حقيقة محاولة انقلاب مهدي عاكف على المرشد الثاني حسن الهضيبي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حقيقة محاولة انقلاب مهدي عاكف على المرشد الثاني حسن الهضيبي


رحل محمد مهدي عاكف بعد رحلة طويلة من العمل من أجل دينه ووطنه وأمته، ورحل بعدما ترك بصمات كثيرة من نفوس محبيه وخصومه، حتى صار أحد الشخصيات المؤثرة في التاريخ.

ومع رحيله وسكوت صوته انهالت عليه ألسنة المغرضين طعنا في تاريخه وفي شخصيه خاصة بعدما مات في سجون الطغيان بعدما تجاوز عمره الـ90 عاما، ولم يشفع له كبر سنه وأمراضه التي تكالبت عليه عند هؤلاء المجرمين الذين لم يرعوا في الوطن ولا الموطنين إلا ولا ذمة واندفعوا يخربون ويدمرون الوطنية تحت شعارات الوطنية الزائفة ولصق تهم الخيانة بخصومة.

مات محمد مهدي عاكف في 22 سبتمبر 2017م ومع موته بدأت أقلم المأجورين بالتشهير منه حتى بلغ بهم الفجر اتهامه بأنه حاول الانقلاب على المرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمين المستشار حسن الهضيبي في الحادثة المشهورة التي حدثت عام 1953م، وجاء في كتاباتهم ورد عن مصادر؟

وبالبحث عن المصادر لم نصل لدليل يؤكد لنا أن مهدي عاكف كان ضمن مجموعة الشباب التي حاولت إجبار المستشار الهضيبي على الاستقالة، حتى أنهم ذكروا أن الإخوان أحاطت هذا الأمر بسرية حتى لا ينال من مرشدهم السابع الأستاذ مهدي عاكف

وظنوا أن جماعة الإخوان تربيتها ومبادئها مثل الأحزاب العفنة التي نشأت في أحضان الانجليز أو الملكيةأو العسكرية من بعد، وتناسوا أن الإخوان رفعوا شعار الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا، وتناسوا أنه لن يصل لمثل هذا المكان رجل تلوث تاريخه أبدا أو حتى أيد أى نظام من أنظمة الظلم.

تاريخ مشرف

محمد مهدي عاكف الذي ولد في كفر عوض السنيطة - مركز أجا دقهلية، في 12 يوليو من عام 1928م من أسرة محافظة على الشعائر الإسلامية – والتي كان لها أثر كبير في رسم شخصية مهدي عاكف القوية - حيث وصفها بقوله: كان والدي محط احترام أهل القرية وإجلالهم.

تشكلت مقومات شخصية عاكف على يد والده الذي حرص على تعليم أولاده معنى الرجولة الحقه وفنون الحياة العزيز والقوة وفنون الحوار مع العاقل والإعراض عن السفيه والجاهل، وغض الطرف عن التفاهة والسفاهة .. والالتزام بما يرفع المقام والمكانة، فقد كان والده يعطيهم الفرصة للتعبير عن أراءهم بكل شجاعة دون الإخلال بالأدب في الحديث أو علو الصوت أو عدم احترام الكبير.

التحق بالتعليم في قريته قبل أن ينتقل مع أسرته إلى القاهرة ومع تغير مكانه تغيرت حياته حيث تعرف على الأستاذ حسن البنا والنظام الخاص الذي أصبح عضوا فيه عام 1941م، وكانت لشخصيته المميزة أثر في تبوئة مكانة عالية عند الإمام البنا ومن بعد المستشار الهضيبي، ثم صار قائد السجن وقت المحن، ثم كان محل ثقة جميع الإخوان سواء في مصر أو خارجها حتى بايعه الجميع حينما سمى اسمه كمرشد عام للإخوان.

دحض الافتراءات

من أسس تصديق المعلومات هو إيجاد دليل صادق وقوي يؤكد ما يقال، ولا تؤخذ الأمور بأن فلان قال أو صرح ما لم يكن الشخص صاحب الواقعة.

ومن سطر وتكلم عبر الشاشات عن اشتراك |مهدي عاكف فيما سموه بمحاولة الانقلاب على المرشد الثاني المستشار الهضيبي لم يقدم دليل واحد على اشتراكه، لكن النكاية والخصومة السياسية خاصة مع صورة وفاة هذا الشيخ الكبير في سجون البغاة.

بالفعل حينما اختير المستشار الهضيبي مرشدا عاما في 15 أكتوبر 1951م عمل على ابراز النظام الخاص في العلن، فلم تكن أسباب السرية ما زالت خاصة بعد نجاح ثورة 23 يوليو 1952م غير أن بعض قيادة النظام الخاص رفضوا هذا الأمور واصطدموا مع المرشد العام

ولذا حدث أزمة خاصة أن بعض قادة النظام الخاص مثل عبد الرحمن السندي استشعروا أنهم بحكم موقعهم في الجماعة أقدم من المرشد العام وأن جهاز النظام الخاص قراراته مستقله عن قيادة الجماعة وهو ما رفضه المرشد العام ورفضته الهيئة التأسيسية للإخوان ورفضهم جموع الإخوان، ولذا حدث الصدام والذي غزاه عبد الناصر في محاولة للانقلاب على المرشد العام الذي لم يكن يحب عبد الناصر ولا يحبه عبد الناصر.

بدأ الصدام - وحسب كلام محمود عبد الحليم الذي استدعي من الصعيد أن الموقف كان اخطر من أن يوصف - حيث أن إخوان النظام الخاص لا يوافقون علي أن يتولى منصب المرشد العام إلا من يرشحونه هم ، بحجة أنهم هم الذين تحملوا أشد المواقف ، وبذلوا أعظم التضحيات – وأخبرني الأخ عبد العزيز بأنهم قرروا ترشيح الأخ صالح عشماوي.

ومع تصاعد الأزمة كان لابد للهيئة التأسيسية من حسم الموقف – خاصة أن السندي ومجموعته احتلوا المركز العام ومنعوا من دخوله الإخوان – وتدخل كثير من قيادات الإخوان لحل هذه الأزمة إلا أن مجموعة السندي لم ترتض سبل الحل الذي رأتها الهيئة التأسيسية، فقد تواترت الأخبار عن السندي وتحركاته، فرأى المرشد العام أن ينقل السندى من النظام الخاص لقسم أخر، لكن الأخير رفض وأعلن معصية قرار المرشد العام، وبلغت ذروة الصدام بعد اغتيال الأستاذ سيد فايز الذي كان يقف مع مجموعة المرشد العام، وقيل حولها كثير من الأقوال.

ووفق ما ذكر محمود عبدالحليم فقد اجتمع مكتب الإرشاد في 22 نوفمبر 1953 وتداول في هذا الموضوع الخطير، وبحثه من جميع جوانبه، وانتهي إلي قرار إجماعي بفصل السندي رئيس النظام الخاص وثلاثة من معاونيه ، هم : أحمد عادل كمال ومحمود الصباغ وأحمد زكي.

كما اجتمعت الهيئة التأسيسية يوم الخميس 3 ربيع الثاني 1373هـ 10 ديسمبر 1953 ووافقت بعد مناقشات عاصفة على قرار لجنة العضوية بفصل الإخوان الثلاثة أعضاء الهيئة التأسيسية صالح عشماوي ومحمد الغزالي وأحمد عبد العزيز جلال لما أتوا من أفعال مخالفة بتشجيعهم بعض الأفراد على العصيان وعدم طاعة أو تنفيذ مكتب الإرشاد.

وضع السندي وفريقه خطة تتشكل من فريق كله من الشباب وُكِلَ إليه أن يقتحم علي المرشد بيته لإرغامه علي كتابة استقالة ، ويقوم هذا الفريق بمهمته في الوقت الذي يكون فيه الفريق الآخر قد اقتحم دار المركز العام واحتله .. وكان هذا الفريق أيضًا من الشباب ولكن كان علي رأسه ثلاثة من كبار الإخوان هم الأساتذة صالح عشماوي ، ومحمد الغزالي ، وأحمد عبد العزيز جلال من أعضاء الهيئة التأسيسية.

توجه ما يقرب من أربعين شخصا من شباب النظام الخاص إلى منزل المرشد العام المستشار الهضيبي لكي يجبروه على تقديم استقالته، غير أنه رفض، وحينما تعامل معه أحد الشباب بعنف هاجمه البقية وقالوا "لم نتفق على ذلك .. اتفقنا أن يلغي فقط قرار فصل قادة النظام الخاص ولم نؤمر بإجباره على توقيع استقالته"، وانسحب الشباب وتوجهوا للمركز العام حيث تدخل بعض الإخوان الكبار كعمر التلمساني وعبد العزيز كامل وغيرهم وانتهى الأمر.

وردا على من اتهموا الأستاذ مهدي عاكف أنه كان ضمن الشباب أقول لهم كيف يكون من انصار السندي وهو كان ضد تصرفات السندي، وكيف كان بينه وبين المرشد العام صدام وهو كان محل ثقة المرشد العام نفسه حتى أنه بعد ذلك حينما حاول نظام يوليو أن يمنع خروج المرشد من المطار أثناء عودته من الخارج تدخل مهدي عاكف مع مجموعة من الشباب بالقوة وأجبر الجميع على فتح أبواب المطار لخروج المرشد.

غير ذلك ما جاء في كتاب النقط فوق الحروف حيث قال الأستاذ أحمد عادل كمال:

واتصل بي الأخ محمد مهدي عاكف بشأن ذكر اسمه فيمن ذهب إلى بيت الأستاذ الهضيبي بمناسبة قرار فصل الأربعة ونفى أنه كان معهم بطبيعة الحال هو أدرى بنفسه وحين أعتمد على ذاكراتي في شأن كهذا فينفيه صاحب الشأن فهو أعلم به وأدرى وأصدق وأشكره لهذا التصويب.

حتى أن عبد الرحمن البنان – أحد مجاهدي الإخوان في حرب فلسطين والقنال وأحد الشباب الذين شاركوا في اقتحام بيت المرشد - نفى أن مهدي عاكف كان معهم، وذكر أن من تهجم على المرشد كان الأستاذ فتحي البوز غير أنه قدم اعتذاره بعد انتهاء المشكلة وجلاء الأمر.

وفي مذكرات محمود عبد الحليم لم يذكر أن مهدي عاكف كان احد الذين هاجموا منزل المرشد العام. بل لم يذكر ذلك أى أحد حضر الواقعة – حتى ولو كذبا – حتى أن الأستاذ صالح عشماوي ولا محمود الصباغ ولا أحمد زكي حسن ولا مصطفى مشهور ولا أحمد حسنين – وهم قادة النظام وظلوا على قيد الحياة وتشاركوا مع عاكف العمل – ذكروا أن عاكف كان واحد من مجموعة الشباب.

إن ما قيل من إشاعات كانت تهدف للنيل من شخص الرجل وتاريخه والتي لم تخرج إلا بعد وفاته، فأين كانت هذه الاشاعات طيلة عشرات السنين، ولما خلت كتب التاريخ من ذكر مثل هذه المعلومة خاصة أن الحادثة مشهورة وأصبح عاكف فيما بعد شخصية مشهورة بل وصل لكونه مرشدا عاما للإخوان.