محمد حلمي المنياوي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محمد حلمي المنياوي ودور النشر الإسلامية


إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

مقدمة

عاش الإعلام الإسلامي لحظات متقلبة بين الحرية وفرض قيود الحرية عليه من الأنظمة الحاكمة خاصة في الدول العربية والإسلامية، وقد حاول البعض إيجاد قدم وساق بين دهاليز هذا الإعلام، خاصة دور النشر والتي نجح فيها في الماضي بعض رجالات العمل الإسلامي وحديثا إلا أنهم لم يسلموا من اضطهاد الأنظمة الحاكمة خاصة في مصر، ودار الكتاب العربي لصاحبها الحاج محمد حلمي المنياوي كانت واحدة من هذه المؤسسات التي استهدفها عسكر مصر بعد ثورة 23 يوليو 1952م.

البداية

ولد محمد حلمي المنياوي في القاهرة عام 1906م وتلقى تعليمه في مدارسها حتى تخرج في الجامعة، واتجه نحو العمل الحر، وقد تزوج ورزقه الله بالبنين والبنات منهم الأستاذة الدكتورة ناجدة أستاذ متفرغ في هندسة الإلكترونيات والإتصالات جامعة عين شمس، والدكتورة نبيلة أخصائي أمراض النساء والتوليد، والدكتور حسين نساء وتوليد في منطقة السيدة زينب.

واشتغل بطباعة الكتب والمجلات التي تحمل ثقافةً إسلاميةً وفكرًا إصلاحيًا في نواحي الحياة المختلفة في مكتبته (دار الكتاب العربي) بشارع فاروق بالقاهرة، واتخذها هدفه ورسالته دون النظر إلى الجوانب المادية ، وقلّ من تجده من الناشرين من يهتمون بالعلم والفكر دون الربح المادي، وقلّ من تجده يتخذ من عمله طريقًا للدعوة إلى الله، وتجده كثيرًا ما يطبع كتبًا على نفقته هديةً منه لصديق عزيز وتشجيعًا على نشر الفكرة الإسلامية.

مع الإخوان

كان محمد حلمي المنياوي واحد من المهتمين بالعمل الإسلامي حتى أنه اشترك في إصدار مجلة "الفكر الجديد " بالتعاون مع الأستاذ سيد قطب في الأربعينات، لكن حينما تناول سيد قطب القصر والحكومة ورجالاتها، سُحبت رخصة المجلة

يقول عبدالله عزام:

وفي الأربعينات تولى رئاسة تحرير مجلة (الفكر الجديد) لصاحبها محمد حلمي المنياوي ، ولقد بدت في هذه المجلة نزعة سيد قطب العدائية للملك فاروق ، وقد كان مجاهرا في نقده اللاذع حتى دس إليه فاروق من يطلق عليه النار ، فأخطأه الرصاص ، ولقد صدر من المجلة ستة أعداد صودر عددان منها ثم اضطرت الحكومة لإغلاقها بعد ستة أعداد.

يقول عن الحاج محمد حلمي المنياوي والمجلة الدكتور أحمد الشرباصي:

أصدر مجلته "الفكر الجديد" وكانت سراجًا يهدي إلى طريق الحق والصدق فضاقت بها صدور الجبارين فحيل بينها وبين الظهور وبدت له آراء صريحة في الدعوة ووسائلها ، فكسبت من أجلها عداوة الأصدقاء وتحامل الزملاء القدماء ثم جاهد جهادًا طيبًا في عمله التجاري ومطبعته الكبرى.

وبطبيعة حبه للعمل الإسلامي والانصهار فيه تعرف على دعوة الإخوان المسلمين وعلى مؤسسها الأستاذ حسن البنا، حتى كان أحد المقربين منه حتى أنه ساهم في شراء مطبعة الإخوان لطباعة صحيفة الإخوان المسلمين اليومية

حيث يقول أحمد عادل كمال:

كانت الجرائد اليومية السائرة تقاطع كلمة "إخوان" فلا تذكرها أبدا.وكان لكل حزب سياسى جريدته التى تنطق باسمه أما جماعة كبرى مثل الإخوان فلم يكن لها. ومع الإحساس بالحاجة إلى ذلك فقد أنشأ الإخوان شركتين مساهمتين هما شركة الإخوان للطباعة وشركة الإخوان للصحافة وكان رأسمالهما معا 70 ألف جنيه مصرى.

وتم شراء مطبعة كانت من قبل مطبعة جريدة الجهاد ولم تكن مناسبة بحال فقد كانت بطيئة لاتفى بالحاجة وكانت تطبع ثلاثة آلاف نسخة فى الساعة وكان المطلوب طبع عشرين ألفا فى اليوم ومعنى هذا أن تعمل المطبعة سبع ساعات لإتمام العدد وبذلك يفوتها قطار الصعيد وقطار الصحافة والنزول إلى الشارع مع سائر الصحف وقد كان الحاج محمد حلمى المنياوي هو وسيط شرائها ولقد بدأت الجريدة ورئيس تحريرها الأستاذ أحمد السكري فلما انشق عن الجماعة تولى رئاسة تحريرها الأستاذ صالح عشماوي.

وقد كان لدار الكتاب العربي للحاج محمد حلمي المنياوي أثر في تطور مطبوعات الإخوان من المستوى البدائي الذي كانت عليه في الثلاثينيات والأربعينيات إلى المستوى الراقي الذى يتناسب مع متطلبات العصر في ذلك الوقت. وحينما تشكلت أول هيئة تأسيسية للإخوان في سبتمبر 1945م تم ختيار الحاج محمد حلمي المنياوي كعضو فيها.

وفي عام 1946م شكل الإخوان لجنة لمتابعة شئون الحج وتنظيمها تألفت لجنة دائمة بالمركز العام للنظر فى شئون الحج وتنظيم بعثة الإخوان السنوية إلى البلاد الحجازية وهى مكونة من حضرات الإخوان الأساتذة

  1. عبد الله موسى - رئيسا
  2. مصطفى عشماوي - وكيلا.
  3. صالح قدور سكرتيرا.
  4. محمد حلمي المنياوي - أمينا للصندوق.
  5. الدكتور محمد سليمان - طبيبا للبعثة.
  6. أحمد عطية وأنور الجندي وحمودة أحمد حمودة وعبد الرحمن الساعاتي وعبده قاسم أعضاء وحدد لها مساء كل يوم الخميس لاجتماعها.

وسط المحن عام 1948م

تعرض الحاج محمد حلمي المنياوي للعديد من المحن خاصة حينما حلت جماعة الإخوان المسلمين في 8 ديسمبر 1948م حيث تم اعتقاله، كما أغلقت دار النشر الخاصة به، وزج به في معتقل الهايكستب، حيث كان عامل ثبات وأمان لبقية المعتقلين

يقول الشيخ أحمد الشرباصي تحت عنوان "كرام يضامون" في 8 مايو 1949م:

هذا صمام الأمان وبلسم الحنان فى المعتقل الحاج محمد حلمي المنياوي ان هذا الرجل كنز من كنوز الخير والبر وهو يفيض بما لا يغيض فى كل مكان يحل به وله ماض كريم فى نصرة الفكرة الإسلامية والعدالة الانسانية والقيم الأخلاقية .
ولقد لاقى فى سبيل فكرته ما لاقى أصدر مجلته "الفكر الجديد" وكانت سراجا يهدى الى طريق الحق والصدق فضاقت بها صدور الجبارين فحيل بينها وبين الظهور وبدت له آراء صريحة فى الدعوة ووسائلها فكسبت من أجلها عداوة الأصدقاء وتحامل الزملاء القدماء
ثم جاهد جهادا طيبا فى عمله التجارى ومطبعته الكبرى وليس هذا فحسب بل هناك ناحية الخير المستورة فى حياة الحاج حلمى المنياوى فهناك مشكلات مادية عسيرة حلت واختفت اليد التى حلتها وراء التواضع أو التناسى ولكن الآثار الظواهر دلت على أنها يد هذا الرجل الصالح وكم من ضائقين بعيشهم خلف الأسوار اتسع لهم هذا العيش بعد ضيق بكرم هذا الرجل – وكم وكم .
وتجلس الى الحاج حلمى المنياوى وأنت تحسبه رجل أعمال وتجارة واقتصاد فما تكاد تجاذبه الحديث فى موضوع علمى او اجتماعى حتى يسايرك ويساجلك ويطلعك على جوانب ثقافته واطلاعه وصائب رأيه وثاقب فكره تثير الاعجاب . ايه أيتها الأسوار كم خلفك من مواهب وكم تصدين عن الفيضان من ينابيع وأنهار وكم كان جديرا بهذه المواهب أن تواصل خدمتها فى سبيل الله والوطن بدل ان تسام هذا الهوان.

ويضيف في مكان أخر:

ولأول مرة منذ جئت هنا ذقت فى الصباح طعم الشاى الجميل اذ كان الشاى االذى شربته فى الأيام الماضية رديئا أما اليوم فقد أشرف على صنع الشاى الحاج حلمى المنياوى وهو رجل خبرة واتقان.

ويضيف في موضع أخر من مذكراته أنه في 21 مايو 1949م، استيقظت قبل الفجر وظللت مستلقيا فوق السرير حتى أسمع النداء المبكر للاستعداد للصلاة

وفجأة سمعت صوتا نديا رقيقا عذبا يردد:

يا نائما مستغرقا فى المنام

قم واذكر الحى الذى لا ينام

مولاك يدعوك الى ذكره

وأنت مشغول بضيب المنام

ثم جعل الصوت ينادى فى روحانية وصفاء "الصلاة الصلاة .. الصلاة خير من النوم" فاذا بى أردد فى راحة واستجابة " صدقت وبررت " ونهضت وأنا أتساءل: صوت من هذا؟ ثم عرفت أنه صوت الحاج محمد حلمي المنياوي ... ليت بقية الموقظين يتبعون هذا الأسلوب الحكيم فى ايقاظ النائمين وليت الأخ كمال حتة يلتقى بالحاج حلمى ليأخذ عنه هذا الدرس لأن شبيبة كمال تدعوه الى الشدة فى الايقاظ والأمزجة مختلفة والراحة مفقودة والنوم مضطرب وليس الجميع فى نشاط كمال وصحته وقدرته على الاحتمال.

كان الحاج حلمي المنياوي أحد الأعمدة الرئيسية في السجن وأحد قادة الإخوان المؤثرين، حيث يذكر الشيخ الشرباصي: اقترح اليوم 12 يونيو الحاج محمد حلمي المنياوي أن ترسل الدولة الينا قضاة أو وكلاء نيابة للتحقيق معنا حتى ندلى اليهم بحججنا ووجهة نظرنا فانه لا يجوز أبدا أن نترك هكذا وفينا أبرياء وفينا كثيرون أخذوا بالظنة أو الوقيعة .. انه اقتراح عادل ولكن أين من يسمع؟.

كان ضمن بعض القيادات الإخوانية التي رأت الحكومة عزلهم وترحيلهم إلى سجن الطور، ففي 30 يونيو 1949م تم ترحيله حيث يذكر الشرباصي الواقعة بقوله:

ما هذا الفراغ ؟ وما ذلك الصمت الرهيب فى المعتقل ؟ . لقد كان المعتقل بالأمس كخلية النحل العامرة فأصبح اليوم كالمقبرة المهجورة وذلك لكثرة الذين رحلوا عنه وقلة الباقين فيه بالنسبة الى الماضى فقد رحل فى أول يوم من رمضان 253 معتقلا وفى اليوم الثالث رحل 259 فكان الفراق لوعة ووحشة . لقد رحل كثيرون ممن كانوا يفيدوننا فى مسائل الحياة الضرورية
رحل الأستاذ فريد مصطفى الممرض الماهر والأستاذ حسين كمال الدين المهندس ومخطط الحدائق والحاج أنور محروس ضابط الاتصال بمتعهد الطعام والأستاذ عبد الفتاح الباسطى المشرف على شؤون التموين والحاج حسن حسن الأحمر المشرف على وزن الأطعمة والبقول والأستاذ سعد الدين الوليلي المشرف على النظافة والتطهير
والأساتذة صالح عشماوي وعبد العزيز كامل وفريد عبد الخالق خطباء الجمع والطالب محمد حلمي عبد الغفار المختص بزراعة الذرة والجرجير والأستاذ عبد الرحمن على جانو لاعب الشطرنج الماهر وصاحب شركة أنباء جانو والأخ حلمى أفندى منصور الخياط البارع والحاج إبراهيم كروم "جعلص" المعتقل وفتوته ومقلق الزملاء قبل كل صلاة
وخاصة قبل الفجر بصوته المزلزل الجهير والحاج محمد حلمي المنياوي منبع المواساة والعطف والأستاذ محمود المسلماني المختص بأعمال النجارة والحدادة والأديب محمد أحمد العزب لاعب الكرة البارع والمتفنن فى لعب كرة المنضدة والدكتور محمد خميس صاحب الاستشارات الطبية
والشيخ سيد شهاب الدين مثير المجادلات الدينية على الدوام حتى يسميه بعضهم "مفتى المعتقل الأكبر" والصاغ محمود بك لبيب صاحب الذكريات الشائقة فى الداخل والخارج وفى السلم والحرب والطالب الأزهرى الشيخ أحمد عبد المطلب صاحب الصوت الرخيم والنظرات الفلسفية.

وكان دائم الاهتمام بالجميع حتى استحق لقب منبع المواساة والعطف. وقد استمرالحاج محمد حلمي المنياوي معتقلا في الطور حتى عام 1951م.

مرحلة جديدة مع الهضيبي

خرج الحاج حلمي المنياوي وعمل وسط إخوانه لاعادة الشرعية للجماعة وإلغاء قرار الحل واستعادة مركزهم العام حتى تحقق ذلك وتم اختيار المستشار حسن الهضيبي مرشدا عاما للإخوان المسلمين.

حتى كانت الفتنة بين مكتب الإرشاد وبعض قادة النظام الخاص القدماء وعلى رأسهم عبد الرحمن السندي، حيث قررت الهيئة التأسيسية بعد تحقيقات مطولة إلى فصل أربعة من قادة النظام الخاص وهم عبد الرحمن السندي وأحمد زكي ومحمود الصباغ وأحمد عادل كمال، وفي ظل غياب المعلومة وتدخل عبد الناصر والتباس الأمر على بعض قادة الإخوان وثقتهم في عبدالناصر، تضامنوا مع المفصولين وكان منهم الأستاذ صالح عشماوي والشيخخ محمد الغزالي والحاج محمد حلمي المنياوي وغيرهم

حيث يذكر محمود عبدالحليم ذلك بقوله:

كانت دار الكتاب العربي لصاحبها الحاج محمد حلمي المنياوي مقر التقاء لمجموعة المفصولين، ولست أدري حتى الساعة ما الذي دفع الحاج حلمي إلي اتخاذ هذا الموقف؟ و هل هي مجاملة منه لهؤلاء الإخوان المتمردين ؟ أم كانت وسيلة منه للتقرب إلي جمال عبد الناصر وسلطة الحكم أملاً في الانتفاع من وراء ذلك لتجارته ؟
والذي أعرفه في هذه الناحية أن جمالا فيما بعد حطمه فيما حطم؟ والعجيب في شأن هذا الأخ أنك سوف تقرأ في كثير مما سوف تقرأ عن التمرد والمتمردين وما كان منهم وما اتخذ بشأنهم ، وستقرأ اسم محل هذا الأخ قرين كل ما حدث وكل خطوة وكل مؤامرة .. ولكنك لن تجد اسمه هو نفسه في شيء من ذلك.

ثم يضيف:

بعد ذلك يقرر الأستاذ عبد العزيز كامل أنه ذهب في اليوم التالي إلي دار الكتاب العربي ، فوجد بإحدى الحجرات اجتماعًا يضم الأساتذة صالح عشماوي وعبد الرحمن السندي والشيخ سيد سابق . وأخذوا يتحدثون معه في شأن وساطته بأسلوب عرف منه الأستاذ عبد العزيز من هو الشخص الذي كان يكلم الأستاذ صالح أمس في التليفون ورفض ذكر اسمه . ويقرر الأستاذ عبد القادر عودة في شهادته أنه لما ذهب إلي دار الكتاب العربي لمقابلة المدعي عليهم مع بعض أعضاء المكتب في شأن التفاهم ، وجد مع المدعي عليهم أشخاصًا آخرين منهم عبد الرحمن السندي والشيخ سيد سابق .

كما أن الأخ محمد هاشم الموظف بالمركز العام قرر في شهادته التي قدمها إلي اللجنة مكتوبة – وكان موجودًا بالمركز العام ساعة اقتحامه – أنه كان جالسًا بجوار مكتب المراقب وأمامه التليفون دق جرسه ، فإذا المتكلم الأستاذ عبد الرحمن السندي ..

يقول الشاهد :

" فتكلمت معه فطلب الأخ علي صديق فجاء وكان رده كالآتي : " الحمد لله . كويس الحمد لله . كل حاجة كويسة " .. وبعد قليل دق التليفون مرة أخري فأمسكت بالسماعة فإذا به عبد الرحمن السندي وطلب علي صديق أيضًا .. وجاء علي صديق .. وفي أثناء هذه المكالمة أحسست بوجود سيارات علي باب المركز العام فوقفت لانتظار من بها بجوار علي صديق فدخل الحاج حلمي المنياوي وكان علي يقول في التليفون " جه الحاج حلمي والحاج صالح والشيخ الغزالي والشيخ سيد سابق والحاج جوده والحاج عبده قاسم ومحمد شريف .. إن شاء الله وعليكم السلام ورحمة الله .. ووضع السماعة ودخل حضرات المدعوين " .

من مجموع هذه الشهادات يتضح أن هذه الحركة وعلي رأسها المدعي عليهم كانت علي اتصال بأحد المفصولين اتصالاً منتظمًا طول الليل .. وقرر مكتب الإرشاد بفصل هؤلاء الأربعة يقتضي أن يقطع الإخوان صلتهم في شئون الدعوة بهؤلاء المفصولين . فالاتصال بهم بل التلقي منهم فيه خروج علي القرار.

تعقيب:

ومن تتبعنا للأحداث لربما الحاج حلمي المنياوي كان على ثقة بعبد الناصر كغيره من الإخوان الذين ظنوا أن عبد الناصر يخاف على الدعوة وأنه كان واحد منهم، ولذا كانوا يستمعون له وينصتون لقوله، حتى أنه – وفي ظل اشتداد المحنة بين الإخوان وبينه – قام بزيارة قبر الإمام الشهيد حسن البنا في 12 فبراير عام 1954م كان في استقباله هناك والد الإمام وإخوته وولده
ومعهم الأستاذ عبد القادر عودة والأساتذة صالح عشماوي وعبد الرحمن السندي وسيد سابق وعبده قاسم والشيخ الغزالي وحلمي المنياوي، وهم من كبار الإخوان رغم أن المرشد العام وكثير من الإخوان كانوا ما زالوا في المعتقل، وهو ما يؤكد وجهة نظرنا أن كثير من الإخوان وقادتهم كانوا يظنون بعبد الناصر خيرا، حتى استيقظوا على الفاجعة حينما تم اعتقالهم بعد حادثة المنشية 26 أكتوبر 1954م.

المنياوي ومحنة 1954م

كما ذكرنا على الرغم من أن الحاج محمد حلمي المنياوي كان من الفريق القريب من جمال عبدالناصر ويظن أنه يعمل من اجل الدعوة ووفاءا لمرشدها الأستاذ حسن البنا، إلا أنه تبين له غير ذلك حينما عمد جمال عبدالناصر إلى تلفيق حادثة المنشية إلى الإخوان وأعد العدة لاعتقالهم جميعا في ليلة وضحاها.

فقد تم اعتقاله مرة أخرى في أعقاب تمثيلية المنشية فى 26 أكتوبر 1954، وليس ذلك فحسب ، بل انتهت مؤسسته الكبيرة "دار الكتاب العربي" للطباعة والنشر في القاهرة على يد عبد الناصر الذي صادرها وصادر أموال الحاج المنياوي حيث قضى في السجن ما يزيد عن العامين قبل أن يخرج مع من خرج عام 1956م.

يقول عنه د. يوسف القرضاوي :

أما الحاج حلمي المنياوي فهو أحد ضحايا عبد الناصر؛ فقد كان صاحب "دار الكتاب العربي" للطباعة والنشر في القاهرة ، وهي إحدى الدور الرائدة التي كان لها دورها في نشر الكتب الإسلامية والعربية التي تطورت مبكرا تطورا كبيرا.

وفاته

بعدما خرج لم يبق في مصر كثيرا حيث استطاع الخروج منها واتجه إلى قطر حيث قضى فيها بقية حياته بعيد عن زوجته وأولاده، وعمل موظفًا في مؤسسة "دار العلوم" للطباعة، التي يملكها آل عبد الغني في قطر. وعلى الرغم من وساطات كثير من رفقائه لدى عبد الناصر إلا أنه رفض رجوعه إلى مصر وظل كذلك حتى توفى عبد الناصر وخلفه السادات والذي رفض أيضا عودة الحاج حلمي المنياوي إلى مصر.

الغريب أنه حينما توفي عبد الناصر شارك الحاج حلمي المنياوي في إقامة عزاء له بقطر بدعوى أنها قد تدفع الأذي عن الإخوان في مصر

حيث يذكر الدكتور يوسف القرضاوي ذلك بقوله:

ولم تكن في قطر سفارة لمصر - أو للجمهورية العربية المتحدة كما كانت تسمى، حتى بعد انفصال سوريا - ولكن الجالية المصرية، ومعهم بعض أهل قطر، أقامت حفل عزاء لعبد الناصر، تتقبل فيه تعزيات المعزين. وقد قاطعه الإخوان عامة، إلا قليلًا منهم، رأوا أن من واجب المجاملة أن يعزوا فيه، وقال بعضهم، وكان من المعتقلين الذين نالهم من الأذى والبلاء ما نالهم: إني أشفي غليلي بالعزاء فيه!
وكنت ممن قاطع هذا الحفل، ولكن أخوين كريمين، زاراني في بيتي، ورجواني أن شارك في هذا العزاء، قالا: لما لك من وزن خاص في قطر، وتعزيتك سيكون لها معنى، وتدفع أذى كثيرًا عن الإخوان الذين لم يشارك جمهورهم في هذا العزاء، فقد يصيبهم أذى كما أصاب أخانا مصطفى جبر، الذي رفض الصلاة على عبد الناصر. وما زالا يلحان عليَّ، حتى استجبت لهما، وذهبت معهما، وأنا رجل أضعف أمام ضغط الإلحاح. وقد ذهبت والحفل يوشك أن ينفض، ولكن كان لحضوري اعتبار قدره كل الموجودين.

كان الأخوان اللذان زاراني وألّحا علي في المشاركة، هما: الأخ الحاج محمد حلمي المنياوي، والأخ عبد الحميد طه، من إخواننا القدامى في قطر، ويعمل رئيس منطقة تعليمي في قطر.

ولهذا لما جاءني الحاج حلمي مع الأخ عبد الحميد طه، وألح عليَّ أن أذهب معهما للعزاء، وقال الحاج حلمي: إن في هذا رعاية لأمثالي الذين لا ظهر لهم، ولا تاريخ في قطر، صعب عليَّ هذا الرجل، الذي كان ملء السمع والبصر في مصر سنوات طويلة. وقد قيل: ارحموا عزيز قوم ذل!

لم يعد حلمي المنياوي إلى مصر وظل بقطر حتى توفاه الله يوم 16 أغسطس 1971م الموافق 24 جمادى الآخر 1391هـ ودفن في قطر.

المراجع

1- د. أحمد الشرباصى : مذكرات الشرباصى ، نسخة الكترونية على موقع إخوان ويكي .
2- مذكرات الدكتور يوسف القرضاوي ، ابن القرية والكتَاب، موقع القرضاوي ج3 ص17.
3- جريدة الإخوان المسلمون اليومية العدد 200 سنة الأولى 5صفر 1366هـ/ 29/12/1946ص3.
4- جمعة أمين عبد العزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين،دار التوزيع والنشر ،القاهرة ، 1426هـ / 2005 م ، ج5 ص79 .