مدن في تاريخ الإخوان

مدن في تاريخ الإخوان

أبو صوير

مركز استراتيجي في مرور القوافل

في قرى في باطن الصحراء عاشت أبو صوير تاريخها حيث كان لها مركز استراتيجي في مرور القوافل أو الجيوش خاصة في عهد رمسيس الثاني، حيث كانت عاصمه للإقليم الثامن من أقاليم الوجه البحري الفرعونية وكان يطلق عليها اسم (برآتوم) وهي تعنى في اللغة الهيروغليفية (بيت الآلهة آتوم) وكانت أبوصوير أهم مخازن الغلال والتحصينات أيام الدولة الحديث في عصر الملك رمسيس الثاني. (1)

وكان لها دور كبير في حرب القنال الت وقعت بين الفدائيين والانجليز، حيث كان يقع بها مطار أبو صوير. ويعتمد أهلها على حرفة الزراعة والحدادة والتجارة، خاصة وأنها تتبع محافظة الإسماعيلية والتي صدر قرار بجعلها محافظة عام 1960م وضمت إليها أبو صوير.

شهدت المجتمعات المصرية في الآونة الأخيرة تطورات كبيرة وطفرات وثبت بها إلى آفاق القرن 21 وكان لمدينة أبوصوير نصيب وافر من التطوير في كافه المجالات: فقد صدر قرار السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء رقم 1615 لسنه 1993 لتحويل قرية أبوصوير إلى مدينة لتخطو إلى آفاق أرحب. تعتبر أبوصوير الامتداد الطبيعي لمدينة الإسماعيلية وتتميز بموقع فريد في محافظة الإسماعيلية.

مدينة وسط الصحراء

في ضحى يوم الاثنين الموافق 16 من سبتمبر 1927م استقل الشاب حسن البنا القطار إلى مدينة الإسماعيلية لاستلام عمله كمدرس في مدارس الإسماعيلية. ومن المعروف أن مدينة الإسماعيلية تقع على شاطئ قناة السويس وفي منتصفها تقريبًا، وهي إحدى مدن محافظة القناة في ذلك الوقت وكانت مساحتها في تلك الفترة حوالي 5.1 كيلو متر، وكانت تضم شياختين، هما: الإسماعيلية، وبوستات الإسماعيلية.

ووقتما وصل حسن البنا لها كانت نسبة الأجانب في الإسماعيلية تبلغ 14.6% تقريبًا من إجمالي نسبة سكان الإسماعيلية، وبالرغم من هذه النسبة القليلة كانت السيطرة الفعلية لهم على جميع شئون الإسماعيلية، وكان الطابع المسيحي الأوروبي غالبا على المدينة، وكان يوم العطلة الأسبوعية الأحد، وكانت أكبر دور للعبادة وأفخمها للطوائف المسيحية بينما كانت المساجد تعاني من الإهمال الشديد فضلاً عن تواضع بنائها، على اعتبار أن الإسماعيلية أصبحت القاعدة لجيوش الإمبراطورية البريطانية في الشرق الأوسط. (2)

كانت الإسماعيلية في ذلك الوقت مدينة أجنبية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، فلم يكن للحكومة المصرية وجود أو اعتبار في الإسماعيلية، ولا قوانينها، وإنما كان الجيش البريطاني سندًا لشركة قناة السويس التي كانت هي الحكومة الحقيقية في ذلك الوقت، بينما أصحاب البلاد من المصريين عمال في هذه الشركة وخدم للأجانب، لهذا كله كثر فيهم فساد الأخلاق، وضعف التدين، والتشبه بالأجانب.

في هذا الجو بدأ الأستاذ حسن البنا العمل وسط الناس بعدما تعرف على طبيعة المجتمع الذي يسكن فيه، والتي سرعان ما انضم إليه نفر من عمال الإسماعيلية ليعلنوا تكوين جمعية الإخوان المسلمين، ويبدأ الناس يتعرفون عليها وعلى أهدافها وما تدعو له، وطبيعتها ولوائحها وهي ما جذبت إليها أعداد كثيرة وبدأ تكوين الشعب في محيط مدن الإسماعيلية والقناة أولا. (3)

أول شعبة بعد الإسماعيلية

حرص الإمام البنا على نشر فكرته في كل مكان، فلم تنحصر دعوته في الإسماعيلية، بل خرج بفكرته إلى المدن والقرى المجاورة لها، يستنهض الهمم للإسلام وقد ساعدته على ذلك المجموعة التي أسست الجمعية معه حيث عاد كل واحد منهم إلى مدينته وبدأ يدعو إلى فكر الإخوان المسلمين.

كان أبو صوير أقرب إلى الإسماعيلية من غيرها، حيث تقع بعد المعسكر الإنجليزي وتبعد عن الإسماعيلية نحو خمسة عشر كيلومترًا، وفيها يقطن كثير من العمال الذين يعملون في معسكرات "أبو صوير"، و"مدرسة الطيران"، ومعهم عدد من التجار والمزارعين.

فقام الإمام البنا بزيارتها وأراد أن ينشئ فيها فرعًا لجمعية الإخوان المسلمين، وفي ذلك يقول في مذكراته:

زرت " أبو صوير" وبدا أن أنشيء فيها فرعا للجمعية بالإسماعيلية فأخذت أتفرس في وجوه الناس في القهاوي وفي الطرقات والحوانيت حتى رأيت دكان الشيخ محمد العجرودي رحمه الله، وكان رجلاً وقوراً مهيبا سمحا فيه صلاح وله منطق ولسان.

ورأيته يبيع ويتحدث مع زبائنه فتوسمت فيه الخير فسلمت عليه وجلست إليه وإلى من معه في الدكان وقدمت إليه نفسي والغرض الذي من أجله زرت "أبوصوير" وأنني توسمت فيه الخير ليحمل أعباء هذه الدعوة

وأخذت في حديثي ألفت نظره ونظر الجالسين إلى نقط أساسية:

إلى سمو مقاصد الإسلام وعلو أحكامه وإلى ما فيه المجتمع من فساد وشر وسوء، وإلى أن ذاك ناتج عن تركنا وإهمالنا لأحكام الإسلام، وإلى وجوب الدعوة إلى تصحيح هذا الوضع وإلا كنا آثمين لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل النصيحة فريضة واجبة، وإلى أن الطريقة الفردية وحدها لا تكفي بل لا بد من تكوين رأي عام يناصر هذه الفكرة وجماعة من الطيبين في كل قرية يؤمنون بها ويجتمعون عليها ونسميهم الإخوان المسلمين.

وكان الرجل ومن معه يصغون باهتمام ولكنهم لم يفقهوا بادئ ذي بدء إلا أنها دعوة إلى جمعية خيرية أو إلى سماع درس ألقيته عليهم وأبى لطفه إلا أن يدعوني إلى الغداء ويحضر لي القهوة فاعتذرت عن الغداء وأردت الانصراف ولكنه شدد وأشار علي في أن ألقي درساً في المسجد أو في مصلى على البحر يجتمع فيه الناس فاخترت أن ألقي الدرس في القهوة وقد كان

وتجمع الناس وأصغوا واستغربوا ما رأوا وما سمعوا وعجبوا من أن مدرساً شاباً وجيها يلقي دروساً دينية هكذا على الناس في القهاوي وليس بإمام في مسجد ولا بشيخ طريقة، وأعجبهم القول فشددوا في أن أكرر الزيارة وقد كان.

وبعد زيارات متتالية اجتمعنا في منزل أحمد أفندي دسوقي وقررنا إنشاء شعبة للإخوان المسلمين في أبو صوير وهذه القرى الصغيرة على صغرها لا تخلو من منافسات وضغائن. ولأنني لست مقيماً بالبلد ولأن أحمد أفندي دسوقي هو الذي اختير رئيسا للشعبة وليس عالماً وهو كذلك مشغول بالتجارة لم يستطع أن يصمد للمنافسات والخصومات والأقاويل المختلفة فكان يدع الأمور بدون علاج فتنحل الجماعة أو تكاد وإنما تتجمع حين أعود إلى زيارتهم مرة أخرى.

وأخيراً دلني الإخوان الذين بدءوا يفهمون الدعوة وتخامر نفوسهم وأخذوا يترددون على الإسماعيلية أن خير من يصلح لحمل هذا العبء والنهوض بالدعوة هو الأستاذ " الشيخ عبد الله سليم بدوي" ناظر المدرسة الأولية هناك لعلمه أولاً فهو ناظر المدرسة وهو مع هذا عالم فاضل دائب على التدريس للناس وإفادتهم بالمصلى وبكل مكان، ولمنزلته فهو محبوب منهم جميعاً متصل بهم جميعاً كلهم يحبه ويقدره، ولوقته فهو يجد من الفراغ بعد انتهاء الدروس ما لا يجده غيره من التجار أو الصناع.

ونعم الرأي كان وعلى هذا سافرت إلى أبو صوير والتقيت بالشيخ عبد الله سليم ورأيته كما قال الناس وفوق ما قالوا والحمد لله رب العالمين وأعجبني في الرجل اطلاع ودروس وشخصية قوية وتفكير سليم متزن فأفضيت إليه بالمهمة فتردد في قبولها كثيراً

ثم وافق بعد ذلك على أن يكون له حرية التصرف في تكوين شعبته من المدرسين الذين معه وكلهم يحبه ويخلص له ومن الأهلين الذين يرى فيهم الكفاية لذلك، فأجبته إلى ما طلب وجد هو في الأمر وشمر له ووفقه الله فتكونت شعبة قوية في هذه القرية بقيادته" (4)

لم يترك الإمام البنا "أبو صوير" على هذه الحال، بل تابعها بالزيارات، حتى تهيأت الظروف وأرسل أحد الإخوان من الإسماعيلية للعمل في أبو صوير

فيذكر ذلك بقوله:

"كان في البلد حينذاك مسجد واحد يضيق بالمصلين هو مسجد "الحرون" ومصلى على ترعة الإسماعيلية لا يصلح للجمعة ولا يغني فيها شيئاً، ومسجد آخر لم يتم بعد أنشأه الرجل الطيب الشيخ إبراهيم أبو حريش، ولبعده عن البلد وعدم موالاته للمسجد لم يكن على حالة يصلح معها لإقامة الشعائر، ففكر الشيخ عبد الله في أن يتولي أمر هذا المسجد ويجعله مقراً للإخوان

وفعلاً تفاوض مع الشيخ الذي وافق على الفكرة، وابتدأ العمل في إصلاح المسجد وهو الآن مسجد عظيم وقد ألحق به ناد للإخوان ومجتمع لهم، وأمامه ميدان فسيح لتدريب الجوالة وللمحاضرات الصيفية وصارت مؤسسة نافعة تشع بالهداية والنور في هذه البقعة المباركة، وأردنا تقوية الدعوة في هذه البقعة فانتدبنا الأخ الشيخ عيد الأزهري - وهو من الطلاب الذين قضوا بالأزهر فترة صالحة وحفظوا القران حفظاً جيداً

وقد جاء إلى الإسماعيلية فالتحق بالإخوان ووظف في عمل كتابي عندهم وكان يقرأ القرآن ويحسن الصلاة والخطابة - فرأينا أن نسند إليه الإمامة والخطابة والوعظ والأعمال الكتابية بشعبة أبو صوير، على أن يأخذ راتبه من الإسماعيلية على اعتبارها مهد الدعوة ومطلعها ولا تزال أبو صوير ناشئة تنفر ممن يطالبها بمال كثير

وهي سنة الله في الدعوات لا يسأل أصحابها الناس أجراً وإن سألوهم بخلوا بما في أيديهم حتى يتمكن الإيمان في قلوبهم فيجودون طائعين بالنفوس والأموال والأرواح. وكان وجود الشيخ عيد في بدء الدعوة بأبي صوير تركيزاً لها واطمأنننا عليها بقيادة الأخ الشيخ عبد الله سليم جزاه الله خيراً" (5)

وانطلقت الدعوة في المدينة استطاع الشيخ عبدالله سليم بمعاونة الشاب الشيخ عيد الأزهري أن ينشروا فكرة الدعوة وسط الناس ويبسطوا مفاهيم الدين لهم، حتى زاد عدد المنتسبين لها.

وحينما انتقل الشيخ البنا إلى القاهرة وبدأت الدعوة تتمحور ويتسع نطاقها، كان لابد من الاجتماعات التي ترسم استراتيجيات الجماعة، ومن ثم تحولت الجمعية العمومية – لانتشار الدعوة وزيادة العدد – إلى مجالس شورى يجتمع فيها مسئولي الشعب لمناقشة شئون الجماعة.

وفي يوم الخميس الموافق 22 من صفر 1352هـ الموافق 15 من يونيو 1933م وبمدينة الإسماعيلية عقد الإخوان أول مجلس شورى لهم، حيث وجهت الدعوة لعدد من مندوبي الشعب، ومن بين الذين حضروا كان الشيخ عبدالله سليم ممثلا عن أبو صوير في أول مجلس شورى يعقد للإخوان المسلمين. (6)

ولم يقتصر الأمر عند مجلس الشورى الأول فقط بل مثلت شعبة أبو صوير – لمكانتها في بداية الدعوة – في مجلس الشورى الثاني المنعقد بمدينة بورسعيد إن شاء الله تعالى في اليوم الثاني من شهر شوال 1352هـ الموافق 18 يناير 1934م

غير أن عدد الذين حضروا من شعبة أبي صوير في هذا المجلس كانوا أربعة وهم:

1. الأستاذ الشيخ عبد الله سليم بدوي.
2. إسماعيل عبد القادر أفندي.
3. محمود مرجان أفندي.
4. محمد عبد العزيز أفندي. (7)

وحينما عقد مؤتمر الشورى العام الثالث في عطلة عيد الأضحى بالقاهرة، وقد عَقد المجلس جلساته في الفترة من يوم السبت 11 من ذي الحجة 1353هـ الموافق 16 من مارس 1935م، كان من ضمن المعتذرين الأستاذ عبدالله سليم نائب أبو صوير، والتي أصبحت شعبة من الدرجة الأولى لاعتمادها على نفسها في الإمكانيات البشرية والمادية.

وعلى الرغم من انتقال الأستاذ البنا إلى القاهرة إلا أنه حرص على زيارة أبو صوير كلما أتيحت له الظروف، فكانت أول زيارة له بعد انتقاله للقاهرة كانت يوم الخميس 11 ربيع الثاني 1352هـ الموافق 13 أغسطس 1933م، ولقد ترتب على هذه الزيارة افتتاح عدد من شعب الإخوان في الشرقية كأبو حماد والزقازيق وبني قريش. (8)

كما زارها أيضا عام 1938م فقد ركب الإمام وإخوانه القطار فى السابعة صباح الجمعة من السويس إلى محطة نفيشة، حيث كان فى استقباله إخوان أبو صوير، وانتقل الإمام وإخوانه بالسيارة إلى دار الإخوان بأبي صوير؛

تلك الدار التى بناها إخوان هذه المدينة بأيديهم، وألحقوا بها مسجدًا ومدرسة، واستعرض الإمام فرقة الجوالة هناك، وتفقد أحوال إخوانه، ثم خطب الجمعة بمسجدها، وجلس حكمًا يفصل فى الخلافات المادية والعائلية التى عرضت عليه، ثم صلى العصر، وانطلق الركب إلى الإسماعيلية. (9)

نشاط الشعبة

اهتم الإخوان بتعليم النشء فكانوا في كل شعبة يحرصون على إقامة مدرسة لتعليم أبناء المسلمين في تلك المنطقة، وكانت الإسماعيلية سباقة في ذلك المضمار ثم تبعتها أبو صوير التي تم افتتاح مدرستها الابتدائية وبدأت دراستها في العام الدراسي 1933 – 1934م، وقام بإدارتها حضرة المربي الفاضل الأستاذ يوسف عبد الهادي خريج المعلمين العليا وعضو الجمعية بأبي صوير وقد افْتُتح بها قسم ليلي يتعلم فيه الكبار الذين لم ينالوا حظهم من التعليم.

وكان من أنشطة تلك المدرسة القيام بالرحلات العلمية والدينية، وقد قامت المدرسة برحلة إلى مدينة الإسماعيلية يوم الاثنين 16شعبان سنة 1352هـ الموافق 4 ديسمبر 1933م بقصد التعارف بطلبة معهد حراء الإسلامي الذين قابلوهم بكل ترحاب وإجلال، الأمر الذي أثلج صدورهم وقضوا معهم نصف النهار حتى صلاة الظهر، وقد أدوا صلاة الظهر في مسجد جمعية الإخوان المسلمين بالإسماعيلية

وقد صلى بهم الشيخ عيد السيد مدرس اللغة العربية، ثم توجهوا إلى المنتزهات حيث المناظر الخلابة الجميلة، وقد قام بتعريفهم بالمدينة الأستاذ عبد العال أفندي عبد الهادي المدرس بمدرسة أبو صوير وشرح لهم كل جديد عليهم، وبعد قضاء ثلاث ساعات متنقلين بين الخضرة والبساتين عادوا إلى أبو صوير ينشدون أناشيد الفرح بهذه الرحلة المباركة. (10)

لم يقتصر نشاط الشعبة على ذلك فقط بل اهتمت بالمناسبات الدينية، حيث حرصت على إحيائها وتذكير الناس بها، فقد احتفلت بذكرى الإسراء والمعراج احتفالاً رائعًا تجلى فيه إخلاص الأهلين للفكرة والتفافهم حولها واستمساكهم بمبادئ الأخوة الإسلامية.

كما ساهم الأستاذ عبدالله سليم في تجهيز مطبعة الإخوان حينما أعلنوا عن إنشائهم مطبعة خاصة بهم. وقد نمت فرق الرحلات في منطقة الإسماعيلية وما حولها من الشعب، فأصبحت هناك فرق رحلات للإخوان في الإسماعيلية، ومن بعدها أبي صوير ثم بورسعيد، وقد شاركت شعبة من رهط الإسماعيلية في الاستعراض الذي تم في مجلس شورى الإخوان الثالث. (11)

كما قامت فرقة الجوالة وبعض أعضاء الجمعية بزيارة بلدة المحسن لافتتاح المسجد الذي أسسه على تقوى من الله ورضوان حضرة الحاج حسن الكيلاني وجعله مسجد الإخوان المسلمين هنالك، وقد تقدم الفرقة علمها وكان ترجمانها نشيدها، وقضوا إلى منتصف الليل يخطبون ويتذاكرون مجد الإسلام ويتعاهدون ليرجعن مجده ويشيدن ركنه، وفق الله المسلمين لإعادة التشريع الإسلامي فهو خير دستور وأبهر نور.

ولقد اهتم جوالة الإخوان منذ بدء الدعوة أن تكون لهم أناشيدهم الخاصة التي ينشدون بها في المناسبات المختلفة وكانت تلك الأناشيد تعبر عن غايتهم وهدفهم وتبث الحماسة في قلوبهم. وكان من أوائل تلك الأناشيد نشيد للشيخ أحمد حسن الباقوري، وكان يمثل النشيد الرسمي لجوالة الإخوان وكان وجود النشيد الرسمي لا يمنع من وجود أناشيد أخرى تتميز به كل فرقة من فرق الجوالة مثل نشيد جوالة "أبو صوير"

الذي جاء فيه:

أيها الإخوان هبوا

في إخاء واتحاد

وعن الإسلام ذبوا

واسلكوا نهج السداد

نحن أحفاد الكرام

قد دعا الدين فقمنا

وارتبطنا بالعهود

كل ما نبغي ونرجو

أن نرى ماضي الجدود

عاد أو نلقى الحمام

فكرة الإخوان أحيت

أنفسًا بعد الممات

وأضاءت في الدياجي

فانتبهنا من سبات

وخطونا للأمام

إن حياة فحياة

ذات مجد وشرف

أو جهاد فممات

مثل ما كان السلف

وكفى طول المنام

معشر الإسلام هلا

ضرنا غير الكسل

لا تناموا بعد هذا

هيا هيا للعمل

واتركوا عهد الكلام.

(12)

اهتمت الشعبة أيضا بعمارة المساجد حيث قامت شعبة أبو صوير بإصلاح مسجد واسع عظيم وترميمه وتعديل ودورة مياهه، وتعيين إمام خاص به يقوم بأداء الصلوات وبالتدريس فيه على نفقة الجمعية، كما أنشات الشعبة أيضا مدرسة ابتدائية تعنى فيها بالدين وتاريخ الإسلام، كما أنشأت ناد خاص بها أعد للمحاضرات والاجتماعات الدينية وجهز بما يلزم له من الأدوات والأثاث. (13)

وحينما استشرى فساد المبشرين قامت شعبة أبو صوير بجهد مشكور للتصدي لهذا الداء الذي حاول أن يستشري وسط الناس. لقد حاول المبشرون أن تمتد أصابعهم إلى أبي صوير شرقية فحاولوا افتتاح شعبة من مدرسة الإسماعيلية الإنجليزية الابتدائية بها، وصوروها للناس بصورة خدمة العلم والتعليم

ولكن سرعان ما انكشفت حيلتهم، وأعلنت جمعية الإخوان المسلمين بأبي صوير عزمها الأكيد على افتتاح مدرسة ابتدائية بالبلدة وألفت لجنة من خيرة الأهلين وأعضاء الجمعية لدراسة المشروع وإنفاذه بحيث يتم قبل بدء العام الدراسي، وقد باشرت اللجنة مهمتها بنشاط ذعر له المبشرون وجعلهم يعتقدون خيبة آمالهم في فريسة منتظرة. (14)

ولم يكتف الإخوان بما قامت به قيادتهم من تأليف اللجنة المركزية ومباشرة عملها من أجل فلسطين، بل قامت شعب الإخوان في الجهات المختلفة بتأليف لجان فرعية لجمع التبرعات ونشر القضية بين الناس ومنها أبو صوير.

فقد تكونت لجنة لمساعدة أسر مجاهدي فلسطين العربية، وانتخب الأخ محمد كامل محمد شحاتة سكرتيرًا لها. ومما يلفت النظر أن شعبة الإسماعيلية كانت أول الشعب تحركًا وأن وكيل اللجنة في شعبة أبي صوير كان مسيحيًا، وهو السيد بطرس أفندي رزق ناظر المحطة، وكان بعض أعضاء اللجنة من المسيحيين.

فقد تألفت لجنة من حضرات الأستاذ نائب الجمعية رئيسًا، وبطرس أفندي رزق ناظر المحطة وكيلاًً، والشيخ محمد جبر المدرس أمينًا للصندوق، والحاج محمود عبد الوهاب سكرتيرًا، والشيخ عيد الأزهري مساعدًا للسكرتير، وحنا أفندي وكيل البريد مراقبًا للحسابات.

وانتخبت للتحصيل حضرات الآتية أسماؤهم، الأستاذ محمد جبر، والشيخ محمد السيد بكري، وجرجس أفندي مسيحة، والحاج محمود عبد الوهاب والشيخ أيوب والريس مصري عبد السيد. (15)

وظلت الشعبة تتسع في عملها حتى اندلعت حرب فلسطين فشارع عدد من إخوان الإسماعيلية فيها، ودخلت الجماعة في طور المحنة فاعتقل من أبي صوير عدد من إخوانها، وتكاد تكون أخبارها قليلة في فترة الخمسينات والستينات.

أبو صوير بعد عبد الناصر

إبراهيم الجعفري وسليمان بقري نواب أبو صوير

ظلت المدينة تحتفظ بسمتها الإخوان حتى عاد الإخوان من السجون وبدأت الدعوة تدب مرة أخرى في أبي صوير، حتى كان تصريح الأستاذ محمد مهدي عاكف "المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين" الذي صرح فيه بأن شعبة الإخوان فى أبو صوير أحب الشعب إلى قلبه لأنها أول شعبة افتتحها الإمام الشهيد حسن البنا "رحمه الله" حيث جاء ذلك فى الكلمة التى ألقاها أثناء تأدية واجب العزاء لعائلة (أبوستيت) فى وفاة الحاج محمد أحمد أبوستيت. (16)

وفي انتخابات مجلس الشعب 2005م تم اختيار الأستاذ تم اختيار الأستاذ إبراهيم الجعفري نائبا عن الدائرة التي تشمل مدينة أبو صوير. ومما قام به خدمة لأهل أبو صوير عام 2009م أن تقدم بطلب إحاطة إلى المشير حسين طنطاوي (وزير الدفاع)، واللواء حبيب العادلي (وزير الداخلية) حول قيام مديرية أمن الإسماعيلية بتركيب أبراج تقوية لشركة موبينيل فوق المبنى الجديد لمركز شرطة أبو صوير المحطة.

وأوضح الجعفري أنَّه في الوقت الذي رفض فيه أهالي المدن وضواحيها تركيب تلك الأبراج فوق أسطح منازلهم لما يمكن أن ينتج عنها من أخطار إشعاعية تؤدي إلى مزيدٍ من أمراض السرطان نجد مركز الشرطة يسمح لها بهذا؛ مما يدل على مدى النفوذ الذي تتمتع به الشركة داخل أجهزة الأمن المصرية. وطالب الجعفري بالكشف عن أسرار السماح بتركيب تلك الأبراج فوق مركز الشرطة، ولمن يذهب مقابل هذا التركيب؟. (17)

وفي إطار حملته المستمرة للقوافل الطبية بأرجاء المحافظة نظم حزب الحرية والعدالة بالإسماعيلية قافلة طبية مجانية بمركز أبوصوير بدارمناسبات الصفا بعزبة أبوستيت والتي استفاد منها ما يقرب من 400 مواطن وتم صرف العلاج مجاناً لنسبة كبيرة تصل إلى 60 % من اجمالى العلاج ومن المظاهر الإيجابية لتفاعل أهالي المدينة مع القافلة قامت إحدى الصيدليات بالمدينة بتقديم خصم كبير على الأدوية التى لم تصرف من القافلة وصل الى 50% .

وشارك فى الكشف على المرضى بعض الأساتذة من جامعة قناة السويس منهم أ.د أحمد اللبان ، أ.د عصام عوض الله ، د بليغ صقر ، د عماد عبد الجواد ، د محمد طلبه ، د أحمد البيه فى تخصصات الجراحة والمسالك البولية – الأسنان – الأطفال – الأوعية الدمويه – العظام – الباطنة كما كانت هناك عيادة لتحليل السكر وصرف العلاج له . وبعض حالات الأشعة العادية وتم تحويل بعض الحالات الى مستشفى العام والجامعى بمتابعة من اللجنة الصحية بالحزب.

وجدير بالذكر أنه بعد انتهاء القافلة توجه أهالي أبوصوير بالشكر إلى أعضاء لجنة الشئون الصحية بالحزب – المنظمة – وطلبوا منهم إعادة القافلة مرات أخرى ثم ودعوهم بعد وعد منهم بتلبية طلباتهم بتكرار القافلة مع إضافة المزيد من التخصصات الطبية. (18)

وبناءً على جهود النواب بدأ العمل في شبكات الصرف، ففي منطقة "أبو صوير" و"الواصفية" و"السبع آبار" تمَّ إنجاز ما يزيد على 60% من الخطة، وكان د. الجعفري سعى إلى إدراج 4 ملايين جنيه لإنشاء محطة صرف صحي بـ"أبو صوير"، حيث تقدم بطلب إحاطة عن بركة الصرف التي تعيش عليها هذه القرى

كما أعد مذكرة للجنة الزراعة والري والاقتراحات والشكاوى عن تغطية المشروع الذي يروي 5 آلاف فدان، وأوصت اللجان بتوفير التمويل اللازم وأخذ موافقة المجلس على زيادة مناوبات الري بدائرة زمام المحافظة.

كما تقدَّم د. الجعفري بطلب إحاطة إلى م. أحمد المغربي (وزير الإسكان والمرافق) حول الأسباب التي أدَّت إلى تأخر شركة (المقاولون العرب) في تنفيذ مشروع الصرف الصحي بمدينة أبو صوير وقرية السبع آبار وقرية الواصفية، على الرغم من إدراج تلك المناطق في خطة الدولة.

ولقد تعرض العديد من إخوان أبى صوير للاعتقال على فترات متعددة ومن ضمنها حينما تقدم الإخوان لانتخابات المحليات عام 2008م قام الأمن باعتقال عدد من إخوان أبى صور

ومنهم:

1. محمد احمد قناوي – محاسب بالضرائب – أبوصوير .
2. عبد الكريم عبد الجواد عبد الكريم – مهندس – أبوصوير .
3. أحمد حسن احمد – مدرس ثانوي – أبوصوير .
4. إبراهيم عبد الكريم ابراهيم – ناظر مدرسة – أبوصوير.
5. أحمد عبد المعطي علي.
6. ماهر جريش .
7. محمود عليوة .

وفي انتخابات عام 2010م رشح الإخوان المهندس سليمان البقري على مقعد الفئات بالدائرة الثالثة بالإسماعيلية ومقرها مركز شرطة القنطرة غرب حيث قام بجولة انتخابية ناجحة بقرى مدينة أبو صوير بصحبة نائب الدائرة الحالي الدكتور إبراهيم الجعفري.

وحينما تقدم المهندس نصر أبو الحسن بالترشح على رئاسة نادي الإسماعيلي عام 2012م وأشاع أنه مرشح الإخوان، صرح إخوان أبو صوير بنفي ذلك حيث جاء فيه: نفى علاء أبو ستيت، مسئول الإخوان بأبو صوير الإسماعيلية، ما قاله المهندس نصر أبو الحسن، رئيس النادي الإسماعيلي الأسبق، حول طلب الإخوان ترشيحه لرئاسة مجلس إدارة الإسماعيلي فى الانتخابات، التى يتم التقدم لها حاليًا.

وقال أبو ستيت فى تصريحات صحفية، إنه لا صحة لما قاله أبو الحسن ولم يطلب الإخوان من أحد الترشح لمجلس إدارة النادي الإسماعيلية، وليس للإخوان أى مصلحة فى ترشح أحد دون غيره، مضيفًا لو أن أحدًا من الإخوان طلب من أبو الحسن، الترشح فهو يمثل نفسه ولا يتحدث باسم الإخوان، لأن الإخوان لهم متحدثون رسميون باسمهم. (19)

كما كان للجماعة في أبى صور دور قوى وقت رئاسة الدكتور محمد مرسي وذلك قبل أن يحدث الانقلاب في 2013م ويزج بالعديد منهم في السجون بل توفى عدد في السجون جراء الإهمال.

المراجع

1. أحمد المسلماني: مصر الكبرى، دار ليلى، 2012م
2. مصلحة عموم الإحصاء والتعداد، وزارة المالية - كراسة تعداد محافظات القناة والسويس ودمياط سنة 1927م، صـ47.
3. جمعة أمين عبد العزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، الكتاب الثاني، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2002م، صـ12.
4. حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، 2001م، صـ110.
5. حسن البنا: المرجع السابق، صـ112.
6. جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية: السنة الأولى، العدد 3 الخميس 6 ربيع أول 1352هـ - 29 يونيو 1933م.
7. جريدة الإخوان المسلمين: السنة الأولى، العدد 27 ، الخميس 23 شوال 1352هـ - 8 فبراير 1934م.
8. جريدة الإخوان المسلمين: السنة الأولى، العدد 27 - 23 شوال 1352هـ - 8 فبراير 1934م.
9. مجلة النذير الأسبوعية: السنة الأولى، العدد 6 ، 6 جمادى الأولى 1357هـ - 4 يوليو 1938م، صـ8.
10. جريدة الإخوان المسلمين: السنة الأولى – العدد 22 – 26 شعبان 1352هـ - 14 ديسمبر 1933م.
11. جريدة الإخوان المسلمين: السنة الثانية، العدد 43 ،أول محرم 1354هـ - 4 أبريل 1935م
12. جريدة الإخوان المسلمين: السنة الثانية، العدد 43 ،أول محرم 1354هـ - 4 أبريل 1935م
13. جمعة أمين عبدالعزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، الكتاب الثاني، صـ 300
14. جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية: السنة الأولى، العدد 6 - الخميس 27 ربيع الأول 1352هـ - 20 يوليو 1933م.
15. جمعة أمين عبد العزيز: مرجع سابق، الجزء الثالث.
16. موقع إخوان الإسماعيلية: أبريل 2011م.
17. موقع إخوان الإسماعيلية: الجعفرى: محطة "موبينيل" فوق شرطة أبو صوير، 2009م
18. موقع إخوان الإسماعيلية: قافلة طبية ناجحة للحرية والعدالة بأبوصوير
19. إخوان أبو صوير ينفون ترشح أبو الحسن لرئاسة الإسماعيلي عن الجماعة اليوم السابع، الخميس، 12 يوليو 2012م