حقيقة يهودية حسن البنا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حقيقة يهودية حسن البنا


  • بقلم :عبده مصطفى دسوقي

مقدمة

"إن الرجل الصالح يترك أثرًا في كل مكان ينزل فيه، ونحن نأمل أن يترك صديقنا أثرًا صالحًا في هذا البلد الجديد عليه"، بهذه الكلمات نطق بها الأستاذ محمد الشرنوبي يوم أن هم الأستاذ حسن البنا للسفر للإسماعيلية لاستلام عمله هناك كمعلم يوم الاثنين الموافق 16 من سبتمبر 1927م، وبالفعل وضع حسن البنا هذه الكلمات نصب عينيه فانطلق يشرح للناس حقيقة إسلامية فيجلى الغشاوة عنهم وقدم الإسلام بصورة عجز عنها كبار رجال الأزهر الرسميين الذين امتهنوا العلم ولم يدركوا حقيقته، فانفتح له قلوب غلف واتبعه شباب نضر، وزلزل أركان المستعمر بل وقف في وجه المحتل الصهيوني والذي استغاث من ضربات شباب الإخوان في حرب 1948م، وليس أدل على ذلك من مقال كتبته فتاة صهيونية تدعى «روث كاريف» ونشرته لها جريدة« الصنداى ميرور» في مطلع عام 1948م، 1367هـ ونقلته جريدة« المصري» لقرائها في حينه، حيث قالت: إن اليهود في فلسطين الآن هم أعنف خصوم الإخوان المسلمين، ولذلك كان اليهود الهدف الأساسي لعدوان الإخوان (1).

وكتب حاييم هاتزوج –رئيس دولة إسرائيل- في صحيفة جيروزاليم بوست في 25 أيلول/ سبتمبر 1978م، 22 شوال 1398هـ مقالا جاء فيه: إن ظهور حركة اليقظة الإسلامية بهذه الصورة المفاجئة المذهلة، قد أظهرت بوضوح أن جميع البعثات الدبلوماسية –وقبل هؤلاء جميعا- وكالة الاستخبارات الأمريكية كانت تغط في سبات عميق (2).

وفي خطاب لموشى ديان أمام وفد من الأمريكيين اليهود عام 1979م طالب فيه أمريكا والغرب بالوقوف ضد الصحوة الإسلامية التي بدأت تزحف في الدول المحيطة بإسرائيل وخاصة مصر (3).

وفي 12 شباط/ فبراير 1979م – 15 ربيع أول 1399هـ وجه مناحم بيجين نداء إلى العالم بمعاونة إسرائيل وتقديم الدعم لها لمواجهة العاصفة الإسلامية والحركات الإسلامية، التي لن تزيل إسرائيل فحسب بل ستزيل العالم الديمقراطي كله (4).

كما جاء في صحيفة يهودية أوربية مقالا بعنوان (الجهاد في سبيل الله) قولها: على خبراء الإستراتيجية في الحضارة الغربية والمعسكر الشيوعي أن ينتبهوا للأخطار التي تمثلها الحركات الإسلامية كجماعة الإخوان المسلمين المنتشرة في البلدان العربية والإسلامية، والتي تهدف إلى إحياء الجهاد في سبيل الله من جديد (5). هكذا نطق الصهاينة بحقيقة الأمر، وكانوا يمهدون الطريق لعملائهم من عبيد الدنانير والذهب لأن يخرجوا ويصرخوا أن حسن البنا من أصل يهودي مغربي.

حسن البنا يهودي!!

بعدما جرى الانقلاب العسكري في مصر في عام 2013م وأعلنت بعض الدول العربية الخصومة الشديدة لجماعة الإخوان المسلمين حتى أنها صنفتها –رغم مرور تسعين عاما- بأنها جماعة إرهابية وتركت لكتابها العلمانيين واليساريين وأذناب الصهاينة ينفثون سمومهم –دون دليل- لا لشيء إلا للنيل من هذه الجماعة وتشوية تاريخها وصرف الناس عنها.

حتى وجدنا مثلا أستاذة يتلقفون مثل هذه الأكاذيب ويروجونها –سواء عن قناعة أو مجاراة السلطة- فنجد مثلا الدكتور عبد الرحيم فارس أبو علبة، يقوم بتلقف أراجيف عباس العقاد بيهودية حسن البنا ويبنى عليها أبو علبة حقيقة من وحي خياله، بل يسير في مذكرات البنا على خطى ولا تقربوا الصلاة، فيؤول الكلام وفق مزاجه وهواه، ويؤلف كتاب بعنوان (ماسونية حسن البنا) وساق فيه الكثير من المعلومات المؤولة (6).

وفي موقع لكم بتاريخ 8 سبتمبر, 2015م، خرج علينا اللواء عادل عزب، مسئول ملف النشاط المتطرف في جهاز الأمن الوطني والمكلف بمتابعة جماعة "الإخوان" بأمن الدولة قبل ثورة 25 يناير 2011، في محاكمة الرئيس محمد مرسي، بتهمة التخابر مع دولة قطر، بقوله: والد حسن البنا مغربي يهودي جاء إلى مصر وعمل بإصلاح الساعات وهي مهنة مقصورة على أبناء اليهود في ذلك الوقت". وأضاف: "الإخوان جماعة ماسونية وظهر ذلك في إطلاق اسم البنا رغم عدم وجود أحد من العائلة يحمل هذا الاسم (7).

هذه الاتهامات كان أول من أطلقها هو عباس العقاد حينما كتب في صحيفة الأساس في يناير 1949م موضوع حول حسن البنا ويهودية عائلته، وانه يهودي ماسوني جاء لتخريب الإسلام (8).

وتلقف هذه المعلومة العديد من الصحف الموالية للنظام العسكري مثل الأهرام والجمهورية والفجر وغيرهم.كما تحدث بها ثروت الخرباوي، والذي أخذ يتنقل من مكان لمكان وموقع لموقع لنشر هذه الأكذوبة دون أن يسوق دليل واحد، غير تأويله للأحداث حسب هواه هو –وكأنه اطلع على ما في الصدور، أو كأنه حضر جزء من هذه الطقوس- ولم يتوقف على هذا الحد بل اتهم الشيخ جمال الدين الأفغاني والمستشار حسن الهضيبي وسيد قطب وغيرهم بأنهم ماسونيين،وكأن الخرباوي تحت يديه وثائق تؤكد ماسونية هؤلاء.

أراجيف الخرباوي تحدثت عن أن البنا جاء من المغرب هربا من الحرب العالمية الأولى –وفي موقع أخر ذكر أنه هرب من الحرب العالمية الثانية- وأنه يهودي من أب و أم يهوديان وهو ليس مصريا. وتلقفته الجماعات اليهودية في مصر و قامت بتوفير المأوى و العمل، وألتحق والده بالعمل فى هيئه السكة الحديد المصرية في مهنه أصلاح ساعات الهيئة وهى المهنة التي كان يحتكرها اليهود في مصر.

حسن البنا ... أسمه المزور الذي دخل به مصر حسن أحمد عبد الرحمن و قد أضاف له والده كلمه البنا بأمر من الماسون المصريون اليهود...حتى يكون تنظيم الماسون له فرع عربي .. لان كلمه بنا بالعامية تقابلها كلمه mason بالانجليزية (9).

وأكثر من ذلك نجد حسام سويلم يكتب دراسة يتهم فيها البنا أنه يهودي وماسوني وبني معلوماته على أن البنا هو من طلب التعيين في الإسماعيلية، وانه حصل من شركة قناة السويس "الإنجليزية – الفرنسية على مساعدة مالية قدرها 500 جنيه لبنا جماعته ومسجدها (10).

بل وصل الحال بالمحامى فرج زكى غانم بتسجيل دعوى في محكمة القاهرة للأمور المستعجلة تحمل رقم 2642 طالب فيها بحل جماعة الإخوان ومنعهم من ممارسة العمل السياسي أو ممارسة طقوسهم الدينية في مصر، وكشف أن مقدمة كتاب البنا الذي يحمل عنوان «مذكرات الدعوة والداعية»، كتب مقدمته الداعية الهندي أبوالحسن الحسينى (ليس الحسيني ولكن الندوي مما يدل على جهل المحامي) الذي تأثر البنا بفكره وادعى في جلساته الخاصة انه مؤمن بفكره الأحمدي، هذا الداعية هو في الحقيقة زنديق وملحد، كما اتهم البنا بأنه حرف الآيات القرآنية مستنداً في ذلك على ما كتبه البنا في صفحة 39 من مذكرات الدعوة والداعية قائلاً: «وان الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير» وهذا تحريف للآية 56 من سورة الأحزاب التي تقول «إن الله وملائكته يصلون على النبي»(ولم يدر هذا المحامي الجاهل أن هذا حديث وليس آيه ونصه: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ والأرضيين حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ) رواه الترمذي (2609) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1838)) (11).

بل أن مجلة الأزهر –بعدما ترك د/ محمد عمارة رئاسة تحريرها- أعادت في عدد شوال 1436هـ ، 2015م نشر مقال العقاد في صورة لا يعرف مغزاها.

بل أن الناشطة الكويتية صفاء الهاشم –النائبة في مجلس الأمة الكويتي والمشهورة بانتقادها لجماعة الإخوان المسلمين التي وصفتهم ب(السم الذي استشرى في جسد الوطن العربي وبرعاية أمريكية) وعن حسن البنا قالت: (حسن البنا مغربي مهاجر من أصل يهودي دخل الإسلام لكي يُنشئ “إخوان المسلمين” أي اليهود إخوانهم.. هذا هو مسماهم الحقيقي وأقرا التاريخ يا مرشد خفي …. بدل التخفي وراء ستار الدين.

ورد عليها أحمد المسلماني المذيع في قناة دريم 2 قائلا من بين ما قال: (ولم يحدث في أي كتاب أو مرجع أو إشارة ….حول الأصول اليهودية للأستاذ حسن البنا ولو أن هذا الكلام (يقصد كلام صفاء هاشم) لم ينتشر في مواقع عديدة …لما تعرضنا له لأنه لا يستحق الرد لأنه خارج نطاق المنطق والعقل(12).

كانت هذه هي الخزعبلات التي روجها الانقلاب ومن خلفه أذنابه ومعتنقي العلمانية والشيوعية الكارهين لك من يعمل للدين الإسلامي ولمظاهر الحياة الإسلامية، والذين ما اتعبوا أنفسهم قليلا لتحري الحق الذي يكرهونه...ولنا أن نرد على هؤلاء بالأدلة والوثائق.

حسن البنا مسلم مصري

بعدما ذكرنا آنفا أكاذيب المرجفين حول يهودية البنا دون الوقوف على دليل واحد سوى مقال عباس العقاد (وكأنه قرآن منزل لا يأتيه الباطل ولا الكذب) نسوق حقائق شخصية هذا العالم الجليل الذي أيقظ الأمة.

اسمه حسن أحمد عبد الرحمن البنا حيث ولد في صبيحة الأحد 14 أكتوبر 1906م الموافق 25شعبان 1324ه، بالمحمودية في محافظة البحيرة بمصر (13).

وهو الابن الأكبر للشيخ أحمد عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي، وذلك نظرًا لعمله في إصلاح الساعات، وهو مصري من قرية شمشيرة التابعة لمركز فوة (محافظة كفر الشيخ حاليا والمواجهة للمحمودية من الناحية الثانية للنيل، والذي ولد في سنة 1300ه الموافق 1882م، حفظ القرآن الكريم في صغره، وتعلم في جامع إبراهيم باشا بالإسكندرية، وتعلم حرفة إصلاح الساعات وهو صغير، كانت له اتصالات كثيرة بعلماء الأزهر في عصره أمثال: الشيخ عمر خليفة المالكي والذي اشتهر بمالك الصغير، والشيخ أحمد طولون وغيرهم (14).

وأمه هي أم السعد إبراهيم صقر من عائلة " أبو قورة من قرية شمشيرة –نفس قرية والده- وكان والدها يعمل تاجرً للمواشي، وبحكم الوضع الموجود -آنذاك- في ريف مصر لم تنل حظها من التعليم، لكنها اتصفت بالذكاء وحسن التدبير والفطنة (15).

تزوجت من الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا في 190425/4/م، وانتقلت معه إلى قرية المحمودية بمحافظة البحيرة وافتتح محلاً لتصليح الساعات لضيق ذات اليد في قريته (16).

وثيقة ميلاد الإمام حسن البنا

غير أن الوثيقة التي تحت أيدينا تؤكد أن شهادة الميلاد الخاصة بالإمام البنا بها أنه ولد يوم 17 أكتوبر وليس يوم 14 وأنه مسجَّل في قرية العطف بمديرية البحيرة آنذاك عام 1906م في وثيقة رقم 86. وتوضح الوثيقة أن رقم الإمام البنا 320، وأن تاريخ ميلاده هو السابع عشر من أكتوبر، وقد سجِّل في الوثيقة اسم والده أحمد عبد الرحمن البنا، وجنسية المولود المصرية، وديانته المسلمة، وجهة سكنه، ونمرة تطعيم البنا التي تحمل رقم 15 (17).

وهذا يناقض ما ذكره العقاد وانساق وراءه المغرضون بأن البنا ولد في المغرب وأنه هاجر لمصر أثناء الحرب العالمية الأولى، أو أن والده هو من ولد بالمغرب وهاجر وذلك لأن والده رتب الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا مسند الإمامين أحمد والشافعي -رحمهما الله- على أبواب الفقه المعروفة وسمى الكتاب الأول: "بدائع المسند في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن"، والثاني: "الفتح الرباني" وسمى شرحه: "بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني".

كما له كتاب "جامع أسانيد الإمام أبي حنيفة"، وآخر بعنوان: "إتحاف أهل السنة البررة بزبدة أحاديث الأصول العشرة" (18).

ووفق سيرة نقديه عنه أكد المؤرخ والسياسي اليساري الدكتور رفعت السعيد في كتابه "حسن البنا.. متى وكيف ولماذا ؟" أن والد مؤسس "الإخوان المسلمين" كان يعمل مأذون وإمام مسجد القرية، ومارس مهنة إصلاح الساعات ولذا لقب بالساعاتي . كما كان واحدا من طلاب الأزهر.

وحينما سأل عن يهودية حسن البنا قال:

"هذا كلام حكاوي.. ولا صلة له بالتاريخ، ويؤكد السعيد: "مسألة إن والده أو أسرته يهودية مغربية أمر مستبعد تماما، والمراهنة على قرينه لقب الأب ليس إلا جراء المهنة (الساعاتي) لا ينهض دليلا علميا بأي حال (19).

يقول الدكتور محمد هشام مدير تحرير موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية للراحل المفكر عبد الوهاب المسيري: الأمر يعكس سيادة عقلية المؤامرة . والغاية هي تشويه الخصوم بأي وسيلة وثمن .وفي كل الأحوال فان كل هذا يعني غياب القدرة على التفسير العلمي للمشكلات. وببساطة يلجأ أصحاب هذه المزاعم إلى استسهال كيل الاتهامات جزافا، فهناك أمور بالطبع أهم من حديث مرسل عن أصوله وعقيدته أو مولده (20).

قالوا عن البنا

الكتاب الغربيين واليهود

كتب الكاتب العالمي روبير جاكسون عن الإمام حسن البنا قائلا :

في فبراير سنة 1946 ، كنت في زيارة للقاهرة .. وقد رأيت أن أقابل الرجل الذي يتبعه نصف مليون شخص ، وكتب في النيويورك بوست بالنص :

زرت هذا الأسبوع رجلا قد يصبح من أبرز الرجال في التاريخ المعاصر ، وقد يختفي اسمه إذا كانت الحوادث أكبر منه ذلك هو الشيخ حسن البنا زعيم الإخوان ) .

هذا ما كتبته منذ خمس سنوات ، وقد صدقتني الأحداث فيما ذهبت إليه ، فقد ذهب الرجل مبكراً .. وكان أمل الشرق في صراعه مع المستعمر ، وأنا أفهم يطمح إلي مصلح يضم صفوفه ويرد له كيانه ، غير أنه في اليوم الذي بات فيه مثل هذا الأمل قاب قوسين أو أدني انتهت حياة الرجل علي وضع غير مألوف .. وبطريقة شاذة ..

هكذا الشرق لا يستطيع أن يحتفظ طويلا بالكنز الذي يقع في يده . لقد لفت هذا الرجل نظري بصورته الفذة عندما كنت أزور القاهرة بعد أن التقيت بطائفة من الزعماء المصريين ورؤساء الأحزاب . خلاب المظهر . دقيق العبارة . بالرغم من أنه لا يعرف لغة أجنبية .

لقد حاول أتباعه الذين كانوا يترجمون بيني وبينه أن يصوروا لي أهداف هذه الدعوة وأفاضوا في الحديث علي صورة لم تقنعني ، وظل الرجل صامتا . حتى إذا بدت له الحيرة في وجهي قال لهم قولوا له : هل قرأت عن محمد ؟ قلت : نعم . قال : هل عرفت ما دعا إليه وصنعه ؟ قلت : نعم . قال هذا هو ما نريده . وكان في هذه الكلمات القليلة ما أغناني عن الكثير . لفت نظري إلي هذا الرجل سمته البسيط ، ومظهر العادي وثقته التي لا حد لها بنفسه ، وإيمانه العجيب بفكرته . كنت أتوقع أن يجيء اليوم الذي يسيطر فيه هذا الرجل علي الزعامة الشعبية لا في مصر وحدها ، بل في الشرق كله (21).

وتقول "إيفيزا لوين" (الباحثة الألمانية):

"كانت لديه القدرة على تبسيط الأفكار المعقدة، وتقديمها إلى الجماهير بشكل مبسط، ولم يكن يدعو إلى قداسة معينة أو كهانة باسم الإسلام، وإنما كان يدعو إلى فهم الإسلام ببساطة دون وِصاية من المؤسسات الدينية.

وتضيف: إن من أبرز سمات شخصيته- رحمه الله- أنه كان قادرًا على تجاوز الاختلافات الكثيرة، التي كانت واضحة بين الاتجاهات والتنظيمات الإسلامية في ذلك الوقت".

وتضيف: "قام الشيخ "حسن البنا" بتعليم بناته على خلاف ما كان سائدًا في هذا العصر من عدم تعليم البنات؛ مما يؤكد أنه كان لديه نظرة متقدمة للنهوض بالمجتمع عن طريق الاهتمام بتعليم المرأة، وتضيف: لذلك أرى أن الشيخ "حسن البنا" كان لديه إستراتيجية إصلاحية شاملة، رغم ما يذكره البعض من اتهامات، فمنهج الشيخ "البنا" كان يشمل إصلاح الفرد، وتطهير النفس، ثم إصلاح الأسرة، وبعد ذلك المجتمع؛ مما يجعله مشروعًا إصلاحيًا بعيدًا عن النهج الثوري أو الانقلابي أو التغيير الفوقي، وكان "حسن البنا" يتحدث عن النهضة والرقيّ والتقدّم، وكان يسعى إلى تحديث المجتمع الإسلامي، والأدبيَّات التي خلَّفها "حسن البنا" تؤكد أن مشروعه الإصلاحي كان كاملاً.

وتضيف: من خلال دراستي لتاريخ الحركة ومعاصرتي لأحداث العنف التي جرت في أواخر القرن العشرون أؤكد أن اتهام الإخوان بالعنف والإرهاب لا وجود له في أدبيات الإخوان المسلمين، وخاصةً كتابات الشيخ "حسن البنا (22).

ويقول جيمس هيوارث دين في كتابه: (التيارات الدينية والسياسية في مصر):-

"كان حسن البنا يتخيَّر طلبة العلوم الدينية الذين درسوا دراسةً جادَّةً القرآنَ الكريمَ واللغةَ العربيةَ والخَطابةَ وأصولَ الفقه، والذين لم تدنس عقولَهم المفاهيمَ الغربية وطريقةَ الغرب في التفكير، وكان معظم هؤلاء من صغار السنِّ الذين يمتلئون حماسة القيام بأي أعمال خارقة تتطلب التضحية والجرأة، وكان ميدان عملهم المساجد؛ حيث يواظبون على الصلاة فيها في كل الأوقات وخاصةً يوم الجمعة، فإذا فرغ الناس من الصلاة توزَّع هؤلاء الدعاة الشباب بينهم؛ ليعقدوا لهم حلقاتٍ متفرقةً يحدثونهم عن الإسلام ثم عن دعوة الإخوان المسلمين وأهدافها الدينية والسياسية، وأحيانًا يتحدثون لهم عن قضية سياسية تشغل الناس أو عن بعض الرذائل التي تنتشر بين الناس، كالمخدرات والخمور والدعارة، ويحثُّونهم على التصدي لهذه الرذائل من خلال الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين (23).

وتقول الدكتورة كاري ردزنيسكي -الباحثة في جامعة هارفارد الأمريكية- في بحث بعنوان "حركة الشبيبة الإسلامية والصناعة الأدبية الحالية في مصر":-

"استطاع حسن البنا أن ينتشل الآلاف من شباب مصر من المقاهي ومواخير المخدرات والمسكرات, ليصنع منهم دعاة للإسلام, ويحولهم من حالة الضياع إلى قوة شبابية تخوض غمار السياسة مزاحِمةً أقوى الأحزاب العريقة في مصر، نشروا الدعوة الإسلامية في أكثر من 85 دولة من دول العالم".

ويقول الدكتور ديفيد كومونز الأستاذ في جامعة ويكنسون الأمريكية في بحث بعنوان (الإخوان المسلمون في التراث الشعبي المصري ):-

" إن الإمام البنا أعطى للشباب المصري الذي كان غارقًا في الإدمان على المخدرات والخمور معنى جديدًا للحياة من خلال العلم الذي كانوا ينهلونه من خلال اجتماعات الجماعة ومن خلال قراءتهم لرسائل الإمام البنا، كما أنه استطاع أن يُعيد اندماج هذا الشباب الخامل الكسول في المجتمع المصري ليكون شعلةَ نشاط في العمل الإسلامي (24).

وتحت عنوان (اعرف عدوك)

نشرت مجلة حائط يصدرها الطلاب اليهود في الجامعة العبرية تعليقًا تحت صورة الإمام حسن البنا: "إن صاحب الصورة كان أشدَّ أعداء إسرائيل؛ لدرجة أنه أرسل أتباعه عام 1948م من مصر ومن بعض البلاد العربية لمحاربتنا، وكان دخولهم مزعجًا لإسرائيل لدرجة مخيفة (25).

ولنا وقفه مع ما ذكره "الماجور سانسوم" ضابط الأمن بالسفارة البريطانية في مذكراته "إن كل الإجراءات التي اتخذت لمنع المظاهرات بعد الاغتيال وفي الجنازة تم تخطيطها قبل عدة أسابيع".

وفي مقابلة بين "تشابمان آند روز" الوزير البريطاني المفوض وكريم ثابت المستشار الصحفي لفاروق ويدور الحديث حول الوزارة الجديدة بعد مقتل النقراشي ويرى آند روز أن الوزارة لابد أن يشارك فيها الوفد ويقرر أن بريطانيا قد بذلت مساع كبيرة لإشراك الوفد في الوزارة وذلك حتى تتم الوزارة مهمتها بنجاح وقد لخص آند روز مهمة الوزارة حيث قال: "المهمة الرئيسية للحكومة الحالية هي تحطيم الإخوان (26).

وتحدث آمنون كوهين في كتابه عن دور الإخوان في الصراع العربي والإسرائيلي وأنهم من أججوا الحقد ضد اليهود (27). وكتب الكولونيل اليهودي ناتنيال لورشي يقول:كان محاربوا الإخوان المسلمين يمتازون بروح قتالية " متعصبة " وكانوا على استعداد واضح للتضحية بالحياة (28).

ويقول اليهودي إيل بيرغر:إن المبدأ الذي قام عليه وجود إسرائيل منذ البداية هو أن العرب لابد وأن يبادروا ذات يوم إلى التعاون معنا ولكن هذا لن يتحقق إلا بعد القضاء على جميع العناصر التي تغذي شعور العداء ضد إسرائيل في العالم العربي وفي مقدمة هذه العناصر رجال الدين المتعصبين من إتباع الإخوان المسلمين (29).

وقال الدكتور ميشيل هدرسون الخبير في الشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط: اعتقد أن الفئات الإسلامية المتطرفة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ستشكل خطرا حقيقيا على إسرائيل (30).

ويقول غوردن كريمر: أن أول شعارات ضد الصهيونية عرفتها جدران المدن المصرية كانت من صنع الإخوان المسلمين الذين ملئوا جدران مدينة بورسعيد بالشعارات المناهضة للصهيونية والمتعاطفة مع الشعب الفلسطيني خلال زيارة رئيس جمعية الشبان المسلمين في فلسطين إلى بورسعيد في شهر أيلول من عام 1936م (31).

ويقول مايلز كوبلاند: أن هاجس قيام ثورة شعبية في مصر يقودها الإخوان المسلمون دفع بوزارة الخارجية الأمريكية إلى تبني فكرة قيام انقلاب عسكري يفوت الفرصة على الإخوان المسلمين لتزعم ثورة شعبية تدفع بهم إلى زعامة مصر وأن وزارة الخارجية الأمريكية شكلت في نهاية عام 1951م لجنة خبراء سرية لدراسة العالم العربي مع التركيز بشكل خاص على " الحالة المصرية " برئاسة أحد كبار مخططي المخابرات الأمريكية في وزارة الخارجية الأمريكية المستر " كيرميت روزفلت.

وأن الحكومة الأمريكية أرسلت إلى مصر أحد كبار المتخصصين في ما يسمي بالدعاية السوداء (أى التشهير بالخصوم) واسمه "بول لايبرجر" لتدريب الإعلاميين المصريين على أساليب الدعاية التشهيرية ضد جماعة الإخوان المسلمين (32).

ويقول الباحث البريطاني ديفيد برايز جونز: أن حسن البنا الأب الروحي لكل الحركات الإسلامية في العالم وبأنه المغذي الأكبر لمشاعر الكراهية ضد اليهود والغربيين (33).

الزعماء والعلماء

ويقول علي ماهر باشا –رئيس وزراء مصر سابقا: عادت بى الذاكرة إلى عام 1935م، حين زارنى الفقيد الكريم مع بعض أصدقائه بمناسبة انتقاله بجماعته من الإسماعيلية إلى القاهرة، متحدثًا فى بعض الشئون العامة، وكان حديثه يشرح صدرى وأسلوبه يشهد بموفور الثقافة الإسلامية والبصر بشئون الأمم العربية، وبراعة المنطق وقوة الحجة، وكان إلى ذلك شديد الإيمان بأنه يؤدى رسالة إنسانية سامية، دعائمها الإخاء والمحبة والسلام بين سكان البلاد جميعًا (34)

ويقول مكرم عبيد –رئيس الكتلة الوفدية والوزير الوفدي القبطي: ومن ذا الذى يقول بهذا هو مكرم عبيد صديقه المسيحى الذى عرف فى أخيه المسلم الكريم الصدق والصداقة معًا، ولئن ذكرت فكيف لا أذكر كم تزاورنا وتآزرنا إبان حياته، ولئن شهدت فكيف لا أشهد بفضله بعد مماته، وما هى - وأيم الحق - إلا شهادة صدق أُشْهد عليها ربى؛ إذ ينطق بها لسانى من وحى قلبى (35).

ويقول الفريق عزيز المصري: وحينما كنت بسجن الأجانب إبان استشهاده جاءنى أحد الضباط وعلى وجهه علامات الأسى مخالفًا الأوامر ومبلغًا إياى ذلك النبأ المفجع، فأحسست بخنجر أصابنى فى صدرى لفقد ذلك الرجل العظيم.

رحمه الله رحمة واسعة وألهم خلفاءه والإخوان حسن السير على منواله، وإتمام الرسالة التى بدأها (36).

وقال جمال عبد الناصر في ذكرى الأستاذ البنا في فبراير 1954م: نعم أذكر فى هذا الوقت، وفى هذا المكان كيف كان حسن البنا يلتقى مع الجميع ليعمل الجميع فى سبيل المبادئ العالية، والأهداف السامية، لا فى سبيل الأشخاص ولا الأفراد ولا الدنيا، ثم قال فى نهاية كلمته: وأشهد الله أنى أعمل - إن كنت أعمل - لتنفيذ هذه المبادئ، وأفنى فيها وأجاهد فى سبيلها (37).

وقال الشيخ محمد مصطفى المراغي –شيخ الجامع الأزهر: إن الأستاذ البنا، رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذى يعيش فيه، ويعرف مواضع الداء فى جسم الأمة الإسلامية، ويفقه أسرار الإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالا وثيقًا على اختلاف طبقاتهم، وشغل نفسه بالإصلاح الدينى والاجتماعى، على الطريقة التى كان يرضاها سلف هذه الأمة (38).

وقال الشيخ حسنين مخلوف- رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف- : الشيخ حسن البنا - أنزله الله منازل الأبرار - من أعظم الشخصيات الإسلامية فى هذا العصر، بل هو الزعيم الإسلامى الذى جاهد فى الله حق الجهاد، واتخذ لدعوة الحق منهاجًا صالحًا وسبيلا واضحًا استمده من القرآن والسنة النبوية ومن روح التشريع الإسلامى، وقام بتنفيذه بحكمة وسداد وصبر وعزم، حتى انتشرت الدعوة الإسلامية فى آفاق مصر وغيرها من بلاد الإسلام واستظل برايتها خلق كثير (39).

وقال الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابى –الزعيم المغربي- حينما نذكر الشهيد المرشد الأستاذ حسن البنا نذكر أمجاد الإسلام ورجاله الأبرار الذين كرسوا حياتهم لخدمته والذود عن حياضه (40).

ويقول ناداف سافران: سارعت حكومة النقراشي باشا بأوامر مباشرة من السفارة البريطانية لحل جماعة الإخوان المسلمين واتهامها بالتآمر ضد النظام واعتقال الآلاف من أعضائها ثم الإقدام على اغتيال مؤسس الحركة الإمام الشهيد حسن البنا بأوامر مباشرة من الملك فاروق ويقول سافران أنه لو لم تفعل الحكومة كل ذلك لنجح الإخوان في الاستيلاء على السلطة (41).

الهامش

(1) زياد محمود علي، عداء اليهود للحركة الإسلامية، دار الفرقان، عمان، ١٩٨٢م، صـ14- 16.

(2) أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي، العنصرية اليهودية وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها –رسالة دكتوراه- مكتبة العبيكان - الرياض, 1998م، صـ 292.

(3) زياد محمود علي، مرجع سابق، صـ 51- 52

(4) أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي، مرجع سابق، صـ 293

(5) جويش كرونيكل (البريطانية): كانون الثاني/ يناير 1979م- صفر 1399هـ

(6) عبد الرحيم فارس أبو علبة، ماسونية حسن البنا، مؤسسة حورس، الإسكندرية، 2015م. (موقع إرم نيوز)

(7) موقع لكم المغربي، موضوع بعنوان ضابط مخابرات مصري أمام المحكمة: والد حسن البنا مغربي يهودي، 8‏/9‏/2015

(8) عباس محمود العقاد، صحيفة الأساس، مقال بعنوان الفتنة الإسرائيلية، 2/ 1/ 1949م

(9) ثروت الخرباوي، حوار على قناة صدى البلد، 26‏/7‏/2017م

(10) حسام سويلم يكتب:العلاقة السرية بين الإخوان والماسونية، الوفد، الأربعاء, 19 يوليو 2017م.

(11) صلاح أحمد نويرة: روزاليوسف، مقال بعنوان حسن البنا يهودي مغربي زرعته الماسونية لتأسيس الجماعة، 1 أغسطس 2013م.

(12) التهامي صفاح، هل حسن البنا ماسوني، الحوار المتمدن، 13/ 10/ 2014م

(13) جمال البنا: خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه، ص21

(14) عبده مصطفى دسوقي، عمالقة في زمن النسيان، منارات للنشر والترجمة، 2009م.

(15) محمد السيد الوكيل: كبرى الحركات الإسلامية، ص13،14.

(16) جمال البنا: "خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه" ص22.

(17) وثيقة عبارة عن صفحة من دفتر أحوال المواليد لعام 1906م قرية العطف –محمودية- البحيرة

(18) أحمد ربيع: الفكر التربوي وتطبيقاته لدى الإخوان، مكتبة وهبة للطباعة والنشر، 1984، صـ59.

(19) موقع لكم المغربي، موضوع بعنوان ضابط مخابرات مصري أمام المحكمة: والد حسن البنا مغربي يهودي، 8‏/9‏/2015

(20) المرجع السابق.

(21) روبير جاكسون: حسن البنا الرجل القرآني، ترجمة أنور الجندي، المختار الإسلامي، جريدة " النيويورك بوست " في 13 فبراير سنة 1946م.

(22) إيفيزا لوين، رسالة دكتوراه عن حسن البنا والإخوان

(23) جيمس هيوارث دين: الاتجاهات الدينية والسياسية في مصر الحديثة، مؤسسة مكجريجون للنشر في واشنطن، وترجمة أحمد الشنبري، بيروت: «دار جداول للنشر»، 2013م.

(24) زياد أبو غنيمة: الإخوان المسلمون في كتابات الغربيين، الطبعة الأولى، 1415هـ ، 1995م - ص 12.

(25) مجلة يصدرها الطلاب اليهود في الجامعة العبرية في عددها الصادر في شهر يونيو سنة 1970م.

(26) محسن محمد: من قتل حسن البنا، دار الشروق، القاهرة، ص454،455.

(27) آمنون كوهين: الأحزاب السياسية في الضفة الغربية لفلسطين إبان الحكم الأردني 1947-1967م، جامعة كورنيل، لندن، 1982م، صـ 144-209.

(28) ناتنيال لورشي: حد السيف، نشر باللغة العبرية في عام 1950م.

(29) إيل بيرغر: العهد والسيف، 1965م

(30) ميشيل هدرسون: الإسلاميون هم الخطر الأكبر على إسرائيل، مجلة (يو إس نيوز) في 16 /10/ 1964م

(31) جوردن كرامر: اليهود في مصر الحديثة 1914–1952م، 145

(32) مايلز كوبلاند: لعبة الأمم، ترجمة مروان خير، بيروت، 1970م

(33) ديفيد برايس جونز: التحدي الإسلامي للغرب،

(34) الدعوة – السنة الثالثة – العدد (104) - 25جمادى الأولى 1372هـ / 10فبراير 1953م.

(35) الدعوة – السنة الثانية – العدد (52) - 16جمادى الأولى 1371هـ / 12فبراير 1952م.

(36) الدعوة – السنة الثانية – العدد (52) – 16جمادى الأولى 1371هـ / 12فبراير 1952م.

(37) الدعوة – السنة الرابعة – العدد (157) – 12جمادى الآخرة 1373هـ / 16فبراير 1954م.

(38) مجلة المنار – الجزء الخامس – المجلد 35 – صـ2 – غرة جمادى الآخرة 1358هـ / 18يوليو 1939م.

(39) الدعوة – السنة الأولى – العدد (3) – 7جمادى الأولى 1370هـ / 13فبراير 1951م.

(40) الدعوة – السنة الثالثة – العدد (104) – 25جمادى الأولى 1372هـ / 10فبراير 1953م.

(41) ناداف سافران: مصر تبحث عن هويتها السياسية، دار جامعة اكسفورد للنشر، 1961م، وانظر :الإخوان المسلمون في كتابات الغربيين، زياد أبو غنيمة، المكتبة الوطنية، الطبعة الأولى، 1994 ،ص 10