الهضيبي بين ثوابت الدعوة ومرونة الحركة
مقدمة
من أكثر الفترات التباساً فى التاريخ المعاصر، فترة ما بعد انقلاب يوليو 1952، حيث حدث أول وأكبر صدام بين التيار المدنى الأكبر (جماعة الإخوان المسلمين) وبين الجيش (ضباط انقلاب يوليو)، وكان للقرارات التي اتخذتها الجماعة الأثر الأكبر فى تاريخ مصر الحديث.
وكان ملفتاً للنظر والدهشة على السواء، مواقف المستشار حسن الهضيبي والذي نُسب إليه مقولة (اتركوا له ميدانه، يترك لكم ميدانكم)، بما ظن معها البعض أن المرشد العام حسن الهضيبي قد مال إلى عبد الناصر أو سكت عن مناهضة حكمه الاستبدادى والذي سبب العديد من الكوارث بمصر والمنطقة العربية، أو إنسحب من واجبه الدينى والوطنى تجاه المشروع الاسلامى أو حماية الدولة واستقلال الوطن.. بينما فى حقيقة الأمر، إنخرطت جماعة الإخوان المسلمين فى اكثر الملفات الوطنية حساسية، مما سُجل لها فى صفحات التاريخ المصرى الحديث.
بين ثوابت الدعوة ومرونة الحركة
برغم الطبيعة الشخصية للمستشار حسن الهضيبي المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تميل الى الحسم والحزم متى استبان له وجه الحق والصواب، إلا أنه ألزم نفسه بجملة من الثوابت التي عُرفت بها جماعة الإخوان المسلمين طوال تاريخها
وكان من أبرزها:
- الانحياز الى الحريات العامة والإرادة الشعبية
- الحفاظ على وحدة الجماعة ونظامها الاساسى
- رفض حكم العسكريين، أو مشاركتهم فيه
فلعبت هذه الثوابت بالاضافة لشخصية القاضى والقائد، دوراً كبيراً فى حماية المنجز الوطنى، ومنع انجراف الجماعة الاكبر فى تيار الانقلاب، الذي بدا فى وقت من الاوقات أنه غالب.. يقول الحاج أحمد البس: (من يقبل أن يكون قائدًا لجماعة إشترك الملك ورئيس الوزراء في قتل مرشدهم، من يقبل أن يكون خلفًا لزعيم قُتلَ على قارعة الطريق وتُركَ دمه حتى ينزف كله فيموت، من يتعرَّض لقيادة جماعة منعت الحكومة أن يُشيع جسد مرشدها، وقد حملته النساء على أكتافهن). (1)
فجماعة الإخوان المسلمين هى صاحبة مشروع اسلامى واضح وصريح، في استئناف حكم اسلامى رشيد، يستلهم الوحى السماوى ويهتدي به. لكن فى ذات الوقت تصدرت للتعامل مع ضباط انقلاب يوليو 52، وانجرافهم بعيداً عن المصالح الوطنية والقومية للشعب المصرى، برغم الشعارات المرفوعة والمصرح بها دون التبنى الحقيقى لها.
بيعة على رفعة الاسلام والوطن
إنضم جمال عبد الناصر الى جماعة الإخوان المسلمين عن طريق احد ضباط الجيش وهو الضابط عبد المنعم عبد الرؤوف، وكان انضمامه الى النظام الخاص الذى يرأسه عبد الرحمن السندي (التابع لجماعة الإخوان المسلمين).
وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد نشطت فى الجيش بداية من عام 1938، وازداد الأمر بعدما قام الإخوان المسلمون بتوزيع منشورات داخل الجيش عام 1941، بإسم (الجنود الأحرار) والتي كانت تطالب بإلغاء معاهدة 1936، وبمنع كل ما يعارض الشريعة الإسلامية داخل الجيش.
فى تلك الفترة تزايد إنتساب ضباط الجيش وجنوده لجماعة الإخوان المسلمين، وكان من هؤلاء الضابط جمال عبد الناصر، حيث بايع عبد الرحمن السندي قائد النظام الخاص، ثم تعرَّف بعد ذلك على وكيل جماعة الإخوان المسلمين الضابط السابق محمود لبيب، وقد شهد على هذه العلاقة الضابط كمال الدين حسين والتي كانت فى بيت الضابط عبد المنعم عبد الرؤوف (2)
في خلال هذه الفترة تمت (البيعة) بين الإخوان ومجموعة الضباط الذين إنضموا إليهم، على حماية الوطن و (رفعة الإسلام)، فلما قامت حركة الجيش، باركها الإخوان المسلمون وعموم الشعب المصري، أملاً فيها (3)
وقد أقر عبد الناصر بتلك العلاقة بعد ثلاثة أشهر من الانقلاب، حين كتب مذكراته (بقلم حلمى سلام) فى 21 أكتوبر 1952، جعلها بعنوان (هذه قصة ثورة الجيش من المهد إلى اللحد)، وقال فيها (الأعداد 1464، 1474): (ان الذي يجمعنا وينظمنا كان المرحوم الصاغ م.ل)، ويقصد محمود لبيب (4)
وهذه الشهادات من ضباط الجيش من الإخوان ومن غيرهم ومن عبد الناصر نفسه، تُثبت عدم صحة ما ذكره سامي شرف من أن جمال عبد الناصر (كان يعرف الشيخ حسن البنا، ولكنّه لم يكن عضواً فيهم) (5)
وقد نبتت فكرة انقلاب 52 داخل النظام الخاص، بالقسم الخاص بضباط الجيش من الإخوان، ثم تبنى الفكرة تنظيم (الضباط الأحرار)، وهو تنظيم يضم ضباط الجيش من الإخوان ومن غيرهم، وقد ذكر الضابط عبد المنعم عبد الرؤوف أن تسمية تنظيم ضباط الإخوان داخل الجيش باسم (الضباط الأحرار)، كان من (الصاغ) محمود لبيب (ضابط جيش سابق)، والذي كان يشغل منصب وكيل جماعة الإخوان المسلمين للشئون العسكرية. (6)
اتفاقات عبد الناصر والإخوان
عندما حانت ساعة تنفيذ انقلاب 23 يوليو 1952م اتصل الضباط الأحرار بالإخوان المسلمين وسألوهم عن مدى استعدادهم للقيام بدورهم في الانقلاب، وعندما عرض الإخوان ذلك على المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين حسن الهضيبي
وجه إليهم عدة استفسارات أهمها:
- مدى تمسك هؤلاء الضباط بالإسلام
- ومدى التزامهم بتطبيق الشريعة الإسلامية
وفي النهاية أعطاهم المرشد موافقته المشروطة بالأمرين السابقين، وأقسم الضباط على الشروط.. وجددوا بيعتهم التي أدوها منذ سنوات.. وقد دوَّن محاضر الاجتماعات بين الضباط وبين الإخوان المسلمين لمدة عشرة أيام سابقة على الحركة حسن العشماوي عن الإخوان المسلمين فى مذكراته. (7)
لم يكن حسن الهضيبي ممن يؤمنون بالعنف، أو بحرق المراحل، ولكنه كان يعلم أن الانقلاب العسكري أمر واقع.. وأن تفاهماً قد تم مع ضابط الاستخبارات الأمريكي كوميت روزفلت قد تم.. وكانت موافقة الجماعة قضية شكلية لا أكثر (يراجع في ذلك كتاب لعبة الأمم لمايلز كوبلاند)، كما أشار الى هذا المعنى سامى شرف حين قال: (الظاهر أنّ هناك قاعدة شعبية عريضة جدّاً حول هذه الجماعة، عزّزت استيلاء الجيش على السلطة)! (8)
وكان لافتاً للنظر – كما ذكر اللواء شرطة صلاح شادي - أن أول بيان أذاعه السادات بعد نجاح الحركة فى الاذاعة المصرية، قال فيه: (ان الحركة قامت لتحقيق العدالة ومحاكمة قتلة حسن البنا)، لكن بعد تكرار إذاعة البيان، تم حذف عبارة (ومحاكمة قتلة حسن البنا)، ومن هنا عرف الإخوان أن هذه الحركة تابعة لهم، أو على الأقل تمت بالتنسيق معهم. (9)
لكن بعد نجاح الحركة بسبعة أيام (يوم 30 يوليو)، تم اللقاء بين المرشد العام للاخوان المسلمين وعبد الناصر، ودار الحديث بينهما من منطلق ما سبق الاتفاق عليه.. غير أن عبد الناصر بدأ يتنصل شيئا فشيئا من بعض الالتزامات التي تقتضيها المشاركة المتفق عليها! فأبدى المرشد العام عقب انصرافه من اللقاء، عدم اطمئنانه لهذه الحركة، وعدم ثقته بالقائمين عليها.. (فلا مجال للثقة بمن ينقض العهود أو يكذب في المواثيق). (10)
لتبدأ بعد ذلك فصول أكبر مأساة نزلت بالشعب المصري ومنهم الإخوان، وكذلك أكبر خدعة عاشها العرب فى حركة كان لهم فيها أعظم الأمل.
بداية الانفصال والصدام
بعد نجاح حركة الجيش، بدأت تظهر تصرفات من ضباط الانقلاب، كانت خلافاً لما سبق الاتفاق عليه مع الإخوان عليها، فحدثت حوادث كان لها أثرها فى تطور العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وبين عبد الناصر وضباط انقلاب 52..
الموقف من حكم العسكريين
كان أول شرخ فى العلاقة بين مجموعة الضباط وعلى رأسهم عبد الناصر وبين الإخوان المسلمين، دخول العسكريين فى الحكم! مما جعل الإخوان المسلمون يرفضون الاشتراك فى تلك الحكومة، لأنه يخالف ما تم الاتفاق عليه سابقاً بين الإخوان وبين عبد الناصر..
فقد أقال الضباط حكومة على ماهر ولم يمضى على تشكيلها شهر ونصف! وتم تشكيل أخرى برئاسة اللواء محمد نجيب! وكان هذا من ضمن أسباب رفض الإخوان الاشتراك فى حكومة يرأسها عسكريين، كما أخبر بذلك المرشد العام حسن الهضيبي جمال عبد الناصر. (11)
فقد رفضت الهيئة التأسيسية للاخوان – بعد مناقشة استمرت لثلاثة أيام متتاليات - عرض الجيش المشاركة بثلاثة وزراء في الحكومة ، وكان مما قاله المرشد العام الاستاذ الهضيبي (إن الحكومة ثورية ومعني هذا أنها ستتخذ إجراءات عنيفة لا تقرها مبادئ الإسلام للتخلص من تاريخ مغلوط معقد .. فلنتركها تبوء بهذا كله وننشغل نحن بتسديدها ن بعيد دون مسئولية) شهادة عبد البديع صقر (12)
كذلك كان موقف الإخوان المسلمين من قضية الحريات وعودة الحياة النيابية واضحا منذ البداية، فلم يأخذ الإخوان المسلمون منها موقف الحياد أو التغافل إيثاراً للسلامة أو العافية، ففى التحضيرات التي سبقت حركة الجيش عام 1952، كانت تلك القضية تمثل محوراً أساسياً فى النقاش الدائر بين الإخوان المسلمين وبين مجموعة الضباط..
فحسب رواية فريد عبد الخالق (إخوان مسلمين) إستنكر عبد الناصر على الإخوان المسلمين، أنهم (يطالبون بالحياة النيابية، ومطاردة الفساد، والقيام بأحكام الدين)! فوصفهم حينذاك بأنهم (عصاة) وقال لفريد عبد الخالق: (انتم عايزين انتخابات حرة.. ترجع النحاس باشا تانى!) فرد عليه فريد عبد الخالق: (لا بديل عن الحكم النيابى، وأن هيئة التحرير لن تكون بديلاً عن الحياة النيابية) (13)
فقد أدرك الإخوان المسلمون مبكرا طبيعة الحكم العسكرى ، فقد قال الأستاذ الهضيبي عندما علم بعزم الجيش على الإطاحة بفاروق (إن تنفيذ الانقلاب على يد الجيش معناه السير فى طريق الحكم العسكري والديكتاتورية وهذا لا يحقق رغبات الشعب المصري ولا يتماشي مع أصول الإسلام لأن الحرية الفردية هى أساس من أسس الإسلام) شهادة نبيه عبد ربه
وعندما سُئل عن موقف الإخوان قال (الإخوان سيؤيدون حركة الجيش إذا ما حاولت القوات البريطانية التدخل .. وغير ذلك سيقتصر الإخوان على حفظ الامن) وقال (الإخوان سيؤيدون الحركة طالما بقيت تعمل على تحقيق آمال الشعب) شهادة نبيه عبد ربه
بل ذهب الأستاذ الهضيبي الى أبعد من ذلك، فقد سماها بــ (الانقلاب) ! بل وكان يعتقد أن رجال هذا الانقلاب يعملون لإقامة حكم علماني (شهادة الحاجة زينب الغزالي)، وكان الإمام الهضيبي بثاقب نظرته منذ الأيام الأولي للانقلاب وبعد لقائه بجمال عبد الناصر مرات يقول : أخشي أن تزول أسرة محمد على لتأتي أسرة عبد الناصر (شهادة أحمد الملط) (14)
وحين وقَّع عبد الناصر إتفاقية الجلاء مع الانجليز، رفضها الإخوان المسلمون وأصروا على أن أي اتفاق بين الحكومة المصرية وأية حكومة أجنبية لا يجوز أن يتم دون أن يتم عرضه على برلمان منتخب انتخاباً حراً نزيهاً، يمثل إرادة الشعب المصري أصدق تمثيل، كما طالب الإخوان برفع الرقابة عن الصحف حتى يقول كل انسان رأيه فى الاتفاقية.. فما كان لأحد أن يتحكم في مصائر الشعب دون الرجوع إليه. (15)
الحفاظ على وحدة الجماعة ونظامها الأساسى
بدا لعبد الناصر تكوين هيئة شعبية تتبع له، وتذوب فيها جماعة الإخوان المسلمين، وأدرك الإخوان المسلمون ذلك، فرفضوا الانضمام لها..
وكان في استطاعة الإخوان ان يكونوا جزءاً من نظام عبد الناصر بدخولهم لهيئة التحرير.. لكن الإخوان توقعوا ان عبد الناصر سيجلب على البلاد كوارث – وهذا طبيعة حكم الفرد - فلم يريدوا ان يكونوا شركاء في جرائمه .. وقد حدث ماتوقعه الإخوان وما قاله مرشدهم العام الهضيبي يوما (... الحكومة ثورية ومعني هذا أنها ستتخذ إجراءات عنيفة لا تقرها مبادئ الإسلام للتخلص من تاريخ مغلوط معقد .. فلنتركها تبوء بهذا كله وننشغل نحن بتسديدها من بعيد دون مسئولية) شهادة عبد البديع صقر
محاولة إختراق جماعة الإخوان
فلما فشلت محاولة عبد الناصر في احتواء الجماعة، لجأ إلى محاولة إحداث انشقاق بين صفوفها، حين بدا لبعض قادة النظام الخاص فرض أنفسهم على قيادة الجماعة، وتواترت الشهادات على ضلوع عبد الناصر فى تأييد الانشقاق، إن لم يكن التحريض عليه والقيام به.. أقال مكتب الإرشاد أربعة من قيادات التنظيم الخاص وعلى رأسهم عبدالرحمن السندي، ثم تبع ذلك إقالة صالح العشماوي وعبدالعزيز جلال ومحمد الغزالي، من احتلوا المركز العام وطالبوا الهضيبي بالاستقالة. هنا أدرك الضباط ضياع أي فرصة لتطويع الجماعة.
الموقف من اتفاقية الجلاء مع الانجليز
كما كان لجماعة الإخوان المسلمين موقفاً واضحاً من قضية جلاء الانجليز عن مصر، وقد دفع الإخوان ثمناً باهظاً لذلك الموقف، والذي كان على النقيض من موقف عبد الناصر، وقد مرَّ ذلك الموقف بعدة محطات:
الانجليز يطلبون رأى الإخوان
طلب الانجليز اللقاء بالمرشد العام المستشار حسن الهضيبي لاستطلاع رأيه فى قضية الجلاء، فتم اطلاع الحكومة وعبد الناصر على اللقاء قبل حدوثه، وتم عمل تقرير بما دار فيه بعد حدوثه فى 22 فبراير 1953، تم إرساله الى عبد الناصر.. وخلال الاجتماع طالب المرشد العام الانجليز بالانسحاب غير المشروط، وقال للسفير الانجليزى: (اننا لن نسلم أنفسنا لأحد). (16)
وكان الإخوان المسلمون يعلمون أن المقاومة فى القناة أرهقت الانجليز، حتى أن الانجليز أبلغوا الحكومة المصرية فى يناير 1952 (قبل قيام الانقلاب)، بأنهم على استعداد للتفاهم شريطة وقف العمل المسلح ضدهم بالقناة، مما دفع بعلي ماهر حينذاك أن يقول: (كنت أشعر بأننى أقوى مفاوض مصرى نتيجة معركة القناة) كما أخبر بذلك فى محكمة الثورة (17)
عبد الناصر فى بيت الإخوان
وفى يوم 20 فبراير 1953، ذهب عبد الناصر الى بيت المرشد العام للاجتماع به، للترتيب للقاء الانجليز بالإخوان، وطلب عبد الناصر من المستشار أن يبلغ الانجليز باستعداده للتفاوض، وتكرر الاجتماع بين عبد الناصر والإخوان يوم 23 فبراير 1953 فى بيت منير دلة (أحد قادة الإخوان)، وفى هذا اللقاء قال عبد الناصر للاخوان، أنه يقبل أن يكون للانجليز تواجد فى قاعدة عسكرية فى القناة! وقد رأى الإخوان فى ذلك الوقت أن كلام عبد الناصر أقل بكثير مما كان فى معاهدة 1936! (18)
رفض الإخوان لإتفاقية الجلاء
وحين وقع عبد الناصر إتفاقية الجلاء مع الانجليز بالأحرف الأولى، أعلن المرشد العام للجماعة معارضته للاتفاق صباح اليوم التالي مباشرة فى 28 يوليو 1954، وفي الثانى من أغسطس أرسل مكتب الإرشاد مذكرة يرفض فيها هذه الاتفاقية الى رئاسة مجلس الوزراء، موضحين فيها أسباب الرفض، حيث أنهم طالبوا فيها بجلاء الإنجليز من مصر بدون قيد أو شرط..
كما رفضوا فيها قبول المفاوض المصري بإبقاء عدد من القواعد العسكرية صالحة ومعدة للاستخدام تعود إليها القوات البريطانية إذا ما هوجمت دولة من دول معاهدة الدفاع المشترك أو تركيا! وقالوا بأن الاتفاق الذي أباح للإنجليز العودة إلى مصر لم يحدد لخروجهم بعد ذلك أمدا طويلا أو قصيرا! ولقد كانت نظرة الإخوان صائبة سديدة فلم تتخلص مصر من الإنجليز إلا بعد معركة عام 1956م.. وهو ما كان يؤكده الإخوان من أن هؤلاء لا يخرجون بغير قتال. (19)
وكان موقف الإخوان من رفض إتفاقية الجلاء مع الانجليز، لما يمثله من تهديد للأمن القومى المصرى، كان هذا الموقف هو خاتمة المطاف للعلاقات بين جماعة الإخوان المسلمين وبين ضباط يوليو وتحديداً عبد الناصر.
الخاتمــــــــــــــــــــــــة
وهكذا فشلت محاولة عبد الناصر لإحتواء جماعة الإخوان داخل نظامه، ثم فشلت محاولة اختراق تنظيمهم، فلجأ إلى إفتعال حادث المنشية، فكان الصدام من جهة عبد الناصر لا من جهة الإخوان، وكان على إثر مواقفهم المنحازة للديمقراطية والرافضة للاستبداد، فلم يكن الخلاف بين عبدالناصر والإخوان نزاعا على سلطة او صراعا على نفوذ كما ادَّعى البعض (20)
إنما كان على الإنحياز للحرية مقابل الاستبداد، وللعدالة مقابل الانفراد بالسلطة، فاستغل عبد الناصر ومن حوله ذلك الخلاف في التضييق على الدعوة الإسلامية! وإشاعة الأفكار المناهضة للإسلام! وتعيين كل المعادين للفكرة الإسلامية في أماكن التوجيه والإعلام والتثقيف ، وهؤلاء هم الذين رسّخوا العداوة الحقيقية بين سلطة الدولة والإسلام نفسه.
المصادر
- [الإخوان المسلمون في ريف مصر – نقلا عن موقع إخوان اون لاين]
- كمال الدين حسين – الصامتون يتكلمون – ص 32
- [أسرار حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمون - حسين حمودة]
- كتاب حصاد العمر – صلاح شادي
- كيف حكم عبد الناصر مصر؟ - سامى شرف
- [محمود لبيب – المعرفة] - كتاب حصاد العمر – صلاح شادي
- مذكرات هارب – حسن العشماوى
- كيف حكم عبد الناصر مصر؟ - سامى شرف
- كتاب حصاد العمر – صلاح شادي – الهامش ص 175
- [مصطفى الطحان]
- حصاد العمر – صلاح شادى – ص 237
- [حسن الهضيبي .. الإمام الممتحن - جابر رزق]
- حصاد العمر – صلاح شادي – ص 258
- [حسن الهضيبي .. الإمام الممتحن - جابر رزق]
- [مصطفى الطحان] - حصاد العمر – صلاح شادي
- المصدر السابق
- كتاب احمد حمروش – شهود ثورة يوليو – ص 292
- روى وقائع ذلك اللقاء صالح ابو رقيق، فى كتاب ريتشارد ميتشيل (الإخوان المسلمون)
- [مصطفى الطحان]
- تنظيم سيد قطب خطط للإطاحة بعبد الناصر – ناجح ابراهيم]