جهود شعب الإخوان في المجتمع
مقدمة
تعتبر من أقوى عوامل النجاح التي حققتها جماعة الإخوان المسلمين هي انتشار الشعب على أرض الواقع والتي كان لها فضل كبير في تغير سلوك المجتمع والانتشار وسطه بالقدوة الحسنة والتي التمسها الناس واقعا عمليا مجسدا أمامهم متمثلا في كل فرد بها في كل قرية ونجع ومدينة ومحافظة.
كانت الشعبة في تلك الفترة الباكرة من عمر جماعة الإخوان المسلمين تمثل الجماعة وترمز لها في المنطقة التي فيها، فكانت بمثابة الملتقى الذي يجتمع فيه الناس بعد نهاية عملهم، لذا فقد حرص الإخوان على إثراء أنشطة الشعبة لتجذب الناس إليها
فجعلوا منها ناديًا رياضيًا لممارسة الهوايات الرياضية المختلفة، وجعلوا منها منارة ثقافية يؤمها الناس في دروس عامة وخاصة، وفصول لمحو الأمية، يؤمها الطلاب للاستذكار والدراسة، وجعلوا منها ملجأ يهتم بالمحتاجين والأيتام والأرامل، يبحث عنهم، ويبعث لهم بما يحتاجون إليه، هذا فضلاً عن أن فيها مسجدًا يأتيه المصلون من كل مكان للعبادة والشعائر.
نحو الهدف
حينما انطلقت صيحة جماعة الإخوان وسط المجتمع المصري كانت تهدف لتغيير شامل في سلوكيات الناس طبقا لكتاب الله وسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتحقيق معاني العدالة بين الجميع، والتصدي للمحاولات المستميتة التي يقوم بها المحتل لطمس الهوية الإسلامية
فكانت العشر سنوات الأولى من عمر الدعوة والتي جعلها الإمام البنا تحت هدف التعريف والانتشار، حيث بلغ وتحقق الهدف عام 1942م حينما بلغت شعب الإخوان ما يزيد عن 2500 شعبة تعمل كل واحدة منها كنظام كونفدرالي لتحقيق الهدف المرجو من كل شعبة وهو نشر السلوك الحسن والأخلاق الحميدة وتربية رجال يعملون لعزة دينهم.
يقول الأستاذ البنا:
- انشروا الفكرة فى كل محيط يتصل بكم؛ فى الحوانيت، والشوارع، والبيوت، والمساجد، والمقاهى، والمجالس العامة والخاصة، وفى القرى والريف والمدن والعواصم، وفى المصانع والمعامل، والحقول والمدارس.
- واجمعوا قلوب الناس جميعًا على كتاب الله، وتحت لواء محمد أفضل خلق الله أجمعين، ورحمة الله للعالمين؛ فلواؤه لواء الحمد، وشرعته منهاج الرشد، وهديه أفضل الهدى، ومن استظل بظله وسار تحت رايته فاز فى الدنيا بالنصر، ولينصرن الله من ينصره، وفاز فى الآخرة بالأجر، يوم لا يخزى الله النبى والذين آمنوا معه
- واجعلوا فى كل شارع جماعة إخوانية، وفى كل قرية كتيبة قرآنية، وفى كل مدينة راية محمدية، وفى كل فج من الفجاج أخا يهتف بمبادئكم ويتمادى بتعاليمكم، ويعطى كلمتكم، ويبايع بيعتكم، ويجهز نفسه ليمثل مكانه فى الصف، وإن يوم النداء لقريب. (1)
ولهذا وضع الإخوان الأهداف والمستهدفات وواجبات الشعب فجاء فيها:
- أن يكون لكل شعبة من الشعب دار تمثل الفكرة، وتجمع شتات المنتسبين إليها.
- أن يكون لها مدرسة ليلية لتعليم الأميين وتثقيفهم ثقافة إسلامية إخوانية.
- أن يكون لها فرقة للجوالة.
- أن يكون بها فرق رياضية فى غير إسراف، يقوم أعضاؤها بواجباتهم الإسلامية والإخوانية إلى جانب تدريباتهم الرياضية.
- أن تنظم بها دروس دورية دائمة لتثقيف الإخوان فى فكرتهم.
- أن تعمل جاهدة فى نشر الدعوة فيما يجاورها من البلدان.
- أن تعنى بتفقد شئون المنتسبين إليها من الإخوان؛ فتواسيهم وتساعدهم ما وجدت السبيل إلى ذلك.
- أن تؤلف بها لجان للخدمة العامة؛ من مساعدة الضعفاء، وزيارة المستشفيات، وجمع الصدقات، وزيارة الأسر الفقيرة.
- أن يكون بها سجل طبى لتسجيل حالة الإخوان الصحية، ويطلب من المكتب العام.
- أن توالى إصدار النشرات فى الأغراض الإرشادية المختلفة عن كل مناسبة.
- أن تعمل على مقاومة المنكر ومكافحة الفساد بكل الوسائل الممكنة.
هذه نماذج من الأعمال التى تجب أن تزاولها شعب الإخوان، وغيرها كثير من أعمال الخير العام، والاشتغال بذلك أولى ألف مرة من إجراء الانتخابات والاشتغال بالإداريات، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون. (2)
كيف نحقق الهدف؟
لم ينتظر الإخوان من أعمالا أجرا أو شكورا من احد لكنهم عملوا لغرس بذور التربية الإسلامية الحقيقية في نفوس المجتمعات، حتى يجنى المجتمع منه ثمار تربوية تهضوية عملية لرفعة شأن هذه المجتمعات، وقد طرق الإخوان كل الوسائل الممكنة والمتاحة والتي تتوافق مع شرع ربهم لتحقيق هذه الأهداف.
أولا: نشر الفكرة
كان من الأعمال التي سلكها الإخوان في سبيل تحقيقهم الهدف هو التعريف ونشر دعوتهم وسط الناس، وتوضيح محاسنها ومثوبة الالتزام بشرع الله سبحانه.
ومما جاء من نشاط ملحوظ في الشعب لهذه الوسيلة أن وفق الله تبارك وتعالى لدائرة كفر الدوار دعاة مخلصين قاموا بنشر الدعوة في شتى النواحي المترامية من بلدان مركز كفر الدوار وغيرها حتى اتسعت بنسبة تبعث على الأمل القوي في النجاح
فكان من أهم ما وصلت إليه الجمعية ما يأتي:
- انضمام خيرة الرجال والشباب من بندر كفر الدوار والجهات التابعة له وبعض المخلصين من إسكندرية وناحية الغيتة مركز أبي المطامير.
- انضمام مدرستين لإدارة الجمعية الأولى بكفر الدوار البلد والثانية بمنشأة الهلباوي. (3)
وفي رجب 1356هـ - سبتمبر 1937م تكونت شعبة القباري بالإسكندرية واتخذت مقرًا مؤقتًا لها بمنزل حضرة محمد السعدوني أفندي بأرض السراية بالقباري، وغيرها. (4)
ثانيا: تشكيل لجان الخدمات
إدراكا منهم بأهمية تنظيم دولاب العمل، قام إخوان الشعب بتشكيل العديد من اللجان التي تقوم على خدمة العمل الدعوى والمجتمعي.
فمثلا في منطقة البحر الصغير بالدقهلية، و شبين القناطر بالقليوبية تم تشكيل اللجان الآتية:
- لجنة الحج.
- لجنة الزكاة.
- لجنة محاربة البدع والخرافات.
- فرقة الرحلات.
كما أنه تم تأليف لجنة مهمتها المرور على جميع القرى في هذه المنطقة ومعاينة مساجدها وحث الناس على تكميلها وترميم ما يحتاج إلى الإصلاح. (5)
ثالثا: الصحافة الإقليمية
كان من أوائل القرارات التي اتخذها مجلس الشورى العام للإخوان عام 1933م هو إيجاد صحيفة تكون ناطقة بلسان الإخوان، ولهذا سعت الشعب لإيجاد مثل هذه الوسيلة التي تنشر الفكرة وسط الناس ويكون لها تأثير كبير على الرأي العام فمثلا استطاعت شعبة الفيوم أن تنشر الدعوة بنواحي الفيوم المختلفة،
وتتصل بجريدة "الفيوم" وصاحبها السيد هشام عبد الحي ل يكون لها ركن ثابت في الجريدة ينشر أخبارها واحتفالاتها ويتحدث عن رجالات الدعوة لا سيما أبناء الفيوم وإنجازاتهم، كما استطاع الأخ حسن محمد شرابي أن يتصل بصاحب جريدة "المؤتمر" السيد عبد الواحد الصاوي عبدالله ويكون له ركن ثابت في جريدته يتحدث فيه عن دعوة ومبادئ الإخوان المسلمين ويدعو الناس للانضمام إلى الجمعية. (6)
وأيضا جريدة القلم الصريح وهي جريدة أسبوعية أصدرها إخوان القاهرة في بداية عام 1939م، ورأس تحريرها الأستاذ عبد الوهاب فهمي. (7) وجريدة اليراع وهي جريدة أسبوعية جامعة أصدرها الإخوان المسلمون بالدقهلية عام 1935م : 1945م ورأس تحريرها الأستاذ عبد العزيز صبري. وأيضا جريدة السفير وهذه الجريدة صدرت في الإسكندرية عام 1924، وكان رئيس تحريرها عبد الرحمن شرف، وكانت أسبوعية (8)
وكان الإخوان بأبو تيج قد استطاعوا الاتفاق مع السيد عبد الحميد عزمي رئيس تحرير جريدة النادي بأبو تيج وصاحب امتيازها على أن تكون "النادي" صوت الإخوان المسلمين في الوجه القبلي
رابعا: بث الأخلاق الفاضلة
عملت الشعب على غرس حب الإسلام والتفاني في سبيله في نفوس الأعضاء، ولقد فتح الله بالجماعة قلوبًا غلفًا وأسمع آذانًا صمًا وأنار أبصارًا وبصائر عميًا، وأعاد إلى طريق الاستقامة شبانًا طوح بهم الهوى وأردتهم الشهوات، وجعل في كل شعبة من هذه الشعب أمة يهدون بالحق وبه يعدلون
خامسا: بناء المساجد والمدارس
فنجد جمعية الإسماعيلية تبني أول مسجد في الدعوة، تقام فيه الشعائر ويدرس فيه العلم، كما قامت "شبراخيت" ببناء مسجد آخر، وأصلحت بعض المساجد المحتاجة إلى الترميم، وقامت "الجمالية" بترميم مسجد فيها، وقامت أبو صوير بإصلاح مسجد واسع عظيم وترميمه وتعديل ودورة مياهه
وتعيين إمام خاص به يقوم بأداء الصلوات وبالتدريس فيه على نفقة الجمعية، وقامت البريج بمثل هذا وأسست بركة الحج دارًا لها تعتبر مجتمع البلد في كل الشئون الهامة ولا تدع الجمعية فرصة تمر دون انتهازها في هذا السبيل ما وسعها المال.
كما بنت "الإسماعيلية" فوق مسجدها مدرسة نموذجية تسمى معهد حراء الإسلامي ذات منهج خاص قوامه الدين والتاريخ الإسلامي والقرآن الكريم ثم العلوم العصرية، ثم أنشأت مدرسة أخرى للبنات تسمى مدرسة أمهات المؤمنين، وقامت "شبراخيت" ببناء مدرسة على هذا الطراز وقامت "شعبة منشأة جويد" ببناء مدرسة أخرى ثم أنشأت "أبو صوير" مدرسة ابتدائية يعنى فيها بالدين وتاريخ الإسلام. (9)
ومدارس الإخوان حاليا خير دليل على عناية الإخوان بالتعليم الذي ينهض بالأمم
سادسا: بناء الأندية والمصانع
لم يتوقف مجهود الشعب على المساجد والمدارس بل عمدوا لإنشاء الأندية التي يستطيع فيها المرء تفريغ طاقته بإيجابية فلا يلجأ للمقاهي وأماكن الرزيلة. فكان لكل فرع من فروع الجمعية ناد خاص به أعد للمحاضرات والاجتماعات الدينية وجهز بما يلزم له من الأدوات والأثاث وبعض هذه الأندية ملك للجمعيات بنته على نفقتها أو اشترته من مالها، ومن ذلك نادي الإسماعيلية ونادي أبي صوير ونادي شبراخيت ونادي المرج والبركة.
وأنشأت المحمودية مصنعًا للنسيج والسجاد يصنع المنسوجات الوطنية بأصنافها المعروفة وكذلك السجاد، ويتعلم به بعض أعضاء الجمعية وبعض الأطفال هاتين الصناعتين، وأنشأت دائرة المنزلة مشغلاً للتطريز ونحوه تديره إحدى الفتيات الناجيات من حبائل المبشرين. (10)
سابعا: التصدي للتبشير
كان للإخوان المسلمين مجهود كبير في التصدي للتنصير الذي ابتليت بها البلاد في رعاية المحتل البريطاني، حيث استطاع الإخوان إنقاذ العديد من الفتيات اللاتي وقعن في حبائل المنصرين.
ففي المنزلة استطاع الإخوان أن ينقذوا فتاة حاولت مدرسة السلام بها تنصيرها، وعلموا من هذه الفتاة أنه كان معها بنات بورسعيديات مسلمات مهربات من هناك، فراسلوا الإخوان ببورسعيد، فتحققوا من ذلك الأمر
وتبين لهم أن المسز رتسو ناظرة مدرسة السلام ببورسعيد عملت على تنصير مجموعة من طالبات القسم الداخلي بها، وتهريبهن إلى المنزلة، فعمل الإخوان على إنقاذهن وفضح هذه الأعمال، فاضطرت الحكومة إلى إبعاد الناظرة عن مصر، وإلى توزيع الطلبة والطالبات على ملاجئ القاهرة والمدارس الأخرى، ووعدت بإنشاء ملاجئ لتربية اليتامى حتى يمكن إبعادهن عن أوساط المبشرين.
ومن المذاهب الهدامة التي ظهرت في هذه الآونة في مصر والعالم الإسلامي القاديانية والبهائية والبابية حيث وقف لها الإخوان بالمرصاد وكشفوا زيفها وأعادوا من التحق بها في كثير من الأحوال (11)
ثامنا: محاربة المنكر
حارب الإخوان في الشعب على كل الجبهات لإنكار المنكر الذي استشرى في البلاد خاصة الدعارة والتي لا تتفق مع الدين الإسلامي أو الأعراف المصرية والشرقية.
ولقد قامت شعب الإخوان بجهود مشكورة في هذا الصدد نذكر على سبيل المثال "شعبة القناطر الخيرية":
- محاربة الخمر.
- محاربة الزنا.
- محاربة الميسر.
- محاربة التبشير.
- وجوب إغلاق المحال التجارية وقت صلاة الجمعة.
كما حارب الإخوان هذه المنكرات والموبقات التي كانت ترتكب في موالد الأولياء التي كانت منتشرة في أنحاء مصر، وحملوا على ولاة الأمور الذين سمحوا للعاهرات الوجود في الاحتفال بمولد العارفين، وما حدث كذلك من إباحة الزنا والخمر والميسر في مثل هذه الاحتفالات. (12)
تاسعا: محو الأمية ونشر التعليم والقرآن
أقام الإخوان منذ فجر الدعوة المدارس لتعليم النشء ومحو أمية الكبار، فكان في كل شعبة من شعب الإخوان تقام المدارس الليلية لتعليم العمال والفلاحين ومحو أميتهم.
كما حرص الإخوان المسلمون على إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن الكريم، فأنشأت معظم الشعب مثل هذه المكاتب إما في مقرات خاصة أو في مقر الشعبة، أو في مسجد الإخوان في الشعبة، وقد كانوا يهتمون بالتعاقد مع أمهر معلمي تحفيظ القرآن لإدارة هذا المكتب، ومن أمثلة الشعب التي قامت بذلك شعبة الإخوان بششتا مركز زفتى غربية، وشعبة الإخوان بفرشوط، وشعبة الإخوان بأسوان. (13)
عاشرا: القضية الفلسطينية
كان بشعب الإخوان دور كبير في التعريف بقضية فلسطين، وإثارة الرأي العام لدى الناس والاهتمام بهذه القضية، حيث قامت في البلاد عدة مظاهرات خرجت من المساجد إلى حيث أولياء الأمور لرفع احتجاجاتهم أيضًا، ففي المنصورة قامت مظاهرة كبيرة بدأت من مسجد الموافي
كما قامت مظاهرة كبرى في طنطا خرجت من جامع الأحمدي وأخذت تسير حتى وصلت إلى ميدان الساعة، وكما حدث في طنطا والمنصورة حدث أيضًا بميت غمر إذ قامت مظاهرة بدأ سيرها من جامع الغمري، وأيضا في الإسكندرية والإسماعيلية وبني سويف والسويس وميت غمر وزفتى احتجاجًا على الفظائع التي يرتكبها الإنجليز واليهود في فلسطين. (14)
وفي حرب فلسطين خرج العديد من الشعب فمثلا أعد الإخوان المسلمون بالفيوم كتيبة من خيرة الشباب الفيومي المجهزة بالقيادة والأسلحة والمؤن للجهاد في سبيل فلسطين العربية (15)، كما تطوعت كتيبة من الإخوان المسلمين بالدقهلية للسفر إلى فلسطين. (16)
إحدى عشر: مساعدة الفقراء
ومن ذلك ما قام به إخوان شعبة "سنديون غربية" بشراء كمية كبيرة من الذرة وزعت على الفقراء والمساكين، وكان يقدم في التوزيع النساء الأرامل اللائي فقدن أزواجهن، والرجال العاجزين عن الكسب والصغار واليتامى. (17)
كما قام الإخوان بعمل مجالس للمصالحات من أهل القرية ، مهمتهم فض المنازعات ومصالحة المتخاصين، كما عملوا على إعداد المصابيح للإضاءة فى شوارع القرية، من نقود يجمعونها من أهل القرية ، وتقوم الجوالة من شباب القرية بإضاءتها والإشراف عليها.
الثاني عشر: صبغ المجتمع بالصبغة الإسلامية
عمد الإخوان إلى إحياء كثير من المناسبات الإسلامية بعد أن كان الناس قد غفلوا عنها واستبدلوها بمناسبات غربية منها:
- صبغ المجتمع بالصبغة الإسلامية في احتفالاته ومناسباته، وأعياده وتجمعاته.
- محاربة العادات والتقاليد الأجنبية وتحجيمها في أضيق نطاق ممكن.
- توضيح بعض المفاهيم الإسلامية التي شُوِّهت عند الناس، وغفلوا عن حقيقتها؛ مثل: شمولية الإسلام للجوانب المختلفة من اجتماعية، وسياسية، واقتصادية، وإنسانية، وخُلُقية، ونفسية، ورياضية، بجانب العبادة الروحية، ومثل سيرة رسول الله وصحابته الكرام، ودورهما في صياغة الشخصية الإسلامية الصحيحة، وغيرها من هذه المعاني
ومن تلك الشعب: "بنها، بنى عديات، مركز منفلوط، والبيروم بفاقوس وقنا، والإخوان المسلمون في أبى تيج" (18)
الثالث عشر: الخدمة الصحية
اهتم الإخوان بالجانب الصحي خاصة في المحافظات الريفية التي لا تصل لهم الخدمات الصحية، ففي نجع حمادي افتتح الإخوان المسلمون مستوصفًا لعلاج المرضى يشرف على إدارته الدكتور توفيق بك عثمان أبو النصر حكيمباشى المستشفى الأميري، أما في أسيوط فقد افتتح الإخوان العيادة الطبية، وكان مديرها الدكتور عباس محمد حسين، وكانت العيادة تقوم بمعالجة جميع المرضى مجانًا، شاملا العلاج لجميع الأمراض على اختلاف أنواعها، من التاسعة إلى الحادية عشرة صباحًا يوميًا، ما عدا يوم الجمعة. (19)
الرابع عشر: العناية بالفن والترفيه
اهتم الإخوان بالتخفيف عن الناس خاصة في المحافظات الفقيرة عن طريق الفن المباح والترفية والمسرحيات التي يصل من خلالها بالقيم الإسلامية.
فقد كون الإخوان فرق تمثيلية، تقوم بإعداد مسرحيات هادفة يقدمونها لجمهور الناس. ومن أمثلة الروايات التي مثلوها رواية "عاقبة الفساد" التي مثلها إخوان شعبة ششتا مركز زفتا غربية، ورواية "المروءة المقنعة" التى مثلها إخوان شعبة ميت غمر على مسرح كازينو حلوان، وقد دفع ذلك النشاط بعض الوجهاء بالتبرع ببناء مسرح للتمثيل فى دار الإخوان المسلمين بالمنيا. (20)
الخامس عشر: التصدي للإقطاع
تبنى الإخوان مطالب الفلاحين في مواجهة الظلم وسقط منهم شهداء في التصدي لظلم الإقطاع، ففي محافظة الدقهلية، وفي قرية بدواي، وقرية كفر البرامون، تصدى الإخوان بالشعبة - يؤيدهم الأهالي - للعمدة وكبار الإقطاعيين، وتدخلت الشرطة واشتبكت مع الأهالي، وسقط شهيدان.
والشهيد "الشيخ عناني أحمد عواد" وكيل شعبة الإخوان في كفور نجم، والذي تصدى لظلم الإقطاع، وقاد ثورة الفلاحين ضد تجاوزات الإقطاعيين، فأطلقوا عليه الرصاص. (21)
الأثر العملي لهذه الجهود
كان لهذه الجهود آثار كثيرة لمسها المجتمع في كل وقت حتى يومنا هذا وترجم عمليا بوقوف المجتمع خلف الإخوان في كل استحقاق عرفانا بما قاموا به من جهود نحو هذه القلوب.
فمثلا في قرية كرداسة حيث ترجمت تربية الإخوان ترجمة عملية حين وقفت عن بكرة أبيها في وجه الظلم والطغيان، حتى بلغ الأمر أن عذب رجالها ونساؤها في السجن الحربي على أيدي زبانية النظام فما وهنوا ولا استكانوا ولا ريب فهم تربية الإمام حسن البنا ..
يقول أ. جابر رزق:
- ولكن ربنا سبحانه وتعالى نفع هذه القرية بدعوة الإخوان المسلمين فقد زارها في الأربعينات الإمام الشهيد حسن البنا .. وأقيمت بها دار الإخوان "الشعبة" وضمت خيرة أبناء القرية وعلى رأسهم الشيخ عثمان عبد الرحمن رحمه الله نائب الشعبة وعالم القرية الفذ المجاهد المبتلى الصابر .. جزاه الله عن القرية خير الجزاء .. أصبحت كرداسة معقلا من معاقل دعوة الإخوان
- وتكاد القرية أن تكون معروفة لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين في القاهرة وضواحيها أكثر من غيرها وذلك بسبب أن القرية قريبة من الصحراء الغربية حيث كانت تقام معسكرات الإخوان ورحلاتهم قبل حكم جمال عبد الناصر وكانت هذه المعسكرات والرحلات فرصة لأبناء قرية كرداسة من العمال والفلاحين والمثقفين أن يتعرفوا على الكثيرين من الإخوان . . ويعرفوا الكثير عن معالم الدعوة !!
- وكان لدعوة الإخوان الفضل الكبير في القضاء على التناحر الذي كان موجودا بين عائلة مكاوي (عائلة العمدة) وعائلة عمار وهي العائلة المنافسة لعائلة العمدة وصاحبة العزوة في القرية .. لقد جمعت دعوة الإخوان المسلمين بين شباب العائلتين وآخت بينهما وقضت على العصبية البغيضة التي كانت تفرق بين أبناء العائلتين والتي عادت بعد ضرب الإخوان المسلمين عام 1954م، كما وقفت وقت أن حاول جنود عبد الناصر اختطاف عروس كرداسة (زوجة أ. السيد نزيلي عام 1965م، حتى بلغ الأمر أن اعتقل الرجال والنساء والأطفال.. وما زالت هذه التربية لها أثارها) (22)
وعلقت جريدة منبر الشرق على مقتل شهداء الإخوان أمام الإقطاع قائلة:
- "إن ملايين الفلاحين لتلتاع نفوسهم حسرةً وألمًا لما حدث لزعيمهم الشاب الذي أراد لهم الخيرَ والإنصاف، فقدَّم نفسه ضحيةً غاليةً عزيزةًَ في الشهر المبارك دون أن يؤمِّلوا خيرًا في حكومةٍ تركت الأمرَ فوضى لا ضابط له.. فوأسفاه، وواحسرتاه" (23)
المراجع
- مجلة النذير الأسبوعية – السنة الثانية – العدد الأول – 1 محرم 1358هـ - 21 فبراير 1939م– صـ3 : 5.
- تقرير إجمالي خاص عن خطوات "الإخوان المسلمين في العام الماضي وخطواتهم المقترحة في العام القادم" 1358هـ - 1939م.
- جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثالثة – العدد 19 – 21 جماد أولى 1354هـ - 20 أغسطس 1935م.
- المرجع السابق: السنة الخامسة – العدد 18 – 19 رجب 1356هـ - 24 سبتمبر 1937م.
- جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الثالثة – العدد 35 – 14 رمضان 1354هـ - 10 ديسمبر 1935م.
- جريدة الفيوم: السنة السابعة والثامنة، 1937م، وجريدة المؤتمر:السنة الأولى، أعداد 47، 48 وما بعدها – 1937م.
- مجلة النذير الأسبوعية، العدد (30)، السنة الأولى، 4 ذو القعدة 1357ه - 27 ديسمبر 1938م، ص(6).
- مجلة النذير الأسبوعية، العدد (11)، السنة الثانية، 11 ربيع الأول 1358ه - 2 مايو 1939م، ص(10).
- الإخوان المسلمين: السنة الخامسة – العدد 4 – 2 من ربيع الثاني 1356هـ - 11 يونيو 1937م.
- المرجع السابق.
- المرجع السابق: السنة الأولى – العدد 5 – 20 ربيع الأول 1352هـ - 13 يوليو 1933م.
- المرجع السابق: السنة الخامسة – العدد 5 – صـ2 – 9ربيع الثاني 1356هـ - 18 مايو 1937م.
- جريدة الصعيد الأقصى – السنة الثامنة – العدد 379 – صـ2 – 17 ربيع الأول 1363هـ - 12 مارس 1944م.
- مجلة النذير الأسبوعية – السنة الأولى – العدد 11 – صـ21 : 23 – 12 جمادى الآخرة 1357هـ - 8 أغسطس 1938م.
- المجتمع: العدد 35 – السنة الثانية – 4 جماد الأول 1367هـ - 15 مارس 1948م – ص 14
- الإصلاح: عدد 540 – السنة الحادية عشر – 9 ربيع أول 1367هـ - 23 فبراير 1948م – ص 2
- مجلة النذير الأسبوعية – السنة الثانية – العدد 25 – صـ27 – 21 جمادى الآخرة 1358هـ - 8 أغسطس 1939م.
- جريدة الأهرام اليومية: العدد 19557 – صـ12 – 4 محرم 1358هـ - 23 فبراير 1939م.
- مجلة الإخوان المسلمون: السنة الثالثة – العدد 58 - صـ20 – 20 جمادى الأولى 1364هـ - 3 مايو 1945م.
- جريدة الأهرام: العدد 20843 – صـ3 – 1 شوال 1361هـ - 11 أكتوبر 1942م، وجريدة الأقاليم: السنة الثامنة – العدد 350 – صـ3 – 16 شوال 1362هـ - 15 أكتوبر 1943م.
- محمد فتحي، في سبيل المستضعفين عهد الإقطاع يتداعى، الدعوة، العدد (23) السنة الأولى، 1951م، ومحمد شوقي زكي: الإخوان المسلمون والمجتمع المصري، دار العهد الجديد للطباعة 1953م
- جابر رزق: مذابح الإخوان في سجون ناصر، دار الاعتصام للطباعة والنشر والتوزيع 1978م.
- جريدة منبر الشرق - 29 –6-1951م.