عمر محمود عبدالله
مقدمة
رحيل العلماء يعيد للأذهان ذكريات عام الحزن، فموتهم منذر موقظ للغيورين بالانتباه لما على الأمة من مسؤولية إزاء علمائها، وفضلائها، وخيارها، حيث أنهم رحلوا دون أن يطلبوا جزاء ولا شكورا.
ما أجمل أن يكون للإنسان رسالة مميزة في حياته ، يسعى لإنجازها يتخطى من خلالها أسوار إختصاصه ليصل إلى مجتمعه الكبير ، جاعلاً من حياته المهنية ومعارفه وخبراته إضافة قيمة من أجل خدمة أبناء مجتمعه وخير وطنه، وظلوا يعيشون وهم يتحلون بأرقى صفة لهم وهي الخشية من الله تعالى، وعلى ذلك عاشوا وعليها ماتوا، ولقد رحل عنا الكثير من العلماء في هذا الزمان، وأقل ما نقوم به أن نتذكرهم وأن نقتدي أثرهم في الحق. ومنهم الشعيد عمر محمود عبدالله.
بداية الحياة
في منطقة باب البيض بمدينة الموصل بشمال العراق ولد عمر محمود عبدالله المولى في 10 يونيو 1941م، الموافق 1360هـ في عائلة فقيرة حيث كان والده يعمل في اعمال البناء والترميم، ومع أن الام والاب أميين إلا أنه كان يغلب التدين على العائلة.
والده المرحوم (الحاج محمود عبد الله) المعروف (بالأطرش) لكونه كان فاقد السمع، امتهن مهنة (الجمّال) وكان يرافق القوافل التجارية بين الموصل وحلب، ثم عمل بمهنة أخرى من المهن الموصلية القديمة وهي (جّبال) بناء.
تعليمه وعمله
بدءاً من كتّاب الجوامع قبل أن ينتقل إلى المرحلة الابتدائية والمتوسطة ثم الاعدادية حيث أنهى جميع المراحل بتفوق وبمجموع كبير سمح له بالالتحاق بكلية الصيدلة جامعة بغداد عام 1960م حيث حصل على منحة من وزارة الدفاع، وأنهى دراسته بتفوق عام 1965م ليتخرج برتبة ملازم ثاني صيدليا، وتدرج في الجيش العراقي حتى رتبة عميد صيدلي، قبل أن يحال للتقاعد عام 1988م.
يقول جاسم عبد شلال النعيمي
- "دخل المدارس الرسمية في الموصل وتخرج في الإعدادية.. ثم قبوله في الكلية الصيدلية في بغداد، على نفقة وزارة الدفاع وتخرج منها سنة (1385هـ - 1965م) ... وكان متفوقاً على أقرانه .. ومنح رتبة ملازم في الجيش العراقي ... وتم تعينه صيدلياً، وتنقل في عدة وحدات عسكرية خلال عمله في سلك الجيش بهذه المهنة حتى تقاعد منها سنة (1409هـ - 1988م).
- وقد شهد أغلب مَن رافقه في هذه السنوات على حرصه في بيان الحق، واتصف بحسن الخلق طيلة مسيرته العلمية في كلية الصيدلة. فتح صيدلية خاصة به فكانت محط أنظار أهل الموصل، وتزوج ورزقه الله من الأبناء بخمسة ومن البنات اثنتين، أكبر أبنائه هو (الدكتور محمد اقبال الصيدلي والذي كان وزير التربية في العراق في الفترة من 2014 - 2018م).
وكان رحمه الله ، عضواً في نقابة الصيادلة 1965 وحتى إغتياله ، وعضواً في رابطة العلماء في الموصل.
نشأته الدينية والطريق إلى الإخوان
كان الدكتور عمر شغوفاً في تعلم الدين وحفظ الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ، منذ أن كان طالباً في الابتدائية بمدرسة (ابن الأثير) وكان متفوقاً في الدراسة في جميع المراحل الدراسية . طالع العديد من الكتب الدينية والتاريخية والأدبية، ثم قرأ أمهات المجامع والمصادر المهمة ثم مال في البحوث الفكرية والعقائدية والفلسفة ، ونمت عنده الروح الإسلامية.
طالع العديد من كتب بعض القادة الإسلاميين في هذا المجال ، فوجد ضالته في كتب الشيخ (حسن البنا) والشيخ (سيد قطب) ـ رحمهما الله ـ حيث اقترنت روحه بآرائهما وتوسعت مداركه السياسية والثقافية والفكرية ، فتفتح وعيه ونضج فكره بتبني المفاهيم والطروحات التي رآها ملائمة لفكره الديني .. أخذ يتعمق في دراستها ، وجعلها محور اهتماماته في المطالعة ، هذه الحالة برزت عنده وهو في المراحل الأولى قبل دخوله إلى كلية الصيدلية .
وهكذا أصبح الشهيد (عمر) رجلاً من رجال الدعوة والإصلاح، وكان متوازياً في طروحاته وعرف مفاهيم الإسلام على حقيقتها فسار في طريق الوسطية ، تفهم الواقع وعرف الحال ، من خلال ذلك تعامل مع الحياة ، وسار في طريق النجاة لم يكن متعصباً لأحد ، أحب الكل، فأحبه الجميع ، سما في أخلاقه وعمله فارتفع عنده محبيه .
في خضم نشاطه الديني وجد نفسه في جماعة الإخوان المسلمين في الموصل ، ومن خلال عمله كان له موقع واضح بين هذه الجماعة ، رغم خطورة الموقع والوضع السياسي آنذاك . وحسب على هذه الجماعة بل كان من قيادتها.
رغم مطالعته للعديد من الكتب والمصادر الدينية إلى أنَّ ذلك لم يمنعه من التواصل مع العديد من العلماء الأفاضل في الموصل ومنهم الشيخ محمد محمود الصواف رحمه الله والشيخ ذنون البدراني ـ رحمه الله ـ والأستاذ المربي غانم حمودات حيث نهل منهم الكثير من العلوم الدينية والشرعية .
درس البلاغة والفقه والتفسير والبيان فأصبح من رجال الدعوة الإسلامية في هذه المدينة ، وأصبح من كودارها القيادية والتنظيمية ، وكان توجهه هذا وضحاً عندما كان طالباً في كلية الصيدلية .
وأصبح مسؤولاً عن تنظيم هذه الجماعة في تلك الكلية ... وبعد إحالته على التقاعد ، تحرر الشهيد عمر ـ رحمه الله ـ من عبودية العمل الوظيفي ، انصرف إلى الدعوة والإرشاد واخذ ينشر المبادئ الإسلامية في كل منطقة يزورها ، وأصبح خطيباً في جوامع عدة ، وألقى العديد من المحاضرات الدينية في العديد من الجوامع والمساجد والقرى في هذه المحافظة .
ساهم في تركيز العمل السري لجماعة الإخوان في الموصل ، وأسس بعضاً من القواعد التنظيمية في المدينة ... وكثيراً ما تم استدعاؤه إلى الأمن في المرحلة السابقة للتحقيق معه في نشاطه السياسي آنذاك ، لكن حجه إقناعه كانت لا تدع في صدورهم شك إلى كونه يعمل في السياسة.
أخذ يصول ويجول ليعلي كلمة الله يصدح بالحق ولا يخاف في الله لومة لائم، يتحين الفرصة ليدخل إلى قلوب الشباب المسلم. وشارك في تأسيس الحزب الإسلامي العراقي عام 1961م.
ولم يمنعه منصبه العسكري من قول الحق في وجوه الظالمين، حيث تنقل الشهيد بين عدة محافظات داعية وضابطاً شاغلاً العديد من المناصب العسكرية. وصل إلى رتبة عميد في الجيش العراقي، وأحيل إلى التقاعد بسبب توجهه الإسلامي ورفضه الانتماء لحزب البعث بنفس الرتبة عام 1988م.
اعتقاله
بعدما احيل إلى التقاعد من الجيش بسبب انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، واصل الطريق الذي تعاهد عليه فأخذ على عاتقه نشر فكر وثقافة الإخوان المسلمين وهو ما أدى إلى اعتقاله عام 1994 ضمن حملة للضباط الإسلاميين.
يقول جاسم النعيمي:
- في سنة (1994م) اعتقل مع العديد من رجال الدين والدعاة من قبل امن المدينة لمدة (42) يوماً ورغم التحقيقات لم تثبت عليهم التهم الموجبة إليهم ، فأطلق صراحة مع زملائه . ومنهم الدكتور محمد شاكر الغنام ، والشيخ صالح خليل حمودي ، والشيخ طارق حمدون وغيرهم ، وبقي المرحوم على سابق عهده داعيا إلى الله ورسوله.
نشاطه الفكري والدعوي
كان يرى نفسه جندياً يجب عليه مليء ذلك الفراغ الفكري والثقافي، فأخذ يعالج العديد من المشاكل التي كان يعانيها بلدنا الحبيب، فانبرى إلى التأليف والنشر ليقول بصراحة ان الإسلام قادمٌ لا محالة.
فكان من الذين سنوا سنة حسنة في كتابة القصص ذات الدروس والعبر بنكهة عراقية خالصة، فقد كان يكتب بقلم جريء، وحينما يذهب الكتيب إلى دار الرقابة الوطنية يرفض مسؤولو النظام السابق الموافقة على نشره معللين ذلك بأنه يحتوي على بعض المخالفات الفكرية، ولكنه كان يقول عن نفسه رحمه الله: (كنت استعين في طباعة تلك القصص على تعاون بعض الأخوة وكذلك بالدعاء حتى يفرج الله الأمر).
كما أن من مناقبه أيضا كانت له دروس كل اثنين وخميس في مساجد الموصل، وكان له مسعى في الخير حيث كان يزور العوائل المتعففة ويعطيها الدواء مجاناً محتسباً ذلك عند الله سبحانه وتعالى، كما أن الله تعالى قد استجاب دعوته حينما كان يدعو (ربي أمتني خير ميتة) فاختاره الله شهيداً عنده.
عرف بنشاطاته الاجتماعية سواء في حث الشباب على الزواج من الارامل بعد الحروب أو في الحرب مع إيران أو نشاطاته وقت الحصار الاقتصادي وتوقف دخول الادوية إلى الموصل فكان يقوم بتوزيع الادوية مجانا للفقراء وبأسعار مناسبة للغير. وكذلك محاضراته في مساجد الموصل، مع برنامج أسبوعي على قناة نينوى يعرض فيه لمقومات المجتمع الإسلامي وطرق معالجة الأزمات وخصوصاً في ظرف الاحتلال العصيب.
وساهم الشهيد عمر ـ رحمه الله ـ من خلال عمله في صيدليته في الجهة المقابلة للجامع النبي يونس ، بتوفير الدواء إلى المرضى من أبناء الموصل خلال فترة الحصار الاقتصادي على العراق ، وانعدام الدواء اللازم في المذاخر في الوحدات الصحية والمستشفيات
فكان يجلب الدواء اللازم بعد طرق ويوفره لهؤلاء المرضى وبأسعار معتدلة ، يساهم بعض الوقت في جزء من هذه الأسعار للفقراء ، كما ساهم في فتح عيادات طبية وصيدليات في بعض الأحياء السكنية لتوفير الأطباء للفقراء وللمحتاجين والعلاج الطبي ، نجاحا لهؤلاء الشريحة المعمدة في أبناء المدينة.
علاقاته الإنسانية
كان الشهيد الشيخ عمر ـ رحمه الله ـ مدرسة إنسانية ، كانت مادتها التواصل والمحبة ، والتسامح والتعاون لخلق مجتمع فاضل خال من الانحراف والرذيلة ، وكان يدعوا لمساعدة الأرامل ممن فقدن أزواجهن من خلال الحروب التي سادت في فترة الثمانينات حتى الاحتلال الأمريكي
وكان يدعو الأزواج حول إمكانية التزوج من تلك الأرامل لانتشالهن من الضيق والعوز والفقر، ولصون كرامتهن وعادتهن إلى عجلة الحياة كما دعا إلى مساعده من يرغب بالزواج بهذه الأرامل ، هذه نظرة إنسانية لها أبعادها الوطنية ومنافعها الاجتماعية قلما انتبه إليها أصحاب الرأي والشأن ولتكون دعوته هذه الصادقة بادر هو نفسه بالزواج من إحدى الأرامل لصون كرامتها ورعايتها .. كما كان يقدم هدية مليون دينار لمن يتزوج أرملة من حسابه الخاص .
ولم يقف عند هذا الحد بل ساهم في بناء مسجدين للصلاة في بعض المناطق الغربية من الموصل لعدم وجود مسجد فيهما فأراد أن يرتفع اسم الله عالياً في هذه المناطق.
مواقفه من الاحتلال الأمريكي
عندما تمَّ احتلال العراق سنة (2003م) كان الشهيد عمر ممن عارض الاحتلال علناً وبكل وضوح من مهاجماته وانتقاده لهذا الاحتلال ، من خلال الصحف والتلفزيون والندوات واللقاءات والاجتماعات، مطالباً بالتحرير والخروج المحتل من أرض الوطن .
ولم يهادن القوى التي باركت لهذا الاحتلال او يلقي بها ، نشر عدة مقالات في هذه الجانب في جريدة الشورى التي كان يصدرها الحزب الإسلامي في الموصل في بداية الاحتلال كما طالب بإجراء زيارات للمعتقلين في السجون وضرورة إطلاق سراح الأبرياء منهم ، وعارض قضايا الدهم والتفتيش وضرورة مراعاة حرمة العائلة الموصلية ، وحرمة المساكن السكنية.
وحينما وقعت الحوادث بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وما حدث من خلال الأحداث والكوراث وحالات الاقتتال بين الشعب الواحد وهجرة العديد من المواطنين من أماكن سكانهم ، ولا سيما في أحداث الفلوجة وتلعفر تبرع بأطنان من الأدوية والعلاجات والمستلزمات الطبية للمواطنين في هاتين المدينتين .
ورصد مبالغ شهرية من ماله إلى العشرات من العوائل الفقيرة في مدينة الموصل وتكفل بالإنفاق على بعض اليتامى من أبناء بعض العوائل التي فقدت معيلها ، وكان مثابراً على زيارة عوائل بعض الفقراء والمعتقلين والمسجونين الأبرياء . ويقدم لهم المساعدات المالية والعينية وكان من أوائل من طالب بإلغاء (قانون اجتثاث البعث) لأسباب إنسانية تتعلق بحياة عوائل المشمولين به.
أعماله ومؤلفاته
له عدد من الكتب والدراسات ومؤلفات عديدة في القصص الإسلامية تربو على السبعين مؤلفاً. حيث كتب في مجال القصة الإسلامية فضلاً عن مؤلفات إسلامية أخرى كثيرة، وقد بادرت مؤسسة الرائد الثقافية بطباعة مجموعتين لقصصه هي (سر بُكائي ، وفي الطريق إلى محمد صلى الله عليه وسلم)
إضافة إلى فتى حلب، الطب الوقائي في الإسلام، القرآن كلمة الله، المسار، الفتاة والشيخ)، وغيرها الكثير من الإسهامات التي زخرت بها المكتبة الإسلامية في العراق، كما تنوع نشاطه في حقل الدعوة إلى الله فكان يكتب في الصحف مثل الحدباء والشورى وفتى العراق ومجلة الفتوى والتربية الإسلامية والمستقبل الإسلامي.
كان أول كتاب أصدره وحمل قيمة علمية ودينية مهمة هو كتاب (الطب الوقائي في الإسلام) ، ثم توالت بعد كتبه الأخرى وهي (السؤال الصعب) و (لماذا نصلي) و (حقيقة العبادة) و (رحلة النور) و (التوحيد في الولاء والبراء) و (فتى حلب) و (التوحيد ومنهج الحياة) و (ظاهرة الوحي) و(النصر لمحمد صلى الله عليه وسلم) و(حوار في سوق السنك) و (الإسلام هو الحل)
و(امرأتان تختصمان) و (امرأة من الشيشان) و(الإسلام وعلم الغيب) و (وأدب الحوار) و (رؤية قرآنية للأحداث) و (من اجل ابنتي) و (تطوير العقل المسلم) و (إيمان الشباب) و (وفي الطريق إلى الإيمان) و (نجاة والشيخ) و(نزغ الشيطان) و (من أين نبدأ) و(نحن قادة الحضارة) و (عائشة بنت الجبل) و (سر بكائي) و (جيل الردع)
و (حواء مع الدكتورة هدى) و (الهاجس المر) و (الحرية في رحاب الإيمان) و (الندم) و (شباب الجامعة) و (أسير في قصر هرقل) و (البناء الحضاري للأمة) و (لواء البحر) و (المسار) و (اليوم عبدت الله تعالى) و (رسالة إلى الأجيال) و (امرأة وثلاثة رجال) و (القوي الأمين) و (أسئلة زهراء الجريئة) و (أيام في صحبة الأستاذ) و (حقيقة الإنسان بين الإسلام والفكر الغربي) و (فتى من الموصل) و (فتى من مكحول) و (ليلة الخوف)
و (حوارات قدسية) و (فتح الموصل) و (أدبتني امرأة) و (يا ولدي) و (المنطلق) و (المختار) و (اليد العليا) و (في الطريق إلى محمد) و (سعيد بين المسيب) و (الوصية) و (القلادة) و (وقفه مع أبي الأنبياء) و (الصبح المبين) و (نشيد الفجر) و (عناق الحب والإيمان) و (قبل الصلاة) و (أبو بصير) و (رحلة إلى جيل الصحابة) و (لا يا ابنتي) و (موسى بن أبي الغسان) و (أصول فهم الإسلام) و (الخطيئة) و (القوة الخفية) و (القرآن كلمة الله) و (البدوي) حيث بلغت أكثر من سبعين كتاباً .
كان أسلوبه سهلاً وسلساً ، غلب علية الطابع الأدبي السردي القصصي حيث أوقع هذا الأسلوب تأثيراً واضحاً وكبيراً في نفوس الشباب الذين كانوا ينتظرون كتبه بلهفة وشوق للاغتراف من معانيها والنهل من مشاريعها الفكرية والدينية والأخلاقية ، وكان رحمه الله يتبرع بريع هذه الكتب في سبيل الله لإعمال البر والصدقات .
استشهاده
بينما هو يؤدي واجبه في خدمة المرضى في صيدليته، إذ داهمته قوة مسلحة وقامت باختطافه إلى جهة مجهولة (يعتقد أنها القاعدة)، وكان ذلك يوم 4 مارس 2005م، الموافق 24 محرم 1426هـ وفي ذات اليوم لقيت جثته في حي الوحدة في الموصل، وقد شيع إلى مثواه الأخير في اليوم التالي.
وهكذا تحققت دعوة الشهيد عمر رحمه الله، بأن يلقى الله شهيداً وهو الذي طالما هتف في جماهير المسلمين (الموت في سبيل الله أسمى أمانينا).
قالوا عنه
تحدث الأستاذ الراشد في معرض حديثه عن الشهيد وصفاته "التزامه منهج الحق" وفي خضم المعارك والعدوان: كان من أوائل الذاهبين من الأعيان وحملة الفقه: الصيدلي "عمر محمود"، فخر الموصل، غذ اغتالته القاعدة ظلماً وحسداً، وقد عرفته مذ كان شاباً وسيماً طالباً في كلية الصيدلة ببغداد قبل أربعين سنة، وكانت البنات يقتربن منه ويغيرنه، لروعة جماله، ولكنه يعتصم بالعفاف ويتذكر قصة يوسف عليه السلام، ولبث جاداً باذلاً متين الدين إلى يوم استشهاده - رحمه الله.
وممَن عاصروه
في طريق الدعوة الأخ أبو عبد الرحمن الذي تحدث عن الأستاذ عمر قائلاً:
- "هذا الداعية الكبير والشيخ الجليل الذي عرفته الحركة الإسلامية منذ صباه داعياً إلى الله على بصيرة مجاهداً بقلمه مضحياً بوقته وماله في سبيل الله، مربياً للشباب طويل النفس، ثابت الجنان، يَقدم على كل وسيلة ترف راية الإسلام
- حمل هم العراق في ظل الطغيان فسجن وعذب فما وهن لما أصابه في سبيل الله وما ضعف وما استكان، وحمل همَّ القرآن بعد أن غزاه المحتل، وكان هواه مع المقاومة الشرعية للمحتل المسلحة والسلمية وكانت مقالاته في جريدة الشورى إسهاماً موجهة للمحتل الغاشم تفضح مخططاته وتعري مؤامراته على بلدنا العزيز وأمتنا الصامدة".