل شهر يونيو 1953 ثبت لإدارة المخابرات أن خطة الإخوان قد تحولت لبث نشاطها داخل قوات الجيش والبوليس ، وكانت خطتهم في الجيش تنقسم إلى قسمين: القسم الأول : ينحصر في عمل تنظيم سرى بين الإخوان وبين ضباط الجيش ، ودعوا فيمن دعوا عددا من الضباط وهم لا يعلمون أنهم من الضباط الأحرار ، فسايروهم وساروا معهم في خطتهم وكانوا يجتمعوا بهم اجتماعات أسبوعية وكانوا يتحدثون في هذه الاجتماعات عن الأعداد لحكم الإخوان المسلمين والدعوة ، إلى ضم عدد كبير من الضباط ليعملوا تحت إمرة الإخوان وكانوا يأخذون عليهم عهدا وقسما أن يطيعوا ما يصدر إليهم من أوامر المرشد. أما القسم الثاني : فكان ينحصر نشاطه في عمل تشكيلات بين ضباط البوليس ، وكان الغرض منها هو إخضاع نسبة كبيرة من ضباط البوليس لأوامر المرشد أيضًأن وكانوا يجتمعون في اجتماعات دورية أسبوعية ، وينحصر حديثهم فيها في بث الحقد والكراهية لرجال الثورة ورجال الجيش وبث الدعوة بين ضباط البوليس بأنهم أحق من رجال الجيش بالحكم نظرا لاتصالهم بالشعب ، وكانوا يمنونهم بالترقيات والمناصب بعد أن يتم لهم هدفهم ، وكان يتزعمهم الصاغ صلاح شادي الذي طالما ردد في اجتماعاته بهم أنه وزير الداخلية المقبل. وقسم ثالث أطلق عليه قسم الوحدات ، وكان الغرض منه هو جمع أكبر عدد ممكن من ضباط الصف بالجيش تحت إمرة المرشد أيضًأن وكانوا يجتمعون بهم في اجتماعات سرية أسبوعية وكان الحديث يشتمل على بث الكراهية للضباط في نفوس ضباط الصف وأشعارهم بأنهم القوة الحقيقية في وحدات الجيش وأنهم إذا ما نجح الإخوان في الوصول إلى الحكم فسيعاملون معاملة كريمة. كما كان يقوم هذا القسم ببث الدعوة لجمع أكبر عدد من صف ضباط وجنود ليكون تحت أمرة المرشد العام للإخوان. ولما تجمعت هذه المعلومات لإدارة المخابرات اتصل جمال عبد الناصر بحسن العشماوي باعتباره ممثلا للمرشد وصارحه بموقف الإخوان العام ثم بموقف الإخوان في داخل الجيش وما يدبرونه في الخفاء بين قوات الجيش والبوليس وقال له : لقد أمناكم لكن هذه الحوادث تظهر أنكم تدبرون أمرا سيجني على مصير البلاد ، ولن يستفيد منه إلا المستعمر وإنني أنذر أننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه التصرفات التي تجب أن توقف إيقافا كاملأن ويجب أن يعلم الإخوان أن الثورة إنما أبقت عليهم بعد أن حلت جميع الأحزاب لاعتقادها أن في بقائهم مصلحة وطنية فإذا ما ظهر أن في بقائهم ما يعرض البلاد للخطر فإننا لن نتردد في اتخاذ ما تعليه مصلحة البلاد مهما كانت النتائج ، فوعد أن يتصل بالمرشد في هذا الأمر وخرج ولم يعد حتى الآن. وفي اليوم التالي استدعى جمال عبد الناصر الصيدلي خميس حميده نائب المرشد والشيخ سيد سابق وأبلغهم ما قاله لحسن العشماوي في اليوم السابق ، وأظهرا الاستياء الشديد وقالا أنهما لا يعلمان شيئا عن هذأن وأنهما سيبحثان الأمر ويعملان على وقف هذا النشاط الضار. ورغم هذا التحذير وهذا الإنذار استمر العمل حثيثا بين صفوف الجيش والبوليس وأصبح الكلام في الاجتماعات الدورية يأخذ طابع الصراحة وطابع الحقد فكانوا يقلبون الخطط في هذه الاجتماعات بحثا عن أسلم الطرق لقلب نظام الحكم وكان الأحرار المنبثون في هذه التشكيلات يبلغون أولا بأول عما يدور في كل اجتماع .
- بعد أن تعين الأستاذ الهضيبي مرشدا للإخوان لم يأمن إلى أفراد الجهاز السري الذي كان موجود في وقت السيد حسن البنا برياسة السيد عبد الرحمن السندي. فعمل على أبعاده معلنا بأنه لا يوافق على التنظيمات السرية لأنه لا سرية في الدين ، ولكنه في الوقت نفسه بدأ في تكوين تنظيمات سرية جديدة تدين له بالولاء والطاعة بل عمد إلى التفرقة بين أفراد النظام السري القديم ليأخذ منه إلى صفه أكبر عدد ليضمهم إلى جهازه السري الجديد –وفي هذه الظروف المريبة قتل المرحوم المهندس سيد فايز عبد المطلب بواسطة صندوق من الديناميت وصل إلى منزله على أنه هدية من الحلوى لمناسبة عيد المولد النبوي ، وقد قتل معه بسبب الحادث شقيقه الصغير البالغ من المر تسع سنوات وطفله صغيرة كان تسير تحت الشرفة التي انهارت نتيجة الانفجار . وكان المعلومات ترد إلى المخابرات أن المقربين من المرشد يسيرون سيرا سريعا في سبيل تكوين جهاز سري قوي ويسعون في نفس الوقت إلى التخلص من المناوئين لهم من أفراد الجهاز السري القديم.
- وكانت نتيجة ذلك أن حدث الانقسام الأخير بين الإخوان واحتل فريق منهم دار المركز العام. وقد حضر إلى منزل جمال عبد الناصر بعد منتصف ليل ذلك اليوم الشيخ محمد فرغلي والأستاذ سعيد رمضان مطالبين بالتدخل ضد الفريق الآخر ومنه نشر الحادث ، فقال لهم جمال أنه لن يستطيع منع النشر حتى لا يؤول الحادث تأويلات ضارة بمصلحة البلاد ، أما من جهة التدخل فهو لا يستطيع أن يتدخل بالقوة حتى لا تتضاعف النتائج وحتى لا يشعر الإخوان أن الثورة تنصر فريقا على فريق ، وأنه يرى أن يتصالح الفريقان وأن يعملا على تصفية ما بينهمأن فطلب منه الشيخ فرغلي أن يكون واسطة بين الفريقين ، وأن يجمعه مع الأستاذ صالح عشماوي ، فطلب منه جمال أن يعود في اليوم التالي في الساعة العاشرة صباحأن وأنه سيعمل على أن يكون الأستاذ صالح موجودأن وفي الموعد المحدد حضر الشيخ فرغلي ، ولم يمكن الاتصال بالأستاذ صالح عشماوي ، وكان الشيخ فرغلي متلهفا على وجود الأستاذ عشماوي ، مما دعا جمال أن يطلب من البوليس الحربي البحث عن الأستاذ صالح عشماوي واحضاره إلى المنزل – وتمكن البوليس الحربي في الساعة الثانية عشرة من العثور على الأستاذ صالح عشماوي وإحضاره إلى المنزل- فحضر هو والشيخ سيد سابق إلى منزل جمال وبدأ الطرفان يتعاتبان. وأخيرا اتفقا على أن تشكل لجنة يوافق على أعضائها الأستاذ صالح عشماوي للبحث فيما نسب إلى الإخوان الأربعة المفصولين وإنما يعتبرون تحت التحقيق ، والعمل أن يسود السلام المؤتمر الذي كان مزمعا عقده في دار المركز العام في عصر ذلك اليوم ، ولكن لم ينفذ هذا الاتفاق.
- وفي يوم الأحد 10 يناير سنة 1954 ذهب الأستاذ حسن العشماوي العضو العامل بجماعة الإخوان وأخو حرم منير الدلة إلى منزل مستر كريزويل الوزير المفوض بالسفارة البريطانية ببولاق الدكرور الساعة السابعة صباحأن ثم عاد لزيارته أيضًا في نفس اليوم في مقابلة دامت من الساعة الرابعة بعد الظهر إلى الساعة الحادية عشر من مساء نفس اليوم ، وهذا الحلقة من الاتصالات بالإنجليز تكمل الحلقة الأولى التي روى تفاصيلها الدكتور محمد سالم.
- وكان آخر مظهر من مظاهر النشاط المعادي الذي قامت به جماعة الإخوان هو الاتفاق على إقامة احتفال بذكرى المنيسي وشاهين يوم 12 الجاري (يناير سنة 1954) في جامعتي القاهرة والإسكندرية في وقت واحد ، وأن يعملوا جهدهم لكي يظهروا بكل قوتهم في هذا اليوم وأن يستغلوا هذه المناسبة استغلال سياسيا في صالحهم ويثبتوا للمسئولين أنهم قوة وأن زمام الجماعة في أيديهم وحدهم ، وفعلا تم اجتماع لهذا الغرض برياسة عبد الحكيم عابدين حضره حسن دوح المحامي ومحمود أبو شلوع ومصطفى البساطي من الطلبة ، واتفقوا على أن يطلبوا من الطلبة الإخوان الاستعداد لمواجهة أي احتمال يطرأ على الموقف خلال المؤتمر حتى يظهروا بمظهر القوة وحتى لا يظهر في الجامعة أي صوت آخر غير صوتهم ، وفي سبيل تحقيق هذا الغرض اتصلوا بالطلبة الشيوعيين رغم قلتهم وتباين وجهات النظر بينهم ، وعقدوا معهم اتفاقا وديا يعمل به خلال المؤتمر.
وفي صباح 12 الجاري عقد المؤتمر وتكتل الإخوان في يوم الجامعة وسيطروا على الميكروفون ، ووصل إلى الجامعة أفراد منظمات الشباب من طلبة المدارس الثانوية ومعهم ميكروفون مثبت على عربة للاحتفال بذكرى الشهداء ، فتحرش بعض الطلبة الإخوان وطلبوا إخراج ميكروفون منظمات الشباب ، وانتظم الحفل وألقيت كلمات من مدير الجامعة والطلبة ،وفجأة إذا بعض الطلبة من الإخوان يحضرون على الاجتماع
ومعهم نواب صفوي زعيم فدائيات إسلام في إيران حاملينه على الأكتاف ، وصعد إلى المنصة وألقى كلمة ، وإذا بطلبة الإخوان يقابلونه بهتافهم التقليدي "الله أكبر ولله الحمد". وهنا هتف طلبة منظمة الشباب "الله أكبر والعزة لمصر ". فساء طلبة الإخوان أن يظهر صوت في الجامعة مع صوتهم ، فهاجموا الهاتفين بالكرابيج والعصي وقلبوا عربة الميكروفون وأحرقوها وأصيب البعض إصابات مختلفة ثم تفرق الجميع إلى منازلهم.
حدث كل هذا في الظلام وظن المرشد وأعوانه أن المسئولين غافلون عن أمرهم ، لذلك فنحن نعلن باسم هذه الثورة التي تحمل أمانة أهداف هذا الشعب أن مرشد الإخوان ومن حوله قد وجهوا نشاط هذه الهيئة توجيها يضر بكيان الوطن ويعتدي على حرمة الدين. ولن تسمح الثورة أن تتكرر في مصر مأساة رجعية باسم الدين ، ولن تسمح لأحد أن يتلاعب بمصائر هذا البلد بشهوات خاصة مهما كانت دعواهأن ولا أن يستغل الدين في خدمة الأغراض والشهوات ، وستكون إجراءات الثورة حاسمة وفي ضوء النهار وأمام المصريين جميعا. (6)
وقفة مع بيان عبدالناصر وتفنيده
حوادث كثيرة حدثت بين الإخوان ورجال الثورة قبل وبعد الثورة ضمها عبدالناصر في بيانه على كونها تمت دون علمهم رغم أنهم من شاركوا وصمموا مثل مخازن السلاح في الشرقية، بل كانوا يتدربون في الرقة بمدينة الصف دون معرفة أحد ذلك، لكن عبدالناصر استغل عدم إمكانية الإخوان الدفاع عن أنفسهم بعد وقف صحيفتهم، والصراع بين أفراد الصف الأول في الجماعة مما جعله يخرج البيان ويطلق العنان لصحفه وقلمه يشوه بالكذب تاريخ الإخوان.
- اتهم عبدالناصر في بيانه أن الإخوان لم يؤيدوا الثورة في بدايتها (كما ادعى الأمنجية في ثورة يناير 2011) لكن المرحوم أحمد عطية الله (1904-1982) المؤرخ المعروف وصديق عبدالناصر، كذب ما ذكره عبدالناصر في كتابه "ليلة 23 يوليو 1950" الصادر عام 1982م، كما كذبه أيضا الشيخ الباقوري في شهادته بصحيفة أخر ساعة خلال شهر يوليو 1983، بل كذبه صديقه وأحد أعضاء مجلس قيادة الثورة وهو كمال الدين حسين بشهادته التي وردت في كتاب سامي جوهر "الصامتون يتكلمون" صفحة 34.
كما نشرت صحيفة الأهرام في 28 يوليو 1952 في صفحته السادسة بيان تأييد المرشد والإخوان للثورة تحت عنوان "الإخوان يؤيدون الجيش ويؤازرونه ويدعون إلى حماية نهضته الصادقة" والذي جاء فيه:"والإخوان المسلمون بطبيعة دعوتهم خير سند لهذه الحركة يظاهرونها ويشدون من أزرها حتى تبلغ مداها من الإصلاح ، وتحقق للبلاد ما تصبوا إليه من عزة وإسعاد".
و الإخوان جميعا أيدوا الثورة منذ اللحظة الأولى في غير تحفظ وبكل قوة ولم يكن ذلك إلا بأمر المرشد ولا يهم بعد ذلك أن يحضر للقاهرة أو أن يبقى في الإسكندرية ولا أهمية لطول البيان أو قصره إذ العبرة بأثره. كما أن كثير من ضباط الإخوان كان على رأس محاصرة قصر عابدين بالقاهرة ورأس التين بالإسكندرية وقت الثورة.
- ذكر عبدالناصر أنهم حاكموا قتلة حسن البنا، لكن بعد الاطاحة بالإخوان ونجيب عفى عبدالناصر عنهم نكاية في الإخوان، مما جعل الناس تدرك أنها محاكمة لتهدأة الجو والاستفادة من وقت وليست لاقامة العدل.
- ذكر عبدالناصر أنه طلب من الإخوان ترشيح ثلاثة للوزارة على أن يكون الشيخ الباقوري أحدهم، ورشح الإخوان منير الدلة وحسن العشماوي لكن العسكر رفضوا وطلبوا أخرين فرفض المرشد. وهذا يدل على الإخوان لم يطلبوا الوزارة وليسوا طلاب حكم وأن مجلس قيادة الثورة هو من عرض عليهم الوزارة فرفضوا.
- كما كذب الشيخ الباقوري نفسه قصه فصله في مذكراته التي رواها في يوليو 1983م وذكر أن عبدالناصر لم يطلب من الإخوان ترشيحي وطلب مني أنا فعرضت على المرشد فرفض فحينما صممت طلب مني الاستقالة من الجماعة قبل قبول الوزارة ففعلت وقدمت استقالتي ولم أفصل.
- ذكر عبدالناصر أنه حينما طلب من الأحزاب تقديم إخطار بحزبهم تقدم الإخوان فنصحهم أن يكونوا هيئة وليسوا حزب. وجماعة الإخوان بالفعل وفق قانونها عام 1945م هيئة إسلامية شاملة. لكن الغريب أن عبدالناصر ناقض نفسه، كونه نصح الإخوان بألا يكونوا حزب واستجابوا لذلك (وفق ما ذكر) ثم يصدر قرار بحلهم بعد عام على كونهم حزب وتنطبق عليهم شروط الحزب رغم أنهم لم يقدموا أوراقهم كحزب.
- ذكر عبدالناصر أن صلاح شادي ومنير الدلة زاروه طالبا لمناصب في الوزارة فرفض، فكيف ذلك وعبدالناصر من أرسل إلى الإخوان ليرشحوا 3 أسماء من الإخوان للوزارة.. مما دل على أن البيان متناقض في بنوده.
- ذكر عبدالناصر في البيان (رقم7) أن المرشد الهضيبي ناصب هيئة التحرير العداء خوفا أن تنافس الإخوان، ويكذبه مجلة روز اليوسف بتاريخ 10 أغسطس 1953 صـ4 من اختيار المرحوم الأستاذ البهي الخولي عضو مكتب الإرشاد ضابط اتصال بين الجماعة وهيئة التحرير وموجها للإرشاد الديني في هيئة التحرير، وشهادة بعض الضباط الأحرار أن عبدالناصر كان يريد أن لا يكون في مصر سوى هيئة التحرير فقط وأن تندمج الإخوان فيها.
- ذكر عبدالناصر رواية لقاء الإخوان بالإنجليز وأنه تم دون علم الحكومة (كيف علم إذا جمال بتفاصيله) وأن هذا اللقاء أضعف المفاوض المصري، وهو موضوع بحثنا وسنفرد له جزء في البحث لنكذب إدعاء عبدالناصر ومن جاء بعده بشهادة رجالاته من الضباط الذي حضروا الواقعة مثل حسن التهامي.
- أما ما ذكره عبدالناصر في البند رقم (9) عن النظام الخاص في الجيش والشرطة والمدنيين فهو ينم عن شخص ساذج، فهو يعرف أن هذه الأقسام موجودة منذ عام 1941م حينما تأسس النظام الخاص، وهو عبدالناصر (وإن كان لم يكن يوما ما إخوان) لكنه كان ضمن تشكيلة النظام الخاص العسكري، وكل الكتب والوثائق حتى شهادات عبدالناصر وجميع الضباط الأحرار تقر بذلك. فليس وجود الإخوان في الجيش أو وحدات الشرطة أو المدنيين بالجديد الذي ظن عبدالناصر أنه عرف الخفايا.
- ذكر عبدالناصر أن الإخوان لديهم قنابل وخطط للتوغل في الجيش.. السؤال لماذا لم يحاسب أو يحاكم الإخوان حينما اكتشف عبدالناصر ذلك وحل الجماعة في يناير 1954م ولماذا انتظر عام كامل، بل ذهب لمنزل المرشد العام ليهنيه بسلامة خروجه في مارس 1954م ونشرت الصحف هذه الزيارة. مثله مثل نظام السيسي الذي أخرج تهم للإخوان ما أنزل الله بها من سلطان رغم أنهم وصلوا لأغلبية البرلمان، وشكلوا الحكومة وكان من رئيس الجمهورية، ولم يسمع أحد عن هذه الاتهامات من قبل انقلاب 2013.
- ذكر عبدالناصر في البيان أنه في يوم الأحد 10 يناير سنة 1954 ذهب الأستاذ حسن العشماوي العضو العامل بجماعة الإخوان إلى منزل مستر كريزويل الوزير المفوض بالسفارة البريطانية ببولاق الدكرور.. السؤال لماذا لم يحاسب حسن العشماوي على هذه التهم (إن كان ما ذكره عبدالناصر صحيح) التي ذكرها عبدالناصر، وظل العشماوي حلقة التواصل بين الإخوان والعسكر؟
- كما استند أيضا عبدالناصر في قرار الحل إلى ما حدث في الجامعة من طلبة الإخوان حينما استقبلوا نواب صفوي زعيم فدائيات إسلام الإرهابي وأنهم اعتدوا على طلبة هيئة التحرير. ولا أدل على كذب عبدالناصر ومجلسه العسكري وصحافته الذي اتهم الإخوان باحتضان الإرهابي نواب صفوي من أن عبدالناصر نفسه استقبل نواب صفوي بصحبة بحضور الشيخ الباقوري وقد نشرت جريدة المصري صورتهما بتاريخ 16 يناير 1954م، الصفحة 5.
- لو كان عبدالناصر يتهم معارضيه (وقد تلقف هذه التهم أرباب الفكر المعوج والضمائر الخائنة بعد ذلك) فماذا يقولون فيما قام به عبدالناصر من حل مجلس نقابة الصحفيين في 15 أبريل 1954م، وحل مجلس نقابة المحامين في 22 ديسمبر 1954م، وسلط سفاء هيئة التحرير على ضرب الفقيه الدستوري عبدالرازق السنهوري، ولم نسمع عن انتخابات جرت في عهد عبدالناصر .. إنها الديكتاتورية التي ضحت بالوطن من أجل فرد ياسادة.
هل اتصل الإخوان بالإنجليز من خلف محلس قيادة الثورة؟
ذكر عبدالناصر في بيان حل الجماعة يوم 14 يناير 1954م (والمدلسين من بعده حتى الآن) أن الإخوان اتصلوا بالإنجليز دون علم الحكومة وما زالوا يضربون على هذه النغمة حتى الآن رغم الكذب الفواح بين كلماتهم واتهاماتهم. والغريب أيضا أن عبدالناصر عاد ليعيد نفس الإدعاءات رغم أن الجميع تأكد أنه كذب على صفحات صحيفة الأهرام مرة أخرى في 21 أغسطس 1954 الصفحة الأولى.
أولا لم ينكر الإخوان ولا قادتهم أو باحثيهم بأن الإخوان لم يجلسوا مع الإنجليز بعد ثورة 23 يوليو، لأنها حقائق اعترف بها الإخوان في بياناتهم وحواراتهم وكتبهم حتى أمام المحاكم الظالمة التي عقدت لهم ذكروا أنهم جلسوا مع الإنجليز. لكن ليس كما ادعى عبدالناصر وما زال يدعى أصحاب الأراجيف والأكاذيب بأنه تم دون علم الحكومة. ودعونا نثبت كذب هذا الادعاء حتى من خلال تصرفات عبدالناصر ومجلس قيادة الثورة.
فحينما ادعى عبدالناصر أن الدكتور محمد سالم الموظف في شركة النقل والهندسة كان الوسيط بين الإخوان والإنجليز وأن اللقاء تم في بيته بالمعادي، والتي حل عبدالناصر الجماعة على أساس ذلك.. فلماذا لم يقبض على الدكتور محمد سالم ويحاكم بأنه رتب لقاء بين الإخوان والإنجليز دون علم الحكومة؟ ولما لم يحاكم الأخوين صالح أبو رقيق ومنير الدلة على لقائهما بالإنجليز، إن كانت التهم حقيقية؟
بل لماذا لم يحاكم الهضيبي على لقاءه بالإنجليز بتهمة الخيانة كما زعم عبدالناصر والانقلابين حاليا، والعجيب أن عبدالناصر ذهب لزيارة الهضيبي في بيته وتهنئته بالخروج من السجن في مارس، يعني بعد لقاء الهضيبي بالإنجليز؟ ومن خلال ملفات الخارجية البريطانية التي أذيعت مع بداية عام 1985 يذكر السفير البريطاني آنئذ في القاهرة في الملف رقم 2/ 105/ 1054 ف ج ، قول الدكتور محمود فوزي وزير الخارجية المصرية وقتئذ أن بيان الحكومة الذي جرى فيه اتهام حسن العشماوي بالاتصال بالسفارة البريطانية يجب قراءته في إطار أنه تم إصداره للتأثير على الداخل أو للاستهلاك المحلي. (7)
بل إن إدعاء عبدالناصر أن حسن العشماوي زار منزل المستر كرزويل من الساعة 11 من يوم الأحد 10 يناير سنة 1954م فقد أصدر الأستاذ عبدالقادر عودة (وكيل الجماعة) منشور بعنوان "هذا بيان للناس" كذب هذا الإدعاء في وقتها، وذكر أن الأستاذ حسن شُوهد بالمركز العام من كثيرين في هذه الفترة ، ونرجو من القيادة أن تتحقق من صحة مصادرها بعد أن تبين لهم بصورة لا تقبل الشك أن الأستاذ حسن كان في المركز العام في الوقت المدعى فيه بوجوده عند مستر كرزويل.
دليلا أخر على كذب عبدالناصر باتصال الإخوان بالإنجليز وأن ذلك تم بموافقة جمال عبدالناصر بل هو من شجع الإخوان المسلمين (حينما أخبروه بأن الإنجليز يريدون مقابلة أحد قادة الإخوان) وذلك من أجل دعم المفاوض المصري، بل طلب من الإخوان أن يذكروا أنهم سيقومون بعمليات ضد الإنجليز حتى يتم الضغط على المفاوض الإنجليزي ويقبل بالشروط المصرية
وذلك من خلال شهادة أحد الضباط الأحرار وواحد من رجال عبدالناصر القريبين منه وهو السيد حسن التهامي الذي ذكر في حديثه عام 1978م تحت عنوان "هذه هي الحقيقة" حينما سأله الصحفي عن لقاء [[الإخوان] بالإنجليز قال: أن هذا اللقاء تم بعلم جمال عبدالناصر وبالاتفاق بينه وبين الإخوان من أجل أن تكون ورقة ضغط على الإنجليز.
ويضيف:
- أنه سمع من عبد الناصر شخصيا في مجلس قيادة الثورة بالجزيرة أن حسن العشماوي أخبره أن إيفانز المستشار السياسي بالسفارة البريطانية طلب منه الالتقاء ببعض قيادات الإخوان المسلمين ، وأنه (أى عبد الناصر) حبذا إجراء هذا اللقاء لمعرفة كيف يفكر الانجليز، كما طلب منه أن يرتفع الإخوان بسقف مطالبهم ليساعده ذلك في مفاوضاته معه وأن الإخوان نقلوا إلى عبد الناصر كل ما دار بينهم وبين ذلك المستشار الانجليزي. (8)
ولا أدل أن الإخوان هم من اعترضوا على بنود الاتفاقية بين عبدالناصر والإنجليز ومنها المادة الرابعة التي تعطي الحق لانجلترا في العودة إلى قاعدة القنال إذا هوجمت مصر أو أي دولة من دول الجامعة العربية من البيان الذي أصدره مكتب الإرشاد بتاريخ 2 أغسطس 1954م ينددون فيه ببنود الاتفاق المجحفة، وأيضا بالرسالة التي كتبها المستشار حسن الهضيبي (مرشد الإخوان) ونشرته الصحف بتاريخ 29 يوليو 1954 الصفحة الأولى والثانية
والتي اعترض فيها على عقد اتفاقية مثل هذه دون وجود برلمان يمثل الشعب المصري (من المعروف أن من وقع الاتفاقية من الجانب المصري جمال عبدالناصر وعبد الحكيم عامر وعبد اللطيف البغدادي وصلاح سالم ومحمد فوزي وزير الخارجية)
حتى ختم بيانه بقوله:
- "يعلن الإخوان المسلمون رفضهم هذا الاتفاق ويصرون على أن اتفاقا ما بين الحكومة المصرية وأية حكومة أجنبية لا يجوز أن يتم دون أن يعرض على برلمان منتخب انتخابا حرا نزيها يمثل إرادة الشعب المصري أصدق تمثيل ، كما يجب رفع الرقابة عن الصحافة حتى يقول كل إنسان رأيه في هذه الاتفاقية دون حد من إرادته وحريته ، فما كان لأحد أن يتحكم في مصائر الشعب دون الرجوع إليه" (9)
رد الإخوان على إدعاءات عبدالناصر
حينما صدر قرار حل الجماعة سعى عبدالناصر لتلبيس الحق بالباطل لكي يثير أزمة داخل الجماعة بهذا اللقاء الذي ادعى أنه وقع دون علمهم، وبالفعل نجح جزئيا أن يقلب الرأى العام داخل الجماعة بمعاونة بعض من كان يثق في عبدالناصر من قادة الجماعة وما زالوا يرونه واحد منهم، وهو ما أخذ وقتا من المستشار حسن الهضيبي في توضيح الصورة لصف الإخوان.
ومع أن الإخوان (لا المرشد ولا قادة الجماعة) أنكروا المقابلة، لكن انكروا أن تكون تمت دون علم الحكومة وعلى رأسها عبدالناصر، بل ظل المرشد وقادة الإخوان عبر لقاءات الثلاثاء بالمركز العام وعبر الصحف سواء أثناء وجوده بمصر أو أثناء زيارته، يتكلمون عن هذا اللقاء وأنهم أخبروا عبدالناصر حينما طلب مستر إيفانز لقاء المرشد وبعض قادة الإخوان وشجعهم عبدالناصر على عقد اللقاء حتى يتعرف عما يفكر فيه الإنجليز، بل وحمل الإخوان رسائل لتوصيلها للجانب الإنجليزي من أجل دعم الحكومة المصرية في مفاوضاتها مع الإنجليز.
وحينما انتهى اللقاء تقابل الإخوان مع عبدالناصر وبعض قادة مجلس قيادة الثورة وأعلموهم بما جرى في اللقاء كاملا. حيث ينقل ميتشل جزء من بيان وخطاب المرشد بقوله: أخطر رئيس الوزراء مسبقًا بأمر المقابلة مع ايفانز، وقد أكد الهضيبي من جديد خلال المقابلة الموقف التقليدي للجماعة من أنه لا مفاوضات قبل الجلاء
كما قبل من حيث المبدأ إمكانية عقد انفاق سرى مع البريطانيين لمساعدتنا في حالة تعرضنا لهجوم روسي، بحيث يكون تدخلهم بناء على طلبنا، وبحيث يرحلون بمجرد انتهاء المهمة وبعد إنهاء الاجتماع قدم تقريرًا به إلى قادة المجلس العسكري الحاكم (بما في ذلك عبد الناصر) الذين أعربوا عن إعجابهم بموقف الهضيبي، كذلك قدم تقريرًا بما دار في الاجتماع إلى سليمان حافظ وزير الداخلية، وإلى محمود فوزي وزير الخارجية. (10)
وقد ورد الخطاب المرسل لرئيس الوزراء بهذه الصيغة:
السيد رئيس مجلس الوزراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد اطلعت على ماذكرتم خاصا بشأن الإخوان المسلمون وموقفهم منكم ومن المعارضة والمعاهدة ولذلك حرصت على أن أذكر الوقائع التي ربما غابت عن ذاكراتهم .
إن اتفاقا بيني وبين إيفانز على شئ من شئون مصر لم يحصل وأنتم تعلمون أنه طلب مقابلتي وقد كنت يوم الاثنين 20 فبراير سنة 1953 بمنزلي مساء فأخبرتكم بأني حددت يوم الأربعاء 22/2 / 1953 لهذه المقابلة وسألتكم عما إذا كان هناك شئ يمكن أن نقوله له وأخبرتكم بأن الإخوان المسلمون عند قولهم إنهم ليسوا على استعداد لمفاوضة الإنجليز مادامت أقدامهم في مصر وذكرت لكم ما ذكرته للرئيس على ماهر بشأن موقفنا في كل مفاوضة – فقلتم إننا نريد أن ندخل المفاوضات متفقين على التفاصيل .
وقد التقيت بالمستر إيفانز وطائفة من الإخوان واستمعنا إلى ما أراد أن يقول دون أن نناقشه إلا مستفسرين وكان خلاصة ما قال – إنهم يريدون أن يجلو عن القنال ولكن لهم قاعدة فيها يبغون تركها تحت حراسة الجيش المصري وفيها بعض خبراء من الإنجليز يلبسون الملابس المدنية ويقدر عددهم الجيش المصري وتكون هذه القاعدة معدة لاستعمالهم ولاستعمال أصدقائهم وقت الحرب – وقال إنهم يكون لهم الحق في العودة إذا هوجمت سوريا أو إحدي البلاد العربية وأن مدة المعاهدة يتفق عليها.
ولما فرغ من كلامه قلت له ما رأيكم في الحياد ينسحب الإنجليز من جميع البلاد الإسلامية وتكون هذه البلاد كتلة وواحدة تقف على الحياد لأنه لا مصلحة لنا في الحرب التي لا تقوم إلا من أجل التسلط علينا وعلى الأمم الضعيفة فقال : إن فكرة الحياد مستحيلة لأن روسيا تهاجمكم . فقلت له إن هذا فرض يجوز أن يتحقق ويجوز ألا يتحقق ويجوز ألا يتحقق وأما وجود الإنجليز في بلادنا فحقيقة واقعة وقد أتي احتلالهم لنا بحربين لم يكن لمصر مصلحة فيهما وحيدة قنال السويس لا تتأتي مع وجودكم بها.
ولما استمر في قول إن روسيا لها مطامع قلت له لن نسلم أنفسنا لأحد ويمكن بعد خروجكم أن نعقد معكم اتفاقا سريا على مساعدتنا إذا هاجمتنا روسيا ، ويكون دخولكم أراضينا بناء على طلبنا وتخرجون حالما تنتهي مهمتكم وانتهت المناقشة على ذلك .
وفي يوم السبت 25/ 2/ 1953 اجتمعنا في منزل منير دله مع من ذكرتهم في خطابك ما عدا حسن العشماوي الذي عاد متأخرا من لبنان حيث كان في مهمة كلفتموه بها ، وأنهيت لكم ما دار في هذه المقابلة فقام عبد الحكيم عامر وقال : إن هذا أحسن ما قيل،وقال صلاح سالم يجب أن نطلع بعضنا على جميع التفاصيل فقلت يكفينا أن نطلع على الخطوط العريضة – وقد كلفتم صالح أبو رقيق وحسن العشماوي يبحث مسألة القاعدة
فقال صالح هذه مسألة لا تبحث إلا إذا قررتم أن تترك قاعدة للإنجليز في القنال – أما إذا كنتم ترفضون ذلك فلا محل لبحثها من ذلك يتضح أننا لم نتفق على شئ وأننا على ما اتفقنا معكم عليه من الآراء وقد أنهيت هذا الحديث لم أستطع لقاءه وأنهيته كذلك إلى السيد محمود فوزي وزير الخارجية لاختصاصهما في ذلك الوقت – وهذه هي المقابلة الوحيدة التي تحدثت فيها في السياسة مع المستر إيفانز .
على أنكم ذكرتم أنني اتفقت مع المستر إيفانز على ما هو أسوأ من المعاهدة ولم تذكروا هذا الأسوأ وبقي أن تدلون على الموضوع الذي أنكر فيه لقاء المستر إيفانز في هذه المسألة فقد حاولت أن أذكر الحقيقة لكل الناس فلم تذكر الجرائد شيئا.
أما ما قلتم من أننا نرمي إلى الهدم ولا نسعي إلا إلى الحكم فأنت تعلم أنني أكدت لكم أنكم أمسكتم بأيدينا وأجلستمونا على كراسي الحكم لما قبلنا . يشهد بذلك الرئيس نجيب عندما عرض علينا الاشتراك في الوزارة في 8 / 12/ 1953 والله يعلم ما تخفي السرائر وتكن الصدور .
ومن الخير لكم وللبلاد أن تسمحوا لمن يريد أن يتكلم وينقذ المعاهدة بشئ من الإنصاف فينشر ما يريد حتى يحكم الناس علينا بفعلنا لا بقولنا وحتى يستطيعوا وحتى يستطيعوا أن يعرفوا حقيقتها من جملة الحجج ولا يكتفوا بسماع طرف واحد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المرشد العام للإخوان
وكتب الأستاذ صالح أبو رقيق (أحد أطراف اللقاء) فقال:
- اتصلت أنا والمستشار منير الدلة بالمستر إيفانز والمستشار الشرقي للسفارة البريطانية، استجابة لطلب مباشر من السفير البريطاني في القاهرة عن طريق المرحوم محمد سالم السكرتير العام لوزارة المواصلات المصرية .
- وعرضت الأمر على فضيلة المرشد العام الأستاذ الهضيبي ووافق على هذا الاتصال من حيث المبدأ على أن يعتبر من بريطانيا أول اعتراف سياسي بنا ، وكانت موافقة المرشد العام مشروطة بموافقة جمال عبد الناصر وزملائه . واتصل الهضيبي هاتفيا بجمال عبد الناصر واتفقا على اللقاء في بيته بالروضة وفي ذلك الوقت كانت الاتصالات الهاتفية بينهما عادية .
- وحضر المقابلة مع جمال عبد الناصر كل من عبد الحكيم عامر وصلاح سالم وكمال الدين حسين وعرض عليهم الأستاذ حسن الهضيبي الأمر فوافقوا على هذا الاتصال وقال لهم : إننا سنوافيكم بما يدور من مباحثات أولا بأول . وعند أول لقاء مع مستر إيفانز في منزل الدكتور محمد سالم في المعادي تمكنت من الوصول معه إلى شروط لم يصل إليها مفاوض مصري من قبل وقد كان سبب ذلك يرجع ببساطة إلى أنهم كانوا عازمين على الجلاء . وقد قمت بنقل كل ما دار إلى فضيلة المرشد العام تفصيليا .
- واجتمع الأستاذ الهضيبي مرة أخري مع جمال عبد الناصر وحضر تلك المقابلة أيضا من حضر مقابلته الأولي وقرأ عليهم المرشد العام التقرير الذي أعددته بكل تفاصيله وسروا لذلك كثيرا أو أظهروا إهجابهم وسرورهم ، وبقينا حريصين على إعلامهم بكل مقابلة وتفاصيل مادار فيها .
- وعندما شعر جمال عبد الناصر وزملاؤه بأن الثمرة قد نضجت أرادوا أن يخرجوا الإخوان من الصورة ليجنوا وحدهم فخر الجلاء ، فافتعل حادثة لنا في جامعة القاهرة وأرسل شرذمة من الجنود وبعض شباب هيئة التحرير في سيارة جيب ليفسدوا على الطلبة احتفالهم بذكري أحد الإخوان فنهال عليهم الطلاب ضربا حتى فروا هاربين وأحرق الطلاب السيارة .
- وهاجم العساكر والضباط بيوتنا في تلك الليلة ، كما فتشوا وأرهبوا النساء والأطفال بقسوة ذهبت بكل معاني الكرامة والإنسانية وسحبونا مكبلين بالحديد إلى السجن الحربي ومعتقل العامرية وبعد يومين أخرجونا من الزنازين المظلمة ووزعوا علينا الصحف التي قرأنا في عناوينها العريضة : " مؤامرة من الإخوان المسلمون ورجال السفارة البريطانية لقلب نظام الحكم – الإخوان يتصلون بالحكومة الإنجليزية من خلف الحكومة ". وأذاعوا بيانا من مجلس الثورة الذي انعقد برئاسة جمال عبد الناصر ليلصق بنا الاتهام الخطير بالخيانة العظمي التي عقوبتها الإعدام. (12)
وهذا حوار دار بين حسن العشماوي (عضو مكتب الإرشاد وصديق عبدالناصر المقرب له) وبين جمال عبدالناصر يوضح ما حدث بالفعل في موضوع الإنجليز:
حسن: أنت تريد من يوافقك لا من يخلصك النصح.
جمال: إنه يخالفنا في كل شيء .. ونحن أصحاب السلطة.
حسن: هو ينصحكم .. وأنتم تفعلون ما شئتم .. اسمحوا للناس. أن يقولوا لكم الحق، لا تصدقوا من يوافقك دائما..
جمال: أنا أستطيع أن أعصف به إني أملك النظام الخاص معي الآن وخاصة هو يحاول إلغاؤه أو تغيير قياداته .. لا أدري ..
حسن: كلمه في هذا وسيبذل لك الصدق لأنه لا يكذب .. بالمناسبة: لقد طلب مستر (إيفانز) مقابلة بعض الإخوان للتعرف على رأيهم في المفاوضات .. وطلب مني المستشار (يقصد المستشار الهضيبي) أن أبلغك ذلك، وقد اختار لذلك منير وصالح..
جمال: لا مانع من مقابلة مستر (إيفانز) ونرى أن تكون أنت معهم ..
حسن: قلت لك إنه اختار فعلا .. ومن اختارهم أفضل مني ..
جمال: ولكن وجودك يطمئنني.
حسن: أنا أطمئن إليهما أكثر من نفسي ..
جمال: "بصوت مرتفع" عبد الحكيم هلا جئت لحظة "يقوم عبد الحكيم يحضر إليه" لقد طلب مستر (إيفانز) مستشار السفارة البريطانية مقابلة بعض الإخوان وأنا أفضل أن يكون حسن من بين من يقابلهم، هلا أقنعته ..
عبد الحكيم: لماذا لا تكون مع من سيقابلهم ..؟
حسن: لأن المستشار اختار منير وصالح، وهما أفضل مني .. فلا داعي لأن أكون معهما ..
عبد الحكيم: جمال يثق فيك.
حسن: وأنا أثق فيهما أكثر من ثقتي في نفسي ..
عبد الحكيم: أعرض الفكرة على المستشار إرضاء لجمال ...
حسن: لا .. لا أفعل ..
جمال: وي .. لقد عاوده العناد هلا نقوم ..
"يسلمون وينصرفون"
اليوم الثالث
"منزل منير – أثاث ينم عن ذوق سليم، غرفة الجلوس .. بعد الغداء .. يجلس المستشار ومنير وصالح وخميس .. جمال وسالم الصغير وعبد الحكيم وكمال .. يدخل حسن وعبد القادر قادمين من سفر يسلمان مصافحة باليد على الجالسين ، ويرحبون بهما .. ثم يتم المستشار حديثه"
المستشار: "متما حديثه" هذا هو رأينا بوضوح .. جلاء غير مشروط فإذا عجزتم عن ذلك، وبقيت القاعدة قابلة لعودة الإنجليز عند قيام الحرب أو خطر الحرب، يجب أن يقرر خطر الحرب مجلس الأمن .. أو اتفاق الطرفين ..
كمال: رائع ..إن هذا الموقف المتشدد يساعدنا كثيرا في التفاوض.
المستشار: ماذا تعني بالموقف المتشدد ..؟
كمال: أعني الوقوف على الحياد بين المعسكرين الدوليين ..!
جمال: "متدخلا" اسمح لي يا أستاذ .. هل تقصد هذا الرأي حقيقة أم أنك إنما تقصد الظهور بموقف المتشدد عونا لنا .. أعني لنحصل على أكبر كسب ممكن في التفاوض؟
المستشار: أنا لا أقول إلا ما حقيقة .. ولكن، ما هو التشدد الذي ترونه في هذا القول .. إنه الطلب الطبيعي للحركة الإسلامية .. ولكل وطني مخلص لوطنه ... لسنا أنصار غرب ولا شرق .. إن احتلال أرضنا أمر غير مشروع، لذلك نرفضه في أية صورة، .. بمعاهدة أو بغير معاهدة..! (13)
ويذكر حسن العشماوي الموقف في كتابه الأخر بقوله:
- وحدث في أواخر عام 1952م أن طلب المستر إيفانز المستشار بالسفارة البريطانية في القاهرة من أحد أصدقائه أن يجمع بينه وبين بعض الإخوان المسلمين، ووقع اختيار المرشد على عضوين من مكتب الإرشاد هما منير الدلة المستشار بمجلس الدولة، وصالح أبو رقيق المستشار بالجامعة العربية، وطلب مني إبلاغ الأمر إلى عبد الناصر
- قبل أن يتم الاجتماع بالمستر إيفانز، وقد قمت بإبلاغه هو وعبد الحكيم عامر، فرحبا بمثل هذا اللقاء ليعلم الإنجليز مدى وقوف أكبر هيئة شعبية وراء مطالب الحكومة في الجلاء واقترح عبد الحكيم عامر أن أكون ثالث من سيحضر هذا اللقاء مع المستر إيفانز، ولكنني اعتذرت لأن من مبدئي أن الإخوان هم الذين يقومون باختيار من يمثلهم في مثل هذه اللقاءات، وقد اختاروا فعلا.
- وعاد مستر إيفانز بعد لقائه بعضوي مكتب الإرشاد يطلب أن يقابل المرشد العام للإخوان المسلمين، فوافق المرشد على لقائه، ودعاه لتناول الشاي معه في منزله، وقمت بإبلاغ ذلك إلى عبد الناصر، واتفقت على أن يلتقي عبد الناصر وزملاؤه بالمرشد ظهر يوم 25- 2- 1953 ليعلموا منه ما تم في لقاء مستر إيفانز، حضرت هذا الاجتماع الذي كان المرشد يشرح فيه وجهة نظره في وجوب التمسك بانتهاء معاهدة 1936، وأن الأمر لا يحتاج إلى معاهدة جديدة مع بريطانيا لأننا نؤمن بموقف الحياد الذي نود أن نتخذه موقفا لنا في السياسة الدولية.
- ولكن عبد الناصر - الذي اشتهر فيما بعد بأحد أبطال الحياد - كان يعارض هذه الفكرة، ويؤكد وجوب الانحياز لأحد المعسكرين الغربي أو الشرقي، وأنه شخصيًا يرى السلامة في الانحياز لأحد المعسكر الغربي أو الشرقي، أنه شخصيًا يرى السلامة في الانحياز إلى المعسكر الغربي، وبرغم الخلاف في الرأي بين الإخوان من جهة وبين عبد الناصر وزملائه من جهة أخرى فقد أبدى عبد الناصر ارتياحه إلى موقف المرشد العام، لأن تشدده في الحياد سيعطي الحكومة فرصة التوصل إلى أحسن اتفاق مع بريطانيا في شأن السودان وفي شأن الجلاء عن قاعدة قناة السويس. (14)
ويذكر الأستاذ عباس السيسي الحدث بقوله:
- وشاء الله تعالي أن أتوجه إلى القاهرة في زيارة للمركز العام للإخوان المسلمون وكان حديث الثلاثاء واستمعت إلى الإخوة الخطباء وفي ختام اللقاء تقدم إلى المنصة الأخ الدكتور المرحوم محمد خميس حميدة وكيل الإخوان المسلمون .. وبعد أن حمد الله وأثني عليه ، بدأ حديثه للإخوان أمام الميكروفون
- فقال : أيها الإخوان ، منذ أيام أتصل بنا مندوب من السفارة البريطانية ويدعي المستر إيفانز المستشار الشرقي للسفارة البريطانية وطلب إعداد مقابلة له مع فضيلة المرشد العام ، وعلى الفور وجدنا أن من الحكمة الاتصال بالرئيس محمد نجيب وزملائه ،وفعلا تم الاتصال بجمال عبد الناصر الذي أكد على ضرورة قبول الزيارة وطلب الضغط على الإنجليز والتشدد في المطالبة بالجلاء العاجل ..
- وعلى هذا الأساس قبل الإخوان مقابلة المستر إيفانز ، وتم اللقاء بينه وبين بعض الإخوة الذين كان منهم الأستاذ المستشار منير الدلة والأستاذ صالح أبو رقيق ولقد أعد الإخوان فور اللقاء تقريرا بكل ما حدث وكتبوه من عدة صور أودعوها لدي مكتب رئاسة الوزراء وبالذات لدي الرئيس محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأودعوا صورة منها في مكتب الإرشاد العام. (15)
وينقل أيضا الأستاذ محمود عبدالحليم حديث الأستاذ صالح أبو رقيق حول زيارته والأستاذ منير الدلة لمستر إيفانز فيقول:
- في شهر فبراير 1953 جاءني المرحوم الدكتور محمد سالم ، وأبلغني برغبة السفارة البريطانية في أن يلتقي بعض المسئولين من جماعة الإخوان المسلمين بمستر إيفانز المستشار الشرقي بالسفارة البريطانية لاستطلاع رأي جماعة الإخوان فيما يرتضونه لنجاح مفاوضات الجلاء التي ستبدأ مع منطقة القتال في حرب عصابات .
- وأبلغت المرشد أنا ومنير الدلة للاتصال بإيفانز .. وفعلاً اجتمعنا به ، وعدت للهضيبي أنقل له صورة كاملة عما دار بيننا من حوار .. فطلب مني أن أكتب تقريرًا مفصلاً وتسليمه له في اليوم التالي .. وعدت إلي منزلي فكتبت التقرير وسلمته للمرشد في اليوم التالي فاتصل تليفونيا بعبد الناصر الذي سارع إلي منزل الهضيبي وقال بالحرف الواحد بعد أن قرأ التقرير : " كويس . ده أنتم استطعتم الوصول إلي حاجات لم يكن من الممكن أن نوصل لها " – وكان إيفانز ينتظر ردًا علي عرضه من المرشد بنفسه ، فأبلغ المرشد رغبة إيفانز لعبد الناصر الذي طلب منه مقابلته .
- وفعلاً تمت مقابلة المرشد بإيفانز يوم 9 فبراير في منزل المرشد ، وبعد أن خرج إيفانز اتصل المرشد مباشرة بعبد الناصر وأبلغه في مقابلة تمت بعد ذلك في منزل منير الدلة كل تفاصيل المقابلة .. وتوثقت بعد ذلك اتصالات إيفانز بالإخوان بعد أن بدأت المباحثات الرسمية التي تعثرت أكثر من مرة .. حتى انتهت بتوقيع الاتفاق النهائي في سبتمبر 1954 .
- ويضحك صالح في ألم ويقول : ومن الغريب أنه عندما اشتد الخلاف بين عبد الناصر والإخوان بعد ذلك أخذ يُشَهْر بهم علي أساس أنهم كانوا يتصلون بالانجليز بدون علمه وأنهم أبدوا تنازلات مما جعل موقفه محرجًا خلال المحادثات .. وجنَّد لادعائه هذا كل الصحف وأغلب الأقلام الصحفية .. وصدقه الناس بطبيعة الحال .. ولم يعلن أبدًا أنه كان علي علم بهذه الاتصالات وأنها تمت بموافقته وتشجيعه .. تمامًا كما فعل مع الأستاذ مصطفي أمين بعد ذلك باثني عشر عامًا عندما كلفه بمعاودة الاتصال برجال السفارة الأمريكية ، ثم قدمه للمحاكمة أمام محكمة الدجوى بتهمة التجسس ..
- وكان يكفي لتبرئته أن يقول عبد الناصر : إن تلك الاتصالات كانت أمره كما قرر مصطفي أمين .. إلا أن عبد الناصر بعث خطابًا إلي المحكمة ينفي تكليفه مصطفي أمين بذلك .. وكشف التاريخ بعد ذلك أن مصطفي أمين كان صادقاً – باعتراف عبد الناصر نفسه إلي محمد أحمد محجوب رئيس وزراء السودان سابقًا وفائق السمرائي سفير العراق في القاهرة سابقًا. (16)
ويكتب الأستاذ محمد حامد أبو النصر (عضو مكتب الإرشاد في هذه الفترة) عن هذا الأمر فيقول:
- والمسألة الثانية الخاصة بقانون حل الأحزاب واستبعاد تطبيقه علي جماعة الإخوان المسلمين هي لكي يوهم الضابط عبد الناصر جمهور الإخوان أنه مازال منهم أو علي الأقل عطوفا عليهم ليظل الخيط الرفيع الذي يربطه بالإخوان المسلمين قائما إلي أن تتجمع أمامه الظروف وتتهيأ ليتخلص من هذا الخيط نهائيا .... وثالثة هي مسألة التفاوض مع الانجليز وما قيل حولها من لقاء فضيلة المرشد بالمستر إيفانز المستشار الشرقي للسفارة البريطانية دون علم الضابط عبد الناصر .
- وحقيقة هذه المسألة التي يعرفها جميع أعضاء قيادة الحركة قبل غيرهم هي : عندما رغب الضابط عبد الناصر عقد اتفاقية الجلاء مع الانجليز والتي رحب بها الانجليز بناءً عن ضغوط من أمريكا التي تعمل علي اتساع سيطرة نفوذها في الشرق الأوسط ، فلما رؤى تنفيذ هذه الرغبة اتصل الانجليز بالإخوان المسلمين لمعرفة رأيهم في هذا الشأن ، علي اعتبار أنها الهيئة التي تمثل القاعدة العريضة من الشعب ، وعلي ذلك طلب الانجليز تحديد ميعاد للقاء فضيلة المرشد بالمستر إيفانز المستشار الشرقي للسفارة البريطانية فكلف فضيلته علي بينة من الأمر .
- وفي 20 من فبراير سنة 1953 حضر إلي منزل فضيلة المرشد الضابط عبد الناصر وتحدثا سويا فيما يجب أن يقال للمستر إيفانز حول موضوع الاتفاقية بالتفصيل وأوضح فضيلة المرشد رأي الإخوان في الجلاء بدون قيد أو شرط ، واتفقوا علي ذلك . ... وفي 23 من فبراير سنة 1953 أي بعد يومين من لقاء فضيلة المرشد بالضابط عبد الناصر تم اللقاء بين فضيلته والمستر إيفانز بمنزل فضيلة المرشد ، وأخبره رأي الإخوان في الجلاء عن البلاد وذلك بدون قيد أو شرط ، وكان رأي فضيلة المرشد في أمر الجلاء حاسما ليدعم موقف المفاوض المصري ، وكان يمكن للمفاوض المصري أن يستفيد من هذا الموقف !!.
- والعجيب أن الضابط عبد الناصر يعلن بعد ذلك أن لقاء فضيلة المرشد بالمستر إيفانز تم من وراء ظهر قيادة الحركة – ليصور أن الإخوان علي صلة سرية بالانجليز لتشويه سمعة الإخوان المسلمين والتشهير بمرشدهم هذه الجماعة التي سجلت مواقفها التاريخية بالدماء ضد الانجليز علي أرض فلسطين وفي خط القناة ما كان لها أن تفعل شيء مثل هذا. (17)
دراسات وكتب تكذب إدعاءات عبدالناصر ضد الإخوان
لقد ادعى عبدالناصر كذبا في بيان حل الجماعة أن شباب الإخوان من هجموا على شباب هيئة التحرير، كما أن الحكومة ضبطت أسلحة في عزبة العشماوي، بالإضافة للقاء الإخوان مع الإنجليز دون علم الحكومة.
رأى الدكتور رؤوف عباس
وفى دراسة للدكتور رؤوف عباس كتب تحت عنوان "بريطانيا وأزمة مارس" أن موضوع الأسلحة التي ضبطت في عزبة حسن العشماوي كانت ملك الضباط الأحرار وليست ملك الإخوان.
ويضيف:
- وعلى حسب تعبير السفارة البريطانية فإن الأدلة حول وجود مؤامرة إرهابية لقلب نظام الحكم تبدو متناقضة.. ولا يوجد أي دليل على أن أحداث الجامعة في 12 يناير كانت من تدبير الإخوان أو مقدمة لانقلاب جديد، بل أنه من الأرجح أن الفرصة قد استخدمت إن لم يكن قد تم تدبيرها من أجل القضاء على الإخوان.
كما يضيف في موضع أخر قوله:
- ورغم عدم اعتقاد السفارة بأن الهدف من حل جمعية الإخوان كان دفع المفاوضات المصرية البريطانية إلا أنه عمليا قد يؤدي إلى ذلك لأن الإخوان كانوا سيعارضون أي اتفاق مع بريطانيا وضربهم قد أزاح تلك العقبة. (18)
رأى ريتشارد ميتشل
ويرى ريتشارد ميتشل أنه من العجيب أن لقاء الإخوان بمستر "تريفورا ايفانز" مستشار السفارة البريطانية لشئون الشرق حدث في فبراير أو أبريل 1953م وظلت الحكومة صامتة كل هذه الفترة حتى أظهرت ذلك في بيان حل الجماعة في يناير 1954م، حيث يقول ميتشيل: "ولم يعلن أمر تلك المقابلة إلا بعد 1954 عندما استخدمتها الحكومة كواقعة أساسية دعواها القضائية بحل الجماعة، وفي أول مرة تتعرض فيها الحكومة لهذا الموضوع تناولت الاجتماع على أنه (مفاوضات سرية) بين الجماعة والبريطانيين جرت من وراء ظهر الثورة".
كما ذكر أن السفارة البريطانية كذبت ادعاءات عبدالناصر من كون عقد اتفاق مع الإخوان في التأمر على الدولة المصرية وكان اللقاء استطلاع رأيهم في بعض الأمور.
ثم يؤكد ميتشل بقوله:
- ونحن لا نعلم بالتحديد أي الشروط وافق عليها الهضيبي، لكن هناك ما يكفي من الأسباب للاعتقاد بأن ناصر أخطر قبل الاجتماع مع ايفانز وبعده. (19)
رأى حسين حموده
وهذه مذكرات أحد الضباط الأحرار الذين شاركوا في الثورة، وكانوا يعرفون كثير من الأحداث سواء أتفقوا مع عبدالناصر أو اختلقوا وهو الضابط حسين محمد حمودة والذي كتب عن حادثة لقاء الإخوان بالإنجليز بقوله: فركبنا نحن الأربعة الدكتور غراب وأنا وخليل نور الدين وأحمد سبل عربة الدكتور غراب.
فعرفت من أحمد سبل أنه نجل اللواء عبد الواحد سبل ، فقلت له إني أعرف والدك وهو رجل معروف في الجيش بتدينه الشديد. وأثناء سير السيارة قال أحمد سبل : ما رأيكم في قرار مجلس الثورة بحل جماعة الإخوان المسلمين؟ فقلت له الموضوع غريب وبخاصة اتهام مجلس الثورة الإخوان بأنهم اتصلوا بالإنجليز من خلف ظهر مجلس قيادة الثورة ، وقلت أنا سأستفسر عن هذا الموضوع من جمال عبد الناصر لأعرف تفاصيل الموضوع.
ويضيف عن السبب الرئيسي لموقف جمال من الإخوان وسبب إصداره قرار الحل (الذي كان رافضل له الرئيس محمد نجيب وفق ما ذكر الجميع): قلت له وما سبب حل الإخوان؟
فقال: لأنهم عصاة.
فقلت له وما مظاهر عصيانهم؟
قال جمال عبد الناصر أنا طلبت من حسن الهضيبي حاجات رفضها.
فقلت له وما هي هذه الطلبات التي رفضها حسن الهضيبي؟ فقال عبد الناصر "طلبت منهم الانضمام لهيئة التحرير فرفضوا" فقلت له هم أحرار طالما لا يأتون أعمالا من شأنها الإضرار بالصالح العام. فقال عبد الناصر : لا ليسوا أحرارا ، أنا عايز البلد تنتظم كلها في هيئة سياسية واحدة تمشي وراء أهداف الثورة وبذلك نستطيع تحقيق أهداف الثورة بسرعة وبلا منازعات أو اختلاف في الرأي ، أنا عايز البلد كلها على رأي وفكر واحد هو فكر الثورة.
فقلت لعبد الناصر ولكنك في قرار حل الإخوان اتهمتهم بالخيانة لاتصالهم بالإنجليز. فقال جمال اتصالهم بالإنجليز كان بعلمي وبالاتفاق معي ولكني أؤدبهم حتى يخضعوا لإرادتي ونعرف نمشي بالبلد ولا يبقاش في مصر سلطتين أنا عايز سلطة واحدة بس. فقلت له إذن أنت تتجه بالبلد نحو حكم الفرد المطلق ونحن لم نتفق معك على ذلك وهذا الاتجاه خطير وسيدفع شعب مصر ثمناً فادحا نتيجة لهذا الاتجاه الديكتاتوري.
ويضيف أيضا عن لقاء الإخوان بالإنجليز أثناء حواره مع جمال عبدالناصر بقوله:
- سألته عن قصة اتصال الإخوان بالإنجليز فقال عبد الناصر: لقد طلب الإنجليز الاتصال بالمرشد العام للإخوان المسلمين لاستطلاع رأيه ورأي الإخوان في مشروع المعاهدة المزمع عقدها معهم بشأن جلاء القوات البريطانية عن مصر ورغبة انجلترا في استمرار التحالف مع مصر وعودة القوات البريطانية إلى مصر في حالة الحرب أو خطر الحرب أو قيام حالة دولية مفاجئة.
فاتصل الإخوان بعبد الناصر وأعلموه بطلب الإنجليز فوافق عبد الناصر على ذلك على أن يوافيه الإخوان بما سوف يدور من حديث بينهم وبين الإنجليز. وفعلاً أخطر الإخوان عبد الناصر بكل ما دار بين مبعوث السفارة البريطانية ومندوبي الإخوان المسلمين في هذا اللقاء. (20)
الغريب أن هذا اللقاء تم بين حسين حموده وعبدالناصر يوم 18 يناير 1954م وعلى أثر هذا الحديث أمر عبدالناصر باعتقال حسين حموده في حينه بعد لقاءه به.
رأى عبدالعظيم رمضان
جاء في كتاب الدكتور عبدالعظيم رمضان جزء عن هذه المقابلة التي وقعت بين الإخوان والإنجليز، وذكر الرأى القائل بأن اللقاء تم بعد موافقة عبدالناصر وعلمه. وحينما هاجم الإخوان الاتفاقية لأنه كانت تسمح للإنجليز بالعودة إذا هوجمت إحدى الدول ومنها تركيا، مما دفع عبدالناصر بمهاجمة الإخوان واعتقال خطبائهم (21)
الخلاصة
كتب الكثيرون من الباحثين وشهود العيان عن حقيقة اتصال الإخوان بالإنجليز بعد ثورة يوليو حيث أكد الجميع أن الاتصال كان بعد معرفة الرئيس نجيب وعبدالناصر ومجلس قيادة الثورة، وبعدما تم اللقاء قدم الإخوان تقرير بما حدث فيه. بل إن السفارة البريطانية لم تذكر أنه حدث شيء مخالف في لقاء الإخوان بل بالعكس كانت طلبات الإخوان متشددة نحو الجلاء التام دون شرط بخلاف تساهل مجلس قيادة الثورة.
ولو كان لقاء الإخوان بالإنجليز فيه ما يعيب الإخوان لكان استغلها نظام السادات بل نظام مبارك طيلة الثلاثين عاما، بل كان استغلها المجلس العسكري في صراعة مع الإخوان بعد ثورة يناير 2011م وما كان ليأذن لخونة (على حد تعبير الأمنجية) أن ينالوا الأغلبية في البرلمان ولا منصب رئيس الجمهورية.
ولكن من ختم الله على قلبهم بالضلالة ما زالوا يعيدون ويكررون اسطونات عفى عليها الزمن لكونهم يملكون السلطة والقوة والاعلام وخصمهم لا يملك حتى حق الرد.
المراجع
- حسن البنا: مجموعة رسائل الإمام حسن البنا، رسالة المؤتمر الخامس، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2006، صـ411.
- الحكومة المصرية تقدم للإخوان دليل براءتهم من تهم الإرهاب: 13 أبريل 2014، - وأنظر المصري اليوم: «الخارجية»: سنمد بريطانيا بالمعلومات المتعلقة بـ«الإخوان» لمساعدتها بالتحقيقات
- الإخوان المسلمون وحرب القنال عام 1951م - وأنظر
- عماد أبو غازي: حكاية الإخوان وعسكر يوليو من التحالف إلى الصدام الدموى، 13 مايو 2012
- مذكرات عبد اللطيف البغدادي: الجزء الأول، المكتب المصري الحديث، 1974م.
- صحيفة الأهرام المصرية: الجمعة 15 يناير 1954م الموافق 10 جماد الأولى 1373هـ، صـ1، 5.
- إبراهيم زهمول: الإخوان المسلمون أوراق تاريخية، طـ1، دار نبل، سويسرا، 1985م، صـ268.
- صحيفة روزاليوسف: العدد 2603 ، الاثنين الأول من مايو 1978م، صـ6 – 7.
- حديث المستشار حسن الهضيبي:جريدة المنار الدمشقية، 29 يوليو 1954م، صـ1- 2.
- ريتشارد ميتشل: الإخوان المسلمين دراسة أكاديمية، ترجمة عبد السلام رضوان، مراجعة فاروق عفيفي عبد الحي، تقديم صلاح عيسى، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1977، صـ179.
- عباس السيسي: في قافلة الإخوان المسلمين، جـ2، دار الطباعة والنشر والصوتيات، 1986، 201.
- عباس السيسي: في قافلة الإخوان المسلمين، مرجع سابق/ صـ202.
- حسن العشماوي: الأيام الحاسمة وحصادها، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1991م، صـ90.
- حسن العشماوي: حصاد الايام او مذكرات هارب، طـ1، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1991، صـ39.
- عباس السيسي: في قافلة الإخوان المسلمين، مرجع سابق، صـ151. وهو ما ذكره أيضا صلاح شادي في مذكراته بحكم أنه كان واحدا من المشاركين في فعاليات الأحداث في تلك الفترة.
- محمود عبدالحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، جـ3، دار الدعوة الإسكندرية، 1999م.
- محمد حامد أبو النصر: حقيقة الخلاف بين الإخوان المسلمون وجمال عبدالناصر، دار التوزيع والنشرالإسلامية، 1988م.
- علاء الحديدي ورؤوف عباس وأخرين: العلاقات المصرية البريطانية (1951- 1954)، مؤسسة الاهرام - مركز الدراسات السياسية والاستراجية، مصر، 1995م، صـ86- 91 .
- ريتشارد ميتشل: الإخوان المسلمين دراسة أكاديمية، مرجع سابق، صـ178.
- حسين محمد أحمد حموده: أسرار حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمون، الزهراء للإعلام العربى، القاهرة، 1994م.
- للمزيد عبد العظيم رمضان: الإخوان المسلمون والتنظيم السري، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993، صـ130.