قسم الإتصال بالعالم الإسلامي
إعداد: موقع إخوان ويكي
أولا: تمهيد
انطلق الإخوان المسلمون من الفكرة الإسلامية التى تدعو المسلمين جميعا إلى التوحد تحت رآية الإسلام إشارة إلى عالمية الدعوة الإسلامية التى لا تعرف حدودا أو قيودا ،وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك فى كثير من الآيات ،قال تعالى : " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) " (آل عمران) ؛ وقوله تعالى:" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) (الحجرات).
وأشار إلى ذلك الحديث الشريف ،ومنه : قوله صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " (رواه مسلم) ، وقوله: " المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً " (رواه مسلم) .
ومن هنا انطلق الإخوان المسلمون بهذ النظرة إلى عالمية الدعوة ،و يسوق الإمام البنا الآيات والأحاديث التى تدعو إلى الأخوة والوحدة ثم يقول :"فالإسلام والحالة هذه لايعترف بالحدود الجغرافية ،ولايعتبر الفوارق الجنسية الدموية ،ويعتبر المسلمون جميعا أمة واحدة،ويعتبر الوطن الإسلامى وطنا واحدا مهما تباعدت أقطاره وتناءت حدوده،وكذلك الإخوان المسلمون يقدسون هذه الوحدة ،ويؤمنون بهذه الجامعة ويعملون لجمع كلمة المسلمين وإعزاز أخوة الإسلام ينادون بأن وطنهم هو كل شبر أرض فيه مسلم يقول لاإله إلا الله محمد رسول الله ".
ومن منطلق الوحدة التى تجمع الدول الإسلامية ، ينبغى عليها أن تتحد تحت حكم واحد فى خلافة إسلامية تجمع الشعوب الإسلامية تحت رآية واحدة ، لذلك يقول الإمام البنا في رسالة المؤتمر الخامس : " يعتقد الإخوان أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام، كما أنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكير في أمرها والاهتمام بشأنها، والخليفة مناط كثير من الأحكام في دين الله، حتى إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قدموا النظر في شأنها في سقيفة بني ساعدة على النظر في تجهيز النبي صلى الله عليه وسلم ودفنه؛ ولذلك فإن "الإخوان المسلمون" يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس منهاجهم، وإن ذلك يحتاج لكثير من التمهيدات التي لابد منها من تعاون ثقافي واجتماعي واقتصادي بين الشعوب الإسلامية كلها، ثم تكوين الأحلاف والمعاهدات، وعقد المؤتمرات بين هذه الدول حتى ينصب إمام وخليفة للمسلمين يجمع شمل المسلمين ويحرر الأراضي المحتلة.
ثانيا :انتشار دعوةالإخوان خارج مصر
وقد حرص الإمام البنا على بلوغ الدعوة جميع الأقطار قدرالإمكان ، فدعوة الإخوان هى الدعوة للإسلام فى شموليته وعالميته، و لذلك كان من أهم الوسائل التى ساعدت فى نشر الدعوة خارج مصر :
1.إرسال الإخوان للدعوة خارج مصر؛ فكان أول مبعوث للإخوان المسلمين الأقطار إلى فلسطين وسوريا ولبنان الإخوان: عبد الرحمن الساعاتى ومحمد أسعد الحكيم ،وقد قابلا فى بيت المقدس مفتى فلسطين محمد أمين الحسينى ثم ذهبا إلى دمشق وصليا فى الجامع الأموى وخطبا فيه لدعوة الإخوان المسلمين وقابلا زعماء الحركة الإسلامية وقوبلت دعوتهم بالترحيب والإعجاب ، ثم توالت بعد ذلك زيارات الإخوان لنشر الدعوة خارج مصر.
وقد انتشرت الدعوة فى سوريا فى وقت مبكر ففي عام 1356ه /1937 م أسس في حلب أول مركز مرخص لجماعة الإخوان رغم تضيق الاستعمار الفرنسي الغاشم، وبدأت منذ ذلك الوقت الاتصالات الوثيقة مع الإخوان في مصر ولاسيما فضيلة المرشد العام ثم تتالى تأسيس المراكز المرخصة في دمشق وحمص وحماة واللاذقية ودير الزور في محافظات سوريا ، وفي لبنان أسس مركز بيروت وطرابلس .
ويوضح الأستاذ جمعة أمين أثر زيارة عبد الحكيم عابدين لالأردن بقوله: وفي صيف 1945 زار الأستاذ عبد الحكيم عابدين الأردن أثناء عودته من سوريا بعد انتهاء البعثة الطبية للإخوان فيها، وكان من ثمرات هذه الزيارة مقابلته الملك عبد الله، والذي قابله بحفاوة وتقدير، مما جعل الأستاذ عبد الحكيم عابدين يحدثه في موضوع الأستاذ عبد المنعم الرفاعي بك الذي غضب منه الأمير بسبب مسعاه لمساعدة سوريا ولبنان في محنتيهما من أثر العدوان الفرنسي الغاشم عليهما، وقد ظفر الأستاذ عابدين بغنيمتين في هذه الزيارة: الأولى: انشراح صدر الأمير عبد الله للإخوان ودعوتهم حتى إنه طلب من عابدين نقل تحياته إلى فضيلة المرشد، وكلفه أن يدعو المرشد لزيارة الأردن ، وقد أشار الأستاذ عبد الحكيم بقوله: لما هممنا بالانصراف قال لي الأمير عبد الله: أنتم الآن في نظري خلاصة أهل الإيمان في هذه الدنيا، وأنا أحب أن أعلن عن تقديري لكم بصورة أقرب إلى نفسي، وأعطاه مصحفا ورثه عن أجداده هدية للإمام الشهيد حسن البنا، وطلب منه أن يبلغه أن هذا بيته ومقره، وأنه مشتاق لرؤيته ، وطلب منه ألا تنقطع زيارات الإخوان ، وأن تعتبر بلاد الأردن كلها فرع من الإخوان المسلمين، وأن الملك رئيس هذا الفرع .
والثانية: أن الحاج عبداللطيف أبوقورة قد عقد لعبدالحكيم عابدين عدة لقاءات في مدن وقرى الأردن مع بعض المثقفين وعلية القوم، فأثمرت للدعوة العديد من الشخصيات المؤثرة في المجتمع، يقول الأستاذ عبد الحكيم عابدين عن تلك اللقاءات وحماسة الحاج عبداللطيف أبو قورة للدعوة: "فما كان يتركني ليلاً ولا نهارًا أبدًا، وكانت له مكانة عظيمة في البلاد، وكلمة لا ترد عند وجهاء البلاد ووزرائها وكبار تجارها الذين يحضرون تلك اللقاءات، ويحضر جميع الوجهاء والوزراء والشخصيات .
ولقد ساهمت هذه الرحلة في توطيد دعائم الفكر الإخواني داخل المجتمع الأردني، وكذلك هيأت المناخ المناسب لتأسيس وافتتاح المركز العام للإخوان في الأردن، وذلك في يوم 19/11/1945، وتحت رعاية الملك عبد الله نفسه، ثم جاء رد مجلس الوزراء بالموافقة على الطلب المقدم من( أبو قورة ) لإنشاء جمعية إسلامية تحت اسم: "جماعة الإخوان المسلمين" هذا نصه: "قرر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 9من كانون الثاني (يناير) 1946 السماح للوجيه إسماعيل بك البلبيسي وإخوانه السادة عبد اللطيف أبو قورة وإبراهيم جاموس، وراشد دروزة، وقاسم المصري وغيرهم بتأسيس جمعية في شرق الأردن تدعى جمعية الإخوان المسلمين .
2.الاهتمام بالشخصيات البارزة فى مصر ، ومن ذلك زيارة الإمام البنا وبعض الإخوان لمحافظ المدينة المنورة السيد /عباس القطان أثناء تواجده فى مصر لإجراء عملية جراحية فى عينه،وقد كانت هذه سياسة عامة لمكتب الإرشاد أوضحها سكرتير المكتب محمد أسعد راجح فى تقريره عن أعمال مكتب الإرشاد،كما ذكرت جريدة الإخوان الأسبوعية فى العدد(43) سنة 1935م حيث جاء فيه :"قام المكتب إلى جانب هذه الأعمال التى ذكرنا بقسط كبير من أعمال أخرى ،كان ينتهز فرصة وجود الزعماء المسلمين من خارج القطر ويتصل بهم اتصالا متينا ؛لا زيارة ثم ردها ،بل اتصال وثيق متين أو إن شئتم فقولوا إبلاغ الدعوة إليهم ..
3. الاهتمام بالطلاب الوافدين من مختلف البلاد للدراسة بالأزهر الشريف ،فهؤلاء بعد أن اقتنعوا بالفكرة واستوعبوا الدعوة أصبحوا سفراء لها فى بلادهم.حيث كان المركز العام للإخوان المسلمين موضع التقاء هؤلاء الطلاب ، وكان الإخوان يهتمون بهم ويحرصون على متابعة أخبارهم وحل ما يعترضهم من مشكلات ،فقد ساعد الإخوان الطلاب الإندونسين الموفدين إلى الأزهر الشريف عندما ضغط الاستعمار الهولندى للبلاد على الحكومة لتقطع المعونات المالية عنهم .
4. الدعوة فى مواسم الحج : الحج مؤتمر عالمى يجتمع فيه المسلمون من جميع أقطار الأرض بلغات وأجناس وثقافات مختلفة،ومكان لتدارس شئون المسلمين ،وقد حرص الإمام فى رحلاته للحج سنة1936 م على التعرف على وفود المسلمين من كل بلد إسلامى فى العالم والتحدث معهم ودراسة أحوالهم ومناقشة مشاكلهم والتعرف على مستواهم الثقافى والدينى ومستوى فهمهم للإسلام وعلاقته بالحياة ومعرفة مدى تسلط الاستعمار على بلادهم وغيرذلك .
ثانيًا: إن دراسة أحوال المسلمين في البلاد الإسلامية في أنحاء العالم ضاعفت العبء الملقى على عاتق الإخوان تجاه نشر الدعوة فى هذه البلاد و يقتضي ذلك مضاعفة الجهد فى بعث الحياة فيها،وأدرك الإخوان أن الفرق شاسع بين مستوى هذه البلاد ومستوى مصر سواء في الدنيا أو في الدين .
أما الثمرة الكبرى لهذه الرحلة فهي حديث الإمام البنا أمام مؤتمر الشباب العربي السعودي ؛ حيث اعتاد الملك عبد العزيز آل سعود أن يدعو كل عام كبار المسلمين الذين يفدون لأداء فريضة الحج إلى مؤتمر بمكة المكرمة تكريمًا لهم ، وليتدارسوا أحوال المسلمين في العالم ، وكان في وفود الحجاج من كل بلد إسلامي في العالم وزراء وأمراء وزعماء سواء في ذلك البلاد العربية وغير العربية، فكان من مصر و سوريا ولبنان والعراق واليمن وإمارات الخليج وشمال إفريقية حكام وزعماء، وكان من بلاد إفريقية الوسطى والجنوبية، ومن جميع البلاد الإسلامية في آسيا، ومن جاليات المسلمين في أمريكا الجنوبية وأوروبا.
وعلم الإخوان بموعد هذا المؤتمر وبمكانه الذي سينعقد فيه ، فأعد الإمام البنا نفسه والإخوان . ودخلوا فاتخذوا أماكنهم في نهاية الجالسين ، وبدأ المؤتمر بكلمة ترحيب من مندوب الملك ثم قام مندوب من كل بلد إسلامي فتكلم بلغة بلاده، فألقيت عشرات الخطب بعشرات اللغات ومنها العربية ثم أعلن مندوب الملك انتهاء المؤتمر، وأصبح مسموحًا لمن شاء من الحاضرين أن يتقدم بملاحظاته إن كان له ملاحظات.. فطلب الإمام البنا الكلمة واعتلى المنصة وارتجل كلمة كانت أطول كلمة ألقيت، وكانت الكلمة الوحيدة التي أيقظت الحاضرين، وقوبلت بالإعجاب، واهتزت لها المشاعر، وبعثت في المؤتمر جوًّا من الحيوية الدافقة، وما كاد ينهي كلمته حتى أقبلت عليه جميع الوفود تعانقه، وتشد على يديه، وتعاهده وتطلب التعرف عليه وعلى من معه، وتفتح قلوبها للفكرة التي تضمنتها كلمته .
وكان لهذه الكلمة صدى كبير في المجتمع السعودي؛ لذلك حرصت جريدة أم القرى السعودية على نشر كلمة الإمام البنا كاملة ، وكان ذلك في عام 1936م.
أما في بعثة حج عام 1945م وهي التي استأنف فيها الإخوان رحلاتهم إلى الحج ، فقد أقامت بعثة الإخوان المسلمين حفلاً بفندق بنك مصر بمكة المكرمة ، ودعت عِلية القوم من الوزراء وكبار رجال الأعمال بمكة والقائمين بشئونها الحكومية والتجارية والعملية، ودعت إليه مبعوثي الأقطار الإسلامية كالهند وفلسطين والمغرب والشام، ولبنان، وشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير منصور، والأمير عبد الله الفيصل نيابة عن جلالة الملك عبدالعزيز، واحتشدت جموع الحجيج بعد خروجهم من صلاة العشاء في عرض الميدان يستمعون إلى ما يلقى من كلمات وخطب.
وأشرف على تنظيم الحفل بعثة الإخوان بالاشتراك مع شباب مكة ، ولا شك أن ذلك أعطى فرصة كبيرة للتعارف والتآلف بين الإخوان المسلمين وأهالي مكة والحجاز خاصة، ووفود الحجيج من البلدان الإسلامية عامة مما يساعد على انتشار الدعوة.
ومن اللافت للنظر أن الإمام الشهيد كان يتحرى في كل هذه المناسبات أن يخطب للجمهور، موضحًا طريقة الهداية والرشاد، وكيف سار فيه رسولنا الكريم (ص) وتبعه الصحابة والتابعون، وواجبنا في السير على هداهم والاقتداء بسيرتهم، إلى غير ذلك من المعاني والمبادئ التي يحتويها إسلامنا، وهو لب دعوة الإخوان. وقد كان لذلك أعظم الأثر في نفوس الجمهور المتعطش إلى معرفة الإخوان، ومرشد الإخوان .وفى رحلة الحج سنة 1946م التقى الإمام البنا بالملك عبد العزيز وتناقش معه حول القضية الفلسطنية ، وأعجب الملك عبد العزيز برأى الإمام البنا الذى يتلخص فى إبعاد الجيوش النظامية عن الصراع ودعم حرب العصابات ضد اليهود.وهكذا كانت رحلات الحج لها أثر كبير فى نشر الدعوة بين الحجيج الذين جاءوا من مختلف البلاد.
5.الاهتمام بأخبار العالم الإسلامى وتبنى قضاياه فى صحافة الإخوان ،فكُتب فى العدد الأ ول من جريدة الإخوان الأسبوعية سنة 1933م : جريدة الإخوان تعتبر نفسها خادمة كل مسلم مهما كان وطنه أوجنسيته، ولا ترى أهل القبلة إلا رجلا واحدا كما مثلهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهى لهذا تنقل إلى قرائها مجمل أخبار العالم الإسلامى ، ليلم بها كل قارىء ،وليقوم كل مسلم بما يجب عليه نحو الأخوة الإسلامية العامة ، غير متحيزة إلى فريق أو مائلة ناحيته
، ولكنها ترجو الخير لكل مسلم . وفى هذا الباب تناول الإخوان الإسلام فى مناطق كثيرةمن العالم ،منها: الصين وإندونسيا و المغرب وإيران والهند وغيرها من بلاد العالم.
ثالثا: إنشاء قسم الاتصال بالعالم الإسلامي
كان من أهم الأسباب التى أدت إلى إنشاء هذا القسم:
1. العمل على توطيد الدعوة فى البلاد التى أنشئت فيها شعب للإخوان ومتابعة أنشطتها ،فقد ذكرت جريدة الإخوان الأسبوعية فى العدد (39) سنة 1935م أن للإخوان فروعا فى الحجاز والشام وفلسطين والمغرب الأقصى والهند وجيبوتى ،وقد تزايد عدد شعب الإخوان فى الخارج سنة 1937م فى إحدى عشر دولة كما ذكرت جريدة الإخوان الأسبوعية فى العدد(4)لسنة 1937م ،وقد قسمت بنفس التقسيم الإدارى للإخوان فى مصر ،فقسمت العالم إلى مناطق والمنطقة إلى دوائر،والدائرة إلى شعب ،وبلغت عدد المناطق فى هذه السنة عشرين منطقة.
2. توحيد البلاد الإسلامية ، ورفع الحواجز، وتقوية روابط الإخاء بين الشعوب الإسلامية، والاعتصام بالوحدة العربية الإسلامية، ومساندة حركات التحرر من الاستعمار فى العالم الإسلامى .
أما عن التسمية بهذا الاسم ، فيقول عبد الحكيم عابدين : وكانت هذه التسمية نفسها عجيبة من عجائب حسن البنا؛ إذ إنه رفض اقتراحنا تسميته ( قسم شئون العالم الإسلامي )، ورفض كذلك تسميته ( قسم الشئون السياسية الإسلامية العالمية) ، وقال: سنسميه بأقل الأسماء تعبيرًا عن المضمون ،( قسم الاتصال بالعالم الإسلامي) . رغم أن الواقع العملي لهذا القسم يختلف اختلافًا كبيرًا مع اسمه فلم يكن الاتصال فقط هو محور اهتمام هذا القسم، بل إنه كان يساعد على التخطيط والتنفيذ لكل حركات التحرر في العالم الإسلامي . وقد أنشىء قسم الاتصال بالعالم الإسلامي في أوائل عام 1944م ؛ وقد تولى رئاسة القسم عند تأسيسه الأخ عبد الحفيظ سالم الصيفى ، وفى بداية عمله تقرر إرسال بعثة لبعض الأقطار الشقيقة. . ولما كان القسم فى بدايته فقد انتدب مكتب الإرشاد كلا من الأخوين عبد الحكيم عابدين وعبد الرحمن الساعاتى لزيارة الأقطار العربية الشقيقة بالشام ؛ وذلك لسابق خبرتهما فى ذلك، لا سيما عبد الرحمن الساعاتى الذى زار الشام وفلسطين قبل ذلك .
أهدافه : من أهم الأهداف التى أنشىء من أجلها قسم الاتصال بالعالم الإسلامى كما ورد بالائحة الخاصة بالقسم :
1- العمل على ربط الأقطار الإسلامية بعضها ببعض، وتوحيد السياسة العامة لها، ويتم ذلك بعدة طرق منها: توحيد مناهج الثقافة الإسلامية، وتوحيد القوانين والتشريعات الاقتصادية والصناعية والقضائية، ورفع الحواجز الجمركية، وتسهيل إجراءات الدخول والإقامة بين هذه الأقطار، وتبادل البعثات الفنية والعسكرية وبعثات المدرسين وغيرها، وتقوية روابط التعرف والإخاء بين الشعوب، وإزالة عوامل الفرقة والانقسام بينها.
2- أما الغرض الثاني فسوف يكون على مرحلتين:
• المرحلة الأولى: العمل على تحرير الأقطار الإسلامية من كل سلطان أجنبي، وهذا لا يعني عند الإخوان المقاومة المسلحة فقط، بل يعني معها إيثار العادات والمظاهر الإسلامية في كل شيء، البعد عن كل مظهر غير إسلامي، والتحدث باللغة العربية الفصحى ما أمكن ذلك، والاعتصام بالوحدة العربية والإسلامية، وإظهار محاسن الإسلام والاعتزاز بتعاليمه وحملها إلى الناس جميعًا، وإذكاء الروح الوطنية، والعناية بالثقافة القومية والمقومات الاجتماعية لكل قطر من هذه الأقطار.
• أما المرحلة الثانية فهي: إقامة دولة إسلامية، وذلك عن طريق إقامة حكومة إسلامية في كل هذه البلاد، وربط هذه الحكومات بوضع سياسي يحقق وحدتها، ويتفق عليه رؤساؤها وممثلوها الحقيقون. 3ـ إنشاء شعب للإخوان المسلمين تحقق هذه الوسائل فى مختلف بلاد العالم العربي الإسلامي.....إلى غير ذلك من الأهداف التى أوضحتها لائحة القسم .
رابعا:تنظيمه
بدأ القسم بتكوين لجان تعمل حسب الظروف والأوضاع القائمة داخل الأقطار، ومن ضمن هذه اللجان :
1ـ لجنة الشرق الأدنى، وتضم البلاد العربية والشعوب الإسلامية فى أفريقيا.
2ـ لجنة ا لشرق الأقصى، وتشمل دول شرق آسيا ووسطها.
3ـ لجنة الإسلام فى أوروبا.
خامسا: أبرز أعلام
وقد وضعت بعض الصفات التى يجب أن يتصف بها العضو فى هذه اللجان؛ مثل النزاهة والصدق والإيثار والاجتهاد فى العمل، واشترط ألا يزيد ممثلو أى قطر فى أى لجنة من اللجان عن ثلاثة أعضاء كما ورد بلائحة القسم .
وكان معظم أعضائه من طلاب الجامعة ، من طلاب الأزهر المغتربين الذين انضموا إلى دعوة الإخوان المسلمين ،ومنهم :
1- الدكتور توفيق الشاوي من مصر، كان طالبا بكلية الحقوق ، تعرف على دعوة الإخوان وأصبح من أبنائها وقد انتدبه الإمام البنا للعمل الإسلامي منذ أن كان طالبًا منذ سنة 1937م؛حيث كان يتصل بالطلاب المغتربين.ولما تأسس قسم الاتصال بالعالم الإسلامى أصبح الشاوى عضوا فيه.
وكان يدرس الدكتوراه بكلية الحقوق ، وعندما فُتِحَ باب البعثات في عام 1945م لدراسة الدكتوراه كانت بعثته إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبعد أن استعد للبعثة ذهب ليزور الأستاذ البنا وأخبره بشأن هذه البعثة، فاقترح عليه أن يغير اتجاه البعثة من أمريكا إلى فرنسا ، وأخبره بأن الدعوة تحتاجه في فرنسا لمساعدة مجتمعات المجاهدين هناك ، الذين يحاولون أن ينظموا أنفسهم ، ثم طلب منه بعد ذلك الالتقاء بالمجاهد الكبير شكيب أرسلان . وبالفعل سافر توفيق الشاوي إلى فرنسا وقام بالدور الذى أراده الإمام البنا والتقى بمفتى فلسطين الحاج أمين الحسيني فى فرنسا وكان فى الإقامة الجبرية بسبب مطاردة الانجليز له وساعده فى الهروب من فرنسا إلى مصر ،وكان أكثر نشاط الشاوى فى هذا القسم خاص ببلاد شمال افريقيا ،وتوطدت علاقته برجال الحركة التحررية مثل :علال الفاسى والفضيل الورتلاني والحبيب بورقيبة وغيرهم وتبنى قضاياهم خاصة عندما كان مندوبا للجامعة العربية لدى هيئة الأمم المتحدة عام 1949م.
2-محمد محمود الصواف ، من أعلام الدعوة بالعراق ،كان وقتها طالبا بالأزهر سنة 1943م ثم تعرف على دعوة الإخوان، وانضم إلى العمل الدعوى بقسم الاتصال بالعالم الإسلامى يقول الأستاذ محمد محمود الصواف عن علاقته بالدعوة و بقسم الاتصال بالعالم الإسلامى : وأخيرا استقر بى المقام بلقاء الإمام الشهيد رحمه وحضرت دروسه في المركز العام في الحلمية وأعجبت بنشاطه وأسلوبه الحكيم والرصين في الدعوة إلى الله ، وتوثقت علاقتي بالجماعة وعملت في محيطها فأسسنا فيها قسم الاتصال بالعالم لإسلامي بالتعاون مع الأخ عبد الحفيظ الصيفى من مصر والأخ الفضيل الورتلاني من الجزائر والأخ إسماعيل مندا من إندونيسيا ،فكنا نقيم كل ثلاثاء قبل درس الثلاثاء اجتماعا فى المركز العام لنباشر عملنا فى القسم .
ولقد كتبت مجلة الإخوان المسلمين تحت عنوان ( نجاح أخ كريم): يسر قسم الاتصال بالعالم الإسلامي بالمركز العام للإخوان المسلمين أن يزف التهنئة الحارة الخاصة إلى أحد أعضائه العاملين الأخ الكريم الأستاذ محمد محمود الصواف رئيس البعثة العراقية بالأزهر، وقد كان نجاحه ممتازا في الشهادة العالية بكلية الشريعة وهو أول عراقي ينالها ومما يزيد فخرا أنه أول سباق إلى اجتياز مرحلة الدراسة لهذه الشهادة في سنتين رغم أن مدتها أربع سنوات وقد أثنى مجلس الأزهر على كفايته العلمية وهمته العالية .
ولما عاد الشيخ الصواف إلى العراق سعى إلى الاهتمام بما تهدف إليه دعوة الإخوان المسلمين بصفة عامة و قسم الاتصال بالعالم الإسلامى الذى يعمل به بصفة خاصة ، لذلك عمل على نشر الدعوة بالعراق ، والجهاد من أجل تحريره، والاهتمام بالقضية الفلسطينية ؛لأنها قضية الأمة لا قضية أهل بلد معين ،ويجب على الأمة أن تقوم بواجبها نحوها ، وبذل فى ذلك جهودا كبيرة كان لها بالغ الأثر فى العراق والبلاد العربية التى زارها .
3-الفضيل الورتلاني من أعلام الحركة الإسلامية وزعماء التحرر من قيود الاستعمار فى الجزائر ، عمل على محاربة الاستعمار الفرنسى ، وانتهز فرصة وجوده فى فرنسا وقام بجهود كبيرة أزعجت الحكومة الفرنسية ،فاضطهدته ، مما دفعه إلى الخروج منها حتى وصل إلى مصر ،وفيها توثقت صلته بحسن البنا،وأصبح من الإخوان المسلمين ، وكان ينوب عن الإمام البنا فى إلقاء دروس الثلاثاء عند انشغاله ، وامتد نشاط الورتلانى إلى مساندة الأحرار فى اليمن ،وكانت البلاد تموج بحركة معارضة قوية ورغبة فى الإصلاح والتغيير، وكان الإمام البنا على علم بما يجرى فى اليمن ومن تطلع أهلها للخروج من المعاناة والتخلص من عوامل الفساد ،لذلك أوفد الفضيل الورتلاني إلى اليمن سنة 1366هـ/1947 م ونجح فى توحيد صفوف المعارضة ، وإزالة أسباب الخلاف بينها حتى استطاعت المعارضة إزاحة الإمام يحيى والوصول إلى الحكم واتهم الورتلانى بمحاولة انقلابية فقبض عليه ثم أفرج عنه،فغادر اليمن ورفضت الدول العربية استقباله ،بينما وافقت لبنان على استقباله سرا.وظل بعيدا عن مصر حتى جاءت ثورة 1952م ،فعاد إليها.
سادسا: أهم أنشطته فى تلك الفترة
قام القسم بدراسة القضايا العربية والإسلامية المختلفة، وعرضها على الشعوب المظلومة والرأى العام العالمى، وكانت وسائلهم فى ذلك المحاضرات العامة والكتابة فى الصحف والمراسلات، وإصدار النشرات، وعقد المؤتمرات.
وقد قام القسم بعقد مؤتمر دعا إليه مندوبى الهيئات العربية والإسلامية ولفيفًا من أبناء الأقطار الشقيقة بمصر؛ وذلك لبحث قضايا طرابلس والجزائر ومراكش وفلسطين؛ وذلك بسبب موقف دول الحلفاء من تلك القضايا ومناهضتهم لحقوق تلك الدول.
وتكونت لجنة للبلاد الإسلامية في الشرق الأوسط، ولجنة للبلاد الإسلامية في الشرق الأقصى، ولجنة للمسلمين في أواسط آسيا، ولجنة للمسلمين في أوروبا، وابتدأت اللجان أعمالها بجمع المعلومات عن البلاد الإسلامية، وتأليف الرسائل المتسلسلة عن كل بلد منها، وقد تم تأليف رسالتين حتى تاريخ 31/1/1945 م.
إحداهما: عن الصين وطبعت بعنوان: "الصين والإسلام"، والذي قام بتأليفها محمد تواضع رئيس البعثات الصينية بالأزهر الشريف، والعضو بقسم الاتصال بالعالم الإسلامي.
وثاينهما: عن إندونيسيا: وتم تحديد يوم الخميس من كل أسبوع موعدًا لمحاضرات عن العالم الإسلامي في دار الإخوان المسلمين الكائنة بميدان الحلمية الجديدة.
ولم ينس الإخوان قضيتهم الأولى فلسطين، والتي كانت محور اهتمام قسم الاتصال، كما ذكر الدكتور توفيق الشاوي في مذكراته حول أعمال قسم الاتصال فقال: وكان العاملون في القسم يدرسون معًا قضايا العالم الإسلامي، ويتولى كل واحد منهم حفظ ملفات قضية أو أكثر من تلك القضايا ومتابعتها، ولقد كان عددنا يتزايد ويتناقص حسب الظروف؛ لأن أغلب العاملين به كانوا من الطلاب الذين يعودون إلى بلادهم عند انتهاء دراستهم، وعندما يغيب أحدنا كان ينوب عنه أحد زملائه من العاملين في القسم أو غيرهم من المتطوعين من الإخوان سواء كانوا من أبناء وطنه أو من غيرهم، وكانت قضية فلسطين هي الأولى، وكنا جميعًا نسهم فيها كل بنصيب .
لذلك كانت أوائل أعمال القسم تصب في الدفاع عن القضية الفلسطينية ومقاومة توطين اليهود بفلسطين، ولقد اتخذ القسم عدة إجراءات لتنفيذ ذلك منها: إرسال مذكرة إلى وزير أمريكا المفوض بمصر يستنكرون فيها تصريح الحزبين الجمهوري والديمقراطي تشجيع فكرة إقامة وطن قومي للصهيونية في فلسطين ، وأن مثل هذه التصريحات تضر بالعلاقات بين أمريكا ودول الشرق.
وأرسل الإخوان صورة من هذه المذكرة إلى رئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا مستحثين إياه بذل المزيد من الجهد والعناية بهذه القضية.
ورغم عظم القضية الفلسطينية إلا أن نشاط القسم بدأ يتنوع ليشمل التفاعل مع باقي قضايا العالم الإسلامي؛ لذلك أرسل القسم مذكرة أخرى لأمين الجامعة العربية يحثه فيها على اتخاذ إجراءات محددة لمساعدة الجزائر ومراكش على التحرر من الاحتلال تتمثل في:
1- تقديم مساعدات مادية وأدبية لثوار الجزائر.
2- اشتراك أبناء هذه البلدان في اللجان الفرعية على قدم المساواة مع أبناء البلاد العربية الأخرى.
3- تعيين طائفة من أبناء هذه البلاد في المناصب الرئيسة في إدارة الجامعة.
4- اشتراكهم في مكتبي الدعاية بلندن وواشنطن.
وختمت المذكرة بقولهم: وطلبنا هذا ليس فيه ما يعسر تنفيذه على الجامعة العربية من هذه الساعة، وذلك أقل ما نشعر به هؤلاء الإخوان المجاهدين من عواطفنا نحوهم وصلتنا بهم؛ لنحبط تلك الدعاية الواسعة العريضة التي يحاول بها الفرنسيون إقامة سدود بيننا وبين خمس وعشرين مليونًا من إخواننا في العروبة و الإسلام، وصرف وجوههم نحو الفرنسة .
ولقد امتد نشاط القسم ليشمل مساعدة المسلمين في غرب إفريقيا، فبعثوا مذكرة إلى رئيس الديوان الملكي يطلبون فيها مساعدة المسلمين في السنغال على إنشاء معهد ديني تابع للجامعة الأزهرية على أرض السنغال، وقد أوفدت السنغال إلى مصر وفدًا لطلب مساعدة الجهات المختصة في ذلك.
ولم يقتصر نشاط القسم على المذكرات المؤكدة على النصح والإرشاد أو الاستنكار، بل تعدى ذلك إلى عقد المؤتمرات، والتي دُعي إليها مندوبو الهيئات العربية والإسلامية ولفيف من أبناء الأقطار الشقيقة عبر اجتماع عام لبحث قضايا طرابلس وتونس والجزائر ومراكش وفلسطين آنذاك، وموقف دول الحلفاء منها، ولقد نشرت مجلة الإخوان تفاصيل هذا الاجتماع تحت عنوان:( مؤتمر الهيئات العربية والإسلامية في دار الإخوان ) ، والذي حضره سعادة عبد المجيد إبراهيم صالح باشا مع وفد كبير من أعضاء الاتحاد العربي، ومندوبي جمعيات الشبان المسلمين والوحدة العربية، والهداية الإسلامية، وجبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية، والأستاذ حبيب بورقيبة زعيم تونس ، وأبناء الجاليات العربية والإسلامية ب مصر، كما نشرت مجلة الإخوان تفاصيله قائلة: وقد افتتح الاجتماع الأستاذ توفيق الشاوي مندوب قسم الاتصال بالعالم الإسلامي ، ثم تحدث ممثلو ليبيا منوهين باتحاد أبناء طرابلس وبرقة واجتماع كلمتهم على وحدة القطر الليبي واستقلاله وانضمامه إلى الجامعة العربية.
ثم ألقى الأستاذ الفضيل الورتلاني كلمة حركت المشاعر وأدمت القلوب وأثارت عاصفة من الاشمئزاز والسخط على الأفعال الوحشية الهمجية التي يرتكبها الفرنسيون في الجزائر ومراكش و تونس من تقتيل وتعذيب واضطهاد واستباحة الأعراض والأرزاق والأرواح وخنق للحريات، حتى أصبح شمال إفريقيا وقد ضرب عليه الحصار من كل جانب، وأصبح ثلاثون مليونًا من العرب في سجن دونه سجن الباستيل، ثم تحدث الأستاذ الحبيب بورقيبة فتدفق حديثه قويًّا مدويًا، بينما وقف سعادة عبد الحميد باشا إبراهيم معقبًا على الحبيب بورقيبة ومعتذرًا عن تقصير المسلمين تجاه |إخوانهم في شمال إفريقيا؛ لأنهم جميعًا غرقى، وختم كلمته ببشرى للمسلمين جميعًا؛ لأن المستقبل لن يكون إلا لهم.
وفي نهاية الاجتماع اتخذ المؤتمرون القرارات التالية:
أولاً: تأييد الشعب الليبي وزعمائه فيما يطالبون به من الاستقلال والوحدة للقطر الليبي والانضمام إلى الجامعة العربية.
ثانيًا: استنكار أعمال الاعتداء الوحشية التي ترتكبها فرنسا في بلاد تونس ومراكش من تقتيل وتخريب وزج للأحرار في السجون، وخنق للحريات، وإباحة للأعراض والأرزاق والأرواح، وكذلك ما تفعله أسبانيا في منطقتها بمراكش.
ثالثًا: إنذار فرنسا بأن العالم العربي والإسلامي قد مل تكرار الاحتجاجات والاستنكارات، وأنه إذا لم ينته أسلوبها الوحشي الذي لا يعترف بأقل الحقوق الإنسانية نحو هؤلاء المنكوبين بحكمها فإن غضبه لن يقتصر على المقاطعة الاقتصادية والثقافية.
رابعًا: تحميل حكومتي إنجلترا وأمريكا بصفة خاصة، ودول الحلفاء بصفة عامة تبعة ما يحدث من فرنسا في شمال إفريقيا من الأعمال الوحشية، وإن الضمير العربي ليفزع إليهما لنجدة هذه البشرية المعذبة بأقصى أنواع العذاب تحت النير الفرنسي والأسباني.
خامسًا: الإعلان عن إرادة العالم العربي والإسلامي في قضية فلسطين بعدم قبول أي قرار لا يتفق مع حقوق عرب فلسطين، وأي قرار يتعارض مع حق العرب سيقابل بكل وسائل المقاومة.
سادسًا: تأليف لجنة دائمة من مندوبي الهيئات العربية والإسلامية ب مصر للسهر على قضايا هذه الأقطار الشقيقة، واتخاذ الوسائل اللازمة لتنفيذ كل ما يتخذ من قرارات بشأنها، والعمل على إنارة الرأي العام العربي والإسلامي بقضايا هذه الأقطار العزيزة .
وقد كان تعترض أنشطة القسم بعض المضايقات؛ فمرة دعا القسم بعض السودانيين إلى حفلة شاي في المركز العام، وبعد أن صرحت الشرطة بإقامة الحفل إذ بالقسم يفاجأ في اللحظة الأخيرة بأوامر صريحة بعدم إلقاء خطب أو كلمات في هذا الحفل، فما كان من المرشد العام إلا أن استقبل المدعوين، وبعد تناول الشاي اعتذر فضيلته عن عدم استطاعته الترحيب بضيوفه الكرام نزولاً على أوامر الشرطة، ثم تفرق المدعوون فرادى؛ وذلك حرصًا على عدم الصدام الذي لا يستفيد منه إلا أعداء الوطن والإسلام. وفضلاً عن ذلك فقد قام القسم بعدة رحلات إلى الأقطار العربية الشقيقة، من أبرزها رحلة الشام و العراق و سوريا و لبنان و الأردن و فلسطين، وكذلك بعثة الإخوان المسلمين إلى الأراضي السعودية للحج.
سابعا: تطور قسم الإتصال بالعالم الإسلامى بعد الإمام البنا
ولعل من تمام الفائدة أن نشير إلى أن قسم الاتصال بالعالم الإسلامى تطور تطورا كبيرا بعد الإمام البنا ولم يصبح أمره مقتصرا على الأنشطة التى كان يقوم ؛ بل أضحت مهامه أوسع وأشمل مما كان فى عصر الإمام البنا ولم يعد تسميته بقسم الاتصال بالعالم الإسلامى يعبر عن المضمون والأداء ؛ فقد بلغت دعوة الإخوان خارج مصر من النضج والتطور الإدارى والأداء الدعوى مما كانت عليه.وتحقق بعض ما كان يحلم به الإمام البنا،فكما يقول الأستاذ مصطفى مشهور: ولعلنا نلمس فى عشرات السنين الأخيرة انتشار الحركات الإسلامية والتجمعات الإسلامية فى أوربا وأمريكا ....فها نحن نرى شجرة الإخوان التى غرسها الإمام ورواها بدمه هو والشهداء قد تعمقت جذورها واستعصت على الأعداء أن يقتلعوها.؛ فكان دمه الزكى سراجا ألهب حماس المسلمين فى أنحاء الأرض.
ولعل أهم إنجاز قام به القسم هو مساعدته لزعماء حركات التحرر فى البلاد العربية والإسلامية حتى استطاعت دولهم نيل استقلالها فى أوائل النصف الثانى من القرن العشرين ،وهو من أهم الأهداف الذى أنشىء القسم من أجلها ، فكان المركز العام للإخوان المسلمين مستقرا لهم مثل : الحبيب بورقيبة ،وعلال الفاسى ، والفضيل الورتلاني ....وغيرهم.
• التطور الإدارى : تطور النظام الإدارى كثيرا بعد استشهاد الإمام البنا ، فقد انتشرت الدعوة فى كثير من البلاد فى النصف الثانى من القرن العشرين فلم يعد الأمر نشر الدعوة فى مختلف البلاد أو مجرد إنشاء شعبة للجماعة فى البلاد المختلفة أو مساندة حركات التحرر فى العالم العربى والإسلامى ، فقد أصبحت الجماعة أكثر تطورا فى الخارج ،وأصبح للإخوان فى كل بلد مكتب إدارى يقوم على شئون الإخوان ،ومجلس شورى و أقسام تنظيمية مثل أقسام :التربية والطلاب والبر والخدمات الاجتماعية والجوالة ......وغيرذلك.ويمارس الإخوان عملهم فى مختلف البلاد تحت اسم (الإخوان المسلمون )كما هو الحال فى الأردن وسوريا ولبنان والعراق ...وغيرهم أو تحت أسماء أخرى تبعا لموقف الحكومات المختلفة من الإخوان كما فى : (حركة مجتمع السلم) فى الجزائر ، (والعدالة والمساواة ) فى المغرب ...وغيرهما. ويسير العمل الدعوى بنفس مبادىء الإخوان ولوائحهم العامة و الخاصة المنظمة للعمل الدعوى والسياسة العامة للإخوان كما هو نظام الإخوان فى مصر تماما . و يرأسه مراقب عام للإخوان المسلمين يجرى انتخابه من الإخوان فى نفس البلد ويتابع ذلك مكتب الإرشاد، ومن ذلك على سبيل المثال : اختيار المراقب العام للإخوان المسلمين فى الأردن فى الانتخابات الأخيرة، حيث اجتمع مجلس شورى الجماعة بالأردن، وتم انتخاب الدكتور همام سعيد مراقبا خامسا خلفا للأستاذ سالم الفلاحات. وفى يوم 1/5/2008م أرسل الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين رسالة تهنئة إلى الدكتور همام سعيد لاختياره مراقبا للجماعة ،ورسالة شكر للأستاذ سالم الفلاحات المراقب السابق ،وثالثة لمجلس شورى الجماعة ،وأكد أن إخوان الأردن ضربوا المثل والقدوة للعالم كله بأن الإسلاميين الذين ينادون بالخيار الديمقراطى هم أول من ينفذونه،وحيا فضيلته الأستاذ سالم الفلاحات وكل أعضاء مجلس شورى الجماعة مؤكدا على حسن توليهم المسؤلية فى فترة عصيبة،وكانوا خير من حملوها ،وكانت لهم إسهامات فى نشر الدعوة والدفاع عنها.
وعند اختيار المرشد العام للإخوان المسلمين فى مصر يتم إعلام المراقب العام فى كل بلد بالمرشد الجديد الذى تم اختياره قبل إعلانه للعالم . وفروع الإخوان فى العالم يتبعون مكتب الإرشاد فى مصر ويشاورونه فى مختلف الأمور المتعلقة بالدعوة التى تحتاج إلى الرجوع إلى رأى الجماعة فيها ،أما الأمور الداخلية والمواقف المختلفة ؛فيترك للإخوان فى كل بلد الحرية فى تقدير القرار المناسب بما يتوافق مع مصلحة الدعوة مثل دخول الانتخابات ورؤيتهم لأسلوب الإصلاح فى وطنهم.ويتدخل مكتب الإرشاد فى حل المشكلات التى يتعرض لها الإخوان فى أى بلد ويشاركونهم حلها كما حدث فى ألمانيا أوائل التسعينيات ،فانتدب مكتب الإرشاد الأستاذ محمد مهدي عاكف للذهاب إلى ألمانيا للمساعدة فى حل المشكلات التى تواجه الإخوان ،وقضى هناك سنوات حتى استقرت الأمور.ويسهم الإخوان فى تلك البلاد فى خدمة مجتمعهم و المشاركة فى الحياة السياسية ،وأصبح للإخوان فى كل بلد إنجازات وتاريخ يضاف إلى تاريخ الإخوان المسلمين .فمثلا استطاع الإخوان فى الأردن أن يحققوا إنجازات فى الانتخابات البرلمانية سنة1991 م وشاركوا فى الحكومة بخمسة وزراء. ويمكن الاطلاع على أنشطة الإخوان فى كل بلد لمعرفة الإنجازات الكبيرة التى يقومون بها فى خدمة بلادهم .
•التنظيم الدولى للإخوان المسلمين . ولذلك فإن الانتشار الواسع للإخوان المسلمين فى جميع بلدان العالم والتنظيم البارع المتماسك الذى يلتقى جميعه تحت قائد واحد هو المرشد العام للإخوان المسلمين فى مصر قد أدهش الجميع فأعطوه أسماء مختلفة قد يكون لها أهداف فى أذهان أصحابها ، فتارة يسمونه (التنظيم الدولى للإخوان المسلمين) أو (التنظيم العالمى للإخوان المسلمين) ،ويحاولون إظهار الإخوان كقوة عالمية يصعب التعايش و يجب أن تواجهها الحكومات أو تحاول القضاء عليها أو على الأقل التضييق عليها وإضعافها مما يثير حفيظة الحكام ضد الإخوان مستغلين السياسة الدولية المعادية للحركات الإسلامية فى العالم ووصفها بتهم باطلة ، ولذلك نجد الاستجابة السريعة من الحكومات فى التنكيل بالإخوان فى كثير من البلاد فى تونس وليبيا ومصر ....وغيرهم ؛ فتقوم بالتضييق عليهم واعتقالهم وتحويلهم إلى المحاكمات بتهم مختلفة ،ولعل ما فعلته الحكومة المصرية فى الآونة الأخيرة من تحويل بعض قيادات الجماعة للمحاكمات العسكرية بتهمة التنظيم الدولى للإخوان المسلمين هو استجابة لتلك الأقوال .
ثامنا: لائحة قسم الإتصال بالعالم الإسلامى والبلاد العربية
مادة 1: ينشأ بالمركز العام للإخوان المسلمين قسم يسمى بـ"قسم الاتصال بالعالم الإسلامى والبلاد العربية".
مادة 2: أغراض القسم:
ـ العمل على ربط الأقطار الإسلامية بعضها ببعض، وتوحيد السياسة العامة لها.
ـ العمل على تحرير هذه الأوطان من كل سلطان أجنبي، وإقامة دولة إسلامية فى هذا الوطن العام ،والمقصود من ربط هذه البلدان وتوحيد السياسة العامة بها .
ـ توحيد مناهج الثقافة الإسلامية .
ـ توحيد القوانين والتشريعات الاقتصادية والصناعية والقضائية.
ـ رفع الحواجز الجمركية، وتسهيل إجراءات الدخول والإقامة بين هذه الأقطار.
ـ تبادل البعثات الفنية والعسكرية والمدرسين، وخلق جو اجتماعى متماثل.
ـ إيجاد شعار يرمز لهذه الوحدة.
ـ العمل على تقوية روابط التعرف والإخاء بين الشعوب الإسلامية كأمة واحدة ألَّف بينها الإسلام، والعمل الدائم على إزالة الفرقة والانقسام بين صفوف المسلمين: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات: 10].
ـ والمقصود من تحرير هذه الأوطان هو تحريرها من كل قيد سياسي واقتصادي وعسكري وثقافي واجتماعي بالوسائل الآتية:
1.الروح الوطنية، والعناية بالثقافة القومية والمقومات الاجتماعية لكل قطر من هذه الأقطار.
2.درء أي عدوان داخلي أو خارجي على حق من حقوقها السياسية والاجتماعية.
3.العمل على إيثار العادات والمظاهر الإسلامية فى كل شيء، والبعد عن كل مظهر غير إسلامي، والتحدث باللغة العربية الفصحى، ما أمكن ذلك.
4.الاعتصام بالوحدة العربية والإسلامية، وإظهار محاسن الإسلام، والاعتزاز بتعاليمه، وحملها إلى الناس جميعًا.
5.تعاون هذه الأمم جميعًا على استكمال استقلالها وحقها الكامل، وتقديم كل معونة لكل جزء من أجزائها.
ـ والمراد من إقامة دولة إسلامية:
1. إقامة حكومة إسلامية دينًا ودولة فى كل هذه البلاد.
2. ربط هذه الحكومات بوضع سياسي يحقق وحدتها، يتفق عليه رؤساؤها وممثلوها الحقيقيون.
مادة 3: ينشأ فى القسم لجان مختلفة، ويراعى فى تكوينها الظروف الخاصة، والأوضاع القائمة بهذه الأقطار، والمراد من ذلك إيثار الناحية العملية الواقعية؛ كأن يمثل سوريا التي هى قطر واحد من جميع الاعتبارات على أساس التجزئة السياسية.
ويبدأ العمل الآن بتأليف لجان ثلاث منها:
1.لجنة الشرق الأدنى، وتضم البلاد العربية وباقي الشعوب الإسلامية فى أفريقيا؛ أي البلاد العربية وتركيا وإيران.
2.لجنة الشرق الأقصى (أفغانستان - تركستان - الصين - الهند - الهند الصينية - جاوه - اليابان). 3.لجنة الإسلام فى أوروبا.
مادة 4: يجب أن يتوفر فى العضو لهذه اللجان: النزاهة والصدق والإيثار والعمل، وأن يحوز موافقة إخوانه أعضاء اللجنة، وألا يزيد ممثلو القطر عن ثلاثة أعضاء.
مادة 5: لتحقيق الأغراض الموضحة فى المادة الثانية يسلك القسم الوسائل الآتية:
1. دراسة وافية لقضية العالم الإسلامي، وعلى كل لجنة أن تقدم تقريرًا وافيًا لتزويد هذا القسم عن الأقطار التي تمثلها.
2. عرض هذه القضية على قادة الرأي العام العالمي.
3. إقناع الشعوب الممثلة فى هذا القسم بعدالة قضيتها والتمسك بها.يستخدم لهذا الغرض: الإذاعة - المحاضرات العامة - الصحف - الدعاية لها فى كل مناسبة، وفى الخارج بواسطة المراسلات، والنشرات، والزيارات، والاتصال بالجاليات المختلفة، وإصدار نشرات دورية توزع فى الأقطار الممثلة لهذا القسم. ـ إنشاء شعب للإخوان المسلمين تحقق هذه الوسائل فى مختلف بلاد العالم العربي الإسلامي.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المراجع
1.حسن البنا : مجموعة الرسائل، دار التوزيع والنشر الإسلامية .
2. جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد الأول، 21صفر1352هـ/15 يونيو 1933م. و العدد(43) سنة 1935م، العدد(4)لسنة 1937م
3.محمود عبد الحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، دار الدعوة الإسكندرية، 1414/1994م، الجزء الأول.
4. جمعة أمين عبد العزيز :أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين ج3، 5، 7، دار التوزيع والنشر الإسلامية .
5. موسوعة الإخوان المسلمون الالكترونية(إخوان ويكي) : أعلام الحركة الإسلامية ، توفيق الشاوي ، محمد محمود الصواف،الفضيل الورتلاني.
6.جمعة أمين عبد العزيز :قالوا عن الإمام البنا،مقال الأستاذ مصطفى مشهور فى مجلة الدعوة مارس 1999م .