قرية تل بني تميم ودعوة الإخوان المسلمين
مقدمة
تل بني تميم إحدى قرى مركز شبين القناطر التابع لمحافظة القليوبية بجمهورية مصر العربية. كانت القرية ضمن محطات الفتح الإسلامي لمصر عام 641م، وبعد الفتوحات الإسلامية سكنت بني تميم بالدلتا وصعيد مصر، ومن هذه القرى التي استقروا بها عقب الفتح الإسلامي "تل بني تميم" وقرية "بني مر" في صعيد مصر.
وبحسب كتب سِيَر الأسلاف، مثل "أسد الغابة" و"الطبقات الكبرى" وغيرهما، سميت بني تميم نسبة لتميم بن أوس بن خارجة بن سود بن الداري، من قبيلة لخم، كنيته وأخوه نعيم بن أوس الداري، أسلم تميم في العام الـ9 هجريًا، له في الإسلام "مناقب" وامتيازات، منها أنه أول من قص القصص، وأول من صنع منبر النبي محمد.
فيقول سمير محمود أحد أهالي القرية وأحد المهتمين بالبحث في التاريخ، إن "عدد الأضرحة التي كانت بالقرية تخطت الـ100 ضريح لأولياء الله الصالحين، وإن منهم العشرات لا تزال موجودة حتى الآن".
ويضيف:
- بحسب ما سرد الأجداد أن القرية كانت بها حامية يهودية بـ"جورة عمر" وتسمى "تل اليهودية"، وكانت عبارة عن نقطة تفتيش وهي شاهدة على عصر الفتح الإسلامي لمصر، حيث كانت القرية ممر جنود الفتح الإسلامي، وأن الكثير من الجنود استوطنوا فيها ودفنوا بها، وهناك مسجد سيدي التميمي وهو أحد أولياء الله الصالحين".
وفيما يتعلق بمظاهر الاحتفال يقول إنه
- "في فترة السبعينيات كانت تقام الموالد، إلا أنها منعت إثر مقتل العديد من المواطنين أثناء أحد الموالد خلال حادثة إطلاق نار ألغيت الموالد بعدها تخوفا من تكرار الحادثة".
ويضيف أن بعض الآثار الموجودة بالقرية تشير إلى وجود مقابر اليهود، التي اندثرت نتيجة البناء والتطور الذي جرى على معالم القرية القديمة.
أما عن بعض الأضرحة التي لا تزال تحتفظ بطبيعة تواجدها دون تغيير حتى الآن أوضح أنها متعددة إلا أن بعضها يعد الأشهر منها "الشيخ جعيتم، والشيخ عتمان ويقال إنه ابن الشيخ تميم، ومقال سدي علي المليجي، وأبو الدراويش، سيدي إبراهيم الدسوقي، والشيخ دياب، الشيخ إبراهيم". (1)
ويقول أحمد صبحي الصعيدي، محام من أهل القرية:
- "تعود تسميتها للعصر الإسلامي نسبة لتميم الداري الأنصاري، وهو من أوائل من بنوا مسجدًا في الإسلام، وجاء إلى مصر وتحديدًا إلى تل بني تميم، مع عمرو بن العاص في الفتوحات الإسلامية، وقطن آل تميم القرية، وتعايشوا مع أهلها، وانخرطوا في المحيط الاجتماعي، وانصهروا مع الأهالي، وقاموا بتعليمهم القرآن وأحكام الدين، وأرفقوا كلمة تل لبني تميم لارتفاع مستوى القرية عما يجاورها من القرى المحيطة، وهي على نفس المستوى حتى الآن".
يشدد الصعيدي على أن قرية تل بني تميم تحتوي أكثر من مائة ضريح، العشرات منها ما تزال حتى الآن بحالتها السليمة، منها مقام سيدي دياب ومقام سيدي الأربعين، ومدفون فيه 40 صحابيًا من أصحاب الرسول، ومقام سيدي دياب، ومقام سيدي علي المليجي، ومقام سيدي تميم. (2)
في ركب الإخوان
تعد قرية تل بني تميم من القرى الأولى التي التحقت بركب الإخوان منذ بداية الدعوة، فقد كان للإخوان شعبة وحيدة في شبلنجة – وهي أول شعبة لهم في القليوبية - وفي أثناء زيارة الإمام حسن البنا زار شبين القناطر فأعجب بما رآه فيها من حب للخير وغيرة على الدين ومسارعة إلى الدعوة
ولذا تكونت فيها شعبة للإخوان المسلمين يشرف عليها حضرة الأخ محمد أفندي عزت حسن معاون السلخانة، ويساعده في ذلك إخوان كرام، والشعبة تسير بخطى فسيحة إلى التكوين الكامل إن شاء الله، ثم ما لبث أن انضمت إليها شعبة منية شبين، وكان نائبها هو الشيخ رزق البسيوني.
وحينما زار الأستاذ حسن البنا قرية تل بني تميم المجاورة لشبين القناطر وجد في أهلها حماس وغيرة، ولم يكن من العجب أن تلقت الدعوة بصدر رحب وتقبلها بقبول حسن وتكونت فيها شعب ناهضة، وكان ذلك بعد انعقاد مجلس الشورى الأول للإخوان المسلمين. (3)
وحينما انعقد مجلس الشورى الثاني للإخوان في بورسعيد في 2، 3 من شوال 1352هـ الموافقين 19، 20 من يناير 1934م، وجهت الدعوة إلى إخوان بني تميم للمشاركة في عضوية المجلس غير أن مسئول الشعبة آنذاك الأستاذ الشيخ عبد العزيز سويلم اعتذر عن الحضور لأسباب لا نعرفها.
إلا أنه حينما عقد مجلس الشورى الثالث في القاهرة في الفترة من يوم السبت 11 من ذي الحجة 1353هـ الموافق 16 من مارس 1935م حتى يوم الاثنين 13 من ذي الحجة 1353هـ الموافق 18 من مارس 1935م، حضره عدد من إخوان قرية بني تميم
وهم:
- الشيخ سيد محمد.
- الشيخ محمد عبد المتعال زهرة.
- الشيخ عبد العزيز محمد سويلم.
- الشيخ زكي عطية دياب. (4)
وحينما زادت شعب الإخوان نشطت هذه الشعب لنشر الفكرة في أكبر تجمع سكاني في القرى والمدن، وقد حرص الإمام البنا على زيارة هذه الشعب صيفا وشتاء لتدعيم الدعوة في نفوس الناس، كما قام بعض مندوبي مكتب الإرشاد بمثل هذه الزيارات لتخفيف العبء عن المرشد العام.
وقد نشرت جريدة الإخوان بعض أخبار تلك الزيارات تحت عنوان: "مندوب مكتب الإرشاد العام":
- حيث بدأ الأستاذ محمود أفندي عبد اللطيف مندوب مكتب الإرشاد العام للإخوان بزيارة الشعب وفي غرة ذي القعدة الموافق فبراير 1934م زار شعب القليوبية وهي شبين القناطر، تل بني تميم، منية شبين، شبلنجة. (5)
وفي عام 1937م أجريت انتخابات لاختيار مسئولي الشعب حيث تم اختيار الأستاذ الشيخ عبد العزيز شرف الدين، واختير الشيخ محمد عبد المتعال زهرة – المدرس بالمدرسة – مندوبا لها لدى مكتب الإرشاد، غير أنه في انتخابات عام 1940م اختير محمد الشيخ عبد المتعال زهرة نائبا لشعبة بني تميم. غير أن أخبار الشعبة لم تظهر مجددا في صحف الإخوان حتى حلت الجماعة واستشهد الإمام البنا.
تل بني تميم في الوقت الحاضر
بعدما خرج الإخوان من السجون وعادت الجماعة في فترة السبعينيات، حرص الإخوان على نشر الدعوة وسط الطلاب الذين عادوا إلى مدنهم وقراهم فنشروا الدعوة وبدأت تتشكل الجماعة مرة أخرى، وكان لتل بني تميم نصيب من ذلك حيث انتشرت الدعوة فيها وكثر عدد الإخوان بها.
حتى إن أمن الدولة وضعها على خريطة الاعتقالات لنشاط الإخوان فيها، ففي 19/6/ 2007م قررت النيابة تجديد حبس 12 من إخوان القليوبية 15 يوما على ذمة التحقيق؛ بتهمة الانتماء لجماعة محظورة ودعم مرشحيها في انتخابات الشورى الأخيرة، منهم شعبان عواد (قرية تل بني تميم) أحد أنصار المحامي أحمد خطاب مرشح الإخوان بدائرة الخانكة وشبين القناطر في انتخابات مجلس الشورى.
وفي 2012م واصل مرشحو حزب الحرية والعدالة لانتخابات مجلس الشورى بمحافظة القليوبية جولاتهم الانتخابية على مستوى المحافظة؛ حيث قام الأستاذ تيمور عبد الغني، المرشح على قائمة الحزب والنائب السابق عن مدينة كفر شكر، بجولة في قرى تل بني تميم وكفر سليمان الور والعزب المجاورة التابعة لمركز شبين القناطر، وسط حضور حشد من الإخوان المسلمين وأعضاء حزب الحرية والعدالة.
غير أن الأمر لم يدم طويلا حتى وقع الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو 2013م وهو ما دفع بإخوان تل بني تميم وأهلها للانتفاضة ضده؛ حيث خرج الأهالي في مظاهرات كبيرة في أغسطس 2013م حتى إن الأمن استعمل كل وسائل القوة في فضها. وحينما وقع فض رابعة العدوية بالقوة من قبل الجيش والشرطة سقط من أبناء تل بني تميم عدد من الشهداء، منهم محمد عبداللطيف عبدالفتاح.
كما نظم في فبراير 2015م تحالف دعم الشرعية سلسلة بشرية بقرية تل بني تميم التابعة لمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية بعد صلاة العصر بطريق التل - شبين القناطر، مطالبين فيها بإسقاط الانقلاب العسكري ومحاكمتهم، يأتي ذلك ضمن فعاليات أسبوع "الإصرار والتحدي"
ردد المشاركون هتافات ضد حكم العسكر وضد الداخلية وطالبوا بالقصاص للشهداء والإفراج عن جميع المعتقلين، ورفع المتظاهرون خلالها شارات رابعة وأعلام مصر وصور الدكتور محمد مرسي وصور معتقلي القرية وسط تفاعل كبير من الأهالي والمارة.
المراجع
- "تل بني تميم".. قصة قرية المئة ضريح في دلتا مصر
- "عيون ترى المعجزات وقلوب تشاهد الكرامات"… واقع سحري في "قرية المائة ضريح"، رصيف 22
- جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الأولى – العدد 16 – الخميس 13 رجب 1352هـ - 1 نوفمبر 1933م.
- المرجع السابق: السنة الثانية – العدد 42 – 23 ذي الحجة 1353هـ - 28 مارس 1935م.
- المرجع السابق: العدد 29 – الخميس 8 ذي القعدة 1352هـ - 23 فبراير 1934م.