موقف الإخوان من غزو العراق للكويت بين الحقيقة والافتراء

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
موقف الإخوان من غزو العراق للكويت .. بين الحقيقة والافتراء


إخوان ويكي

مقدمة

كثيرا ما يخطأ الحكام – خاصة في عالمنا العربي والإسلامي- ويلقون باللوم على شعوبهم لأنه لا توجد أداة فاعلة في محاسبة هؤلاء على تصرفاتهم.

بل العجيب أن يستغلون أموال تلك الشعوب في تنظيف سمعتهم وتبرأ ساحتهم من كل نقيصة يقومون بها سواء من أجل مصالحهم أو خدمة لرؤية أجنبية المهم في المقام الأول أن يظل الحاكم حاكما طوال حياته بل ويورث أبناءه إذا لزم الأمر، وهذا ما نكأت به الشعوب الإسلامية والعربية من تولى أسر الحكم بحكم الوصاية أو رؤساء بحكم الديكتاتورية والقهرية التي يمارسونها على شعوبهم بمعاونة جيوشهم.

وهكذا تعاملهم مع مجريات الأحداث حيث ينظرون إليها من وجهة نظر ما يريده الغرب والأمريكان لا ما تراه عقيدتهم أو مصالح شعوبهم. ولذا فالشعوب العربية والإسلامية دائما في تخلف وقهر واضطهاد وحروب فيما بينهم، ولم يفكر واحد لماذا لم تتقدم دولة عربية أو اسلامية في ظل هؤلاء الحكام رغم مرور أكثر من نصف القرن على خروج المستعمر الغربي، بل إن شعوبا انهكتها الحروب وأفقدتها ما يقرب من المليون شخص نهضت وأصبحت في مصاف الدول المتقدمة والمستقرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا مثل دولة رواندا.

عشرات بل مئات المراكز البحثية التي ينفق عليها المليارات في كل بلد عربي وإسلامي ولم يستطع مركز واحد أن يقدم روشته تقدم لبلده أو النهوض بها، والكل مهمته فقط خدمة النظام الحاكم ومن خلفه الأجندية الأجنبية التي يفرضها الصهاينة والغرب حتى أصبحنا جيوشا تحمي حدود الصهاينة فقط ونرعى مصالح الغرب ونوفر له كل متطلباته، بل ونقوم نايبة عنه في تأديب العاصي من بني جلدتنا.

وهكذا كانت حرب الخليج أو غزو العراق للكويت والتي لم نجلس نبحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت لذلك لأنها مثلها مثل غيرها من التدخلات من أجل فقط شهوة النفس لدى الحاكم أو الديكتاتورية التي يمارسها الحكام. فقد رأينا كثير من الدول العربية والإسلامية تسعى لتدمير مصالح جارتها وفرض من ينفذ أوامرها على شعوب هذه الجارة.

لم يبحث الزعماء العرب ولا المسلمين وقف انتهاكات صدام حسين ضد شعبه الأعزال، ولا وقفه عن قتلهم بأبشع أنواع الأسلحة مثل هجومه بالأسلحة الكيميائية ضد الأكراد في 16 مارس 1988 في مدينة حلبجة الكردية في كردستان العراق. وذلك بسبب أن كل الأنظمة الحاكمة تمارس هذا الاستبداد مع شعوبهم، بل إن بعض الدول كانوا يدعمونه ويمدونه بالسلاح من أجل الاستمرار في مهامه ضد شعبه. وما صدام إلا واحد من عشرات الحكام التي كانت تقوم بذلك.

وتحرير الكويت كان باستطاعة الحكام العرب والمسلمين تنفيذه بجيوشهم وإرجاع الكويت محررة مكرمة لشعبها بأيدي عربية وإسلامية لكن الخطة المعدة هي بسط أمريكا نفوذها على النفظ العربي وتمكين جيوشها من الأراضي العربية وهو ما كان حيث دخلت أمريكا بجيوشها – التي لم تشارك في الحرب مشاركة فعلية واكتفت بالطيران - وعادت جميع الجيوش العربية المشاركة في تحرير الكويت إلى بلادها وبقت الجيوش الأمريكية قابعة على جميع الأراضي العربية في شبه الجزيرة العربية.

ومع ذلك فقد تركت المراكز البحثية والأنظمة إصلاح الأخطاء وأفرغت جهودها وأموالها في اتهام الإخوان أنهم كانوا مع الغزو العراقي للكويت ولم يأيدوا دخول الجيوش الأمريكية مثل مشايخ السعودية، وما زالت هذه النغمة تتغنى بها المراكز البحثية والأدوات الإعلامية من أجل إشاعة الجهل وتزييف الحقائق لدى الشعوب وتبيض سيرة الحكام وانتهاكاتهم المستمرة وجلبهم الحروب والخراب للبلاد بسبب سياستهم.

البعثيين في حكم العراق

منيت الشعوب العربية والإسلامية بالعديد من الانقلابات العسكرية التي قامت بها وحدات من الجيش رغبة في السيطرة على حكم البلاد، وهذا من أثر المحتل الغربي الذي أشعل الرغبة في نفوس القادة العسكريين الموالين له بحكم البلاد بالقوة، فمنيت كثير من الدول بالعديد من الانقلابات المتتابعة ومنها العراق الذي ابتليت بإنقلاب تلو انقلاب حتى كان انقلاب 17 تموز/ يوليو 1968م

والذي سيطر فيه قادة عسكريين تابعين لحزب البعث العراقي وغيرهم من الطامحين في السلطة أمثال عبد الرزاق النايف، نائب رئيس الاستخبارات العسكرية، وإبراهيم داود، رئيس الحرس الجمهوري، حيث طالب النايف بمنصب رئيس الوزراء كمكافأة على تعاونه مع البعثيين، وأيضا داود الذي أصبح وزيرا للدفاع غير أن الأطماع الشخصية دفعت أحمد حسن البكر وصدام حسين على التخلص من النايف وداود قبل أن يغتالهما صدام فيما بعد.

عزز البكر وصدام قبضهما على الحزب البعثي وأنشأ منظمة عسكرية استخباراتية تابعة لهما لقمع أعداء حزب البعث أو جموع الشعب، حيث ظل صدام يخطط ضد قادة حزب البعث وعلى رأسهم البكر حتى بسط سيطرته على حكم العراق في 16 تموز - يوليو 1979م، وقام بالعديد من المجازر حتى ضد أعضاء وقادة حزب البعض فيما عرفت بحادثة مجزر الرفاق في قاعة الخلد في بغداد 22 يوليو 1979م. (1)

البداية المرة

مليون قتيل من الشعوب العربية والإسلامية المقهورة والمغلوبة على أمرها، وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار أمريكي هي حصيلة ونتاج حرب الخليج الأولى التي نشبت بين أيران والعراق في سبتمبر 1980م واستمر ما يقرب من ثماني سنوات، وكان لنتائجها بالغ الأثر في العوامل التي أدت إلى حرب الخليج الثانية والثالثة.

ومع استمرار الحرب لثامني سنوات منيت البلدين بالخراب نتيجة قرارات حكام لا يهمهم إلا مصالحهم في المقام الأولى فقد انتهت الحرب بعد هذه المدة إلى نفس النتائج ما قبل الحرب، فلم تحقق العراق بغيتها في السيطرة على الأراضي الإيرانية ولا أصبحت القوة الأقليمية البديلة لإيران، بل ظل صدام حسين حاكما يقمع شعبه بالحديد والنار والأسلحة الكيماوية القاتلة.

بل لم يتدخل العالم العربي أو الإسلامي في وقف نزيف الشعوب ووقف الحرب وحث صدام على وقف الحرب لكن دعمت العديد من البلدان الإسلامية والغربية العراق بالقروض والمعدات العسكرية وصور الأقمار الصناعية خلال هجماته ضد الاهداف الإيرانية. (2)

أسباب غزو العراق للكويت

كان واضحا أن المصالح الشخصية والديكتاتورية وحب السيطرة والاستحواذ هي التي دفعت صدام لغزو الكويت. جنون العظمة الذي أصاب كثير من حكام العرب كصدام جعلهم ينظرون إلى الكويت على أنها ولاية تابعة للأمبروطورية العراقية السالفة

حيث تفجرت مثل هذه الأزمات منذ ما عرف بأزمة عبد الكريم قاسم – الذي تولى حكم العراق بانقلاب عسكري ومعاونة الشيوعيين والقوميين، ولم يضع في اعتباره أن الكويت كانت دولة ذات سيادة كاملة وشعب يعيش في مأمن منذ العهد العثماني، بل إن العراق اعترف رسميا بسيادة الكويت في أكتوبر 1963م.

احتلت بريطانيا العراق كما حتلت الكويت إلى أن خرج المستعمر عنهما في 1932م و1961م على التوالي، ولكن كطبيعة المستعمر الذي بذر بذور الشقاق بين الأشقاء ترك نفطة خلافية حدودية بين الكويت والعراق وظل يغزيها فترة استعماره للبلدين، إلى أن عقد الطرفان معاهدات اعترفت العراق بالحدود الكويتية المرسومة منذ العد العثماني.

والسبب الثاني الذي نلحظه في هجوم صدام على الكويت هو النفط حيث يعد من أهم الموارد الاقتصادية في دول الخليج والتي يرتكز عليها الناتج المحلي لدولها. وإن كانت العراق من الدول التي لديها مخزون كبير من النفط دفعها لأن ترفع سعرها في محاولة لسداد ديونها الناتجة عن حربها مع إيران لمدة ثماني سنوات، في وقت كان العالم كله يحتاج للنفط.

لكن الكويت ودول الخليج الناتجة للنفط أخذت قرار بخفض سعر النفط وهو ما سبب أزمة داخل العراق ونفطها حيث سينصرف عنه المستوردين لارتفاع سعره. ولقد اتهم صدام حسين في اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية، في شهر مايو من عام 1990، الكويت بالإفراط في تزويد السوق العالمي بنفطها مما تسبب بانخفاض أسعار النفط عالميا وتقويض الحصص الإنتاجية لأعضاء منظمة أوبك، غير أن الكويت أعلنت أنها ستلتزم بما اتفق عليه في منظمة أوبك، بل وجه الاتهام للعراق بأنها هى من تغرق السوق بالنفط.

امتلاك الكويت لأكبر احتياطي نفطي في العالم وهو ما جعل الكل يمظر إلى هذا الكنز على انه يجب أن يحظى به بما فيهم العراق التي كانت تترقب الهجوم للسيطرة على هذه الحقول. بل اتهام العراق للكويت أنها تسرق النفط من حقل الرميلة وغيرها من الأسباب التي كان يبدو أنها معدة مسبقا وأن الغرب يعمد على تغزيتها من أجل الغزو ثم التدخل وتدمير الدولة العراقية وفرض هيمنته على النفط الخليجي.

ومن الأسباب أيضا الديوان التي أغرقت العراق أثناء حربه مع إيران حيث دعمته كثير من الدول العربية وعلى رأسهم الكويت بالمال والعتاد حيث تراكمت هذه الديون على العراق وطالب صدام باسقاط هذه الديون كونه كان يحارب في أجل الدفاع عن امن الخليج كله.

ومن الأسباب الهامة أيضا طمع السلطة العراقية في ضم الكويت لها لتوسعة حدودها البحرية خاصة بعدما دمرت معظم موانيها في الخليج العربي أثناء الحرب الإيرانية. (3)

ولقد اعترف صدام حسين اعترافا غير مباشر بأن قراره بـ (احتلال - دخول) الكويت في الثاني من آب - أغسطس عام 1990، كان قرارا خاطئا، وكان من المفروض أن نتعامل مع الكويت بطريقة أخرى، كما تحدث في أكثر من مناسبة عن الأسباب التي دفعته لغزو الكويت (4)

وفي هذا الصدد يقول يقول أمين الحزب الطليعي الناصري، السفير السابق في الخارجية العراقية، الدكتور عبد الستار الجميلي، إن احتلال الكويت من قبل النظام العراقي السابق، يعد جريمة قومية ودولية في نفس الوقت، باعتبار أن العراق والكويت كلاهما جزء من الأمة العربية، وليس هناك ما يسمى، أن الكويت جزء من العراق أو العكس.

وأن القانون الدولي لا يبيح استخدام القوة واحتلال أراضي الغير بالقوة، لأن العراق والكويت كلاهما دولتان مستقلتان (5)

مغالطات متعمدة وتساؤلات مشروعة

يحاول علمني وشيوعي العرب اللعب على الأوتار بتحريف الحقائق وليها وفق هواهم ودخولهم في نوايا الغير وكأنهم يعلمون الغيب.

لقد سعى هؤلاء إلى لى تصريحات الإخوان ورفضهم للغزو العراقي كما رفضهم وجود القوات الأجنبية في محاربة الدول العربية ثم احتلالها كما رأينا الآن، وكأن الإخوان شجعوا العراق على احتلال الكويت. ولم يذكر واحد من هؤلاء الأفاكين لماذا سيشجع الإخوان العراق على احتلال الكويت؟

هل كانت هناك عداوة بين الإخوان والنظام الكويتي حتى يفرحوا بغزو بلادهم؟ الإجابة أبدا .. لقد كانت العلاقة بين الإخوان والنظام الكويتي الحاكم على خير وئام. هل كانت هناك مصالح بين نظام صدام والإخوان أو منفعة؟ الإجابة: أبدا.. فقد كان صدام مجرم يضطهد أهل السنة وجميع الشعب العراقي بكل طوائفه دون تميز وعلى رأسهم الإخوان بالعراق ولذا فهم في عداوة معه نظام صدام حسين؟

ما الفائدة التي عادت على الإخوان من غزو العراق للكويت؟ الإجابة لا شئ لأن الحرب كانت عواقبها وخيمة على جميع الشعوب العربية والإسلامية سواء سياسيا أو عسكريا أو اقتصاديا.

الإخوان أشد الناس حرصا على وحدة أمتهم وسيادتها واستقلالها سياسيا واقتصاديا وعسكريا عن الهيمنة الغربية والشرقية، لأن العرب والمسلمين أصحاب حضارة عظيمة وقوية أخذ العالم عنها العلم والتقدم ثم عمدوا إلى نشر التخلف بين أبنائها الذين بهروا بالتقدم الغربي.

إن أمثال هؤلاء العلمانيين والشيوعيين لا يكون ولائهم لفكر أو وطن أو دين لكن ولائهم لحضارة الغرب والشرق التي بهرتهم وتنفق عليهم .. وهذه أمور واضحة وضوح الشمس لا تحتاج لتوضيح. لقد رفض الإخوان غزو العراق للكويت.. كما رفضوا أن تشارك قوات أجنبية في إخراج العراق من الكويت، وطالبوا بأن تكون الجيوش العربية والإسلامية هي الحل مع الإفساح للتفاوض والضغط على النظام العراقي.

والعرب والمسلمين لا يعوزهم القوة فلديهم جيوش تعد من أقوى الجيوش في المنطقة ولها تصنيف عالمي سواء كان الجيش المصري أو السوري أو السعودي وغيره من الجيوش العربية والإسلامية، لكن أن تأتي أمريكا بأكثر من 600 ألف جندي غير عشرات الدول الغربية ومثلها من الدول العربية، والأنكى في ذلك أن تتحمل الجيوش العربية المواجهة المباشرة مع الجيش العراقي

واكتفى الجيش الأمريكي فقط بالضربات الجوية والتخريب المتعمد سواء في العراق أو الكويت ثم فرض الأمر الواقع بالبقاء بعد الحرب ولم يخرج أبدا بهدف السيطرة على ثروات الخليج ونفطها وهو ما يحدث الأن.. في الوقت التي دمرت فيها كثيرا من الدول العربية تباعا، لإاين العراق الآن؟ وأبن سوريا؟ وأين السودان؟ وأين وأين وأين.

وبعدها جلس العلمانيون والشيوعيون يرقصون ويفرحون ويتمتعون بالدولارات التي تملئ جيوبهم نظير تشجيعهم وتأييدهم للغرب. ولو عدنا للخلف لوجدنا أن أمثال هؤلاء العلمانيون في الماضي القريب شجعوا وهللوا لصدام حينما دخل في حرب مع إيران بلا سبب واضح، بل إنهم برروا له جرمه حينما ضرب الأكراد بالغاز السام، بل كانوا يشجعونه على قمع شعبه واحكام بلاده بالحديد والنار، ونسى هؤلاء أن أمثال هؤلاء سيطمعون في غيرهم حتى يصابوا بجنون العظمة فيدمرون أوطانهم وأوطان غيرهم.

في الوقت الذي ندد الإخوان بحرب العراق مع إيران كونهم فئتين مسلمتين وإن اختلافتا في المذهب، كما أنهم نددوا بأشد أنواع العبارات على ما قام به صدام ضد الأكراد في مذبحة حلبجة وغيرها من الممارسات ومجلة الدعوة الإخوانية بمصر خير شاهد على موقف الإخوان من إجرام صدام وبشار الأسد ضد شعوبهم.

موقف الإخوان المسلمين من الغزو

ينطلق الإخوان المسلمون من قاعدة شرعية بحيث يتركزون على تعاليم الإسلام الحنيف في كل تصوراتهم حتى ولو اصطدمت هذه الأفعال والتصورات مع وجهات نظر حكام البلاد أو غيرهم، فالمعيار الأول الذي ينطق الإخوان من خلاله هو تعاليم الشرع الحنيف وما جاء به. وفي غزو العراق للكويت أو الهجوم على أي دول إسلامية فالإخوان يرفضون تمام هذا المبدأ ويسعون بكل السبل لحل الأزمة بين الأشقاء المسلمين.

كما أنهم ضد أن يغزو أجنبي دولة إسلامية أو الاستعانة بهم فيما يقع من خلاف أو مشكلات بين الأشقاء المسلمين، وما حرب الخليج إلا نموذجا لذلك حيث أعد الغرب عدته، وحط بجنوده على أراضي إسلامية ورفض الخروج بحجة حماية تلك البلاد، ومع ذلك لم يغير النظام المستبد الذي قرر غزو الكويت بل تركه يرتع ويفسد في البلاد

وانتهت الحرب وظل صدام حاكما لسنوات طويلة وتجرع الشعبين العراقي والكويتي مرارة الحرب والتشرد والقتل في وقت ظل من أمر بالغزو على رأس السلطة متمتعا بذلك. حيث لم يخسر في هذه الحروب إلا الشعوب المستضعفة التي تتجرع نتائج قرارات حكامهم الخاطئة.

ويؤكد هذا المعني السفير العراقي السابق الدكتور عبد الستار الجميلي بقوله:

في نفس الوقت كان هذا الاحتلال حجة للتدخل الأمريكي والغربي بشكل واسع في العراق والوطن العربي بشكل عام، نتيجة السياسات الخاطئة للنظام العراقي السابق، حيث وجدت أمريكا في احتلال الكويت ذريعة للدخول إلى الوطن العربي من بوابته الشرقية. (6)

لقد كان موقف الإخوان واضحا وضوح الشمس التي تعمي أهل الباطل بأن احتلال العراق للكويت أمر مرفوض ويجب على صدام الخروج من الكويت فورا وعلى الجيش العراقي والشعب العراقي أن لا ينفذوا قرارات الحاكم المستبد للعراق الذي يريد أن يورد الشعب العراقي المهالك بطيش قراراته حتى ولو كان هناك تعنت معه في بعض القضايا فالحل العسكري وغزو العراق للكويت هو الحل.

كما أن الإخوان رفضوا العملية العسكرية بقيادة أمريكا والغرب لأن هدفهم الأول هو تدمير الدولة العراقية واحتلال دول الخليج والسيطرة على منابع النفط الأولى في العالم، وهو ما كان يجعل أمريكا في عجلة من شن هجوم عسكري على العراق.

كان موقف الإخوان في كل مكان واضح ورافضا لغزو العراق للكويت، غير أن الأفاكين ألقوا الضوء على موقف الترابي واعتبروه موقف الإخوان ولا ندري كيف يعبر الترابي عن موقف الإخوان وهو ليس منهم منذ أواخر الستينيات وله جماعته الخاصة وفكره ومنهجه.

بل إن الأستاذ سليم جبارة – عضو مكتب الإرشاد- أوضح هذه النقطة بقوله:

لم تشارك الجماعة فى أى مظهر من مظاهر اليأييد والحشد التى كان يلجأ اليها صدام حسين لشراء ذمم ومواقف القوى الشعبية والقيادات السياسية الفاعلة، والذين سافروا لمثل هذه الامور لم يكونوا بتفويض من الجماعة ولم يتحدثوا باسمها. (7)
  • لقد كون الإخوان في 11 سبتمبر 1990م وفدا من المرشد العام أبو النصر، ومن نائبه مشهور، ومن بعض كبار الشخصيات الإسلامية للقيام بإصلاح ذات البين والصلح بين الطرفين غير أن النظام المصري – بإيعاز من أمريكا- رفض سفر الوفد ومنعه في أمر كان واضحا أن الغرب ومن يتبعه من حكام العرب يسعون لاطالة أمد الحرب وتدمير الدولة الكويتية والعراقية معا بأيدهم وبأيدينا كعرب.
  • وليس ذلك فحسب فحينما رأى الإخوان أن العدة أعدت لدخول الجيوش الأجنبية طالب الإخوان الحكام العرب بوضع جدول زمني لخروج هذه القوات مرة ثانية وعدم بقاءها على الأراضي العربية. لكن حكامنا العرب ومن خلفهم العلمانيين والشيوعيين اتهموا الإخوان بأنهم مع صدام، ولا يظن أحدا اليوم عنده ذرة من فهم يستطيع أن يتعامى عن الكارثة بعدما انسحبت الجيوش العربية بأمر الأمريكان
وبقي صدام كما هو، وبقيت قضيته ممتدة لأن في امتدادها امتداد للابتزاز الأمريكي، وبقي الجيش الأمريكي الرابض في قواعده آمنا في الخليج كله، ولا يعلم إلا الله من سيستطيع إخراج تلك الجيوش. فالقوات الاجنبية لم تأت فى الحقيقة لتحرير الكويت وانما جاءت لتحقيق اهداف توسعية ومطامع لها فى المنطقة وايضا لتأكيد الانفراد بالزعامة والقوة على الساحة العالمية
  • طالبت الجماعة فى أول بيان أصدرته بضرورة انسحاب العراق من الكويت وكان ذلك بندا ثابتا واضحا فى جميع بياناتها وتصريحاتها وقد نشرت جريدة الانباء فى 30 -8- 1990 م تأكيد الجماعة ممثلة بمرشدها العام الاستاذ محمد حامد أبو النصر على ثبات رأيها بصدد ادانة الغزو العراقى للكويت. وأوردت صحف الاهرام ,الجمهورية و الاخبار ،الوفد، نبأ لقاء السفير العراقى – بناء على طلبه – بالمرشد العام للجماعة على ضرورة انسحاب العراق من الكويت وعودة الحكومة الشرعية.
  • وقد رأت الجماعة أن النظام العراقى بغزوه للكويت قد فتح الباب واسعا أمام التدخل الأجنبى السافر فى المنطقة وقدم أكبر خدمة للكيان الصهيونى الغاصب لمزيد من التمدد والتغلغل فى المنطقة.
  • حينما شعر الإخوان بحدة التوتر وارتفاع لهجة الخطابات خاصة لدى القادة العراقيين طالب الإخوان الجميع بالهدوء وإعطاء التفاوض فرصة لحل نزاعتهم وذلك في البيان الصادر يوم 25 يوليو 1990م.
  • وازاء احساس الإخوان بخطورة تفاقم الوضع خاصة بعد ما لمسوه من اتجاه عند بعض أطراف الخلاف نحو تصعيد حدة التوتر بالتلويح باستخدام القوة أصدروا بيانهم الثانى فى 29 من يوليو 1990م ابان انعقاد مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية فى القاهرة وقد ركزوا فى هذا البيان على نقاط واضحة من أجل اقتلاع جذور الخلل فى العلاقات

ونزع فتيل التوتر فى الخليج كان منها:

  1. إن علاقات العرب والمسلمين انما يجب أن تنهض على توثيق روابط الاخوة التى فرضها الله تعالى بين عباده بقوله عز وجل " انما المؤمنون اخوة ".
  2. وان مما يلزم تمهيدا لتحقيق هذه الوحدة هو انهاء كل أسباب الخلاف بين دول العالم الاسلامى والاعراض الكامل عن كل النزاعات التى تتسم بالعنف أو تهدد باستخدام القوة وذلك من خلال تشكيل هيئة تبحث ما يطرأ بين دول العالم الاسلامى من اختلاف فى وجهات النظر.
  3. حرية الشعوب حق أصيل فى كل ما يتعلق بتدبير شئونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية أمر لا غنى عنه.
  • وحول ممارسات الغزو العراقى داخل الكويت أكد الإخوان " أن كل ما تنقله الاخبار من تصرفات لجنود الغزو مع أبناء الكويت الشقيق مثل النهب والايذاء وغير ذلك – هى من الأمور التى لا يقرهاالاسلام حتى مع الأعداء بل ان الغزو العراقى للكويت وما حدث ابانه من انتهاكات هو عمل لم يكن يتوقعه صديق ولا عدو وأنه ليس ثمة ذنب للشعب الكويتى بكل فئاته من أطفال ونساء وشيوخ ورجال لكى يتعرضوا لما تعرضوا له من مآس يشيب لها الولدان".
  • وأعلنت قيادات الإخوان " أن الغزو العراقى زلزل المؤمنين زلزالا لم يعهدوه فقد تم احتلال احدى الدول العربية – الكويت – من دولة تشترك معها فى اللغة والدين والجوار والالام والامال وهى – العراق – التى تغزو أرضها وتستبيح دماءها وأموالها وتهتك أعراضها بل واسمها وتضمها اليها قسرا لتصبح احدى محافظاتها "
  • وناشدت وطالبت قيادة الجماعة رئيس النظام العراقى أن يعيد الارض الى أصحابها وأن يحل قضاياه بالسلم لا بالغزو والسلب والاغتصاب مخالفا كل ما تعارف عليه البشر من قوانين وأطر وأن يحسب لما هو مقدم عليه حسابا بالعقل لا بالاندفاع وألا يقدم العراق طعما للاسماك المفترسة وأن يترك الكويت لأهلها يختارون ما يختارون بأنفسهم.
  • فى عددها الصادر فى أعقاب الغزو قالت : لواء الاسلام " انه من الخطأ أن نصدق من يزعم أن ما حدث ويحدث فى الكويت من غزو ودمار وتخريب وتشريد لشعب عربى مسلم انما هو مأساة الكويت وحدها وأنه من البلاهة أن يدس العرب رؤوسهم فى الرمال ويزعموا ان ما حدث ويحدث فى الكويت سيظل هو ونتائجه فى اطار الكويت .. انه مأساة العرب جميعا".
  • في العاشر من أغسطس 1990م وصلت القوات الأمريكية وحطت رحالها في دول الخليج، وفى اليوم التالى لوصول القوات أعلن الإخوان المسلمون فى بيان أصدروه فى الحادى عشر من أغسطس 1990 م استنكارهم للتدخل الاجنبى ورفضهم لنزول هذه القوات مع رفضهم لكافة التعليلات التى حاولت الولايات المتحدة الامريكية أن تتذرع بها لتبرير تدخلها
بل وأعلنوا أنهم يعارضون أى وجود لأى قوات أجنبية أخرى كما طالبوا بانسحابها الفورى لأن تواجدها وهو مرفوض بكل المقاييس وعلى جميع المستويات – من شأنه أن يعيد عصور الحماية والاحتلال السافرين للمنطقة بل لدول الشرق الأوسط والدول النامية¸الأمر الذى يعود بالعالم الى قرن الاستعمار الذى تآمرت فيه الدول الاوربيةعلى اقتسام شعوب أفريقيا وآسيا وجميع الدول المستضعفة.
  • وفى نفس البيان الذى أعلن الإخوان فيه استنكارهم للتدخل الاجنبى ومطالبتهم بانسحاب القوات الاجنبية أكدوا على ضرورة الانسحاب العراقى من الكويت معتبرين غزو النظام العراقى لها سببا للكارثة كما أكدوا أيضا على أن الحل الذى يتمثل فيه الصالح العربى ويحقق الامن للسعودية ودول الخليج ويزيل كل المخاوف والشكوك من الصدور
يتمثل فى تشكيل قوات عربية اسلامية من دول تطمئن اليها دول المنطقة – مثل الجزائر ومصر والمغرب وباكستان – لتقف على الحدود السعودية العراقية – ولتحل محل القوات العراقية بعد انسحابها من الكويت ومن ثم ينتفى أى مبرر تتعلل به القوى الاجنبية للتدخل العسكرى فى الازمة أو الوجود فى المنطقة. وهذا موقف الإخوان منذ نشأتهم من رفض جميع أشكال الاحتلال الأجنبي لأي دولة عربية أو إسلامية.
  • فى أعقاب القصف الامريكى للعراق وما لحق بشعب العراق ودياره من خراب كان الإخوان أول من نبه اليه الاذهان حين صدر بيانهم فى 17\1\ 1992 م يقول " نكبت الامة لنزوة من شهوة حاكم وخديعة أدخلتها عليه اجهزة دول كبرى تحتضن العدو وتتصدى للدفاع عنه. ولقد أكد يقول التقرير الاستراتيجى للاهرام للعام 1990م" على رؤية الإخوان وسلامة رؤيتهم من قضية دخول القوات الأجنبية حرب الخليج حيث جاء فيه: إن النضوج الهائل فى الخبرة السياسية لاخوان مصر والذى اختلط جزئيا مع ميلهم العميق للمحافظة والتطور السلمى قد اصطدم مع حداثة الخبرة السياسية للتيارات الاسلامية فى الاقطار العربية.
إن هناك ثمة تقاليد متجذرة عند الإخوان المسلمين وخاصة كراهيتهم الأنظمة القمعية الفاجرة والتى لوثت أيديها بدماء الاسلاميين وعلى رأسها النظام العراقى. ولقد تنبأ البيان رقم "2" بصورة واضحة أن وجود القوات الامريكية وحليفاته يدفع ضمنا فى اتجاه الحل العسكرى . ذلك أن هذه القوات لن تستمر فى موقع الدفاع بل تعد القوة لغزو العراق والهجوم عليه وتوجيه الضربات القاصمة للمؤسسات العسكرية والاقتصادية والحضارية وهو ما يرفضه البيان كما رفض أيضا اشراك القوات العربية فى تحطيم العراق وجيشه وأكدت المواقف العامة للإخوان المسلمين بعد ذلك هذا التحليل والخبرة السياسية فى الوقت نفسه".
إن الموقف العام المتكامل للإخوان المسلمين من الازمة قد تمت صياغته أسوبيا بأقصى قدر ممكن من الاعتدال الذى لا يخل بالوضوح لم يستغل لغة تحريضية أو بتعبيرات متطرفة أو تهيجية بل اعتدال أسلوبى يعكس اعتدالا مضمونيا حرص فيه الإخوان على تقويم موقفهم بأقصى درجة ممكنة من الموضوعية والمبدئية والعزوف عن الانحراف الى الحرب الأهلية الاعلامية والدعية العربية وساعد هذا كثيرا على اظهار موقف الإخوان بقدر كبير من الرصانة والثبات
إن موقف الإخوان المسلمين أكثر المواقف الاسلامية تجردا ونزاهة وانسجاما مع تقاليدهم التاريخية الكبرى لقد خاطر الإخوان المسلمون بمصالحهم المادية والسياسية المباشرة لصالح التوافق مع تقاليدهم الفكرية والسياسية وقراءتهم الخاصة للازمة وتشخيص أبعادها.
وقد أكد البيان في 26 نوفمبر 1990م على طلب مبارك بعد زيارة بوش لمصر يوم 24 نوفمبر من تأجيل استعمال القوة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة فى الخليج، وهو موقف اتسم به الإخوان حينما طالبوا بالجلوس على طاولة المفاوضات وعدم حل الأمور بالقوة.
  • يرى كثير من المحللين والدارسين أنه كان فى امكان الولايات المتحدة أن توقف الغزو العراقى للكويت من خلال تصريح شديد اللهجة أو حاد النبرات طوال فترة الحشود العراقية على حدود مع الكويت والتى استمرت فى التصاعد من قبل الخامس والعشرين من يوليو وحتى وقع الغزو فى الثانى من أغسطس سنة 1990 م كما كان فى امكان واشنطن لو صدقت النيات أن تحسم الأمر مع صدام حسين من خلال لقائه مع السفيرة الأمريكية فى بغداد فى الخامس والعشرين من يوليو 1990م. (9)

أهداف الغرب من الحرب في أقوال قادتهم

لقد وضحت النوايا الأمريكية في أقوال قادتها حيث صرح وزير خارجيتها جيمس بيكر:

"أنه يتعين اقامة نظام دفاعى جديد لمواجهة العراق وتوسعاته يتلاءم مع الواقع الاقليمى الذى يدعو لترتيب جديد للمنطقة بمجرد انتهاء الأزمة يدعم أمن الحكومات ويسمح للقوات الأمريكية أن تقوم بدور أكبر من الماضى".

وأضاف:

ان الهدف الأبرز لسياسة أمريكا ازاء مستقبل المنطقة هو قيادة العالم نحو تسوية بالشرق الأوسط تزيل تهديد المنطقة للسلام العالمى. وقد قدمت أمريكا خدمة جليلة لإسرائيل اذ دمرت التهديد الأكبر لها وأنه سيجتمع مع زعامات عربية يهودية خاصة بعد تطورات المنطقة التى حركت قطع الشطرنج.

وصرح مستشار الأمن القومى "جنرال سكوكرونت" بعد شهر من حرب الخليج:

" الآن يبدأ العبء الأكبر فى المنطقة انه يجب استغلال نتائج ما حدث فى الخليج من أجل تحقيق مزيد من الاستقرار والأمن فى المنطقة ".

وصرح وزير الدفاع الأمريكى تشينى فى أول سبتمبر 1990م

" أن حشد القوات مستمر وان مائة ألف رجل وامرأة يشاركون فى الحشود وأن المهمة الرئيسية لا تتركز على مهاجمة صدام حسين فى الكويت أو العراق لكن على ردع العدوان وتطبيق الحصار.

وفى نفس الوقت صرح مسئول فى البيت الأبيض

" بأن الحشود الأمريكية فى الخليج ستستمر من أجل أعداد عديد من الاختيارات أمام السياسة الأمريكية فى المنطقة. كما صرح وزير الخارجية بيكر: ان من أسباب الوجود الأمريكى فى الخليج .. حماية أعمال الأمريكيين فى المنطقة وتفادى مواجهة العالم لركود اقتصادى.

يقول الكاتب جفري ريكورد في كتابه "قوة الانتشار السريع" والذي وضع فيه استراتيجية أمريكية ترتكز على مصالحها فقط حيث قال:

أن بترول الشرق الأوسط شريان بالنسبة لأوروبا وأمريكا معرض للاعتداء من الخارج من روسيا أو من الداخل من العراق. ولابد من قوة انتشار سريع يجرى انشاؤها لمواجهة ذلك الخطر وأن الذهاب الى المنطقة بدون مبرر سيقابل بالاعتراض من القوى الوطنية والسياسية فلابد من مبرر بأن تعتدى دولة على أخرى. وهو ما تحقق من الترتيب لغزو العراق للكويت وتدمير الدولتين.

ووضح ذلك في تصريح وزير الخارجية الجزائري حينما قال:

ان غياب الاتحاد السوفيتى لا يعوض واننا نخشى من انفراد واحدة بشئون العالم وان هناك أخطارا تهدد العالم الآن ولدينا أدلة أن النظام الاحادى هو أخطر كثيرا من النظام الثنائى وان شعوب العرب لم تمنح أدنى اعتبار فى أزمة الخليج والعرب وحدهم هم الخاسرون على طول الخط.
صرحت مصادر فرنسية بأن هناك مخططات جديدة فى المنطقة فى مرحلة ما بعد الحرب وأن هناك مراكز أبحاث فرنسية وبريطانية تشارك فى وضع صيغ للترتيبات القادمة فى المنطقة. (10)

بيانات توضح موقف الإخوان

لقد تعاملى المتقولين على الإخوان شرا خدمة للأجندة الغربية ومحاولة لعرقلة مسيرة الحركة الإسلامية على موقف الإخوان تجاه الغزو العراقي للكويت، وهذه بعض بيانات الإخوان التي توضح موقفهم.

بيان من الإخوان

قبل وقوع الغزو حيث ناشد الإخوان العراق والكويت بالجلوس على طاولة المفاوضات حيث جاء فيه

بيان من الإخوان المسلمين في 25 يوليو 1990م

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد أفزع أبناء الأمة الإسلامية هذا الخلاف الذي ظهر بين العراق الشقيق والشقيقتين الكويت والإمارات العربية المتحدة، ومهما كان سبب الخلاف، فالأصل أن يتم تسوية هذا الخلاف في إطار الأسرة العربية، وألا نسمح بأي تدخل خارجي، وأن يحرص كل طرف على الوصول إلى الحل السريع المنصف، وألا يستمر الخلاف أو يتصعد فلن يستفيد من ذلك إلا الأعداء المتربصون وخاصة العدو الصهيوني.

فباسم الإخوان المسلمين نناشد قادة هذه الأقطار الشقيقة وحكوماتها الاستجابة لهذا النداء والعمل الجاد لإنهاء هذا الخلاف في أقرب وقت، ونسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يبعد عنا نزغ الشيطان، ومكر الأعداء، وأن نكون جميعا عند توجيه الله تعالى للمؤمنين: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " (ال عمران: 103).

محمد حامد أبو النصر

المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة في: 3 محرم 1411 د. 25 يوليو 1990م.

بيان من الإخوان

بيان من الإخوان المسلمين بمناسبة انعقاد مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وامام المرسلين سيدنا محمد وصحبه أجمعين .. وبعد . بمناسبة انعقاد مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية بالقاهرة فان الإخوان المسلمين يرحبون بالتئام الشمل ويدعون من أعماق قلوبهم أن يوفق الله المؤتمرين لكل ما فيه خير الأمة الاسلامية شعوبا ودولا ومن ثم نضع أمام أنظارهم بعض ما نراه محققا لذلك وبالله تعالى التوفيق :

ان أول ما تتوثق به العرى بين الدول الاسلامية على نهج قويم وما لا تتحقق بدونه رابطة الاخوة التى فرضها الله تعالى بين عباده عز وجل : "انما المؤمنون اخوة" قضية تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية بعمومها وشمولها فى مختلف الدول الاسلامية تطبيقا صحيحا أصيلا بحيث يكون القرآن الكريم هو الدستور المعمول به روحا ونصا فى جميع ما ينظم شئون الدولة والمرجع الذى يستفتى فى كل ما يتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية والصبغة التى يصطبغ بها نهج الافراد والجماعات

"صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون" ومما لاشك فيه أنه اذا ما عملت حكومات الدول الاسلامية على تحقيق ذلك وخطت فى سبيل تنفيذه خطوات جدية فسرعان ما يظهر أثره العظيم باذن الله وتبرز نتائجه التى تعود بالخير والبركات على كافة الدول والشعوب الاسلامية .

ان تحقيق حرية الشعوب الاسلامية وحقها الأصيل فى كل ما يتعلق بتدبير شئونها وتأكيد الحفاظ على كرامة الانسان المسلم وحقوقه المشروعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية أمر لا غنى عنه لامكان تفاعل الشعوب مع حكوماتها حتى يمكن أن تتطور الأمة تطورا سليما بخطوات موثوق بها نحو تحقيق الآمال العظام الملقاة على عاتقها .

ان قضية فلسطين وشعبها الذى يعانى ما يعانيه من خسف وضيم وتشريد وقتل وانتهاك أعراض , لابد للدول الاسلامية من وقفة صريحة وواضحة بخصوصهافلا يعقل أن يتم هذا الذى يجرى ويقتصر الأمر على بيانات تصدر فى مناسبات وهى بيانات أصبحت غير ذات موضوع .

والمسلمون فى كل أنحاء العالم يتطلعون الى عمل جماعى يكون له تأثيره القوى والى الجهاد الشعبى الشامل اذ لم يعد فى الوقت فسحة بعد أن بدأت فعلا جريمة العصر فى التحقيق وتؤكد حكومة العدو الصهيونية على تنفيذ مخططها العدوانى لجلب الملايين من اليهود الى أرض فلسطين المحتلة واستئصال البقية الباقية من اخواننا الفلسطينيين الذين ما زالوا يعيشون على بعض أرضهم

ان قضية الجهاد الاسلامى فى أفغانستان لها هى الأخرى صدارتها وأهميتها خاصة بعد أن تآلف الأعداء السابقون وتوافقت ارادتهم على انهاء ثورة المجاهدين وتقليص جهدهم بمنع السلاح والذخيرة عنهم فان لم يجد اخواننا فلى الله وفى الاسلام وفى الجهاد عونا لدى الدول الاسلامية وسندا من حكوماتها فأى مطمع لهم يكون لدى غيرها .

ان الاستعمار الهندى يبذل كل جهده لتغيير الواقع الاسلامى فى جامو وكشمير وينفذ خططا لتحويل الغالبية المسلمة الى أقلية وشعب كشمير المسلم يقاوم حرب الابادة هذه وهم ينتظرون بحق من الأمم الاسلامية وحكوماتها ما هم فى أشد الحاجة اليه من عون وتأييد . كما نؤكد على ضرورة تضافر الجهود لانهاء مأساة لبنان وما يتعرض له شعبها من حروب ومآس .

ولئن كنا قد ذكرنا هذه القضايا الأربع الملتهبة الثائرة فاننا لا نغفل ولا نتناسى قضايا شعوب واقليات اسلامية مهضومة الحق تعانى أبشع أنواع الاضطهاد فى كثير من النحاء كما لا نغفل عن جهود عالمية تتخذ وسائل القهر والاغراء معا لتحويل المسلمين عن دينهم وعقيدتهم فى كثير من الدول الاسلامية وكلها قضايا مطروحة لها أهميتها وقيمتها .

ان قضايا التكامل الاقتصادى والتواصل الاجتماعى والثقافى والتعاون العلمى والتقنى بين الدول والشعوب الاسلامية اصبحت فريضة لا مفر من تحقيقها فى عالمنا هذا الذى يعيش الآن عصر التكتلات الضخمة وهو عصر العلم والقوة .

ان الدول غير الاسلامية استطاعت أن تمحو الخلافات التى كانت تفرق بينها وانقلب العداء بينها الى تحالف وتآزر لم يتورع عدد من قادتها عن تحديد وجهته والحاجة التى دعت اليه وأن الصحوة الاسلامية التى ظهرت فى عدد من الأقطار خاصة التى بها موارد الطاقة والموارد الأولية باتت هى العدو الذى يخشى منه فوحدة الأمة اذن أصبحت قدرا لابد من تحقيقه والا لحقها الفناء .

ومن أول ما يلزم تمهيدا لتحقيق تلك الوحدة انهاء كل أسباب الخلاف بين الدول الاسلامية والاعراض الكامل عن كل المنازعات التى تتسم بالعنف او تهدد باستخدام القوة ونرى أن تشكل هيئة تبحث ما قد يطرأ بين الدول الاسلامية من اختلاف فى وجهات النظر وتجد لها حلا سليما يؤسس على مقتضى ما أمر الله تبارك وتعالى به وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو العدل والانصاف الذى يعطى كل ذى حق حقه .

محمد حامد أبو النصر

المرشد العام للإخوان المسلمين .

القاهرة فى 7 محرم 1411

29 يوليو 1990

بيان يوم الغزو 2/ 8/ 1990م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وأصحابه وبعد.. في الوقت الذي تعاظمت فيه آمال الأمة الإسلامية والعربية في أن يسود الوئام والاستقرار وأن تتجه كل الجهود لملاقاة الأعداء الذين أنهوا أسباب الخلاف بينهم ليكونوا صفا واحدا تجاه الصحوة الإسلامية الغي عمت الأرجاء.

وفي الآونة التي بدا أن الخلاف بين الكويت والعراق اتخذ طريقا سلميا للصلح والتفاهم فوجئنا بالغزو العسكري العراقي للكويت، فكان هذا عملا مروعا ومثيرا للدهشة، ومخيبا للآمال، ولا يغيب عن الذهن أن هذا الحدث الضخم يفتح أبواب شر خطيرة وكبيرة ويؤثر على مجريات كفاح الشعوب الإسلامية في كل الأرجاء خاصة وفي فلسطين المحتلة، ويخشى أن يستغله العدو الصهيوني لتحقيق مآربه.

ونهيب بقادة العراق أن يعيدوا النظر فيما أقدموا عليه وهو الأمر الذي أجمعت الآمة الإسلامية بل والعالم كله على استنكاره، كما نهيب بكل شعوب وقادة الأمة الإسلامية أن يبادروا ببذل مساعيهم ونفوذهم لدى دولة العراق لتسحب قواتها من الكويت، وتمتنع عن التدخل في شؤونها تمهيدا لأن تستأنف مساعي الوساطة بين البلدين الشقيقتين لإيجاد حل سلمي لما هو واقع بينهما من خلاف قديم.

والله نسأل أن يجنب أمتنا الإسلامية عامة والعربية خاصة ما يتهددها من أخطار تحيط بها من كافة الجوانب، وأن يهيئ لها ولقادتها ما يسدد به الخطى وينجي به من المهالك، وهو سبحانه وتعالى أعظم مسؤول وأكرم مجيب.

محمد حامد أبو النصر

المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة في: 11 محرم 1411. 2 أغسطس 1990م

بيان من الإخوان

بيان من الإخوان المسلمين بخصوص تطورات الأحداث المترتبة على غزو العراق للكويت

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الرسول الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين ... وبعد .

فان جماعة الإخوان المسلمين وهى تستشعر عمق المأساة التى يعيشها العالم العربى فى هذه الآونة وفداحة الخطب الذى نزل به تدعو الله تبارك وتعالى من اعماق القلب أن يجعل لأمتنا العربية الاسلامية من ضيقها مخرجا ومن كربها مخرجا وهو أعظم مسئول وأكرم مجيب ثم هى تضع أمام أنظار الأمة الاسلامية عامة والأمة العربية

خاصة – توضيحا لموقفها واستجلاء لرأيها ما يأتى:

اولا: أن الجماعة تؤكد ما سبق أن أوردته فى بيانها الصادر بتاريخ 11 محرم 1410 الموافق 1990 من انها لا تقر استخدام القوة فى العلاقات بين الدول العربية وهى تعارض كل تدخل عسكرى من دولة عربية أو مسلمة ضد دولة اخرى .

ثانيا: كما تؤكد الجماعة ما سبق أن ذكرته ببيانها سالف الاشارة اليه أن الخلافات بين الدول العربية والاسلامية يجب أن تسوى بالوسائل السلمية وطبقا لحكام الشريعة الاسلامية الغراء التى تدين بها شعوب الأمة العربية الاسلامية والتى هى النبراس الذى تهتدى به والدستور الذى تخضع له عن طواعية ورضاء نفس ثم طبقا لأحكام ميثاق جامعة الدول العربية والقانون الدولى وغير ذلك من النواثيق والقوانين التى تنظم العلاقات بين الدول فى الكيان الدولى .

ثالثا: أن جماعة الإخوان المسلمين تستنكر وتعارض بكل قوة التدخل الأمريكى .

والجماعة تعارض وجود القوات العسكرية الأمريكية أو غيرها من القوات الأجنبية فى منطقة النزاع وتطالب بانسحابها على الفور فوجودها امر مفروض على جميع المستويات وبكل المقاييس ومن شأنه أن يعيد عصور الحماية والاحتلال السافرين للمنطقة بل ولغير دول المنطقة من دول الشرق الأوسط لدول العالم الثالث أجمع مما يعود بالعالم الى قرن الاستعمار الذى تآمرت فيه الدول الأوربية على اقتسام شعوب وثروات افريقيا وآسيا وجميع الدول المستضعفة .

وكان الأولى بالولايات المتحدة الأمريكية أن تتخذ موقفا حاسما تجاه ربيبتها "إسرائيل" التى تحتل جزء عزيزا من أرض الأمة الاسلامية العربية ابادت معظم شعبه ولم تزل توقع بالبقية المتواجدة فى أرض فلسطين أشد أنواع الخسف والهوان والذل وتستبيح دماءهم واموالهم وأعراضهم ولا تعترف لهم بأى حق من الحقوق الانسانية أو الوطنية بل لا زالت السلطات الصهيونية المحتلة لفلسطين تستزيد جلب وتهجير الملايين من يهود روسيا واوربا والحبشة وغير ذلك من جميع انحاء العالم لتوطنهم فى الأراضى الفلسطينية مما لا يجعل مجالا لشك فى أنها تعمل على ابادة البقية الباقية من الفلسطينيين

بل هى تعمد الى تحقيق توسعاتها التى لا تخفيها نحو حلمها فى دولة إسرائيل التى تمتد من الفرات الى النيل كل ذلك والولايات المتحدة الأمريكية لا تتخذ اى اجراء مهما كان بسيطا نحو السلطات الصهيونية المحتلة لفلسطين بل تؤيدها بالمال والعتاد وبالتأييد الأدبى وبنقض كل قرار يجمع عليه مجلس الأمن يكون فيه أبسط مؤاخذة أو أقل اعتراض على موقف الحكومة الصهيونية

كما أنه من المعلوم أن الجيش الامريكى يضم أعدادا من اليهود الذين يتعصبون كل التعصب ضد الأمة الاسلامية ولا يوجد فى صدورهم الا الكيد لها والعمل بكل الوسائل على اضعافها وسلبها كل الحقوق . كما أنه من المعروف أن الجيش الأمريكى يضم اعدادا غير قليلة من العسكريين الذين يحملون الجنسيتين الاسرائيلية والأمريكية ويعملون فى ذات الوقت فى كل من الجيشين .

والقوانين الأمريكية تمنع منعا باتا التفرقة بين اليهود وغير اليهود مما يمتنع معه على القيادات العسكرية الأمريكية أن تتخذ أى اجراء يحول دون تواجد اليهود والاسرائيليين ضمن القوات العاملة فى الراضى السعودية وفى منطقة الخليج الأمر الذى يفزع المسلمين فى جميع أنحاء العالم لأن السعودية تضم مقدسات المسلمين , فيها قبلتهم ومدينة نبيهم وقبره .

رابعا: كان من الأولى قبل الاحتلال العسكرى الأمريكى لمنطقة النزاع أو بشرط جلائه منها أن تشكل قوة عربية من دول عربية أة اسلامية تطمئن اليها المملكة العربية السعودية ودول الخليج والعراق مثل مصر والجزائر والمغرب وباكستان لتقف سدا على الحدود يمنع احتمالات غزو العراق للسعودية او غيرها من دول الخليج ويتيح فرصة استرخاء يتيسر خلالها ايجاد حل سلمى للنزاع العراقى الكويتى ويحفظ لكل من الطرفين حقوقه

أما مع تواجد قوات الاحتلال الأمريكى بالمنطقة وما تتوالى به الأخبار من أنه سيلحق بها قوات بريطانية وفرنسية وغير ذلك فانه يكون من المفروض رفضا كاملا ارسال أى قوات عربية بصفة عامة أو مصرية بصفة خاصة لأنه يكون من المسلم به أن وضع القوات العربية فى المنطقة سيكون وضع التابع للقوات المريكية وحليفاتها الأجنبية التى لها حق التصرف واتخاذ المبادرة دون أى اعتبار للقوات العربية عامة والمصرية خاصة بل ستكون للقوات الأمريكية والأجنبية مواقع الصدارة والأفضلية والأقل خطورة عند المواجهة بينما تكون للقوات العربية مواضع الابادة والتعرض للمهالك والأخطار

كما أن الواضح للعيان كما تواترت به الخبار وما يؤكده سير الأحداث والحشود العسكرية أن القوات الأمريكية وحليفاتها لن تستمر فى موقع الدفاع بل هى تعد العدة لغزو العراق والهجوم عليه وتوجيه الضربات القاصمة الى المؤسسات العسكرية والاقتصادية والحضارية

وان اشتراك القوات العربية فى تحطيم الشعب العراقى وجيشه أمر لا يمكن قبوله بحال من الأحوال – ومهما قيل فى شأن قيادة الرئيس صدام حسين للعراق ورئاسته للنظام القائم فبه فانه من وجهة النظر العربية والاسلامية فان العراق

وكما قال الرئيس مبارك فى خطاب افتتاحه مؤتمر القمة العربية الأخير يعد بلا شك رافدا من اكبر روافد الأمة العربية وقوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية ولا يجوز ان تنزل المصيبة بشعب العراق ومؤسساته ومصادر كيانه وثرواته فضلا عن أن يشارك أى من قوات الأمة العربية الاسلامية فى ذلك سواء بصفة أصلية أو بصفة مساندة

خامسا: ان هذه الاحداث لا يجوز أن تمر دون أن نأخذ منها العبرة ونخرج منها بالدرس المفيد ونضع امام أنظارنا قول الله تبارك وتعالى " أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها .."

نعم ان الأمة الاسلامية عربية كانت أم غير عربية ستبقى تتخبط فى ظلمات الجهالة ما لم تثب الى رشدها وتئوب الى ربها وتلتزم التزاما دقيقا صارما بمقتضيات عقيدتها واحكام شريعتها وتؤكد احترام أصحاب السلطان فيها لحقوق شعوبها والحفاظ على كرامتها وحريتها

وأن الشعوب شريكة فى الأمر لا يجوز أن يبرم ما يمس حاضرها ومستقبلها فى غيبة عنها ولا يكون لها من حق الا حق التصفيق لما يرضى عنه زعماؤها والاستنكار والسباب لما لا يقبله هوى أصحاب السلطة فيها كما يجب أن تحل رابطة الأخوة بين الحكام والشعوب عملا بقوله تعالى : "انما المؤمنون اخوة" وبقوله صلى الله عليه وسلم "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا"

مع تفهم عميق والتزام اصيل بقوله صلى الله عليه وسلم "اذا اقتتل المسلمان فالقاتل والمقتول فى النار" وبقوله ايضا صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه كما يحب لنفسه " وبذلك يتحقق قول الله تبارك وتعالى فى هذه الآية "وان هذه امتكم واحدة وأنا ربكم فاعبدون "

ونحن اذا نظرنا لحال الأمة الاسلامية لوجدنا أن فيها كل أسباب قوتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والعسكرية والتى تجعلها فى صدارة أمم العالم اخلاقا وفضائل وعلما وثقافة وقوة ومنعة غير أن تفرقها وعدم التزامها بتطبيق أحكام عقيدتها وشريعتها على وجه صحيح سليم هو الذى أدى الى ما صرنا اليه من ضعف وهوان وتخلف حتى بتنا عالة على باقى دول العالم .

ونحن نهيب بالأمة الاسلامية أن تنفض غبار غفلتها وأن تخرج من ذهولها تنظر بعين مبصرة ترى الحق حقا وترى الباطل باطلا وتزن الأمور بميزان الشرع السليم الصحيح فتنبعث فبها روح الحق تبارك وتعالى وتنهض من كبوتها وتسترد عزتها وكرامتها " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا " " ... ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون "

وقى الله أمتنا ما يحيط بها من شرور وما يكتنفها من مهالك ولا منجى ولا ملجأ من الله الا اليه ونعوذ به من الخذلان وسوء المصير وشر المنقلب ونسأله الرضا والعفو والسداد ونحمده على كل حال وصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه أجمعين .

محمد حامد أبو النصر

القاهرة فى : 20 محرم 1411 - 11 أغطس 1990 المرشد العام للإخوان المسلمين

بيان صحفي من الإخوان

بيان صحفى من الإخوان المسلمين

بناء على طلب سفير الجمهورية العراقية فى القاهرة قام سيادته بزيارة لفضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين الأستاذ – محمد حامد أبو النصر صباح الخميس الخامس والعشرين من المحرم 1411 الموافق 16 أغسطس 1990 م .

وخلال الزيارة ركز سيادته على ثلاث نقاط :

  1. أن المسئولين فى العراق يؤكدون على ضمان سلامة وحقوق المصريين فى العراق والكويت .
  2. وأن التدخل الأجنبى يشكل الخطر الدائم على العرب ويجب السعى لمواجهته .
  3. ثم استعداد العراق للحل العربى والقبول به.

وجاء تأكيد المرشد العام على :

  1. ضرورة انسحاب العراق من الكويت وعودة حكومته الشرعية وذلك كما جاء فى بيان جماعة الإخوان المسلمين الصادر فى 11 محرم سنة 1411 الموافق 2 أغسطس سنة 1990 م .
  2. أنه بمناسبة المبادرة التى اتخذها الرئيس العراقى مع إيران فان الإخوان المسلمين ينتظرون أن يخطو العراق نفس الخطوة فيتخذ نفس المبادرة مع الكويت بسحب قواته من أراضيها وأيضا من الحدود المتاخمة للمملكة العربية السعودية ليتم تهدئة الأجواء فلى المنطقة .
  3. وأن تتخذ العراق من الاجراءات والضمانات ما يكفل حقوق ومصالح وسلامة المصريين فى العراق والكويت ووقف الحملات الاعلامية ضد رئيس جمهورية مصر وحكومتها .

25 محرم 1411 16 أغسطس 1990 م

بيان صحفى من الإخوان المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

بناء على طلب معالى الدكتور عبد الرحمن العوضى وزير الدولة الكويتي التقى معاليه وبصحبته سعادة السفير الكويتى بالقاهرة وسعادة أمين عام مساعد مجلس الوزراء الكويتى بفضيلة الأستاذ محمد حامد أبو النصر المرشد العام للإخوان المسلمين بدار الدعوة فى حوالى الساعة الحادية عشرة من صباح يوم السبت الرابع من صفر عام 1411 الموافق 25 من أغسطس 1990 م .

وقد تفضل معاليه بشرح قضية الكويت وأبعاد الأزمة الراهنة وأشاد بوضوح وسلامة موقف جماعة الإخوان المسلمين حسبما تضمنته البيانات والتصريحات التى صدرت عنها . واقترح معاليه مضاعفة الجهد الشعبى والجمهيرى لحمل العراق على سحب قواته العسكرية من الكويت ..

وقد أكد فضيلة المرشد العام على الآتى :

  1. ثبات الجماعة على ما جاء فى بياناتها السابقة من ادانة الغزو العراقى للكويت الشقيق مما أتاح فرصة تدخل القولت الأجنبية فى المنطقة .
  2. مطالبة الجماعة بضرورة انسحاب القوات العراقية من الكويت .
  3. ضرورة انسحلب لبقوات الجنبية من المنطقة .
  4. الدعوة الى تضافر الحكومات الاسلامية عامة والعربية منها خاصة لتشكيل قوة مستقلة للفصل بين القوات العراقية وغيرها من القوات لتسهيل انسحاب القوات الأجنبية من المنطقة وكذا انسحاب القوات العراقية من الكويت .
  5. الدعوة الى استمرار ومضاعفة كل الجهود العربية والاسلامية لاحتواء الأزمة وحلها سلميا .

أما فيما يتعلق بضماعفة الجهود الشعبية ومشاركة الجماعة فيها فان الجماعة على استعداد لدراسة أية اقراحات بهذا الخصوص تعيد الحقوق لأصحابها .

بيان حول منع سفر وفد التحالف الاسلامى للتوسط فى حل أزمة الخليج

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمية والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ... وبعد .

فنظرا لاشتداد أزمة الخليج تداعت الجماعات الاسلامية فى العالم الاسلامى وفى مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين والتحالف الاسلامى فى مصر لبذل جهود شعبية برجاء أن يكون لها وقعها لدى الأطراف المعنية عسى أن تؤدى هذه الجهود الشعبية الى تجنب وقوع الحرب مما يعود بالخير على أمة المسلمين .

وقد اتفقت الجماعات الاسلامية من الجزائر وتونس والسودان واليمن وماليزيا وتركيا وباكستان والأردن وأوربا وبعض الجهات الأخرى على الالتقاء فى عمان تمهيدا للتوجه الى بغداد كخطوة اولى يعقبها التوجه الى السعودية ثم غيرها من الدول المتداخلة فى الموضوع بهدف الاسهام بجهد شعبى فى معالجة الأزمة القائمة حلا سلميا يرتضيه أطراف النزاع مما يجنب المنطقة ويلات حرب مدمرة لا يعلم مدى نتائجها وعواقبها البشعة غير الله تعالى ولا يستفيد منها غير أعداء الأمة وفى مقدمتهم الكيان الصهيونى

وفى يوم الثلاثاء 11 من سبتمبر 1990 م توجه الى مطار القاهرة الدولى المهندس ابراهيم شكرى رئيس حزب العمل وزعيم المعارضة فى مجلس الشعب والمستشار محمد المأمون الهضيبي رئيس المجموعة البرلمانية للإخوان المسلمين بقصد السفر الى عمان غير أن السلطات الأمنية هناك مزقت صفحة من جواز السفر الخاص بكل منهما وادعت أن الجوازين غير قانونيين وأنهما لا يستطيعان السفر بهما .

وفى اليوم التالى الأربعاء 12 من سبتمبر 1990 م توجه كل من الأستاذ محمد حامد أبو النصر المرشد العام للإخوان المسلمين والمهندس ابراهيم شكرى رئيس حزب العمل بعد حصوله على جواز سفر جديد والأستاذ مصطفى مشهور نائب المرشد العام للإخوان المسلمين والمستشار محمد المأمون الهضيبي الى مطار القاهرة الدولى للسفر ولكن رجال الشرطة كانوا بالمرصاد عند الباب الخارجى ومنعوهم من دخول مبنى المطار مقررين أن هناك أمرا بمنعهم جميعا من المغادرة .

ولما كان هذا المنع من السفر يتنافى مع ما ينص عليه الدستور وما استقرت عليه أحكام القضاء فضلا عن أنه يتعارض مع ما يعلنه رئيس الجمهورية السيد محمد حسني مبارك فى كل مناسبة من ضرورة السعى بكافة السبل لتسوية أزمة الخليج بالطرق السلمية دون التجاء الى المواجهة العسكرية

فانه لا يسعنا الا أن نعلن احتجاجنا الصارخ على هذا الأسلوب المنافى للحريات العامة وأحكام الدستور ويحول دون قيام القيادات الشعبية بدورها فى هذه الأزمة الخطيرة فى الوقت الذى نرى فيه العديد من الدول الأجنبية المتدخلة فى النزاع تسمح لعناصر غير رسمية بها بالاتصال بأطرافه ..

ونحمل مصدرى قرار المنع المسئولية عن التشكيك فى مصداقية ما ينادى به الرئيس حسنى مبارك من رغبة فى حل الأزمة حلا سلميا وفيما يترتب على غلق أحد الأبواب ذات الفاعلية و التأثير التى قد يكتب لها النجاح فى تحقيق ما نتمناه من تفادى ويلات الحرب وتداعياتها المؤثرة فى شتى القضايا العربية والاسلامية والمعاونة على تحقيق مخططات أعداء العروبة والاسلام .

والله الموفق والهادى الى سواء السبيل ..

محمد حامد أبو النصر- ابرهيم شكرى

المرشد العام للإخوان المسلمين- رئيس حزب العمل

القاهرة فى 22 صفر 1411 12 سبتمبر 1990 م

بيان من الإخوان المسلمين

ان الكوارث القاتلة والمصائب المؤلمة التى تجتاح بلاد المسلمين اليوم قد أفزعت الآمنين وأرقت أجفان المفكرين . والإخوان المسلمين الذين يسعون منذ انشاء جماعتهم للتمكين لدين الله والعمل على وحدة المسلمين وتحقيق العدل والأمن والتعاون بين الأقطار الاسلامية شعوبا وحكومات قد ساءهم وآلمهم أشد الألم اجتياح الشعب العراقى لدولة الكويت الشقيقة وما صاحب هذا الاجتياح من اعتداءات شائنه وتصرفات لا انسانية مع الشعب الكويتى .

وقد استنكر الإخوان المسلمون هذا الاجتياح فى بيان صدر فى نفس يوم الاجتياح وطالبوا فيه بضرورة انسحاب الجيش العراقى من الكويت وعودة دولة الكويت الى أهلها وظل هذا موقف الإخوان من قضية الكويت . كما حذر الإخوان المسلمون أشد التحذير من خطر التواجد العسكرى الأجنبى على أراضينا العربية وقد بدأت دلائل هذا التخوف تظهر واضحة لا تخفى على أحد .

وقد أرجع الإخوان المسلمون السبب الذى أورد الأمة الاسلامية الى هذه المهالك وهذا الضعف والهوان الى بعد المسلمين عن تعاليم ربهم وما يوجبه عليهم دينهم من معانى القوة والعزة والوحدة . ومما زاد الإخوان أسفا ما لأفرزته أزمة الخليج هذه من فرقة وشحناء بين الدول العربية وانعكاس ذلك على أفراد عديدين من شعوب تلك الدول . حيث تعرضوا الى ابعاد وتشريد ومعاملة قاسية من بعض الحكومات . وكذلك ما تقوم به أجهزة اعلام بعض الدول من مهاترات وشتائم واساءات ضد بعضها البعض .

وازاء هذه النازلة التى حلت بنا حميعا راى الإخوان وبعض الجماعات الاسلامية على الساحة ضرورة السعى لدى أطراف النزاع لمحاولة الحيلولة دون نشوب الحرب التى لا يعلم مدى ما تجره من دمار الا الله وقد تم تشكيل وفد اسلامى من الإخوان وهذه الجماعات ليقوم بهذه المهمة برئاسة المرشد العام للإخوان المسلمين .

ولكن للاسف الشديد منع وفد مصر من السفر وأناب المرشد العام الاستاذ محمد عبد الرحمن خليفة نائب المرشد العام والمراقب العام للإخوان المسلمين بالأردن ليقوم برئاسة الوفد نيابة عنه . وقد مارس الوفد مهمته بعد انضمام بعض الأعضاء اليه فقابل جلالة الملك حسين ملك الأردن واستمع اليه ووعى ما عنده ثم سافر الى المملكة العربية السعودية وقابل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد ابن عبد العزيز وزير الداخلية وببعض العلماء وكذلك التقى ببعض رجالات الكويت .

ثم ذهب الوفد الى العراق حيث التقى بالرئيس العراقى صدام حسين وغادر بعد ذلك الى إيران حيث التقى بالقائد على على خامئنى والرئيس رافسنجانى ثم عاد الوفد الى الأردن وأصدر بيانا عن هذه الجولة .

وقد حرص الأخ الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة رئيس الوفد بالنيابة على أن يؤدى الدور المنوط به من غير تجاوز له فجزاه الله خير الجزاء . واذا كانت قد أثيرت ملاحظات حول تصريحات فردية صدرت من بعض أعضاء الوفد فانها لا تمثل الا رأى أصحابها اذا كانت صحيحة ولم تتعرض للتحريف .

وقد لمس الوفد من الأطراف لونا من التجاوب حول تخقيق ما يهدف اليه الوفد من الوصول الى حل سلمى وتفادى نشوب الحرب وقد زكى الوفد هذا الاستعداد عندهم . وسيواصل الوفد سعيه فى هذا المجال مستجيبا لتلبية أية دعوة من أى طرف للقيام بدور يساعد على تهيئة الجو للحل السلمى وتجنب الحرب والله الموفق لما فيه الخير .

ولعله بهذا التوضيح للموقف يطمئن الجميع أن الإخوان المسلمين والجماعات الاسلامية لا يرضون بأى ظلم أو اعتداء يقع على أى شعب مسلم كالكويت أو غيرها ولا على أفراد من شعوبنا العربية دون جريرة أو ذنب اقترفوه ولكن بسبب موقف حكوماتهم من هذه الأزمة . كما يتضح الموقف أيضا بالنسبة لوجود القوات الأجنبية وأثره على سياسة المنطقة وخاصة بالنسبة للعدو الصهيونى التوسعية وكذا التحكم فى الطاقة البترولية فى المنطقة .

وفى الختام ندعو الأطراف جميعا أن يتقوا الله فى شعوبهم وأن يفضوا هذا النزاع فيما بينهم دون تدخل أجنبى وأن يستشعروا ما تجره الحرب من ويلات جسام ولن يستفيد منها غير العداء وخاصة العدو الصهيونى .

كما ندعوا الأمة الاسلامية شعوبا وحكومات الى العودة الى الله وشريعة الله وما دعاهم اليه من الوحدة وعدم التفرق فى قوله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" واننا ندعوا الله من أعماق قلوبنا أن تحل هذه الأزمة سلميا ويعود الشعب الكويتى الى وطنه آمنا مكرما وأن يحل الوئام بين أقطارنا الاسلامية وأن ترحل كل هذه القوات الأجنبية والا وجب على كل المسلمين الجهاد لاجلائهم والله يقول الحق وهو نعم المولى ونعم النصير .

القاهرة فى 22 ربيع الآخر 1411 محمد حامد أبو النصر

10 نوفمبر 1990 م المرشد العام للإخوان المسلمين

تهنئة الإخوان للكويت بتحريرها

بيان من الإخوان المسلمين في 2 مارس 1991

بسم الله الحمن الرحيم

" ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " (آل عمران: 139).

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين.. وبعد..

إننا إذ نسجل فرحتنا بعودة الشعب الكويتي إلى أهله وأرضه ودياره لنرجو الله تعالى أن تكتمل الفرحة بأن يمارس الشعب في الكويت وفي غيرها من الأقطار العربية والإسلامية حقه في حياة شورية سليمة تعبر عن إرادته الحرة دون أية ضغوط، ذلك لأن ما حدث في منطقة الخليج بدء من غزو العراق للكويت، وانتهاء بالإجهاز على قوات العراق، وتخريب منشآته على يد القوات الأجنبية يرجع في المقام الأول إلى استبداد الحكام وفساد الأنظمة، وغياب الشورى الإسلامية، وعدم مشاركة الشعوب في اتخاذ القرارات المتعلقة بمصائرها.

لقد لعب المخطط الأمريكي دوره الأكبر في هذه اذ ساة تابعه في ذلك مجلس الأمن والأم المتحدة، وكانت أهدافه واضحة منذ البداية من حيث إصراره على القضاء على قوات العراق، والتحكم في منابع النفط، وإعادة رسم خريطة المنطقة العربية والإسلامية من جديدة بما يضمن مصالحه ويؤكد سيطرته على أكثر مناطق العالم حيوية وأهمية.

ولا تنسينا فرحتنا بعوده شعب الكويت أن القوات الأجنبية مازالت رابضة على أرض العروبة والإسلام، ومازالت راياتها ترفرف هناك، ومن ثم فنحن نطالب الحكومات العربية والإسلامية بالعمل على إجلاء هذه القوات فورا، وإذا كانت ثمة قوات لتأمين المنطقة فيجب أن يضطلع بذلك فقط القوات العربية والإسلامية، كما لا ينبغي أن تنسينا هذه الفرحة قضية شعب فلسطين والمسجد الأقصى الأسير،

والسؤال الان يجب أن يتوجه للشرعية الدولية ممثلة في مجلس الأمن والأمم المتحدة في مدى إمكانية استخدام المجتمع الدولي للقوة والدمار ضد العدو الصهيوني الذي احتل بالقوة الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان وجنوب لبنان ؟ وهل تستطيع الشرعية الدولية إصدار قرار فوري بمنع هجرة اليهود السوفييت إلى الأرض المحتلة؟ وهل تستطيع كذلك أن ترغم العدو الصهيوني الغاصب على إيقاف عمليات السحل والقمع والطرد والإبادة الذي يقوم به للشعب الفلسطيني الصابر على أرضه ؟

القاهرة: 2 / 3/ 1991م

بيان حول أحداث العراق

ان الإخوان المسلمين وقد آلمهم ما نزل بالكويت من احتلال عراقى وما أشاع من دمار وخراب واذلال لشعب الكويت الشقيق ,وكذلك ما يتعرض له شعب العراق من تدمير شامل لجيشه ومرافقه الحيوية على يد القوات الأمريكية والغربية ليستنكرون الخطة الخبيثة للاجهاز على ما تبقى من تماسك للشعب العراقى والعمل على تقسيمه الى دويلات هزيلة .

وما كان ذلك ليحدث لو حكم العراق بالشورى الاسلامية ورئيسها حاكم مسلم يتقى الله وما كان لدكتاتور العراق أن يهلك الحرث والنسل فى بلده قبل حرب الخليج وأثناء الحرب وبعدها . ان القوات الأمريكية والأجنبية فى العراق وفى الخليج تلعب دورا خبيثا مدمرا فى منطقتنا العربية ويؤكد الإخوان المسلمون ضرورة رحيل هذه القوات لضمان حقوق الانسان واستقلال الشعوب واستقرارها وتقدمها .

كما نناشد رجالات الأمة العربية أن يعودوا الى الاسلام شريعة ومنهاجا لتقف الأمة العربية صفا واحدا أمام كيد الأعداء والطامعين . ان الإخوان المسلمين لعلى يقين من أن ما حدث فى الكويت والعراق وما يحدث الآن وما سوف يحدث مستقبلا من ضياع للامة العربية انما سببه العمل بشريعة الاسلام ومنهجه وأن النجاة فى العودة الى الله وحكمه .

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

محمد حامد أبو النصر

المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة فى : 10 رمضان 1411 26 مارس 1991 م

بيان من الإخوان إلى الأخوة أبناء الكويت في مؤتمرهم الشعبي

بسم الله الرحمن الرحيم

تحية من عند الله مباركة طيبة، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد... فالإخوان المسلمون من أعرف الناس بدولة الكويت وشعبها المتدين المعطاء، ويقدرون أكثر من غيرهم الدور العظيم الذي قامت به الهيئات والجمعيات الخيرية بالكويت مناصرة لإخوانهم في فلسطين ولبنان وأفغانستان، وفي كثير من دول إفريقيا واسيا ولن يضيع أجر ذلك من عند الله.

ولهذا كان الإخوان أكثر الناس ألما وتأثرا إزاء عدوان العراق على دولة الكويت وفي نفس يوم الاعتداء أصدرنا بياننا الأول ندين هذا الاعتداء ونشجبه ونطالب فيه بضرورة انسحاب القوات العراقية من الكويت والحفاظ على كيان دولة الكويت، وتكرر هذا الاستنكار وهذا الطلب في بيانات أخرى، ولازال هذا هو موقف الإخوان المسلمين من الأزمة، متمنين من أعماق قلوبنا أن تحل هذه الأزمة حلا عربيا إسلاميا دون وقوع حرب، وأن تعودوا إلى دولتكم حرة مستقلة مسلمة مطبقة لشرع الله.

وفي بيانات لنا حذرنا بقوة من خطر وجود القوات الأمريكية والأوروبية في المنطقه، لما نعلمه وتؤكده الشواهد التاريخية من عداء أمريكا والغرب للإسلام والمسلمين ومساندتهم للعدو الصهيوني، فظن البعض أن توضيحنا لهذا الأمر يعني انحيازنا إلن جانب العراق، وهذا فهم خاطئ لزم التنويه عنه.

ثم إننا لم نكتف بإصدار بيانات الاستنكار، ولكننا حرصنا على تشكيل وفد إسلامي من عدة أقطار وحركات إسلامية ليسعى لإيجاد حل سلمي للأزمة وقد منع ممثلو الوفد في [[[مصر]]] من السفر، ورغم ذلك قام الوفد بجولة للتعرف على وجهات نظر الأطراف، وسيواصل مسيرته وسعيه، وكلنا أمل أن تنجلي هذه الأزمة، وتعودوا إلى بلدكم الحبيب في عزة وكرامة، وتستأنفون حياتكم ونشاطكم الخيري من جديد، والله من وراء القصد، وهو على كل شيء قدير.

مصطفى مشهور نائب المرشد العام للإخوان المسلمين

بيان من الإخوان المسلمين في 2 مارس 1991

نداء من الإخوان المسلمين : سحب القوات المصرية من الخليج

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين .. وبعد فقد نكبت أمتنا الاسلامية بعد أن كانت دولة واحدة متماسكة فتفرقت الى دويلات ينابذ بعضها بعضا وتولى أمورها حكام لا يقيمون شرع الله ولا يلتزمون بمبادىء العدالة والشورى والمصلحة العامة

واتخذ البعض منهم صورة باهتة زائفة للديمقراطية فتردت أحوالنا من سىء الى ما هو أشد سوءا وكلما طلعت علينا دعوات تنطق بالحق وتدعو الى الخير وتنادى بهدى محمد صلى الله عليه وسلم سارعت أيدى العمالة بالوقوف فى سبيلها ومحاربتها بمختلف الوسائل .

وهكذا استقر الأمر لحكام مستبدين وانتفت تماما من نظم الحكم فى بلادنا الشورى وهى أصول من أصول الحكم فى شريعتنا وعلت أصوات أجهزة الاعلام تبث الضلال والفساد والخنوع بين المواطنين . ولنزوة من شهوة حاكم وخديعة أدخلته عليه أجهزة دول كبرى تحتضن المد الصهيونى وتتصدى للدفاع عنه كانت الواقعة الكبرى فى الثانى من أغسطس 1990 م عندما احتلت قوات العراق أرض دولة شقيقة وجارة له هى دولة الكويت العربية الاسلامية واستباح حرماتها ونهب أموالها ... اخ .

وبدت فى الأفق نذر الشر العظيم المبيتة لهذه الأمة فى تحقيق مطامع التآمر الصهيونى الصليبى الغربى الاستعمارى فى الاستيلاء على الشرق الاوسط ونهب ثرواته وتسخيرها لمصالحهم والتمكين لدولة العدو الصهيونى الكبرى من النيل الى الفرات وتضم أرض المدينة بما فيها من مقدسات – المسجد النبوى الشريف وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم ومدافن الصحابة الأطهار بالبقيع .

وقد أنذرنا فى بياننا الصادر فى ذات يوم العدوان الغاشم على الشقيقة الكويت من هذه المهالك , وناشدنا رئيس العراق أن يسحب قواته من الكويت ويتركها لأهلها وحدانا الأمل أن يبادر ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية والاسلامية الى وأد الفتنة واطفاء النيران وان يحققوا صلحا يحفظ للكويت استقلاله وحريته وللعراق مصالحه فى اطار أخوة اسلامية تطمئن لها القلوب .

غير ان الحقد أصم الآذان وأتاح الفرصة للعدو الذى زعم أنه الجير لدول منطقة الخليج – أن يسد جميع منابع الخير ومسالك الصلح ومنافذ التسوية السلمية . وحشد العدو اللعين حليف الصهيونية المتعطشة لسفك دمائنا أعوانه وجيوشه ثم فتح فى 17\1\1991 نيرانا متأججة تعصف بالعراق واهله ومنشأته الحيوية وتحاول أن تدمره أبشع تدمير .

ان أطماع التحالف الصليبى الصهيونى الاستعمارى ظاهرة واضحة بل هى معلنة أكدها كل رؤسائه الى شعوبهم وهى أنهم يريدون بترول المنطقة خاضعا لهم فى كمه وسعره والتمكين لربيبتهم الدولة الصهيونية وهذا ما يجعل الزعم بأن الغرض هو تحرير الكويت زعم باطل وتمويه لا يراد به الا خداعنا .

ان الاسلوب التدميرى الهمجى الذى تدك به قوات تحالف البغى والعدوان أرجاء العراق الشقيقة يدل على أن الغرض ليس اصابة منشاة عسكرية بل القضاء على كل المرافق والمنشآت المدنية والفتك بشعب العراق المسلم الشقيق .

ان من اشد ما يحن القلب حكومتنا المنحزة لأمريك حليفة العدو الصهيونى التى تهدد مصيرنا وتنذر باستبعادنا والتى تعمل بكل قوة مع أمريكا على تهجير أكثر من مليون صهيونى الى أرض فلسطين المحتلة لتزداد قوة وجبروتا . ان مما يثير الأسى والاستياء موقف الاعلام الرسمى المصرى المتهالك فى الدفاع عن الحلف الصهيونى الاستعمارى ومحاولة خداع شعبنا وتبرير العدوان على الشعب العراقى الشقيق .

انه ايا كانت خطيئة حاكم العراق ونظام حكمه المستبد الكريه فان ذلك لا يمكن ان يغير من حقيقة أن الملايين من ابناء الشعب العراقى هم جزء هام من أمتنا العربية المسلمة ورافد من أهم روافد قوتها وهلاكه هلاك للامة كلها .

ان جميع الشعوب الاسلامية فى ليبيا وتونس والجزائر والمغرب والسودان وموريتانيا والأردن واليمن وإيران وباكستان وبنجلادش وتركيا وأندونيسيا وماليزيا والفلبين والهنه بل ان شعوبا غير اسلامية مثل شعوب استراليا ةألمانيا وأمريكا وفرنسا وانجلترا وهى المشتركة فى الحرب كلها قامت وتظاهرت تدين الحرب البشعة التى تقودها أمريكا ضد شعب العراق فكيف لا يتاح لشعب مصر أن يعبر عن رأيه وأحاسيسه بصورة صادقة وطبيعية ؟

وكيف تستحوذ السلطة على جميع أجهزة الاعلام من تليفزيون واذاعة وصحف يومية ومجلات أسبوعية تسخرها لابراز رأى واحد ووجهة نظر بعينها ان وسائل اعلام الدول المشتركة فى الحرب تجعل مساحة للرأى الآخر المعارض ولو كان من غير أهل وطنها .

اننا نطالب رئيس جمهورية مصر أن يسحب قواتنا العسكرية المصرية من منطقة الخليج خاصة بعد انتفاء كل زعم باحتمال وقوع عدوان عراقى على هذه الدول بل واصبحت فى قاعدة القوات العسكرية التى تهاجم الشعب العراقى .

واننا نطالب رئيس الجمهورية أن تكون وسائل الاعلام منصفة بأن تتضمن مساحة متساوية للآراء المختلفة. ولجميع وجهات النظر .اننا نطالب جميع ملوك وأمراء ورؤساء الدول الاسلامية والعربية أن يعملوا على وقف هذه الحرب فورا فلن يخرج أحد منهم الا وهو خاسر كل الخسران ولن يستفيد منها الا العدو الصهيونى وحلفاؤه من الأمريكان والانجليز والفرنسيين وغيرهم من أعداء الأمة الاسلامية .

اننا نضم صوتنا الى أصوات الشعوب والحكومات التى تنادى بايقاف هذه الحرب فورا فالحل السلمى ممكن ومتيسر وحل القضية الفلسطينية وانصاف الشعب الفلسطينى ضرورة لازمة حتمية .

اننا نعذر الى الله تبارك وتعالى ونحمل حكومتناوشعوبنا مسئوليتهم أمام الله وأمام التاريخ وأمام الأجيال المقبلة التى ستتحمل أوزار هذا البلاء الذى لا مثيل له فى التاريخ ةالذى نزل بأمتنا فأحاط بها من كل جانب وأدخلها فى متاهات وظلمات لا مخرج منها الا أن نعود الى ربنا ونثوب الى رشدنا ونزكى أنفسنا ونخضع لحكم الواحد القهار العدل الحكم ملتزمة شريعته الغراء التى تأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذى القربى وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى .

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

وصلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين .

محمد حامد أبو النصر

المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة فى : 22 يناير 1991م

الإخوان المسلمون يستنكرون قتل النساء والاطفال والمدنيين العزل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..وبعد فقد فجعنا كما فجع العالم بمأساة مهاجمة مخبأعام للمدنيين فى بغداد وتدميره بالصواريخ والقنابل و وقتل من كانوا فيه وهم نحو سبعمائة من الطفال والنساء والشيوخ والمرضى والعجزة غيرهم من المدنيين العزل

الذين لا يشاركون فى الحرب الدائرة الآن فى منطقة الخليج فقد زعمت قوات العدوان الاستعمارى الباغية بقيادة حلفاء الصهيونية من الأمريان والانجليز والفرنسيين وغيرهم .

أن ذلك المخبأ هو منشأة عسكرية تشارك فى المجهود الحربى وقد كذب هذا الزعم وأظهر بطلانه مراسلو وكالات الأنباء حتى الأمريكان والانجليز منهم وأكدوا أن المخبأ الذى هوجم بعيد عن أى منشأة عسكرية ولم يكن سوى المدنيين العزل وأن جميع القتلى هم النساء والأطفال وغير المشاركين فى المجهود الحربى .

لقد حرم الاسلام العدوان والبغى وجعل الاعتداء على فرد واحد هو عدوان على البشرية كلها . يقول الله تعالى " من اجل ذلك كتبنا على بنى اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم ان كثيرا منهم بعد ذلك فى الأرض لمسرفون "

ان هذه الجريمة الشنعاء لتهز ضمير العالم كله على اختلاف أجناسه وأديانه ومعتقداته وهى مدانة ومستنكرة ومرفوضة بكل مقاييس السلوك الانسانى والأعراف الدولية . اننا نهيب بالقوة الانسانية فى العالم أجمع أن تستنكر بكل شدة مثل هذه الجرائم الوحشية وأن تدينها وتدين من يرتكبها فى أى مكان وفى أى جهة

كما أننا نضم صوتنا الى نداءات خيرة انسانية تعالت فى أنحاء شتى من العالم من أصحاب الضمائر المحبة للسلام الداعية الى حقن الدماء والتى تطالب بوقف هذه الحرب غير العادلة فورا واعطاء الفرصة للبحث عن حل سلمى يحقن الدماء ويصون الكرامات والحريات والمصالح للامم والدول والأفراد وينقذ شعوب المنطقة من الدمار الذى لحق بها نتيجة لتلك الحرب الملعونة التى أكلت وتأكل الأخضر واليابس .

القاهرة فى 29 رجب 1411 محمد حامد أبو النصر

14 فبراير 1991م المرشد العام للإخوان المسلمين

بيان من الإخوان المسلمين حول المبادرة العراقية فى 15\2\1991

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد " وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ..." ان المبادرة العراقية الأخيرة الداعية الى وقف اطلاق لنار قد تضمنت عناصر ايجابية هامة جديرة بكل تقدير وترحيب وفى مقدمة ذلك العدول عن اعتبار الكويت جزء من العراق والاقرار بكيان الكويت دولة حرة ذات سيادة والتعهد بانسحاب القولت العراقية منها وتركها وشأنها .

أما القضية الفلسطينية فهى قضية العرب والمسلمين ولا تقل فى أهميتها أو فى أولويتها عن قضية الكويت. واذا كان المجتمع الدولى قد أكد على ضرورة انسحاب القوات العراقية من الكويت وهو ما أكدناه وسعينا فى تحقيقه فان من واجب المجتمع الدولى أيضا أن يؤكد – فى أقل القليل – على ضرورة تنفيذ قراراته بشأن قضية فلسطين .

ان حقن دماء المسلمين فريضة واجبة شرعا ولا يجوز بأى حال التوانى أو التردد فى اتخاذ أى اجراء يحقق هذا الأمر العظيم . ولذا فنحن ندعو جميع الدول الاسلامية والعربية الى تأييد وقف اطلاق النار والبدء فى مفاوضات سلمية تؤكد للكويت حريته واستقلاله وللسعودية أمنها وطمأنينته وللعراق عدم الاعتداء عليه ورعاية مصالحه ولجميع دول المنطقة الاستقرار كما يحقق خروج القوات الأجنبية من النطقة ولشعب فلسطين حقه فى تقرير مصيره واشاء دولته على أرض وطنه .

" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله".

محمد حامد أبو النصر المرشد العام

القاهرة فى 1 شعبان 1411 للإخوان المسلمين

16 فبراير 1991م

بيان من الإخوان

لم ينس الإخوان أسرى الحرب من كلا الطرفين وما يجب معهم في هذا الوقت من إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى ذويهم حيث جاء في البيان.

بيان من الإخوان المسلمين حول الأوضاع في الخليج والأسرى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل الألفة هي الرباط المقدس بين قلوب المؤمنين:" وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف.بينهم " (الأنفال: 63)، وأثبت الأخوة صفة أصيلة تجمعهم " إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم " (الحجرات:15).

والصلاة والسلام على من فرض - بأمر ربه - أن يكون المؤمنون جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعن له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.. وبعد..

لقد توقفت منذ أشهر حرب الخليج التي حملت إلى أمتنا أحداثا رهيبة ومآسي بالغة، ونجم عنها ما لا يوصف من البلاء والكرب والخراب والتدمير ما هو باق جاثم على جميع الأرجاء حتى الان، وكان المأمول أن تتاح فرصة من الزمن تهدأ فيها النفوس الثائرة الغاضبة، وتساعد على التئام بعض الجراح المتعمقة حتى يؤوب الجميع لربهم، ويحتكموا إلى شريعته الغراء، التي ير الأمل والرجاء.

بيد أنه قد حملت إلينا الأنباء في الأيام الأخيرة، ما يدل على تجدد اشتعال الأزمة، وإثارة البغضاء والشحناء مما يبدد كل أمل، ويمكن لمزيد من سيطرة الأعداء وتدخلهم المفسد للأمة.

إن الإخوان المسلمين يرون أن واجبا عليهم التوجه إلى كل القادة ومن بيدهم زمام الأمور أن يرحموا شعوبهم ويرعوا مصالح أمتهم الحقة، وأفي ينظروا بعين الفاحص المدقق لما يكيده ويدبره العدو الصهيوني وحلفاؤه لنا جميعا ي كر ودهاء وانتهاز كل الفرص. إننا ندعو قادة الأمة إلى ضبط النفس والبعد عما يثير الحفيظة أو ينكأ الجر التي لم تزل دامية غائرة.

إننا نهيب بقادة العراق على وجه الخصوص أن يبادر إلى إطلاق سراح الأسرى الكويتيين وغيرهم من رعايا الدول العربية المحتجزين عندهم فورا وبدون أي تأخير كما أن الأنباء الواردة عن سوء معاملة هؤلاء الأسرى وما ينزل بهم من خسف وعذاب لا يقبل شرعا ولا عقلا، ويجب أن يحاسب المسؤولون عنه حسابا عسيرا.

إن شريعتنا الغراء لا تقبل أن يكون مسلما أسيرا لدئ المسلمين أيا كانت الأسباب وأيا كانت الدوافع، إن شريعتنا الغراء التي جعلت من القربئ إلى الله الإحسان إلى الأسير من غير المسلمين: ! " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " (الإنسان: 8)، لا يمكن أن تجيز إساءة معاملة الأسرى المسلمين. كما أننا نطالب بكل اهتمام السلطات العراقية أن تراعي دقة الموقف، وأن تنأى عن أي تصرف بمكن أن ينبئ عن تجدد العدوان على أي دولة من الدول الشقيقة المجاورة لها.

إننا في الختام ندعو الله تبارك وتعالي أن ينقذ أمتنا من هذه الهاوية التي انحدرت !ليها، وأن يأخذ بيد شعوبها وقادتها لعمل صالح يرضاه ويحبه حتى تتنزل رحماته على قلوبهم، ليصبحوا أخوة حقا في الإيمان والإسلام والعبودية الخالصة لله عز وجل " أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " (المائدة: 54)، يجاهدون في سبيل الله صفا واحدا كالبنيان المرصوص، غفر الله لنا جميعا، وسدد خطانا. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.

محمد حامد أبو النصر

المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة في: 2/ 4/ 1991م. (11)

موقف إخوان الكويت وجمعية الاصلاح الداعم لتحرير بلادهم

تشاركت "جمعية الإصلاح" منذ اليوم الأول للغزو مع قوى المقاومة الصامدة وكثفت جهودها في جمع كلمة أبناء الكويت لمواجهة الغزو العراقي الغاشم ليكونوا صفاً واحداً صامدين في وجه العدوان مؤيدين للشرعية الكويتية، ونشأت لجان التكافل الاجتماعي التي جسدت صور هذا الصمود والتعاون بين جميع أبناء الكويت

فقامت بإرسال المعونات المادية والغذائية وتوزيعها على الأسر حيث كان الجميع أسرة واحدة وقامت لجان التكافل الاجتماعي أيضاً بترتيب أمور الجمعيات التعاونية وأوضاع الأسواق وتوفير الخدمات الأساسية والضرورات الحياتية كما شكلت في الأحياء حراسات ليلية بعدما بدأت أعمال السلب والنهب تمتد إلى المنازل

وتكونت مجموعة من الشباب لرعاية الأسر المحتاجة وتوزيع المساعدات المالية – المرسلة من الخارج – عليها وتكفلت مجموعة أخرى من حركة المرابطين بجمع القمامة وحرقها حفاظاً على نظافة الأحياء كما وجدت لجان أخرى تعمل من خلال المساجد على رفع معنويات الشعب وتزويد المصلين بالمعاني الإيمانية المطلوبة واللازمة لهم في هذه المرحلة

كذلك قامت لجان التكافل في بداية الغزو بتوجيه نداء عن طريق المساجد لكافة العاملين في مجالات الصحة والكهرباء والجمعيات التعاونية وكافة الضروريات الحياتية المختلفة بالالتزام في دوامهم اليومي حتى لا تتعطل الأمور الضرورية في حياة الناس

ولعبت لجان التكافل دوراً مهماً في تعزيز العصيان المدني ضد المحتل فقادوا جموع الشعب للتعبير عن رفضهم للاحتلال وقام أعضاء لجان التكافل في كل حي بالمشاركة في الأعمال الإدارية الخاصة بالمستشفيات والمخابز والجمعيات التعاونية وغيرها من المرافق الأخرى فعمل هذا التنظيم الاجتماعي المترابط المنطلق من المسجد على تثبيت الناس وتوجيه الجبهة الداخلية إيماني

وعلى صعيد المقاومة المسلحة، ساهم رجال "جمعية الإصلاح" في تأسيس "حركة المرابطين" الذين قاموا بدور طيب مع إخوانهم المجاهدين والمقاومين داخل الكويت، والذين أبلوا بلاءً حسناً في مقاومة المحتل وأثخنوا فيه الجراح وأثبت أبناء الكويت أنهم على قلب رجل واحد في مقاومة العدوان البعثي الغاشم

وقاموا بإصدار صحيفة "المرابطون" للدفاع عن الكويت وقادوا المظاهرات للتنديد بالغزو مطالبين الدول العربية بالتعاون لطرد المحتل العراقي وكانت الأموال تصل للمقاومين والمرابطين في الداخل للإنفاق منها على المقاومة والعمليات الفدائية ضد المحتل وعلى أهل الكويت المرابطين حيث كانت الحكومة في المنفى تنفق بسخاء على المقاومة وكذلك أهل الخير من التجار والمرابطين.

يقول مبارك الدويلة:

ولعل أبرزها موقف الإخوان في مصر، حيث أصدروا بياناً نددوا فيه بالغزو وطالبوا صدام بالخروج من دون قيد أو شرط، وأرسلوا بذلك لمؤتمر جدة في أكتوبر 1990، وتلاه د. ناصر الصانع واُعتبر إحدى وثائق المؤتمر، كما لا ننسى موقف الشيخ محفوظ النحناح مسؤول الجماعة في الجزائر الذي ألهب الألوف في خطابه
مندداً بالغزو وبحضور الأخ أحمد السعدون والشيخ أحمد القطان وبقية أعضاء الوفد الشعبي الكويتي، ولعل موقف عبدالفتاح مورو - إخوان تونس - كان مشابهاً لإخوان الجزائر، ويشهد الوفد الشعبي الكويتي الذي زار اليمن والسودان برفض جماعة الإخوان المسلمين الغزو ودعم الكويت في حقها بتحرير أرضها، ولكن هذه الفروع لم تتمكن من حضور اجتماع التنظيم العالمي في حينه للظروف السياسية والأمنية فيها!
وهنا يجب أن نعترف بتقصيرنا إعلامياً مقابل الآلة الإعلامية الضخمة التي استخدمها طاغية بغداد لتبرير جريمته وإضفاء الشرعية على موقفه وتصوير الأمريكان على أنهم الغزاة الحقيقيون القادمون لاحتلال منابع النفط، مما أثار مشاعر الملايين من المسلمين في جنوب شرق آسيا والهند وباكستان والتي خرجت في الشوارع منددة بالأمريكان وداعمة لصدام كبطل وقف سداً في وجه هذا الغزو الأميركي! ولعلنا نذكر الوفد الإسلامي الذي ذهب لإقناع صدام بالخروج من الكويت، وصوّرته وسائل الإعلام على أنه جاء مؤيداً لصدام ومباركاً له! (12)

وكتب الدكتور يوسف القرضاوي:

فوجئنا وفوجئ العالم كله، بنبأ يذيع التلفزيون البريطاني، لم يكن يخطر بالبال. نبأ زلزل الدنيا وشغل الخلق، وتحرك له الناس في المشارق والمغارب، لا يكادون يصدقونه، ذلك النبأ هو: غزو صدام حسين لدولة الكويت، وذلك في أغسطس سنة 1990.
صدام يغزو الكويت الجارة والشقيقة التي وقفت جواره في حربه مع إيران، وأمدته بالمليارات، يهجم عليها بقوة ووحشية، اضطر أكثر أهلها أن يغادروها قهرًا. كان صدام قد مهَّد لذلك بمحاولة كسب الرأي العام العربي إلى صفه، فبدأ يتظاهر بأنه مع الإسلام، وأنه لم يعد متمسكًا بأفكار البعث، أضاف إلى عَلَم العراق: كلمة "الله أكبر".
ودعا أكثر من مرة إلى مؤتمرات عنده، حشد فيها من علماء الدين من استطاع حشده، من بلاد العرب والمسلمين، ليعلن أنه ليس ضد الدين... بل هو ناصر الدين! ثم تداعى العلماء والدعاة وأهل الرأي إلى مؤتمر للعلماء بمكة المكرمة، للبحث في الغزو العراقي للكويت، وكيف ننقذ الكويت؟ وما الواجب على الأمة؟ وما الواجب على العلماء؟
وقد حضرت شخصيات كثير من أقطار شتى من بلاد العرب، وبلاد العجم، وتحدّثوا واقترحوا وناقشوا. وقد ألقيت كلمة قوية متوازنة حازت القبول لدى الحاضرين. وكانت نقطة الخلاف الأساسية هي مدة مشروعية الاستعانة بالأجانب من غير المسلمين، كالأمريكان وحلفائهم.
وكنت معي جماعة من المشاركين نتخوَّف من هذا الأمر: أن يدخلوا ديارنا فلا يخرجوا منها، ويتشبَّثُوا بالبقاء في أرضنا، ولا نملك أن نحاربهم، وهم الذين أعانونا في حربنا، وهم الذين يملكون كل وسائل القوة وأدواتها. فالأولى أن يتعاون العرب والمسلمون بعضهم مع بعض، لمقاومة هذا العدوان وطرده، وتحرير الكويت من نيره.
وقال القائلون: إنِّ هذا إغراق في الخيال، فجيش صدام - من حيث عدده وعتاده وسلاحه وتدريبه - لا يمكن أن تحاربه جيوش عربية أو إسلامية. لا يستطيع محاربته إلا أمريكا. وقد اختلف الفقهاء في جواز الاستعانة بالكفار في الحروب، وأجاز أكثرهم الاستعانة بهم إذا كانوا مؤتمنين.
وكان الرد على ذلك بأن هذا في الاستعانة بالكافر على الكافر، لا في الاستعانة به على المسلم. ثم معنى الاستعانة بالكافر: أن تكون أنت صاحب السلطان والقوة والنفوذ، ويأتي هو عونًا لك. أنا الواقع هنا فهو أن الأجنبي هو الذي بيده القوة والسلطان والأمر والنهي، وهو الذي بيده كل شيء، فالواقع أنه هو الأصل، ونحن الفرع، هو الذي يستعين بنا، ولسنا نحن الذين نستعين به!
واستمر النقاش طويلًا في ذلك، ولكن الذي حسم النزاع هو قولهم: إننا أمام ضرورة، ليس لنا خيار غيرها. إما أن نقبل ما وقع، ونرضى بضياع الكويت دولة، وابتلاع صدام لها، وإما أن نقبل الاستعانة بقوة أمريكا وحلفائها، فهي وحدها القوة القادرة على الردع. وما دمنا أمام ضرورة، فالضرورات تبيح المحظورات.
وبهذا انتصر رأي القائلين بجواز الاستعانة بأمريكا، على أن تخرج فورًا من المنطقة بعد إنهاء احتلال الكويت، لأنه أمر محظور أبيح للضرورة، وما أبيح للضرورة يقدر بقدرها. على أن تقرير هذا من الوجهة النظرية سهل، ولكن الصعب هو تنفيذه، فمن ذا الذي يستطيع أن يقول للقوة المقتدرة المنتصرة: ارحلي عنا، وارجعي من حيث جئت!
وكانت هناك فئة من علماء السعودية قد اتخذت موقفًا مضادًا لهذا الاتجاه، معارضة لمقررات هذا المؤتمر الذي كان على رأسه مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز بن باز، وعلى رأس هؤلاء العلماء المعارضين الشيخ الدكتور سفر الحوالي، الذي أعدّ دراسة قيمة حول الموضوع، بيَّن فيها: أن أمريكا هي التي خطَّطت لهذا الأمر، وبيَّنت له من قبل، وجهّزت "قوات الانتشار السريع"، وكان صدام أداتها في تنفيذ مخططها من حيث لا يدري، فقد درست نفسيته، واستغلت طموحاته في تحقيق أهدافها في السيطرة على المنطقة.
وهذه نقطة مهمة تسجّل لإخواننا من شباب العلماء والدعاة في المملكة، الذين جمعوا إلى العلم الشرعي: الفقه السياسي، ووقفوا موقف المعارضة لسياسة الحكومة، وسياسة كبار المشايخ. فحيَّاهم الله وجزاهم خيرًا: الحوالي والعودة والقرني والعمر وإخوانهم، الذين وُضعوا في القائمة السوداء، وجرى لهم بعد ذلك ما جرى من محن، ندعو الله أن تكون في ميزانهم حسنات ودرجات.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين منقسمة في هذا الأمر، فمنهم من حضر هذا المؤتمر، وإن كان له بعض التحفّظ على بعض قراراته، بينهم الشيخ مناع القطان، والشيخ عبد المجيد الزنداني، والدكتور الحبر نور الدايم، والشيخ عبد الله المطوع، والفقير إليه تعالى. كما أذكر من المشاركين الدكتور نجم الدين أربكان.
وأغلب الإخوان كانوا معارضين بشدة للاستعانة بالأمريكان، وأنَّ هذا شر على العرب والمسلمين، وإن كان الجميع يعارض غزو الكويت ويندد به، ويطالب صدام بالجلاء الفوري عن الكويت. (13)

أخيرا

كان موقف الإخوان واضحا وجليا رفضهم غزو العراق للكويت وتدمير وطن عربي، لكنهم مع ذلك رفضوا الاستعانة بالأمريكان لتخوفهم من عدم خروجهم- وهو ما كان بالفعل - أو على الأقل أخذ الضمانات منهم بالخروج بعد انتهاء الحرب.

لكن الواقع كان مع نظرة الإخوان إذا لم يخرج الأمريكان من المنطقة والذين خرجوا وعادوا لدياهم هي الجيوش العربية والإسلامية فقط.

المراجع

  1. سمير الخليل: جمهورية الخوف: العراق تحت حكم صدام: رؤية نقدية من الداخل، ترجمة قاسم عبده قاسم، دار الإنسان للنشر، القاهرة، 1990م،
  2. "ماذا حدث؟": اسرار الحرب العراقية الإيرانية بلسان شهودها: BBC بالعربية، 22 سبتمبر 2010
  3. فتوح عبد المحسن خترش، عبد المالك تميمي: الغزو العراقي للكويت: المقدمات، الوقائع وردود الفعل، التداعيات، لمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1995م، صـ143.
  4. أشرف غسان مقطش: أسباب الغلطة الكبرى، 2 أغسطس 2017
  5. لماذا قرر صدام حسين دخول الكويت بعد ساعات من اجتماع الرياض ومناوشة الزعماء؟: 1 أغسطس 2021م، موقع اسبوتنك
  6. لماذا قرر صدام حسين دخول الكويت بعد ساعات من اجتماع الرياض ومناوشة الزعماء؟مرجع سابق.
  7. عبد المنعم سليم جبارة: الإخوان المسلمون وأزمة الخليج
  8. الإخوان وحرب الخليج: إخوان ويكي، 2 أكتوبر 2011
  9. عبد المنعم سليم جبارة: الإخوان المسلمون وأزمة الخليج
  10. عبد المنعم سليم جبارة: الإخوان المسلمون وأزمة الخليج
  11. عبد المنعم سليم جبارة: الإخوان المسلمون وأزمة الخليج ، وانظر أيضا: مواقف وردود الفعل المصرية خلال مرحلة عاصفة الصحراء
  12. مبارك فهد الدويلة: موقف الإخوان من الغزو والتحرير مجلة المجتمع
  13. يوسف القرضاوي: حدث الأحداث من مذكراته