توجيهات تربوية للإمام الشهيد حسن البنا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
توجيهات تربوية للإمام الشهيد حسن البنا


أيها الإخوان،

55شعار-الاخوان.jpg


دعوتكم هذه تقوم على أصول ثلاثة:

معرفة الله، وصلاح النفس، ومحبة الخلق، والمعرفة إنما تكون بالتذكر والمراقبة, وصلاح النفس بالطاعة والمجاهدة, ومحبة الخلق بالنصيحة والإيثار. وأن أول ما أطالبكم به عمليًا وأحاسبكم عليه باسم الفكرة:

1- أن يجعل كل منكم لنفسه حصة من القرآن الكريم يقرؤها وآية على الأقل يحفظها يوميًا.
2- وأن تحرصوا على جلسة المحاسبة قبل النوم يستعرض كل منكم فيها عمله اليومى بينه وبين نفسه, فإن وجد خيرًا فليحمد الله, وإن وجد غير ذلك فليعزم على تدارك ما فات.
3- وأن تحرصوا على هذه الصلوات الخمس فى أوقاتها, وأن تحسنوا أداءها وتفقهوا أحكامها, وتتموا ركوعها وسجودها وخشوعها, وتجيدوا وتتدبروا ما تقرءون من كتاب الله فيها, ولا تقصروا فى النوافل الرواتب وأن تتحروا المسجد والجماعة ما استطعتم, وأن تحرصوا ما أمكنكم على صلاة الصبح فى وقتها ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾]الإسراء: 78[.

يا شباب الإخوان المسلمين،

ميدانكم الأول أنفسكم فإذا انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر، وإذا أخففتم فى جهادها كنتم عما سواها أعجز، فجربوا الكفاح معها أولاً, واذكروا أن الدنيا جميعًا تترقب جيلاً من الشباب الممتاز بالطهر الكامل والخلق القوى الفاضل فكونوا أنتم هذا الشباب ولا تيأسوا, وضعوا نصب أعينكم قول الرسول الكريم  "اضْمَنُوا لِى سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمْ الْجَنَّةَ, اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ, وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ, وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ, وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ, وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ, وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ" ثم انظروا هل أنتم كذلك؟

﴿سَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[التوبة: 105].

يا شباب الإخوان المسلمين،

ثلاث منجيات فاغتنموهن, وثلاث مهلكات فاجتنبوهن:

فالصلاة والقرآن ودوام المراقبة منجيات فى الدنيا, مسعدات فى الآخرة.

فاحرصوا على الصلوات فى أوقاتها وجماعاتها، وتفقهوا فى أحكامها، وجودوا ما تقرأون من أذكارها وآياتها، واخشعوا واطمئنوا حين أدائها، واقرأوا القرآن ما استطعتم فى خشوع وتدبر، وراقبوا الله فى كل حركة وسكون فمن كان مع الله كان الله معه، والخمر والميسر والشهوة الجامحة مهلكات فى الدنيا مشقيات فى الآخرة فاحذروا الكأس الأولى.

وتجنبوا مجالس المستهترين العابثين، وغضوا أبصاركم، واحفظوا فروجكم, وفروا من صديق السوء، والفتاة الماجنة, واحذروا همزات الشياطين.

أيها الإخوة الأحبة،

معرفة الله هى عصا التحويل التى تنقل الفرد والجماعة من حال إلى حال، وحسن الاعتماد عليه وحده هو أظهر علامات الإيمان الصادق، فحققوا فى أنفسكم وفى أعمالكم هذه الصلة بربكم، واعتمدوا عليه وحده ولا تخالفوا غيره، ولا ترهبوا سواه، وخذوا فى الأسباب، ورحبوا بالنتائج كيف كانت، وحرموا على أنفسكم واربأوا بها, وترفعوا عما استباح الناس فى هذه الأعصار من التكالب على الوساطات الوهمية والوقوف بأعتاب ذوى الجاه والسلطان، والتوصل إلى الأغراض الشريفة بالوسائل الخسيسة، فإن ذلك مما يطوح بإيمان المؤمنين، ويلثم شرف الأعزة الأكرمين، وتأملوا قول النبى : "اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس؛ فإن الأمور تجرى بالمقادير.

يا شباب الإخوان،

الإيمان عقيدة وعمل وحب وبغض

فاجتهدوا أن تكون العقيدة واضحة تمام الوضوح فى أنفسكم؛ حتى يحدد لكم هذا الوضوح أهداف الحياة.

ثم اجتهدوا أن تعملوا بما توجهكم إليه العقيدة وأحبوا لها وابغضوا لها, فقد قال رسول الله : "وهل الإيمان إلا الحب والبغض".

لا ترتادوا الأماكن التى لا تحيا فيها عقيدتكم، ولا تقرأوا فى الصحف التى لا تناصرها، ولا تجالسوا الذين لا يزكونها، ولا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خيالا. وتدبروا قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾]الأنعام: 68[.

أيها الإخوان،

مروا بالمعروف, وانهوا عن المنكر, ولا تترددوا, ولا تقصروا فى النصيحة, وابذلوها لكل الناس, ولقد وزن الله الأمم بهذا لميزان, فوضع به ورفع, وقال فى أمة: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ﴾]المائدة: 78-79[، وقال فى أخرى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾]آل عمران: 110[.

فاحرصوا دائمًا على أن يرجح بكم ميزان الحق, وعلى أن يكون منكم: ﴿الآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ﴾]التوبة: 112[.

ولتكن أخًا مسلمًا

1- كن قوى الإرادة إلى أبعد حد ولا تتردد أبدًا ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ﴾]آل عمران: 159[.
2- كن وفيًا بالعهد والوعد ولا تخلف مهما كانت الأسباب ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ﴾[الأحزاب: 23[.
3- اغضب لكرامتك وثر لحقك ولا تتهاون مع الباغين عليك ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ﴾]الشورى: 39[.
4- غالب الصعاب وجاهد فى سبيل غايتك ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾]لقمان: 17[.
5- تغلب على العادات والشهوات والعواطف ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾]الأعراف: 201[.
6- قل الحق وكن شجاعًا فى نصرته وناضل عنه بمالك ودمك ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾]التوبة: 111[.
7- تجنب الفضول فى القول والعمل فلا تقل إلا ما ينفع ولا تعمل إلا ما يفيد ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾]المؤمنون: 3[.
8- لا تغضب ولا تندفع وتحر الصواب ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون﴾]آل عمران: 200[.
9- لا تضعف أمام المرأة ولا تقس عليها وأطبع بيتك بطابعك ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾]طه: 132[.

تعرف حقك وواجبك فلا تتساهل فى الحق ولا تقصر فى الواجب ﴿وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾]التوبة: 112[.

ويا أخى

1- تذكر دائمًا أن الإسلام مبدأ وعقيدة وعزة وعبادة وتشريع وجهاد.
2- وأن كل شبر أرض فيه نفس إسلامى يتردد هو جزء من الوطن العزيز.
3- وتذكر أنك صاحب غاية, وأن غايتك أن يسود التشريع الإسلامى فى الأرض.
4- وأنك صاحب أمنية, وأن أسمى أمانيك أن تموت شهيدًا فى سبيل الله.
5- وتذكر من هو عصبتك وعونك على غايتك؟ فتفان فى حب أخيك.
6- وتذكر أن الذى لا يستطيع كبح جماح نفسه لا ينفذ نصحه إلى غيره، فتطهر أولاً.
7- وإن العلم مصباح السالكين فلا تسر فى الأرض بغير مصباح.
8- وتذكر أن القرش فى يدك جزء من ثروة أمتك فتحر من أين وإلى أين يذهب القرش.
9- وتذكر أن دينك سمح يفى للمعاهدين ويقسط إليهم وأنه صارم إن عادوه أو ظاهروا عليه.
10- وفى النهاية إن للمسلمين وحدة يجب أن تعمل على تحقيقها، حتى تلم شعثهم فى أنحاء الأرض.

ويا أخى...

إن كنت تعتقد معنا أن الإسلام غال عزيز، وأنه الآن أحوج ما يكون إلى الأنصار المخلصين يرفعون رايته ويؤيدون تشريعه فتقدم إلى الصف. فإن الكتيبة تنتظرك، وإن كانت تسير بعزيمة إلى الأمام.

انظر:

الإخوان المسلمون، العدد (7)، السنة الأولى، 12ذو القعدة 1361ه- 21نوفمبر 1942م، ص(5)

الإخوان المسلمون، العدد (8)، السنة الأولى، 26ذو القعدة 1361ه- 5ديسمبر 1942م، ص(3).

الإخوان المسلمون، العدد (9)، السنة الأولى، 18ذو الحجة 1361ه- 26ديسمبر 1942م، ص(3).

الإخوان المسلمون، العدد (13)، السنة الأولى، 29صفر 1362ه- 6 مارس 1943م، ص(3).

الإخوان المسلمون، العدد (15)، السنة الأولى، 28ربيع الأول 1362ه- 4إبريل 1943م، ص(3).

الإخوان المسلمون، العدد (17)، السنة الأولى، 11جمادى الأولى 1362ه- 15مايو 1943م، ص(3).

الإخوان المسلمون، العدد (44)، السنة الثانية، 20شوال 1363ه- 7أكتوبر 1944م، ص(3).