محمد محمود الصواف
مولده ونشأته
في مدينة الموصل أول شوال 1333هـ، الموافق 12 من أغسطس 1914م، وُلد الشيخ محمد محمود الصوّاف، ونشأ على حب العلم والجهاد، واعتنى به والده منذ الصغر، فعلَّمه القرآن حتى حفظه وهو صغير، ثم أدخله المدرسة الابتدائية الأهلية بالجامع الكبير بالموصل، وبرز فيها ثم انتقل إلى مدارس المساجد التي يشرف عليها العلماء، فتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ودرس النحو والسيرة النبوية، وفي ذلك يقول: "العراق وطني الأول الذي ولدت فوق أرضه وتحت سمائه وترعرعت في ربوعه، لقد عشت في بلد الموصل الذي عرف بتمسكه بدينه وحرصه على مثله، هذا البلد الذي أنجب عماد الدين زنكي ونور الدين محمود..
لقد كنا نتسابق لحضور صلاة الفجر صغارًا وكبارًا وبعد الصلاة ننشغل بذكر الله وتلاوة القرآن، وكان يسكن بجواري الشيخ محمد الرضواني، رحمه الله، الذي علمني حب الله منذ نعومة أظفاري، وعملت للدعوة مبكرًا والتحقت بجمعية الشبان المسلمين في الثلاثينيات والتي كان يرأسها الشيخ عبد الله النعمة، فكنت أصغر من انتسبت إليها".
درس بالمدرسة الفيصلية ونال شهادتها وبعد ذلك انتقل إلى الأزهر الشريف عام 1358هـ، وقد عُرف بذكائه العجيب وتفوُّقه في مراحل دراسته، وسافر إلى مصر مرتين وفي بعثتين مختلفتين؛ الأولى فشلت وكانت بعثة مديرية الأوقاف العامة، والثانية كانت بعثة على نفقة الوجيه الموصلي مصطفى الصابونجي، والذي اختاره ليكون رئيسًا لهذه البعثة وكان ذلك عام 1943م.
وبعد أن أنهى الشيخ دراسته بالمدرسة الفيصلية ونال إجازتها سنة (1355هـ الموافق 1936)، لم يلبث أن عيِّن معلمًا غير أنه استقال من الوظيفة، وشدّ الرحال إلى القاهرة وبعد فشل هذه البعثة عاد فعيَّنه رئيس الوزراء رشيد الكيلاني واعظًا سيَّارًا، وبعد انتهاء البعثة الثانية والتي سافر فيها إلى مصر، عاد للعراق وعمل في كلية الشريعة بالأعظمية ببغداد.
الصواف ودعوة الإخوان
التحق الشيخ الصوّاف بعد قدومه إلى القاهرة سنة (1363هـ= 1943م) بالجامع الأزهر طالبًا بكلية الشريعة، ودفعته همته العالية أن يختصر سنوات الدراسة الست في ثلاث، فنجح في الحصول على عالمية الأزهر في سنتين بدلاً من أربع، وعلى شهادة التخصص في سنة واحدة بدلاً من سنتين، وكان نظام الأزهر يسمح بذلك، ويعطي للنابغين والمجتهدين أن يختصروا السنوات ما دامت ملكاتهم تعينهم على ذلك، وتحصيلهم الدراسي يمكنهم من هضم المناهج الدراسية في نصف المدة المقررة على الدراسين وكان لهذا الإنجاز حديث مدوي بين أوساط العلماء، وتناقلته بعض الصحف، وبلغ من تقدير الإمام الأكبر الشيخ المراغي أن قال للصواف: لقد فعلت يا بني ما يشبه المعجزة، وسننت سنة في الأزهر لم تكن".
ومنذ أن توطن مصر للعلم اتصل بالجمعيات الإسلامية والعلماء وكبار الأدباء أمثال الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر، والشيخ طنطاوي جوهري صاحب جمعية الأخوة الإسلامية ورئيس تحرير مجلة الإخوان المسلمون، كما اتصل بالشيخ محمد الخضر حسين صاحب جمعية الهداية الإسلامية، كما اتصل بالعقاد وأحمد أمين ومحمد فريد وجدي ومحب الدين الخطيب، ثم التقى بالإمام الشهيد حسن البنا والتي سرعان ما تأثر بمنهجه في الدعوة، ويصف هذا قائلا: «وأخيرا استقر بى المقام بلقاء الإمام الشهيد حسن البنا –رحمه الله- وحضرت دروسه في المركز العام في الحلمية وأعجبت بنشاطه وأسلوبه الحكيم والرصين في الدعوة إلى الله ثم قرت عيني بتلك الأفواج الصاعدة من شباب الإسلام التي رباها على الإيمان فتوطدت علاقتي له وازداد حبي وإعجابي به، وبادلني رحمه الله حبا بحب وعطفا بعطف، وتوثقت علاقتي بالجماعة وعملت في محيطها فأسسنا فيها قسم الاتصال بالعالم الإسلامي بالتعاون مع الأخ عبد الحفيظ الصيفي من مصر والأخ الفضيل الورتلاني من الجزائر والأخ إسماعيل مندا من أندونيسيا، فكنا نقيم كل ثلاثاء قبل درس الثلاثاء اجتماعا في المركز العام لنباشر عملنا في القسم».
ولقد كتبت مجلة الإخوان المسلمين تحت عنوان «نجاح أخ كريم»: «يسر قسم الاتصال بالعالم الإسلامي بالمركز العام للإخوان المسلمين أن يزف التهنئة الحارة الخاصة إلى أحد أعضائه العاملين الأخ الكريم الأستاذ محمد محمود الصواف رئيس البعثة العراقية بالأزهر وقد كان نجاحه ممتازا في الشهادة العالية بكلية الشريعة وهو أول عراقي ينالها ومما يزيد فخرا أنه أول سباق إلى اجتياز مرحلة الدراسة لهذه الشهادة في سنتين رغم أن مدتها أربع سنوات وقد أثنى مجلس الأزهر على كفاءته العلمية وهمته العالية».
الدعوة في العراق
بعد أن أتم الشيخ الصواف دراسته عادت البعثة مرةً أخرى للعراق لينطلق في الدعوة إلى الله عز وجل فعمل في المساجد والجمعيات بالموصل، وانضمَّ إلى جمعية الشبان المسلمين، ثم أنشأ جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأسس مع الشيخ أمجد الزهاوي جمعية الأخوَّة الإسلامية، وتحت لوائها عاش الشباب المسلم، وتمرس بمعاني الدين الحق، كما أنه أصدر مجلة الأخوة الإسلامية؛ لتكون وسيلة لبث الوعي الإسلامي الصحيح، كما أنه عمل في كلية الشريعة والتي أنشأت في بغداد لتوها.
جهاده
أولا: ضد الإنجليز
لم يكن الشيخ من أولئك المعلمين الذين تنقطع صلاتهم بمن حولهم مكتفين بما يدرسونه في قاعات العلم، بل كان رجلاً مجاهدًا مصلحًا ومربيًا معلمًا، يلقي دروسه بين طلابه، وفي الوقت نفسه يقود المقاومة الشعبية ضد الإنجليز المحتلين، ويحرك المظاهرات الصاخبة، ويلقي بخطبه النارية التي تلهب المشاعر وتأجج العواطف، وحرك المظاهرات ضد المعاهدات التي تقيد العراق وتربطه بالإنجليز كمعاهدة (بورتسموت) والتي استطاع أن يفشل مباحثاتها، كما أسهم وتلامذته في العراق بإسقاط معاهدة "جبر – بيفن" الاستعمارية.
ثانيا: نحو الدول الإسلامية
شغلت القضية الفلسطينية على الشيخ كل وجدانه فعمل على التصدي للمخطط الصهيوني، بل أرسل المتطوعين العراقيين ليكونوا جنب إخوانهم الفلسطينيين ولينضموا في ركاب كتائب الإخوان المسلمين للدفاع عن فلسطين عام1948م.
ولقد أخذت قضية فلسطين الحظ الأوفر من كفاحه وبَذْله،فقد أسّس جمعية إنقاذ فلسطين التي ضمَّت نخبة من العلماء المفكرين كالشيخ علي الطنطاوي والشهيد سيد قطب والشيخ أمجد الزهاوي والشيخ محمد أمين الحسيني وغيرهم من العلماء رحمهم الله تعالى، وعملت هذه الجمعية على شرح القضية الفلسطيني للبلاد الإسلامية وجمع الأموال والتبرعات وتجهيز المتطوعين للدفاع عن أرض فلسطين الطاهرة، كما دعت إلى مؤتمر القدس عام 1953م بالتعاون مع مؤتمر العالم الإسلامي، حيث حضره عدد كبير من العلماء.
وقد أظهر الشيخ قضية فلسطين على أنها قضية كل المسلمين لا قضية أهل بلد معين.
ويقول في مقدمة كتابه "معركةالإسلام" في سياق كلامه عن معركة المسلمين في فلسطين: « هي امتداد لمعارك صلاح الدين بالأمس، ومهما حاول المضلِّلون والمنافقون وأعداء الإسلام تغيير هذا الواقع فإن الحق لن تغلبه قوةُ الباطل وإن المعركة ستسير في طريقها المنحرف حتى يقيِّض الله عز وجل القادة المسلمين عقيدة وعملاً وجهادا.ً
كما أن قضية المجاهدين الأفغان ملكت عليه مشاعره ففي السنوات العشر الأخيرة من عمره أنفق معظم وقته في خدمة الجهاد الأفغاني الذي ملك عليه نفسه، وصار قضيته الأولى، وسخر لها كل طاقاته، داعيًا الأمة الإسلامية إلى مؤازرة المجاهدين والوقوف إلى جانبهم ومعاونتهم، وحين ظهرت بذرة الخلاف بين فئات المجاهدين وقاداتهم بادر الشيخ إلى وأد الفتنة قبل أن تستفحل، وكانت مواعظه وكلماته المؤثرة العامرة بالإيمان تشيع النور في الصدور، وتعين على نماء علاقات الود والصفاء بين المتخاصمين من زعماء الجهاد.
ولم يتوقف نشاط الشيخ الصوّاف على على ذلك بل انتدبه الملك فيصل بن عبد العزيز للعمل معه مبعوثًا من قبله إلى ملوك المسلمين ورؤسائهم، وقد نهض الشيخ الجليل بهذه المهمة على خير وجه، وطاف أكثر من خمس سنوات، وقد أثمرت هذه الجهود المباركة عن تكوين منظمة المؤتمر الإسلامي، وقد سجل الشيخ الصوّاف هذه الرحلات في كتاب كبير تحت اسم "رحلاتي إلى الديار الإسلامية".
وكانت له مواقف بطولية أمام تجبر الطغاة والمستعمرين وكان أول كتاب صدر له كتاب "صرخة مؤمنة إلى الشباب والشابات" يلهب فيه الحماس ويحرك المشاعر ويدعوهم فيه إلى الحق والخير والالتزام ب الإسلام عقيدة وشريعة، وكانت له مواقفه المساندة للثورة الجزائرية مع أخويه الورتلاني والإبراهيمي ودعاهم لزيارة العراق ونظم لهم المؤتمرات الشعبية لمساندة الثورة وقضية الشعب الجزائري، ولم يترك مدينة بالعراق إلا وزراها ودعا جماهيرها إلى منهج الإسلام وطريق الدعوة كما زار معظم الأقطار ينشر دعوة الإسلام وفي السنوات العشر الأخيرة من عمره أعطى وقته وجهده للجهاد الأفغاني يناصره ويسانده ويصلح بين فئات المجاهدين ليمنع الفتن التي يكيدها أعداء الإسلام ويخطب يبكي الحضور ويملأ القلوب إيمانًا وعزيمة.
محنته
قامت ثورة 1958م في العراق بقيادة عبد الكريم قاسم، وسيطر الشيوعيون على مقاليد الأمور في البلاد، وبدؤوا يضيِّقون الخناق على دعوة الشيخ الصوّاف، ويقاومون حركته، وانتهى بهم الحال إلى تلفيق التهم له، ونشر الشائعات ضده، ثم قاموا بإغلاق المجلة التي كان يصدرها باسم "لواء الأخوة الإسلامية" والقبض عليه، وسجنه مع عدد من رجالات العراق الكرام مثل اللواء الركن محمود شيت خطاب.
بعد خروجه من السجن لم يكفَّ خصومه عن ملاحقته ومحاولة اغتياله، فاضطر إلى مغادرة بغداد في سنة (1379هـ= 1959م) في مغامرة جريئة محفوفة بالمخاطر حتى بلغ الحدود السورية، واستقبل في حلب ودمشق استقبالاً حافلاً، ثم اتجه إلى المملكة العربية السعودية عام 1962م، واستقر بمكة؛ حيث عمل مدرسًا بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وعرف القائمون على الأمور فضله وعلمه، فاختير عضوًا بالمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، وفي المجلس الأعلى للمساجد، والمجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي.
من مؤلفاته
- أثر الذنوب في هدم الأمم والشعوب.
- أم القرآن وخير ثلاث سور أُنزلت.
- بين الرعاة والدعاة.
- تعليم الصلاة.
- دعاء السحر.
- رحلاتي إلى الديارالإسلامية(أفريقيا المسلمة).
- زوجات النبي الطاهرات وحكمة تعددهن.
- صرخة مؤمنة إلى الشباب والشابات.
- الصيام في الإسلام.
- عدة المسلمين في معاني الفاتحة وقصار السور من كتاب رب العالمين.
- فاتحة القرآن وجزء عم الخاتم للقرآن.
- القرآن: أنواره،آثاره،أوصافه.
- القيامة رأي العين.
- لااشتراكية في الإسلام.
- المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام.
- من القرآن وإلى القرآن.
- نداء الإسلام.
- نظرات في سورة الحجرات.
- أُم القرآن.
- المسلمون وعلم الفلك.
- القرآن والنبأ العظيم.
- ثلاث سور من الدرر في إطراء سيد البشر.
- الحج في الإسلام.
- مقدمتان.. إلخ.
وفاته
تُوفي الشيخ يوم الجمعة الموافق (13 من ربيع الآخر سنة 1413هـ= 11 من أكتوبر 1992م) في مطار إستانبول؛ حيث كان ينتظر الطائرة التي تقله إلى مكة المكرمة، وقد نُقِلَ جثمانه ودفن في مقابر المعلاة بمكة، بجوار قبر الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير.
أكبرت يومك أن يكون وداعا
- يا مالئ الوادي هدًى وشعاعا
يا باعثًا همم الشباب إلى العلا
- لولاك كادوا يذهبون ضياعا
يا داعيًا لله أفنى عمره
- سعيًا ليهدم للفساد قلاعا
ومربيًا للناشئين موجّهًا
- أفكارهم كي يبدعوا إبداعا
وأخذتهم بالرفق حتى جانبوا
- سُبُلَ الهوى وسرابها اللماعا
واستيقنوا أن العقيدة نعمة
- من حقها أن تُفتدى وتُراعى
يا شيخ أُمَّتنا وحامل همّها
- أفنيت عمرك متعبًا ملتاعا
جاهدت في عرض البلاد وطولها
- تتجاوز الأقطار والأصقاعا
تبكي على (القدس الشريف) وأهله
- باتوا عراةً في الخيام جياعا
و(القادة العظماء) كل جهادهم
- خُطَبٌ ولا تتجاوز المذياعا
هم كالأسود على الشعوب وفي الوغى
- كانوا هناك ثعالبًا وضباعا
قد كنت ربان السفينة عندنا
- تمضي وترفع للنجاة شراعا
وإذا خطبت فأنت سيل دافق
- ملأ الوهاد هديره دفّاعا
وحديثك العذب الزلال بهديه
- يحيي القلوب ويبهج الأسماعا
ويرنّ في أذن الزمان هتافكم
- (الله غايتنا) هدىً وصراعا
علّمْتَنَا أن (الجهاد سبيلنا)
- للمجد نمضي راكضين سراعا
وصرخت في وجه الطغاة مغاضبًا
- وكشفت عن تلك الوجوه قناعا
وصدعت بالحق الصراح ولم تلن
- عند الشدائد همّةً وقراعا
ولويت أعناق الطغاة بصولة
- وتركتهم لا يرفعون ذراعا
وملكت أفئدة الرجال وغيركم
- يسعى ليملك (منصبًا) و(ضياعا)
أنا من ثمارك شاكر لك شاهد
- ما كان سعيك في الجهاد مضاعا
أبشر بفضل الله يوم لقائه
- بركاته تترى عليك تباعا
المراجع
1-محمد محمود الصواف: صفحات من تاريخ الدعوة الإسلامية في العراق، دار الاعتصام.
2-محمد عبد الحميد أحمد: ذكرياتي، دار البشير للثقافة والعلوم الإسلامية، سنة 1993م.
3-عبدالله العقيل: من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
4-جمعة أمين عبد العزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين (ظروف النشأة وشخصية الإمام المؤسس)، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2003م.
المستشار عبد الله العقيل يكتب عن علاقته بالصواف
بقلم/ المستشار عبدالله العقيل
من منا لا يعرف الأستاذ محمد محمود الصواف، ومَنْ مِنَ المسلمين يجهل قدره وجهوده ومساهماته، فالأستاذ الصواف علم من أعلام الإسلام وداعية من دعاته ومجاهد من مجاهديه ليس على مستوى العالم العربي فحسب، بل على مستوى العالم الإسلامي كله، ولقد شرفت بالتلمذة عليه والاغتراف من علمه والالتزام بمنهجه وطريقته، وصحبته في جولات كثيرة في البلاد العربية في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين الميلادي.
وُلد في مدينة (الموصل) أول شوال سنة (1333هـ/1915م) بالعراق، وينتسب إلى طيِّئ، من قبيلة شمّر المعروفة. نشأ في بيت علم وجهاد وتجارة.
تتلمذ على شيخه الفاضل عبدالله النعمة، وعلى الشيخ صالح الجوادي، وعلى الشيخ أمجدالزهاوي عالم العراق الفريد.
ودرس بالمدرسة الفيصلية، وحصل على إجازتها العلمية، والتحق بالأزهر عام 1943م، وكان من المتفوقين في كل مراحل دراساته وأبرزها الأزهر، فقد كان لتخرجه ضجة في أوساط العلماء والصحافة العربية، وذلك حين استطاع أن يختصر دراسته في الأزهر من ست سنوات إلى ثلاث، وحصل على شهادة العالمية في سنتين بدلاً من أربع وعلى التخصص في سنة بدلاً من سنتين، حتى قال شيخ الجامع الأزهر في زمانه الشيخ محمد مصطفى المراغي :«لقد فعلت يا بني ما يشبه المعجزة، وسننتَ سنة في الأزهر لم تكن».
عاد الصواف إلى العراق بعد أن اغترف من العلم الشرعي والعلم الدعوي، الأول اكتسبه من الأزهر، والثاني من خلال لقائه الإمام الشهيد حسن البنا؛ وقد اقتنع بفكرة البنا الإسلامية وعاهده وبايعه، وكان من المبرّزين في الدعوة إلى الله، وشغل منصب المراقب العام للإخوان المسلمين في العراق، وكان له دور في تأسيس قسم الاتصال بالعالم الإسلامي بالتعاون مع الأخ عبد الحفيظ الصيفي، من مصر، والفضيل الورتـلاني، من الجزائر وإسماعيل مندا، من أندونيسيا، وقد عُيّن الصواف مدرسًا بكلية الشريعة ببـغداد بعـد تخرجـه، بعد أن رفض منصب القضـاء الذي عرضه عليه وزير العدل العراقي جمال بابان باعتباره مختصًا بالقضاء الشـرعي، وكانت كليـة الشريعة أُسست في الأعظمية في سنـة تخرج الصواف سنة 1946م وتتبع مديـرية الأوقـاف العامة التي كان مـديـرها تحسين علي، وكان للصواف الدور البارز في توجيه الطلاب للدعوة إلى الله.
التحق الشيخ الصوّاف بعد قدومه إلى القاهرة سنة (1363هـ= 1943م) بالجامع الأزهر طالبًا بكلية الشريعة، ودفعته همته العالية أن يختصر سنوات الدراسة الست في ثلاث، فنجح في الحصول على عالمية الأزهر في سنتين بدلاً من أربع، وعلى شهادة التخصص في سنة واحدة بدلاً من سنتين، وكان نظام الأزهر يسمح بذلك، ويعطي للنابغين والمجتهدين أن يختصروا السنوات ما دامت ملكاتهم تعينهم على ذلك، وتحصيلهم الدراسي يمكنهم من هضم المناهج الدراسية في نصف المدة المقررة على الدراسين وكان لهذا الإنجاز حديث مدوي بين أوساط العلماء، وتناقلته بعض الصحف، وبلغ من تقدير الإمام الأكبر الشيخ المراغي أن قال للصواف: لقد فعلت يا بني ما يشبه المعجزة، وسننت سنة في الأزهر لم تكن".
ومنذ أن توطن مصر للعلم اتصل بالجمعيات الإسلامية والعلماء وكبار الأدباء أمثال الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر، والشيخ طنطاوي جوهري صاحب جمعية الأخوة الإسلامية ورئيس تحرير مجلة الإخوان المسلمون، كما اتصل بالشيخ محمد الخضر حسين صاحب جمعية الهداية الإسلامية، كما اتصل بالعقاد وأحمد أمين ومحمد فريد وجدي ومحب الدين الخطيب، ثم التقى بالإمام الشهيد حسن البنا والتي سرعان ما تأثر بمنهجه في الدعوة، ويصف هذا قائلا: «وأخيرا استقر بى المقام بلقاء الإمام الشهيد حسن البنا –رحمه الله- وحضرت دروسه في المركز العام في الحلمية وأعجبت بنشاطه وأسلوبه الحكيم والرصين في الدعوة إلى الله ثم قرت عيني بتلك الأفواج الصاعدة من شباب الإسلام التي رباها على الإيمان فتوطدت علاقتي له وازداد حبي وإعجابي به، وبادلني رحمه الله حبا بحب وعطفا بعطف، وتوثقت علاقتي بالجماعة وعملت في محيطها فأسسنا فيها قسم الاتصال بالعالم الإسلامي بالتعاون مع الأخ عبد الحفيظ الصيفي من مصر والأخ الفضيل الورتلاني من الجزائر والأخ إسماعيل مندا من أندونيسيا، فكنا نقيم كل ثلاثاء قبل درس الثلاثاء اجتماعا في المركز العام لنباشر عملنا في القسم».
ولقد كتبت مجلة الإخوان المسلمين تحت عنوان «نجاح أخ كريم»: «يسر قسم الاتصال بالعالم الإسلامي بالمركز العام للإخوان المسلمين أن يزف التهنئة الحارة الخاصة إلى أحد أعضائه العاملين الأخ الكريم الأستاذ محمد محمود الصواف رئيس البعثة العراقية بالأزهر وقد كان نجاحه ممتازا في الشهادة العالية بكلية الشريعة وهو أول عراقي ينالها ومما يزيد فخرا أنه أول سباق إلى اجتياز مرحلة الدراسة لهذه الشهادة في سنتين رغم أن مدتها أربع سنوات وقد أثنى مجلس الأزهر على كفاءته العلمية وهمته العالية».
اشتغل بالعمل الشعبي والتوجيه الإسلامي في المساجد والجمعيات، فانتسب إلى جمعية الشبان المسلمين بالموصل، وأنشأ جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها، كما أسس مع شيخ علماء العراق الشيخ أمجد الزهاوي جمعية الأخوة الإسلامية التي قامت بدور رئيس في الدعوة إلى الله في أنحاء العراق.
أولا: ضد الإنجليز
لم يكن الشيخ من أولئك المعلمين الذين تنقطع صلاتهم بمن حولهم مكتفين بما يدرسونه في قاعات العلم، بل كان رجلاً مجاهدًا مصلحًا ومربيًا معلمًا، يلقي دروسه بين طلابه، وفي الوقت نفسه يقود المقاومة الشعبية ضد الإنجليز المحتلين، ويحرك المظاهرات الصاخبة، ويلقي بخطبه النارية التي تلهب المشاعر وتأجج العواطف، وحرك المظاهرات ضد المعاهدات التي تقيد العراق وتربطه بالإنجليز كمعاهدة (بورتسموت) والتي استطاع أن يفشل مباحثاتها، كما أسهم وتلامذته في العراق بإسقاط معاهدة "جبر – بيفن" الاستعمارية.
ثانيا: نحو الدول الإسلامية
شغلت القضية الفلسطينية على الشيخ كل وجدانه فعمل على التصدي للمخطط الصهيوني، بل أرسل المتطوعين العراقيين ليكونوا جنب إخوانهم الفلسطينيين ولينضموا في ركاب كتائب الإخوان المسلمين للدفاع عن فلسطين عام1948م.
ولقد أخذت قضية فلسطين الحظ الأوفر من كفاحه وبَذْله،فقد أسّس جمعية إنقاذ فلسطين التي ضمَّت نخبة من العلماء المفكرين كالشيخ علي الطنطاوي والشهيد سيد قطب والشيخ أمجد الزهاوي والشيخ محمد أمين الحسيني وغيرهم من العلماء رحمهم الله تعالى، وعملت هذه الجمعية على شرح القضية الفلسطيني للبلاد الإسلامية وجمع الأموال والتبرعات وتجهيز المتطوعين للدفاع عن أرض فلسطين الطاهرة، كما دعت إلى مؤتمر القدس عام 1953م بالتعاون مع مؤتمر العالم الإسلامي، حيث حضره عدد كبير من العلماء.
وقد أظهر الشيخ قضية فلسطين على أنها قضية كل المسلمين لا قضية أهل بلد معين.
ويقول في مقدمة كتابه "معركةالإسلام" في سياق كلامه عن معركة المسلمين في فلسطين: « هي امتداد لمعارك صلاح الدين بالأمس، ومهما حاول المضلِّلون والمنافقون وأعداء الإسلام تغيير هذا الواقع فإن الحق لن تغلبه قوةُ الباطل وإن المعركة ستسير في طريقها المنحرف حتى يقيِّض الله عز وجل القادة المسلمين عقيدة وعملاً وجهادا.ً
كما أن قضية المجاهدين الأفغان ملكت عليه مشاعره ففي السنوات العشر الأخيرة من عمره أنفق معظم وقته في خدمة الجهاد الأفغاني الذي ملك عليه نفسه، وصار قضيته الأولى، وسخر لها كل طاقاته، داعيًا الأمة الإسلامية إلى مؤازرة المجاهدين والوقوف إلى جانبهم ومعاونتهم، وحين ظهرت بذرة الخلاف بين فئات المجاهدين وقاداتهم بادر الشيخ إلى وأد الفتنة قبل أن تستفحل، وكانت مواعظه وكلماته المؤثرة العامرة بالإيمان تشيع النور في الصدور، وتعين على نماء علاقات الود والصفاء بين المتخاصمين من زعماء الجهاد.
ولم يتوقف نشاط الشيخ الصوّاف على على ذلك بل انتدبه الملك فيصل بن عبد العزيز للعمل معه مبعوثًا من قبله إلى ملوك المسلمين ورؤسائهم، وقد نهض الشيخ الجليل بهذه المهمة على خير وجه، وطاف أكثر من خمس سنوات، وقد أثمرت هذه الجهود المباركة عن تكوين منظمة المؤتمر الإسلامي، وقد سجل الشيخ الصوّاف هذه الرحلات في كتاب كبير تحت اسم "رحلاتي إلى الديار الإسلامية".
وكانت له مواقف بطولية أمام تجبر الطغاة والمستعمرين وكان أول كتاب صدر له كتاب "صرخة مؤمنة إلى الشباب والشابات" يلهب فيه الحماس ويحرك المشاعر ويدعوهم فيه إلى الحق والخير والالتزام ب الإسلام عقيدة وشريعة، وكانت له مواقفه المساندة للثورة الجزائرية مع أخويه الورتلاني والإبراهيمي ودعاهم لزيارة العراق ونظم لهم المؤتمرات الشعبية لمساندة الثورة وقضية الشعب الجزائري، ولم يترك مدينة بالعراق إلا وزراها ودعا جماهيرها إلى منهج الإسلام وطريق الدعوة كما زار معظم الأقطار ينشر دعوة الإسلام وفي السنوات العشر الأخيرة من عمره أعطى وقته وجهده للجهاد الأفغاني يناصره ويسانده ويصلح بين فئات المجاهدين ليمنع الفتن التي يكيدها أعداء الإسلام ويخطب يبكي الحضور ويملأ القلوب إيمانًا وعزيمة.
وعندما قام الانقلاب العسكري عام 1958م في العراق بقيادة عبد الكريم قاسم، وسيطر الشيوعيون على مقاليد الأمور، انصب غضب هؤلاء على الشيخ الصواف ودعوته، يؤازرهم أعداء الإسلام من العلمانيين والقوميين وعملاء الاستعمار، الذين عمدوا إلى الهجوم على مطبعة (لواء الأخوة الإسلامية) وتحطيمها، ثم الهجوم على بيته والقبض عليه وسجنه في سجن أبو غريب مع الكثير من رجالات العراق، مثل اللواء محمود شيت خطاب، وبعد خروجه من السجن استمرت الملاحقة له ومحاولة اغتياله من قبل الشيوعيين مما اضطره إلى مغادرة بغداد في شهر سبتمبر سنة 1959م في رحلة رهيبة شاقة تحفها المخاطر عن طريق الصحراء الفراتية. وقد تجلت عناية الله ورعايته وتعمية عيون الجواسيس والأعداء عنـه حتى وصـل إلى الحدود السورية، واستقبـل في (البو كمال) و(دير الزور) ثم حلب ودمشق استقبالاً رائعًا مشهودًا على المستوى الشعبي، وكانت فرحة اللقاء به ـ بعد شائعة مقتله من قبل الشيوعيين ـ كبيرة من قبل علماء سوريا وشعبها. وعقدت له الاجتماعات الخطابية بكل مكان.
وبعد ذلك، قدم إلى المدينة المنورة، وكان قد سبقه الشيخ الزهاوي إليها ثم إلى مكة المكرمة، وأقام بها منذ سنة 1962م، وعمل مدرسًا بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، واختير عضوًا بالمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، وعضوًا بالمجلس الأعلى العالمي للمساجد، وعضوًا بالمجمع الفقهي الإسلامي للرابطة، ثم مستشارًا بوزارة المعارف السعودية، فمبعوثًا للملك فيصل إلى الملوك والرؤساء، من أجل الدعوة الإسلامية والتضامن الإسلامي، وكانت آخر جولاته رئاسته لوفد المصالحة بين الأحزاب الأفغانية في بيشاور وباكستان.
لقد صدع الأستاذ الصواف بكلمة الحق، وأهاب بالمسلمين أن يرجعوا إلى دينهم، واستنهض الهمم لإنقاذ فلسطين، حين صدر قرار التقسيم الجائر سنة 1947م، وأنشأ (جمعية إنقاذ فلسطين)، وسارع إلى الجهاد يُعِدُّ الكتائب ويجهز المجاهدين ويجمع الأموال لدعمهم، كما أسهم وتلامذته في العراق بإسقاط معاهدة (جبر ـ بيفن) الاستعمارية، وظل هذا دأبه وشأنه مع المجاهدين في كل مكان سواء كانوا في فلسطين أم في الجزائر أم في أفغانستان أم في الفلبين أم في كشمير.
وكان لجولاته الدعوية في أفريقيا وجنوب شرق آسيـا - التي لقـيت كل دعم من الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز آل سعود - أكبر الأثر؛ فقد أحيت روح التضامن الإسلامي، ووطدت العلاقات بين المسلمين قادة وشعوبًا بعد أن كان المد القومي العلماني يجتاح المجتمعات العربية بدعم من أمريكا وعملائها بمصر.
ولقد كانت له مواقف بطولية أمام تجبر الطغاة والمستعمرين تمثّلت فيها العزّة والإباء والصلابة والرجولة والجرأة والصراحة، تلمس هذا في خطبه ومحاضراته وأحاديثه وكلماته وتآليفه ومصنفاته التي تلهب الحماس وتستجيش المشاعر، فقد كان أول كتاب صدر له أوائل الأربعينيات هو كتاب (صرخة مؤمنة إلى الشباب والشابات) الذي كان له أعظم التأثير في دعوة الشباب إلى الحق والخير والالتزام بالإسلام عقيدة وشريعة وسلوكًا ومنهج حياة، إذ أقبلوا على الإسلام إقبال الظمآن على الماء.
ولم يتأخر الأستاذ الصواف عن موقف من مواقف المروءة والشهامة، فقد كان كريم النفس واليد، يجود بكل ما عنده في سبيل الإسلام والمسلمين، وهذا بشهادة كل من عرفه عن قرب وعايشه أو رافقه في أسفاره ورحلاته.
كما كانت مواقفه من ثورة التحرير الجزائرية ومساندتها مشهودة، متعاونًا مع علمائها أمثال البشير الإبراهيمي والفضيل الورتلاني وغيرهما، إذ دعاهم لزيارة العراق وعقد لهم المؤتمرات الشعبية لشرح قضية الشعب الجزائري وجهاده ضد المستعمرين الفرنسيين، وسافر معهم إلى الأقطار العربية للتعريف بالقضية والدعوة لمؤازرتها.
والأستاذ الصواف لم يترك مدينة في العراق إلا زارها ودعا جماهيرها وخاصة شبابها إلى منهج الإسلام وطريق الدعوة، كما زار معظم الأقطار الإسلامية ينشر دعوة الإسلام ويتصدى للمفسدين في الأرض من أصحاب المبادئ المستوردة، وينبري لتفنيد دعاواهم، وكشف زيفهم ودحض شبهاتهم، لما كان يتمتع به من جرأة في الحق وقوة في الحجة والبرهان.
وفي السنوات العشر الأخيرة من عمره، أعطى معظم جهده للجهاد الأفغاني الذي ملك عليه كل جوانب نفسه، وأصبح القضية الأولى والهم الأكبر الذي يسخر له طاقاته، ويدعو الأمة الإسلامية كلها إلى مؤازرة المجاهدين الأفغان والوقوف إلى جانبهم ومساندتهم في جهادهم الإسلامي.
بل كان لجهوده الإصلاحية والتوفيقية بين فئات المجاهدين وقادتهم الدور الكبير في وأد الفتن التي يثيرها الأعداء، وكم كانت خطبه ومواعظه تُبكي الحاضرين، وتستل السخائم من النفوس، ويعود الجميع إخوة متحابين متعاونين في جو من الصفاء والروحانية، ورغم كبر السن وضعف الجسم ووهن العظم؛ فإن روحه كانت روح الشباب والفتوة، وعزيمته لا تلين ولا تضعف أمام العقبات أو المغريات لاعتماده على الله في كل خطواته.
إن الأستاذ الصواف مدرسة قائمة بذاتها هابه الطغاة وأحبه الناس، فقد كان صادق اللهجة، طيب القلب، ودودًا متحبّبًا إلى الصغير والكبير، يعيش هموم الناس ومشكلاتهم ويتفاعل مع الأحداث التي تواجه المسلمين في كل أقطارهم، ويبذل قصارى جهده لعلاجها وحل معضلاتها.
ولقد ترك جيلاً، بل أجيالاً من الشباب في العالم الإسلامي وبخاصة في العراق والمملكة العربية السعودية، كلهم يعتز بالتلمذة عليه ويذكره بكل الخير.
توفي يوم الجمعة 13 ربيع الآخر سنة (1413هـ/أكتوبر 1992م) بينما كان في انتظار إقلاع الطائرة من مطار (استانبول) في طريق عودته إلى مكة المكرمة، وقد صُلي عليه بالمسجد الحرام ودفن في مقابر المعلاة بمكة المكرمة.
- أثر الذنوب في هدم الأمم والشعوب.
- أم القرآن وخير ثلاث سور أُنزلت.
- بين الرعاة والدعاة.
- تعليم الصلاة.
- دعاء السحر.
- رحلاتي إلى الديارالإسلامية(أفريقيا المسلمة).
- زوجات النبي الطاهرات وحكمة تعددهن.
- صرخة مؤمنة إلى الشباب والشابات.
- صفحات من تاريخ الدعوة الإسلامية في العراق.
- الصيام في الإسلام.
- عدة المسلمين في معاني الفاتحة وقصار السور من كتاب رب العالمين.
- العلاّمة المجاهد أمجد الزهاوي.
- فاتحة القرآن وجزء عم الخاتم للقرآن.
- القرآن: أنواره، آثاره، أوصافه.
- القيامة رأي العين.
- لااشتراكية في الإسلام.
- المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام.
- معركة الإسلام أو وقائعنا في فلسطين بين الأمس واليوم.
- من سجلّ ذكرياتي.
- من القرآن وإلى القرآن.
- نداء الإسلام.
- نظرات في سورة الحجرات.
- أُم القرآن.
- المسلمون وعلم الفلك.
- القرآن والنبأ العظيم.
- ثلاث سور من الدرر في إطراء سيد البشر.
- الحج في الإسلام.
- صوت الإسلام في العراق.
- مقدمتان.. إلخ.
يقول الأستاذ يوسف العظم - الداعية والشاعر المعروف عضو البرلمان الأردني ومدير مدارس الأقصى:
«.. وفي بغداد عرفت عددًا كريمًا من أساتذتي ومعلميّ الذين لا أنسى عطاءهم وإخلاصهم وفي طليعتهم العالم الشاب الشيخ محمد محمود الصواف، المدرس بكلية الشريعة ببغداد، كان يفيض إيمانًا بالله ورسوله، ويتفجر عاطفة صادقة وحبًا لأمته ووعيًا لدينه، وكان قريبًا من نفوسنا، فلم يكن مجرد معلّم يلقي الدرس أو يلقي المحاضرة، بل يقوم بدور المرشد والموجّه وولي الأمر أحيانًا فيحلّ لنا المشكلات، يقدّم لنا النصيحة، وكان من المعجبين بفكر الإمام الشهيد حسن البنا ودعوته لوحدة الأمة، مما حببنا بالأستاذ البنا ودعوته وكان يفهم الإسلام بكماله وشموله كدين ينظم شؤون الحياة كلها فهو عقيدة أمة ومنهج حياة، وكان له دور كبير في فضح الاستعمار البريطاني الذي أفسد المجتمع العراقي وأبعد الدين عن ميدان الحياة، كما كان يحثّ الجماهير للمطالبة بالحرية والعمل على تحرير فلسطين قاطبة من اليهود وأعوانهم. وكانت خطبه الجماهيرية في الرجال والنساء تستجيش المشاعر فيقدم الناس تبرعاتهم، وتخلع النساء حليهن متبرعات للجهاد في فلسطين من خلال جمعية إنقاذ فلسطين التي أسسها بالتعاون مع علامة العراق الشيخ أمجد الزهاوي...» انتهى.
ويقول المحامي نور الدين الواعظ:
(كان الأستاذ الصواف مخلصًا لدينه، عاطفيًا، صادقًا مع إخوانه، وكان وفيًا وغيورًا على الإسلام، بعيدًا عن المقاصد الشخصية، ولم يكن يؤمن بالقومية نهائيًا، لا يفرق بين إخوانه من العرب والأكراد والتركمان).
ويقول الأستاذ غانم حمودات:
(إنه كان يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، لقد رأيت إخلاصه، وعلو همته، وغيرته، وحبه للعمل، واستغناءه عن الناس، وصبره، ومصابرته، واهتمامه بأمور المسلمين، وجهده وجهاده في سبيل قضيتي فلسطين والجزائر، وغضبه إذا انتهكت حرمات الله أو تكلم إنسان في وجهه ينتقص الإسلام، وكان يمشي في حاجات الناس وبخاصة حاجات إخوانه.
إن هذه الصفات وأمثالها من طيب صفاته هي ما يصح أن يقتدى به).
ويقول المهندس عبد الوهاب الحاج حسن:
(الصواف غني عن التعريف، فقد كان مسلمًا صادقًا منذ صباه وإلى حين وفاته، ونذر نفسه لخدمة الإسلام ونشر مبادئه ووقف جهده وماله في سبيل إعلاء كلمة الله).
ويقول الشيخ إبراهيم منير المدرس:
(لم أجرب عليه إلا كل طيب، ولم يكن عنده إلا هم واحد هو هم الإسلام والمسلمين، كان متواضًعا في كل تصرفاته، ولم يكن يملك إلا ضروريات الحياة في بيته، ويسكن في بيت صغير يعود إلى خال أولاده سالم الأطرقجي، ولم يكن يأخذ منه أجرًا، ولم يكن عنده مورد إلا راتبه، ولم يكن يحمل في صدره ذرة حقد على أعدائه، وكان كريم النفس، يستقبل زوار بغداد من العالم الإسلامي في بيته وكذلك إخوانه).
ويقول الشاعر وليد الأعظمي:
(وجاء أبو مجاهد فبهرنا به، خَلقه وخُلقه وبيانه، كان متواضًعا عالمًا لم يتفرغ للعلم وإنما للدعوة، كان ذكيًا وفيًا، يعرف الإخوان بأسمائهم، وكان يحضر جميع المناسبات الاجتماعية، حتى لأفقر الإخوان، وحضر مرة مباريات فرق الإخوان في ساحة الكشافة ووزع الجوائز. ولم يهتم لاستنكار بعض العلماء لهذا التصرف من معمم.
كان فقيرًا، وكانت له علاقات واسعة مع الكل، ولم يكن يتردد في أي عمل تكون فيه مصلحة الدعوة الإسلامية ولم يكن عنده أي ميل قومي، وبالاختصار كانت تتوافر فيه شروط القيادة، وكان يستشير كبار العلماء، وعلى رأسهم شيخنا العلامة أمجد الزهاوي (رحمه الله تعالى).
ويقول الأستاذ عبد القادر الجنابي:
(كان الأستاذ الصواف متحمسًا خطيبًا مفوهًا، يلقي حماسًا وصدى في نفوسنا، كان هو النافخ فينا، والعلماء لم يستطيعوا ما فعله الصواف.
كان متواضعًا وكان فقيرًا له سهم صغير في محل للخياطة في شارع الرشيد مع رجل فلسطيني هو المرحوم أحمد الزقة).
رحم الله الأستاذ الصواف رحمة واسعة، وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير ما يجزي عباده الصالحين، ووفق الله علماء الأمة ودعاتها لتحمل التبعة وإبلاغ الرسالة، فإن الطريق طويلة والرحلة شاقة والمخلصين قلة، ولكـن التوكل على الله والاعتماد عليه وطلب العون منه والأخذ بالأسباب والصبر والمصابرة على مشاق الطريق ووعورة المسالك واحتساب كل ذلك في سبيل الله، كلها كفيلة ـ بإذن الله ـ بتحقيق النصر لدعوة الله في الأرض وهداية الناس إلى طريق الحق والخير، وإقامة منهج الله في واقع الناس: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج: 40).
أكبرت يومك أن يكون وداعا
- يا مالئ الوادي هدًى وشعاعا
يا باعثًا همم الشباب إلى العلا
- لولاك كادوا يذهبون ضياعا
يا داعيًا لله أفنى عمره
- سعيًا ليهدم للفساد قلاعا
ومربيًا للناشئين موجّهًا
- أفكارهم كي يبدعوا إبداعا
وأخذتهم بالرفق حتى جانبوا
- سُبُلَ الهوى وسرابها اللماعا
واستيقنوا أن العقيدة نعمة
- من حقها أن تُفتدى وتُراعى
يا شيخ أُمَّتنا وحامل همّها
- أفنيت عمرك متعبًا ملتاعا
جاهدت في عرض البلاد وطولها
- تتجاوز الأقطار والأصقاعا
تبكي على (القدس الشريف) وأهله
- باتوا عراةً في الخيام جياعا
و(القادة العظماء) كل جهادهم
- خُطَبٌ ولا تتجاوز المذياعا
هم كالأسود على الشعوب وفي الوغى
- كانوا هناك ثعالبًا وضباعا
قد كنت ربان السفينة عندنا
- تمضي وترفع للنجاة شراعا
وإذا خطبت فأنت سيل دافق
- ملأ الوهاد هديره دفّاعا
وحديثك العذب الزلال بهديه
- يحيي القلوب ويبهج الأسماعا
ويرنّ في أذن الزمان هتافكم
- (الله غايتنا) هدىً وصراعا
علّمْتَنَا أن (الجهاد سبيلنا)
- للمجد نمضي راكضين سراعا
وصرخت في وجه الطغاة مغاضبًا
- وكشفت عن تلك الوجوه قناعا
وصدعت بالحق الصراح ولم تلن
- عند الشدائد همّةً وقراعا
ولويت أعناق الطغاة بصولة
- وتركتهم لا يرفعون ذراعا
وملكت أفئدة الرجال وغيركم
- يسعى ليملك (منصبًا) و(ضياعا)
أنا من ثمارك شاكر لك شاهد
- ما كان سعيك في الجهاد مضاعا
أبشر بفضل الله يوم لقائه
- بركاته تترى عليك تباعا
ألبوم صور
البشير-الإبراهيمي-والفضيل-الورتلاني-ومحمد-محمود-الصواف-وعبد-الله-العقيل-ومحمد-خميس-حميدة-ود.أحمد-العسال |
إقرأ أيضا
روابط داخلية أبحاث ومقالات وكتب متعلقة
متعلقات
روابط خارجية أبحاث ومقالات متعلقة
|
تابع الروابط الخارجية
متعلقات
روابط فيديو
|