وقفات مع القلوب المؤمنة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
وقفات مع القلوب المؤمنة


إعداد: موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

بقلم/ أحمد صلاح

سفر لا ينقطع

يروي أحد تلاميذ الإمام والمرافقين الدائمين له فيقول: "تُذكرني الأعياد بأستاذي الإمام.. تُذكرني به رجل دعوة، متجردًا لدعوته، فما رأيته بات يوم عيد في بيته ووسط أهله وأولاده، بل هو دائمًا- وفي كل عيد- على سفر، وفي جهاد متواصل، ويعلم هذا ويعرفه الإخوان أجمعون.

ولم يكن الأستاذ الإمام يُسافر وحده.. بل كان أقطابُ الإخوان جميعًا- بل جنود الدعوة- على هذه السنة، لا يبيت منهم أحد إلا حيث يكون داعيًا إلى الله.

ومن الطرائف التي نذكرها عن أعياد الأستاذ الإمام أنه دخل علينا- بعد مغرب وقفة عيد- واحدٌ من الناس:

قال الرجل: أريد مقابلة الشيخ.

قلنا: تفضل.

ودخل الرجل، وسلَّم على الأستاذ الإمام، وسلَّم عليه وجلس، وبعد أن تعرَّف إليه الإمام كعادته وسأله عن اسمه:قال الرجل: جئتك يا أستاذ ناصحًا.

الإمام: جزاك الله عن النصيحة خيرًا.. إنَّ أفضل ما يقدمه المؤمن لأخيه هو النصيحة .. فتفضل.

قال الرجل: أنا من زمن وأنا أنوي الحضور إليك، وقد انتهزت فرصةَ العيد والوقفة، فقلتُ هذه أفضل مناسبة لتنفيذ العزم.

وواصل الرجل حديثه فقال: كلنا يا أستاذ نحب الإسلام، ونحب الإصلاحَ، وكلنا مخلصون لأفكارنا ومبادئنا، ولكنك زدَّت عن الحدود، وقد لاحظتُ منذ ثلاثة أسابيع وأنت في سفرٍ متواصل، وغدًا عيد... وقد رأيتكَ خارجًا من منزلك متأهبًا لسفرٍ فلم أصدق نفسي، وجئتُ وراءَك لأنصحك وأَمَلي أن تعدل عن هذا السفر، وتُعيِّد مع أولادك.

وأتبعه بكلامٍٍ كثيرٍ حول هذه المعاني.. كل هذا والأستاذ الإمام مطرق إليه، وما أتمَّ الرجل كلامه حتى قال الإمام: "جزاك الله يا أخي على نصيحتك خيرًا، ولكني لا أستطيعُ أن أنفِّذها، ولكن أنفذ نصيحة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الذي علمني غير ما تريد أن تعلمني أنت اليوم".

ثم مضى الإمام في حديثه حتى قال: أنا وأولادي يا أخي ملكٌ لله وليس لنا في أنفسنا شيء، ولست أنا وحدي الذي أترك بيتي، فأنا أُعلِّمَ هذا الشباب الإسلامِ وأدعوهم إليه، وهم يُسافرون قبلي.. فما ينبغي أن أبقى أنا وهم يسافرون.

ثم ابتسمَ الإمامُ وقال: هيا بنا يا إخوان فقد حان موعد القطار، والتفت إلى الزائر، وقال: هل لك أنْ تُشرفنا بالسفر معنا لنصلي العيد في الصعيد؟

فسكت الرجل، وانصرف الإمام ومَن معه للسفر، وسلَّم علينا الأستاذ، وقال للرجل: أريدُ أن أراك بعد عودتنا.

أشعة الحب

يحكى الحاج فرج النجار عن مواقفه مع الإمام حسن البنا فيقول: ذات مرة كنا في بلدة تتبع محافظة المنوفية اسمها "مليج"، وكانت هناك مجموعة من الإخوان اختلفوا في قضية ما، وحاولنا أن نُصلحَ بينهم ولم ننجح، وأصرُّوا على أنه لا حلَّ للمشكلة، فقلت لهم سأُخبر البنا، قالوا: حتى البنا لن يستطيع حلَّها، فذهبت إليه فأعطاني موعدًا وأخبرتهم به لينتظروه، وبالفعل أتى الإمام البنا في هذا اليوم واستقبلتُه وذهبنا إلى هناك، وكانوا بانتظارنا، وأول ما دخل الإمام أخذ يعانقهم ويبادلهم الأحضان، فقد كان هذا الرجل له جوٌّ مغناطيسيٌّ للحب في الله، إذا دخل حجرة وكان بها أناس يكون الجو غير طبيعي، فحدثهم عن الإخلاص والتعاون وهكذا، فبدأت أقول للإخوة تفضلوا بعرض الموضوع، فقال الطرف الأول منهم: أي موضوع؟! قلت له المشكلة التي أتينا من أجلها؟! قال: الموضوع انتهى ولن نتحدث فيه ثانيةً، فقلت للأخ الآخر- الطرف في المشكلة- فقال: انتهى الموضوع وتنازلتُ عن حقوقي، ولا يوجد موضوع من الأساس، فقلت لأخ كان معنا اسمه "كامل حنيجل"- وكان شاعرًا-: تحدثْ أنتَ، فقال لي: الموضوع انتهى ولكن هذا الموقف ينطبق عليه بيت شعر:

رُبَّ عود مقطع الأوتار مثل

قلــــبي إن مسه البنا غنَّى

فبكى الإخوة وتصالحوا وصَفَت القلوب.

لقد كان للبنا رحمه الله جوٌّ مغناطيسيٌّ غريب، فمجرد وجوده فقط صلح الله الحال دون أن يتحدث الإمام أو يتكلم في موضوع المشكلة أو حتى الحبّ في الله، فقد كانت له جاذبية غريبة تسيطر على مَن أمامه.

والرجل لا يرد!!

من مواقفه مع الإمام الشهيد يحكى الحاج فرج النجار: كان في إحدى البلدان المجاورة لمركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية رجل اسمه عبد المنعم علام دائم السبّ في الإمام البنا والجماعة، فقلت للإخوان في المحافظة حينما يأتي الإمام في حفلة بالمحافظة أرسِلوا إلى عبد المنعم دعوةً ليحضُر، وبالفعل أتَى الإمامُ البنا إلى المنوفية في حفلة من الحفلات التي كانت تقام دائمًا، وأرسلنا إلى عبد المنعم الدعوةَ، ولما حضر ، أخبرتُ الإمامَ البنا عنه وعن أقواله، فقام إليه الإمام البنا واحتضنه، ثم أخذ يحاول أن يتجاذب معه أطراف الحديث، فسأله عن اسمه وعبد المنعم لا يردّ!! فسأله الإمام عن عمله وهو لا يردّ!! فمنعًا للحرَج بدأتُ أردُّ عن عبد المنعم كلما سأله الإمام سؤالاً، وفي اليوم التالي قابلتُه وسألته ما الذي جرى لك بالأمس؟! لماذا لم تكن تردُّ على الإمام البنا كلما سألك سؤالاً؟.. فقال لي: اسكت..!! لا أدري ماذا جرى لي حينما احتضنني الإمام؟! تُهت ولم أعرف بماذا أرد عليه.

كان رحمه الله شخصيةً غير عادية.. وقد سافرت كثيرًا وقابلت أناسًا من مختلف القارات ، لكني لم أجد في لقائهم تأثيرًا كتأثير حسن البنا، فقد كانت ميزة في الرجل، ولذلك حينما تنظر له فسوف تقول إنه أتى برسالة ليتممها ثم يرحل.

سأخرج يوم الثلاثاء

(من مواقف الأستاذ وجدي غنيم)

يحكى الأستاذ ياسر غنيم ابن الداعية الكبير وجدي غنيم عن بعض المواقف الطريفة لوالده فيقول:

من أطرف المواقف للدكتور وجدي غنيم، انه كان من المفترض أنه سيقوم بعمل ندوة عن أهمية الاقتصاد في الإنفاق وعدم التبذير، فأراد أن يقوم هو أولاً بتطبيق هذا الموضوع على أهل بيته، فوجدناه يقدم لنا وجبة لا طعم لها ولا مذاق، ولا نعرف ما هي، بس كانت بتعجبنا كتير!! المهم بدأنا نسأل:

إيه مكونات الأكلة دي بالضبط؟

فبدأنا نتحسس أوقات دخوله المطبخ، ودخلنا عليه، فوجدناه يضع بواقي الأرز المتبقي من الأكل على البيض، ويعمل منه ما يشبه الأومليت.

سبحان الله .. أراد أن يطبق على نفسه وأهل بيته الموضع ، قبل أن يتكلم عنه في الندوة.

ويقول: في احد مرات اعتقال أبى قال لإخوانه: أنا إن شاء الله تعالى سأخرج يوم الثلاثاء القادم.

فتعجب الحاضرون وقالوا له: أنت بتهرج؟؟ أزاي يعنى أنت هتخرج؟؟ أنت فى معتقل.

فقال لهم : أنا حاسس إن أنا هاخرج يوم الثلاثاء.

وفى يوم الثلاثاء .. جاءت سيارتان وكل منهم تريد ان تأخذه، احدهما لتنقله إلى النيابة والأخرى لترحيله من المعتقل، واختلف كل منهم ، وفى النهاية اتفقوا على الترحيل، وخرج من المعتقل.

وقفات مع القلوب المؤمنة

داعية في الصف الخامس الإبتدائى

(من مواقف الداعية الورع دكتور سناء أبو زيد "طفلا" رحمه الله)

تحكي إحدى أخوات الدكتور سناء أبو زيد رحمه الله موقفًاً حدث معه وهو في الصف الخامس الابتدائي؛ حيث كان مواظبًا على صلاة الفجر وسائر الصلوات في المسجد، إلا أنه افتقد أباه في صلاة الفجر في بعض أيام الشتاء القارس، فما كان من سناء الطفل إلا أن قال لوالده بأدب جم: "يا أبي.. أنا أخرج إلى صلاة الفجر في المسجد وتتربص بي الكلاب، وأخشى أن تؤذيَني لأنني أكون بمفردي، فما كان من الوالد الكريم إلا أن استوعب الدرس الذي أخذه من طفله الحدث المفطور على الدعوة، وما فاتته بعدها صلاة الفجر في المسجد.

وفي المرحلة الإعدادية يحكى الدكتور سناء موقفًا حدث معه في الحقل متزامنًا مع نتيجة آخر العام في الشهادة الإعدادية؛ حيث كان مشغولاً في الحقل مع أبيه في أعمال الزراعة، وفوجئ بأحد أقاربه يأتي مسرعًا ويناديه: "يا سناء.. ألف مبروك؛ ظهرت النتيجة وحصلت على الترتيب الأول على مستوى محافظة الدقهلية، هيا أسرع حتى نذهب سويًّا إلى المدرسة؛ فالجميع في انتظارك".

إلا أن سناء رفض - والفرحة تداعبه- أن يترك أباه، وقال: "لن أذهب حتى أنجز العمل المطلوب مع أبي".

وانتظر بالفعل حتى أنجز عمله في الحقل وفوَّت على نفسه نشوة الثناء على تفوقه من أقرانه وأساتذته؛ برًّا بوالده.

برنامج للجامعة الإسلامية الأمريكية في عشه!!

( من مواقف العلامة الدكتور القرضاوي)

يحكى الدكتور صلاح سلطان عن مواقفه مع الدكتور القرضاوي فى بحث عن الشيخ الجليل تحت عنوان "التكوين العلمي والفكري للقرضاوي" فيقول: قد جمعتني مع فضيلة الشيخ القرضاوي بشكل مباشر مواقف محفورة في أعماق قلبي، وسويداء فؤادي، وهي جميعها ذات تأثير في حياتي، وأشعر أنه من الأهمية أن أبثها إلى زملائي من محبي الشيخ الجليل وتلاميذه؛ ليتدارسوا ما فيها من عِبر، فما زلت أتذكر يوم أن كنت عائدا من أمريكا في يوم 25 يونيو 2001م، وكان المسار الذي اتخذته الطائرة المتجهة إلى القاهرة هو (ديترويت- ألمانيا- القاهرة).

وفي مطار القاهرة –كالعادة- أخذوا جواز سفري للكشف والتحري، وطلبوا مني الدخول في غرفة ينتظر فيها أمثالي من المشبوهين (عندهم)، ودخلت الغرفة الصغيرة التي كان بها لمبة ضعيفة جداً، ولا أكاد أبصر شيئاً، وأحسست أن هناك شيخاً أزهرياً في الغرفة، لكن لم أتبينه من هو، فقلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ففوجئت أن الرد جاء بصوت جهوري مفعم بالمشاعر والأحاسيس، إذ كان الشيخ القرضاوي من يجلس بالغرفة! وكان قادماً من قطر، فقال لي: ما جاء بك هنا يا بني؟، فقلت جاء بي الذي جاء بك، ألست القائل في قصيدة "الأصوليون":

وكلنا في الهـوى سوى

من لم يمارس عنفه فقد نــوى

لكن أهل الاعتدال أخطر

فهم على البـلاء أصبـــر

فهم يربحون جولة فجولة

وبعد ذلك يبلعــون الدولة

فقال لي معلقا على كلامي: وهذا وقته؟، تعال هنا، وجلست بجواره، وقلت: أستاذنا: دعنا نستفد من الوقت "هم يخلصوا شغلهم، وإحنا نخلص شغلنا"، فجلسنا نضع برنامج اجتماعنا الذي كنا سنعقده في الصيف بشأن المجلس العلمي للجامعة الإسلامية الأمريكية– ديترويت– ميتشجان- وكان الشيخ رئيسا لمجلس الأمناء، وكنت رئيسا للجامعة، فجلسنا نضع البرنامج واليوم والمحاور والحضور، وانتهينا من كل شيء في هذه الغرفة (العشة)، وبعد الانتهاء جاءوا ونادوا على الشيخ، وبقيت وقتاً أتحاور مع اللواء الذي كان يتابعنا:

كيف تفعلون هذا مع الشيخ الجليل الذي يستقبل في صالة كبار الزوار في الدنيا كلها إلا بلده الأصلي مصر؟ كيف تفعلون هذا معه؟!، لكن اللواء كان دائما يقول : عندك حق، لكني عبد مأمور.

الشيخ الغزالي في الكنيسة

( مواقف من حياة رجل الحوار و الإقناع الشيخ الغزالي رحمه الله )

يقول الشيخ الغزالي رحمه الله: قال لي أحد المقربين مني: يا شيخ غزالي هل لك في محاضرة تخدم بها الإسلام؟

قال الغزالي: نعم، على الرحب والسعة. فقال له صديقه: ولكنها محاضرة من نوع خاص، قال الغزالي: لا بأس.

فقال له صديقه: صلِّ غدا في مسجد عمر مكرم (المغرب)، وستجد رجلاً في انتظارك، وسيذهب بك إلى مكان المحاضرة.

وذهب الشيخ الغزالي في اليوم التالي ليؤدي صلاة المغرب حسبما اتُفق معه، فوجد على الباب رجلاً جالساً في سيارة (مرسيدس) ينتظره قبل الصلاة، فطلب إليه الشيخ الغزالي أن يدخل ليصلي معه، ظناً منه أن الرجل مسلم، فأبى أن يدخل معه المسجد، فعلم الشيخ الغزالي أن الرجل مسيحي، فأمر له بكرسي ينتظره عليه حتى يصلي، وصلى الغزالي المغرب إماماً بالناس، ثم خرج، وظن الشيخ الغزالي أن الرجل لا يعدو أن يكون سائقاً، فركب بجواره، متكئاً على الكرسي، غير عابئ بأن يتكلم معه، اللهم إلا في شؤون الحياة العامة، وإذ به يفاجأ بالرجل يعرفه بنفسه: أنا فلان، معي دكتوراه في الكهنوت!!

يقول الشيخ الغزالي: فاعتدلت في جلستي، وقلت في نفسي: فلأستعد إذن للكلام مع رجل على علم بالأديان، وأخذ هذا القس يناقش الشيخ الغزالي في الآيات التي صلى بها المغرب.

ثم انطلق به إلى مكان بعيد، ويقول: ثم رأيت مبنى ضخماً وإذ به كنيسة، فقلت في نفسي: أفي بلدي مكان كهذا ولا أعرفه؟!

ثم رأى من نظافة المدخل، وما به من أشجار وأزهار تزين جانبي المكان، مما جعله يتحسر على حال الجامع الأزهر، ويقول: منذ زمن نشكو من سوء حال النظافة في الجامع الأزهر، ومن تشويش الأماكن المجاورة له، بل من سوئها.

ويقول: ثم فوجئت بمدخل طويل على جانبيه حدائق وبساتين، وظن الشيخ الغزالي أنه استدرج إلى مصرعه، وأن هذه الحديقة ما هي إلا مقبرته، ولكنه انتهى به إلى مكان احتشد له فيه عدد من القساوسة وطلبة اللاهوت، فكلمه كبيرهم قائلا: نستأذنك في ثلاثة أشياء:

أولا: أن تلقي كلمة بين الحضور.

والثانية: أن يحضر النساء منفصلين عن الرجال.

والثالثة: أن تجيب على الأسئلة بعد الكلمة.

يقول الشيخ الغزالي رحمه الله: فوافقت على ذلك كله، وفكرت في الكلمة التي ألقيها:عم أتحدث؟ ودعوت الله: أن يلهمني كلمة تناسب الموقف، فتكلمت عن الموافقات التي بين رسالة عيسى ومحمد عليهما السلام، وأن الرسالتين خرجتا من مشكاة واحدة، ودللت على ذلك من القرآن والسنة، ومما يتفق من الكتاب المقدس مع القرآن والسنة.

ثم فرغ الشيخ الغزالي من إلقاء كلمته، وقد حضر فيها عدد كبير من طلبة اللاهوت، وممن يدرسون الدراسات العليا، ومن القساوسة الحضور، ويكون بذلك قد لبى طلبين من ثلاث، وبقي الأمر الثالث، وهو الأسئلة، ففتحوا باب الأسئلة، وكان السؤال الأول من كبيرهم: هل يجوز لدولة مسلمة أن تطلب المعونة في حربها من دولة ملحدة كافرة؟ يشير بذلك إلى مصر بعد هزيمتها في حرب يونيو (حزيران) 1967م، وقد استعانت بخبراء روس، وبأسلحة من روسيا، وكانت هذه المحاضرة في بدايات السبعينيات، فأجاب الشيخ الغزالي موجها الخطاب للسائل: هَبْ أن لصوصا دخلوا عليك ليسرقوا بيتك، وإن قاومت قتلوك، ومعهم أسلحة، وأنت أعزل من السلاح، ثم فوجئت بشباك بيتك وقد تركته مفتوحا، يرمي لك من الخارج أحد المارة عددا من العصي الغليظة وسكينا، فماذا تفعل حينئذ؟ هل تأخذ السلاح وتواجه به اللصوص في بيتك وتطردهم منه، أو تنظر من شرفة بيتك، لترى ديانة وعقيدة من رمى لك بالسلاح؟! إن المنطق السوي يقول:

أدافع عن نفسي، ولا يضيرني ملة ومعتقد من مد لي يد العون لمواجهة خصومي.

فأحس مدير اللقاء أن الشباب بدأوا يتأثرون بكلام الغزالي رحمه الله، فختم اللقاء، ثم قال له:

هل لو دعيت لمثل هذه المحاضرة تلبي؟

قال: نعم، فأنا داعية وواجبي أن ألبي الدعوة، وأن أتحرك بين الناس بشرحها وتبيينها.


للمزيد