الإخوان المسلمون بين المحنة والانجاز .. مقاومة الإحتلال الإنجليزى

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون بين المحنة والانجاز .. مقاومة الإحتلال الإنجليزى


مقدمة

لم تكن المحن التى مرَّت بها جماعة الاخوان المسلمين منذ نشأتها، نتيجة للمنافسة على سلطة أو صراع عليها، إنما كانت أثراً عن قيام الإخوان المسلمين بواجبهم الدين والوطنى تجاه وطنهم وأمتهم، سواء تمثَّل ذلك فى مقاومة الاحتلال الانجليزى، أو مقاومة الاحتلال الصهيونى لفلسطين، أو مواجهة الاستبداد.

ولم يكن من سبيل لكى تتجنب جماعة الإخوان المسلمين تلك المحن، سوى أن تتخلى الجماعة عن هذا الواجب الدينى والوطنى. وبرغم قسوة تلك المحن على الجماعة وأبنائها، إلا أنها لم تمنعها من تحقيق مكتسبات تصب فى النهاية فى صالح مشروعها الاسلامى التحررى، مما جعل الشعوب تلتف حولها مؤيدة ومبايعة

وقد ظهر جلياً فى ثورات الربيع العربى أن الإخوان المسلمين يمثلون أمل الشعوب فى حياة حرة كريمة، الأمر الذى دفع إلى مزيد من المواجهة مع أنظمة الثورة المضادة، لتستمر المواجهة ويستمر التدافع إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا.

السياق المحلى والدولى

مثَّلت الحرب العالمية الأولى (1914-1918) منعطفاً خطيراً للعالم العربى والاسلامى، بسبب هزيمة الدولة العثمانية والتي كانت تمثل الهوية السياسية الجامعة للشعوب العربية والإسلامية، مما أثر فى حياة الشعوب لأكثر من مائة عام تالية، وكان من أبرز مظاهره:

إحتلال العالم العربى

كان هذا هو الأثر الأول والأخطر لهزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، حيث بدأت مباحثات تقاسم المشرق العثمانى العربى بين دول الحلفاء المنتصرين فى تلك الحرب، ولم تنتهى الا عام 1916، فيما عُرف باتفاقية سايكس بيكو، وبعض الدول التى أُستعمرت قبل الحرب، إشتدت عليه قبضة الاستعمار بعد نهاية الحرب، مثل مصر التى سبق احتلالها فى عام 1882.

توطين الاستبداد

مثَّل الإستبداد (أقلية تُمسك بالسلطة) أداة مثلى فى يد الاستعمار للسيطرة على شعوب المنطقة، فمع سقوط الدولة العثمانية التى كانت تمثل الهوية السياسية للشعوب العربية والاسلامية، بدأت الشعوب تتجمع حول هوية أخرى هى (الدولة القومية)، ولم تكن تلك الهوية السياسية الجديدة من صنع الشعوب، إنما كانت من صنع الاستعمار وتحت عينه

ووضع الاستعمار على رأس هذه الشعوب (أقلية)، إستخدمها فى السيطرة على الشعوب، حتى يظل الصراع قائم بين سلطة الدولة وبين شعوبها من ناحية، ومن ناحية أخرى تكون هذه الاقلية فى حاجة دائمة إلى دعم خارجى اذا ما ثارت عليها الشعوب، ولم تكن تلك الأقليات (المتحكمة) لتستطيع حكم شعوبها الا من خلال قبضة أمنية باطشة، وقد أدت تلك الممارسات فى النهاية الى أن تكون (الدولة ضد الأمة)، فتسعى دوما إلى تفكيك المجتمع وإخضاعه، ومنعه من أي فرصة لأن يكون شعبها متحدا في الوعي والإرادة (1)

وقد مثَّل حكم أسرة محمد على (1805-1952) ذلك المثال فى مصر.

زراعة الدولة العبرية في القلب

جاء الاستيطان الصهيوني ثمرةً لوعد بلفور فى نوفمبر 1917، وقام الكيان الصهيونى فعلا فى عام 1948 كجزء من مخطط إستعماري إستهدف المنطقة كلها وليس فلسطين وحدها، بهدف تجزئة العالم العربي، وضمان تخلفه، وبهذا يكتمل حصار الشعوب العربية. ففى الداخل يتكفَّل الاستبداد بمواجهة الشعوب حفاظاً على إمتيازاته، وفى الخارج يتكفَّل التواجد الصهيونى فى إجهاض أحلام الشعوب فى الحرية.

هذه هى الظروف التى أحاطت بالامة العربية والاسلامية قبيل نشأة جماعة الإخوان المسلمين فى عام 1928، وكان على أى حركة تسعى لنهضة الأمة الاسلامية أن تواجه ذلك الثالوث، الاحتلال الانجليزى والاستبداد ودولة الكيان الصهيونى، وهذا ما حدث فعلا عندما قامت جماعة الإخوان المسلمين

وأعلنت عن نفسها كحركة إسلامية تسعى لنهضة الأمة على أساس الاسلام، فحاول كل مكون من هذه المكونات الثلاثة، عرقلة إنطلاقة الجماعة فى سبيل تحقيق مشروعها، ودفعت جماعة الإخوان المسلمين مقابل صمودها فى وجه هؤلاء جميعاً، أثماناً باهظة من حريتها وأمانها.

وطنية الإخوان .. مختلفة

لم تكن (الوطنية) عند الإخوان المسلمين، جديدة فقط فى المفهوم، إنما كان كذلك فى التطبيق، خاصة فيما يتعلق بالقضية الوطنية، بما يعنى أنه على المصريين – كما يقول الإخوان – أن يواجهوا معضلات المشروع الإستعمارى فى مصر وفى العالم العربى والإسلامى بعد الحرب العالمية الثانية..

فقد وجد الإخوان المسلمون أنفسهم بين مفهومين للوطنية كلاهما منافٍ للإسلام، الأول عند المتدينين التقليدين، الذين لا يرون الإسلام سوى صلاة وصوم وعبادة، والثانى عند النخبة المتغربة، التى ترتبط الوطنية عندها بالطين والأرض أو بالقوم والعنصر.

جاء حسن البنا فصحَّح المفهوم وردَّه إلى أصله، فقال:

(وحسبك من وطنية الإخوان المسلمين أنهم يعتقدون عقيدة جازمة لازمة أن التفريط فى أى شبر أرض يقطنه مسلم جريمة لا تغتفر حتى يعيدوه، أو يُهلَكوا دون إعادته، ولا نجاة لهم من الله إلا بهذا) (2)

ويقول:

(..ومن كل هذا الذي تقدم يبدو الفرق الواسع بين الوطني والسياسي، الوطني يعمل لإصلاح الحكم لا للحكم، ولمقاومة المستعمر للحصول على الحرية لا ليرثه في السلطة، ولتركيز منهاج وفكر ودعوة لا لتمجيد شخص أو حزب أو هيئة، ولهذا يحرص الإخوان المسلمون على أن يكونوا دائمًا وطنيين لا سياسيين ولا حزبيين) (3)

كما طالب بالعناية بالتاريخ الإسلامي والتاريخ الوطني والتربية الوطنية وتاريخ حضارة الإسلام، وتتجلى أيضا وطنية البنا في دعوته إلى تشجيع الصناعة الوطنية

حيث يقول:

(ولا تلبس ولا تأكل إلا من صنع وطنك الإسلامي)، وحين قام بتأسيس معهد حراء الإسلامي فوق مسجد الإخوان، إشترط للتلاميذ زياً خاصاً هو جلباب ومعطف من نسيج وطني وطربوش أبيض من صناعة وطنية وصندل من صناعة وطنية وذلك ليُعوِّد التلاميذ على التمسك بالصناعات الوطنية منذ بداية نشأتهم. (4)

وهكذا مثَّلت المواجهة مع مخلَّفات الإستعمار، السياق العام للمحن التى مرت بها جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها وإلى الآن، فتمحورت محن الإخوان المسلمين حول أربعة قضايا أسياسية:

  1. مقاومة الاحتلال الانجليزى
  2. مقاومة المشروع الصهيونى
  3. مواجهة الاستبداد المحلى
  4. استرداد الشرعية

وهى قضايا وطنية تتعلق بالحفاظ على حقوق الشعب المصرى في سيادته على أرضه وحكم نفسه بنفسه، ولا تتعلق بصراع على السلطة أو منافسة فيها، فلم يكن مشروع الإخوان المسلمين مشروعاً خاصاً بهم، إنما كان مشروع تحرر وسيادة للأمة كافة.

الإخوان ومقاومة الإحتلال

أفضل ما يصور العلاقة بين الإخوان المسلمين وبين بريطانيا الدولة الإستعماري الأكبر، نظرة بريطانيا الى مصر وإلى الإخوان، فقناة السويس عند بريطانيا قطعة منها، والإخوان المسلمون عندها كذلك، هم (العدو) الذى سيمنعها من تلك القطعة! فكان لابد لأكبر دولة إستعمارية في العالم، أن تتخلص من هذا العدو ومن تلك الجماعة (الإخوان المسلمونحسن البنا) بأى ثمن.. على أساس هذه النظرة، تأسست هذه العلاقة وتفرَّعت.

فاللورد بيفر بروك صاحب جريدة الديلى اكسبريس يقول:

(اذا تخلت بريطانيا عن قناة السويس، فانها تفقد جانبا حيويا من امبراطوريتها، ان قناة السويس جزء هام من أرض الإمبراطورية البريطانية كأرض بريطانيا ذاتها). ومع اندلاع حرب 48 بفلسطين، قالت السفارة البريطانية في رسالة إلى لندن: (دخل الإخوان معترك السياسة خلال الاضطرابات التي شهدتها فلسطين بين عامي 1936 و1939 عندما لعبوا دورا رئيسيا في أعمال الإثارة المعادية لبريطانيا) (5)

كان هناك أربعة أطراف يحركون المشهد العام في مصر، الاحتلال الانجليزى (السلطة الفعلية) والملك (السلطة الصورية) والأحزاب (الوفد وأحزاب الأقلية) وجماعة الإخوان المسلمون (الوليد العملاق العنيد)، وكان الصراع على أشده بين الأحزاب حول من سيقوم بتشكيل الحكومة، بينما كان الإخوان المسلمون حريصين على الابتعاد عن ذلك الصراع، لكن الجميع إكتشفوا - مع الوقت - أن اللاعب الأكبر في الأحداث كانت جماعة الإخوان المسلمين، التى بنت قوتها على مراحل وبهدوء ودون ضجيج..

الإخوان والاحتلال بعد الحرب العالمية الأولى

كان الخطاب الثابت للاخوان المسلمين خلال الفترة (1928-1939):

  1. الاعتزاز بالهوية الاسلامية كمنطلق ومنهج
  2. التشدد فى ضرورة إنهاء الاحتلال الانجليزى عن البلاد
  3. الابتعاد عن الدخول فى الصراعات الحزبية حول تشكيل الحكومة

وفى المقابل كان تصرف الجميع تجاه الإخوان ومواقفهم هذه، السجون والاعتقالات والمنع من الحركة والنشاط، تخلل ذلك بعض فترات الهدوء..

فقد إعتبرت جماعة الإخوان المسلمين إجلاء القوات الإنجليزية من البلاد واجباً دينياً ووطنياً، فأعدت لهذا الأمر عدته من وعى بطبيعة المعركة، واستعداد لها تدريباً، وتهيئة المجتمع لها حشداً وتوعيةً، وقد تعرَّض الإخوان المسلمون لاعتقالات عديدة وملاحقات أمنية، ما تكاد تتوقف حتى تبدأ بسبب ذلك، وانتهى الأمر الى حلِّ جماعة الإخوان في نهاية 1948.

وكان أول من التفت إلى قوة الإخوان المسلمين، الاحتلال الانجليزى الذى كان يتابع كل شاردة وواردة، لكنه أكتشف ذلك متأخراً! فقد كان الإخوان المسلمون حريصين على أن يتحركوا في هدوء دون أن يلفتوا نظر أحد، حيث إعتبر الانجليز أن وجود جماعة الإخوان المسلمين خطر يهدد مصالحها وتواجدها في مصر

فعملوا مع الجميع، وخاصة أحزاب الأقلية على عرقلة نشاط الإخوان المسلمين بكافة السبل، فكان الإخوان المسلمون ضيوفاً دائمين على السجون والمعتقلات، ولم يكن بإمكان الإخوان التغافل عن وجود إحتلال إنجليزى في البلاد، رغبة منهم فى تجنب السجون..

فحين عقدت حكومة الوفد بقيادة النحاس باشا، إتفاقية 1936 مع الانجليز، والذى تصبح بمقتضاها القوات الإنجليزية قوات حليفة لا قوات احتلال! تصدت جماعة الإخوان لهذه الاتفاقية، على حين قبلها الوفد.

وكتب حسن البنا:

"لا يمكن أن يتصور مصرى أن بلده يُهاجم من عدو أجنبى كائنا ما كان، ثم يسكت على هذا العدوان أو يبخل بدمه وروحه فدية لإنقاذ الوطن العزيز، وإن الإسلام ليفرض على كل مسلم أن يجاهد المعتدين الطامعين فى بلده باليد والسيف والمال واللسان، ومن قصر فى ذلك فهو آثم فارّ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا. فعلى حكومة مصر ألا تستضعف شعبها وألا تتجاهل أو تجهل ما فى مصر من خير وحيوية وأن تعتمد على نفسها وتثق بالله.." (6)

وحين حاصرت الدبابات الإنجليزية قصر الملك في عام 1942، من أجل إرغام الملك على تكليف النحاس باشا بتشكيل الوزارة، رفض ذلك الإخوان المسلمون، على حين قَبِله النحاس باشا، مما تسبب في خسارة الوفد لكثير من مؤيديه وأنصاره.

وفي عام 1944 حين ترشح حسن البنا وخمسة من اخوانه في دائرة الإسماعيلية، قامت السفارة الإنجليزية بإرسال خطاب لأحمد ماهر رئيس الوزراء عن الحزب السعدى في ذلك الوقت، لكن يمنع حسن البنا واخوانه من الترشح، وقد أفصح عن ذلك الخطاب حينها محمود لبيب وكيل جماعة الإخوان المسلمين، وقد اندلعت المظاهرات فى الجامعات إحتجاجاً على ذلك التدخل السافر. (7)

الإخوان والاحتلال بعد الحرب العالمية الثانية

تنبأ حسن البنا قبل الحرب العالمية الثانية أن القوى الإستعمارية المهيمنة على العالم الاسلامى (بريطانيا وفرنسا) ستضعف بعد هذه الحرب، وتكون هذه الفرصة الوحيدة أمام العالم الإسلامى لكى يتحرر من الاستعمار. (8)

بعد نهاية الحرب، تراجعت بريطانيا مرة جديدة عن وعودها بمنح مصر استقلالها والانسحاب الكامل منها، حينها كتب حسن البنا مقالاً قال فيه:

(أيها المصرى أيتها المصرية، أيها الشرقى أيتها الشرقية، علموا أولادكم منذ نعومة أظفاركم أن يكرهوا وأن يمقتوا وأن يلعنوا الامبراطورية البريطانية... تصرفوا بطريقة تجعل الانجليز يواجهوا قلوباً تكرههم وألسنة تلعنهم وأيادى تذبحهم.. وإنه لا باب للحرية سوي باب العداء الصريح لبريطانيا ، والإعداد الكامل والجهاد الواثب ، ومرحبًا به ؛ ليحق الحق ويبطل الباطل ، ولو كره المجرمون).. (9)

وبعد نهاية الحرب، أعلن مجلس الوزراء المصرى فى 9 يونيو 1945 رفع الحظر عن الاجتماعات العامة، كما رفع الرقابة عن الصحف والمجلات، فكانت جماعة الإخوان المسلمين أسبق الجماعات والهيئات فى إعادة القضية الوطنية الى بؤرة إهتمام الشعب المصرى

فتم عقد إجتماع للجمعية العمومية للاخوان حضره 2500 من قادة الشُعَب والمناطق فى 18 سبتمبر 1945، ثم تبعه عقد الإخوان المسلمين لأول مؤتمر شعبى كبير تشهده القاهرة بعد الحرب فى 4 أكتوبر 1945 حضره عشرات الألوف، تبعه بشهرين فى ديسمبر 1945 تشكيل لجنة التدريب العسكرى برئاسة الصاغ محمود لبيب، والتى قدمت تقريرا تفصيليا بضرورة إصلاح أوضاع الجيش المصرى وتسليحه وتدريبه ورفع كفائته القتالية (10)

وبعد مقتل أحمد ماهر، شكَّل الحكومة بعده النقراشى باشا، لكنه فشل فى تحقيق أيَّاً من وعود بريطانيا فى الجلاء، حين بدأ في التفاوض معها بعد الحرب، فاندلعت المظاهرات فى مصر، والتى قابلها حكمدار القاهرة (راسل‏ ‏با) وحكمدار الجيزة (فيتز‏ ‏باترك‏ ‏باشا) بعنف شديد، وكان وزير الداخلية ورئيس الوزراء النقراشي باشا‏،‏ وكان القمع علي أَشده والذى بلغ حد إطلاق الرصاص الحي وفتح كوبري عباس والطلبه فوقه! فغرق العديد من الطلبة وتم اعتقال المئات وأغلبهم طبعا من طلبة الجامعات، وكانت هذه سُبَّه في جبين السعديين وفى جبين النقراشي نفسه. (11)

وقد ذكرت الكاتبة الصحفية صافيناز كاظم أن أخاها شارك في هذه المظاهرات، وأن الإخوان المسلمين وحزب الوفد كان يدخلون الطعام والدواء للمعتقلين ومنهم أخيها. (12)

7 مارس 1946، تبدأ المفاوضات مع الانجليز، فقال حسن البنا: (يجب أن تُعرض نتائج المفاوضات على الامة في استفتاء.. واذا لم تنجح المفاوضات، فمن حق الشعب أن يعود الى الجهاد المستمر)

7 مايو 1946، قال رئيس الوزارء أمام مجلس العموم البريطاني، أن جميع القوات البريطانية ستنسحب من مصر، فكتب أحمد السكري في جريدة الإخوان المسلمين يوم 8 مايو: (البيان البريطاني خدعة سياسية، يجب أن ينتبه لها المصريون)، ثم قال: (أين وحدة الوادى أيها المفاوض المصرى؟).

تزايدت قوة الإخوان المسلمين في الشارع المصرى، وكتبت مجلة المصوَّر: (ان عضو مجلس الشيوخ لويس فانوس ومريت بطرس انضموا لجماعة الإخوان المسلمين)، وكتبت السفارة الإنجليزية الى لندن: (وعرضوا على حسن البنا أن يغير اسم الجماعة ليصبح الإخوان المصريين، حتى يتسنى للأقباط الانضمام للجماعة)

9 مايو 1946، تبدأ جولة جديدة من المفاوضات، فيكتب أحمد السكري في جريدة الإخوان المسلمين: (نريد جلاء تاما عن الوادى، بلا قيد ولاشرط ولامساومة ولاإمهال)

29 يوليو 1946، يتم استئناف المفاوضات بين صدقى وبين الانجليز، فيصفها الإخوان المسلمون بـ (المهزلة)، وكان هذا على إثر جلاء الانجليز عن القلعة ورفع العلم المصرى فوقها لأول مرة من 64 عاما، لدرجة أن النقراشي رئيس وزراء مصر السابق بكى! وتبدأ على إثر ذلك الاعتقالات في صفوف الإخوان المسلمين، كما كان يحدث زمن النقراشي

ويشن الإخوان المسلمون هجوماً عنيفاً على الاحتلال الانجليز، داعين الى مقاطعتهم، ويكتب حسن البنا في جريدة الإخوان مقالاً هاجم فيه الانجليز وداعياً الملك الي الجهاد، فاشتكى السفير الانجليزى رئيس الوزراء بالإنابة من مقال حسن البنا والذى قال فيه: (ان شعور الكراهية للبريطانيين قد وجد طريقه إلي نفوس ثلاثين مليونا من سكان وادى النيل، وسيسرى، بسرعة البرق، إلي نفوس 70 مليون عربي و300 مليون مسلم)

وقد علقت صحيفة التايمز البريطانية بقولها (ان الإخوان دخلوا السياسة بشكل سافر) (13) ومع اندلاع حرب فلسطين فى عام 1948، تفاجأ الجميع بحلِّ جماعة الإخوان المسلمين، بينما كان الإخوان فى جبهات القتال، مما أشعل الغضب فى صدور المصريين، الذين كانوا يتشوقون إلى الحرية والإستقلال..

وهكذا يتبين بجلاء أنه طوال عقدين من الزمان (1928-1947) كانت كل المحن التى مرَّ بها الإخوان المسلمون، والتى وصلت إلى حد حلّ جماعة الإخوان المسلمين (واستشهاد حسن البنا فيما بعد)، كانت على إثر قيام الإخوان بواجبهم الدينى والوطنى، ولم تقف تلك المحن حائلاً دون تحقيق جماعة الإخوان المسلمين إنجازات صبّت إيجابياً فى عافية ووعى الشعب المصرى وإنقاذه من براثن الإستعمار الأجنبى ومخططاته، مما غيَّر من تاريخ مصر والمنطقة العربية والاسلامية برُمَّتها.

المصادر

  1. [ (الدولة ضد الأمة) التعبير هو عنوان كتاب للدكتور برهان غليون نقلا عن الدكتور سيف عبد الفتاح الذاكرة الحضارية والظاهرة الاستبدادية]
  2. رسالة الى الشبابحسن البنا
  3. جريدة الإخوان المسلمين اليومية - العدد "188" - ديسمبر 1946
  4. [ الوطن والمواطنة في فكر الإمام البنا] – إخوان أون لاين
  5. من قتل حسن البنا – محسن محمد - ص 268
  6. مجلة النذير، العدد "11" - السنة الثانية - مايو سنة 1939.
  7. الأستاذ عبد الله السمان فى كتابه (حسن البنا الداعية الإمام والمجدد الشهيد)
  8. تكررت هذه المعانى فى مقالات للامام حسن البنا فى مجلة النذير والمنار نقلا عن كتاب (الفكر السياسى للامام حسن البنا) - ابراهيم البيومى غانم وكتب حسن البنا مقالا فى عام 1940 بمجلة التعارف، بعنوان (هذه الحرب المباركة ألا نستفيد من بركاتها) 13 يوليو 1940
  9. معالم المشروع الحضاري في فكر الإمام الشهيد حسن البنا – الدكتور محمد عمارة
  10. (الفكر السياسى للامام حسن البنا) - ابراهيم البيومى غانم
  11. [ مذبحة كوبري عباس.. 9 فبراير وذكرى الثورة المنسية!]
  12. [ حكايتي مع محمود فهمي النقراشي]
  13. من قتل حسن البنا – محسن محمد