الفرق بين المراجعتين لصفحة: «محمد أمين الحسيني»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
 
(١٧ مراجعة متوسطة بواسطة ٥ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
'''<center><font color="blue"><font size=5>الحاج محمد أمين الحسيني ... مفتي [[فلسطين]] وبطل جهادها</font></font></center>'''
== توطئة ==
== توطئة ==


"لا يموت حق وراءه مُطالب"، إن كان هناك مثال عملي لهذه المقولة فإنه محمد أمين الحسيني.
[[ملف:الحاج محمد أمين.JPG|تصغير|<center>'''[[محمد أمين الحسيني|الحاج محمد أمين الحسيني]] '''</center>]]
 
'''"لا يموت حق وراءه مُطالب".. إن كان هناك مثال عملي لهذه المقولة فإنه محمد أمين الحسيني'''
   
   
عاش الرجل بهموم قضية فلسطين حتى آخر نفس في حياته، أثناء حياته دعت المنظمات اليهودية لقتله قائلة: "يجب أن يموت أمين الحسيني حتى نجد من الفلسطينيين من يتفاوض معنا".
عاش الرجل بهموم قضية [[فلسطين]] حتى آخر نفس في حياته، أثناء حياته دعت المنظمات [[اليهود]]ية لقتله قائلة: '''"يجب أن يموت محمد أمين الحسيني حتى نجد من ال[[فلسطين]]يين من يتفاوض معنا"'''.
 
وبعد موته قال أحد زعماء [[الصهيونية|الكيان الصهيوني]]:''' "قد كان مقدراً أن تنشأ دولة إسرائيل خلال عشر سنوات أو خمس عشرة سنة من بدء المشروع، ولكن محمد أمين الحسيني جعل الأمر يحتاج إلى عشرات السنين"'''.
 
مسيرة [[الجهاد|جهاد]] بلغت ستين عامًا من عمر أمين الحسيني مفتي [[فلسطين]]، حمل خلالها راية [[الجهاد]] المقدس ضد [[اليهود]] الغاصبين، وطوى مشارق الأرض ومغاربها من أجل قضية بلده، فاضحًا أساليب السياسة البريطانية ومكائد [[اليهود]]، ومنبهًا المسلمين إلى ما يحاك ضدهم، وعاش حياته يقظًا لم يذق طعم النوم أو لذة الراحة وكيف ينام الحر الأبي وهو يرى وطنه يسرق، وتاريخه يغتال، وشعبه يحتل...
 
== محمد أمين الحسيني في سطور ==


وبعد موته قال أحد زعماء الكيان الصهيوني: "قد كان مقدراً أن تنشأ دولة إسرائيل خلال عشر سنوات أو خمس عشرة سنة من بدء المشروع، ولكن أمين الحسيني جعل الأمر يحتاج إلى عشرات السنين".
*وُلد في مدينة [[القدس]] سنة 1315هـ = 1897م.


*نشأ في أسرة كريمة وتلقى تعليمه في [[القدس]] و[[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]] والأستانة.


== النشأة ==
*تولّى منصب الإفتاء في [[القدس]] سنة 1341هـ = [[1922م]].
[[ملف:الحاج-أمين-الحسيني-معرض.jpg|تصغير|<center>'''الشيخ محمد أمين الحسيني'''</center>]]
وُلِد محمد أمين الحسيني في [[القدس]] عام [[1897]]م، والده هو طاهر الحسيني مفتي [[القدس]] (وكانت العائلة جاءت من الحجاز منذ استعاد صلاح الدين الأيوبي [[القدس]]، ونزلت في القدس بعض فروع العائلة غزة واللد)، ومن ثَم نشأ محمد في بيت علم وتقوى وصلاح، تلقَّى القرآن واللغة العربية والعلوم الدينية في بيت والده، فقد خصص له والده عدداً من العلماء والأدباء لتعليمه في البيت،


*واجه محمد أمين الحسيني خطط [[اليهود]] في [[فلسطين]] وكشف مكائدهم.


تلقى علومه الابتدائية والثانوية في مدارس [[القدس]] ، التحق بكلية الفرير بالقدس لتعلم اللغة الفرنسية، بعدها التحق بجامعة الأزهر لتلقي المزيد من العلوم الدينية، وكان يتردد على (دار الدعوة والإرشاد) التي أنشأها [[محمد رشيد رضا]] (داعية الإصلاح) حيث نهل من علمه وسار في تياره الفكري الذي يمارس تأثيراً كبيراً على الجماهير. ومن خلال ذلك عرف الكثير عن[[ الصهيونيه]] وأطماعها في [[فلسطين]] ، إلا أن دراسته في الأزهر لم تطل أكثر من عامين بسبب نشوب الحرب العالمية الأولى.
*شكل جماعات مسلحة لمواجهة الغاصبين.


*سافر إلى ألمانيا وقابل هتلر وطلب مساندة بلاده لقضية [[فلسطين]].


التحق بكلية الآستانة العسكرية وتخرج منها ضابطاً، والتحق بالجيش العثماني في ولاية أزمير، وعمل في مراكز عسكرية أخرى على البحر الأسود حتى نهاية الحرب مما أكسبه خبرة جيدة، كان لها الأثر الأكبر في شخصيته وحياته.
*عاد إلى [[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]] سنة 1366هـ = [[1946م]] بعد معاصرة جريئة واتصل ب[[جماعة الإخوان المسلمين]].


*ساعده [[الإخوان المسلمون]] وأمدوه بالمجاهدين والسلاح.


بعد نهاية الحرب، عاد الضابط الحسيني إلى القدس، وأصبح يعرف بين الناس بالحاج أمين الحسيني إذ كان قد اكتسب لقب الحاج عندما حج برفقة والدته. وهكذا كانت كتابات الحسيني تتلخص إثر عودته إلى بلده في كونه شاباً عربياً مؤمناً ومتعلماً، ملماً بالفكر الإسلامي النير، والعلوم المفيدة، والخبرة العسكرية، ويعرف من اللغات الأجنبية التركية والفرنسية، بالإضافة إلى ذلك كله كان بحكم انتمائه إلى أسرة آل الحسيني، ذات النسب والشرف مهيأ ليكون زعيماً وداعية مسموع الكلمة.
*تولى منصب رئيس الهيئة العربية ل[[فلسطين]] التي تولت أمر القضية.


*ترك [[القاهرة]] في أواخر الخمسينات واستقر في بيروت.


*توفي في سنة 1394هـ = [[1974]]م.


== الوظائف والمناصب ==
== الوظائف والمناصب ==


*أسس ورأس "النادي العربي" 1915م، وهو أول منظمة سياسية عرفتها [[فلسطين]]، وانطلقت منها الحركة الوطنية الفلسطينية، ثم عمل معلمًا بمدرسة روضة المعارف الوطنية.
*أسس ورأس "[[النادي العربي]]" [[1915]]م، وهو أول منظمة سياسية عرفتها [[فلسطين]]، وانطلقت منها الحركة الوطنية ال[[فلسطين]]ية، ثم عمل معلمًا بمدرسة روضة المعارف الوطنية.


*انتخب مفتيًا للقدس عام 1921م خلفاً لشقيقه كامل الحسيني.
*انتخب مفتيًا للقدس عام [[1921]]م خلفاً لشقيقه [[كامل الحسيني]].


*رأس أول مجلس للشئون الإسلامية والأوقاف والمحاكم الشرعية وهو المجلس الإسلامي الأعلى لفلسطين عام 1922م.
*رأس أول مجلس للشئون [[الإسلام]]ية والأوقاف والمحاكم الشرعية وهو المجلس [[الإسلام]]ي الأعلى ل[[فلسطين]] عام [[1922]]م.


*أشرف على إعادة تنظيم المحاكم الشرعية في سائر قطاعات [[فلسطين]] (18 محكمة شرعية).
*أشرف على إعادة تنظيم المحاكم الشرعية في سائر قطاعات [[فلسطين]] (18 محكمة شرعية).


*استعاد الإشراف على الأوقاف الإسلامية بعد أن كانت في يد النائب العام (وهو اليهودي الإنجليزي بنتويش).
*استعاد الإشراف على الأوقاف [[الإسلام]]ية بعد أن كانت في يد النائب العام (وهو [[اليهود]]ي الإنجليزي بنتويش).


*تأسيس وتقوية المدارس الإسلامية في كل أنحاء [[فلسطين]].
*تأسيس وتقوية المدارس [[الإسلام]]ية في كل أنحاء [[فلسطين]].


*تأسيس الكلية الإسلامية (من 1924م إلى 1937م).
*تأسيس الكلية [[الإسلام]]ية (من [[1924]]م إلى [[1937]]م).


*تأسيس والإشراف على "دار الأيتام الإسلامية الصناعية" في القدس.
*تأسيس والإشراف على "دار الأيتام الإسلامية الصناعية" في [[القدس]].


*رئاسة لجنة إعادة إعمار وترميم [[المسجد الأقصى]] وقبة الصخرة، وهو المشروع الذي تم في عام 1929م.
*رئاسة لجنة إعادة إعمار وترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهو المشروع الذي تم في عام [[1929]]م.


*رئاسة المؤتمر الإسلامي العام - وهو الذي بدأ منذ عام 1931م في القدس من أجل القضية الفلسطينية، وتكرر عقده برئاسته في مكة وبغداد وكراتشي وغيرها.
*رئاسة المؤتمر [[الإسلام]]ي العام - وهو الذي بدأ منذ عام [[1931]]م في [[القدس]] من أجل القضية ال[[فلسطين]]ية، وتكرر عقده برئاسته في مكة وبغداد وكراتشي وغيرها.


*تكوين جمعيات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" للإصلاح بين المتخاصمين ومقاومة الدعوة الصهيونية للعرب ببيع أرضهم.
*تكوين جمعيات "[[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]]" للإصلاح بين المتخاصمين ومقاومة الدعوة [[الصهيونية]] للعرب ببيع أرضهم.


*تنسيق الجهود والإشراف على إعداد التنظيمات المسلحة في أرض [[فلسطين]]، والتي أثمرت "جيش الجهاد المقدس" في أطواره المختلفة.
*تنسيق الجهود والإشراف على إعداد التنظيمات المسلحة في أرض [[فلسطين]]، والتي أثمرت "جيش [[الجهاد]] المقدس" في أطواره المختلفة.


*تأسيس ورئاسة "اللجنة العربية العليا ل[[فلسطين]]".
*تأسيس ورئاسة "اللجنة العربية العليا ل[[فلسطين]]".


*المشاركة في ثورة رشيد علي الكيلاني في العراق ضد الإنجليز عام 1941م.
*المشاركة في ثورة [[رشيد علي الكيلاني]] في [[العراق]] ضد [[الإنجليز]] عام [[1941]]م.


*إنشاء مكاتب للحركة العربية والقضية الفلسطينية في برلين وروما، ثم في أماكن مختلفة من أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
*إنشاء مكاتب للحركة العربية والقضية ال[[فلسطين]]ية في برلين وروما، ثم في أماكن مختلفة من أوروبا بعد انتهاء [[الحرب العالمية الثانية]].


*رئاسة "الهيئة العربية العليا ل[[فلسطين]]" والتي تشكلت بموجب قرار من جامعة الدول العربية عام 1946م.
*رئاسة "الهيئة العربية العليا ل[[فلسطين]]" والتي تشكلت بموجب قرار من جامعة الدول العربية عام 1946م.


*رئاسة وفد [[فلسطين]] في مؤتمر باندونج عام 1955م، وقد حضر الوفد بصفة مراقب.
*رئاسة وفد [[فلسطين]] في مؤتمر باندونج عام [[1955]]م، وقد حضر الوفد بصفة مراقب.


*تنسيق جهود الأعمال الفدائية بعد حرب 1948م.
*تنسيق جهود الأعمال الفدائية بعد حرب [[1948]]م.


*رئاسة "المؤتمر الوطني الفلسطيني" عام 1948، والذي أعلن حكومة عموم [[فلسطين]] ووضع دستورها، وبرنامج الحكومة.
*رئاسة "المؤتمر الوطني ال[[فلسطين]]ي" عام [[1948]]م، والذي أعلن حكومة عموم [[فلسطين]] ووضع دستورها، وبرنامج الحكومة.


== المولد والنشأة ==


== جهاده للقضية الفلسطينية ==
[[ملف:الحاج أمين الحسيني2.jpg|تصغير|<center>'''الحاج محمد أمين الحسيني'''</center>]]


عندما احتل الإنجليز [[فلسطين]] ، انصرف الحسيني إلى تنظيم الفلسطينيين في حركة وطنية شاملة ضد الاستعمار والصهيونية واستجاب له نفر من أصدقائه فكونوا في القدس أول منظمة سياسية عرفتها فلسطين وهي (النادي العربي) وانتخب الحسيني رئيساً لها، وكان لهذا النادي أثر كبير في انطلاق الحركة الوطنية، وقيام المظاهرات العنيفة ضد الاحتلال الإنجليزي.
نشأ بين أسرة كريمة من أعرق البيوت في [[القدس]] فضلاً ومقامًا ولد محمد أمين الحسيني في سنة (1315هـ = [[1897]]م)؛ وعاش في كنف والده الذي يتصل به بالحسين بن علي، وكان يعمل مفتيًا لمدينة [[القدس]]، فجمع إلى جلالة العلم شرف النسب والأصل، وعني الوالد بابنه الصغير فحفظه القرآن الكريم، وثقفه بالعلوم الدينية واللغوية، وأدخله مدرسة الفرير ب[[القدس]] ليتعلم الفرنسية، ثم بعث به إلى [[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]] ليستكمل تعليمه.


تسلم الحسيني منصب الإفتاء رسمياً ـ بالرغم من مقاومة الإنجليز لذلك ـ فأعاد تنظيم المحاكم الشرعية، واختار لها القضاة، ونظم الأوقاف، وعين فيها عدداً من الشبان المخلصين المثقفين، وأخذ يعمل على تقوية المدارس الإسلامية القليلة وتنظيم أمورها، كما أنشأ مجلساً شرعياً إسلامياً لفلسطين تألف من مجموعة من العلماء، وعين الحسيني رئيساً لهذا المجلس الذي سمي (المجلس الإسلامي الأعلى)، الذي أصبح على مرّ الأيام أقوى قوة وطنية إسلامية في البلاد، وقام بعدد من الأعمال والإنجازات الهامة منها: إنشاء دار الأيتام الإسلامية الصناعية في [[القدس]] وفتح عشرات المدارس في البلاد، وقام باسترجاع أراضي الوقف الإسلامي التي كانت حكومة الانتداب تسيطر عليها، وتولى إدارتها، وأنشأ العشرات من المحاكم الشرعية، وعين المئات من الوعاظ والمرشدين، فضلاً عن إنشاء فرق الجوالة والكشافة الإسلامية والجمعيات الخيرية والنوادي الأدبية والرياضية، وإصلاح المسجد الأقصى المبارك والصخرة المشرفة وإنقاذها من الأخطار التي كانت تتهددها بالانهيار، وقد تم ذلك بأموال الأوقاف وتبرعات العرب والمسلمين في شتى أنحاء العالم.
وفي [[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]] التحق ب[[الإخوان المسلمون والأزهر الشريف|الأزهر]]، واتصل بالشيخ [[محمد رشيد رضا]]، وانتظم في دار [[الدعوة]] والإرشاد التي أسسها الشيخ رشيد، وكان يتردد على الجامعة المصرية القديمة ليستمع إلى المحاضرات التي يلقيها كبار الأساتذة المصريين، فاجتمع له زاد من الثقافة الدينية العميقة والعلوم العصرية الجديدة.


وشاءت الأقدار ألا يستكمل الطالب النابه دراسته ب[[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]]، فقد نشبت [[الحرب العالمية الأولى]] وكان في [[القدس]] في زيارة لأهله، فحيل بينه وبين العودة، وأرسله والده إلى الأستانة ليلتحق بالمدرسة الحربية وتخرج منها ضابطاً، والتحق بالجيش العثماني في ولاية أزمير، وعمل في مراكز عسكرية أخرى على البحر الأسود حتى نهاية الحرب مما أكسبه خبرة جيدة، كان لها الأثر الأكبر في شخصيته وحياته.


استطاع الحسيني أن يجعل لنفسه من خلال المجلس نفوذاً سياسياً ساعد على مواصلة النشاط والجهاد، بالرغم من المعارضة القوية التي كانت موجهة إليه وإلى الحركة الوطنية معاً، وقد قامت هذه المعارضة في البداية على التنافس العائلي على منصب رئيس بلدية القدس، وكانت ركائز هذه المعارضة البلديات التي يسيطر عليها الإنجليز، وأركانها رؤساء هذه البلديات، والإنجليز كانوا يغذونها، وأطلق المعارضون على أنصار الحركة الوطنية اسم (المجلسيين) نسبة إلى المجلس الإسلامي الأعلى الذي رأسه الحاج أمين، واختاروا لأنفسهم اسم (المعارضون) ومن هؤلاء المعارضين عائلة النشاشيبي والشقيري، وهكذا انقسمت البلاد إلى فئتين وكان لهذا الانقسام أثره في حياة فلسطين، وفي حركتها الوطنية، حيث أثارت المعارضة الفتن، والشغب على المجاهدين، وكانت تستعين على هذا بما تتمتع به من عون من الإنجليز واليهود تحقيقاً لمبدأ فرق تسد !! فتستجيب لها وتقع في مصيدتها بعض النفوس الضعيفة.
بعد نهاية الحرب، عاد الضابط الحسيني إلى [[القدس]]، وأصبح يعرف بين الناس بالحاج أمين الحسيني إذ كان قد اكتسب لقب الحاج عندما حج برفقة والدته.  


وهكذا كانت كتابات الحسيني تتلخص إثر عودته إلى بلده في كونه شاباً عربياً مؤمناً ومتعلماً، ملماً بالفكر الإسلامي النير، والعلوم المفيدة، والخبرة العسكرية، ويعرف من اللغات الأجنبية التركية والفرنسية، بالإضافة إلى ذلك كله كان بحكم انتمائه إلى أسرة آل الحسيني، ذات النسب والشرف مهيأ ليكون زعيماً وداعية مسموع الكلمة.


كان الحاج أمين القوة الدافعة للحركة الوطنية، ومركز الثقل في المقاومة الفلسطينية، والعنصر الفعال الموجه في المحيط العربي الفلسطيني، السياسي والوطني على السواء، هذا بالإضافة إلى الدور العظيم الذي كان يقوم به في مضمار الشؤون الإسلامية، مما حفز الإنجليز وأعوانهم اليهود إلى مقاومته والتخلص منه.
== محمد أمين الحسيني مفتيًا ل[[فلسطين]] ==


أدرك أمين الحسيني مكائد [[الإنجليز]] ومكرهم الخبيث، فعمل على إحباط ما ترسمه [[السياسة]] [[الإنجليز]]ية التي تحابي [[اليهود]] دون خجل أو مواربة، فقاد ثورة [[القدس]] الأولى سنة (1339هـ = [[1920]]م)، الأمر الذي أفزع [[الإنجليز]]، فحاولو القبض عليه، لكنه نجح في الإفلات منهم، فأصدروا عليه حكمًا بالسجن لمدة عشر سنوات، وظل في دمشق بعيدًا عن أيديهم.


شارك أمين الحسيني في العمل الوطني الفلسطيني منذ نهاية الحرب العالمية الأولى في عام [[1918]]م، وشارك في عقد المؤتمر العربي الفلسطيني" الأول عام 18/1919م، والمظاهرات الفلسطينية في عام 1920م، وقد اتهمته السلطات البريطانية بأنه وراء هذه المظاهرات، وهاجم شباب [[القدس]] القافلة البريطانية المشرفة على ترحيله للسجن، وهرب إلى سوريا، وحكم عليه غيابيًّا بالسجن 15 سنة، وتحت ضغط الغضب الفلسطيني تم العفو عنه، وبعد عودته بأشهر يُتَوفَّى شقيقه مفتي القدس، ويرشِّحه رجال فلسطين لخلافه شقيقه وهو ابن خمسة وعشرين عامًا، ويفوز الشاب بالمنصب، ولكنه لا يكتفي بهذا، فيطالب بتشكيل هيئة إسلامية تشرف على كافة الشئون الإسلامية في فلسطين، وينجح في حمل السلطة البريطانية على الموافقة، ويفوز في انتخابات رئاسة هذه الهيئة، ويعمد من خلال هذه الهيئة إلى تنظيم الشعب الفلسطيني، فينظم الجمعيات الكشفية، وفرق الجوالة، وإعدادها إعدادًا جهاديًّا، ويتصل بكافة المخلصين من أمثال عزِّ الدين القسَّام وعبد القادر الحسيني وغيرهما؛ لتنظيم جمع السلاح وتدريب المجاهدين لمقاومة المؤامرة الصهيونية.
ولما تُوفي أخوه كامل الحسيني مفتي [[فلسطين]] سنة (1341هـ = [[1922]]م) اختير محمد أمين الحسيني خليفة لأخيه في هذا المنصب الجليل، فقام عليه خير قيام، وأهلته كفاءته أن يُختار رئيسًا للمجلس الشرعي [[الإسلام]]ي الأعلى، ومديرًا لشئون الأوقاف والمحاكم الشرعية.


وقد نهض محمد أمين الحسيني بكل هذه الأعباء التي أُلقيت على كاهله، فأصلح المحاكم الشرعية وأعد لها لوائح جديدة تيسِّر عملها في خدمة الناس، وضبط أموال الأوقاف وأنفقها في وجوه البر، فأنشأ دارًا للأيتام، جمعت من فقد أبويه وأهله ووضع لها برنامجًا إصلاحيًا، يتلقون فيها العلم، إلى جانب تعلم بعض مهارات المهن الضرورية كالطباعة والنجارة والحياكة. واهتم بتوجيه الشباب، فأنشأ الكلية [[الإسلام]]ية سنة (1343هـ = [[1924]]م) ب[[القدس]] بجوار [[المسجد الأقصى]] لتقبل من أنهوا دراساتهم الثانوية، وطاف العواصم العربية يجمع التبرعات لإنشاء جامعة [[الأقصى]]، كما أرسل بعثات تعليمية إلى [[مصر]]، ليلتحق أعضاؤها ب[[الأزهر]] الشريف ومدرسة دار العلوم.
== المواجهة المبكرة للوجود [[الصهيونية|الصهيوني]] ==


في أواخر تموز [[1929]] وقع اصطدام عنيف بين الفلسطينيين واليهود في ساحة البراق الشريف بسبب محاولة اليهود اقتحامه وفرض سيطرتهم عليه، ووقف الإنجليز إلى جانب اليهود، وامتدت الاصطدامات وأخذت تتوالى حتى حصل الانفجار الكبير يوم الجمعة 23 آب والذي يعرف (بثورة البراق) حيث حدثت اشتباكات في جميع أنحاء المدينة وغدت الشوارع مسرحاً لقتال العرب واليهود، وكانت حصيلة هذه الاشتباكات التي انتهت في 30 آب مقتل وجرح 450 من اليهود و348 من العرب.
[[ملف:الحاج أمين الحسينى معأحد الجنود.jpg|تصغير|200بك|<center>'''الحاج [[محمد أمين الحسيني]] مع أحد الالمان'''</center>]]


ولم تشغله كل هذه الأعباء عن القضية التي نذر لها حياته، وعاش من أجلها وهي قضية الوجود [[الصهيونية|الصهيوني]] في [[فلسطين]]، وكان قد تنبه إلى خطورة تحركها ومكرها الخفي في التسلل والاستيلاء على الأراضي المقدسة.


لما رأى الحسيني انحياز الإنجليز مع اليهود، لجأ إلى قوة العالم الإسلامي مستنداً إلى مكانته الدينية، ودعا إلى عقد مؤتمر إسلامي رسمي في القدس، يشعر سلطات الانتداب بأن عرب فلسطين ليسوا وحدهم، فهناك الملايين من العرب والمسلمين يساندونهم. وافتتح المؤتمر الإسلامي العام رسمياً يوم الإسراء 7/12/1931، حضره حشد كبير من العلماء والشخصيات السياسية، استنكروا فيه جميع أنواع الاستعمار وفي أي قطر من الأقطار الإسلامية، كما وضع المؤتمر قرارات رئيسية أهمها: وضع نظام لعقد المؤتمر كل سنتين، إنشاء جامعة إسلامية في القدس باسم (جامعة الأقصى)، التعاهد بالدفاع عن البراق، إيجاد دائرة معارف إسلامية، تأسيس شركة زراعية لإنقاذ الأراضي ومساعدة الفلاحين والقرويين وأرباب الحرف، وإيجاد شركات تعاونية للتسليف.
وحين رأى بعض الغافلين يبيعون أراضيهم [[اليهود|لليهود]] هاله ذلك، وأخذ يقاوم هذه العملية الخبيثة، واستصدر فتوى من مؤتمر علماء [[فلسطين]] الأول سنة (1354هـ = [[1935]]م) تحرم ذلك، ووقف بكل حزم أمام محاولات [[اليهود]] للاستيلاء على حائط المبكي، فحاولوا إغراءه بمبالغ طائلة ليتغاضى عن ذلك فباءت محاولتهم بالفشل.


وقاوم عملية هجرة [[اليهود]] إلى [[فلسطين]] وامتلاكهم الأراضي التي كان الاحتلال البريطاني يمنحها لهم، وشارك في الإضراب العام الذي تم في سنة (1355هـ = [[1936]]م) ودعا إلى استمراره حتى يستجيب الاحتلال لمطالبهم المشروعة التي تتمثل في منع الهجرة [[اليهود]]ية إلى [[فلسطين]]، وأصدر بيانًا دعا فيه الناسس إلى الامتناع عن دفع الضرائب إلى الحكومة مالم تستجب لهذه المطالب الوطنية.


عندما تدفقت الهجرة اليهودية على [[فلسطين]]، ازداد نشاط الحركة الوطنية وقامت بعدة مظاهرات يترأسها الشيخ [[موسى كاظم الحسيني]] ، وتعاقبت المظاهرات، وأخذ الوضع يتأزم بمرور الزمن خاصة بعد قيام اليهود بتهريب الأسلحة والأعتدة على نطاق واسع، وتوزيعها على المستعمرات اليهودية، وتشكيل عصابات سرية للإرهاب والتخريب، مما جعل الحاج الحسيني يؤلف لجان سرية من شبان فلسطين لشراء السلاح من داخل فلسطين ومن سورية ومن لبنان والعراق وشرق الأردن، ونقله إلى فلسطين، كما أقام المفتي مراكز سرية في عدة مناطق فلسطينية لتدريب الشبان المؤهلين على استعمال السلاح وحرب العصابات مستعيناً بعدد من كبار الضباط العرب المتقاعدين (من فئة الضباط الناجحين في العهد العثمانيكما شكل مجموعات مسلحة من الوطنيين الصامدين في بعض أنحاء فلسطين في الشمال، وكان الشيخ [[علي رضا النحوي]] مسؤولاً عن هذا التنظيم، أما المناطق الجنوبية وخاصة القدس، فقد كون الشبان الوطنيون تنظيماً بقيادة عبد القادر الحسيني أطلقوا عليه اسم (الجهاد المقدس).
وأدرك [[محمد أمين الحسيني]] أن الأقوال لا قيمة لها مالم تُقرن بالعمل، وأن الخطب والبيانات لا تحرر أرضًا دون [[الجهاد|جهاد]] ونضال، فقام باستنهاض همة شعبه [[الجهاد|للجهاد]]، وأوقد في أفئدته جذوة الكفاح وشعلة المقاومة، فشكّل جماعات مسلحة ضد المحتلين الغاصبين سنة (1350هـ = [[1931]]موظلت تقوم بعملها المسلح حتى قامت منظمة [[الجهاد]] المقدس سنة (1354هـ = [[1935]]م) بقيادة [[عبدالقادر الحسيني]]، وإشراف المفتي.


== الخروج من الوطن ==


توالت الاشتباكات المسلحة بين العرب واليهود بسرعة فائقة، مما أدى إلى إعلان الإضراب العام الذي شمل البلاد كلها، وهو ردة فعل فورية إزاء الأخطار المحدقة بالبلاد إثر الهجرة المكثفة لليهود، وانتقال ملكية الأراضي لليهود، وحرمان العرب من أي نوع من أنواع الحكم الذاتي. واستمر الإضراب في تصاعد مستمر، ودعا المفتي إلى الوحدة الوطنية بين الأحزاب الفلسطينية وانتخبوا لجنة برئاسة الحاج الحسيني وعضوية ممثلي الأحزاب الستة أطلقوا عليها اللجنة العربية العليا، حيث أعلنت هذه اللجنة قرارها بالاستمرار في الإضراب العام إلى أن تمنع الحكومة البريطانية الهجرة اليهودية منعاً باتاً، وتمنع انتقال ملكية الأراضي لليهود، وتوافق على إنشاء حكومة وطنية مسؤولة أمام مجلس نيابي، إلا أن الحكومة البريطانية لم تأبه بمطالب اللجنة العليا، وأصدرت تقريراً يقتضي تقسيم البلاد إلى ثلاث مناطق (منطقة عربية تضم إلى شرق الأردن، منطقة يهودية تشمل أجود الأراضي الساحلية وتمتد من حدود لبنان إلى المجدل عبر سهل مرج بن عامر وبيسان والجليل، ومنطقة واقعة تحت الانتداب البريطاني).
[[ملف:أمين الحسيني مع هتلر.jpg|تصغير|200بك|<center>الشيخ [[محمد أمين الحسيني]] وحديث مع هتلر</center>]]


[[ملف:الإمام-الشهيد-حسن-البنا-وأمين-الحسيني.jpg|تصغير|'''<center>الإمام الشهيد حسن البنا وأمين الحسيني</center>''']]
فزع [[الإنجليز]] من حركة محمد أمين الحسيني اليقظة وسعيه الدائب وتنديده بهم، وأدركوا خطره عليهم، فحاولوا القبض عليه، لكنه نجح في الهروب إلى [[:تصنيف:الإخوان في لبنان|لبنان]]، فتعقبه [[الإنجليز]] وضغطوا على فرنسا لتسليمه إليها، وكانت [[:تصنيف:الإخوان في لبنان|لبنان]] تحت سيطرتها، فاضطر أمين الحسيني إلى الذهاب إلى [[:تصنيف:الإخوان في العراق|العراق]] سنة (1358هـ = [[1939]]م)، وهناك وقف إلى جانب ثورة [[رشيد الكيلاني]] سنة 1360هـ = [[1941]]م) ضد [[الإنجليز]]، ولما فشلت الثورة فرّ المفتي من [[:تصنيف:الإخوان في العراق|العراق]] عبر طريق [[:تصنيف:الإخوان في إيران|إيران]] إلى ألمانيا؛ ليوطد صلته بالعدو الأول [[الإنجليز|للإنجليز]]، فقابل [[هتلر]] وحاول كسب تأييد بلاده لقضيته.
أعلنت اللجنة العربية العليا رفضها قرار التقسيم، لذا اعتبرت بريطانيا المفتي العقبة الوحيدة أمام حل القضية الفلسطينية والتفاهم مع اليهود، ورأت ألا تترك الساحة خالية لنشاطه، بل عليها أن تقيله من مناصبه وخاصة رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى، وأن تبطش به وبالفريق المتصلب من المتطرفين، فاقتحمت مقر اللجنة العربية العليا لاعتقال المفتي، لكنه نظراً للحراسة المشددة التي تحيط به تمكن من الإفلات والاختباء في بيته الواقع بين أروقة [[المسجد الأقصى]] مما تعذر على الإنجليز دخوله خوفاً من انتهاك حرمة المكان، ولفت الرأي العام العربي لعملهم هذا، واستمرت تحاصر المكان مدة 3 أشهر قطعت خلالها البريد والتلفون والكهرباء، فعاش المفتي في عزلة تامة عن العالم. وخوفاً من نشوب القتال في ساحة الحرم بين المجاهدين الذي جاؤوا لحماية زعيمهم وبين الأعداء، قرر المفتي مغادرة البلاد، وقبل مغادرته كان قد أعد بياناً دعا فيه الشعب لاستئناف حمل السلاح في 15 تشرين أول 1937.


استطاع المفتي التسلل والفرار ـ بعد تعرضه لمشاق كبيرة ـ إلى لبنان، وعند وصوله قامت مظاهرات تأييد له واحتجاجاً على السلطات الفرنسية التي قررت نفيه إلى باريس لكنهم تراجعوا، وفي هذه الأثناء حلت الحكومة البريطانية اللجنة العليا ونفت الزعماء إلى الخارج، لكن الحسيني قبل خروجه من فلسطين أعد لاستئناف الثورة، فلما نجح في الإفلات تفجرت الثورة مرة أخرى، وجعل يشرف على إدارتها من لبنان، ويتابع أخبار المجاهدين وبنفس الوقت يتابع أخبار وتحركات الإنجليز، كما كون اللجنة المركزية للجهاد من الشيخ [[حسين أبو السعود]] و [[منيف الحسيني]] واسحق درويش في لبنان و [[عزة دروزه]] و [[معين الماضي]] في دمشق، وقامت هذه اللجنة بتوجيه الثورة وإمدادها وإسعاف منكوبيها، كما أخذت تجهز بعض البارزين من المجاهدين وتسيرهم إلى [[فلسطين]] ليتولوا قيادة الحركة الجهادية في مرحلتها الجديدة، وتنشئ الصلات بين من بقي منهم في فلسطين وتمدهم بما تستطيعه من مال وسلاح، وتبذل جهودها في سبيل الحصول على التبرعات من مختلف البلاد العربية، ويذكر أنه تعاونت لجنة الدفاع عن فلسطين، برئاسة نبيه العظمة، والمجاهدون السوريون كل التعاون مع اللجنة المركزية، خاصة في المساعدات المادية وفي حماية رجال الثورة من عيون الفرنسيين.
'''وكانت رسالة المفتي السابقة على وصوله لألمانيا تتضمن المطالب الآتية:'''


*الاعتراف الرسمي من جانب دول المحور باستقلال كل من: مصر، [[:تصنيف:الإخوان في المملكة العربية السعودية|السعودية]]، [[:تصنيف:الإخوان في العراق|العراق]]، [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]].


تأزمت الحال في صيف 1939 في أوروبا، وتقاربت فرنسا وبريطانيا، وطلبت بريطانيا من فرنسا أن تضيق الخناق على المجاهدين الفلسطينيين في سورية ولبنان، ووضع المفتي تحت المراقبة الشديدة من مختلف طبقات المجتمع من موظفي الأمن العام حتى التجار إلى الباعة، لكن بفضل الله ورعايته استطاع في غفلة من الفرنسيين الفرار إلى العراق بعد مكوثه سنتين في لبنان.
*الاعتراف بحق البلدان العربية الخاضعة للانتداب: [[:تصنيف:الإخوان في سوريا|سورية]]، [[:تصنيف:الإخوان في لبنان|لبنان]]، [[:تصنيف:الإخوان في فلسطين|فلسطين]] و[[:تصنيف:الإخوان في الأردن|الأردن]] بالاستقلال.


*الاعتراف بحق البلدان الخاضعة للاحتلال [[الإنجليز|الإنجليزي]] بالاستقلال: [[:تصنيف:الإخوان في السودان|السودان]]، [[:تصنيف:الإخوان في البحرين|البحرين]]، [[:تصنيف:الإخوان في الكويت|الكويت]]، [[:تصنيف:الإخوان في عمان|عمان]]، [[:تصنيف:الإخوان في قطر|قطر]]، حضرموت، [[:تصنيف:الإخوان في الإمارات|إمارات]] الخليج العربي.


كان العراق في تلك الفترة يتمتع باستقلال نسبي، وكان أكثر البلدان العربية ملاءمة لقبول لجوء المفتي إليه، وكان قد وصل إلى العراق قبله مائتا مجاهد فلسطيني، فأظهر لهم الشعب والحكومة العراقية كرماً عظيماً، وبانتقال سماحته إلى بغداد أصبح العراق مركز الثقل للقضية الفلسطينية. وفي العام الأول من وجوده في بغداد قام بتأسيس (حزب الأمة العربية) وقد كان للحزب دستور تلخصت أهدافه السياسية بالاستقلال للبلدان العربية من نير الاستعمار والوحدة بينها، وقد تألفت النواة الأولى للحزب برئاسة المفتي، فانضم إلى هذا الحزب السري عدد من السياسيين والعسكريين العراقيين وعدد من السياسيين العرب الذين كانوا في العراق في ذلك الوقت. حيث كان هذا الحزب القوة السياسية والأساسية المحركة للأحداث على الصعيدين السياسي والعسكري ومن هؤلاء العسكريين العراقيين: رشيد عالي الكيلاني، يونس السبعاوي، ناجي شكوت، وصلاح الدين الصباغ.
*إعادة عدن وبقية الأجزاء المنفصلة عن [[:تصنيف:الإخوان في اليمن|اليمن]]، والتي يستعمرها [[الإنجليز]].


*الإعلان من قبل دول المحور أنها لا تطمع في [[مصر]] و[[:تصنيف:الإخوان في السودان|السودان]].


انتهز المفتي فرصة وجوده في بغداد، فطلب من السلطات العراقية أن تقوم بتدريب الفلسطينيين تدريباً عسكرياً، ودخل عدد كبير منهم في مدرسة ضباط الاحتياط وحصلوا على شهادتها، وكذلك في كلية الأركان والمعاهد العسكرية وأتموا تدريبهم فيها.
*الإعتراف بحق العرب في إلغاء الوطن القومي [[اليهود]]ي وعدم الاعتراف به.


وفي لقاء مع هتلر في عام [[1941]]م، رد هتلر أن هذه المطالب سابقة لأوانها، وأنه عند هزيمته لقوات الحلفاء في هذه المناطق يأتي وقت مثل هذا الإعلان، ثم كانت المفأجاة عندما عرض أمين الحسيني في لقائه الثاني تكوين جيش عربي إسلامي من المتطوعين في الشمال الأفريقي وشرق المتوسط لمقاومة الحلفاء، فكان رد هتلر '''"إنني لا أخشى الشيوعية الدولية، ولا أخشى الإمبريالية الأمريكية البريطانية [[الصهيونية]]، ولكن أخشى أكثر من ذلك كله هذا [[الإسلام]] السياسي الدولي"'''،


كان الحاج أمين يتمتع بسمعة وطنية كبيرة من جميع الأطراف في العراق، حيث قام بدور كبير في أحداث العراق، وعمد إلى إزالة أسباب الخلاف التي كادت تؤدي بالجيش إلى الصدام، الرابح منه الإنجليز وحدهم، حيث قامت في ذلك الوقت معركة سياسية ضارية قسمت الجيش إلى معسكر يتجمع حول (نوري السعيد) الذي يرى أن التعاون مع الإنجليز في الحرب يوصل العراق إلى حقوقه الوطنية، ومعسكر آخر يتجمع حول [[رشيد عالي الكيلاني]] الذي يرى أنه يستحيل الاعتماد على الإنجليز الذين تسيطر عليهم الصهيونية، وكان يذهب إلى التعاون مع الألمان. ازدادت نقمة الإنجليز على المفتي أمام هذا العمل الدؤوب الذي كان لصالح العراق وقضية فلسطين، وزاد هذه النقمة أنه استطاع أن يحسن الجو بين السعودية والعراق، مما أدى إلى تهيئة البلدين لتحقيق وحدة مستقبلية.
وأثناء إقامة المفتي في ألمانيا، وصل إليها [[رشيد عالي الكيلاني]] ، فتقدم الاثنان بعدة مشاريع لتصريح رسمي أو معاهدة بين العرب والمحور تضمن للعرب الاعتراف من قبل المحور بالحرية والاستقلال للأقطار العربية الواقعة تحت الحكم البريطاني، وبالعمل للقضاء على الوطن القومي [[اليهود]]ي في [[فلسطين]]، وبعد موافقة هتلر تمكنا من الحصول على تعهد رسمي من ألمانيا وإيطاليا موقع عليه من وزيري الخارجية الألماني والإيطالي، مؤيداً مطالبهم وموضحاً استعداد الحكومة الألمانية للمشاركة مع العرب في الكفاح ضد العدو المشترك [[الإنجليز]] و[[الإخوان المسلمين واليهود|اليهود]] حتى يتحقق النصر.


طلبت السلطات العراقية من المفتي الاتصال سرياً مع الألمان لطلب السلاح والحصول على تصريح من الحكومة الألمانية بشأن استقلال الأمة العربية وحريتها، وبالفعل تم ذلك حيث أرسل أمين وزارة الخارجية الألمانية رسالة إلى المفتي، بين فيها استعداد ألمانيا دعم الشعب العربي في حالة وقوع حرب مع الإنجليز، إذا مكنتها وسائل المواصلات من ذلك، وذكر أن الشعبين الألماني والعربي متفقان على الكفاح ضد العدو المشترك الإنجليز واليهود، وطلب بقاء هذه الرسالة سرية.
[[ملف:أمين الحسيني في ألمانيا.jpg|تصغير|200بك|<center>الحاج [[محمد أمين الحسيني]] وسط الجنود الألمان</center>]]


كما طلب المفتي من السلطات الألمانية أن توسع مجال عملها بشكل يتمكن فيه كل العرب المقيمين في بلاد المحور من الانضمام إلى الجيش الألماني للتدريب وتكوين جيش عربي، وبالفعل قررت الحكومة الألمانية إنشاء (الجيش العربي) ومد هذا الجيش بالأسلحة اللازمة، ولتحقيق هذا بنى الألمان مستودعاً كبيراً تخزن فيه الأسلحة الخفيفة، ووضعوا تحت تصرف الجيش أربع طائرات لنقل العتاد ووضعه في مخابئ سرية لتدريب المجاهدين في [[فلسطين]].


قامت [[الثورة العراقيه]] في أيار عام 1941، وكان للمفتي دور كبير في الحث عليها والوقوف معها، حيث أقنع القادة العراقيين أن هذه حركة تحريرية وطنية هدفها تحرير العراق من براثن الاستعمار البريطاني، ليمارس سيادته واستقلاله الوطني كاملاً غير منقوص، وصمم العراقيون على الدفاع عن حريتهم وكرامتهم، في حين صمم الإنجليز على الاعتداء على العراق وقامت هذه الثورة بقيادة [[رشيد عالي الكيلاني]] ، ووقف المفتي إلى جانبه فحشد المئات من المجاهدين الفلسطينيين والعرب الملتفين حوله، وكان يتصل بكبار الضباط ويقوم بتوجيههم، ويثير فيهم روح الجهاد ويعمل على تقوية روح المقاومة عند أبناء الشعب العراقي، إلا أنه ولأسباب عدة لم يكتب لهذه الثورة النجاح.
أثناء إقامة المفتي في ألمانيا سمع بالمآسي التي حلت بالشعب البوسني المسلم عندما تصارعت عليه القوميتين الكرواتية والصربية، حيث اجتمع بزعماء بوسنة وهرسك، وبعد البحث معهم ومع قيادة القوات الألمانية في كيفية المحافظة على حياة البشانتة ومنع وقوع المذابح فيهم، وافقت الحكومة الألمانية على تجنيد الشبان منهم وتسليحهم للدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم، كذلك اتفق المفتي مع السلطات الألمانية على إنشاء معهد للأئمة لتوزيعهم على وحدات الفرق البوسنية الذين زاد عدهم عن 100 ألف مقاتل، وقد أنشأ المعهد واختير له عدد من علماء البشناق لتوجيه أولئك الأئمة، وأنشأ المفتي كذلك بالاتفاق مع الألمان معهداً آخر في (دردسن) لتخريج الأئمة الأذربيجانيين والقوقازيين وغيرهم، وبذلك زاد عدد المجندين في بلاد المحور من عرب وبوسنيين وأذربيجانيين وغيرهم على مائتي ألف مقاتل، استطاعوا أن يمنعوا المجازر عنهم وعن جميع مسلمي البلقان وشرق أوروبا.


اشتدت غارات الحلفاء على ألمانيا عام [[1943]]، فكانت بعض الغارات تهاجم برلين بألف طائرة أو أكثر، ولما شرع الحلفاء بالزحف على الأراضي الألمانية عام [[1945]] انتقل المفتي إلى باريس.


حاول الإنجليز اعتقال المفتي، لكنه استطاع الإفلات من أذاهم والهروب إلى إيران، ولم تطل إقامته هناك بسبب احتلال القوات الروسية والبريطانية المشتركة للعاصمة طهران حيث كان يقيم، واستطاع بعد جهد ومشاق، السفر إلى إيطاليا عبر تركيا بمساعدة الطليان، ومن إيطاليا توجه إلى ألمانيا، حيث حل ضيفاً على الحكومة الألمانية.
ولما انتهت الحرب العالمية الثانية بانتصار الحلفاء وهزيمة ألمانيا لم تغفل [[الصهيونية]] عن إدراك ثأرها من الرجل المناضل، فنادت المنظمات [[اليهود]]ية بتقديمه إلى المحاكمة باعتباره مجرم حرب، وأنه حرّض هتلر على إبادة [[اليهود]]ية، وما كانت الاحتجاجات التي توالت على هذا الاتهام إلا بسبب عداء [[السياسة]] الاستعمارية له، ولنشاطه الدائب في محاربة [[الصهيونية]] بكل وسيلة ممكنة، ولجهوده الصادقة في مناصرة مسلمي البوسنة الذين تعرضوا للفتك على أيدي الصرب، وكان قد تدخل في سنة (1362هـ = [[1943]]م) لحماية المسلمين ورفع الظلم عنهم.


== الاستقرار ب[[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]] والاتصال ب [[جماعة الإخوان المسلمين]] ==


'''وكانت رسالة المفتي السابقة على وصوله لألمانيا تتضمن المطالب الآتية:'''
[[ملف:أمين الحسيني مع مع عبدالناصر ونجيب.jpg|تصغير|200بك|<center>[[محمد أمين الحسيني]] و[[عبد الناصر]] و[[محمد نجيب]]</center>]]


*الاعتراف الرسمي من جانب دول المحور باستقلال كل من: مصر، السعودية، العراق، اليمن.
ضاقت الحياة بالمفتي وهو في برلين بألمانيا بعد انتصار الحلفاء، وجدّت بريطانيا في القبض عليه، فلم يجد مفرًا من الرحيل سرًا في مغامرة جريئة إلى [[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]] سنة (1366هـ = [[1946]]م)، واستُقبل فيها استقبالاً حارًا، وقابله [[الملك فاروق]] وأحسن استقباله، وبدأ في استئناف نشاطه من جديد، وأنشأ الهيئة العربية العليا ل[[فلسطين]]، وهيئتها المالية التي عرفت باسم "بيت المال العربي"؛ كي تتولى جمع التبرعات وتنظيم إنفاقها في أعمال [[الجهاد]].


*الاعتراف بحق البلدان العربية الخاضعة للانتداب: سورية، لبنان، فلسطين والأردن بالاستقلال.
وقد سارع المفتي وإخوانه المجاهدين بشراء السلاح وتنظيم قوات [[الجهاد]] بمساعدة [[جماعة الإخوان]] المسلمين، فكان الشهيد [[يوسف طلعت]] و[[رشاد مهنا]] و[[عبدالقادر الحسيني]] يقومون بشراء الأسلحة وإدخالها إلى [[فلسطين]] عبر [[سيناء]].


*الاعتراف بحق البلدان الخاضعة للاحتلال الإنجليزي بالاستقلال: السودان، البحرين، الكويت، عمان، قطر، حضرموت، إمارات الخليج العربي.
وأعاد المفتي تنظيم جيش [[الجهاد]] المقدس، وأسند قيادته إلى [[عبدالقادر الحسيني]]، وأنشأ منظمة الشباب ال[[فلسطين]]ي التي انصهرت فيها منظمات الفتوة و[[الجوالة]] والكشافة، وتولى قيادتها الصاغ [[محمود لبيب]] من قيادات جماعة [[الإخوان]]، وكُلِّف بمهمة تدريب الشباب على القتال.


*إعادة عدن وبقية الأجزاء المنفصلة عن اليمن، والتي يستعمرها الإنجليز.
== المفتي رئيسًا للهيئة العربية ل[[فلسطين]] ==


*الإعلان من قبل دول المحور أنها لا تطمع في مصر والسودان.
[[ملف:الإمام-الشهيد-حسن-البنا-ومحمد-علي-جناح-رئيس-باكستان-وأمين-الحسيني.jpg|تصغير|<center>'''الإمام الشهيد [[حسن البنا]] و[[محمد علي جناح]] رئيس [[باكستان]] و[[محمد أمين الحسيني]]'''</center>]]


*الاعتراف بحق العرب في إلغاء الوطن القومي اليهودي وعدم الاعتراف به.
كان المفتي محمد أمين الحسيني قد خبر السياسة وألاعيبها، وفطن إلى خداع البريطانيين ومكر [[اليهود]]، وأن الصدام العسكري آت لا محالة فاستعد له، لأن الحق مالم يصاحبه قوة تحميه ضاع بين مخالب الأقوياء، فلما أصدرت الجمعية العامة الأمم المتحدة|للأمم المتحدة قرارها بتقسيم [[فلسطين]] سنة (1367هـ = [[1947]]م) رفض أمين الحسيني هذا القرار وندد به باعتباره رئيس الهيئة العربية العليا، ودعا إلى [[الجهاد]] المقدس.


واستجاب لدعوته [[الإمام الشهيد]] [[حسن البنا]]، وأعلن أنه على استعداد لأن يبعث عشرة آلاف مجاهد من [[الإخوان المسلمين]] إلى [[فلسطين]]، لكن [[الحكومة]] رفضت هذا الطلب، فتظاهر [[الإخوان المسلمون]] وعلى رأسهم [[المرشد العام]] في [[الإخوان المسلمون والأزهر الشريف|الأزهر الشريف]]، فتراجعت [[الحكومة]] عن موقفها، وسمحت [[للإخوان المسلمون]] بالتدريب، ووصلت كتائبهم إلى [[فلسطين]].


وفي لقاء مع هتلر في عام 1941م، رد هتلر أن هذه المطالب سابقة لأوانها، وأنه عند هزيمته لقوات الحلفاء في هذه المناطق يأتي وقت مثل هذا الإعلان، ثم كانت المفأجاة عندما عرض أمين الحسيني في لقائه الثاني تكوين جيش عربي إسلامي من المتطوعين في الشمال الأفريقي وشرق المتوسط لمقاومة الحلفاء، فكان رد هتلر "إنني لا أخشى الشيوعية الدولية، ولا أخشى الإمبريالية الأمريكية البريطانية الصهيونية، ولكن أخشى أكثر من ذلك كله هذا الإسلام السياسي الدولي،
ولم تكن هذه الاستجابة إلا تلبية لنداء الأخوة الإسلامية والقيام بالواجب والتعاون، وكانت الصلة بين جماعة [[الإخوان]] ومفتي [[فلسطين]] قديمة، ترجع إلى سنة (1354هـ = [[1935]]م) حين أرسل الإمام [[حسن البنا]] وفدًا من عنده إلى [[فلسطين]] لمقابلة المفتي ومساندته في جهاده ضد [[اليهود]]، كما أنهم قاموا بحملة واسعة في أنحاء [[مصر]] لجمع تبرعات لمجاهدي [[فلسطين]] تحت اسم (ادفع قرشًا ل[[فلسطين]])، وقامت صحفهم بإثارة الوعي نحو قضية [[فلسطين]]، وإشعال الثورة في نفوس ال[[مصر]]يين ضد المحتلين [[اليهود]].


ولما أعلنت [[إسرائيل]] عن قيام دولتها دعا [[أمين الحسيني]] إلى عقد مؤتمر [[فلسطين|فلسطيني]] في [[غزة]] لإعلان استقلال [[فلسطين]] والعمل على تحرير أراضيها المحتلة، ولذا شكلت [[حكومة]] عموم [[فلسطين]] برئاسة [[أحمد عبدالباقي]]، لتتولى عملية الإعداد والتنظيم وترعى مصالح الشعب ال[[فلسطين]]ي.


وأثناء إقامة المفتي في ألمانيا، وصل إليها [[رشيد عالي الكيلاني]] ، فتقدم الاثنان بعدة مشاريع لتصريح رسمي أو معاهدة بين العرب والمحور تضمن للعرب الاعتراف من قبل المحور بالحرية والاستقلال للأقطار العربية الواقعة تحت الحكم البريطاني، وبالعمل للقضاء على الوطن القومي اليهودي في فلسطين، وبعد موافقة هتلر تمكنا من الحصول على تعهد رسمي من ألمانيا وإيطاليا موقع عليه من وزيري الخارجية الألماني والإيطالي، مؤيداً مطالبهم وموضحاً استعداد الحكومة الألمانية للمشاركة مع العرب في الكفاح ضد العدو المشترك الإنجليز واليهود حتى يتحقق النصر.
== الإقامة في بيروت ==


لم تطل إقامة [[أمين الحسيني]] ب[[:تصنيف:إخوان القاهرة||القاهرة]] بعد قيام حركة الجيش في [[مصر]]، فقد ضاق صدر القائمين على البلاد بإقامة المفتي المجاهد، وساءهم ثباته ونصرته [[جهود الإخوان تجاه القضية الفلسطينية|للقضية الفلسطينية]]، وإصراره على أن يكون حلها من خلال تضافر الجهود [[الإسلام]]ية المخلصة، وأن يخرج بالقضية من نطاق الجامعة العربية لتكون حدثًا إسلاميًا، وبسبب موقفه هذا تعرض لحملة ظالمة من الصحافة ال[[مصر]]ية لم تراع إلاّ ولا ذمة ولا خلقًا ولا دينًا، فاضطر الرجل أن يغادر [[:تصنيف:إخوان القاهرة|القاهرة]] إلى بيروت في أواخر الخمسينات، حيث أقام بها يشكو إلى الله من سوء الحكومات العربية التي لم تكن لها سياسة ثابتة ولا خطة معينة في معالجة القضية ال[[فلسطين]]ية.


كما طلب المفتي من السلطات الألمانية أن توسع مجال عملها بشكل يتمكن فيه كل العرب المقيمين في بلاد المحور من الانضمام إلى الجيش الألماني للتدريب وتكوين جيش عربي، وبالفعل قررت الحكومة الألمانية إنشاء (الجيش العربي) ومد هذا الجيش بالأسلحة اللازمة، ولتحقيق هذا بنى الألمان مستودعاً كبيراً تخزن فيه الأسلحة الخفيفة، ووضعوا تحت تصرف الجيش أربع طائرات لنقل العتاد ووضعه في مخابئ سرية لتدريب المجاهدين في [[فلسطين]].
وبعد نكبة سنة [[1967م]] أُصيب المفتي الأكبر بمرض قلبي جاء نتيجة لضغط نفسي متواتر، فقد عزّ عليه أن تُساق الجيوش العربية إلى المعركة دون تخطيط، وأن تلقى هزيمة ساحقة دون أن يبذل الجنود ما ينتظر منهم من قتال ومقاومة.


أثناء إقامة المفتي في ألمانيا سمع بالمآسي التي حلت بالشعب البوسني المسلم عندما تصارعت عليه القوميتين الكرواتية والصربية، حيث اجتمع بزعماء بوسنة وهرسك، وبعد البحث معهم ومع قيادة القوات الألمانية في كيفية المحافظة على حياة البشانتة ومنع وقوع المذابح فيهم، وافقت الحكومة الألمانية على تجنيد الشبان منهم وتسليحهم للدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم، كذلك اتفق المفتي مع السلطات الألمانية على إنشاء معهد للأئمة لتوزيعهم على وحدات الفرق البوسنية الذين زاد عدهم عن 100 ألف مقاتل، وقد أنشأ المعهد واختير له عدد من علماء البشناق لتوجيه أولئك الأئمة، وأنشأ المفتي كذلك بالاتفاق مع الألمان معهداً آخر في (دردسن) لتخريج الأئمة الأذربيجانيين والقوقازيين وغيرهم، وبذلك زاد عدد المجندين في بلاد المحور من عرب وبوسنيين وأذربيجانيين وغيرهم على مائتي ألف مقاتل، استطاعوا أن يمنعوا المجازر عنهم وعن جميع مسلمي البلقان وشرق أوروبا.
ولم يقف [[أمين الحسيني]] مكتوف اليد، فواصل حياة [[الجهاد]]، وصدع بالحق، وعبأ النفوس ضد ما يقال بشأن تهويد [[القدس]] أو تدويلها، وكانت الدعاية الصهيونية قد ملأت أسماع العالم تحاول أن تظفر بالمدينة المقدسة، وفي الوقت نفسه تسعى سعيًا حثيثًا على محو هوية المدينة الأسيرة، وإزالة كل أثر عربي وإسلامي بها.


اشتدت غارات الحلفاء على ألمانيا عام 1943، فكانت بعض الغارات تهاجم برلين بألف طائرة أو أكثر، ولما شرع الحلفاء بالزحف على الأراضي الألمانية عام 1945 انتقل المفتي إلى باريس
== وفاة المفتي المجاهد ==


ظلّ أمين الحسيني على العهد حتى أخريات عمره لا يعوقه عن أداء رسالته مرض أو هِرم أو دعايات مغرضة تنهش عرضه وتحاول تشويه جهاده، وشاء الله أن تقرّ عينه بانتصار المسلمين في معركة رمضان المجيدة سنة (1393هـ = [[1973م]])


== مطاردة من جديد ==
ولم تطل الحياة بالمفتي عقب هذا النصر المجيد فلقي الله في يوم الخميس الموافق (14 من جمادي الآخرة 1394هـ = 4 من [[يوليو]] [[1974]]م) بعد حياة عريضة ودُفن في مقبرة الشهداء ببيروت.


استطاع المفتي الهروب إلى ألمانيا في اللحظات الخيرة قبل سقوط برلين، وتم القبض عليه في فرنسا، وقضى يومين في زنزانة مظلمة، ولكنه تقدم للضابط المسئول وعرَّفه بنفسه ومكانته، وطالب أن يعامل بالشكل اللائق، وبالفعل انتقل لمنزل جنوب باريس، وعندما أعلن عن وجوده في فرنسا، بدأت المطاردة له من السلطات البريطانية والأمريكية، والصهيونية داخل فرنسا، ورفضت فرنسا أن تسلِّمه بسبب خلافها مع المصالح البريطانية والأمريكية، وحرصًا على عدم استثارة المشاعر الإسلامية، وتدخل ملك المغرب ورئيس تونس أثناء وجودهما في باريس، وطالَبَا باصطحاب المفتي معهما، وتدخلت الجامعة العربية، ورئيس باكستان محمد علي جناح، من أجل سلامة المفتي، ورفضت فرنسا، وبدأت المقايضة الأمريكية مع مشروعات إعادة إعمار فرنسا بتمويل أمريكي، وقبل أن تقرر فرنسا تسليمه لأمريكا استطاع أن يهرب المفتي من فرنسا عن طريق استخدام جواز سفر لأحد أنصاره في أوروبا، وهو الدكتور معروف الدواليبي بعد استبدال الصورة. ونجح المفتي في الوصول إلى القاهرة عام 1947م، ويظل متخفيًا بها عدة أسابيع حتى استطاع أن يحصل على ضيافة رسمية من القصر الملكي تحميه من المطاردة الدولية لشخصه.
== المراجع ==


*[[حسين أدهم جرار]]، [[الحاج أمين الحسيني رائد جهاد وبطل قضية]]، دار الضياء، [[عمان]]، [[الأردن]]، 1407هـ = [[1987]]م.


في مصر قام المفتي بتشكيل الهيئة العربية العليا ل[[فلسطين]] برئاسته حيث نظم الحركة الوطنية الفلسطينية تنظيماً حديثاً، وقرر إعداد الشعب لخوض الكفاح المسلح ضد الصهيونيين والإنجليز، وألف لجنة من قادة المجاهدين الفلسطينيين وبعض الضباط السوريين والعراقيين والمصريين لوضع الخطط وتحديد المطلوب من الأسلحة والمعدات للجهاد الذي كان أوانه قد اقترب بعد بروز فكرة التقسيم من جديد في الأوساط الأمريكية والبريطانية والصهيونية ومحيط الأمم المتحدة، كما أعاد تنظيم جيش الجهاد المقدس وأسند قيادته إلى [[عبد القادر الحسيني]] وأنشأ المفتي كذلك منظمة الشباب الفلسطيني التي انصهرت فيها منظمات الفتوة والجوالة والكشافة وأسند قيادتها للمجاهد الصاغ محمود لبيب ـ وهو قائد بارز من قادة الحركة الإسلامية بمصرـ وكلفه بمهمة تدريب الشباب على القتال.
* [[عوني جدوع العبيدي]]، [[صفحات من حياة الحاج أمين الحسيني]]، مكتبة المنار، [[الأردن]]، 1405هـ = [[1985]]م.


* [[عبدالله العقيل]]، [[من أعلام الحركة والدعوة الإسلامية المعاصرة]]، مكتبة المنار [[الإسلام]]ية، الكويت، 1422هـ = [[2001]]م.


ويبدأ الحاج أمين الحسيني في تنظيم صفوف المجاهدين من القاهرة، وتدخل [[القضية الفلسطينية]] طورها الحرج، وتعلن الأمم المتحدة مشروع التقسيم، وتعلن دولة إسرائيل، ويرأس المفتي الهيئة العربية العليا لفلسطين، وتبدأ الحرب، وتبدأ المؤامرات والخيانات، وتقوم بعض الدول العربية بمنع المجاهدين من الاستمرار في مقاومة العصابات الصهيونية، وذلك بحجة أن جيوشهم سوف تقوم بهذه المهمة، ثم يبدأ مسلسل الخيانات لاستكمال المؤامرة، وتنتهي الحرب بهزيمة الجيوش الدول العربية،وحدثت [[النكبه]] في 14 أيار [[1948]]،
* محمد رجب البيومي، [[النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين]]، دار القلم، دمشق، 1415هـ = [[1995]]م.


* [[أحمد طربيق]]، [[فلسطين في خطط الصهيونية والإستعمار]]، معهد البحوث والدراسات العربية، [[القاهرة]]، [[1972]]م.


ظل المفتي بعدها يعمل للدفاع عن قضية فلسطين حيث ألف حكومة فلسطينية في منطقة غزة برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي أطلق عليها (حكومة عموم فلسطين) لتتولى شؤون الكفاح. لكن التواطؤ والمؤامرات على القضية ظل مستمراً يجمد نشاط وعمل هذه الحكومة بعد أن أرغمت على الانتقال إلى مصر، وكذلك حُرمت الهيئة العربية العليا من حرية العمل والنشاط، وأغلقت في وجهها الصحف والمجلات ومحطات الإذاعة، بينما واصل الأعداء مساعيهم لتصفية القضية وكانت خطتهم الجديدة نقل القضية من أيدي أصحابها إلى الجامعة العربية، فتقرر إنشاء (إدارة خاصة ب[[فلسطين]]) في مجلس الجامعة تتولى القضية الفلسطينية من جميع نواحيها.
== ألبوم صور ==


{| cellpadding="2" cellspacing="7" style="width:100%; vertical-align:top; border:1px solid #cfe0f3; background:#f2f6fa;"
<div style="margin:0; font-size:120%; font-weight:bold; text-align:right; color:#f2f6fa;"></div>
|-
| id="EnWpMpBook2" style="background-repeat:no-repeat; background-position:10% 50%; color:#000; text-align:center;" |
'''<center><font color="blue"><font size=5>  ألبوم صور الحاج [[محمد أمين الحسيني]]  </font></font></center>'''


ومع قيام الثورة، يبدأ المفتي في تنظيم الأعمال الفدائية على كافة الجبهات، وتستمر العمليات حتى عام 1957م. وفي نفس الوقت ينشط في الجانب السياسي على مستوى الدول العربية والإسلامية، وبعض من الدول الآسيوية؛ وذلك لتأييد الحق الفلسطيني في وطنه، ودعم الجهاد المسلح في مواجهة العدو الإسرائيلي، ويمثل فلسطين في تأسيس حركة عدم الانحياز عام 1955م في مؤتمر باندونج، ولكن تدريجيًّا يتم تقييد حركته السياسية ووقف العمل الفدائي من عام 1957م على معظم الجبهات، وتظهر بشائر مؤامرة جديدة، ومحاولة لإنهاء القضية في خطوات سلمية، وتظهر خطة التسوية مع أعوام 1959م، 1960م والمعروفة بخطة هامر شولد، وهي الخطة التي وافقت عليها دولة المواجهة العربية مقابل ثلاثة مليارات من الدولارات، وفجأة وبدون سابق إنذار، هبت الصحف المصرية الخاضعة لإشراف الحكومة تشن حملة قاسية ضد الهيئة العربية العليا ورجالها، وتعرضهم لاتهامات باطلة وافتراءات كاذبة جزاء تنبيههم الفلسطينيين والرأي العام العربي لذلك الاتفاق الذي تم بين عبد الناصر وهيئة الأمم المتحدة، مما اضطر المفتي ورجاله مغادرة القاهرة إلى لبنان عام 1959.
----
'''<center>&nbsp;<gallerytag>71</gallerytag> <br></center>'''
|}


== للمزيد ==
{| class="wikitable" border="0"
|
<center>
<font color="green">
<font size=5>
'''وصلات داخلية'''


وتبدأ خطة عربية بإنشاء كيان بديل للهيئة العربية العليا، وتبدأ بإصدار قرار من جامعة الدول العربية بإنشاء كيان فلسطيني عام 1963م، وينشأ الكيان تحت رعاية مصر باسم "منظمة التحرير الفلسطينية" عام 1964م، ويعين رئيساً له "أحمد الشقيري" الذي يخضع للتوجهات العربية، وبعد نكسة عام 1967م
'''كتب متعلقة'''
</font>
</font>
</center>
<font size=2>
*'''كتاب:''' [[مذكرات الحاج محمد أمين الحسيني.pdf|مذكرات الحاج محمد أمين الحسيني]] ،'''عبد الكريم العمر''' ،'''للتحميل''' [[ملف:Pdf.png|وصلة=مذكرات الحاج محمد أمين الحسيني.pdf]]
*'''كتاب:''' [[الحاج أمين الحسيني رائد جهاد وبطل قضية]] ،'''حسني أدهم جرار'''
*'''كتاب:''' [[كذبة بيع الفلسطينين لأرضهم]] ،'''محمد أمين الحسيني'''
*'''كتاب:''' [[صفحات من حياة الحاج أمين الحسيني]] ،'''عوني جدوع العبيدي'''
*'''كتاب:''' [[من أعلام الحركة والدعوة الإسلامية المعاصرة]] ،'''[[عبدالله العقيل]]
*'''كتاب:''' [[النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين]] ،'''محمد رجب البيومي'''
*'''كتاب:''' [[الإخوان المسلمين فى حرب فلسطين....كامل الشريف|الإخوان المسلمين فى حرب فلسطين]] ،'''[[كامل الشريف]]'''
*'''كتاب:''' [[قضيتنا .. آخر ما كتب الإمام الشهيد حسن البنا|قضيتنا]] ،'''آخر ما كتب الإمام الشهيد [[حسن البنا]]'''
*'''كتاب:''' [[الاخوان المسلمون فى فلسطين.pdf|الاخوان المسلمون فى فلسطين]] ،'''حاتم أبو زايدة''' ،'''للتحميل''' [[ملف:Pdf.png|وصلة=الاخوان المسلمون فى فلسطين.pdf]]
</font>
<center>
<font color="green">
<font size=5>
'''ملفات متعلقة'''
</font>
</font>
</center>
<font size=2>
*'''ملف:''' [[:تصنيف:الإخوان في فلسطين|تاريخ الإخوان في فلطسين]]
*'''ملف:''' [[:تصنيف:أعلام من فلسطين|أعلام الإخوان في فلطسين]]
*'''ملف:''' [[:تصنيف:أحداث الإخوان في فلسطين|أحداث الإخوان في فلسطين]]
*'''ملف:''' [[جهود الإخوان تجاه القضية الفلسطينية]]
*'''ملف:''' [[دور الإخوان في حرب 1948م]]
*'''ملف:''' [[الإمام البنا والقضية الفلسطينية (ملف خاص)]]
</font>
<center>
<font color="green">
<font size=5>
'''مقالات متعلقة'''
</font>
</font>
</center>
<font size=2>
*'''مقال:''' [[أمين الحسيني... مفتي فلسطين وبطل جهادها|امين الحسيني... مفتي فلسطين وبطل جهادها]]
*'''مقال:''' [[دور الإخوان في حرب 1948]]
*'''مقال:'''  [[دور الإخوان في الصراع ضد الصهيونية]]
*'''مقال:''' [[القادة العسكريون يتحدثون عن جهاد الإخوان في فلسطين]]
*'''مقال:'''  [[جهاد الإخوان في فلسطين.. شهادات ورؤى]] ،'''عبده دسوقي'''
*'''مقال:''' [[معركة (كفار ديروم) أولى معارك الإخوان في فلسطين]]
*'''مقال:''' [[فلسطين]]
*'''مقال:''' [[الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل...الحلقة الخامسة]]
</font>


|
<center>
<font color="green">
<font size=5>
'''تابع مقالات متعلقة'''
</font>
</font>
</center>
<font size=2>
*'''مقال:''' [[الإخوان المسلمون واسترداد التبة 86]]
*'''مقال:'''  [[معركة كفار ديروم الثانية.. سباق الشهادة]] ،'''عبدالحليم الكناني'''
*'''مقال:'''  [[أسماء شهداء مستعمرة كفار ديروم وعددهم 46 شهيدًا]]
*'''مقال:'''  [[قصة الإخوان المسلمين في فلسطين]] ،'''إيمان يس'''
*'''مقال:'''  [[الصحافة ترصد جهاد الإخوان في فلسطين]] ،'''عبدالحليم الكناني'''
*'''مقال:'''  [[اهتمام الإخوان بقضية فلسطين]]
*'''مقال:'''  [[الإنتداب البريطاني علي فلسطين]]
*'''مقال:'''  [[الهجرات اليهودية إلى فلسطين]]
*'''مقال:'''  [[نشأة الجماعة واهتمامها بالقضية الفلسطينية]]
*'''مقال:'''  [[بيان الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين عن أحداث فلسطين سنة 1948م]]
*'''مقال:''' [[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة العاشرة)]]
*'''مقال:''' [[الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة العاشرة)]]
*'''مقال:'''  [[جهاد الإخوان المسلمين في القناه وفلسطين]]
*'''مقال:''' [[قصة الإخوان المسلمين في فلسطين]]
*'''مقال:'''  [[الإخوان المسلمون في سورية والقضية الفلسطينية]]
*'''مقال:'''  [[فلسطين .. قضية لن تموت]]
*'''مقال:''' [[جهود الإخوان نحو فلسطين.. حرب 1948م]]
*'''مقال:''' [[الأستاذ صالح عشماوي يكتب : لبيك فلسطين]]
*'''مقال:''' [[اذكروا فلسطين|الأستاذ صالح عشماوي يكتب :اذكروا فلسطين]]
*'''مقال:''' [[الصهاينة والمؤرخون يشهدون لجهاد الإخوان المسلمين]]
</font>
<center>
<font color="green">
<font size=5>
'''متعلقات أخري'''
</font>
</font>
</center>
<font size=2>
*'''ألبوم صور:''' [[محمد أمين الحسيني (صور)|صور الحاج أمين الحسيني]]
*'''أحداث في صور:''' [[أحداث في صور...الإخوان في حرب فلسطين عام 1948م|الإخوان في حرب فلسطين عام 1948م]]
*'''أحداث في صور:''' [[أحداث في صور.. الإخوان وفلسطين|الإخوان وفلسطين]]
*'''أحداث في صور:''' [[أحداث في صور.. مجاهدي الإخوان في فلسطين|مجاهدي الإخوان في فلسطين]]
*'''أحداث في صور:''' [[أحداث في صور..فتح باب التطوع|فتح باب التطوع لحرب فلسطين]]
</font>
|
<center>
<font color="green">
<font size=5>
'''وصلات خارجية'''


استأنف المفتي نشاطه في سبيل فلسطين من العاصمة اللبنانية، وظل ينبه الزعماء العرب إلى الخطر الصهيوني والمطامع اليهودية التي ستتعدى فلسطين إلى الأقطار المجاورة، ومد نشاطه إلى الدائرة الإسلامية حيث كان يرأس مؤتمرات إسلامية في مكة المكرمة ، نشأت عنها مؤسسة دائمة باسم (مؤتمر العالم الإسلامي) برئاسته، وظل يشغل هذا المنصب طيلة حياته، إلى أن توفي ـ رحمه الله ـ في بيروت يوم الخميس 4/7/1974 ودفن في مقبرة الشهداء بالحرج.ولم يجرؤ أحد من القادة الفلسطينيين أن يدعو إلى حل سياسي إلا بعد اختفاء روح المقاتل محمد أمين الحسيني من ساحة القضية الفلسطينية.
''' مقالات خارجية'''
 
</font>
عقبت الصحف البريطانية على وفاة الحاج المفتي أمين الحسيني ـ رحمه الله ـ بهذه الكلمات (مات عدو الصهيونية والإمبراطورية البريطانية).
</font>
 
</center>
 
<font size=2>
 
*'''مقال:''' [http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=21830&SecID=0 الفقيه المجاهد.. الحاج محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين] ،'''إخوان اون لاين'''
== المراجع ==
*'''مقال:''' [http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=44620&SecID=373 الإخوان ونصرة فلسطين.. ثورة 1936م] ،'''إخوان اون لاين'''
*'''مقال:''' [http://www.aljazeera.net/NR/exeres/BAD29DFE-B903-4A19-B721-483BA90AA97E.htm الحاج أمين الحسيني.. بدايات الثورة] ،'''الجزيرة نت'''
*'''مقال:''' [http://www.aljazeera.net/Channel/archive/archive?ArchiveId=130862 الحاج أمين الحسيني ج1] ،'''الجزيرة نت'''
*'''مقال:''' [http://www.aljazeera.net/NR/exeres/992179FA-1EE6-4155-8920-5283FBE1F8F4.htm الحاج أمين الحسيني ج2] ،'''الجزيرة نت'''
*'''مقال:''' [http://www.aljazeera.net/NR/exeres/17CF3169-12A7-485A-83A9-FA797C09DE96.htm الحاج أمين الحسيني ج3] ،'''الجزيرة نت'''
*'''مقال:''' [http://www.aljazeera.net/NR/exeres/26CF0D96-D1EC-47CB-9183-DE561D5530C3.htm الحاج أمين الحسيني ج4] ،'''الجزيرة نت'''
*'''مقال:''' [http://www.aljazeera.net/NR/exeres/2F322E22-FBE6-4760-95E6-313CC4D6DEDB.htm الحاج أمين الحسيني ج5] ،'''الجزيرة نت'''
*'''مقال:''' [http://www.aljazeera.net/NR/exeres/1979B782-1DB6-4337-9A2C-AB8A50F777C1.htm عهد الحاج أمين الحسيني]
*'''مقال:''' [http://www.aljazeera.net/NR/exeres/0E88D3BA-DF84-4179-9E4D-4A03C53DD62C.htm الحاج أمين الحسيني] ،'''الجزيرة نت'''
*'''مقال:''' [http://www.aljazeera.net/NR/exeres/ED9EED76-3789-4A1A-B537-B0AF83C755E2.htm إسرائيل تهود إرث أمين الحسيني] ،'''الجزيرة نت'''
*'''مقال:''' [http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1184649081703&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout أمين الحسيني] '''،إسلام أون لاين'''
*'''مقال:''' [http://www.alquds-online.org/index.php?s=15&ss=14&id=831 الحاج محمد أمين الحسيني .. مهاجر القرن العشرين] ،'''القدس أون لاين'''
*'''مقال:''' [http://www.alquds-online.org/index.php?s=29&id=549 صفحات مجهولة من تاريخ الحاج أمين الحسيني] ،'''القدس أون لاين'''
*[http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=30303 الحاج أمين الحسيني] ،'''إسلام ويب'''
*'''مقال:''' [http://www.islamstory.com/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE_%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%8A الشيخ أمين الحسيني] ،'''قصة الإسلام'''
*'''مقال:''' [http://www.homatalaqsa.com/cha5siyate/1630-aminehussayni.html الحاج أمين الحسيني ] ،'''حماة القدس'''
*'''مقال:''' [http://www.ansab-online.com/phpBB2/showthread.php?1690-%DA%C7%C6%E1%C9-%C7%E1%CD%C7%CC-%C3%E3%ED%E4-%C7%E1%CD%F5%D3%ED%E4%ED عائلة الحاج أمين الحُسيني ] ،'''أنساب أون لاين'''
*'''مقال:''' [http://www.roaua.net/art-973-0-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%8A_%D9%88%D9%87%D8%AA%D9%84%D8%B1__.html أمين الحسيني وهتلر ] ،'''مجلة رؤية مصرية'''
*'''مقال:''' [http://www.palestine-info.info/ar/default.aspx?xyz=U6Qq7k%2BcOd87MDI46m9rUxJEpMO%2Bi1s7T8Qjy%2BVYxNIIMHuFrzHNq8uc%2Fnh47pYVYXJnpdIFnVpOXb6expYnLXvzZqTzQMWhioVIT45kcm5XRkh1CqyexUikWtOmlklD7xydViseeP8%3D في ذكرى الحاج أمين الحسيني] ،'''المركز الفلسطيني للإعلام'''
*'''مقال:''' [http://www.alukah.net/Literature_Language/0/2631/ أمين الحسيني مفتي فلسطين.. مجاهد من أرض القدس والأقصى] ،'''الألوكة اللغوية'''
*'''مقال:''' [http://palteachers.com/play-12326.html رجل فلسطين ... الحاج أمين الحسيني] ،'''رابطة المعلمين الفلسطينيين'''
*'''مقال:''' [http://www.alquds.com/node/178693 ليبرمان يستخدم صورة للحاج أمين الحسيني مع هتلر لمواجهة الانتقادات ] ،'''القدس'''
*'''مقال:''' [http://www.alqudsmanuscript.com/ صورة الحسيني في الصفحة الأولى للصحيفة البرلينية  ] '''،مركز المخطوطات الفلسطينية'''
*'''مقال:''' [http://www.odabasham.net/show.php?sid=27784  المجاهد والقائد الفلسطيني الحاج أمين الحسيني] ،'''رابطة أدباء الشام'''
*'''مقال:''' [http://www.alastal.com/vb/archive/index.php/t-9907.html في الذكرى 35 لوفاة الحاج أمين الحسيني]
*'''مقال:''' [http://www.manbaralrai.com/?q=node/42591 لقاء المفتي الحاج امين الحسيني مع هتلر.. لماذا ؟] ،'''منبر الرأي'''
*'''مقال:''' [http://www.pls48.net/default.asp?id=57461 عائلة الحسيني تفند إدعاءات الاحتلال بخصوص بيت الحاج أمين الحسيني (فندق الشيبرد) في الشيخ جراح ] ،'''فلسطينو 48'''
</font>
<center>
<font color="green">
<font size=5>
'''وصلات فيديو'''
</font>
</font>
</center>
<font size=2>
*[http://www.youtube.com/watch?v=Tg1MROCU194  الحاج أمين الحسينى وتعريف به من قناة الأقصى] '''موقع يوتيوب'''
*[http://www.youtube.com/watch?v=FLuIH0niTRE آدلف هتلر و مفتي القدس الحاج آمين الحسيني في برلين] '''موقع يوتيوب'''
</font>
.


* كتاب (الحاج أمين الحسيني، رائد جهاد)، للكاتب حسني أدهم جرار.
|}


* إسلام أون لاين .


[[تصنيف:أعلام الحركة الإسلامية]]
[[تصنيف:أعلام الحركة الإسلامية]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:شخصية حول العالم]]
[[تصنيف:أعلام من فلسطين]]
[[تصنيف:أعلام من فلسطين]]
[[تصنيف:المقالة الجيدة]]
[[تصنيف:مقالة جيدة أعلام]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٨:٣٨، ١٥ أبريل ٢٠١٣

الحاج محمد أمين الحسيني ... مفتي فلسطين وبطل جهادها


توطئة

"لا يموت حق وراءه مُطالب".. إن كان هناك مثال عملي لهذه المقولة فإنه محمد أمين الحسيني

عاش الرجل بهموم قضية فلسطين حتى آخر نفس في حياته، أثناء حياته دعت المنظمات اليهودية لقتله قائلة: "يجب أن يموت محمد أمين الحسيني حتى نجد من الفلسطينيين من يتفاوض معنا".

وبعد موته قال أحد زعماء الكيان الصهيوني: "قد كان مقدراً أن تنشأ دولة إسرائيل خلال عشر سنوات أو خمس عشرة سنة من بدء المشروع، ولكن محمد أمين الحسيني جعل الأمر يحتاج إلى عشرات السنين".

مسيرة جهاد بلغت ستين عامًا من عمر أمين الحسيني مفتي فلسطين، حمل خلالها راية الجهاد المقدس ضد اليهود الغاصبين، وطوى مشارق الأرض ومغاربها من أجل قضية بلده، فاضحًا أساليب السياسة البريطانية ومكائد اليهود، ومنبهًا المسلمين إلى ما يحاك ضدهم، وعاش حياته يقظًا لم يذق طعم النوم أو لذة الراحة وكيف ينام الحر الأبي وهو يرى وطنه يسرق، وتاريخه يغتال، وشعبه يحتل...

محمد أمين الحسيني في سطور

  • وُلد في مدينة القدس سنة 1315هـ = 1897م.
  • شكل جماعات مسلحة لمواجهة الغاصبين.
  • سافر إلى ألمانيا وقابل هتلر وطلب مساندة بلاده لقضية فلسطين.
  • تولى منصب رئيس الهيئة العربية لفلسطين التي تولت أمر القضية.
  • ترك القاهرة في أواخر الخمسينات واستقر في بيروت.
  • توفي في سنة 1394هـ = 1974م.

الوظائف والمناصب

  • أشرف على إعادة تنظيم المحاكم الشرعية في سائر قطاعات فلسطين (18 محكمة شرعية).
  • استعاد الإشراف على الأوقاف الإسلامية بعد أن كانت في يد النائب العام (وهو اليهودي الإنجليزي بنتويش).
  • تأسيس والإشراف على "دار الأيتام الإسلامية الصناعية" في القدس.
  • رئاسة لجنة إعادة إعمار وترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهو المشروع الذي تم في عام 1929م.
  • تنسيق الجهود والإشراف على إعداد التنظيمات المسلحة في أرض فلسطين، والتي أثمرت "جيش الجهاد المقدس" في أطواره المختلفة.
  • تأسيس ورئاسة "اللجنة العربية العليا لفلسطين".
  • رئاسة "الهيئة العربية العليا لفلسطين" والتي تشكلت بموجب قرار من جامعة الدول العربية عام 1946م.
  • رئاسة وفد فلسطين في مؤتمر باندونج عام 1955م، وقد حضر الوفد بصفة مراقب.
  • تنسيق جهود الأعمال الفدائية بعد حرب 1948م.
  • رئاسة "المؤتمر الوطني الفلسطيني" عام 1948م، والذي أعلن حكومة عموم فلسطين ووضع دستورها، وبرنامج الحكومة.

المولد والنشأة

الحاج محمد أمين الحسيني

نشأ بين أسرة كريمة من أعرق البيوت في القدس فضلاً ومقامًا ولد محمد أمين الحسيني في سنة (1315هـ = 1897م)؛ وعاش في كنف والده الذي يتصل به بالحسين بن علي، وكان يعمل مفتيًا لمدينة القدس، فجمع إلى جلالة العلم شرف النسب والأصل، وعني الوالد بابنه الصغير فحفظه القرآن الكريم، وثقفه بالعلوم الدينية واللغوية، وأدخله مدرسة الفرير بالقدس ليتعلم الفرنسية، ثم بعث به إلى القاهرة ليستكمل تعليمه.

وفي القاهرة التحق بالأزهر، واتصل بالشيخ محمد رشيد رضا، وانتظم في دار الدعوة والإرشاد التي أسسها الشيخ رشيد، وكان يتردد على الجامعة المصرية القديمة ليستمع إلى المحاضرات التي يلقيها كبار الأساتذة المصريين، فاجتمع له زاد من الثقافة الدينية العميقة والعلوم العصرية الجديدة.

وشاءت الأقدار ألا يستكمل الطالب النابه دراسته بالقاهرة، فقد نشبت الحرب العالمية الأولى وكان في القدس في زيارة لأهله، فحيل بينه وبين العودة، وأرسله والده إلى الأستانة ليلتحق بالمدرسة الحربية وتخرج منها ضابطاً، والتحق بالجيش العثماني في ولاية أزمير، وعمل في مراكز عسكرية أخرى على البحر الأسود حتى نهاية الحرب مما أكسبه خبرة جيدة، كان لها الأثر الأكبر في شخصيته وحياته.

بعد نهاية الحرب، عاد الضابط الحسيني إلى القدس، وأصبح يعرف بين الناس بالحاج أمين الحسيني إذ كان قد اكتسب لقب الحاج عندما حج برفقة والدته.

وهكذا كانت كتابات الحسيني تتلخص إثر عودته إلى بلده في كونه شاباً عربياً مؤمناً ومتعلماً، ملماً بالفكر الإسلامي النير، والعلوم المفيدة، والخبرة العسكرية، ويعرف من اللغات الأجنبية التركية والفرنسية، بالإضافة إلى ذلك كله كان بحكم انتمائه إلى أسرة آل الحسيني، ذات النسب والشرف مهيأ ليكون زعيماً وداعية مسموع الكلمة.

محمد أمين الحسيني مفتيًا لفلسطين

أدرك أمين الحسيني مكائد الإنجليز ومكرهم الخبيث، فعمل على إحباط ما ترسمه السياسة الإنجليزية التي تحابي اليهود دون خجل أو مواربة، فقاد ثورة القدس الأولى سنة (1339هـ = 1920م)، الأمر الذي أفزع الإنجليز، فحاولو القبض عليه، لكنه نجح في الإفلات منهم، فأصدروا عليه حكمًا بالسجن لمدة عشر سنوات، وظل في دمشق بعيدًا عن أيديهم.

ولما تُوفي أخوه كامل الحسيني مفتي فلسطين سنة (1341هـ = 1922م) اختير محمد أمين الحسيني خليفة لأخيه في هذا المنصب الجليل، فقام عليه خير قيام، وأهلته كفاءته أن يُختار رئيسًا للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، ومديرًا لشئون الأوقاف والمحاكم الشرعية.

وقد نهض محمد أمين الحسيني بكل هذه الأعباء التي أُلقيت على كاهله، فأصلح المحاكم الشرعية وأعد لها لوائح جديدة تيسِّر عملها في خدمة الناس، وضبط أموال الأوقاف وأنفقها في وجوه البر، فأنشأ دارًا للأيتام، جمعت من فقد أبويه وأهله ووضع لها برنامجًا إصلاحيًا، يتلقون فيها العلم، إلى جانب تعلم بعض مهارات المهن الضرورية كالطباعة والنجارة والحياكة. واهتم بتوجيه الشباب، فأنشأ الكلية الإسلامية سنة (1343هـ = 1924م) بالقدس بجوار المسجد الأقصى لتقبل من أنهوا دراساتهم الثانوية، وطاف العواصم العربية يجمع التبرعات لإنشاء جامعة الأقصى، كما أرسل بعثات تعليمية إلى مصر، ليلتحق أعضاؤها بالأزهر الشريف ومدرسة دار العلوم.

المواجهة المبكرة للوجود الصهيوني

الحاج محمد أمين الحسيني مع أحد الالمان

ولم تشغله كل هذه الأعباء عن القضية التي نذر لها حياته، وعاش من أجلها وهي قضية الوجود الصهيوني في فلسطين، وكان قد تنبه إلى خطورة تحركها ومكرها الخفي في التسلل والاستيلاء على الأراضي المقدسة.

وحين رأى بعض الغافلين يبيعون أراضيهم لليهود هاله ذلك، وأخذ يقاوم هذه العملية الخبيثة، واستصدر فتوى من مؤتمر علماء فلسطين الأول سنة (1354هـ = 1935م) تحرم ذلك، ووقف بكل حزم أمام محاولات اليهود للاستيلاء على حائط المبكي، فحاولوا إغراءه بمبالغ طائلة ليتغاضى عن ذلك فباءت محاولتهم بالفشل.

وقاوم عملية هجرة اليهود إلى فلسطين وامتلاكهم الأراضي التي كان الاحتلال البريطاني يمنحها لهم، وشارك في الإضراب العام الذي تم في سنة (1355هـ = 1936م) ودعا إلى استمراره حتى يستجيب الاحتلال لمطالبهم المشروعة التي تتمثل في منع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وأصدر بيانًا دعا فيه الناسس إلى الامتناع عن دفع الضرائب إلى الحكومة مالم تستجب لهذه المطالب الوطنية.

وأدرك محمد أمين الحسيني أن الأقوال لا قيمة لها مالم تُقرن بالعمل، وأن الخطب والبيانات لا تحرر أرضًا دون جهاد ونضال، فقام باستنهاض همة شعبه للجهاد، وأوقد في أفئدته جذوة الكفاح وشعلة المقاومة، فشكّل جماعات مسلحة ضد المحتلين الغاصبين سنة (1350هـ = 1931م)، وظلت تقوم بعملها المسلح حتى قامت منظمة الجهاد المقدس سنة (1354هـ = 1935م) بقيادة عبدالقادر الحسيني، وإشراف المفتي.

الخروج من الوطن

الشيخ محمد أمين الحسيني وحديث مع هتلر

فزع الإنجليز من حركة محمد أمين الحسيني اليقظة وسعيه الدائب وتنديده بهم، وأدركوا خطره عليهم، فحاولوا القبض عليه، لكنه نجح في الهروب إلى لبنان، فتعقبه الإنجليز وضغطوا على فرنسا لتسليمه إليها، وكانت لبنان تحت سيطرتها، فاضطر أمين الحسيني إلى الذهاب إلى العراق سنة (1358هـ = 1939م)، وهناك وقف إلى جانب ثورة رشيد الكيلاني سنة 1360هـ = 1941م) ضد الإنجليز، ولما فشلت الثورة فرّ المفتي من العراق عبر طريق إيران إلى ألمانيا؛ ليوطد صلته بالعدو الأول للإنجليز، فقابل هتلر وحاول كسب تأييد بلاده لقضيته.

وكانت رسالة المفتي السابقة على وصوله لألمانيا تتضمن المطالب الآتية:

  • الإعتراف بحق العرب في إلغاء الوطن القومي اليهودي وعدم الاعتراف به.

وفي لقاء مع هتلر في عام 1941م، رد هتلر أن هذه المطالب سابقة لأوانها، وأنه عند هزيمته لقوات الحلفاء في هذه المناطق يأتي وقت مثل هذا الإعلان، ثم كانت المفأجاة عندما عرض أمين الحسيني في لقائه الثاني تكوين جيش عربي إسلامي من المتطوعين في الشمال الأفريقي وشرق المتوسط لمقاومة الحلفاء، فكان رد هتلر "إنني لا أخشى الشيوعية الدولية، ولا أخشى الإمبريالية الأمريكية البريطانية الصهيونية، ولكن أخشى أكثر من ذلك كله هذا الإسلام السياسي الدولي"،

وأثناء إقامة المفتي في ألمانيا، وصل إليها رشيد عالي الكيلاني ، فتقدم الاثنان بعدة مشاريع لتصريح رسمي أو معاهدة بين العرب والمحور تضمن للعرب الاعتراف من قبل المحور بالحرية والاستقلال للأقطار العربية الواقعة تحت الحكم البريطاني، وبالعمل للقضاء على الوطن القومي اليهودي في فلسطين، وبعد موافقة هتلر تمكنا من الحصول على تعهد رسمي من ألمانيا وإيطاليا موقع عليه من وزيري الخارجية الألماني والإيطالي، مؤيداً مطالبهم وموضحاً استعداد الحكومة الألمانية للمشاركة مع العرب في الكفاح ضد العدو المشترك الإنجليز واليهود حتى يتحقق النصر.

الحاج محمد أمين الحسيني وسط الجنود الألمان

كما طلب المفتي من السلطات الألمانية أن توسع مجال عملها بشكل يتمكن فيه كل العرب المقيمين في بلاد المحور من الانضمام إلى الجيش الألماني للتدريب وتكوين جيش عربي، وبالفعل قررت الحكومة الألمانية إنشاء (الجيش العربي) ومد هذا الجيش بالأسلحة اللازمة، ولتحقيق هذا بنى الألمان مستودعاً كبيراً تخزن فيه الأسلحة الخفيفة، ووضعوا تحت تصرف الجيش أربع طائرات لنقل العتاد ووضعه في مخابئ سرية لتدريب المجاهدين في فلسطين.

أثناء إقامة المفتي في ألمانيا سمع بالمآسي التي حلت بالشعب البوسني المسلم عندما تصارعت عليه القوميتين الكرواتية والصربية، حيث اجتمع بزعماء بوسنة وهرسك، وبعد البحث معهم ومع قيادة القوات الألمانية في كيفية المحافظة على حياة البشانتة ومنع وقوع المذابح فيهم، وافقت الحكومة الألمانية على تجنيد الشبان منهم وتسليحهم للدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم، كذلك اتفق المفتي مع السلطات الألمانية على إنشاء معهد للأئمة لتوزيعهم على وحدات الفرق البوسنية الذين زاد عدهم عن 100 ألف مقاتل، وقد أنشأ المعهد واختير له عدد من علماء البشناق لتوجيه أولئك الأئمة، وأنشأ المفتي كذلك بالاتفاق مع الألمان معهداً آخر في (دردسن) لتخريج الأئمة الأذربيجانيين والقوقازيين وغيرهم، وبذلك زاد عدد المجندين في بلاد المحور من عرب وبوسنيين وأذربيجانيين وغيرهم على مائتي ألف مقاتل، استطاعوا أن يمنعوا المجازر عنهم وعن جميع مسلمي البلقان وشرق أوروبا.

اشتدت غارات الحلفاء على ألمانيا عام 1943، فكانت بعض الغارات تهاجم برلين بألف طائرة أو أكثر، ولما شرع الحلفاء بالزحف على الأراضي الألمانية عام 1945 انتقل المفتي إلى باريس.

ولما انتهت الحرب العالمية الثانية بانتصار الحلفاء وهزيمة ألمانيا لم تغفل الصهيونية عن إدراك ثأرها من الرجل المناضل، فنادت المنظمات اليهودية بتقديمه إلى المحاكمة باعتباره مجرم حرب، وأنه حرّض هتلر على إبادة اليهودية، وما كانت الاحتجاجات التي توالت على هذا الاتهام إلا بسبب عداء السياسة الاستعمارية له، ولنشاطه الدائب في محاربة الصهيونية بكل وسيلة ممكنة، ولجهوده الصادقة في مناصرة مسلمي البوسنة الذين تعرضوا للفتك على أيدي الصرب، وكان قد تدخل في سنة (1362هـ = 1943م) لحماية المسلمين ورفع الظلم عنهم.

الاستقرار بالقاهرة والاتصال ب جماعة الإخوان المسلمين

ضاقت الحياة بالمفتي وهو في برلين بألمانيا بعد انتصار الحلفاء، وجدّت بريطانيا في القبض عليه، فلم يجد مفرًا من الرحيل سرًا في مغامرة جريئة إلى القاهرة سنة (1366هـ = 1946م)، واستُقبل فيها استقبالاً حارًا، وقابله الملك فاروق وأحسن استقباله، وبدأ في استئناف نشاطه من جديد، وأنشأ الهيئة العربية العليا لفلسطين، وهيئتها المالية التي عرفت باسم "بيت المال العربي"؛ كي تتولى جمع التبرعات وتنظيم إنفاقها في أعمال الجهاد.

وقد سارع المفتي وإخوانه المجاهدين بشراء السلاح وتنظيم قوات الجهاد بمساعدة جماعة الإخوان المسلمين، فكان الشهيد يوسف طلعت ورشاد مهنا وعبدالقادر الحسيني يقومون بشراء الأسلحة وإدخالها إلى فلسطين عبر سيناء.

وأعاد المفتي تنظيم جيش الجهاد المقدس، وأسند قيادته إلى عبدالقادر الحسيني، وأنشأ منظمة الشباب الفلسطيني التي انصهرت فيها منظمات الفتوة والجوالة والكشافة، وتولى قيادتها الصاغ محمود لبيب من قيادات جماعة الإخوان، وكُلِّف بمهمة تدريب الشباب على القتال.

المفتي رئيسًا للهيئة العربية لفلسطين

كان المفتي محمد أمين الحسيني قد خبر السياسة وألاعيبها، وفطن إلى خداع البريطانيين ومكر اليهود، وأن الصدام العسكري آت لا محالة فاستعد له، لأن الحق مالم يصاحبه قوة تحميه ضاع بين مخالب الأقوياء، فلما أصدرت الجمعية العامة الأمم المتحدة|للأمم المتحدة قرارها بتقسيم فلسطين سنة (1367هـ = 1947م) رفض أمين الحسيني هذا القرار وندد به باعتباره رئيس الهيئة العربية العليا، ودعا إلى الجهاد المقدس.

واستجاب لدعوته الإمام الشهيد حسن البنا، وأعلن أنه على استعداد لأن يبعث عشرة آلاف مجاهد من الإخوان المسلمين إلى فلسطين، لكن الحكومة رفضت هذا الطلب، فتظاهر الإخوان المسلمون وعلى رأسهم المرشد العام في الأزهر الشريف، فتراجعت الحكومة عن موقفها، وسمحت للإخوان المسلمون بالتدريب، ووصلت كتائبهم إلى فلسطين.

ولم تكن هذه الاستجابة إلا تلبية لنداء الأخوة الإسلامية والقيام بالواجب والتعاون، وكانت الصلة بين جماعة الإخوان ومفتي فلسطين قديمة، ترجع إلى سنة (1354هـ = 1935م) حين أرسل الإمام حسن البنا وفدًا من عنده إلى فلسطين لمقابلة المفتي ومساندته في جهاده ضد اليهود، كما أنهم قاموا بحملة واسعة في أنحاء مصر لجمع تبرعات لمجاهدي فلسطين تحت اسم (ادفع قرشًا لفلسطين)، وقامت صحفهم بإثارة الوعي نحو قضية فلسطين، وإشعال الثورة في نفوس المصريين ضد المحتلين اليهود.

ولما أعلنت إسرائيل عن قيام دولتها دعا أمين الحسيني إلى عقد مؤتمر فلسطيني في غزة لإعلان استقلال فلسطين والعمل على تحرير أراضيها المحتلة، ولذا شكلت حكومة عموم فلسطين برئاسة أحمد عبدالباقي، لتتولى عملية الإعداد والتنظيم وترعى مصالح الشعب الفلسطيني.

الإقامة في بيروت

لم تطل إقامة أمين الحسيني ب|القاهرة بعد قيام حركة الجيش في مصر، فقد ضاق صدر القائمين على البلاد بإقامة المفتي المجاهد، وساءهم ثباته ونصرته للقضية الفلسطينية، وإصراره على أن يكون حلها من خلال تضافر الجهود الإسلامية المخلصة، وأن يخرج بالقضية من نطاق الجامعة العربية لتكون حدثًا إسلاميًا، وبسبب موقفه هذا تعرض لحملة ظالمة من الصحافة المصرية لم تراع إلاّ ولا ذمة ولا خلقًا ولا دينًا، فاضطر الرجل أن يغادر القاهرة إلى بيروت في أواخر الخمسينات، حيث أقام بها يشكو إلى الله من سوء الحكومات العربية التي لم تكن لها سياسة ثابتة ولا خطة معينة في معالجة القضية الفلسطينية.

وبعد نكبة سنة 1967م أُصيب المفتي الأكبر بمرض قلبي جاء نتيجة لضغط نفسي متواتر، فقد عزّ عليه أن تُساق الجيوش العربية إلى المعركة دون تخطيط، وأن تلقى هزيمة ساحقة دون أن يبذل الجنود ما ينتظر منهم من قتال ومقاومة.

ولم يقف أمين الحسيني مكتوف اليد، فواصل حياة الجهاد، وصدع بالحق، وعبأ النفوس ضد ما يقال بشأن تهويد القدس أو تدويلها، وكانت الدعاية الصهيونية قد ملأت أسماع العالم تحاول أن تظفر بالمدينة المقدسة، وفي الوقت نفسه تسعى سعيًا حثيثًا على محو هوية المدينة الأسيرة، وإزالة كل أثر عربي وإسلامي بها.

وفاة المفتي المجاهد

ظلّ أمين الحسيني على العهد حتى أخريات عمره لا يعوقه عن أداء رسالته مرض أو هِرم أو دعايات مغرضة تنهش عرضه وتحاول تشويه جهاده، وشاء الله أن تقرّ عينه بانتصار المسلمين في معركة رمضان المجيدة سنة (1393هـ = 1973م)

ولم تطل الحياة بالمفتي عقب هذا النصر المجيد فلقي الله في يوم الخميس الموافق (14 من جمادي الآخرة 1394هـ = 4 من يوليو 1974م) بعد حياة عريضة ودُفن في مقبرة الشهداء ببيروت.

المراجع

ألبوم صور

ألبوم صور الحاج محمد أمين الحسيني

 


للمزيد

وصلات داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

متعلقات أخري

وصلات خارجية

مقالات خارجية

وصلات فيديو

.