لماذا حلت جماعة الإخوان المسلمين؟ .. ولماذا ظل الحل قائما؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لماذا حلت جماعة الإخوان المسلمين ؟ .. ولماذا ظل الحل قائما؟


مقدمة

الإخوان المسلمون جماعة إصلاحية شاملة، أسسها حسن البنا في مصر عام 1928م كحركة إسلامية وسرعان ما أنتشر فكرها بين الناس ولاقت قبولا لدى الجميع وبين مختلف الفئات حتى غير المسلمين. وهو ما يعد بمثابة السبب الرئيسي لصدور قرارات بحل الجماعة في كل مرة، كون منهجها الشامل يصطدم مع انتهازية المستعمر، أو الحكم الاستبدادي، أو الفكر المناهض للإسلام والذي يرى في الشرق أو الغرب أو المصالح الشخصية هو السبيل.

ولقد اتخذت الجماعة صفة الحركة الجامعة الشاملة التي تُعنى بالإصلاح الاجتماعي والسياسي، قبل أن تنتشر توجهاتها وتصبح تيارا سياسيا مؤثرا. لكن فهمها للإسلام كدين شامل لجوانب الحياة بما فيها السياسة ضاعف حولها الخصوم وأشهر في وجهها العداوات، وكانت الذروة الأولى للصدام عقب عودة كتائب الإخوان من الجهاد في فلسطين عام 48، لتُختتم السنواتُ العشرون الأولى من عمر الإخوان بقرار حلٍّ، تزامن مع حملة اعتقالات لأفراد الإخوان لم تبق سوى مؤسسها الذي اغتيل في القاهرة بعد شهرين.

لقد تشدق المتشدقون وتفيقه المتفيقهون بأن حسن البنا حاد بالجماعة عن منهجها القويم في أخر ايامه وأن موقف الحكومة سليم في قرار الحل الصادر في ديسمبر 1948. أو الإخوان كانوا حزبا سياسيا كما ادعى عبد الناصر وأذنابه وكتابه أو المؤيدين له. أو خرجوا عن القانون الذي ظلوا يعيشون في ظلاله ما يقرب من 90 عاما هي عمر الجماعة لكي يصدر السيسي وأتباعه من القضاة والحكومة قرارا بحل جماعة الإخوان المسلمين؟

لكن السبب الحقيقي هو عدم رغبة سواء الحكام الغربيين أو حكام العرب المستبدين من وجود حركة إصلاحية تحاسبهم على تصرفاتهم وأفعالهم. والواقع خير دليل لما جلبه علينا حكم السيسي والعسكر من خراب البلاد وجفاف البلاد وجوع العباد. وما يقوم به النظام الإماراتي أو السعودي وأتباعهم من انبطاح للدولة الصهونية رغبة أن يظلوا على عروشهم حتى لو مات أخر عربي أو مسلم في سبيل ذلك.

إن قالوا عن أى حركة إسلامية إصلاحية شاملة معتدلة ما يقولون وما يمدون به صبيانهم من كلام ليقولوه فلا غرو فقد قال من قبلهم أسيادهم على رسل الله جميعا، بل على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وهم أصحاب الرسالات الإصلاحية التي لم يطق هؤلاء تحلها، وظهر بين أظهر المسلمين كل منافق كذاب يظهر الوجه الحسن ويخفى الحقد على كل ما هو إسلامي.

لقد تغافل المتغافلون أن من أصدر قرار الحل في كل مرة هو الخصم (وليس حاكم عدل) والذي لم يستند على دليل أصيل ولذا كان القضاء الشريف يتصدى لمثل هذه الهفوات السلطوية.

حل 1948

بعد أن أصدر النقراشي قرار حله للجماعة في 8 ديسمبر 1948م دون سند قانوني – إلا أنه الحاكم العسكري- لم يسكت الإمام البنا أو الإخوان على افتراءاته التي استند إليها، أو التي جمعها عبد الرحمن عمار مدير أمنه – والذي أصبح بعد ذلك نكرة وظل جماعة الإخوان المسلمين شامخة - ولذا أسرع الإمام البنا في الرد على دعاوي الحكومة واتهاماتها الباطلة للإخوان المسلمين وتعسفها في حل الجماعة واتخاذها كل أساليب البطش والقمع للقضاء على دعوة الإخوان المسلمين

فكتب رسالة بعنوان قضيتنا بين يدي الرأي العام المصري والعربي والإسلامي والضمير الإنساني العالمي، فذكر فيها أن العالم كله قد سمع عن قضية الإخوان المسلمين من جانب واحد هو جانب الحكومة التي اعتدت على هذه الهيئة بإصدار أمر عسكري عليها وهو الجانب الذي يملك كل وسائل الدعاية... ولكن هذا الرأي العام لم يسمع من الطرف الآخر.

والسبب في ذلك أنهم حرموا كل وسائل الدفاع عن أنفسهم وشرح قضيتهم للناس فصودرت صحفهم وعطلت أقلامهم وكممت أفواههم واعتقل خطباؤهم، واعتبر كل اجتماع منهم في أي مكان جريمة أقل عقوبتها السجن ستة أشهر. لذا فقد تقدم بهذا البيان للرأي العام المصري العربي والإسلامي والضمير الإنساني العالمي حتى الحقائق أمام الجميع.

فقد تحدث الإمام البنا عن نماذج من الظلم الواقعة على الإخوان المسلمين منها الاعتقالات والفصل والنقل والتشريد وفصل الطلاب ومصادرة الأموال الخاصة والشركات والممتلكات والتلفيقات ثم بيّن بطلان اتهام الحكومة للإخوان وهي ثلاث تهم كلها باطلة.

أولاً: اتهام الجريمة والإرهاب:

وقد أثبت الإمام البنا أن هذه الاتهامات لا تخرج عن أربعة أقسام:

  1. فبعضها مكذوب
  2. وبعضها مفترى لا أصل له
  3. وبعضها حكم فيه ببراءة الإخوان براءة تامة.
  4. وبعضها أحداث فردية عن دوافع شخصية أو عائلية لا صلة مطلقًا بينها وبين هيئة الإخوان أو إحدى شُعبها في أي مكان.

فكيف تتخذ أمثال هذه الحوادث دليلًا على إدانة يترتب عليها القرار بحل أكبر هيئة إسلامية في البلاد!.

والســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــؤال

إن كانت كل هذه الافتراءات والتهم في جماعة الإخوان المسلمين، لماذا لم يحلها رئيس وزراء سابق، رغم أن الإنجليز طلبوا من حسين سري باشا حل الجماعة عام 1941م لكنه رفض، كما طلب من النحاس باشا حينما تولى الوزارة عام 1942م لكنه رفض واكتفى بغلق شعب الجماعة دون المركز العام، بل أرسل وزراءه بعدها لزيارة المركز العام وتلطيف الجو.

بل لماذا لم يحلها أحمد ماهر أو حتى النقراشي في وزراته الأولى او صدقي باشا؟ ولماذا جاء الحل أثناء حرب فلسطين خاصة بعدما أظهر الإخوان كفائتهم الحربية ضد العصابات الصهونية بشهادة كبار قادة الجيش أمثال أحمد المواوي واللواء أحمد صادق والقائد أحمد عبد العزيز حتى القادة الصغار أمثال جمال عبد الناصر ورفاقه. بل إن الملك فاروق نفسه أصدر قرار ببعض النياشين لقادة وجنود الإخوان المسلمين ونشر ذلك في صحيفة الأهرام.

ثم أخذ الإمام البنا يفند كل اتهام على حدة...

ثانيًا: تهمة الانحراف عن الدين إلى السياسة:

أوضح الإمام البنا في ذلك أن اشتغال الإخوان بالسياسة هو من صميم الإسلام وطبيعته الدين التي لم تفرق بين الدين والسياسة، كما أن دخول الإخوان معترك السياسة كان بفعل الحوادث والظروف وحدها وبخاصة حادث نشوب الحرب العالمية الثانية وإعلان الأحكام العرفية وكبت الحريات واضطهاد الإخوان، ومع ذلك فاشتغال الإخوان بالسياسة كان لصالح قضية الوطن وقضايا البلاد العربية والإسلامية.

كما أن الإخوان حين اقتحموا هذا الميدان منذ سنة 1945م كانوا أمناء على مبادئهم وخطتهم ومشروعاتهم فأعلنوا بمناسبة صدور قانون الجمعيات الخيرية أنهم يفصلون تمام الفصل نشاطهم الاجتماعي الخيري عن نشاطهم الديني الوطني وظلوا يعملون في الميدانين في حدود النظام والقانون... ولم تر حكومة من الحكومات في هذا الوضع انحرافًا عن الدين أو خروجًا على القانون أو منافسًا للنظام أو تنكرًا لمبادئ الجماعة نفسها.

ثالثًا: بطلان اتهام العمل على قلب نظام الحكم:

أثبت الإمام البنا أن الحكومات هي التي قلبت نظام الحكم بالفعل، وذلك بإهمال أحكام الإسلام وتعطيل روح الدستور ثم عدد مظاهر ذلك القلب والانحراف الداخلي، بعدم العمل على تحرير البلاد أو حماية العباد أو تفعيل القوانين، أو معالجة الاقتصاد، أو تخفيف العبء عن الناس

السبب الحقيقي لإصدار أمر الحل 1948

تحدث الإمام البنا عن الأسباب الحقيقية وراء قرار الحل ووقوف الحكومة المصرية من الإخوان هذا الموقف الشاذ الذي لم تقفه من أحد حتى من الصهيونيين أعداءها المحاربين وقد بينها على النحو التالي:

الضغط الأجنبي

فلقد أقر سعادة وكيل الداخلية بنفسه للأستاذ المرشد العام، إن مذكرة قدمت إلى النقراشي باشا من سفير بريطانيا وسفير فرنسا والقائم بأعمال سفارة أمريكا، بعد أن اجتمعوا في فايد في 6 ديسمبر تقريبًا يطلبون فيها المبادرة بحل الإخوان المسلمين

وذلك بالطبع طلب طبيعي من ممثلي الدول الاستعمارية الذين يرون في الإخوان المسلمين أكبر عقبة أمام الامتداد لمطالبهم ولشعبها في وادي النيل وفي بلاد العرب ومواطن الإسلام – وليست هذه أول المرات التي طلب فيها مثل هذا الطلب، بل هو طلب تقليدي كان يتكرر دائمًا على لسان السفير البريطاني في كل المناسبات لكل الحكومات، وكانت كلها تحجم عن إجابته حتى في أحرج الأوقات.

فلقد طلبت السفارة من رفعة النحاس باشا في سنة 1942م (والحرب العالمية على أشدها والألمان على الأبواب) حل الإخوان المسلمين وتعطيل نشاطهم، فأبى أن يجيبه على ذلك، واكتفى بإغلاق الشُعب كلها مع بقاء المركز العام إلى حين، وكان في وسع دولة النقراشي باشا رحمه الله أن يرفض هذا الطلب أو أن يتفاهم مع الإخوان على وضع يريحهم ويريحه

ولقد كان الإخوان على أتم الاستعداد لهذا التفاهم وبخاصة بعد عودة المرشد العام من الحجاز، على أنه لم يفعل ذلك وخطا هذه الخطوة التي لا تدل إلا على أن مصر لا زالت للأجانب قبل أن تكون لأبنائها، وأنه لا زال للأجانب كل النفوذ والسلطان في هذه الأوطان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

التمهيد للمفاوضات

كما أن من هذه الأسباب كذلك التمهيد لإجراء المفاوضات مع الانجليز من جديد، وقد علم الخاص والعام أن الإخوان هم أعظم العقبات ضد المساومة على حقوق البلاد والعبث البريطاني بها في مناورات المفاوضات، وقد أشارت إلى ذلك الصحف الأجنبية بمناسبة قرار الحل

فكان طبيعيًا أن يمهد للمفاوضات المنتظرة بحل الإخوان وشغلهم بأنفسهم عن مجريات الأمور وتقلبات الأحوال وعن التطلع إلى ما يجري بالسودان من فظائع ومآس ونكبات، وها هي ذا بوادر السياسة ونتائجها بدأت في الظهور الآن، وسيعيد التاريخ نفسه من جديد فتتآلف الأحزاب وتتم المفاوضات وتوقع المعاهدة وتصبح معاهدة المجد والفخار.

ستر الفشل في قضيتي فلسطين والسودان

ولقد فشلت الحكومة المصرية والحكومات العربية فشلاً ذريعًا في حل قضيتي فلسطين والسودان، وتعلم الحكومة تمام العلم معرفة الإخوان الدقيقة ببواطن الأمور وأسباب هذا الفشل، وتشعر بأنهم سيشددون عليها الحساب فأرادت أن تسبقهم إلى ذلك وأن تستر هذا الفشل بهذا الإجراء

ولعلها كانت تتوقع أن يثور الإخوان في مصر أو يتمرد المتطوعون منهم في فلسطين فتحملهم تبعة ما يكون من ذلك، ولكن الإخوان لا يسعهم في دينهم وإخلاصهم لوطنهم ولأمتهم إلا أن يسدوا على الفتنة كل الثغرات، فلم يكن منهم إلا ضبط الأعصاب وتحمل الصدمة بالصبر والثبات ومعالجة الأمور بالحكمة والأناة، والعافية للمتقين.

الإعداد للانتخابات القادمة

كما وقر في نفس القائمين بالحكم أنهم هم الذين سيجرون الانتخابات القادمة في هذا العام، وأنهم بذلك يستطيعون أن يكتسبوا دورة برلمانية جديدة بالأساليب المعروفة في الانتخابات، وهم يعلمون مدى تغلغل فكرة الإخوان في نفوس الشعب ومختلف طبقاته وبخاصة في القرى والريف

فكان طبيعيًا أن يحسبوا حساب منافستهم في هذا الميدان، وأن يحاولوا بمثل هذه الضربة أن يباعدوا بينهم وبين بعض الجمهور، ويشوهوا جهادهم هذا التشويه على ملأ الناس، وهكذا تلعب الروح الحزبية دورها في مثل هذا الشأن الخطير النتائج العميق الآثار.

الأصابع الخفية

ولا ننسى في هذا المضمار عمل الأصابع الخفية والدسائس من ذوي الغايات الذين خاصموا هذه الدعوة من أول يوم وتربصوا بها الدوائر حتى وصلوا في النهاية إلى ما يريدون، فاليهودية العالمية والشيوعية الدولية والدول الاستعمارية وأنصار الإلحاد والإباحية

كل هؤلاء من أول يوم يرون في الإخوان ودعوتهم السد المنيع الذي يحول بينهم بين ما يريدون من تحلل وفوضى وإفساد ولا يألون جهدًا في معاداتهم بكل ما يستطيعون، وهم لا يستطيعوا كتمان شعورهم هذا، ولا إخفاء سرورهم وفرحهم لنجاح خطتهم حين أعلن قرار الحل فأقاموا المآدب والولائم وتبادلوا التهاني وجعلوه يومًا من أيام المواسم والأعياد.

ولقد أثبتت الحوادث حقيقة ما ذكره الإمام البنا من أسباب حيث أتضح جليا دور أمريكا وبريطانيا وفرنسا في الضغط على النقراشي في إصدار قرار الحل، وهو ما جعل القضاء المصري يلغي قرار الحل ويأمر بإعادة جميع ممتلكاتها المصادرة إليها، بل وتهديد وزير داخلية الوفد حينما رفض التنفيذ أو حاول الالتفاف على الحكم أو تحويل المركز العام إلى قسم شرطة.

ماذا قدم الإخوان لوادي النيل وبلاد العروبة ووطن الإسلام

ثم بيّن الإمام البنا آثار جهاد الإخوان المسلمين خلال عشرين عامًا حتى يوضح ويقرب للرأي العام مبلغ الخسارة الفادحة التي أصابت الوطن والإسلام بتعطيل نشاط الإخوان المسلمين ولو إلى حين.

ومن هذه الآثار:

  1. قدم الإخوان المسلمون للناس فكرة جديدة هي شمولية الإسلام وأحيّوا ذلك في النفوس بعد أن كاد يصبح في زوايا النسيان والإهمال.
  2. تكوين جيل جديد يعيش بفكرة ويعمل لغاية ويكافح في سبيل عقيدته ويعطي ولا يأخذ ويؤمن بالله واليوم الآخر ويتمسك بالفضيلة ومكارم الأخلاق ... ويتميز في المجتمع بذوق خاص وحكم خاص وفلسفة عالية يطبقها الصغير ويوضحها الكبير ويشترك في الشعور بها أبناء الفكرة على السواء وإن اختلف أسلوب التعبير.
  3. إنشاء المنشآت العلمية والدينية وإحداث حركة ثقافية أصبحت مثار الإعجاب والتقدير.
  4. إمداد المجتمع بغذاء ثقافي بما نشرته من صحف وجرائد ومجلات وكتب...
  5. إنشاء المؤسسات الطبية والأندية الرياضية وجماعات البر والإحسان والخدمات الاجتماعية.
  6. الدعوة إلى إنشاء وحدة جامعة للعناصر الحية العاملة المخلصة في كل بلاد العروبة والإسلام وتمثلها ذلك، حيث كانت الجماعة حلقة الاتصال بين الهيئات والجماعات الإسلامية كافة. كما ساهمت الجماعة في كل الحركات التحررية للبلاد العربية والإسلامية (1)

حل 1954م

تمكن عبد المنعم عبد الرؤوف من تجنيد جمال عبد الناصر وضمه "للجمعية السرية لضباط الجيش" عام 1944 ، وظل عبد الرءوف طيلة المدة من 1944 وحتى 15 مايو 1948 هو المسؤول عن التنظيم السري داخل الجيش ،متعاونا مع الفريق عزيز المصري والشيخ حسن البنا والصاغ محمود لبيب ،وهناك بعض المصادر التي تشير إلى أن ارتباط عبد الناصر بالإخوان كانت عن طريق الشيخ الباقوريٍ.

في هذه الفترة أعجب بعض ضباط الجيش بما كانت تتميز به جماعة الإخوان من الإنضباط والروح المحاربة ،وقد استجاب الإخوان وألحقوا الضباط الذين تجاوبوا معهم بالنظام الخاص، وتم اتصالهم بعبد الرحمن السندي في سرية.

ولما كثر عدد المنتسبين من الضباط في النظام الخاص وضاقت قدرات عبد الرحمن السندي وثقافته عن تلبية نوازعهم الفكرية وأشواقهم إلى العمل الجدي، أفرد لهم حسن البنا قسما خاصا يرأسه الصاغ محمود لبيب وكيل الإخوان وقتئذ. ساهمت الجماعة بقوة في الحراك الشعبي والعسكري الذي أدى لجلاء الاستعمار الإنجليزي وقيام ثورة يوليو 1952 التي كان الإخوان داعما أساسيا لها.

‪لكن هذا الوفاق لم يدم طويلا بين الإخوان ومجلس قيادة الثورة الذي سرعان ما حل الجماعة مطلع عام 1954، وهو القرار الذي ألغي بعد أشهر عمليا في مارس 1954م، وإن ظل قائما على الصعيد النظري رغم عودة الجماعة والإفراج عن مرشدها وقادتها.‬

لقد استند العسكر على كون جماعة الإخوان المسلمين حزبا سياسيا – وهي لم تكن يوما ما كذلك- ولذا عادت الجماعة بعد أحداث مارس . لكن كانت النية مبيتة للانقضاض على الجماعة في أسرع وقت حتى لا يقف أحد أمام ما يقرره عبد الناصر.

فما إن وقعت أحداث أكتوبر 1954م سارع عبد الناصر بإصدار قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين، بل وحصن مثل هذه القرارات من الطعن القضائي عليها في دستور عام 1956م وهو الدستور الذي انقلب عليه عبد الناصر وعطله بعد ذلك.

ظلت الجماعة – رغم عملها وانتشارها على أرض الواقع – محظورة لدى النظام العسكري الحاكم المتعاقب، وهو ما كان يتناقض مع وجودها الشرعي الشعبي والمؤسسي مما دل على أن الأنظمة الحاكمة في بلادنا هي من تصدر القرارات دون الاستناد لدليل حقيقي.

المراجع

(1) رسالة قضيتنا: مجموعة رسائل الإمام حسن البنا، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، 2006، صـ 472 – 474.