عوامل تشويه تاريخ الإخوان المسلمين
بقلم/أ. أشرف عيد
تمهيد
بداية نؤكد أن الكتابة التاريخية ليست ترفا يستطيع أن يخوض غمارها من يريد ويشتهى دون أن يمتلك المؤهلات التى تمكنه من الكتابة التاريخية الجادة ،وهى لاشك تتطلب جهدا كبيرا فى تحقيق الروايات للوصول إلى الحقيقة التاريخية .وإذا كان مؤرخونا اجتهدوا فى كتابة التاريخ الإسلامى إلا أنه مازال يحتاج إلى جهود كثيرة لتحقيق نصوصه مما علق بها من زيف أوتشويه ، لذلك تعالت الأصوات التى تدعو إلى إعادة كتابة التاريخ الإسلامى (1).
وإذا كنا نتحدث عن التارخ الإسلامى وما به من أخبار تستحق التحقيق ، فإننا نجد الأمر أكثر إلحاحا عند كتابة التارخ المعاصر ، خاصة أن أحداثه مازالت تتوالى ،وكثيرا من صناع الأحداث مازالوا أحياء ، ومنهم أصحاب النفوذ والسلطان ممن يخشى الناس بأسهم ، لذلك فإن من يكتب تاريخ عصره لايخلو أمره من رغبة فى دنيا يصيبها ؛ فيعمد إلى إظهار المحاسن والتغاضى عن المساوىء ، أوتسيطر عليه رهبة السلطة إن تجرأعلى ذكر المساوىء ، فقد يتعرض للسجن أو المحاكمة أو لأعمال لم يكن يحلم بها يوما مت الأيام.
وإذا نظرنا إلى تارخ مصر المعاصر نجد أحزبا متصارعة ، لكل منها رأيه الذى يعتقد أنه الحق الذى لاشك فيه ، وما عداه خطأ محض بلا جدال . ترى ماذا يصنع المؤلف الذى يكتب تاريخ مصر ويتعرض لكتابة تاريخ خصومه ؟! هل ينصف أم تغلب عليه أهواؤه التى لايمكن أن يخفيها ؛ فتظهر فى كتاباته روح العداء؛ فيعمد إلى هدم إنجازات خصومه ، بل ووصفهم بكل ما يشين .
حقيقة نؤكد أن المؤرخ بشر يحب مثل ما يحب ويكره ،ويتأثر بالأحداث التى يعيشها ،فقد يتعاطف معها بكل أحاسيسه ووجدانه ؛ونتيجة لذلك تظهر السمات الفكرية لكل مؤلف خاصة إذا كان يدون تاريخ خصومه؛ فإن الخصومة قد تحمل على سوء الرأى فى الرجال.(2)
الشروط الواجب توافرها فى المؤرخ
أشار مؤرخونا قديما إلى الشروط الواجب توافرها فيمن يتصدى لكتابة التاريخ، وبخاصة سير الرجال ، وهى :أن يكون عالما عدلا صادقا ،إذا نقل يعتمد اللفظ دون المعنى فى النقل ،وأن يسمى المنقول عنه،أن يكون عارفا بحال صاحب الترجمة علما ودينا ،/ويحتاج ذلك إلى المشاركة فى علمه ومعرفة مرتبته ،وأن يكون كذلك حسن التصور ، يعبر بعبارات لا تزيدولاتنقص،وألايغلبه الهوى ، فيخيل إليه هواه الإطناب فى مدح من يحب والتقصير فى غيره(3).
ويمكن توضيح تلك الشروط فى العناصر الآتية:
1.العلم و العدالة والصدق:أى أن المؤرخ ينبغى أن يكون متخصصا ، و ليس من هواة التأليف الذى يكتب؛ ليُحشر فى زُمرة الكتاب ، و أن يجرد نفسه من عصره ويعيش العصر الذى يكتب عنه ،وألايسقط أحداث عصره على العصر الذى يؤرخ له. أو كما قال كروتشه:" التاريخ كله تاريخ معاصر" .أى أن المؤرخ ينبغى أن يعاصر الأحداث التى يكتب عنها ويعيش فيها. ويقتضى العدل والصدق ألايتبع الهوى ويميل عن الحق خاصة إذا كان يكتب تارخ خصومه ،وألايتعمد الكذب ؛لينال فائدة شخصية ؛فيعطى عن عمد معلومات غير حقيقية،وأشد الكذب أثرافى النفس ما احتوى على عنصر كبير من الحقيقة،واحتوىـأيضاـ على تبديل أوتغيير بأسلوب خاص (4). لذلك ينبغى على المؤرخ أن يتجرد عن الهوى.
2.الاعتماد على المصادر ،و تحرى الدقة فى النقل ،فلايلقى أقوالا بلا دليل أو أن يعتمد على بعض المصادر ويترك ـ عن عمدـ مصادر أخرى لها أهمية فى الموضوع الذى يتناوله بالدراسة.
3.أن يتجنب المؤرخ التنبؤات ، فهو يؤرخ للأحداث الماضية ،ويحاول تفسيرها فى ضوء ما لديه من أدلة، أما أن يجنح بخياله ،ليكتب ما سيحدث فى المستقبل ، ومن هنا فإن الكتب التى تحمل عنوان : (ماذا يحدث لو.....) لايمكن أن توصف بأنها كتابة تاريخية، بل هى فى الحقيقة رواية خيالية.
4.الفهم الصحيح للأحداث التى يكتب عنها ، فلا يدفعه الهوى أن يفهم الأحداث من وجهة نظره هو ،أو أن يسوق الروايات فى غير موضعها ؛ ليحمل القارىء على الإيمان بفكرته، و إن كانت مخافة للحقيقة. ولعل المؤرخ إذا تجاوز تلك الشرط واتبع هواه ، فإنه لاشك يسهم فى التضليل ،وطمس الحقيقة محاولة منه أن يؤثر فى فكر القارىء ؛ ليعتقد صواب رأيه ، وهو بذلك يسعى ـ عن عمد ـ إلى تشويه التاريخ،ليعبر عن فكره هو،لا عن الحقيقة التاريخية. ولعل ذلك يدعونا للحديث عن مصادر دراسة تاريخ الإخوان ، لنعرف مدى اعتماد المؤلفات التى كتبت عن الإخوان على تلك المصادر،أم أنها كتبت تارخ الإخوان من وحى الخيال.
مصادر تاريخ الإخوان المسلمين
أسست جماعة الإخوان المسلمين سنة 1928 م،واستطاعت أن تنتشر فى المجتمع المصرى وتمتد فروعها خارج مصر .وقد مارس الإخوان المسلمون الدعوة إلى فكرتهم علانية حتى أصبحت ملأ السمع والبصر .وقد عبر عن ذلك إحسان عبد القدوس فى مقاله عن حسن البنا .(5)
وقد أصدرالإخوان نشرات مختلفة وعقدوا مؤتمرات للتعبير عن فكرتهم والدعوة إليها، و قد أنشأ الإخوان عدة صحف ، وهى تمثل مصدرا مهما فى دراسة تاريخ الإخوان لايمكن تجاهله.وتلك الصحف هى:
•مجلة "جريدة الإخوان المسلمون الأسبوعية " من 1933 م حتى 25 فبراير 1938 م(6).
•مجلة " النذير " أول ربيع الأول1357ه الموافق 3 مايو 1938 حتى العدد(44) من السنة الثانية فى 8 يناير 1940 م (7).
•مجلة " التعارف " استأجرها الإخوان بداية من السنة الخامسة للمجلة ،السبت 23 المحرم 1358ه الموافق 2 مارس 1940(8).
•مجلة "الإخوان المسلمون "صدرت فى 17 سعبان 1361ه الموافق 29 أغسطس 1942 حتى عام 1948(9).
•صحف الإخوان الإقليمية ،ومنها " القلم الصريح" التى أصدرها إخوان القاهرة ، إضافة إلى الصحف الأخرى التى اهتمت برصد نشاط الإخوان (10).
• " جرية الإخوان المسلمون اليومية " وقد نشر الإخوان أعدادا خاصة احتفالا بمرور عشرين عاما على دعوة الإخوان فى 5 ديسمبر 1948 م احتوت على وثائق مهمة حول تاريخ الجماعة ، فضلا عما اهتمت به من متابعة أنشطة الإخوان .
•لة " الدعوة " صدرت سنة 1951 م حتى 1954 م،ثم أعيد إصدارها سنة 1976 م حتى 1981 م . •مذكرات الإخوان التى رووا فيها الأحداث التى شاهدوها أوشاركوا فيها.وهذه الصحف والمذكرات احتوت على أنشطة الإخوان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية و ما مر به الإخوان من أحداث،ولذلك لايمكن لمن يؤرخ للإخوان أن يتجاهلها أويعتمد على بعضها ،ويترك لخياله أن يرسم تاريخهم وفق ما يتصوره ،وإن كان خلافا للحقيقة.
دوافع تشويه تاريخ الإخوان المسلمين
هناك عدة عوامل أدت إلى العمل على تشويه تاريخ الإخوان ،ومن أهمها:
1- الخصومة السياسية
لقد أثار انتشار الإخوان فى المجتمع المصرى حفيظة الحكومات على اختلاف عصورهم ورأوا فى الإخوان قوة منافسة تزاد يوما بعد يوم ، لذاك عمدوا إلى محاربة الإخوان بشتى الوسائل ،لتخلو لهم الساحة من منافس ،وفضلا عن الاعتقالات التى لم تتوقف ،فإنهم اتبعوا عدة إجراءات لتشويه تاريخ الإخوان،من أهمها:
أ-طمس صحف الإخوان التى تمثل تاريخهم حيث إن تلك الصحف معظمها صدر فى الثلاثينيات و الأربعنيات من القرن الماضى وحفظت فى دار الكتب المصرية تحت سلطة الدولة التى تحارب الإخوان وتجرم من يقتنى مطبوعاتهم ،فما كان منها إلا أن تتركه يتهالك مع مرور الزمن دون ترميم لتنتهى تلك الفترة التاريخية من حياة الإخوان ،فإذا ذهبت إلى دار الكتب المصرية للاطلاع على صحف الإخوان فستجد أن كثير من الدوريات مفقود ،و المسموح بخروجه متهالك لايصلح للاطلاع عليه أو البحث وتتركه الدولة ليندثر مع الزمن ويصبح فى طى النسيان (11) .
ب-تغيب الإخوان عن الساحة وعدم الاعتراف بهم كمواطنين مصريين يحبون وطنهم ويسعون لخدمته: بل وتجريم كل من ينتمى إليهم بتهم مختلفة ،مما يعطى انطباع بأن الانضمام إلى الإخوان جريمة يعاقب عليها القانون ،لذلك شهدت مصر بداية من سنة 1995 م تحويل قيادات الإخوان إلى المحاكمات العسكرية بتهمة إحياء تنظيم الإخوان المسلمين ،أو الانضمام إلى جماعة محظورة متجاهلين للحقائق، وعدم السماح للإخوان بامتلاك أى وسيلة إعلامية للتعبير عنهم ، فبعد توقف مجلة الدعوة سنة 1981 م لا يوجد للإخوان أى صحيفة أو قناة فضائية ممايؤدى إلى خلو الساحة أمام من يشوه صورة الإخوان.
ت-تسخير أجهزة الدولة لمحاربة الإخوان : استخدمت الدولة كل الأجهزة المسموعة والمرئية والمطبوعة لمحاربة الإخوان ؛فظهرت الأعمال السينمائية التى تشوه كل من ينتمى إلى الحركة الإسلامية بصفة عامة والإخوان بصفة خاصة ، و ظهرت البرامج الإعلامية التى تشوه الإخوان وتصفهم بالتطرف ، وهى كثيرة خذ مثلا برنامج " حالة حوار ". وسخر الأزهر الشريف لإصدار كتاب سنة 1965 م يصف الإخوان بالضلال بعنوان : " رأى الدين فى إخوان الشياطين"، إضافة إلى تسخير مختلف الصحف لتشويه صورة الإخوان ،وهى كثيرة ،ومنها على سبيل المثال مجلة : "روزاليوسف " المصرية.
2- قلة المصادر
غُيب الإخوان عن الساحة فى عهد عبدالناصر فى الفترة من (1954 ـ1970) ، لذلك فإن الكتابات التى كتبت فى تلك الفترة لم تستوفِ مصادر تاريخ الإخوان ،فاحتوت على معلومات غير صحيحة ،وقد أشار إلى ذلك د/محمود أبو السعود أنه عندما كان فى أمريكا سنة 1976 م وقابل المستشرق الأمريكى ريتشارد ميتشل مؤلف كتاب: " الإخوان المسلمون " ،وتناقش معه فى بعض الموضوعات التى ذكرها ميتشل فى كتابه ، فبين أنه عندما أعد البحث فى تلك الفترة لم يتح له مقابلة الإخوان ،وأبدى رغبته فى نشر الكتاب مرة أخرى مع تعليق أحد الإخوان عليه ،فترجمه د/محمود أبو السعود وعلق عليه صالح أبو رقيق .
وكتب المستشار/طارق البشرى كتابه :" التيارات السياسية فى مصر" ، ونشره سنة 1967 م ،وفى الطبعة الثانية ، طبعة دار الشروق ، تناول بالنقد ما عرضه فى الطبعة الأولى عن الإخوان موضحا أنه بعد أن نشرت كتب الإخوان اتضحت له حقائق لم تتوفر له فى الطبعة الأولى ، وقام بكتابة نقده فى مقدمة الطبعة الثانية ،وترك ما كتب فى الطبعة الأولى ليعبر عن الكتابة فى تلك الفترة .هذان نموذجان من الدراسات التى كتبت عن الإخوان قامت بتصحيح ما كتبته فى ضوءالمعلومات الجديدة التى ظهرت ،لكن مابالنا بمن يحاول تشويه تاريخ الإخوان ووصفهم بكل قبيح وإلصاق التهم بهم دون دليل.
3- الخصومة الفكرية
دفعت الخصوم الفكرية الاتجاه اليسارى للكتابة عن الإخوان ، و ظهرت فى كتاباتهم أثر تلك الخصومة ، فاعتبروا الإخوان جماعة عنف تدعو إلى التكفير ، يتاجرون بالدين ......الخ.
ولنأخذ بعض الأمثلة للتدليل على ذلك :
كتب د/عبد العظيم رمضان عن الإخوان كتابين ،هما :"الإخوان المسلمون والتنظيم السرى " (12) ، و"جماعات التكفير فى مصر "،افتفر فيهما إلى الموضوعية وبعد عن الإنصاف ،حيث يقول ناشركتاب : جماعات التكفير فىمصر: " يتناول هذا الكتاب الأصول الفكرية لجماعات التفكير. ويمهد لذلك بفكر حسن البنا، وفكر سيد قطب، والصراعات الفكرية بين أنصار الفكرين. كما يتناول حركات العنف فيتعرض لحركة التنظيم السرى لحسن البنا، وحركة سيد قطب، وحركات جماعات التفكير في عهد الرئيس السابق السادات، ثم في عهد الرئيس مبارك، ويتعرض لاغتيال الرئيس السادات، والدكتور رفعت المحجوب، ومحاولة اغتيال زكي بدر. كما يتناول حركة "الجماعة الإسلامية" لعمر عبد الرحمن. وينتهي بدراسة واقعية لتأثير جماعات التفكير في المجتمع المصري، وتحوله من مجتمع مصري علماني إلى مجتمع متأسلم ديني. "
وقد احتوى الكتاب الأولى على مغالطات كثيرة اعتمد فيه على محاضر التحقيق التى كتبته سلطة الإرهاب فى عهد عبد الناصر،معتقدا أنه بالفعل كلام الإخوان ، و لم يطلع على صحف الإخوان أو كتاباتهم ، و فى الكتاب الثانى لصق بالإخوان تهمة التكفير دون دليل ،ولاغرو فإن أى كلام يفتقر إلى الدليل إنما هو افتراء محض.
ولعل ما كتبه أيمن الظواهرى أحد قادة تنظيم الجهاد عن الإخوان فى كتابه: " الحصاد المر: الإخوان المسلمون فى ستين عاما " يرد على ذلك ، حيث أخذ على الإخوان اعترافهم بالسلطة الحاكمة ،واعتبر من مساوئهم ـ على حد زعمه ـ عدم تكفيرهم الحكومات وعدم اتخاذهم العنف وسيلة للتغيير، وأنهم بذلك يخرجون عن النهج القويم. وإليكم ملخصا لبعض ما ذكره عن الإخوان :
يعرض الظواهرى جولة مضنية وطويلة من الأمثلة والشواهد من أقوال الإخوان وممارساتهم التي هي كما يقول الظواهري جزء قليل من ركام هائل، وهي أمثلة على تأييد الإخوان للحكام في مصر، ومواقفهم المؤيدة للدستور والديمقراطية ورفضهم العنف وقبولهم بالأحزاب العلمانية وغير الإسلامية، وقبولهم ومشاركتهم في عمليات تداول السلطة والتنافس عليها سلميا، وقبولهم بالقوانين والأنظمة والتشريعات القائمة في مصر والعالم الإسلامي........
ويجد الظواهري أن جماعة الإخوان المسلمين لم تكتف بعدم تكفير الحكام بغير ما أنزل الله، بل تجاوزت هذا الاعتراف بأقوالها وأفعالها بشرعية هؤلاء الحكام وتركت هذا الفهم يستشري في صفوفها، بل واعترفت الجماعة بشرعية المؤسسات الدستورية العلمانية والبرلمان والانتخابات والديمقراطية !! وكان هذا برأيه من أكبر العوامل المساعدة للطواغيت على وصم الجماعات الإسلامية الجهادية بالخروج على الشرعية، وهكذا فإن الإخوان تتهمهم الجماعات الإسلامية المتطرفة بالديمقراطية والقبول بالتعددية السياسية، وتراهم الأحزاب والاتجاهات العلمانية والليبرالية والأنظمة السياسية متطرفين يرفضون الآخر والديمقراطية.........
والانحراف الآخر لدى الإخوان برأي الظواهري هو أن الجماعة مدت جسور التفاهم مع معظم الأنظمة الحاكمة التي تعيش تحت سلطانها وشاركت في الحكم أحيانا، وكان تفاهم الجماعة مع هذه الحكومات في صفقات يسمح بموجبها للإخوان بالعمل بحرية وتعترف الجماعة مقابل ذلك بشرعية النظام الحاكم مع مساعدته في ضرب تيار معارض آخر. ويورد أمثلة تاريخية كثيرة على تحالف الجماعة وتعاونها مع الحكومات مثل التعاون مع الملك فاروق في مواجهة حزب الوفد ومحاربة الشيوعية، والتعاون مع جمال عبد الناصر في بداية الثورة والتعاون مع السادات في مواجهة التيار الشيوعي والناصري، والتعاون مع حسني مبارك في ضرب التيار المتطرف..........
ونبذت جماعة الإخوان العنف الذي هو الجهاد في سبيل الله وتبرأت ممن يتبنون العنف ولو من أتباعها، وهي مخالفات شرعية كبيرة رافقت تأسيس الجماعة وقامت عليها، ولم يلق هذا المنهج الإخواني غير المستقيم معارضة كثيرة من بين الإخوان أنفسهم، وهذا يعني أن الجماعات الإسلامية لم تخرج من تحت عباءة الإخوان كما يقال دائما فهذه الجماعات ترى أن الخطأ والانحراف في الجماعة أساسي ومن أول يوم قامت فيه ولم تتغير حتى يتركها بعض الأعضاء وينسحبون إلى جماعة أو يؤسسون جماعة أخرى . (13)
ولعل ما سبق يرد على من اتهم الإخوان بالتكفير والعنف ، هذا فضلا عن التقرير الذى أصدره مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة عن كتب الإخوان: " الإسلام هو الحل " ،"ماذا يعنى انتمائى للإسلام "،" المدخل إلى دعوة الإخوان المسلمين "، والذى أكد أن تلك الكتب لاتخالف الإسلام فى شىء.(14) كما ،فقد نشرت جريدة" المصرى اليوم " ملخصا لما احتواه التقرير ؛ فقالت : " فجرت تقارير مجمع البحوث الإسلامية عدداً من المفاجآت منها موافقة المجمع على كتاب مصطفى مشهور المرشد العام الأسبق للإخوان المسلمين وأحد قيادات التنظيم الخاص الشهير بالجماعة، بعنوان «الإسلام هو الحل»، وهو الشعار الذى طالما أثار الدولة وأجهزتها الأمنية لدرجة سن قانون يمنع استخدام الشعارات الدينية، فى إشارة إلى ضرورة منع رفع هذا الشعار الخاص بالجماعة، حيث وصف التقرير الكتاب بأنه لا يوجد به أى مخالفة شرعية أو عقائدية.
وفى مفاجأة أخرى وافق المجمع على كتاب لأحد قيادات التنظيم الدولى للإخوان الشيخ فتحي يكن زعيم فرع الجماعة الروحي فى لبنان بعنوان «ماذا يعنى انتمائى للإسلام» وقال نص التقرير: «الكتاب مطبوع فى بيروت لمؤسسة الرسالة ويقع فى 181 صفحة وبه مقدمة تعرض فيها المؤلف لمحتويات الكتاب الذى يقع فى جزءين، الأول بعنوان " ماذا يعنى انتمائى للإسلام "، تحدث فيه المؤلف عن أهم المواصفات التى يجب توافرها فى الإنسان ليكون مسلماً حقاً، والجزء الثانى بعنوان الانتماء إلى الحركة الإسلامية، ويتعرض فى هذا الجزء لأهم المواصفات التى ينبغى توافرها فيمن ينتسب إلى الإسلام انتساباً صحيحاً، وأنها جزء لا يتجزأ من صدق الانتماء لهذا الدين .
وانتهى التقرير برأيه فى الكتاب قائلاً : استطاع المؤلف بأسلوبه السهل الواضح أن يبين أحكام الإسلام شاملة، وتعاليمه كاملة بتنظيم شؤون الناس على كل صعيد، من تمسك به سعد فى دنياه، وفى الكتاب ما يدعو الناس إلى التمسك بالإسلام قولاً وفعلاً، ويتمنى أن تكون للأمة الإسلامية شخصية مستقلة أصيلة وفى الكتاب الهداية والرشاد ولا مانع من نشره وتداوله .
كما وافق المجمع على كتابى «دعوتنا» و«إلى أى شىء ندعو الناس» للإمام حسن البنا، وهما من أكثر الكتب التنظيمية التى تدعو إلى جماعة الإخوان المسلمين، ذكر التقرير عن كتاب «دعوتنا»: «يقع الكتاب فى 47 صفحة وليست به مخالفات دينية أو علمية ولا مانع من نشره وتداوله" .(15)
ولعل الأمر يطول بنا إذا استعرضنا الكتابات التى تهدف إلى تشويه تاريخ الإخوان المسلمين ، والتى يتضح من عنوانها ما تحمله من أفكار لا تمت إلى الحقيقة التاريخية بصلة ،إنها أوهن من بيت العنكبوت ، بل هى من بنات الخيال ، ومنها:
1-الإخوان والعسكر : صلاح عيسى .
2-قنابل ومصاحف : عادل حمودة ،يتناول علاقة الإخوان بتنظيم الجهاد.
3-[الإخوان المسلمون] ،الجماعة والعنف :السيد يوسف.
4-حسن البنا ،متى وكيف ولماذا : د/ رفعت السعيد ،تاريخ المصريين رقم (147).
5-السادات والمباحث والإخوان :كرم جبر ،دار الخيال ،القاهرة.
6-الإسلام الليبرالى بين الإخوان المسلمين والوسطين و العلمانيين:محمد إبراهيم مبروك.
7-الإخوان المسلمون والأقباط من اللعب بالدين إلى اللعب بالوطن :حمادة إمام.
8-التاريخ السرى لجماعة الإخوان المسلمين : على عشماوى.
9-مدافع الإخوان ،ماذا فعل أبناء حسن البنا بالمسلمين: محمد الباز.
10-ماذا لو حكم الإخوان المسلمون ؟ : د/فاطمة سيد أحمد.
11-حتى لا تضيع الهوية الصوفية بين الإخوان المسلمين والشيعة وبنى أمية : د/محمود السيد صبيح.
12-الإخوان المسلمون ،رؤية اشتراكية: سامح نجيب.
1.الإخوان المسلمون فى ستين عاما : أيمن الظواهرى.
2.التنظيم السياسى والإخوان المسلمون فى مصر من التسامح إلى المواجهة : د/حسين توفيق إبراهيم.
وأخيرا:
إن الكتابات التى صدرت عن الإخوان المسلمين يصعب حصرها ،ولا ندعى بحال أن الإخوان لايخطئون أو أنهم فوق النقد، فهم بشر،لكن أن يهدم تاريخهم كما حاولت بعض الكتابات ، فإن ذلك غير مقبول ، ولو تعرضت جماعة من الجماعات لما تعرض له الإخوان لمحيت آثارها وانتهت من الوجود،ولعل تلك الكتابات التى تهدف إلى تشويه تاريخ الإخوان حتى ينفض الناس من حولهم لم تؤتى ثمارها و باءت بالفشل حيث عبر الشعب المصرى عن ارتباطهم بالإخوان وثقته فيهم فى انتخابات مجلس الشعب سنة 2005 م التى فاز الإخوان ب88مقعدا رغم التضيقات الأمنية بما يمثل 20% من مقاعد المجلس أى أن الإخوان يمثلون خمس المجتمع المصرى بمايقرب من 16 مليون مواطن.
روابط ذات صلة خارجية
[١] الجماعة «المحظورة سابقاً»
المراجع
1)د/سعيد عاشور:حول إعادة كتابة التاريخ الإسلامى،المجلة العربية للعلوم الإنسانية،الكويت،المجلد الأول العدد الثانى ،ص 198.
2)محمد عبد الغنى حسن : التراجم والسير ،دار المعارف ،القاهرة ،1955،ص 16ـ17.
3)الصفدى : الوافى بالوفيات ،ج 1 ص 46.
4)د/حسن عثمان : منهج النقد التاريخى ،دار المعارف ،القاهرة ،ط3 ص 127.
5)جمعة أمين عبد العزيز: قالوا عن الإمام البنا،دار التوزيع والنشر الإسلامية ،القاهرة ،ص 340.
6)انحرفت المجلة عن منهج الإخوان ،لذلك تركها الإخوان وأصبح التاريخ المذكور يمثل آخر عدد يعبر عن الإخوان ،بالرغم من صدورها بعد ذلك بهذا الاسم.
7)أصبحت بعد هذا العدد لا تمثل الإخوان.
8)لم تستمر طويلا حيث تم مصادرتها فى عهد وزارة حسن صبرى .
9)صدرت السنوات الأولى من المجلة نصف شهرية ثثم انتظمت بعد ذلك أسبوعية.
10) انظر : جمعة أمين عبد العزيز : أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين،الكتاب الثالث، الإخوان والمجتمع المصرى (1938 م ـ 1945 م) ص 309ـ 397.
11)انظر : جمعة أمين عبد العزيز :سلسلة من تراث الإمام البنا،دار الدعوة ،القاهرة ص 18.
12)الكتاب فى حقيقته عبارة عن مقالات كتبها د/عبد العظيم رمضان فى مجلة الوطن الكويتية ، وقام الأستاذصلاح شادى بالرد عليه على صفحات المجلة، ثم استأذن د/عبد العظيم رمضان الأستاذ صلاح شادى فى نشر مقالاته فى كتابه ،فأذن له، و صدر الكتاب عن الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة ،1993 م.
13)موقع الجزيرة الوثائقية ،كتب ،الإخوان المسلمون فى ستين عاما :أيمن الظواهرى.
14) موقع شبكة الإعلام العربية تحت عنوان:مفاجآت تحملها مجمع البحوث عن كتب الإخوان.
15) المصرى اليوم بتاريخ 25/3/2010م.وقد نقد المجمع كتاب "من التيار الإسلامي إلى شعب مصر " ،فانتقد العنوان وبعض المصطلحات التى وردت فى الكتاب بعد أن أكد أنه لا يحتوى على مخالفة شرعية.
د/عبد العظيم رمضان :
1.الإخوان المسلمون والتنظيم السرى ،الهيئة المصرية العامة للكتاب،القاهرة،1993 م.
2.جماعات التكفير فى مصر،الهيئة المصرية العامة للكتاب،القاهرة.