حادثة باب سويقة بين الحقيقة والتزييف
مقدمة
باب سويقة الحقيقة والتزييف:
أقرت محكمة التعقيب المنعقدة يوم 12 جويلية 1991 حكم الإعدام في خمسة من المتهمين فيما يسمّى بقضية باب سويقة ولقد برز إصرار السلطة على تلفيق التهم جزافا للمتهمين وتوظيف وسائل الاعلام في ذلك للنيل من صورة "النهضة" لدى الرأي العام الداخلي والخارجي ويكفي الرجوع إلى إلى أوراق القضية (محاضر التحقيق ومرافعات المحامين) لاكتشاف ما حف بهذه القضية من تجاوزات وخروقات ليس لها من مبرر إلا الرغبة المستميتة في توريط خصم سياسي واستغلال وتوظيف كل الأجهزة (الاعلام، القضاء...الخ) لتحقيق هذه الرغبة.
فالسلطة في روايتها للأحداث تؤكد أن "المعتدين" قد عمدوا إلى شد وثاق الحارس وسكبوا عليه البنزين وأشعلوا النار فيه مما يوحي بوحشية المعتدين ومن يقف وراءهم، بينما لم يثبت إطلاقا هذا في البحث، "وحيث لا نزاع في وقوع مداهمة المفر الحزبي وحصول إضرام النار فيه ولكن الذي لا مرية فيه أن أيا من المنوبين لم يكن ينوي إزهاق روح آدمية من خلال عملية المداهمة كما أن تصوير شد وثاق حارسين داخل المبنى الحزبي من طرف بعض المنوبين وسكب البنزين عليهما أو حولهما ثم إشعال النار فيهما أو في البنزين ليس بصحيح إطلاقا ذلك أن تفديم هذه الصورة البشعة عند استنطاق من نب إليهم هذا التصوير لدى إدارة شرطة أمن الدولة وقد أكد المنوبون المنسوب إليهم تلك الأقوال المعبّرة عن ذلك سواء عند حضورهم عملية الاستنطاق لدى السيد فاضي التحقيق أو في جلسة المحاكمة (أنظر محاضر جلسات المحكمة الجنائية بهيئتها الأولى) أن أقوالهم تلك سجلت عليهم تحت طائلة التعذيب والإكراه الديني والنفسي حتى أن أحدهم وهو المنوب محمد فتحي الزريبي قد كرّر أمام السيد قاضي التحقيق أنّه تعرّض للتعذيب والاكراه والتعنيف تسع مرات وأن تصوير الواقعة على ذلك النحو إنّما كان من إنشاء الباحث المنتدب الذي هددهم بالإصرار على أقوالهم تلك وإلا فإنهم سيحالون عليه من جديد لمباشرة مزيد من التعذيب عليهم حسبما أكده المنوبون بالجلسة.
وحيث أن المنوبين في مراحل البحث لدى التحقيق وباستعمال الوسائل الاستقرائية وخاصة المكافحات أكدوا أن لا صحة لما سجّل عليهم في هذا الخصوص لدى الباحث المنتدب وتبين من خلال هذه الأعمال الاستقرائية أن الواقعة لا تعدو أن تكون في تعرّض الحارسين (الهالك والمتضرر) للإصابة ولو كان ذلك كذلك لبقيت آثار الحبال خاصة وأنها بلاستيك، والبلاستيك مادة عضوية تتصلب بالاحتراق وتبقى آثارها زمنا طويلا خلافا لما ذهبت إليه المحكمة في حكمها المطعون فيه ولم يشاهد السيد مساعد وكيل الجمهورية القائم بحصة الاستمرار الذي توجه إلى موطن الواقعة حين حصولها أي أثر لما زعم من وجود الحبال المشار إليها هذا الفضلا عن عدم مشاهدة من كان حاضرا من بقية الحرّاس توثيق أي من الحارسين المصابين."
ولم يقع احترام حتى أبسط حقوق الدفاع: "وحيث صاحبت التتبعات في هذه القضية ومحاكمة المتهمين حملات من وسائل الإعلام المرئية إلى تقديم المتهمين للنظارة وذلك خرقا لأبسط حقوق الدفاع ومقتضيات النصوص القانونية". للتأثير على قرار المحكمة مسبقا، هذا إن كان لها قرار فقد أثارت ذات الوثيقة إلى "أنه بالرجوع لللائحة المطعون فيها نجد بها بياضات شاسعة بالصفحات 17 و18و55و65 و76 كما كادت لا تخلو صفحة من صفحاتها من مقحمات ومشطبات ومخرجات غير مصادق عليها حتى في باب مستندات الحكم باعتبارها لاغية قانونا يصبح الحكم فاقدا للتعليل تماما وهو أمر بالغ الخطورة لا سيما بالنظر للعقوبات المقضي بها والتي بلغت حد الإعدام ومن المتأكد أنه لم يسبق أن وجدت لائحة حكم بها مثل هاته المشطبات والمخرجات والمقحمات المتعددة والغير مصادق عليها وهو ما يتجه معه اعتبار "لائحة الحكم" برمتها باطلة لمخالفتها لأحكام الفصلين المذكورين.
إذ لا يمكن تصور تنفيذ إعدام متهمين بحكم مشوب بمثل هاته العيوب الخطيرة التي تجعله غير متصف بصفة الحكم أصلا"
وهودليل واضح على التدخل السافر في القضية وإملاء القرارات من طرف السلطة على امحكمة، فقد قرّر المحامون في جلسة 18 جوان الانسحاب أمام رفض المحكمة مطلب التأخير، ولكن المحكمة تراجعت في قرارها واستجابت للمحامين بتأخير القضية "وهو تراجع مكشوف تكفي تلاوة محضلر الجلسة المذكورة للاقتناع به وبأنّ التأخير في القضية التي كان مرفوضا لأول مرة من طرف المحكمة لم يستجب له إلا بعد التدخلات".
وبرزت رغبة الهيئة القضائية "لتسوية" الملف في أقرب الأوقات والآجال حتى أنها سخّرت للدفاع عن المتهمين محاميا كان في جلسلت قريبة قائما بالحق الشخصي في القضية ذاتها"تسخير الأستاذ الحوت في جلسة يوم 18/06/ 1991 للدفاع عن كل المتهمين بعد انسحاب محاميهم والحال أن الأستاذ كان نائبا عن شق القائمين بالحق الشخصي مثلما هو ثابت من خلال أوراق الملف وقد سبق له الترافع أمام المحكمة طالبا الحكم بإدانة المتهمين".
وتبرز العجلة والإصرار على القتل ومن وراء ذلك توريط خصم سياسي - حركة النهضة - في الصفحة 75 من ن الحكم "حيث أنه وبالنظر إلى ظروف المتهمين وباعتبار دور كل واحد منهم ونقاوة سوابق البعض وصغر سنهم فإنّ المحكمة راعت في اعتبارها هذه المعطيات في تفدير العقاب المسلط عليهم عملا بالفصل 53 من القانون الجنائي" وحيث أصدرت المحكمة ضد الشبان محمد فتحي الزريبي ومصطفى بن حسين ومحمد الهادي النيغاوي حضوريا بأحكام قاضية بإعدامهم شنقا فإن ذلك يمثل أقصى العقاب المنصوص عليه بفصل الإحالة، فهل أن التشديد يعني لدى المحكمة قتل الشبان جميعا أم قتل بعضهم مرتين وأكثر.
لا تبرير في اعتقادنا لكل تلك الخروفات ولكل ذلك التزييف إلا التوظيف القذر لكل الوسائل المشروعة والغير مشروعة لتصفية طرف سياسي يملك أرصدة كبيرة محليا ودوليا.
هذه بعض المقتطفات من نص المرافعة فيما سمي بقضية باب سويقة للأساتذة المحامين شقرون المحامي لدى محكمة التعقيب وعميد المحامين وزملاؤه الأستاذان بلقاسم خميس ومحمد نجيب الحسني، ونحن إذ نضع هذه الوثيقة - الشهادة- بين يدي القاريء والتي تغني عن أي تعليق.
الأستاذ محمد شقرون المحامي لدى محكمة التعقيب
نهج مصطفى مبارك رقم 1-تونس
وزملاءه الأستاذان: بلقاسم خمير ومحمد نجيب الحسني
تعقيب جنائي عدد 40206
تونس في 01- 07- 1991
مستندات التعقيب
لفائدة المتهمين:
4- هشام بنور
6- محمد بوزميتة
8- محمد الجلاصي
10- جلال سلومية
11- منير الجناشي
12- الشاذلي النقاش
13- صابر الجمروني
14- رضا العيوني
15- سعد الهاني
16- طه بقه
17- الحبيب السعيدي
18- كمال العزيزي
19- عادل القشي
الضد:
1- الحق العام
2- الفائمون بالحق الشخصي
جناب محكمة التعقيب
يتشرف المحامون الممضون أسفله عرض ما يلي على جناب محكمة التعقيب بتونس:
1) من حيث الشكل
حيث تعقب المنوبون الحكم الجنائي في القضية عدد 16331 من الدائرة الثالثة عشرة بمحكمة الاستئناف بتونس بتاريخ 27 جوان 1991 وكان طعنهم ممن له صفة وفي الآجال القانونية ومستوفيا لبقية شرائطه الشكلية فاتجه فبوله شكلا.
2) من حيث الأصل
الوقائع
حيث وقع يوم 17 فيفري 1991 اعتداء على مقر التجمع الدستوري الديمقراطي بباب سويقة فتولت الشرطة تحرير محضر أحالته في نفس اليوم على السيد وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس الذي أذن بفتح بحث في الموضوع بواسطة قاضي التحقيق بالمكتب السابع بنفس المحكمة وأصدر هذا الأخير إنابة عدلية تحت عدد 7/17012 بتاريخ 19 فيفري 1991 وتمت جملة الأبحاث بإدارة شرطة أمن الدولة أين بقي المنوبون موقوفين فترة من الزمن تقارب ما استغرقته كامل أطوار القضية من تحرير محاضر واستنطاقات والنظر من دائرة الاتهام والبت من محكمة التعقيب في قرار دائرة الاتهام والنظر في القضية من الدائرة الجنائية الثانية عشرة بمحكمة الاستئناف بتونس والنظر والبت من محكمة التعقيب بتونس طعنا في الحكم الجنائي الصادر عن الدائرة الجنائية المذكورة وإعادة النظر في القضية من جديد من طرف الدائرة الثالثة عشرة بمحكمة الاستئناف المذكورة وصدور الحكم المطعون فيه الآن
وقد جاء من خلال الأبحاث تعمد بعض الشبان مداهمة مق لجنة التنسيق الحزبي بباب سويقة بعد أن تقارروا على ذلك بغاية اتلاف بعض الوثائق الموجودة به وبعد أن اتفقوا على عدم التعرض للحراس والاكتفاء بتحييدهم وأكدوا على ضرورة تفادي كل ما من شأنه أن يعرض حياة حراس المبنى للخطر وقد تمت عملية المداهمة وبعد أن تسلح بعضهم بعصى كما تسلح أحدهم بسكين كما حمل أحدهم حبلا وهو محجوز على ذمة القضية.
وحيث ظهر من خلال أوراق الملف تعمد بعض المتهمين سكب مادة البنزين بمدارج المبنى كما اعتدى البعض منهم على بعض الحراس بالعنف في أماكن تجسّد ما اتفقوا عليه من تفادجي كل ما يمكن أن يؤدي إلى القتل.
كما جاء في أوراق الملف أن المتهمين الذين فوجئوا بتصدي بعض الحراس لهم وبفرار البعض الآخر لإعلام أقرب مركز شرطة (وهو مكان لا يبعد عن مكان الواقعة سوى بضعة أمتار) قرروا بعد مرور قرابة الدقيقتين على انطلاق العملية الانسحاب خوفا من القبض عليهم وقد ذكر المتهمون أنهم فوجئوا عند الانسحاب باشتعال النار وتصاعد الدخان.
وقد أكد عدد من المتضررين حول الاعتداء المذكور كما أكدوا استهداف بعضهم لاعتداءات بالعنف تتسم بوضوح على عدم توفر نية القتل من طرف المعتدين كما ذكروا أنّهم لم يروا لا المرحوم السلطاني ولا المتضرر بن رجب مشدودي الوثاق بل على العكس من ذلك ذكر الحارس الزواوي أنه بعد فراره في اتجاه شعبة باب سويقة عاد مسرعا إلى المقر وقد اعترضه عند رجوعه المرحوم عمارة السلطاني في مدخل المقر الخارجي والنار تشتعل في ثيابه.
وحيث ثبت من خلال الأبحاث أن دوي الانفجار حصل بسبب انفجار عداد الكهرباء وجهاز تلفزة كان موجودا بالغرفة التي كان بها المتضررين عمارة السلطاني ولزهر بن رجب بالطابق العلوي الأمر الذي أدى إلى إصابتهما بالحروق التي أدت لوفاة أحدهما والأضرار بالآخر.
ولئن اعترف جملة المتهمين الحاضرين (عدى رياض بوعزيز وطه بقة ولسعد الهانيوصابر الحمروني وعادل القشي وفتحي المشرقي) لحضور الواقعة فإنهم أكدوا في كامل مراحل القضية وحتى لدى الباحث المنتدب أن القصد من عملهم كان غير القتل كما لم يثبت في حق أي واحد منهم شد وثاق الحارس عمارة السلطاني ولا سكب البنزين عليه ولا إضرام النار فيه خاصة وأن العملية برمتها لم تدم إلا قرابة الدقيقتين تقريبا ولقد ظهر من خلال أوراق الملف ان اشتعال النار بالمقر كان بسبب انفجار جهاز التلفزة أثر انفجار عداد كهرباء المقر.
ولقد أدى انفجار جهاز التلفزة الموجدود بغرفة الطابق العلوي إلى اشتعال النار بأثاث الغرفة وبمدارج البناية كما أدت إلى إصابة الهالك عمارة السلطاني ومرافقه المتضرر الثاني الذين لم يستطيعوا تفادي النيران المشتعلة بالمدارج وفد اضطر المرحوم عمارة السلطاني إلى النزول إلى أسفل المدارج بمدخل البناية الخارجي والنار تلتهم ملابسه وذلك بفعل انفجار الجهاز واقتحامه للنيران التي تشتعل بالمدارج المؤدية لمدخل البناية الخارجي كما أنه لا شيء يفيد أن المرحوم عمارة السلطاني كان موثوق اليدين خاصة وأن الحبل المحجوز ليس به اي آثار للحرق ولم يقل أحد بجلب حبل آخر غيره ولا تمّ من خلال المعاينات العثور لا على آثار الحبل الذي يحتمل أن يكون تمّ شد وثاق عمارة السلطاني به ولا على بقاياه لا بالغرفة ولا بالمدارج ولا بمدخل البناية.
وحيث أن نشر القضية لدى الدائرة الثانية عشرة كان يوم 23 أبريل 1991 أي في نفس اليوم الذي كانت فيه محكمة التعقيب متولية النظر في الطعون المرفوعة ضد قرار دائرة الاتهام.
وحيث أن القضية نشرت لدى الدائرة الجنائية المذكورة قبل أن تبت محكمة التعقيب في الطعون الموجهة إلى قرار دائرة الاتهام وفي وقت كان فيه ملف القضية لدى محكمة التعقيب، كما أن الدائرة الجنائية المذكورة أصدرت حكمها يوم 22 مايو 1991 وكان قاضيا بالسجن بقية العمر كأقصى عقاب ووقع الطعن في حكمها بالتعقيب من عدّة أطراف منها النيابة العمومية التي كان تعقيبها موجها بصريح العبارة ضد جملة المتهمين بمن فيهم الحدث المحكوم عليهم غيابيا، ولم يعلم المحامون بالجلسة لدى محكمة التعقيب إلا باستدعاء مؤرخ في 31 مايو 1991 أي قبل انقضاء أجل الطعن الذي لا ينقضي إلا بانقضاء يوم أول جوان 1991 ضرورة أن الحكم المطعون فيه كان قد صدر يوم 22 مايو 1991 ولم يبلغ إليهم ذلك الاستدعاء إلا يوم 3 جوان 1991 لحضور الجلسة في اليوم الموالي ولم تستجب محكمة التعقيب لمطلب التأخير المقدم إليها من بعض المحامين... وبتت في القضية في اليوم المذكور أي يوم 4 جوان بقبول مطالب التعقيب شكلا عدى المشار منها ضد الحدث عبد الكريم المثلوثي فرفضه شكلا بالنسبة إليه وفي الأصل بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى فيه جزئيا ومدنيا وارجاع القضية لمحكمة الموضوع للقضاء فيها مجددا بهيئة أخرى.
حيث أن محكمة الاحالة أعادت النظر في القضية حتى بالنسبة لمن سبق أن حكم عليهم غيابيا وقضت على اثنين منهم بالاعدام شنقا والملاحظ أيضا أن السيد رئيس محكمة الاحالة نشرت لديه القضية بجلسة أولى يوم 13 جوان 1991، وافتتح الجلسة بإبداء ملاحظات شفهية (دون تلاوة أية ورقة من أوراق القضية) أبدى فيها رأيه مسبقا في الحكم في القضية ولما سأله لسان الدفاع عما كان يتفوه به وهل لا ينوي قراءة قرار دائرة الاتهام وعرض ما صدر به حكم محكمة التعقيب فأجاب بأن ذلك غير لازم وان ما عبّر به شفهيا هو ملخص وقائع القضية.
إلا أنه بالاطلاع فيما بعد على محضر الجلسة يوم 13 جوان 1991 تبيّن أنه ورد به التنصيص علة وقوع تلاوة قرار دائرة الاتهام حسبما ذلك بالصفحة الثانية من محضر الجلسة المذكورة بالسطر الرابع الأمر الذي هو مخالف تماما للواقع والحقيقة وهو ما أكده لسلن الدفاع بجلسة يوم 18 جوان 1991 طالبا من المحكمة الاذن بإصلاح محضر الجلسة المذكورة وإعادة صياغته حسبما وقع فعلا وقدم تقرير كتابي في ذلك الموضوع ولم يقع الاستجابة لهذا الطلب، كما أن بعض الزملاء أعلنوا نيابتهم لأول مرة عن بعض المتهمين الذين ليس لهم من ينوبهم ورغم أن القضية جنائية وتستوجب وجود محام عن كل متهم فقد رفض السيد رئيس الدائرة 13 الطلب الأخير وأذن بالتمادي على مرافعة محامي القائمين بالحق الشخصي عندها انسحب لسان الدفاع عن المتهمين طالبين تسجيل انسحابهم وهو ما رفض أيضا إذ لم يسجل ذلك الانسحاب بمحضر الجلسة ثم استمر على الاستماع إلى مرافعات ممثلي القائمين بالحق الشخصي وهما الأستاذان عادل كعنيش ومحمد النقازي.
في غياب نواب جملة المتهمين، وبعد تدخل ممثل الهيئة الوطنية للمحامين لدى السيد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس تمت الاشارة على لسان الدفاع عن المتهمين بالرجوع إلى قاعة الجلسة وبأن المحكمة ستؤخر القضية وهو ما تم فعلا وبالاطلاع على محضر الجلسة (أي جلسة 18 /06/ 1991) تبين أن به افتعال بالزيادة والنقصان، فالزيادة بكتابة بل فوق حرف الواو في عبارة والتمادي على مرافعة القائمين بالحق الشخصي واضافة جملة (والنظر في طلب التأخير فيما بعد) وهي عبارة لا يفبلها العقل إذ كيف ينص في محضر واحد على رفض مطلب التأخير ثم وبعد سطرين فقط ينص على أن النظر في التأخير سيقع فيما بعد كما لاحظ لسان الدفاع أن المحضر المذكور ولإن نص على حضور الزميل الأستاذ نور الدين البحيري إلا أنه لم ينص على طلبه التأخير أصالة ونيابة عن الزملاء نبيل بالحاج وعبد الستار اليوسفي وفتحي العيوني وعمر الصوالحي النائبين لأول مرة عن متهمين لم يسبف في هذا الطور من القضية أن ناب عنهم أي محام كما وقع التنصيص خطأ بالمحضر المذكور على أن الزميل الأستاذ نور الدين البحيري أعلن نيابته عن المتهم مصطفى بن حسين في حين أن شيئا من ذلك لم يحصل.
كما أنه لم يقع التنصيص على ما بلغنا من أن الزميل الاستاذ عبادة الكافي لاحظ للمحكمة عدم قانونية الاستمرار إلى مرافعة محامي القائمين بالحق الشخصي وهو أحدهم في غياب لسان الدفاع عن المتهمين كما لم يقع التنصيص على أن المحكمة سخرت بجلسة يوم 18/06/1991 لتصحيح اجراءات سيلر القضية الأستاذ الحوات للدفاع عن كل المتهمين والحال أن الأستاذ الحوات مثلما هو ثابت من خلال أوراق الملف نائب عن شق من القائمين بالحق الشخصي وفد سبق له التراجع عن موكليه(القائمين بالحق الشخصي) طالبا الحكم بإدانة المتهمين من أجل ما نسب إليهم ورغم تقديم تقرير في ذلك لمحكمة الأصل في جلسة يوم 25/06/1991 ومطالبتها بالإذن بتصحيح محضري الجلسة المعنيين فانها امتنعت عن ذلك واكتفت بالاشارة في حكمها المطعون فيه إلى أن عدم تلاوة قرار دائرة الاتهام وأوراق الملف على المتهمين لا تأثير له على صحة إجراءات القضية مقرة بذلك أنها لم تقرأ على المتهمين لا تأثير له على صحة إجراءات القضية مقرة بذلك أنها لم تقرأ على المتهمين لا قرار دائرة الاتهام ولا نصوص الاحالة ولا نص الحكم التعقيبيالذي تعهدت بموجبه عكس ما تم تسجيله بمحضر الجلسة يوم 13/06/ 1991 كما أنّها لم تجب عن بقية طلبات الدفاع بشيء والحال أن افتعال محضري الجلسة المشار إليهما من طرف الفاع والمدعّم بإقرار الحكمة من خلال ما يجعل إجراءات التقاضي مختلة اختلالا مطلقا ويؤكد أن تصريحات السيد رئيس المحكمة المطعون في قرارها في بداية جلسة يوم 13 جوان 1991 هي جملة ملحوظات شخصية شفوية لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بما أوجبه الفصل 143 من مجلة الاجراءات الجزائية وإذا كانت تلك الملحوظات غير تلاوة أوراق الملف على المتهمين فهي وجوبا إبداء رأي مسبق في الحكم في القضية وكان عدم الاستجابة إلى إصلاح محضري الجلسة يمس مساسا مباشرا بحقوق الدفاع ومصالح المتهمين الشرعية وهو خرق صارخ لأحكام الفصلين 149 م.ا.ج ويجعل أعمال مشوبة بالبطلان طبق أحكام الفصل 199 من م.ا.ج.
وحيث صاحب التتبعات في هذه القضية ومحاكمة المتهمين حملات من وسائل الاعلام الرسمية ضد المتهمين بقيت متواصلة إلى صدور الحكم فيها وذهب الأمر بوسائل الاعلام الرسمية إلى تقديم المتهمين للنظارة وذلك خرقا لأبسط حقوق الدفاع ومقتضيات النصوص القانونية التي من بينها الفصل 63 من مجلة الصحافة الذي يحجّر تحجيرا كليا نشر قرارات الاتهام وغيرها من الأعمال المتعلقة بالاجراءات الجزائية قبل تلاوتها في جلسة عمومية، وقد تمت إثارة جميع تلك النقاط لدى محكمة الموضوع والمطعون في حكمها كما تمت مطالبتها بتوقيف النظر إلى أن تنتهي تلك الحملات الدعائية المناوئة للمتهمين وتنمحي آثارها إلا أن المحكمة لم تستجب لتلك الطلبت المقدمة لها ضمن تقرير قدمه لسان الدفاع عدم أهلية القيام بالدعوى المدنية من طرف التجمع الدستوري الديمقراطي الذي لم يقدم في شأنه ما يفيد وجوده كذات معنوية يجوز لها التقاضي لدى المحاكم وإذا كانت محكمة الجنايات الثانية عشر أجابت عن هذا الطعن بالفول "إنه حزب سياسي معترف به على الساحة الوطنية ويعمل كذات معنوية منذ مدة وهي تستند في ذلك إلى عملها الخاص معترفة بأن لا وجود في أوراق الملف لما يثبت وجود هذا الحزب كذات معنوية على معنى القانون فإنّ محكمة الجنايات الثالثة عشر المطعون في حكمها قد أجابت حسبما صرحت به بجلسة الحكم عندما انتصبت تلاوة له بأنّه سبق لمحكمة القانون (ونعني بذلك محكمة التعقيب أي محكمة الجناب) أن فبلت تعقيب الحزب المذكور مما يدلّ على أن له صفة للقيام والحال أن قرار محكمة التعقيب السابق صدوره في هاته القضية ولئن صرح بقبول جملة مطالب التعقيب شكلا والنفض إلا أنه لم يتعرض البتة لتعقيب التجمع الدستوري الديمقراطي ولا لأهليته في القيام بالطعن ولا إلى مصلحته في ذلك الطعن ضرورة أن محكمة الأصل الأولى حكمت له حسب طلباته.
وحيث تعقّب المنوبون ذلك الحكم ناعين عليه الافراط في السلطة بهضم حقوق الدفاع وضعف التعليل الذي هو بمثابة فقدان التعليل وخرق القانون حسبما بيان ذلك في ما يلي:
الطعن الأوّل: الإفراط في السلطة
أ- هضم حقوق الدفاع
1) في التسرع في البت في القضية في كل طور من أطوارها دون تمكين لسان الدفاع من القيام بواجبه المتمثّل في الاطلاع على كافة أوراق القضية ودرس الملف واتمام الدراسات اللازمة من حيث الوقائع والقانون وتحضير وسائل دفاعه وتحرير تفارير في شأنها ويتجلّى ذلك من هاته القضية مرّت بعد الأبحاث الابتدائة على سبعة أطوار هي قلم التحقيق، فدائرة الاتهام بمحكمة التعقيب التي نظرت طعنا في قرار دائرة الاتهام فالممحكمة الجنائية (الدائرة 12) فمحكمة التعقيب فمحكمة الإحالة (أي محكمة الحكم المطعون فيه الآن) ثم محكمة الجناب. كل ذلك في ظرف ثلاثة أشهر وبضعة أيام ولا أدل على خرق حقوق الدفاع مما وقع يوم جلسة 18 جوان 1991 عندما طلب لسان الدفاع ولا سيما زملاء محامون نائبون لأوّل مرة عن المتهمين الذين لا ينوبهم أي محام التأخير للاطلاع على الملف وتحضير وسائل الدفاع وبالرغم من ذلك فقد قررت المحكمة الرفض والتمادي على سماع النواب القائمين بالحق الشخصي في عياب لسان الدفاع عن المتهمين الذين انسحبوا من الجلسة بعد أن طلبوا من المحكمة تسجيل الانسحاب وتبيّن فيما بعد أنّها لم تسجّل ذلك الانسحاب ثم أنّها وبنفس تلك الجلسة وبتدخّل من الهيئة القومية للمحامين لدى السيد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف وبعد الاتصال بسلطة الاشراف (وزارة العدل) فررت المحكمة اتأخير بعد أن عللّته بتفديم طلبات كتابية من محامي القائمين بالحق الشخصي وهو تراجع مكشوف تكفي تلاوة محضر الجلسة المذكور للاقتناع به وبأنّ تأخير القضية الذي كان مرفوضا لأول مرة من طرف المحكمة لم يستجب له إلا بعد التدخلات.
كما أن هضم حقوق الدفاع يتجلى أيضا من خلال عدم تسجيل انسحاب المحامين من تلك الجلسة والاستجابة لمطلب تصحيح محضر جلسة يوم 13 جوان والحال أنه يتعلق بمطعن أساسي أدى بالمحامين برفع عريضة للتجريح في السيد رئيس الدائرة الجنائية المتعهدة بالقضية وأن رفض مطلب التجريح فإن ذلك يعزي للابقاء للمحضر على ما هو عليه بما تضمنه خلافا للحقيقة والواقع من تلاوة فرار دائرة الاتهام على المتهمين أي لعدم العثور على من تولّى النظر في التجريح دليل قاطع على ذلك الافتعال وهو افتعال أصبح اليوم ثابتا بما ورد في الحكم المطعون فيه على لسان محكمة الحكم المطعون فيه إذ جاء به في الصفحة 67 أن الفصل 143 لم يوجب خلافا لما تمسّك به لسان الدفاع قراءة قراردائرة الاتهام مما يؤكد صدق ما تمسك به لسان الدفاع إذ لو كان الأمر خلاف ذلك لأكدت المحكمة أن ما ورد بمحضر الجلسة المذكورة مطابق للواقع وأنه قراءة فرار دائرة الاتهام وعرض أوراق الملف على المتهمين طبق القانون أما الاكتفاء بالقول أن الفصل 143 من م.ا.ج لا يوجب قرار دائرة الاتهام فذلك دليل على أن تلك القراءة لم تتم وأن المحضر مفتعل ومخالف للواقع وعلى المحكمة تصحيحه ولو فعلت ذلك لتأكّد ما تمسّك لسان الدفاع من أن السيد رئيس المحكمة لم يعرض على المتهمين أية ورفة من الملف وإنما أبدى ملاحظات شفوية تكشف رأيه المسبق في الحكم في القضية بناء على افرار المحكمة بذلك الافتعال الوارد بالمحضر المذكور فإنه يتجه للحاكم بنقض الحكم المطعون فيه لصدوره ممن سبق أن أبدى فيه رأي في وجه الفصل في القضية وحيث أنه بمراجعة محضر جلسة يوم 13 جوان 1991 وما دوّن بنسخة الحكم المطعون فيه فإن المحكمة تغافلت عن نقل حتى ما سجل بالمحضر المذكور في خصوص ما أصدرته من قرار بشأن مطلب التأخير فأصبح الحكم الحاضر بمحضر الجلسة "قررت المحكمة رفض مطلب التأخير ...والتمادي على مرافعات القائمين بالحق الشخصي والنظر في مطلب التأخير" فيما بعد أصبح بفعل فاعل في نسخة الحكم "قررت المحكمة التمادي على مرافعات القائمين بالحق الشخصي والنظر في مطلب التأخير فيما بعد..." وهو لعمري افتعال خارق لكل مقتضيات القانون ولما جرى به العمل بالمحكمة التونسية منذ فرون وهو أمر لم يأت به إلى حدّ علمنا لا الأولين ولا الآخرين ولا نظن أحد من الأحياء يتجرأ على الاتيان به.
2) تمادي المحكمة في جلسة يوم 18 جوان 1991 في الاستماع لمرافعة نائبي القائمين بالحق الشخصي في غياب كل محاميي المتهمين من ينوب أصالة منم ومن هو مسخّر للنضال عنهم وذلك خلافا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 143 من م.ا.ج الذي يوجب أن تكون المرافعات بمحضر الخصوم.
3) رفض تسجيل ما علمناه من تدخل لسان دفاع القائمين بالحق الشخصي ممثلا في الأستاذ عبادة من عدم جواز التمادي في مرافعات القائمين بالحق الشخصي في غياب محامي المتهمين.
4) تسخير الأستاذ الحوات في جلسة يوم 18 /6/1991 للدفاع عن كل المتهمين بعد انسحاب محاميهم والحال أن الأستاذ كان نائبا عن شق من القائمين بالحق الشخصي مثلما هو ثابت من خلال أوراق الملف وقد سبق له الترافع أمام المحكمة طالبا الحكم بإدانة المتهمين ورفض تسجيل ذلك الأمر الذي يعتبر خرقا صارخا لأحكام الفصلين 143و 145 الذي أوجب على المحكمة تسجيل كل ما تتخذه من قرارات وأحكام وهو ما لم يتم في قضية الحال.
5) عدم إحضار المحجوز بالجلسة وعدم عرضه على المتهمين حتى يتمكنوا من دحض التهم الموجهة ضدهم طبق مقتضيات الفصل 143 من م.ا.ج.
6) حيث أثار لسان الدفاع مسألة التعذيب والحال أن المتهم عادل القشي ذكر أنه استهدف لتعذيب أدى إلى انفلاق إحدى كليتيه مما استوجب نقله للمستشفى العسكري كما تحدث باقي المتهمين عن تعرضهم لألوان من التعذيب يستحي الإنسان من تفصيلها كما ثبت أن آثار العنف مازالت بارزة على البعض رعم طول المدة ولم ترد المحكمة على ذلك بشيء.
7) حيث جاء بالصفحة 71 من الحكم المطعون فيه ما يلي "حيث أن عدم اعتبار صابر الحمروني غير متواجد في عملية المداهمة والتسرب والتسرب اتجاه عير سليم المبنى".
وحيث أن هذه الفقرة دليل قاطع على إفراط المحكمة المطعون في حكمها في السلطة ذلط أنها سوغت لنفسها النظر في ما سبق أن صدر عن الدائرة الجنائية بتشكيلة أخرى من حكم في شأن المنوّب صابر الحمروني سوّغت لنفسها النظر في ما سبق أن صدر عن الدائرة الجنائية بتشكيلة أخرى من حكم في شأن المنوّب صابر الحمروني سوّغت لنفسها إبداء النظر في استقراءات واستنتاخات.
وحيث أنّ قول المحكمة بأنّ اتجاه المحكمة من سبقها في تعاطي أوراق الملف والبت فيها "اتجاه غير سليم" إفراط في السلطة ألحق ضررا بالمنوب صابرالحمروني ومس من مصلحته الشرعية وهو موقف يكشف بوضوح أن محكمة الحكم المطعون فيه تعاطت ملف القضية وأوراقها برأي مسبق رعم أنه محرّم عليها ذلك قانونا.
8) عدم تمكين لسان الدفاع من نسخة من الحكم المطعون فيه إلا في ساعة متأخرة من يوم السبت 29/06/1991 رعم ما بذلناه من جهد للحصول ولو على صورة منه في حين أنّه لا شك في أنه كان ضروري حسبما افتضته الفقرة الأخيرة من الفصل 134 من أنه يجب في المادة الجنائية تلاوة الحمن بتمامه في جلسة عمومية.
9) تعييت النظلر في القضية لدى دائرتكم لجلسة يوم عرّة جويلية 1991 في حين أن أجل الطعن بالنسبة لجملة المتهمين حتى المحكوم عليهم بالإعدام لا زال جاريا ضرورة أن يوم الجلسة هو اليوم الرابع بعد صدور الحكم المطعون فيه وأما بالنسبة لبقية المتهمين فأجل الطعن لا ينقضي إلا بانقضاء يوم 7 جويلية الجاري.
ب- تحريف الوقائع
1) حيث جاء بالصفحة 72 من الحكم المطعون فيه ما يلي "حيث أن الثابت مناعترافات المتهمين مصطفى بن حسين ومحمد فتحي الزريبي ومحمد الهادي النيغاوي وعماد المغيربي والمنجي الرعاش ومن تصريحات بعضهم على بعض تعمّدهم اقتحام مقرّ لجنةالتنسيق للتجمع تعنيفهم للحراس" وفي ذلك أقوى تحريف يمكن تصوره في قضية جنائية يصدر فيها الحكم بإعدام خمسة أشخاص إذ من المعلوم أن المتهمين عماد المغيربي ومنجي الرعاش هما بحالة فرار ولم يقع سماعهما في كل مراحل القضية ولا التحرير عليهما البتة وهو ما يدل على أن المحكمة المطعون في حكمها لم تكن مطلعة تمام الاطلاع علة أوراق القضية ولا هي عالمة بما هو مبين فيها واضح وضوح الشمس في النهار مما يوجب نقض الحكم المطعون فيه لتحريفه لوقائع ثابتة منالحكم نفسه إذ أنّ هذا الحكم صدر في شأن المتهمين المغيربي والرعاش غيابيا هذا لا سيما وأنه يتبيّن من تك الحيثية أنها أهم ما اعتمدته المحكمة لإدانة المتهمين وتسليط أقصى العقوبات عليهم.
2) حيث جاء قي الصفحة 71 من الحكم المطعون فيه ما:"حيث أثبتت الأبحاث في القضية تسلح المتهمين منير الحناشي وإلياس بن رمضان والمنجي الرعاش ومحمد فتحي الزريبي بسكاكين استعملوها عند مهاجمتهم حراس مقر لجنة التنسيق ...وهو تحريف صارخ لما ثبت من أوراق القضية من أنه لا وجود إلا لسكين واحدة والمحجوز حجة على ذلك وقد نسب لمنير الحناشي استعماله كما نسب لمنير الحناشي استعماله كما نسب لمحمد فتحي الزريبي مسكه ولم يأت في الأبحاث ما من شأنه أن يدلّ أو يشير حتى مجرّد إلى الإشارة إلى وجود اربعة سكاكين.
وحيث جاء على لسان محمد المنصف المنصوري الذي اعتبرته المحكمة شاهدا دون أن يكون أدى اليمين القانونية أنه شاهد واحدا من المتهمين ماسكا لسكين فمن أين للقرار ببقية السكاكين وأين وجدها يا ترى؟
3) وحيث جاء في الصفحة 72 من الحكم المطعون فيه ما نصه حرفيا "شد وثاق عمارة السلطاني المنهوك القوى من فرط الاعتداء بالعنف بواسطة العصي ومقبض السكين والأيدي..." وهو تحريف آخر خطير آخر خطير للوقائع وافتعال لها والحال أن أوراق القضية ناطقة بعكس ذلك إذ لم يقل أحد لا من المتهمين ولا من غيرهم بتعرض السلطاني للاعتداء بالعنف مطلقا.
4) حيث جاء في آخر الصفحة 73 والصفحة عدد 74 من الحكم المطعون فيه"قد ثبت من اعترافات المتهم الشاذلي النقاش تعمد هذا الأخير إشعال قرورة حارقة حاوية لمادة المولوتوف بواسطة علبة كبريت كانت بحوزته وألقاها مشتعلة على الحارس الأزهر بن رجب فالتهمته النيران..."
وحيث أنه بالرجوع إلى كامل أوراق القضية وسائر الأبحاث في مختلف المراحل لا نجد أثرا لمثل هذه الاعترافات المزعومة والوقائع الوهمية التي هي خيالية مطلقا ناهيك وأن جميع من تمّ سماعهم من المتضررين شهدوا بأنّ لزهر بن رجب كان موجودا بالغرفة التي كان فيها المرحوم عمارة السلطاني لا خارجها.
ج- ضعف التعليل
1) حيث جاء بالحكم المطعون فيه ص 70 تأكيد المحكمة على مسك بعض المتهمين لمواد انفجارية مرتكبة هكذا خلطا واضحا بين المواد الحارقة والمواد الانفجارية ضرورة أن القارورة المحجوزة لا تحوي سوى مواد هي البنزين والبترول والصابون وزيت المحركلات المحترق وهي مواد كلها مواد قابلة للاشتعال (عدى الصابون) بفعل حارق وبالضرورة أنها لا تكون مادة انفجارية حسبما أثبته الاختبار المجرى في هذه القضية بواسطة الشرطة الفنية المسخّرة من طرف شرطة أمن الدولة (أنظر الوثيقة المحرّرة من مصلحة المخابر المؤرخة في 20 فيفري 1991).
والقول بغير ذلك أنها مواد انفجارية هو قول مردود ومخالف لما جاء في أوراق الملف وفي الاختبار الفني المجرى من طرف الشرطة الفنية.
2) وحيث ورد بالصفحة 72 من الحكم المطعون فيه أنه من الثابت من اعترافات المتهمين مصطفى بن حسين ومحمد فتحي الزريبي ومحمد هادي النيغاوي وعماد المغيربي والمنجي الرعاش ومن تصريحات بعضهم على بعض تعمّدهم عند اقتحام مقر لجنة التنسيق تعنيفهم للحراس بواسطة العصي وتعمّد محمد فتحي الزريبي وهشام بنّور تحت نظر عماد المغيربي وبأمر منه شد وثاق الحارس عمارة السلطاني المنهوك القوى من فرط الاعتداء عليه قلنا أن كل لك ورد في الصفحة 72 من الحكم المطعون فيه في حين أن المتهم عماد الغيربي والمنجي الرعاش أحيلا على المحكمة بحالة فرار ولم يسبق الاستماع اليهما البتّة على أن ما سجل على بعض المتهمين أمام الباحث المنتدب والتي تراجعوا فيها بمجرد قولهم لدى السيد قاضي التحقيق سواء بمحضر الاستئناف أو في المكافحة (والوثيقة رقم 7/81) وكذلك عند مثولهم أمام المحكمة الجنائية بهيئتها الأولى وأما قول الحكم بخلاف ذلك فإنه من باب تحريف الوقائع وأوراق القضية والتزيد ويمثّل في النهاية فقدان للتعليل وخرق فادح للفصل 168 من م.ا.ج (الفقرة الرابعة).
3) وحيث جاء في الصفحة 73 من نفس الحكم أنه "حيث أن ما تمسك به دفاع المتهمين بأنه لم يقع شد وثاق المجني عليه عمارة السلطاني بدليل عدم وجود أي أثر للحبل المدعي تقييده به تمسّك غير سليم أثبت من لشهائد الطبية أن النار أتت على يدي المجني عليه وأحرقت أصابعه جميعه..." كما جاء فيها "وحيث أن النار التي أتت على العضو الموثوق لا تتسرب إلى الأداة المستعملة في الوثائق وتأتي على أكملها خاصة وأن الحبل المستعمل هو من نوع النيلون..." وحيث أن هذا التعليل مردود لأنه مؤسس على التخمين المعبرعنه من طرفالمحكمة بعبارة "إن النار التي أتت على العضو الموثوق لا يمكن أن لا تتسرب إلى الأداة المستعملة ..." ولأن الثابت من الأوراق ومن تقرير الطبيب الشرعي أن الحرق لم يتجاوز أصابع اليدين ولم يلاحظ أي أثر لاحتراق الحبل على بدن الهالك على افتراض وجوده خاصة وأن النيلون مادة لاصقة كما أن المعاينات المجراة بمكان الواقعة لم تثبت وجود لآثر للحبل المحترق على فرض وجوده كما أنه لا أحد من الشهود قالوا بوقوع شد وثاق الضحيّة.
وحيث أن القصد الجنائي في جريمة القتل العمد يمكن أن يستمد من العناصر الخارجية المحيطة بظروف الواقعة من مثل الأسلحة المستعملة ومكان الإصابة وموطنها.
وحيث توافرت القرائن الخارجية على عدم توفّر نية القتل لدى كلّ المتهمين من ذلك ما تأكد من خلال محاضر الأبحاث من اتفاقهم على عدم توفّر نيّة القتل لدى كل المتهمين من ذلك ما تأكد من خلال محاضر الأبحاث من اتفاقهم على عدم الإضرار بالحراس وعدم حملهم لأسلحة قاتلة وحتى ن حمل منهم سكينا لم يصب به منهم أحدا في مكان قاتل رغم أن ذلك كان في متناوله كعدم وجود ما يفيد أن المتهمين جلبوا معهم لتنفيذ العملية حبالا لا حبلا واحدا وما وجود الحبل سليما من كل آثار الحرق ضمن المحجوز إلا قرينة قوية على عدم جدية ما اعتمده الحكم المطعون فيه في تعليل ما ذهب إليه من توفّر ركن القصد الجنائي الخاص في جريمة القتل العمد.
4) وحيث جاء بالصفحة 71 من الحكم المطعون فيه ما يلي:"حيث أن الأعمال المادية التي أتاها المتهمون على النحو السالف بيانه كادت تؤدي مباشرة لتحقيق نتيجة القتل على غرار ما حصل لعمارة السلطاني ...مما يجعل من أفعالهم مكوّنة لجريمة محاولة قتل نفسا بشرية عمدا...".
وحيث يتبيّن من خلال ذلك ان الحكم المطعون فيه لم يبيّن كيف استشف من خلال الظروف المحيطة والوسائل المستعملة توفّر ركن القصد الجنائي في جريمة محاولة القتل واكتفت بالقول أن ما كاد يحصل من نتيجة لولا تدخّل أعوان الأمن وهو لعمري تعليل واه ضعيف كخيط العنكبوت إذ استقرّ فقه القضاء على أن نيّة القتل لا يمكن أن تستمد من خلال بشاعة نتيجة الفعل المرتكب (وإن كان القتل).
5) حيث اكتفى الحكم المطعون فيه لتعليل انطباق أحكام الفصل 204 على قضية الحال بثلاثة أسطر مضافة في مخرج غير مصادق عليه (بالصفحة 74) بصفة قانونية.
وحيث أنه على فرض امكانية الأخذ بتلك الاضافة فإن ما ثبت من استقراءات لا تدعو مجالا للشك من أنّ الجرائم المرتكبة تشكّل فعلة واحدة غير قابلة للتجزئة ضرورة أنه نتج عن عملية الافتحام إضرام النار بالمحلّ وهلاك الحارس السلطاني وتضرره. وحيث أن تلك الفعلة وإن شكلت جرائم متعددة إلا أنها تشكل وحدة متماسكة غير قابلة للتجزئة إلا بصفة صورية.
وحيث أنه من الثابت وجود ارتباط بين جريمة القتل العمد (ان ثبت وهي لم تثبت) وغيرها من الجرائم لاتحاد المقصد بينهما وهو ارتباط متين وغير قابل للتجزئة مطلقا. وحيث تعامى الحكم المطعون فيه عن كلّ هذه النقاط والإثارات مكتفيا بالقول أن جريمة القتل العمد سبقتها وعاصرتها جرائم أخرى قول مردود واهن وضعيف.
6) حيث جاء تعليل ما قضى به الحكم المطعون في شأن المنوب صابر الحمروني تعليلا متهافتا لا أساس له من خلال ما هو ثابت من أوراق الملف متغافلا عما تم تحريره عن المنوب وبقية المتهمين والبينة المتلقاة طبق القانون مكتفية بالقوا أنّه "لا عبرة بما جاء في شهادة الشاهد ..لأن ذلك النفي لا يرتقي لإ إلى درجة الإثبات ..." مضيفة أنه"يتعين اعتباره ضمن المجموعة..".
وحيث أنّه كان على الحكم المطعون فيه أن يرد شهادة الشاهد بما يدحضها لا أن يكتفي بالقول أن ذلك لا يرقى إلى درجة الإثبات والحال أنّ الشاهد خال من الطعون وأقواله منسجمة مع ما استقرت عليه تصريحات بقية المتهمين ووقائع قضية الحال.
وحيث أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال الحكم بإدانة متهم بالقول"أنّه يتعيّن اعتباره ضمن المجموعة..." والحال أن المنوب اما أن يكون ضمن المجموعة أولا يكون...أما أن تكون التهم الموجهة ضده ثابتة في حقه أولا تكون أما القول بأنه يتعين اعتباره ضمن المجموعة" فذلك دليل قاطع على أنّ المحكمة المطعون في حكمها أوّلت لنفسها دون الاستناد لما هو ثابت في أوراق الملف، التخمين في حقّه واعتباره ضمن المجموعة وهو اتجاه غير سليم البتة.
7) حيث قضت المحكمة المطعون في حكمها بتوفر أركان الجريمة المنصوص عليها بالفصل 131 و132 من القانون الجنائي.
وحيث اكتفت المحكمة بعد استعراض ما اتّهم المنوبون بارتكابه يوم 17 فيفري 1991 اكتفت بالقول "حيث أن الأفعال المذكورة تدخل في باب الجنايات...".
وحيث لم تحمّل المحكمة المذكورة نفسها حتى مشقّة استعراض أركان الفصلين 131 و132 من المجلة الجنائية كما لم تستعرض الجنايات التي اتفق المتهمون على ارتكابها اللهم إذا خوّلت لنفسها اعتبار ما أتت عليه من تفصيل لوسائل جريمة الحال "من عصي وسكاكين وخوذات وجوارب نسائية.." جنايات وهو لعمري اكتشاف خطير يجعل من الوسائل التحضيرية لجريمة الحال جنايات.
وحيث قضت المحكمة المطعون في حكمها بثبوت إدانة المنوبين طه بقة ولسعد الهاني ومصطفى بن حسين والحبيب السعيدي بتهم الفصلين 131 و132 من القانون االجنائي واعتبرتهم رؤساء للعصابة المذكورة دون أن تعلل ذلك ولو بكلمة واحدة مكتفية بالقول بتوفر أركان الجريمة المنصوص عليها بالفصلين المذكورين وهو خلط فضيع يحول دون محكمة التعقيب ودون ممارسة ما لها من حق نظر في تطبيق محكمة الموضوع للقانون وبيان ما اعتمدته لثبوت إدانة المتهمين من عدمها الأمر الذي جعل حكمها فاقدا للتعليل تماما الأمر الذي يوجب النقض والإحالة.
8) حيث جاء في الصفحة 76 من الحكم المطعون فيه ما يلي:"حيث أنّه بالنظر إلى ظروف متهمين وباعتبار دور كل واحد منهم ونقاوة سوابق البعض وصغر سنّهم فإن المحكمة راعت في اعتبارها هذه المعطيات في تقدير العقاب المسلّط عليهم عملا بالفصل 53 من القانون الجنائي...".
وحيث أصدرت المحكمة ضد المتهمين محمد فتحي الزريبي ومصطفى بن حسين ومحمد الهادي النيغاوي حكما قاضيا بإعداهم شنقا وذلك يمثّل أقسى العقاب المنصوص عليه بفصل الاحالة، وحيث أنّ عدم إسعاف المحكمة للمتهمين المذكورين بما خوّله لها الفصل 53 المشار إليه آنفا بعد قولها بمراعاتها في شأن كلّ المتهمين لمقتضيات الفصل المذكور يجعل حكمها منطويا على تناقض فضيع لا مبرر له الأمر الذي يستوجب النقض طبق مقتضيات القانون.
المطعن الثاني: في خرق القانون
1) في خرق أحكام الفصل 199 و224 وما يليه من مجلة الإجراءات الجزائية والفصلين 233 و269 من نفس المجلة.
حيث أحال قرار الاتهام الحدث عبد الكريم المثلوثي المولود في 18 /05/1973 على الدائرة الجنائية العادية بأفعال مقترفة في 17 فيفري 1991 وهي إحالة فيها خرق صارخ لأحكام الفصل 224 من م.ا.ج الذي اقتضى أن الأطفال الذين سنّهم أقل من ثمانية عشر عاما كاملة المنسوب إليهم جناية لا يحالون على المحاكم العادية وإنما يرجعون بالنظر لقاضي الأحداث وللمحكمة الجنائية للأحداث.
بحيث أنّ الإجراءات المتخذة ضد الحدث في قضية الحال كانت باطلة بطلانا مطلقا لا يصححها الحكم بالتخلي عن القضية في شأنه بل كان على محكمة الموضوع الحكم بإبطال الاجراءات في القضية وفق أحكام الفصل 199 من م.ا.ج.
وحيث ورد بالفصل 233 (الجديد) من م. ا.ج إذا تعلقت قضية بطفل ومتهمين رشداء جزائيا وسبق بحث فإن قاضي التحقيق المختص بالنظر في حق المتهمين الرشداء جزائيا يتخلى في أقرب أجل بالنسبة لجميع المتهمين لفائدة قاضي التحقيق المختص بالنظر في الطفل وهو ما خرقه قاضي التحقيق المتعهد بالنظر في القضية وتضرر منه جميع المتهمين بمن فيهم الرشداء بحرمانهم من ضمانات قانونية جاءت بها مجلة الاجراءات الجزلئية في مثل هذه الحالات، وهو ما يشكل خرق قواعد الاجراءات الأساسية ومسّا من حقوق المتهمين الشرعية، وكان لزاما التصريح بهذا الخلل الاجرائي الخطير لأن الفصل 269 من م.ا.ج أوجب على المحكمة إثارة المطاعن المتعلقة بالنظام العام ولو لم يثرها الخصوم فضلا عن سبق إثارتها من طرف الأستاذ محمد بوثلجة في مستنداته طعنا في الحكم الجنائي الأول ووأجابت عنه المحكمة بأنّ الإجراء المتمسك به لا يهم إلا مصلحة الحدث، ولا تأثير على سير الإجراءات ...والحال أن إجراءات محاكمة الأحداث تهم جميعا النظام العام وعلى المحكمة أن تثيرها من تلقاء نفسها وعدم القضاء بذلك يتجه معه نقض الحكم المطعون فيه الآن وذلك ببطلان الادعاءات وفق أحكام الفصل 199 من م.ا.ج.
2) مخالفة أحكام فصل 253
لقد اقتضى الفصل المذكور أن القرارات القابلة للطعن بالتعقيب هي القرارات الصادرة في الأصل نهائيا.
وحيث يتضح من خلال أوراق الملف أنه سبق لممثل النيابة العمومية أن طعن بالتعقيب في قرار الدائرة الجنائية بتشكيلتها الأولى ضد جميع المتهمين ومن بينهم من كان الحكم غيابيا بالنسبة إليهم يعتبر غير نهائي ولا قابل للطعن بالاعتراض.
وحيث أنه وعوض أن ترفض محكمة التعقيب طلب النيابة العامة شكلا قررت قبوله شكلا وأصلا فاعيدت القضية غلى المحكمة الجنائية التي نظرت فيها ثانية شمل حكمها جميع المتهمين بمن فيهم من سبق الحكم عليه غيابيا وأصدرت ضدهم حكما ثانيا غيابيا أيضا وبلغت العقوبة المسلّطة على بعضهم فيها حدّ الاعدام شنقا.
وحيث أصبح المتهمون المحالون بحالة فرار محكوما عليهم بالاعدام مرتين بعقوبتين مختلفتين لجرم واحد ما هو شأن المحكوم عليهما عماد المغيربي والمنجي الرعاش الذين حكمت عليهما الدائرة الجنائية الأولى المنقوض حكمها بالسجن مدى الحياة وحكم عليهما القرار المطعون فيه اليوم بالإعدام فأصبحا بذلك محكوما عليهما مرتين لأفعال واحدة، وكلا الحكمين حكما غيابيا قابل للاعتراض في الأوّل الاعتراض لا يوقف التنفيذ وفي الثاني الاعتراض يوقف التنفيذ لأنه حكم بالاعدام...
وإذا رد اعتراض أحدهما يوم ما شكلا فله امكانية الاعتراض على الحكم الثاني والعكس صحيح.
أما المنوبون المحكوم عليهم حضوريا فلقد تضرروا هم الآخرون من تعقيب النيابة العمومية لحكم الدائرة الجنائية بتشكيلتها الأولى ضد محكوم عليهم غيابيا وضد حدث وجديرا بالرفض شكلا ولا يمكن تجزئته والقول بأنه مرفوض ضد الحدث ومقبول ضدّ غيره وفيهم من خو بحالة فرار ولم يصبح الحكم في شأنه نهائيا خاصة وأن مطلب التعقيب المذكور واحد ورافعه واحد وهي النيابة العمومية، فغذا كان تعقيب النيابة مستوجبا للرفض شكلا ولم يبقى إلا تعقيب المتهمين الذي لم يصرح قرار محكمة التعقيب برفضه لأنه من ذلك القرار أنه قضى بالنقض والاحالة. ولذلك لا يجوز لمحكمة الاحالة أن تعكر حالة المنوبين إذ لا يضار الطاعن بطعنه ولما قضت محكمة الاحالة بتعكير حالة بعض المنوبين تكون قد خرقت بذلك المبدأ الأساسي المذكور آنفا.
3) خرق أحكام الفصلين 61 و64 من م.ا.ج
لقد أوجب المشرع بالفصلين المذكورين تحليف الشاهد وانذاره مغبّة الزور في تصريحه قبل تلقيه. بيد أنه بمراجعة محاضر البحث المناب لا نجد أثرا لهذا الإجراء الوجوبي بمحاضر تصريحات الشهود المختار الماجري وعادل لعبيدي وتوفيق البجاوي وتوفيق الجبالي وسعيد إبراهيمي وغيرهم.
بما يكون سماعهم واعتماد شهاداتهم مخالف لحكم الفصلين المذكورين وقول الحكم المطعون فيه بأن الدفع بتصريحات الشهود على خلاف الصيغ القانونية في غير طريقه لأن كل من وقع سماعهم متضررون قاموا في ما بعد بالحق الشخصي وباعتبارهم كذلك كانوا مخبرين عن الجريمة.
وحيث كان في ذلك تحريف للوقائع وخرق للقانون.
أما تحريف الوقائع فإن الأشخاص الوارد ذكرهم آنفا لم يكونوا بقضية الحال قائمين بالحق الشخصي ولا متظررين أصلا ولا مخبرين عن الجريمة أما مخالفة القانون فلأن المتضرر يمكن أن يسمع بعد أداء اليمين والإنذار كشاهد ولا يعتبر كذلك إلا بعد أداء اليمين أما بعد قيامه بالحق الشخصي فأنه يفقد صفته كشاهد لأنه أصبح ذو مصلحة وإذا سبق الاستماع إليه قبل قيامه بالحق الاشخصي دون أداء اليمين فإن تصريحاته لا يمكن الاعتماد عليها لمخالفة مقتضيات القانون ويعد محضر سماعه باطلا عملا بأحكام الفصلين 61 و 64 من م أج ولذا فإن القرار المطعون فيه أخطأ لما اعتبر أنه يمكن للمتضرر أداء الشهادة بدون أداء اليمين كما أن قيامه لاحقا بالحق الشخصي لا يصحح إجراءات سماعه كشاهد قبل ذلك كما أن القول بأن كل الشهود كانوا مخبرين مما يعفيهم من أداء اليمين قول مردود لأنهم بما هو ثابت في أوراق الملف لم يكونوا كذلك.
وحيث أن إعفاء المخبرين في أداء اليمين لا يكون إلا حال وجود منفعة مادية عن الإخبار وهي الجعل حسب ما اشترطه النص الأمر الذي لم يكن متوفرا في قضية الخال مما يتجه معه قبول هذا المطعن والحكم طبق الطلبات.
4) مخالفة أحكام الفصلين 47 و 57 من م.أ.ج
حيث أوجب الفصل 47 التحقيق في الجنايات وسمح استثناء للسيد قاضي التخقيق إنابة أعوان الضابة العدلية بإجراء بعض الأبحاث عند التعذر.
وحيث تمسك لسان الدفاع أمام محكمة الموضوع بأن الإنابة كانت غير قانونية لأنها صدرت مباشرة في اليوم الموالي لليوم الذي فتح فيه البحث ولأنها كانت متعلقة بكل الأعمال لا بالبعض منها ولأنه لم يثبت التعذر فضلا عن عدم تصوره في قضية في مثل هذا الحجم لأنه إذا تعذر إجراء التحقيق من هيئة قضائية في قضية المتهم مهدد فيها بالإعدام فإنه يصبح من المحتمل مطلقا إجراؤه من طرفها في أي جريمة أخرى ويلغى بذلك حكم الفصل 47 م.أ.ج ولا يجري تحقيق في أي جناية كانت وكل ذلك خرق صارخا للفصل المذكور.
وحيث رد الحكم المطعون فيه هذا الدفع بأن النص لم يتضمن عبارة إستحالة بل نص على عبارة تعذر وحيث أن التعذر المقصود لا يمكن إلا أن يكون مطلقا وهو خاضع للتقدير والمناقشة وواجب التعليل بدليل أن الترجمة الفرنسية للنص تقول بالإستحالة.
وحيث لم يرد الحكم المطعون فيه على دفعنا بأن النص القانوني أجاز الإنابة في بعض الأعمال لا في كلها وحيث رد الحكم المطعون في على تمسكنا بعدم وجود حالة التعذر بالقول بأن البحث فتح ضد مجهول والحال أن الإنابة صدرت يوم 19/2/1991 وكان سبق يوم 18 منه إيقاف خمسة متهمين حسبما ذلك ثابت من محضر إدارة أمن الدولة عدد 22 صفحة 1 في فقرتها 2 بحيث أن المتهمين كانوا يوم صدور الإنابة غير مجهولين ولا وجود لأي عذر يبرر إصدار تلك الإنابة.
5) مخالفة أحكام الفصل 443 م.أ.ع (مجلة الالتزامات والعقود)
حيث أن الأحكام حجج رسمية لا يجوز فيها التشطيب والإقحام والكتابة بين الأسطر وترك البياض شأنها في ذلك شأن محاضر التحقيق التي قال فيها صراحة فصل 53 من م .أ.ج بأنه لا يجوز فيها الكتابة بين الأسطر أما المشطبات والمخرجات فيصادق عليها ويمضيها الحاكم. والمشطبات والمخرجات التي لم تقع المصادقة عليها تعتبر لاغية كما تعتبر لاغية الكتابة بين الأسطر، إلا أنه بالرجوع للائحة المطعون فيها نجد بها بياضات شاسعة بالصفحات 17 و 18 و55 و65 و76 كما كادت لا تخلو صفحة من صفحاتها من مقحمات ومشطبات ومخرجات غير مصادق عليها حتى في باب مستندات الحكم وباعتبارها لاغية قانونا يصبح الحكم فاقدا للتعليل تماما وهو أمر بالغ الخطورة لاسيما بالنظر للعقوبات المقضي بها والتي بلغت حد الإعدام ومن المتأكد أنه لم يسبق أن وجدت لائحة حكم بها مثل هذه المشطبات والمخرجات والمقحمات المتعددة والغير المصادق عليها وهو ما يتجه معه إعتبار لائحة الحكم برمتها باطلة لمخالفتها لأحكام الفصلين المذكورين إذ لا يمكن تصور تنفيذ إعدام متهمين بحكم مشوب بمثل هاته العيوب الخطيرة التي تجعله غير متصف بصفة الحكم.