على مشارف الوطن المبعدون الفلسطينيون في مرج الزهور
دار الرشاد الإسلامية
تقديم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي
الإهداء
- إلى والدي والدتي الذين أخرجا من قريتهما " الفالوجة" عام 1948 تحت تهديد السلاح .
- إلى زوجتي وأبنائي منتصر , تسنيم , حذيفة وأبرار , الذين لم أستطع وداعهم فاعتصرتهم آلام البعد والفراق .
- إلى أبناء شعبنا الفلسطيني في الشتات .. في الرشدية وعين الحلوة ومخيم نهر البارد والبداوي والوحدات والبقعة واليرموك .. وفي كل مكان .
- إلى كل من آزرنا ومد لنا يد العون والمساعدة في غربتنا .
- إلى إخواني المبعدين رفاق الخيمة في المنفي والحصار .
- إلى هؤلاء جميعا أقدم هذا الجهد المتواضع راجيا من الله سبحانه وتعالي القبول
شكر وتقدير
جهد كبير بذل لإخراج هذا الكتاب ولكنه صغير أمام ذلك العون الذي لاقتيه من إخوة كثر في المخيم وأنني أجد نفسي مدينا لهؤلاء جميعا أخص منهم الشيخ محمد فؤاد أبو زيد خطيب المسجد الأقصى المبارك والأستاذ الشاعر خضر محجز والأستاذ الشاعر جواد بحر النتشة حيث قاموا بالمراجعات اللغوية والدكتور عزيز دويك الأستاذ المحاضر في جامعة النجاح والدكتور عمر فروانة اللذين قاما بترجمة بعض المقابلات والمقالات الصحفية .
ولا ننسي فضل الذين قاموا بالتشجيع والنصح في دعم فكرة الكتاب وترتيب موضوعاته ونخص منهم الأستاذ بسام جرار محمد جمال النتشة والدكتور محمود الزهار وماهر عبيد وحسن يوسف وجمال منصور .
ولا يفوتنا أن نشكر الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الناطق باسم المبعدين حي قام بالمراجعة النهائية للكتاب مع كتابة تقديم له .
إلى هؤلاء جميعا وغيرهم أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان راجيا من الله أن يتقبل منا ومنهم .
الشريط الزمني للأحداث
13/ 12/ 1992م أسر الرقيب أول ( نسيم توليدانو) أحد ضباط حرس الحدود الإسرائيلي , على يد مجموعة من كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس .
13/ 12 / حتى 16/ 12 / 92 حملة اعتقالات واسعة في صفوف أنصار حركة ( حماس ) .
15/ 12/ 1992 إعدام الرقيب المختطف وصدور بيان لحماس تبرر سبب الإعدام .
16 / 12 / 1992 صدر قرار حكومي إسرائيلي بتوكيل القادة العسكريين في الضفة والقطاع بتنفيذ عملية الإبعاد الجماعي لناشيطى حركة حماس والجهاد الإسلامي بحيث لا تزيد مدة الإبعاد عن سنتين .
17/ 12 / 1992 بدأت عملية الإبعاد لـ ( 415) مبعد فلسطيني من حركة حماس والجهاد الإسلامي وفي التاريخ نفسه صدر قرار حكومي لبناني بمنع دخول المبعدين إلى لبنان .
18 / 12/ 1992 تم تأسيس أول خيمة في ( مخيم القدس ) للعودة بالقرب من قرية مرج الزهور في جنوب البقاع الغربي حيث كان موقع المخيم في المنطقة العازلة بين حاجزين عسكريين الحاجز الشمالي الذي تسيطر عليه القوات اللبنانية الحكومية والحاجز الجنوبي المعروف بمعبر زمريا ) والذي تسيطر عليه قوات لحد والجيش الإسرائيلي .
وفي التاريخ نفسه صدر في وقت متأخر من الليل قرار مجلس الأمن رقم ( 799) القاضي بعودة المبعدين إلى ديارهم في أسرع وقت .
21 / 12 / 1992 منعت السلطات اللبنانية دخول الصليب الأحمر ومندوبي وكالة الغوث الدولية وكافة المواطنين من طرفها إلى مخيم المبعدين إلا الصحافيين شريطة حصولهم على تصريح دخول من وزارة الإعلام إشعارا منها لإسرائيل أن لبنان ليس مسئولا عن المبعدين إنما الأمر إسرائيل التي أبعدتهم .
22/ 12/ 1992 م نشرت الصحف اللبنانية ووكالات الأنباء بيانا صحفيا لوزير الإعلام اللبناني بين فيه الأسباب التي دفعت الحكومة اللبنانية إلى عدم السماح للمبعدين بدخول لبنان .
24 / 12/ 1992 م اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لبحث قضية المبعدين .
25/ 12/ 1992 م صدور بيان عن المبعدين الفلسطينيين يطالب مجلس الأمن بتنفيذ قراره رقم 799 ويشكر الحكومة اللبنانية التي رفضت إدخال المبعدين حيث توافق قرارها مع إرادة المبعدين وطالب البيان الحكومة الاستمرار في موقفها .
26/ 12 / 1992 م السلطات اللبنانية تقوم بإخراج المرضي والجرحي المبعدين من مستشفي راشيا في البقاع وتعلن عدم مسؤوليتها عنهم .
27 – 30 / 12 / 1992 فترة وزيارة ( جيمس جونا ) وكيل الأمين العام للشئون السياسية إلى المنطقة حيث قابل الزعماء الإسرائيليين وكذلك بعض الفلسطينيين وطالب إسرائيل تنفيذ قرار 799 ولكن قوبل بعدم الاستجابة من قبل إسرائيل .
30 / 12 /1992 م أعلن الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية أن المبعد باسم عطا السيوري وتسعة آخرين قد أبعدو بطريق الخطأ.
2/1/1993 م قام جميس جونا بتزويد الأمين العام للأمم المتحدة في أديس ابابا بمعلومات عن موقف إسرائيل من المبعدين والمناقشات التي أجراها في المنطقة حيث بين للأمين العام التعنت الإسرائيلي وعدم وفائها بالتزاماتها الدولية تجاه قرار 799.
4/ 1/ 1993 م بعث الأمين العام برسالة إلى رئيس مجلس الأمن شدد فيها على أن الأم يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان من خلال إبعادها لـ ( 415) مدنيا وهذا يمثل خرقا لالتزامات إسرائيل بموجب المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة .
7/ 1/ 1993 وصل مندوب السكرتير العام للأمم المتحدة السيد ( شين مايا غاريخان ) إلى إسرائيل لإقناعها بتنفيذ أوامر مجلس الأمن حيث غادر إسرائيل في 12/ 1/ 1993 بدون جدوى .
9/1/ 1993 وصل إلى مخيم المبعدين مندوب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بواسطة مروحية تابعة لقوات الطوارئ الدولية وبرفقة طبيبة تابعة للجنة الدولية ونظرا عن قرب على أحوال المبعدين الصعبة والحالات المرضية وعند عودتهم في اليوم نفسه أعيد بالطائرة (باسم السيوري) إلى بيته في الخليل وتم نقل المبعد زهير لباده الذي كان يعاني مرضا في الكلي إلى مستشفي مرج العيون .
11/ 1/ 1993 اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة بشأن المبعدين.
13/ 1/ 1993 قام ( غاريخان) بإطلاع الأمين العام بطرس غالي والمتواجد آنذاك بباريس على مهمته في الشرق الأوسط وبخاصة رد المسئولين الإسرائيليين وفي التاريخ نفسه اجتمع الأمين العام في باريس بوزير خارجية إسرائيل شمعون بيرس وأعرب له عن الحاجة إلى امتثال إسرائيل على الفور لقرار مجلس الأمن .
18/ 1/ 1993 اجتمع غاريخان في جنيف برئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر السيد ( كونيليو سوماروغا) وأبلغه تقدير الأمين العام للأنشطة التي قامت بها اللجنة الدولية لخدمة المبعدين الفلسطينيين .
مساء 19/ 1/ 1993 عاد غاريخان إلى إسرائيل وغادرها يوم 22/ 1/ 1993 حيث قابل خلال زيارته الزعماء الإسرائيليين وحضهم على الالتزام بقرار 799 .
26 / 1/1993 قدم الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة تقريرا مفصلا إلى مجلس الأمن بين فيه الخطوات السياسية التي اتخذها من إرسال المندوبين لإسرائيل واتصالات مع زعمائها والتي انتهت بعدم الاستجابة من قبل إسرائيل لقرار مجلس الأمن واعتبر ذلك انتهاكا وتحديبا لمجلس الأمن .
20/ 1/ 1993 أعلنت إسرائيل أن ستة آخرين من المبعدين أبعدوا بطريق الخطأ .
23/ 1/ 1993 الزيارة الثانية لمندوب اللجنة الدولية للصليب الأحمر برفقة لجنة طبية ومساعدات طبية ممثلة بكمية من الأدوية رفض المبعدون استقبالها في هذه الزيارة رفض كذلك المبعدين استقبال بعثة اللجنة الدولية لإشعارهم بأن القضية هي قضية سياسية وليست إنسانية حيث هبطت ثلاث مروحيات بالقرب من المخيم تحمل إشارة الصليب الأحمر أرسلتها القوات البريطانية في قبرص وقامت هذه المروحيات في نهاية الرحلة بنقل المبعدين بطريق الخطأ والمرضي والجرحى .
1/2/ 1993 م إعلان إسرائيل عن موافقتها على تقديم تنازلات تمثلت في إعادة (101) من المبعدين وتخفيض مدة الباقين إلى النصف ضمن صفقة أمريكية إسرائيلية.
3/2/ 1993 رفض المبعدين للعودة ضمن الصفقة وكان الرفض بقسم وعهد من المبعدين .
28/1/1993 صدور قرار محكمة العدل العليا الإسرائيلية والذي اصدق على الإبعاد الفردي وفسح المجال للمبعدين للحضور إلى معبر زمريا لتقديم اعتراضا قانونيا على الإبعاد ولكن المبعدين رفضوا الاعتراف بالقرار وتقديم استئنافات .
17/ 2/ 1993 زيارة كرستوفر للمنطقة والتي تمخض عنها تعتيما إعلاميا على قضية المبعدين .
17 / 4 / 1993 اجتماع وزراء الخارجية العرب في دمشق والذي أعلن عن موافقة الوفود العربية بما فيها الوفد الفلسطيني للذهاب إلى الجولة التاسعة للمفاوضات .
27/ 4/1993 بدء الجولة التاسعة للمفاوضات العربية والإسرائيلية في واشنطن بحضور الوفد الفلسطيني والوفود العربية قبل عودة المبعدين .
10/ 5/ 1993 لجنة الاعتراضات العسكرية تعلن موافقتها على إعادة ( 25 مبعد إلى الأراضي المحتلة) .
11 / 5 / 1993 موافقة إسرائيل على إعادة المبعد ( على سويعد عجوه ) 37 عاما من قطاع غزة بسبب نداء اللجنة الدولية للصليب الأحمر حيث يعاني المذكور من مرض نفسي وعصبي قبل إبعاده .
تقديم
بقلم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الناطق الرسمي باسم المبعدين
ما أحوجنا إلى الصدق والأمانة في كتابة التاريخ بعيدا عن الأهواء أو الكتابة الموجهة التي تخدم أغراضا رخيصة ولما كثر في هذا العصر أصحاب الأهواء وكتاب السلطان والذين يحلقون في عالم التضليل ليزينوا الباطل أو يشوهوا صورة الحق من هنا أجد نفسي أتقدم بكل الاحترام والتقدير للأخ الفاضل نزار رمضان على كتابه هذا الذي يصلح أن يكون مصدرا للتوثيق ومنهلا للحقيقة ترتوي منه الأجيال القادمة .
فلقد نقل لنا الحقيقة المجردة ووثقها بالوثائق والصور ثم ربط الماضي بالحاضر كي تكتمل الصورة صورة المعاناة القديمة الحديثة لشعبنا الفلسطيني المنكوب .
وكم كان رائعا وهو يتابع تصريحات ومواقف العدو والصديق ليحيط القارئ بجميع جوانب الحدث فيخرج بعد ذلك بصورة صادقة متكاملة أما تسلسل أبواب الكتاب ولغته وما حوي من عرض وتحليل فجاءت في أبهي صورة مشوقة تشجع على القراءة فيخرج القارئ بمتعة خاصة وهو ينهل من هذا المعين الأدبي التاريخي الموثق .
وإذا ما علمنا أن الكتاب يتحدث عن قضية المبعدين التي تعاطف معها كل العالم وجذبت اهتمام الإعلام على مدي طوال والتي جسدت صورة الإرهاب الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني وهي القضية التي أظهرت للعالم أجمع نموذجا إسلاميا فريدا , تميز بقدرته على تحمل المشاق من أجل الحفاظ على المبدأ وفي القدرة على مخاطبة العالم أجمع شارحا قضيته وقضية الشعب الفلسطيني بأسلوب سياسي متميز وفي القدرة على صناعة الحدث الذي كان له عظيم الأثر في العالم بأسره .
من هنا نري أن تناول قضية المبعدين يعطي هذا الكتاب وزنا وقيمة عالية تجعله ذا جاذبية للقراء وإنني لأتمنى للأخ الفاضل المؤلف كل التوفيق خاصة أن هذا الكتاب هو الثالث ولكنه الأهم .
هذا الكتاب لماذا ؟...
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين ومن سار على هديه واقتدي بسنته إلى يوم الدين وبعد
فإن من حق التاريخ علينا أن نوثق أحداثه بمنتهي الصدق والأمانة في زمان اختلت فيه الموازين وتأرجحت المواقف وباتت الحقيقة مطاردة محاربة بكل الوسائل والطرق غير المشروعة والتي تتنافي مع الأعراف الإنسانية .
ولعل الكتابة الصحفية من الفنون الجديدة التي لم يحظ الإسلاميون فيها إلا بالنزر اليسير رغم أهميتها وقوة الاهتمام بها والإقبال عليها من قبل جمهور المثقفين حيث يمتاز هذا النوع من الكتابة ببساطة أسلوبه .. وعرضه الوثائقي المرفق بالصورة والمقابلة والتقرير والتحليل والوثيقة مما يجعل من الحدث قضية لها أبعادها وآفاقها وكم طوت أحداث التاريخ من الحقائق والأحداث والوقائع الهامة ..
وبمجرد اكتشاف وثيقة أو ما شابه ذلك حتى ولو بعد ثلاثين عاما .. فإن الحدث يعود متجددا تتناقله الصحف والمجلات والإذاعات وتفتح ملفاته من جديد .. وتبني عليه مواقف وتوجهات ربما يكون لها الأثر في حياة الأمة .
وبرز العديد من الكتابات الصحفية الهامة التي أثارت جدلا في بعض الأحيان منها ما يتعلق بقضايا عالمية ومنها ما يبحث قضايا محلية فكتاب الصحافي الأميركي (ستيفن جرين) والذي يتحدث عن قصة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية قبل قيام إسرائيل واحد من هذه الشواهد وكتاب الصحافي البريطاني ( روبرت فسيك) عن حرب لبنان والذي حمل عنوانا ملفتا للنظر ( ويلات وطن) شاهد آخر والكثير من الكتابات الصحفية العالمية عن العديد من الأحداث والعلاقات السرية والعلنية التي شغلت المثقفين والمراقبين .
وعلى صعيد العالم العربي والإسلامي برز الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في كتاباته العديدة:
( ملفات السويس ) ( سنوات الغليان ) ( حرب الخليج) والكاتب الصحفي أحمد بهاء الدين والكاتب الصحفي الفلسطيني ناصر الدين التشاشبي الذي كتب العديد من المؤلفات في هذا المجال فعرفناه من خلال ( الحبر أسود ... أسود) وكتاب ( آخر العمالقة ) وغيرها وبغض النظر عن هذه الكتابات وما حوت من حقائق فإنها هامة لا محالة ..
ولعل كتاب ( قصي صالح الدرويش ) مراسل إذاعة " مونتكارلو" في الجزائر عن حياة المفكر الإسلامي راشد الغنوشي , من الكتابات الصحفية الهامة التي تستحق التقدير والعرفان .. ولم يغفل عدونا هذا النوع من الكتابة فكتب ( شموئيل سيغف ) كتابه الصحفي ( حرب وسلام في الشرق الأوسط ) وكتب ( زئيف شيف ) كتاب ( انتفاضة )
ويأتي هذا الكتاب ليشكل عرضا صحافيا وتاريخيا لقضية المبعدين الفلسطينيين الذين اختطفوا في جنح الظلام من بين أهلهم وذويهم ليقلي بهم خارج وطنهم كان ذلك ليلة السابع عشر من كانون أول عام 1992 م حيث يعرض المؤلف قصة الحدث من بدايتها ويستعرض ما واكبها من أحداث خاصة أنه كان جزءا من الحدث نفسه ولعل ما تعرف عليه المؤلف من وثائق وتفصيلات لا يستطيع أن يصل إليها كاتب آخر يكتب عن بعد إذ كان الشغل الشاغل للمؤلف طوال فترة الإبعاد الخروج بهذه الحصيلة الوثائقية التي ستكون شاهدا أمينا على هذه المرحلة من جهاد الحركة الإسلامية الفلسطينية .
المقدمة
كانت الساعة تقترب من الثانية عشر والدقيقة العشرين ظهرا حيث اصطفت جموع المبعدين لأداء صلاة الظهر .. تلك الصلاة التي لم أصل مثلها صلاة قط .. لقد كانت صلاة ممزوجة بالتوجه النقي الصادق إلى الله ..رافقها في ذلك دوي قذائف المدفعية الإسرائيلية ( المركافا) وصرخات أحد المبعدين وهو يقول:
جريح .. جريح .. يا دكتور . .يا دكتور .. وتستمر الصلاة دون انقطاع والمدفعية الإسرائيلية ترمي بلهيبها صوت المبعدين .. الكل فينا نسي ما في الوجود من متع وشهوات البيت .. الأهل .. الأطفال .. الأموال ..الزوجة ينتظر ساعته.
والشيخ حامد البيتاوي خطيب المسجد الأقصى وقف إمام للجموع في تلك الصلاة .. لا زال رافعا يديه يدعو الله قيوم السموات والأرض أن يثبت أقدام المبعدين ويربط على قلوبهم وتستمر الصلاة دون انقطاع .. رغم دماء ( أمجد زامل ) التي سالت متدفقة بغزارة على ثري لبنان الأشم ! على بوابة الوطن ! وتنتهي الصلاة التاريخية ويحمل جريح المعركة على الأكتاف وقد أصيب بشظية إسرائيلية غادرة في فكه الأسفل أدت إلى كسره .
ما كنت أتوقع في حياتي قط أن أري بأم عيني نفوسا تتقدم نحو الموت المحتم كما شاهدت فلقد سمعت عن لذلك في الحروب والمعارك تلك التي لم يكتب لى شرف المشاركة فيها .. إلا أن الأيام دول .... كل ذلك حصل ظهر يوم الحادي والعشرين من كانوا الأول عام 1992 م أمام الحاجز الإسرائيلي العسكري الذي تحصنه الدبابات الثقيلة في الجنوب اللبناني .
ومرت تلك الساعات والأيام والشهور كفيلم سينمائي له بداية وعقدة ونهاية ولكن ذلك لا يعني أن التاريخ قد أغلق بابه فالذكريات وأحداثها الجسام تبقي عبرة على مر الزمان لا يستغني عنها .
وتأتي قصة هذا الكتاب تلك القصة التي شكلت جزءا من أيام حياتنا قضيناها في أحلك الظروف ... في الليالي المظلمة التي تساقطت فيها الثلوج بغزارة فعكست بشرائحها البيضاء نورا متلالئا أضاء الجبال والأدوية في الجنوبي اللبناني .
كتب جزء من هذه الذكريات في داخل الخيمة وكتب الجزء الآخر ممزوجا بعبق الوطن .. ونحن نشتم أريجه من على سفوح الجبال المطلة على فلسطين .. نرقب العودة ساعة بعد ساعة , يوما بعد يوم ولقد توقفت الكتابة أحيانا بين فصل وآخر لأسباب متعددة .. منها أخبار الوطن وأهله فتلقينا خبر استشهاد العديد من زهراته ببالغ الآسي والحزن مما جفف الحبر في ريشه الكتابة حزنا وألما .
وكم ازداد الشوق للكتابة واستكمال فصول هذا الكتاب على أصوات قذائف الكاتيوشا والمدفعية الثقيلة والرشاشات الأوتوماتيكية , التي كانت تنطلق بغزارة فائقة نحو التلال المجاورة التي كانت تندلع بين المقاومة الإسلامية اللبنانية والقوات الإسرائيلية فكانت تلك الصفحات ممزوجة بنشوة العزة والانتصار .
يا لعظمة تلك الأيام ما أروعها رغم ما فيها من أسي وفراق عن الأهل والأحباب يا لها من ليال تنزلت فيها الرحمة والسكينة ولولاها لكنا نسيا منسيا ! فنحن في منطقة عازلة بين حاجزين عسكريين بجوار تلال عالية شاهقة تعتبر مواقع استراتيجية لرجال المقاومة الإسلامية والوطنية مما يجعلنا في دائرة الخطر المحتم , ولكن ( ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك) فالحمد لله على كل حال .
جاءت فصول الكتاب متسلسلة بدأت بوصف تاريخي تحليلي لسياسة الإبعاد والتهجير في الفكر الصهيوني حتى يقف القارئ على الحديث القديم في مسلسل التهجير العنصري لأبناء الشعب الفلسطيني من دياره ووطنه .
وكان لابد من الحديث عن السياسة الإسرائيلية العنصرية ليبرهن المؤلف على همجية الدولة العبرية التي تتناقض في أعماقها تسعفها تجاه الفلسطينيين مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان في العالم وكم كان الأمر مؤلما والكتاب يعرض في صفحاته لقصة أكبر عملية تهجير جماعي لأبناء الشعب العربي الفلسطيني منذ عام 1967م في الحافلات والشاحنات دونما سبب ومن غير محاكمة ولا قانون في ظل عصر الديمقراطي والنظام الدولي الجديد ومفاوضات السلام العربية الإسرائيلية !
وتأتي مرحلة التحول التي جعلت من شتات المبعدين مخيما أنيا حيث تبدأ رحلة من نوع آخر برحلة الإنسان الأول !! بين الصخور والجبال والأودية والأشواك في ظروف قاسية جدا حيث الأمطار الغزيرة والثلوج المتراكمة وانعدام الوقود والمدافئ ..
بل الطعام والشراب أيضا .. إنها لمحلة صعبة لا يستطيع أن يصفها كاتب أو شاعر رغم ما فيها من صور حية ومشاعر صادقة حيث يتعرض المؤلف لهذه المرحلة بالشرح والوصف والتحليل لما فيها من أحدا ومستجدات طرأت في تلك المرحلة .
ويخوض المبعدون معركة من نوع آخر إنها معركة الإعلام تلك المعركة التي تحتاج إلى براعة وتفوق وكم كانوا في قمة النجاح والتوفيق وهم يوظفون الإعلام توظيفا ناجحا لخير قضيتهم وقضية شعبهم فتحدث الإعلاميون منهم بلغات عديدة إلى كافة وسائل ووكالات الإعلام المحلية والعالمية وأقنعوا شعوب هذا العالم وحكوماته بأنهم دعاة خير وعلم وإنسانية وليسوا إرهابيين كما ادعي رابين وحكومته واستطاعوا أن يؤدوا دورهم السياسي في منفاهم بعبقرية فاتسم خطابهم بالتوازن والوسطية .
وحرصت أثناء عرضي لهذه المعركة الإعلامية أن استشهد بما قيل في صحافة العدو والصديق ليكون ذلك شاهدا على المرحلة بل لم أكتف بذلك فقمت بإجراء مقابلات صحفية ميدانية للكثير من رجال الصحافة العالميين والمحليين حتى أقف على أبعاد الحدث وما حوي من خفايا فالتقيت بسبعة وأربعين صحافيا برز من بينهم :
( برانت سدلر ) مراسل شبكة التلفزة الأمريكية ( CNN) في الشرق الأوسط ( وروبرت فسيك) مراسل الاندبندانت البريطانية و( بريك براون) مراسل صحفية الغارديان البريطانية , ومراسلو وكالات وصحف فرنسية وإيطالية ويابانية وهولندية وأمريكة وبلجيكية وغيرها .
وأما على صعيد رجال الصحافة العرب فلقد التقيت رئيس تحرير مجلة العالم اللندنية الدكتور محمد سعيد الشهابي ومراسل مجلة الوسط وجريدة الحياة اللندنية الصحافي جمال خاشقجي , وكذلك مسئول التوجيه الإعلامي في الجبهة الإسلامية القومية في السودان السيد ياسين الإمام ومراسل جريدة الشعب المصرية محمد فايد ومدير عام إذاعة القدس السيد فضل شرورو.
وكان لى لقاءات أيضا بوفد الصحافة الأردني راكان المجالي وفهد الريماوي وجورج حداد , وسلامة العكور , وكمال رشيد رئيس التحرير الرباط كما التقيت برئيس تحرير مجلة فلسطين المسلمة ونائب رئيس التحرير الصحافيان ياسر الزعاترة وخالد الحوب فشكلت هذه المقابلات في حصيلتها وثيقة وشهادة تاريخية لحدث الإبعاد الذي نال قسطا إعلاميا واسعا .
وكان لبعض ما نشر عن قضية المبعدين من أفكار وتحليلات وتصورات فصلا عرض من خلاله لأبرز ما كتب بأقلام المفكرين العرب والإسلاميين في الداخل والخارج .. بل بعض المسيحيين أيضا .
واختتم الكتاب بفصل موسع عن آثار جريمة الإبعاد وانعكاساتها على الساحة الفسليطينية والعربية والإسلامية وكذلك على الساحة الإسرائيلية والدولية متعرضا لمدي تأثير الحدث على إسرائيل حكومة وأحزابا مبينا التناقض السياسي والقانوني الذي حل بإسرائيل وكذلك متعرضا للعنة الإعلامية الدولية على إسرائيل والتي قال عنها ( بيرس) بأن حكومته عانت منها عدة أشهر .
وما تركت وثيقة أو صورة إلا وقمت باستغلالها لأغراض الكتاب حيث جعلت في نهاية ملحقا وثائقيا لأهم المراسلات والبرقيان والخطابات والتقارير التي عالجت جريمة الإبعاد إضافة إلى ملحق وثائقي مصور لأبرز جريمة الإبعاد لأبرز الشخصيات السياسية والعلمية والقيادية للمبعدين وكذلك صورا لأهم الأحداث وشواهد ولقطات من حياتهم اليومية .
ولقد تم الاستعانة بعدد من المبعدين المتخصصين والأكاديميين فكانت لهم توصيات صائبة وتوجيهات نافعة كان لها الأثر الطيب على الكتاب وتشرف المؤلف بكلمات طيبة من الناطق الرسمي للمبعدين الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قدم بها الكتاب بعد إطلاعه على فصوله وما حوي من وثائق حيث أثني عليه واعتبره وثيقة هامة وإنني إذ أختتم هذا الكتاب رغم عدم انفراج قضية المبعدين وغموض مصيرهم فإنني لأرجو الله سبحانه وتعالي أن يفرج كربنا وكرب أمتنا وشعبنا والله نسأل أن يجعل من هذا لجهاد المتواضع ما يخدم قضية الأمة توثيقا وتاريخا .. و( والله غالب على أمره ولكن أكث الناس لا يعلمون )
الفصل الأول:الإبعاد في الفكر الصهيوني
الحركة الصهيونية وسياسة التهجير
ابتدع زعماء الحركة الصهيونية آراء عديدة تصورات مختلفة لحل مشكلة اليهود وجمع شتاتهم وتملت هذه الآراء والتصورات في إقامة دولة يهودية تكون دار مستقر لهم حيث تبلورت هذه الأفكار مجتمعة في المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في مدينة ( بازل) بسويسرا وتمخض عنه عدة قرارات أهمها ..
إيجاد وطنا يمكن من قيام الدول المزعومة التي ستجمع الشتات وتعددت أسماء الأماكن المقترحة إلا أن الرأي المجمع عليه كان " فلسطين " تلك الديار التي كانت بمثابة الملاذ الذي يحلم به اليهود ولم يكن هذا التفكير حديثا أو معاصرا بل كان قديما .
بدأت النداءات والنشاطات للسيطرة والاستيلاء على فلسطين لكن العقبات المتعددة كانت مانعا وحائلا ابتداء وبخاصة الدولة العثمانية في عهد السلطان عبد الحميد الثاني من جهة والسكان الفلسطينيين الذي يسكنون فلسطين من جهة أخري .
والباحث في الفكر الاستيطاني الصهيوني يلمس التبييت القديم لاستيطان فلسطين والسعي لتهجير سكانها وأصحابها الأمر الذي دعا ماكس نورد أحدهم أن يطلق عبارات مغايرة للحقيقة كان يقصد منها ترغيب المخططين للمستقبل اليهودي الصهيوني بالاهتمام بفلسطين أكثر فأكثر .. حيث يقول :
" إن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ( ويقصد اليهود) ولم تعد هذه الأضاليل تنطلي على أحد ففلسطين عامرة بأهلها وحضارتها وتراثها وثقافتها التي لا زالت انعكاساتها حتى اليوم تلمس على أرض الواقع رغم ما أصابها من تغيير للمعالم وطمس لقراها المحتلة منذ عام 1948 ومصادرة للأراضي واعتداء وتدمير للمقدسات والأماكن الأثرية .
أفكار التهجير والطرد
تذكر المصادر الصهيونية والفلسطينية بأن أفكار التهجير والطرد بدأت منذ عام 1882م حيث واكب ذلك خروج أول فوج من المهاجرين اليهود من روسيا وتوجههم إلى فلسطين حيث مثلوا فوج استيطاني يهودي يسكن فلسطين إلا أن هرتسل زعيم الحركة الصهيونية كان يؤمن بطرد الفلسطينيين ابتداء حيث كانت أفكاره غامضة غير واضحة المعالم مع التأكيد في بعض الأحيان على أهمية فلسطين فنراه يقول في يومياته بتاريخ 12 حزيران 1895:
- " علينا أن نستولي وبصورة لطيفة على الملكية الخاصة سنسعي لتهجير السكان المعدمين عبر الحدود من خلال تدبير الوظائف لهم في بلاد الانتقال لكننا سنمنعهم من القيام بأى عمل في بلدنا إن أصحاب الأرض سيلتحقون بنا وعمليتنا هي الاستيلاء على الملكية وترحيل الفقراء وينبغي أن تجريا معا بصورة متكتمة ".
هذا النص يدل على عمق لعنصرية في التصور الصهيوني الذي يسعي إلى الاستيلاء على المعظم حقوق الآخرين والسيطرة على مستقبلهم ومن ثم تهجيرهم وطردهم وقتل مرافقهم الاقتصادية والسيطرة على الإقطاعيين من السكان بحيث يعملوا ضمن السياسة المطلوبة !
واستمرت هذه السياسة المتمثلة في ابتكار طرق وأساليب متنوعة في التهجير إلا أن هدفها واحد وهو الطرد للفلسطينيين من ديارهم حيث برزت شخصية صهيونية أخري ممن تربوا على أفكار هرتسل وهو ( يسرائيل زانغويل) والي اعتبر من أوائل مساعدي هرتسل وأكثرهم تطر فا .
مشروع حاييم وايزمن
قدم الدكتور حاييم وايزمن أحد أبرز القيادات والزعامات الصهيونية بعد هرتسل وزانغويل مسودة اقتراح لتهجير الفلسطينيين وكان ذلك عام 1930 حيث لاقي اهتماما بارزا حيث شارك في مؤتمر " زرويخ" عام 1937 لنفس الهدف لترويج أفكاره وكان وايزمن ناجحا جدا في الاستقطاب السياسي إذ كان سببا مباشرا في حصول اليهود على وعد بلفور من بريطانيا كما يقول بعض الباحثين .
وكذلك نجح في إقامة علاقات عربية رسمية مع الملك فيصل الثاني ملك العراق ونال موافقته على وعد بلفور الأمر ذالي زاد من نفوذ أفكار حاييم وايزمن وقناعات عدد من المفكرين الصهاينة بها حيث طورت وأصبحت هامة بالنسبة لهم.
خطة الوكالة اليهودية وزعمائها
استمرت سياسية التهويش العنصري لنفس الهدف حيث كانت هناك خطة للترحيل القسري قدمها " سوسكين " عام 1937 م وفي هذا الجو العام التقت فيه الأفكار والتصورات نحو سياسة التهجير حيث كان للوكالة اليهودية نشاط مميز استمر هذا النشاط طيلة إثني عشر شهرا ما بين عام 1937 – 1938 حيث انبثق عن الوكالة اليهودية اللجنة الأولي والثانية والثالثة والتي عملت كلها في الإطار المذكورة ولكن كانت وجهات النظر تختلف وتتفاوت بين لجنة وأخري حول أسلوب التهجير فالبعض كان يري أنه لابد وأن يكون أسلوب التهجير تدريجيا والبعض الآخر اعتبر أن أسلوب التهجير التدريجي يحتاج إلى وقت فلا بد من سياسة التهجير الجماعي ..
الحملة الدولية الصهيونية
في عام 1939 بدأت حملة دولية صهونية منظمة لدراسة أساليب مقترحة للتهجير حيث شارك في هذه الحملة العديد من الشخصيات الصهيونية ومؤسساتها وهيئاتها التي تعمل في أوروبا وأمريكيا لصالح الحركة الصهيونية وتوطين اليهود حيث استمرت هذه لحملة من عام 1939 حتى عام 1947 تخللها بعض الاقتراحات والتصورات والأفكار التي كان على رأسها مشروع ( دافيد بن غورين) حيث قدم ضمن الحملة الدولية الصهيونية فبدأ بن غورين في مشروعه عام 1943 واستمر يدافع عن مشروعه المتضمن سياسة المراوغة مع العرب حتى عام 1948 فلم يقنع بن غروين بالمشاريع التي تطالب بطرد العرب قسرا حيث كان يؤمن بسياسة استقطاب العرب وتذويب شخصيتهم ومن ثم الاستيلاء على أراضيهم وبعد ذلك إذا استدعي الأمر الطرد القسري فلا مانع لديه واستمر يدافع عن أفكاره حتى شاهد بأم عينيه من على جبل الكرمل بحيفا .. السكان العرب وهم يركبون القوارب والسفن هروبا من الظلم والقهر الصهيوني !!.
المذابح والتهجير القسري
لم يحصر الأمر بمجرد كونه مقترحات وأفكارا نظرية بل تطور ليصبح أمرا قسريا منظما بحيث تعاونت المنظمات الصهيونية العسكرية العاملة في فلسطين فيما بينها في إقامة عدد من المذابح في أماكن عدة في الشمال الفلسطيني وفي الوسط وفي الجنوب وبث أخبار هذه المذابح بين السكان حتى تكن بمثابة حرب نفسية إعلامية قاتلة وقد كان فقد جمع بين الأسلوبين البشعين .
الأول : أسلوب تنفيذ الجريمة فعلا من قتل للشيوخ والأطفال والنساء كما حصل في " دير ياسين" "كفر قاسم " و" قبية " و" الدوايمة" وغيرها من القرى العربية وأما الأسلوب الثاني وهو الأسلوب النفسي عن طريق نشر أخبار الجرائم بطريقة مضخمة عبر الفري والمدن وإلقاء بيانات من الطائرات فوق عدد من القرى وتطالبهم بالهروب أو انتظار نفس المصير وكان هناك أسلوب أكثر بشاعة وأشد ظلما تمثل بقصف الطائرات العشوائي للقرى التي كان يوجد فيها بعض القواعد العسكرية للمجاهدين مثل الفالوجة " و" عراق المنشية"و"كريتا"و"المسمية" وغيرها حيث بقي بعضها محاصرا مثل قرية الفالوجة حتى عام 1949م مما حدا بالسكان إلى الهروب بعد أن شاهدوا بأم أعينهم مئات القتلي كما يقول عارف العارف المؤرخ الفلسطيني المعروف ..
من هنا كان فهمنا لعبارة ( مناحيم بيفين ) في كتابه ( التمرد) " لولا دير ياسين ما أقمنا الدولة ".
لم تنته هذه السياسة حتى بعد قيام الكيان الصهيوني فلقد برز في الأحزاب الإسرائيلية من ينادي بكل وضوح وصراحة حتى في ظل ما يسمي بالسلام والمفاوضات تهجير العرب قادها الخام ( مثير كهانا ) الذي قتل في أمريكا وخلفه بعد ذلك ( رحبام زيئيقي) صاحب نظرية الترانسفير وكذلك زعماء الليكود أرئيل شارون واكتمل الأمر أخيرا بعنصرية حزب العمل ممثلة بزعيمه ( إسحاق رابين) الذي قام بطرد وإبعاد ( 415) مواطنا فلسطينيا طردا جماعيا على مسمع من العالم إلي يسمي نفسه بالعالم الحر .
الفصل الثاني:إسرائيل وسياسة القمع العنصري
لعل من المسلمات التي لا تحتاج إلى إثبات بل باتت حدثا واضحا تتناقله الألسن والصحافة ووكالات الأنباء بل يعايش المواطن الفلسطيني في فلسطين المحتلة ذلكم هو التعسف الإسرائيلي الممزوج بالحقد العنصري الذي إن دل على شئ فإنما يدل على جدية الصراع وعقائدية وحضاريته فالفلسطينيون أصحاب حق وحضارة والإسرائيليون فصل القرآن الكريم في قضيتهم حيث بات من الواضح كشف زيفهم وادعائهم بالأحقية في فلسطين لقد بين القرآن الكريم إسلامية الأرض المباركة بل إسلامية المعركة أيضا كاشفا عدوانية اليهود المتمثلة في الحقد والمكر وهدرهم للحقوق والعهود والمواثيق .
من هنا بدأت مأساة شعبنا الفلسطيني الذي بقي مرابطا فوق أرضه بالرغم من حملات القمع المنظمة التي يتعرض لها صباح مساء فتسابقت أرواح الشهداء كالطيور الخضر تحلق في سماء فلسطين وسالت دماء الجرحى من الأطفال والنساء والشيوخ ..
وحوصر الشعب في السجون والمعتقلات فاعتقل مئات الآلاف من شباب فلسطين في السجون الصحراوية والزنازين المظلمة وتعرض الاقتصاد ومؤسساته إلى الاعتداء والتدمير حتى عاش المواطن الفلسطيني رهين الضغط النفسي اليومي ودمرت البيوت فوق رؤوس أصحابها وأبعد الناس من ديارهم ظلما وصدق الله العظيم حيث يقول ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) .
سياسة السيطرة والتذويب
عمد الاحتلال في بداية أيامه إلى سياسة جهنمية خبيثة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب حيث الرخاء والإغراءات الدنيوية من علاقات اجتماعية مع الفلسطينيين وفتح أبواب العمل والرزق للشباب والشابات في المصانع والفنادق والترويج إلى الرحلات العائلية المختلطة إلى الحفلات والشواطئ الموبوئة والأماكن المشبوهة ..
كل ذلك تم إعداده وتيسيره للسكان المحتلين حتى ينسي المواطن رفضه للاحتلال وبالتالي فلن يقاومه بل يذوب في مستنقعه الآسن ! فالمجتمع الإسرائيلي يمثل شريحة فاضحة للحضارة الغربية الفاسدة وكان المراد هو تذويب الهوية الإسلامية الذاتية الحضارية للشعب الفلسطيني ولهذا تم التركيز في بداية احتلال إسرائيل لفلسطين عام 1948م على دمج المواطن العربي في المجتمع الإسرائيلي بعاداته وسلوكياته ولغته مما صنع جيلا فلسطينيا ملوثا بأدران المسخ الخلقي والحضاري والتراثي الصهيوني حيث العلاقات الجنسية مع الفتيات اليهوديات والسقوط في مواخير الأفيون والحشيش والخمر والميسر وأصبح الشاب العربي الفلسطيني لا ينطق لسانه إلا العبرية حتى في بيته بين زوجته وإخوانه وأبنائه.
واستطاعت إسرائيل جلب عدد من هذا الشباب ليتجند في الجيش الإسرائيلي كما حصل في النقب وعدد قري الشمال الفلسطيني ولكن رحمة الله باقية باسطة ضاربة جذورها في الأعماق فلقد يسر الله لهذا الجيل الفلسطيني الذي دمج في المجتمع الإسرائيلي الآسن صحوة إسلامية مميزة أضاء نورها الجبال والوهاد فاقتحمت الجامعات والمعاهد وظهرت آثارها على المدن والقرى في داخل فلسطين المحتلة لعام 1948م.
فعاد الشباب لدين الله أفواجا استيقظوا من غفلتهم التي استمرت ثلاثين عاما أو يزيد فتركوا المواخير والخمارات والأفكار الهدامة الشاذة وأصبحوا دعاة إلى الله في مدن أم الفحم واللد ويافا وعكا وقري كفر قاسم وكفر كنا والطيبة والنقب وغيرها .
أما النسبة للضفة الغربية وقطاع غزة فلقد حاولت إسرائيل استعمال نفس الأسلوب والسياسة في بداية الاحتلال عام 1967م إلا أن ذلك الأسلوب لم يلاق إقبالا كثيرا رغم فرص العمل للشباب في المصانع والشركات والفنادق حيث الاختلاط وهدم السلوك والأخلاق .
لم ينجح هذا الأسلوب بالقدر الذي أصاب أهل فلسطين المحتلة لعام 1948م ففي الأعوام ما بين 1967 – 1970 م بدأت إسرائيل بتيسير أمور السكان الاقتصادية فسمحت هم بإقامة المنشآت الاقتصادية ودعمتها بالمواد الخام تم إغراق السوق العربية في الضفة والقطاع بالبضائع الإسرائيلية المنوعة مما حدا ببعض النفوس إلى الاطمئنان لهذا الوضع المنعش !
ولم تحاول إسرائيل في هذه الفترة ضرب الاقتصاد الفلسطيني الناشئ بل كانت تزيد من دعم العلاقات التعاونية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي بين المحتلين والسكان هذه العلاقات التي كان يقصد منها استيعاب الاحتلال نفسيا واجتماعيا وعدم مقاومته .
إلا أن هذه السياسة لم تدم طويلا وبخاصة أن الاحتلال تعرض لمقاومة وجهاد بطولي من قبل الشعب ومنظماته حيث العمليات العسكرية والضربات المؤلمة اليومية في الشوارع والطرقات والتي انتهت بانتفاضة مباركة عارمة أقضت مضاجع اليهود فبات أسلوب التذويب والسيطرة لا ينطلي على العقول والنفوس واستعاد الشعب عزته وكرامته واستعلاء بإيمانه حيث أصبح ينظر لكل خطوة من خطوات الاحتلال بحذر فيدرسها من ناحية أسبابها وأهدافها ونتائجها مما كون لدي الاحتلال إحباطا بحيث أصحبت السلطات على قناعة بأن هذا الشعب لا يقهر ولا يسهل استيعابه والسيطرة عليه ..
وأثبت ذلك أطفال قطاع غزة والضفة الغربية الذين لم تتجاوز أعمارهم العاشرة فهم يذيقون الاحتلال نار غضبهم في حرب استنزاف طويلة لا يقوي عليها جنرالات الاحتلال وأركانه .. مما جعلهم يطالبون بالانسحاب من غزة من طرف واحد .
الاعتقال والتحقيق
صورة يومية متكررة مشهد متجدد كل مساء في الأسلوب والطريقة حيث يطوق بيت المواطن الفلسطيني في منتصف الليل بأعداد كبيرة من السيارات العسكرية والجيش المدجج بالسلاح فيقتحم البيت على من فيه ويصيب الفزع والرعب الأطفال والنساء وتبدأ عملية التفتيش المرفقة بالتخريب والإفساد في محتويات المنزل والتي يصاحبها السرقة في كثير من الأحيان .
ثم يؤخذ الشاب وينزع من بين والديه وزوجته وأطفاله وإخوانه فتعصب عيناه وتكبل يداه وتقيد رجلاه ويدفع به خارج المنزل الأم والزوجة والأطفال يصرخون وينظرون حيث يودع السجن ويخضع بعد ذلك لرحلة عذاب وتحقيق ممزوجة بالعنصرية والنازية حيث يذوق خلال هذه الرحلة ألوانا وأشكالا من التعذيب حيث حمامات الماء المثلج في الليالي الثلجية الباردة والخزائن السوداء المظلمة والصدمات الكهربائية والضرب المبرح على الأعضاء التناسلية وعدم النوم الذي يصل إلى أكثر من أسبوع ومن ثم ربط المعتقل في ماسورة وهو مكبل اليدين إلى الخلف وكيس اسود ملوث يعطي رأسه بما فيه الأنف والفم بحيث يكون مشبوحا بطريقة غير متوازية.
والأساليب كثيرة ومتعددة هذا الأسلوب النفسي القاتل بحيث يوضع في الزنزانة الانفرادية مدة أربعة أشهر دون سؤال فلا يري الشمس ولا يستنشق الهواء إلا بالقطارة فضلا عن إحضار زوجة المعتقل أو أمه أو أبيه أو ابنه وتعذيبهم أمامه وتهديده بالاعتداء الجنسي على النساء ولم ينج من هذا الأسلوب العنصري الحاقد عالم أو شيخ أو محاضر أو طبيب أو مهندس أو شاب أو امرأة إذ أصبحت مسلسلا حياتنا يوميا متكررا ..
ولقد شهد على هذه الهمجية القاتلة العدو قبل الصديق .. فلقد سجلت المحامية اليهودية (فيليسيا لانغر ) مثل هذه الأحداث في مؤلفاتها حيث أصدرت عدة مؤلفات منها كتاب " بأم عيني" يذكر أساليب التعسف الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين وكتاب " أولئك إخواني " حيث يتحدث هذا الكتاب عن الهمجية العنصرية في داخل السجون الإسرائيلية من قتل وتعذيب وقد قامت السلطات الصهيونية بمصادرة هذه المؤلفات من الأسواق .
ومن هنا فقد أودع السجون والمعتقلات الإسرائيلية مئات الآلاف من الفلسطينيين خلال الاحتلال وحكم على عدد منهم بأحكام خيالية وكان آخرها محاكمة الشاب " محمد كريم" من قطاع غزة بتهمة الانتماء لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس حيث حكم عليه بالسجن المؤبد سبعة عشرة مرة أي (425) عاما حيث يقضي المعتقل بقية المدة في الثلاجة كما ينص على ذلك القانون الإسرائيلي .. كل ذلك يحصل على مسمع ومشهد مؤسسات حقوق الإنسان في العالم .
هدم المنازل وإغلاقها
اعتمدت سياسة هدم المنازل كنوع من العقاب الجماعي للأسرة الفلسطينية حيث صدرت القوانين العسكرية الظالمة والتي يهدم بموجبها منزل كل مواطن فلسطيني يقاوم الاحتلال سواء كان هو صاحب المنزل أم فرد من الأسرة المكونة من خمسة عشر شخصا حتى تشتت الأسرة في العراء ولا يسمح ببناء المنزل مرة أخري في نفس الموقع ويهدف من هذه السياسة إلى تركيع المجتمع الفلسطيني المحتل من أجل السيطرة عليه اعتباريا ونفسيا ؟..
ويعطي صاحب المنزل الذي صدر بحقه قرار الهدم مدة أربع وعشرين ساعة لتفريغ المنزل من محتوياته فلا يستطيع خلال هذه المدة البسيطة عمل شئ حيث يهدم المنزل فوق محتوياته ؟..
وقد يهدم المنزل بحجج لا تستحق الهدم مثل عدم حصول صاحب المنزل على ترخيص للبناء وبخاصة في المناطق التي تخضع لدائرة التنظيم الإسرائيلي العليا وقد يغلق المنزل وهذا أسلوب آخر بحيث يطرد سكان البيت وتقوم السلطات بإغلاق أبواب المنزل ونوافذه باللبن أو الحديد ومنع أصحابه من اقتحامه ونشأ في الانتفاضة أسلوب همجي آخر متمثلا بقصف المنزل بصواريخ مضادة للدبابات على من فيها بحجة البحث عن مطاردين مسلحين كما حصل في ( خان يونس ) بقطاع غزة حيث هدمت السلطات واحدا وعشرين منزلا فيها .
إلا أن هذه السياسة لن تجدي نفعا أيضا بالرغم من صعوبتها فلقد ازداد تفاعل الشعب مع انتفاضته وحقده على الاحتلال مما كون لدي المواطن الفلسطيني نفسية عجيبة مميزة فبات لا يخشي على شئ بيته هدم ! ابنه قتل ! فأصبح لا طعم للحياة في نظره مما جعله يندفع كالبركان الهادر في مقاومة المحتل الغاصب
الضرائب وتدمير الاقتصاد
عمدت السلطات الصهيونية إلى سياسة التضييق الاقتصادي على الفلسطينيين المحتلين من خلال قتل مؤسساتهم وشركاتهم ومصانعهم حيث تداهم هذه المؤسسات بقوات مدججة بالسلاح برفقة ضباط الضرائب والجمارك بحجة عدم دفع ما عليهم من مستحقات فيقومون بمصادرة البضائع والأموال وملاحقة التاج والصناع وفرض مبالغ باهظة جدا عليه فلا يستطيع صاحب المصلحة الاقتصادية الصناعية دفع هذه الغرامة فتغلق مؤسسته أو دكانه .
وكذلك قامت السلطات بمنع الاستيراد والتصدير من وإلى الضفة والقطاع إلا برقابة عسكرية مرفقة مع جمارك عالية أيضا مما أدي إلى إصابة المنتج الفلسطيني سواء كان زراعيا أو صناعيا بالكساء والذي يراقب الاقتصاد الفلسطيني في الأراضي المحتلة يجد أنه ضعيف وتابع ومقيد ويقصد بتابع أى لا يستطيع الصناع أن يحصل على مواده الخام إلا عن طريق مستورد إسرائيلي وأما من ناحية أنه مقيد فإن التاجر أو الصانع أيضا لا يستطيع استيراد كل ما يريده إلا بموافقة دائرة التجارة والصناعة الإسرائيلية حيث لا تسمح في غالب الأحيان باستيراد منتجات أو مصنوعات أجنبية تقوم هي بصناعة مثلها وإن سمحت فإنها ترفق ذلك بجمارك عالية جدا بحيث يصبح ثمنها أضعاف المنتج الإسرائيلي المحلي ..
إن قتل الاقتصاد الفلسطيني أصبح أسلوبا معهودا من قبل سلطات الاحتلال وقد صدرت في ذلك دراسات عديدة في الداخل والخارج ولا زال الاحتلال مستمرا في سياسته هذه إلا أنها ستنقلب عكسية على أصحابها كغيرها من السياسات وصدق الله العظيم إذ يقول ( يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار ) الحشر (2)
الإبعاد والتهجير
أسلوب همجي غير حضاري تقوم به السلطات الصهيونية يتعارض مع الأعراف الدولية حقوق الإنسان وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة المبرمة في 12 آب 1949 والتي يعتبر الطرد للمدنيين الفلسطينيين مخالفا لها ولغيرها من الاتفاقيات كاتفاقيات لاهاى القاضية بالمحافظة على أسري الحرب والسكان المحتلين وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عام 1948 والذي يحرم بموجبه الاعتداء على إنسانية الإنسان من اعتقال وتعذيب وقتل .
إلا أن السلطات الصهيونية الإسرائيلية غير مبالية لكل هذه الاتفاقات ضاربة بها عرض الحائط حيث قامت بممارسة كافة الأساليب والطرق التي تخالف هذه الأعراف ولعل هذا الكتاب يغطي جزءا من هذه الأساليب رغم أنه خاص بقضية المبعدين الفلسطينيين الذي أبعدوا عام 1992م.
ويأتي أسلوب الطرد والتهجير هذا بطريقتين جهنميتين الأولي الطرد القسري والذي يكون رغما عن أنف المواطن بحيث يؤخذ من بيته ويحمل إما بالسيارة وإما بالطائرة ويلقي به خارج الوطن دون علم مسبق وربما دون محاكمة كما حصل للاربعماية مبعد من أبناء حماس والجهاد الإسلامي والطريقة الثانية من خلال التضييق الاقتصادي والنفسي ومنع المواطن من السفر الهام كالدراسة والعلاج مما يؤدي إلى هجرة وإبعاد عدد من الشباب الفلسطيني طوعا ولكن للحاجة الماسة .
وأسلوب الإبعاد هذا كالقتل .. فالإنسان يصبح بين عشية وضحاها بدون أهل ولا وطن ولا هوية بعيدا عن أطفاله وأرضه ومقدساته وهاذ الذي أدي بالمبعدين الفلسطينيين للصبر والثبات في البرد والعراء .. من أجل العودة إلى ديارهم .. لأنهم يعتقدون أن الموت أهون عليهم من أن يكونوا خارج الوطن ..
الفصل الثالث : الأبعاد ورحلة العذاب الشاقة
• عذابات الماضي والحاضر • أسباب الإبعاد • تعذيب المبعدين نفسيا وجسديا • رفض الدخول إلى لبنان
عذابات الماضي والحاضر
لم يكن وقع الحدث غريبا على فلقد قرأت هموم الرحلة من قبل من أفواه المبعدين الأوائل الذين هجروا من ديارهم بغير حق .. لا زلت أذكر كلمات والدي الحزينة الممزوجة تلك القرية الصابرة التي حاصرها اليهود واستمروا في حصارها
ومنع الإمدادات الغذائية والعسكرية عنها حتى عام 1949 حيث بقيت صابرة مرابطة حتى انتهي حصاها وخرج أهلها منها تحت تهديد السلاح ضمن اتفاقيات " رودس ط التي تمت بين العرب واليهود .
قرأت على وجنتي والدي قصة تلك المأساة وهو يحدثني عن ليلة الخروج من القرية .. لم يكن بعد قد تزوج وكانا شابا في ريعان الشباب وكان الحديث ممزوجا بتنهديدات قلبية وصدرية تعيد له ذكريات الحارة الغربية والبئر الشرقي وواد أبو المفرش ومقام الشيخ أحمد الفالوجي ؟ الذي يتوسط القرية ..
بل ذكريات سوق" الخميس " الذي تجمع فيه القرويون والتجار والمزارعون من المدن والقرى المجاورة .. وكنت أجيبه دوما أنتم سبب الشتات لو لم تخرجوا من دياركم لما احتلها اليهود فكان يجيبني مقنعا :
لم يكن الأمر مجرد عواطف ولم نحرج من ديارنا طوعا بل كانت الطائرات تلقي بأحمالها فوق رؤوسنا .. وذكرني بأسماء الشهداء من أبناء القرية وهم كثر وكذلك الشهداء المصريين المتطوعين الذين ارتفعوا إلى الله جراء قصف الطائرات المتوالي حدثني كيف كان البيت يحرق هو ومن فيه من الآدميين والمواشي أمام أعينهم عندها أدركت عظم المأساة ولم أكتف بعواطف وتاريخ الذي ليس من باب عدم الثقة إنما من باب الحصول على اليقين عدت إلى ما كتبه المؤرخ الفلسطيني عارف العارف في كتابه النفيس ( نكبة بين المقدس والفردوس المفقود) فوقع بصري على تاريخه لشهداء الفالوجة الذين بلغ عددهم أربعمائة شهيد عندها أدركت أبعاد حزن والدي من رحلة الإبعاد الأولي وتذكرت لغة الدم هي التي استطاع اليهود من خلالها بناء الدولة .. ليس بطولة ولا قتالا إنما غدا وظلما واعتداء على الآدميين العزل لقد ذكرتني دماء الشهداء بما قاله " مناحيم بيغين"
رئيس وزراء إسرائيل الأسبق في كتاب " التمرد " ( لولا دير ياسين لما أقمنا الدولة ) : إن هذه السياسة لم تمت بل تزداد إبداعا وتفننا في الظلم والإرهاب تجاه الفلسطينيين .
تذكرت كل ذلك وأنا مغمض العينين مكبل اليدين والرجلين عندما اعتقلت ظلما من بين أطفالي ووالدي وزوجتي بعد ظهر يوم السادس عشر من كانون الأولي عام 1992م اعتقدت كغيري من إخواني أن الأمر مجرد مساءلة من قبل السلطات الصهيونية أو ربما اعتقال إداري إلا أن رحلة والدي من قبل لم تزل في مخيلتي .. ولم أستبعد البتة أن اعتقالا أو إبعادا مفاجئا ربما يتعرض له المواطن الفلسطيني بدون سبب في ظل الزمان الإسرائيلي المكفهر .
وبعد إرهاق ومعاناة استمرت أكثر من ستة وثلاثين ساعة يخيم عليها أصوات الجنود الموحشة وظلام العينين العصبة وآلام اليدين والرجلين المكبلة استيقظت على أصوات كاسحة تقول لى قم , وتم إزاحة ما كان يحيط بعيني وقطعت القيود البلاستكية التي كانت تحيط بمعصمي ورجلي لأري خيرة علماء فلسطين وشيوخها وشبابها وقد وضعوا في شاحنات وكأنهم باعوا البلاد العبار ويستحقون النفي من الأرض ودفع بي مع هذه القلة المؤمنة لأكون في تعداد المبعدين المظلومين ..
وسرعان ما يمتد البصر إلى خلف الآفاق ويسارع الزمن المنطوي ليري صورا مضت وطويت تعود إلى الأذهان وكأنها فلق الصبح , نعم ألقي بنا في ليلة مظلمة بجوار قرية طيبة تسمي ( مرج الزهور ) افترشنا الأرض والتحفنا السماء حتى أنعم الله علينا بالمغيثين فجاءوا بالخيام .. خيام المعاناة , خيام الظلم البشري الوحشي عندها تذكرت ما قالته لى والدتي التي هاجرت من " الفالوجة " عن وحشة الخيمة وظلمها تلك الخيمة التي سكنتها عام 1949 في مخيم " العروب " قضاء الخليل .
ونصبت خيامنا في مرج الزهور ... لتشكل صورة مشاهدة مرئية للظلم الصهيوني الثلج والمياه التي تسيل .. الوحل والطين .. كل ذلك يحيط بمخيم المبعدين الذين جلسوا ينتظرون شروق الشمس :
جلسوا يشتمون أريج بلادهم ووطنهم عن قرب .. عندها تساءلت متعجبا ؟! وهل يفرح العالم ويرقص وهو يري شتات الشعب الفلسطيني تحت الخيام أين هي حقوق الإنسان ؟ أين هي العدالة والكرامة والإنسانية أين هي العهود والمواثيق ؟ لكننا أبينا التخاذل والتنازل عن حقنا في العودة رغم الظروف الصعبة وحاولنا العودة مرة ومرة ولكن حواجز الألغام وأزير الرصاص والقذائف المدفعية حالت دون ذلك ؟
أسباب الإبعاد
جاء الإبعاد على خلفية اختطاف ضابط حرس الإسرائيلي " نسيم توليدانو" حيث قامت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس باختطاف الضابط المذكور يوم 13 / 12/ 1992 م من مدينة " اللد" حيث يسكن فيها بينما كان متوجها لوحدته العسكرية .. ومع اقتراب عقارب الساعة حوالي العاشرة صباحا من نفس اليوم توجه ملثمان من كتائب عز الدين القسام إلى مكاتب جمعية الهلال الأحمر في مدينة " البيرة " وقاما بتسليم مسئول المكتب صورة عن البطاقة الشخصية للضابط الإسرائيلي مرفقة ببيان الإفراج عن شيخ الانتفاضة الفلسطينية المباركة الشيخ " كفار يونا" وأعطت كتائب عز الدين القسام مهلة لغاية الساعة التاسعة مساء من نفس يوم الاختطاف وهددت بقتل الضابط إذا لم تستجب الحكومة الإسرائيلية .
على إثر ذلك قامت السلطات بحملة مسح وتفتيش واسعة النطاق مصحوبة بآلاف الجنود الإسرائيليين وتبع حملة التفتيش حملة اعتقالات واسعة ضمن صفوف حركة حماس ومناصريها زادت عن 2000 شخص وفي نشرة أخبار الأسبوع في ساعة مساء يوم الاختطاف عرض التلفزيون الإسرائيلي مقابلة مع الشيخ أحمد ياسين " حول عملية الاختطاف وموقفة فيها .. حيث بين الشيخ المجاهد موقفه المتوازن الذي يدل على عبقريته السياسية مما قاله أطالب المختطفين عدم قتل الجندي حتى يتسني لهم الحصول على مطالبهم .. ولكنه أكد أنهم أدري بوضعهم وعن قوة حماس ودورها قال الشيخ أحمد ياسين : إنني أراها تتعاظم .
وبعد انتهاء المدة المحددة للحكومة الإسرائيلية بتنفيذ أوامر مطالب المختطفين وضعت السلطات الإسرائيلية الحواجز على مدخل المدن والمخيمات ومفترقات الطرق .. وفي صباح اليوم الثاني 14/ 12 وجد الضابط الإسرائيلي مقتولا وهو مقيد اليدين على طرق القدس أريحا بجوار مستوطنة " معالية أودميم" وقد طعن عدة طعنات في رقبته وقد تم أخذ سلاحه .
وقال محمد نزال ممثل حماس في الأردن ردا على سؤال وجهه له مراسل إذاعة لندن حول الإسراع في قتل الضابط وعدم استخدام أسلوب التفاوض مع إسرائيل قال نزال : إن ما قامت به إسرائيل من حملة اعتقالات واسعة في صفوف حركة حماس وأنصارها وكذلك مواصلة انتشار الجنود وتمشيطهم وإغلاقهم للمناطق كان مرحلة كسب وقت وزمن سريعة لإلقاء القبض على أفراد كتائب عز الدين القسام وأكد قائلا إن المختطفين هم أدري بأوضاعهم وهم الذين يقدرون .
عند ذلك بدأت تصريحات رابين بالتهديد المغلظ .. وقال :" سأقوم بعمل ضد الإرهابيين القتلة .. ولكن أريد من العالم أن لا يستهجن هذا العمل أو أن يشجبه"! وكانت النتيجة التي استيقظ عليها العالم وشاهدها ..
هي إبعاد "415" من أنصار الحركة الإسلامية في الظلام حيث تم اعتقالهم في غزة ونابلس والخليل وقلقيلية وجنين وطولكرم وأريحا بيت لحم ورام الله والقرى التي تحيط بهذه المدن كذلك تم إبعاد جزء منهم وقد كانوا في الاعتقال الإداري وصنف آخر في زنازين التحقيق وآخر كانوا في السجون المركزية ينتظرون تقديمهم للمحاكمة ..
وبعض الذين أحضروا كان في زيارة لزميله فجاءوا يعتقلون صاحب البيت فأخذ صاحب البيت والزائر لقد أبعد شيوخ وعلماء وأطباء ومهندسون ومحاسبون وصحفيون ومدسون وصناع ورياضيون حصرت أ‘مارهم من بين السابعة عشر من العمر إلى الستين شهد العام شريعة الغاب الإسرائيلية المتمثلة بالطرد الجماعي لأناس لا يربطهم أى علاقة بالحدث المسبب للإبعاد حيث اعترف رابين بذلك وقال : أنا أعلم أن هؤلاء لم يقوموا بعمل عسكري وأن إبعادهم لم ولن ينهي أعمال القتل ضد الإسرائيليين ولكن هؤلاء يمثلون الجناح السياسي والاقتصادي لحركة حماس ..
تعذيب المبعدين نفسيا وجسديا
تعرض المبعدون وهم في رحلتهم الشاقة إلى تعذيب مزدوج حيث التقييد والتكبيل في الرجلين واليدين وتعصيب العينين والذي استمر ما يقارب 36 ساعة متواصلة منذ إخراج المبعد من زنزانته أو السجن أو البيت حتى الوصول إلى معبر زمريا لقد منع البعض من النوم وهو جالس على كرس الباص ومقيد منع البعض الآخر من الخروج لقضاء حاجته منع الجميع من معرفة أين هم وإلى أين هم ذاهبون تعرض عدد من المبعدين إلى الضرب على رأسه ووجهه ويديه لم يستطع أحد منهم أن يؤدي صلاته خلال هذه الفترة لقد كان البرد شديدا جدا حيث المطر والبرد فلم يهنأ أحدنا بالدفء وأستطيع أن أصف بعض الحوادث المؤلمة خلال الرحلة الشاقة .
- طلب بعض المبعدين ماء من أجل الشرب وهو في داخل الباص وقد قوبل بالرفض ومع استمرار الطلب والتكرار تبول أحد الجنود في زجاجة فارغة وقال من يريد ماء ؟ وأخذ يصب البول على ؤوس الذين أرادوا الشرب .
- على أثر السفر المتواصل والطويل وعدم النوم خلال عملية الإبعاد أصاب العديد من الإخوة المبعدين آلام في الرأس ودوران ودوخة فطلب أحدهم حبوبا مهدئة فجاء أحد الجنود وصوب بندقية على رأس المبعد وقال هل تريد مهدئا .. في البندقية يوجد حبوب مهدئة إذا أردت ..
- أثناء صعود أحد ألإخوة إلى الباصات وهو معصب العينين ومربوط اليدين قام الجنود بضربه على عينه بفوهة البندقية ولكن الله لطف حيث سالت الدماء بعد أن أصيب الأخ بجرح فوق عينه هذا الشاب دخل في عراك مع الجندي رغم أنه مقيد ومعصوب انتهي بتدخل الضابط .
- أحد الجنود قام بالتبول في معطف الأخ شحادة حبابيه من صانور / جنين وذلك أثناء السير في الباص .. وصبر الأخ على رائحة البول حيث أنه كان مقيدا حتي وصوله إلى لبنان حيث خلع المعطف معظم الرحلة كان أحد الجنود الأشرار يضع حذاءه على رأس الأخ شحادة وبصق أحد الجنود بوجهه .
- بعد أن رفض الجنود إنزال احد الإخوة من الباص لقضاء الحاجة قام الشاب بالتبول داخل الباص فقام الضابط بتشغيل المكيف ( الهواء البارد) كعقوبة جماعية مع العلم أن الجو بارد جدا .
عدم دخول لبنان
لم يكن دخول الأراضي اللبنانية حلما يفكر فيه المبعدون رغم صعوبة الحياة التي عاشوها في مخيمهم الصغير وسواء صدر قرار حكومي لبناني أم لم يصدر فإن الضرورة تقتضي أن يصمد المبعدون الفلسطينيون على بوابة وطنهم الغالي على نفوسهم وألا يتبعثورا هنا وهناك فتتبعثر قضيتهم .. وكذلك فإن من الواجب أيضا على نظام عربي شقيق أن يغلق حدوده أمام أى مبعد من أبناء شعب فلسطين حتى يعلم الصهاينة بأنهم عندما يريدون تهجير شعبنا من أراضيه فإن ذلك لا يتم بسهولة ؟
من هنا توافق قرار المبعدين الفلسطينيين في عدم الدخول إلى الأراضي اللبنانية مع قرار الحكومة الذي تم استقباله برحابه صدر حيث صرح المبعدون بأنهم لا يريدون دخول لبنان بل يشكرون الحكومة اللبنانية على موقفها الداعي لقضيتهم وكتب جريدة السفير اللبنانية في عددها الصادر في التاسع عشر من كانون أول عام 1992 في عنوانها الرئيسي المبعدون الفلسطينيون يشكرون الحكومة اللبنانية على موقفها الرافض .
واعتبر ذلك حكمة من قبل المبعدين الذين لا يريدون إلا العودة ولا يسعون .. ولا يحرصون الدخول إلى أى عاصمة عربية وكان هذا الموقف من قبلهم بمثابة تأكيد واعتبار لسيادة لبنان التي ينبغي أن تحترم ويحافظ عليها .
وقد أكد المبعدون على ذلك من خلال موقفهم الرسمي الذي صدر في بياناتهم الرسمية والتي تم بثها عبر وكالات الأنباء العالمية حيث صدر البيان الأول في الحادي والعشرين من كانوا الأول عام 1992 والذي طالب الحكومة اللبنانية رسميا أن تبقي مصرة على موقفها الرافض لإدخال المبعدين إلى أراضيها .. لأن هذا الموقف الخالد بمثابة نصرة للمبعدين والقضية الفلسطينية وشكر البيان الحكومة على هذا الموقف الحكيم .
وكان لموقف المبعدين المتفهم الأثر الجيد على نفوس الشعب اللبناني الشقيق الذي عاش ويلات الحرب اللبنانية خمسة عشر عاما . حيث اعتبر أ، هذه الشريحة من الشعب الفلسطيني مميزة تفضل الموت على مشارف الوطن على الانخراط في المجتمع اللبناني أو غيره وتناسي حقها في وطنها فلسطين .
ونظر اللبنانيون والسوريون وأبناء المخيمات الفلسطينية عبر شاشات التلفزة إلى الصمود التاريخي وسط الجبال المغطاة بالثلوج , الذي سطره المبعدون بقوة وإصرار وشموخ واعتبر الشعب اللبناني الشقيق أن قصة الصمود هذه ستنتهي لا محالة بعودة المبعدين إلى ديارهم ووطنهم ..
وكان تأكيد المبعدين على رفض دخول لبنان أيضا من خلال مسيراتهم نحو الجنوب تجاه الحواجز الإسرائيلية حيث لبسوا أكفانهم ليقابلوا الرصاص بصدورهم من أجل العودة إلى وطنهم .
الفصل الرابع:الحياة اليومية للمبعدين
صعوبة الحياة اليومية في المخيم
لقد كان لوعورة الموقع وبرودة الطقس وعدم توفر أدني حد للحياة صعوبة ومشقة على حياة المبعدين اليومية فالصخور الكبيرة والأشواك المترابطة ... الوحل والطين السيول التي كانت تداهم الخيام كل ذلك لا شك بأنه صعب جدا ولكنه كون إنعاكسا ذاتيا في أعماق النفوس بحيث اعتبر الصبر على هذا الواقع نوعا مميزا من مجاهدة النفس ووضعها أمام التحدي فطبيعة النفس الإنسانية تحب الرخاء والراحة ورغد العيش ولكن الله يقدر كل شئ .. نعم يخرج الشيخ كبير السن من إخواننا المبعدين ليتوضأ صباحا لصلاة الفجر فلا يجد حذاء إلا وقد لطخ بالطين والماء يبحث عن الماء في الأوعية فيجده متجمدا .. يتغلب على هذه العقبات كلها ..
ورغم ذلك لا ينجو من محنة الواقع المأساوي وبينما هو عائد من وضوئه يختل توازنه عند دخول الخيمة مما يؤدي إلى وقوعه على الأرض المبتلة المطينة وتكون المأساة الملابس كلها بحاجة إلى تغيير الساق أصيبت برضوض وكل ذلك لم يؤد إلى القنوط واليأس .. بل زاد من الإصرار والتحدي .
ونزور ليالي الصقيع المخيم فتكون ضيقا غير مرغوب فيه فلا تفسح مجالا للنوم ولا للدفء ... وكم كان الأمر صعبا عندما كان يستيقظ أحد المبعدين من نومه وكأنه نائم على بركة ماء الملابس البطانيات الفرشة الأسفنجية .. كل ذلك تسلل إليه الماء .. بدون استئذان في ليال كثر بردها .. وعلا صوت عدها .. فنهمر المطر ب غزارة هذا سوي ليالي العواصف المصحوبة بالهواء الشديد الذي كان يخشي منه أن يقتلع الخيام .
ورغم الحرص الشديد من شد لأوتاد الخيام وإحاطتها بالحجارة الكبيرة إلا أن مسجد المخيم لكبره لم ينج من العواصف والهواء الشديد الأمر الذي أدي إلى انهياره واجتياح المياه له , حتى تعذر إقامة الصلاة فيه بسبب المياه التي جعلت من أرضيته مكانا موحلا..
ودع المبعدون فصل الشتاء بيسره وعسره وجاء الدفء وسرعان ما بدأت مشقة وصعوبة من نوع آخر تمثلت في حر الخيمة من جانب وخروج الأفاعي والعقارب من جانب آخر .. نام أحد الإخوة ظهرا فاستيقظ ليري عقربا كان يتجول فوق بطانيته وخرج آخر من المسجد فاعترض طريقة ثعبان كبير ..
وبينما كان أحد المبعدين واقفا بين يدي الله في صلاة التراويح مر فوق قدميه ثعبان وهو ينظر إليه دون أن يؤذيه ورفع أحدهم حجرا بينما كان يجهز خيمته التي استضافتها المياه شتاء ليجد تحت الحجر خمسة عشر عقربا إنها حياة شاقة شتاء وصيفا إلا أن فيها الأجر الكثير فهنيئا لمن صبر واحتسب .
وكم كان عجب رجال الصحافة لصبر المبعدين وهم ينقلون مأساتهم اليومية فلقد قال لى مراسل وكالة " أسويتتبرس " الأمريكية " أنني أري أناسا أقوياء أشداء لم أر في حياتي قط مثلهم . أناس يتغلبون على مشاق الحياة التي لا تختلف كثيرا عن حياة الإنسان الأول.
لقد استطاع المبعدون أن يبرهنوا يصبرهم على مصداقية حقهم وقضيتهم فكسبوا الرأي العام محليا وعالميا وهذه رسالة عظيمة لا يستهان بدورها .
سوء الأوضاع الصحية
استطاع المبعدون تأسيس عباد وصيدلية متواضعة منذ الأيام الأولي التي سكنوا فيها المخيم حيث أشرفت اللجنة الطبية على هذه العيادة مما خفف الكثير من الآلام والإصابات على سكان المخيم ..
بل القري النائية المجاورة ومن الجدير ذكره أن من بين المبعدين عشرة أطباء من بينهم أخصائيون في الأمراض الباطنية والقلب والأنف والأذن الحنجرة والجراحة وحيث يحمل أحدهم درجة الدكتوراه في الطب وعدد آخر يحمل الماجستير وبعض الممرضين والصيادلة كل ذلك ساعد في تخفيف سوء الأوضاع الصحية رغم وجود عوامل ومسببات الأمراض .
وفي الأسابيع الأولي لوجود المبعدين في مخيمهم ازداد سوء الأوضاع الصحية بحيث تردد على العيادة أكثر من (250) شخصا مما اثبت إصابة ما يقارب (220) مبعدا بأمراض عدة أهمها أمراض آلام المفاصل ( الروماتزم) والمغص الذي كان يسببه البرد .. والأمراض الجلدية التي سببها عدم الاستحمام لقلة الماء والمنظفات وكذلك استخدام الماء الملوث من الينابيع والسيول .. والأزمات الصدرية والأمراض الباطنية كالقروح وغيرها من الالتهابات الداخلية .. بالإضافة إلى عدد من الإصابات والجرحي الذين أبعدوا وهم جرحي خلال أ‘مال الانتفاضة .. وعدد آخر أصيب خلال مسيرة العودة التي نظمها المبعدون حيث قذفوا بالقنابل والرصاص .
واستطاع الأطباء أن يؤدوا دورهم رغم قلة الإمكانات من أجهزة وأدوية حيث أجريت بعض العمليات الجراحية البسيطة , ولكن العيادة لم تكن قادرة على تقديم الخدمات الصحية بسبب عدم وجود أجهزة لتشخيص الأمراض الداخلية فعلي سبيل المثال .وأصيب أحد الوعاظ " بالانغلاق المعوي" مما أدي إلى حاجته لتشخيص بالأشعة .. وهذا متعذر فنقل إلى الحاجز الذي يسيطر عليه الجيش اللبناني فرفضوا إدخاله للعلاج وأعيد إلى المخيم . فلطف الله به ونجا من مرضه رغم قلة الإمكانات وسوء الوضع .
ومما زاد من سوء الأوضاع الصحية أيضا قلة الدفء فلقد زود المبعدون في أيامهم الأولي بمدافئ تعمل على الكاز , ومن وكالة الغوث .. وبطاطين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وكذلك الوكالة أيضا وبعد منعت الحكومة اللبنانية إدخال أى معونات ..
ومنعت كذلك دخول المؤسسات الإنسانية الدولية .. للضغط على إسرائيل , ومن هنا فقد انتهي ما كان عند المبعدين من وقود وعدد البطاطين والأغطية كان قليلا ولا يتناسب بأي شكل من الأشكال مع نوعية البرد من ثلج وصقيع وأمطار غزيرة الذي تعرض له المبعدون .. كان ذلك ساعد في انتشار الأمراض التي يسببها البرد وهي عديدة .
ومما ساعد في انتشار الجراثيم والحشرات عدم وجود دورات مياه صحية فلقد كان المبعدون يقضون حاجتهم في حفر كبير تجتمع عليها الحشرات والجراثيم ورغم الاحتياطات التي كانت متبعة إلا أنهم لم يستطيعوا منع ذلك .. هذا قليل من كثير مما أصاب المبعدين وجعلهم يعيشون حياة قاسية وصعبة في ظل ظروف صحية سيئة . ( فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين )
الغذاء ومياه الشرب
لقد عاني مبعدون في شهورهم الأولي من قلة في التغذية ففي اليوم الأول الذي وطئ فيه المبعدون مخيمهم جاءتهم بعض الأغذية والأطعمة والمعلبات عن طريق وكالة الغوث واللجنة الدولية للصليب الأحمر والأحزاب والمؤسسات اللبنانية وكان كل ذلك بالطرق الرسمية العلنية إلا أن ذلك لم يستمر أكثر من ثلاثة أيام , حيث منعت الحكومة اللبنانية بعد ذلك إدخال أى نوع من الإمدادات الغذائية فمنع الصليب الأحمر ووكالة الغوث من الدخول إلى المخيم ومنعت كذلك المؤسسات الرسمية والشعبية من الوصول إلى المخيم , كان ذلك بسبب الرغبة في إشعار إسرائيل بأنها هي المسئول الأول والأخير عن صحة وسلامة المبعدين وليسن لبنان الأمر الذي استقبله المبعدون بكل رحابه صدر.
وفي الوقت الذي منع فيه إدخال الأغذية والمواد التموينية استمر المبعدون في صبرهم وجلدهم وثباتهم على الكفاف حيث كان متبقيا لديهم بعض الأطعمة من خضار وفواكه وأرز حيث قام بإدخال هذه الأنواع أحد المحسنين البارزين .. أحد الفلسطينيين الأكارم الذي هاجر مع أهله من فلسطين عام 1948 واستقر بهم المطاف في البقاع اللبناني ذلكم الأخ الفاضل الذي لا ينسي :
" نزيه البقاعي " أحد أبناء عكا الغيورين .. حيث استمر المبعدون في تناول هذه الأغذية أكثر من شهر .. ولم ينس هذا الأخ الفاضل هو وأبناء أسرته المبعدين ولم يتوقف عن إرسال المعونات الغذائية لهم .
فكان يقول .. إن محبتي ومحبة والدي وإخواني في إرسال الأغذية والأطعمة لكم .. تفوق محبتي لجعل هذه الأغذية لأبنائي وأسرتي !؟..
وفي هذه الفترة وما بعدها .. أصبح المبعدون يعيشون على صدقات الآخرين والتي تقل وتكثر وبعد الإغلاق لمعبر مرج الزهور شمال المخيم .. أصبح الطريق صعبا وشاقا جدا لإحضار الأغذية حيث كان المتبرعون يسيرون مشيا على الإقدام وهم يحملون المواد الغذائية على ظهروهم عشرات الكيلو مترات ليلا في الثلج والبرد..
وكم كانت المدفعية الإسرائيلية تواجههم ليلا بقذائفها الملتهبة لإرهابهم ومنعهم من الوصول إلى مخيم المبعدين .. ولكن الله كان يحفظهم مما ولد لديهم استمرارا بالعطاء والتصميم .. فحشي المبعدون على هؤلاء الجنود المجهولين من أبناء القرى اللبنانية بأن تصيبهم قذائف الغدر اليهودي فوجه إليهم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الناطق الرسمي للمبعدين نداء عبر الصحافة ووكالات الأبناء بأن لا يخاطروا بأنفسهم وأرواحهم وناشدهم عدم الحضور إلى المخيم عبر الجبال خوفا عليهم وقال : نحن على استعداد أن تموت جوعا بين الجبال .. مقابل أن يبقي إخواننا اللبنانيون بكامل صحتهم .
فكان لهذا التصريح أثر من نوع آخر مما حدا بأحد القرويين الذي كان يقوم بنقل بعض المواد التموينية ليلا إلى المخيم على حماره الصغير للقول : كم تكون سعداء ونحن نموت من أجلكم وأجل خدمتكم .. فأنتم تستحقون أكثر من هذا ..
وإن مما يلفت النظر تسابق الأخوة الأحبة في القري اللبنانية في خدمة إخوانهم المبعدين فبعد رحلة مشي على الأقدام تزيد عن ثلاثين كيلو مترا لأحد الشاب اللبنانيين مع حقيبة محمولة على الظهر تزيد عن 50 كيلوا غراما ..
يصل هذا الشباب إلى المخيم فترتسم السعادة على محياه وهو يعانق إخوانه المبعدين بكل شوق ورحابه صدر دون أن تري على وجنتيه وجسده أى إشارة إلى مشقة أو إرهاق !.
أن مياه الشرب ...فلقد كان في إحضارها مشقة وإرهاق حيث كان المبعدون ينقلون مياههم للشرب والوضوء والاستحمام والغسيل والتنظيف من السيول والينابيع المجاورة لكن شربة ماء كانت تستدعي من صاحبها السير مسافة 700 متر أو أكثر للحصول عليها فكان الشاب والشيخ والعالم والطبيب يحمل وعاء الماء البلاستيكي حيث يتسع هذا الوعاء إلى عشرين لترا فكان يحمله بيده أو على كتفه من مصب السيل إلى الخيمة .. إنها مشقة ولكنها في نفس الوقت سعادة !!
حيث قال لى أحد المبعدين من كبار السن وهو الدكتور ( عدنان مسودي) من الخليل خمسون عاما ويعاني مرض القلب كم أكون سعيدا وأنا أحمل وعاء الماء من السيل وأقوم بإحضاره إلى إخواني في الخيمة.. كذلك الشيخ ( حامد البيتاوي) رئيس رابطة علماء فلسطين وخطيب المسجد الأقصى سبعة وأربعون عاما من نابلس ..
يستيقظ صباحا فلا يجد ماء للوضوء وصنع الشاي فيحمل وعاء الماء وينزل عبر التلة المحاذية للخيمة إلى بطن الوادي حيث سيل الماء فيملأ وعاءه ويضعه على كتفه ... بينما يكمله هذا الوعاء بقطرات من الماء تسيل منه على جسده وملابسه حيث البرد القارس والجليد والصقيع ومع هذا تري الشيخ باسما سعيدا منشرح الصدر!؟.
هذا سوي أن الماء غير نقي وبما ملوث وفيه ما فيه من الطحالب وكذلك فإنه ماء عسير لا يصلح للتنظيف بسبب الأملاح والرمال والأتربة .. فلقد سبب هذا الماء بعض الأمراض الجلدية بسبب الملابس غير المنظفة .. كل سبب مشقة نوعية للمبعدين ولكن الله سبحانه وتعالي أنزل بجوار هذه المشقة الصبر والسكينة والثبات .
الحياة الفكرية والثقافية والفنية والأدبية
لقد فجر الإبعاد الطاقات الكامنة في الأعماق استطاع المبعدون تكوين حركة ثقافية فكرية مبرمجة حيث المحاضرات والندوات السياسية والفكية وكذلك الأمسيات الشعرية حيث تم استغلال الوقت بما ينفع العقل والروح والوجدان فبرز الشعراء والأدباء وكتبت الدراسات والمقالات وتجلت الحركة الفكرية والعملية رغم المحنة والألم الذي يعتصر القلوب والعقول ولقد تطورت الأفكار والتصورات العلمية والفكرية ليتمخض عنها تأسيس جامعة مرج الزهور ( ابن تيمية) تلك الجامعة التي أشرفت على تدريس وتخريج طلبة الجامعات .
جامعة مرج الزهور ( ابن تيمية)
لعل خب تأسيس هذه الجامعة بين الصخور والأشواك أذهل الكثير من المراقبين الذين كانوا يتعاملون مع قضية المبعدين باعتبارها قضية إنسانية إلا أن تفاعل المبعدين وإبداعهم وإتساع أفقهم نحو المستقبل جعل منهم أناسا شامخين حولوا محنتهم إلى منحة حيث تم استغلال الطاقات الأكاديمية والعلمية وتم توظيفها لما يخدم المصلحة الفكرية العامة .
بدأت فكرة التأسيس من خلال إجراء امتحان لمادة الدولة العثمانية للطالبي ( خالد ذويب ) أحد طلبة جامعة الخليل حيث قام بتدريسه المادة الدكتور عبد الفتاح العويسي الذي أكمل دوره بتأسيس قواعد الجامعة حيث بني لها مدرجا من الحجارة والصخور وحضر حفل الافتتاح مراسلو وكالات الإعلام العالمية .
وقد قام مؤسس الجامعة الدكتور العويسي بالاتصال بمجلس التعليم العالي في فلسطين وقام بإرسال العديد من الرسائل إلى الجامعات والمعاهد في العالم العربي وكذلك إلى اتحاد الجامعات العربية شرح من خلالها عدد الطلبة الذين أبعدوا عن جامعاتهم ولم يكملوا دراستهم وكذلك المحاضرين الذين يزيد عددهم عن سبعة عشر محاضرا حيث تم الاتفاق مع مجلس التعليم العالي في فلسطين لاعتماد نتيجة الامتحانات التي تقدم للطلبة في جامعة مرج الزهور وتسجيلها لهم في سجل علاماتهم.
واشرف الأساتذة المتخصصون في الشريعة الإسلامية والإدارة والعلوم السياسية والجغرافيا والطب واللغات وغيرها على تدريس الطلبة حيث تم تهيز عدد من الخيام إضافة إلى مدرج الجامعة والمسجد ليتقلي الطلبة فيها محاضراتهم .
وقد تم تأسيس مجلس إداري للجامعة برئاسة الدكتور موسي الأقطم وعضوية كل من الدكتور عزيز الدويك عميدا للعلاقات العامة والدكتور عاطف عدوان عميدا للتسجيل والقبول والدكتور سالم سلامة نائبا للرئيس والدكتور فارس أبو معمر والدكتور عزام سلهب والدكتور عبد الفتاح العويسي
الشعر وكتاب القصة
لقد كان الشعر من المواضيع الأدبية الهامة التي برزت داخل مخيم المبعدين فنظم الشعراء قصائدهم التي صورت معاناة الإبعاد وآلامه , وأبرز آخرون المعاناة اليومية في المخيم من خلال أبياتهم المتدفقة عن عواطفهم الجياشة فلقد برز منهم الشاعر ( خضر محجز) من قطاع غزة فهو شاعر إسلامي عرفناه من خلال إنتاجه العزي الذي زينة بديوان ( الانفجار ) عرفناه من خلال قصيدة ( حملتنا من بقايانا العواصف ) وكذلك في قصيدة ( المبعدون ودفء الشتاء ) وقصيدة ( الإبعاد المأساة والألم ) حيث نشر بعضها في الصحف العربية وألقي البعض الآخر في إذاعة القدس , وتم إلقاء إحداها عبر الفيديو- مسجلة – في معرض إبداعات المبعدين في مدينة دمشق .
ونظم الشاعر حسني البوريني من قضاء نابلس قصيدة ( ليلة الإبعاد) و (حكايتنا) و ( نحن الصقور ) وقصيده ( هل تذكر يا طفلي ) .
أم الأستاذ جواد بحر النتشة من خليل الرحمن فلقد نظم عددا من القصائد عرف منها قصيدة مسيرة العودة التي أصيب خلالها مبعدان بجراح بالغة جراء القصف الذي تعرض له المبعدون خلال مسيرتهم فكانت قصيدة ( إني إلى أرض الطهارة راجع ) وتبعها قصيدة ( هتاف المجد) وكتب قصيدة أخري بمناسبة ذكري الإسراء والمعراج تحت عنوان ( قدساه بشري ) وكذلك قصيدة ( وحي أطل ) و" (تباشير النصر) وقصيدة ( مجلس الأمن والوداع الأخير ) وغيرها حيث تحدثت هذه القصائد في مجملها عن مأساة الإبعاد وبعض الذكريات .
أما الشيخ محمد فؤاد أبو زيد الذي شغل منصب مدير أوقاف جنين وأحد خطباء المسجد الأقصي المبارك فلقد كانت له أشعار تجلت في عدة قصائد أهمها ( نداء المبعدين) التي نظمت في (114) بيتا وقصيدة ( لحظة ألم في الخيمة ) في ( مناجاة ودعاء ) وكذلك قصيدة ( إلى أمتي ) وغيرها حيث وصف شيخنا خلال أبيانه ظلم الصهاينة الذين حرمونا الأهل والأطفال والأوطان .
ولقد فاضت شاعرية أستاذنا الشيخ حماد عليان الحسنات من مخيم النصيرات في قطاع غزة حيث نظم الشعر والأهازيج التي تشكل صورة حية للتراث الشعبي فكانت أهزوجة الإبعاد والهجيني والدبكة والترويد والدحية وكذلك قصائد شعرية عديدة منها قصيدة ( جريمة الإبعاد ) – ( تجسيد القرار ) و ( الاستكبار ) وغيرها .
وبرز من بين الشعراء أيضا ( أبو أيمن طه) من قطاع غزة حيث نظم العديد من القصائد والشاعر عبد السلام الحايك الذي وصف عشقه للوطن من خلال قصيدة ( على بوابة المنفي ) وغيرها ونظم الشاعر خليل سيلمان رمانة من مخيم الجلزون وقصيدة ( سباعيات الضياع ) وقصيدة ( تساؤلات) وقصيدة ( متى تبصر القلوب ) وكان قد صدر له ديوان ( روافد ثائرة ) حيث صدر هذا الديوان في القدس كما نظم الشيخ فتحي عمرو عددا من القصائد أهمها ( شوقي في القدس ) و ( أيام من مرج الزهور ) وكذلك الشيخ نائف الرجوب الذي كتب عددا من القصائد الشعرية أهمها ( قصيدة جرحي عميق ) .
وفي القصة أيضا كتب الأستاذ غسان هرماس من بيت لحم قصة بعنوان ( هكذا أبعدوني ) وفي خطاب وجداني إلى الأهل والأحباب كتب (رسائل مبعدة)
والفكر والثقافة الإسلامية : لا شك وبدون منازع أن الأستاذ المفكر بسام جرار من مدينة رام الله كان أستاذ الفكر والمفكرين حيث عرفناه قبل الإبعاد وفي الإبعاد من خلال عطائه الفكري ومحاضراته القيمة ونظرياته وإبداعاته فهو صاحب نظرية الإعجاز العددي في القرآن والتي أطلق عليها ( عجيبة تسعة عشر ) وهو أيضا صاحب الأفق الواسع والإطلاع الدقيق على الذاكرة الصهيونية والفكر والتوراتي ومخططاته فلقد برز في عطائه الفكري من خلال المحاضرات الأسبوعية التي كانت تلقي على المبعدين في المخيم والتي كان من أبرزها محاضرة ( أسطورة الحق التاريخي في فلسطين) ومحاضرات ( مفاهيم ثقافية ) وكذلك ( الأخلاق ) و( لماذا يلحد الناس ) و غيرها كثير .
واستطاع أن يصل إلى القارئ العربي في الشام وغيرها من خلال مقالاته ودراساته التي نشرت في الصحف العربية حيث تمثلت في مقال : ( نظرات في تاريخ اليهودية ) ( نظرات في الجذور التاريخية للصهيونية 9 نبوءة أم صدفة رقمية) ( رسالة إلى لايبوفتش ) المشروع الصهيوني ) وغيرها هذا سوي المقابلات الفكرية والسياسية والحضارية العديدة في الصحافة العربية والعالمية .. وكانت له قطع شعرية تمثلت في رسائل إلى الأهل والأصدقاء .
ولقد أعد الدكتور عاطف عدوان المحاضر في الجامعة الإسلامية بغزة كتابين الأول بعنوان ( مذكرات الإبعاد) والثاني ( المبعدون والجانب الإنساني) أما الدكتور عبد الفتاح العويسي من جامعة الخليل فلقد أ‘د كتاب ( سجل المبعدين ) ( ووثيقة جامعة ابن تيمية في مخيم مرج الزهور ) يوميات مبعد) وعددا من المقالات .
الفن التشكيلي : لقد برزت بعض الفنون التشكيلية والرمزية والصوتية والدرامية حيث اللوحات الفنية والأناشيد والمسرحيات فلقد شارك المبعدون من خلال لوحاتهم ورسوماتهم في معرض منتوجات المبعدين الذي أقيم في دمشق حيث برز على صعيد الفن التشكيلي مؤلف هذا الكتاب ( نزار رمضان) من الخليل من خلال لوحاته الزيتية والفحمية والتي كان أبزها لوحة ( الجذور ) التي ربطت بين القدس ومخيم العودة برسم تشكيلي واقعي ورمزي .. والمهندس محمد أبو يوسف من رام الله حيث شارك أيضا بعدد من الرسومات واللوحات في المعرض المذكور .
• النشيد الإسلامي والمسرح : تكونت فرقة إنشاد فنية ومبدعة حيث قامت بنظم النشيد وتلحينه وإلقائه على المستمعين إلقاء فنيا منعشا خلال المناسبات والاحتفالات والاستقبالات للوفود والضيوف الزائرين للمخيم حيث أشرف على هذه الفرقة المبعدان رمضان الصيفي من قطاع غزة أشرف الهندي من قضاء رام الله .
وأما بالنسبة للمسرح لقد قام المبعدون بعرض عدد من المسرحيات التي تصور مأساة الإبعاد وواقع الأهل في الأراضي المحتلة فكتب عدد من المبعدين بعض المسرحيات وقام آخرون بتمثيلها وأدي هذا الدور المبعد حسن زهد من قطاع غزة وإبراهيم فرج الله من قضاء الخليل وشاكر عمارة من أريحا وخالد ذويب من بيت لحم .
إدارة المخيم
من ابرز ما لفت نظر المراقبين للمبعدين دقة التنظيم والإدارة والمراقبة والمتابعة التي يتمتع بها المبعدون حيث بدأ الاهتمام بهذا الأمر منذ أن تيقن المبعدون وهم في الشاحنات بأنهم مبعدون فعلا .
لم يعلم أحد منهم وهم في هذه الحالة بأنهم مقتلعون من أرضهم وسيلقي بهم بعد ساعات خارج أرض الوطن وما هي إلا لحظات حتى صدرت أوامر المحتلين للمبعدين بالنزول من الشاحنات وبدأت الرشاشات ترمي بلهيبها إشعارا للمبعدين بأن لا يتوقفوا وأن يستمروا في سيرهم على الإقدام تجاه لبنان وهنا بدأ بعض المبعدين يرتبون أنفسهم وصفوفهم فهم لا يعلمون أين يذهبون ولا في أية منطقة هم فقال قائل :
نبقي في الشاحنات ولا ننزل وقال آخر : ننزل منها ونبقي معسكرين بالقرب من الحاجز العسكري وقال ثالث : نسير إلى الأمام ولكن الرصاص المتطاير هنا وهناك حسم الأمر بحيث لم يفسح مجالا لأحد أن يدلي برأي ولم يكن أمام المبعدين إلا أ، يتقدموا نحو الطريق المؤدي إلى لبنان حيث أصبحت أرواحهم ف يخطر وكانت الساعة حوالي الرابعة صباحا وبعد الخروج من ( معبر زمريا) والسير مسابقة تقارب الميلين تكونت لجنة سريعة من المبعدين لتوجيه أمورهم وهم هائمون لا يعلمون ماذا ينتظرهم من مصير وأعضاء اللجنة هم :
الدكتور عبد العزيز الرنتسي والدكتور محمود الزهار وجمال منصور وماهر عبيد والدكتور عزام سلهب وآخرون أشرفت هذه اللجنة على المبعدين خلال سيرهم ومناقشاتهم مع ضباط الجيش اللبناني حيث قامت بعمل إحصاء لعدد المبعدين إذا لم يكن أحد يعلم عدد المبعدين ولا هوياتهم !
واتصلت هذه اللجنة بمندوبي اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووكالة الغوث وقامت هذه اللجنة بالإشراف على بناء خيام للمبعدين التي تم التبرع بها من قبل الحزب التقدمي الاشتراكي والجماعة الإسلامية وحزب الله والجنة الدولية للصليب الأحمر ووكالة الغوث الدولية وبحلول المساء اجتمعت اللجنة حيث طلبت من مبعدي كل قرية ومدينة ومخيم تزكية من يمثلهم عندها ثم تشكيل لجنة موسعة تضم خمسة وعشرين مندوبا وكلت بمتابعة قضية المبعدين وإدارة شؤونهم الحياتية وأعضاء اللجنة الموسعة هم :
الأستاذ عبد الفتاح دخان , الأستاذ غسان هرماس, الدكتور عزام سلهب , الأستاذ عبد الخالق النتشه , الأستاذ ماهر عبيد, الأستاذ بسام جرار , الأستاذ إبراهيم أبو سالم , الشيخ حسن يوسف الأستاذ محمد مطلق الدكتور عبد الفتاح العويسي , الشيخ محمد فؤاد أبو زيد ,الدكتور محمد مطلق , الدكتور عبد الفتاح العويسي , الشيخ محمد فؤاد أبوزيد , الدكتور محمد الزهار , الدكتور سالم سلامة , الشيخ حامد البيتاوي , الشيخ أحمد الحاج على , الشاعر خضر محجز الدكتور عاطف عدوان الشيخ أحمد نمر حمدان الدكتور عدنان مسودي الدكتور عزيز الدويك الصحفي جمال منصور الأستاذ جمال سليم ,الأستاذ محمد حسن شمعة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي والأستاذ سليمان شيخ العيد..
واستمرت هذه اللجنة في عملها مدة أربعة أشهر تقريبا حيث كانت تشرف إشرافا كاملا على المخيم وكان يرأسها أمير عام هو الأستاذ عبد الفتاح دخان من مخيم النصيرات بقطاع غزة أفزرت هذه اللجنة الموسعة عددا من اللجان أهمها اللجنة الإعلامية التي كانت تمارس نشاطا إعلاميا يوميا مميزا من مقابلات لرجال الصحافة ووكالات الأنباء ومن رسم للسياسة ناطقا رسميا للمبعدين وقد ضمت هذه اللجنبة في عضويتها كل من الدكتور محمود الزهار الدكتور عزيز الدويك الصحفي جمال منصور الصحفي نزار رمضان الصحفي حيدر عبوشي الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الأستاذ حسني البرويني الدكتور عاطف عدوان والأستاذ بسام جرار.
وكانت تشرف هذه اللجنة على طاقم للتصوير التلفزيوني بالإضافة إلى مصورين فونغرافيين وآخرين يقومون بكتابة تقارير صحفية يومية ترسل إلى الصحافة وبعض وكالات الأنباء العالمية .
بعد مرور أربعة أشهر وتفاقم الأوضاع السياسية العام تجاه قضية المبعدين رأت قيادة المخيم إجراء انتخابات عامة في المخيم لانتخاب لجنة من سبعة عشر عضوا لإدارة المخيم بدلا من اللجنة الأولي التي جاءت بطريق التزكية ولم تكن منتخبة من الهيئة العامة بسبب الظروف الصعبة التي واكبت القضية في أيامها الأولي منتخبة من الهيئة العامة بسبب الظروف الصعبة التي واكبت القضية في أيامها الأولي وجرت انتخابات عامة حرة أمام مراسلي وكالات الأنباء العالمية حيث انتخب المبعدون من يمثلهم وكانت تشكيه اللجنة بحسب الترتيب التالي .
- الأستاذ محمد حسن شمعة من مخيم الشاطئ بغزة أميرا عاما .
- الدكتور عدنان مسودي من الخليل نائبا للأمير العام ورئيسا للجنة الطبية .
- الدكتور عبد العزيز الرنتيسي من خان يونس ناطقا رسميا للمبعدين .
- الشيخ حسن يوسف من رام الله أمينا للسر ورئيسا للجنة الساحة .
- الشيخ أحمد الحاج على من نابلس _ أمينا للصندوق .
- الدكتور محمود الزهار من غزة رئيسا للجنة الإعلامية.
- الصحفي جمال منصور من نابلس رئيسا للجنة العلاقات العامة
- الأستاذ محمد جمال النتشة من الخليل للجنة الثقافية
- الأستاذ إبراهيم أبو سالم من رام الله رئيسا للجنة الأرشيف .
- الشيخ محمد فؤاد أبو زيد من جنين رئيسا للجنة التربوية
- الشيخ فتحي عمرو من الخليل رئيسا للجنة الإصلاح ثم استقبال لأسباب صحية وحل مكانة الأستاذ محمد مطلق .
- الشاعر خضر محجز من جباليا رئيسا للجنة الفنية .
- الأستاذ جمال سليم من نابلس رئيسا للجنة الرياضية
- الشيخ أحمد بحر من غزة رئيسا للجنة الضبط والحراسة
- المهندس عيسي النشار من رفح رئيسا للجنة الهندسية
- الشيخ خالد سعادة من بيت لحم رئيسا للجنة المخزن والمشتريات
- الأستاذ عبد الفتاح دخان من النصيرات بقطاع غزة – عضو .
قامت هذه اللجنة بقيادة المخيم والإشراف عليه في كامل شؤونه السياسية والإعلامية والثقافية والصحفية والفكرية وكذلك الغذائية وكانت هذه اللجنة تلجأ في بعض الأحيان إلى الاستمزاج والاستئناس بآراء الهيئة العامة فنقوم مثلا بعمل تصويت على موقف سياسي أو إعلامي حتى يكون الإقدام على هذا العمل مرضيا للقاعدة رغم قناعة غالبية القاعدة بأى أمر يتخذ حتى ولو لم يستشاروا فيه .
التنظيم والتكافل والعلاقات الاجتماعية
المبعدون في مخيمهم يشكلون مجتمعا مصغرا وهذا المجتمع إن لم يمتع بنظام دقيق فإن صفو الحياة فيه ستتعكر , من هنا كان الحرص الدؤوب من قبل إدارة المخيم على التنظيم والتكافل حتى يستطيع المبعدون استغلال طاقاتهم وتوظيفها خلال الحياة اليومية في مخيمهم .
ولقد تم تكوين عدد من اللجان الميدانية التي ساعدت المبعدين في تدبير شؤون حياتهم وكانت على النحو التالي :
• لجنة الهندسة والتخطيط . تم تكوين هذه اللجنة في اليوم الأول حيث قامت هذه اللجنة باختيار موقع المخيم وهي مكونة من ستة عشر مهندسا بينهم حملة ماجستير في الهندسة والباقي يحملون البكالوريوس وعهد إلى هذه اللجنة وضع حدود للمخيم بحيث لا يجوز تجاوزها وكذلك أشرفت هذه اللجنة على خدمة المبعدين في تنقيل خيامهم بحسب ظروف البر والحر وعهد إلى هذه اللجنة مسؤولية تأمين الدورات الصحية اللازمة .. ووضع حلول لمشكلات جلب مياه الشرب وغيرها من القضايا المتعلقة بمصلحة المبعدين وسلامتهم .
• لجنة المخزن والمشتريات تشرف هذه اللجنة على تأمين الغذاء للمبعدين حيث قامت بإنشاء مستودع يحوي مستلزمات الغذاء وأشرفت هذه اللجنة على استقبال المواد التموينية التي يتبرع بها أهالي القرى والمؤسسات الشعبية وأهل الخير وتقوم بعد ذلك بتوزيع هذه المواد على الخيام توزيعا عادلا منصفا ولعل إطعام مخيم مكون من أربعمائة مبعد ليس بالأمر السهل وكثيرا ما تعرض هذا المستودع إلى الانهيار بسبب الأمطار الغزيرة .
• وكانت هذه اللجنة تشرف على تنظيم المبعدين غذائيا حيث تقوم بتنظيم المبعدين لحمل ونقل المواد الغذائية التي يتبرع بها المحسنون فيحملونها على الأكتاف مسافة طويلة تجاوزت سبعة أميال خاصة أن المتبرعين كانوا يخشون الحضور إلى المخيم بسبب المنع الحكومي .
وبلغت الدقة في مل هذه اللجنة أنها قامت مرة بتوزيع برتقال بحيث حصلت كل خيمة على برتقالة واحدة .ولقد ألحق بمسؤولية هذه اللجنة " كافتيريا" تم تأسيسها في داخل حدود المخيم حيث يقوم المبعدون بشراء حاجياتهم مستلزماتهم .
• اللجنة الإعلامية : استطاعت هذه اللجنة أن تخوض معركة إعلامية مبرمجة لإيصال قضية المبعدين ومأساتهم بكل الطرق والوسائل فعملت على صعيدين الداخلي والخارجي.
• فعلي الصعيد الداخلي عملت هذه اللجنة من خلال التوجيه الإعلامي التعبوي للمبعدين بنقل كل ما يهمهم حول قضيتهم من أخبار وتحليلات وأقوال وتصورات وكانت اللجنة تقوم بتوزيع الصحافة اللبنانية والعربية والعالمية على خيام المبعدين , بل كانت تعقد مؤتمرات صحفية وندوات سياسية وإعلامية للمبعدين بحيث يفسح فيها المجال للاستفسار عن أبعاد وانعكاسا القضية ..
أما على الصعيد الخارجي فلقد تم اختيار ناطق رسمي للمبعدين هو الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الحاصل على ماجستير في طب الأطفال وأحد مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) وتم اختيار الدكتور عزيز الدويك متحدثا باللغة الانجليزية لوكالات الأنباء الأجنبية وهو أحد مبعدي مدينة خليل الرحمن ويعمل محاضرا جامعيا في جامعة النجاح الوطنية بمدينة نابلس وهو حاصل أيضا على درجة الدكتواره في التخطيط الإقليمي .
عمل الطاقم الميداني للجنة في كافة المجالات الإعلامية بحيث تخصص أعضاء اللجنة كل في مجاله فبرز المصور التليفزيوني والمصور الفوتوغرافي والمحللون السياسيون وكتاب التقارير الصحفية والميدانيون الذي كانوا يجرون المقابلات والتحقيقات الصحفية لنشرها في الصحافة المحلية والعربية والعالمية وأتقن آخرون لغة الإعلام التوجيهية للرأي العام العالمي من خلال فعاليات رمزية كما حصل في المسيرة الصامتة التي توجهت إلى معبر ( زمريا) والتي حمل فيها المبعدون ( البالونات) حيث كتب عليها أسماء أطفالهم وتم إطلاقها في الهواء تجاه فلسطين وكذلك كانت جنازة مصداقية الأمن الدولي والتي حمل فيها المبعدون جثمانا رمزيا لمصداقية مجلس الأمن حيث قاموا بدفنه في التراب.
الناطق الرسمي للمبعدين : لقد خاض الدكتور الرنتيسي معركة إعلامية شائكة إلا أن الله سبحانه وتعالي كتب له بحق نجاحا بارا مميزا ولا يعني ذلك أنه لا يوجد بعض السلبيان في العمل فالإنسان بشر يخطئ ويصيب ...
إلا أن النجاح الذي تكلل على يدي الناطق الرسمي كان واضحا فلقد استطاع إيصال رسالة المبعدين السياسية والإعلامية إلى أرجاء المعمورة من خلال المؤتمرات الصحفية والتصريحات اليومية المتزنة التي كانت تبثها يوميا وكالات الأنباء العالمية فاتسم خطابه بالتوازن الدبلوماسي البعيد كل البعد عن الهمز واللمز فخاطب العرب والمسلمين شعوبا وحكومات خاطب الزعماء الغربيين والشرقيين خاطب المؤسسات الدولية والإنسانية قام بإرسال رسائل مناشدة إلى كل من يهمه الأمر من زعماء ورؤساء وسكرتيريه مجلس الأمن ورئيس الجامعة العربية .
لقد خاطب الطوائف اللبنانية باختلاف مللها , حيث هنأهم بأعيادهم الأمر الذي دفع عدد من الزعماء السياسيين بإصدار شهادة حق .. أن هؤلاء الذين يعسكرون في مرج الزهور أساتذة سياسة .
لقد أظهر الدكتور الرنتيسي ثبات المبعدين وإصرارهم على العودة من خلال المحافظة على سخونة القضية عب وكالات الأنباء والصحافة والرأي العام , فلم يترك صحيفة أو إذاعة أو محطة إعلامية تلفزيونية إلا وخاطب العالم من خلالها كاشفا أباعد القضية , مبينا هنمية الزيف والظلم الصهيوني بمنتهي الجرأة والإخلاص فكان مثالا للحنكة السياسية وسرعة البديهة والبراعة في المواجهة وفارتسم على محياه الغضب من أجل القضية والابتسامة العربشة التي تفح باستقبال النتائج الخيرية .
بالنسبة لإنتاج اللجنة الإعلامية فلقد كان ملموسا وظاهرا حيث صور طاقمها الفني ما يزيد عن مأتي ساعة تصوير في كافة النشاطات والفعاليات الإعلامية ممزوجة بصورة الحياة اليومية بحسب تقلبات الطقس وأنتج من بين هذه المادة الإعلامية بعض الأفلام التي تم توزيعها عالميا , ولقد حدثنا الصحافي كمال رشيد رئيس تحرير جيدة الرباط أن شريط المبعدين يتناقله الناس في الأردن من بيت لبيت .
ومن الصور الإعلامية الناجحة التي ساهمت في تفعيل الجماهير العربية والإسلامية مع المبعدين نشر عدد من الخطب التي ألقيت في مخيم المبعدين من قبل المبعدين أنفسهم من أمثال الشيخ حامد البيتاوي خطيب المسجد الأقصى والشيخ محمد فؤاد أبو زيد وهو خطيب في المسجد الأقصى أيضا والأستاذ إبراهيم أبو سالم المحاضر في كلية الدعوة وأصول الدين والدكتور عزام سلهب أستاذ العقيدة الإسلامية في كلية الشريعة والقانون بجامعة الخليل .
حيث كان لهذه الخطب وما رافقها من محاضرات الأثر البالغ في تفعيل الجماهير العربية والإسلامية وبخاصة أبناء المخيمات .
• اللجنة الفنية : أقامت هذه اللجنة العديد من الاحتفالات الناجحة فكانت تشرف على الناشط المسرحي وفرق الأناشيد والأمسيات الشعرية فشجعت الفنانين والمبدعين في مجالات الفن التشيكلي من رسم وزخارف وخطوط وغير ذلك فقامت بتجهيز المواد الخام لهذه الفنون
• اللجنة الثقافية: قامت بالإشراف على النشاطات الثقافية من احتفالات ومهرجانات إسلامية وتاريخية وسياسية فأقامت المحاضرات الدورية والندوان وإجراء المسابقات وأنشأت مكتبة فكرية عامة ومتواضعة تضم ( 600) كتاب تقريبا في التفسير والفقه والحديث والفكر والسياسية والأدب وتشرف اللجنة الثقافية أيضا على الخطابة والتريس فتقوم باختيار خطباء الجمعة وتنظيم أوقاتهم.
• اللجنة الرياضية تشرف هذه اللجنة على تنظيم اللياقة الصباحية والعروض والتمرينات الرياضية وبخاصة أن من بين المبعدين عددا من مدربي الكاراتيه وكرة القدم وفنون القتال وأقامت هذه اللجنة عددا من المهرجانات الرياضية وخاصة في الأعياد.
• اللجنة الطبية : تعتبر هذه اللجنة من اللجان الحيوية والتي تؤدي دورها ليلا ونهارا .. صباحا ومساء حيث تتكون هذه اللجنة من عشرة أطباء وممرضين يقومون ضمن برنامج منتظم بالإشراف على عيادة وصيدلية حيث أشرفت هذه العيادة والصيدلية على المئات من المبعدين وقام أطباء العيادة بعمل بعض العمليات الجراحية المصغرة واستطاعوا أن يمتدوا بخدماتهم إلى السكان اللبنانيين المجاورين للمخيم.
• لجنة الحراسة الضبط : تشرف هذه اللجنة على ترتيب الحراسة في المخيم حيث يشارك في هذه الحراسة كل المبعدين بانتظام بحيث لا يسمحون لأحد دخول المخيم أو الخروج منه خاصة في الليل حيث تقوم هذه اللجنة بمحاسبة المتجاوزين .
• لجنة الأرشيف والتوثيق وتحتضن هذه اللجنة أرشيف المبعدين المكون من يوميات المبعدين وتوثيقاتهم إضافة إلى كل ما صدر عن المبعدين من رسائل وبرقيات مناشدة وتقارير صحفية وكذلك الواردة إلى المبعدين من المؤيدين والمناصرين وتحتفظ اللجنة بأرشيف مصور ليوميات المبعدين ونشاطاتهم.
• لجنة الساحة والعمل التطوعي : تشرف هذه اللجنة على المرافق العامة في ساحة المخيم من مياه ودورات صحية واهتمام بحالة الخيام وحاجة المبعدين لها, وكذلك على عملية النظام والنظافة في المخيم وتعلن عن نشاطات العمل التطوعي لخدمة الآخرين وتجهيز المرافق العامة.
• اللجنة التربوية تقوم هذه اللجنة على الاهتمام التربوي والنفسي تجاه المبعدين حيث يشرف أعضاؤها على الدروس الروحية التربوية والزيارات الهادفة .
• لجنة الإصلاح تكونت هذه اللجنة لمتابعة بعض الخلافات والإشكالات التي قد تحصل داخل المخيم بل كانت تشرف أيضا على تقريب وجهات النظر وتوجيههم فكانت موضع تقدير وإعجاب .
ولقد بهر تنظيم هذه اللجان رجال الصحافة والزائرين لشمولها والتزام المبعدين بتوجيهاتها فكانت لهم خير رفيق على صعيد حياتهم الفكرية والثقافية والعلمية والصحية مما حال بينهم وبين الفوضي والعفوية .
التكافل والعلاقات الاجتماعية
إن قوة التكافل والعلاقات الاجتماعية بين المبعدين نابعة من إخوة الإسلام التي تربوا عليها حيث البسمات المبتدلة رغم صعوبة المكان والحياة اليومية ولم تنقطع بسماتهم أيضا أثناء استقبال محبيهم وزائريهم الذين كانوا يترددون عليهم يوميا وبخاصة رجال الصحافة والإعلام .. لا زلت أذكر كلمات أحد مراسلي وكالة رويتر وهو يقول لى :
- " كم عجبت إلى نفوس المبعدين التي شمخت بالأخلاق الحسنة والسلوك الطبي من خلال تعاملهم مع بعضهم البعض وكذلك مع الآخرين من صحافيين وضيوف تراهم مسرورين يتحلون بالكرم والأصالة يشددون ف بدعوتهم للضيوف والزائرين من أجل إكرامهم بفنجان من القهوة أو كأس من الشاي كل ذلك يحصل بدو تكلف"
وقد تمثلت قوة المحبة والإيثار والمساعدة من خلال علاقات المبعدين اليومية في الصباح والمساء حيث يقومون نهارا بمساعدة بعضهم البعض في الغسل والتنظيف والطبخ وترتيب خيامهم وفي المساء يتعاونون فيما بينهم فإذا مرض أحدهم تراهم يهبون لمساعدته بحمله إلى العيادة أو إحضار الطبيب إلى الخيمة ومن ثم إطعامه والاهتمام به ومساعدته حتى في قضاء حاجته ..
صورة حية جسدتها نفوس مؤمنة بروح الأخوة في الله ... ما أروع مساءهم وهم يخرجون زرافات ... زرافات ليتزاورا فيما بينهم حيث يحيون ليالي السمر يزينها القرآن التعارف وأحاديث العلماء وتزينها أناشيد ومدائح المغردين .. حياة إيمانية متكاملة جسدت روح الترابط الذي لا يكون إلا في مجتمع إسلامي خالص .. وأعتقد بلا شك أنهم يهدفون لذلك تنظيما وتخطيطا وتنفيذا .
الفصل الخامس:المبعدون ومعركة الإعلام
" إن بقي المبعدون في مخيمهم في جنوب لبنان فإنهم سيؤثرون على عملية السلام في الشرق الأوسط وستبقي الأنوار مسلطة عليهم مما يؤثر على تفاعل شعوب المنطقة مع أفكارهم ".
" كان المبعدون في غاية البراعة , بحيث استطاعوا أن يستقطبوا الصحافة العالمية إليهم بأعمالهم وابتساماتهم التي كانت ترتيسم على وجوههم ولم أجد بقعة في العالم استطاعت أن تستقطب كما من الصحفيين كمرج الزهور , المكان الذي يعسكر فيه المبعدون "
توظيف الإعلام
لاشك أن الإعلام بوسائله المتعددة يشكل ضرورة من أهم الضرورات للأمم والشعوب فهو وسيلة نقل الخبر والصورة والحدث بل هو لسان حال الأمة الناجحة التي تحس استعماله فكان الإعلام كما يقول رجال السياسة السلطة الرابعة في التقسيم الدستوري للدولة والإعلام في الفكر والمنهج الإسلامي وسيلة مميزة وحسنة لنقل الدعوة الإسلامية إلى أرجاء المعمورة خاصة أن الله سبحانه وتعالي سخر للإنسان وسائل إعلامية سريعة في النقل والتبليغ مما حدي بالإعلاميين أن يطلقوا على العالم بشعوبه وقبائله ودوله وقاراته المتباعدة ( قرية كونية ) .
جاء حدث الإبعاد ليشكل واقعا إعلاميا مميزا ينبغي أن يوظف توظيفا ناجحا حتى يتم التفاعل مع الحدث ومن ثم تلفت إليه الأنظار سياسيا وإنسانيا وهنا أجمع السياسيون والإعلاميون أن المبعدين استطاعوا أن يوظفوا إعلامهم وإعلام غيرهم توظيفا ناجحا نحو قضيتهم فكانوا مثالا في الروعة والدقة والمنهجية التي تنم عن علم وتوفيق رباني .
ولقد تجلت قدرتهم الفائقة نحو هذا التوظيف أن جعلوا أنفسهم وأرواحهم وفودا لهذا التفعيل الإعلامي حيث واجهوا المدافع الإسرائيلية التي كانت تلقي بقذائفها نحو الحواجز العسكرية الإسرائيلية ورجال الإعلام ينقلون بعدساتهم هذا الشموخ والتحدي الذي يؤكد أن هؤلاء أصحاب حق وقضية .
لقد حدثني صحفي ألماني كان متابعا لمسيرة العودة التي انطلقت يوم 21/12/1992 نحو معبر زمريا حيث شاهد بأم عينه ثبات المبعدين وصمودهم وهم يتقدمون نحو الموت فقال : " لقد كان تقدمكم ونضالكم وأنتم تتقدمون نحو الموت من أبلغ الصور الإعلامية التي جعلت المواطن الأوروبي ينظر لكم بأنكم أصحاب حق وقضية ينبغي أن يهتم بها العالم "
ولم تكن هذه الشهادة الأولي والأخيرة نحو التوظيف الناجح للإعلام بل تبعتها شهادات عديدة لخبراء في الإعلام والسياسة زار بعضهم مخيم المبعدين ونظر عن قرب للفئة التي تمثل في جوهرها قضية حضارية لحركة الإسلام المعاصرة التي تمخض عنها صحوة إسلامية عارمة .
فلقد نقلت إذاعة ( مونتكارلو) عن مجلة ( الليموند) الفرنسية تقريرا مفصلا عن أزمة المبعدين ذلك التقرير الذي قام بكتابته صحفي فرنسي زار المبعدين وأكل وشرب معهم واستمع إليهم حيث جاء في التقرير :" إن هؤلاء بنجاحهم الإعلامي المميز سيؤثرون على الساحة الدولية والفلسطينية وسيزيدون من الإقبال على الأصولية الإسلامية التي تزداد يوما بعد يوم .
ولست من الذين يرتضون أن تطغي الدعاية وشهادات الآخرين على جدية أعمالهم فلقد عشت وشاهدت وساهمت في عملية التوظيف هذه حيث نجح المبعدون في معركتهم الإعلامية التي استطاعوا أن يجعلوها حدثا ساخنا , يشغل شبكات التلفزة العالمية والصحافة والمجالات ونشرات مراكز الأبحاث .
كم كان الأمر في منتهي الروعة وأنت تشاهد الطبيب والعالم والمهندس والطالب الجامعي وهم يعملون جميعا على إيصال قضيتهم عبر التقرير والمقابلة والمؤتمر الصحفي يتحدثون بالعربية والانجليزية والطليانية والإسبانية والروسية وغيرها من لغات العالم يشرحون قضيتهم وقضية شعبهم يتحدثون لشعوب العالم عن مأساة شعب فلسطيني ذلك الشعب شرد عن وطنه بغير حق حيث جعلت الصحافة من أحاديثهم حلقات متواصلة على صفحاتها حدثوا العالم عن سياسة الاستيطان الجهنمية الداعية غلى تهجير السكان والاستيلاء على الأرض عن المعتقلين وسياسة القمع الجهنمية عن ضرب الاقتصاد الوطني الفلسطيني تحدثوا للعالم عن قتل ألاف الأطفال ظلما وعدوانا فنشرتا جريدة ( الحياة اللندنية ) عددا من هذه الحلقات وكذلك جريدة تشرين السورية والسفير اللبنانية والشعب المصية فكانوا رسولا أيمنا في تبلغ دعوتهم ونشر رسالتهم وقضيتهم .
لقد ذكر المبعدون العالم بأن هناك شعبا فلسطينيا يعذب ويشرد تحت قبضة الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي لقد شغلوا ليلهم ونهارهم واستغلوا أوقاتهم ليجعلوا منها جهدا متواصلا لخدمة القضية فابتكروا الوسائل الإعلامية المحركة للرأي العام وقاموا بالمسيرات الاحتجاجية والاعتصامات والنداءات وأرسلوا الرسائل إلى الزعماء والرؤساء والتنظيمات والأحزاب والطوائف وكان لهذا التوجيه الإعلامي المبرمج الأثر الفعال والنتائج الخيرة تجاه قضية المبعدين خاصة والقضية الفلسطينية والحركة الإسلامية عامة.
ومما لفت نظر الإعلام العالمي الإدارة القوية والنفوس الإيمانية المميزة والحماس الملتهب الذي بنبعث من مشاعر المبعدين حيث يعيشون ظروفا إنسانية صعبة ولقد استيقظت مرة في منتصف الليل على صوت هتافات حماسية وأناشيد إسلامية فقلت لعل هناك حدثا جديدا بخصوص قضية المبعدين فإذا بطاقم صحفي وتلفزيوني من اليابان وصل متأخرا حيث اجتمع عليه عدد من المبعدين وبدأوا يهتفون وينشدون ويطلقون العبارات الحماسية ..
آثر هؤلاء الشبان نقل صورة مشرفة عن صبرهم وثباتهم وإصرارهم على العودة بدلا من النوم والراحة حيث نقلوا للشعب الياباني ابتساماتهم وعواطفهم الصادقة وإخلاصهم لقضيتهم رغم غموض مصيرهم مما أسال دموع أحد المرافقين للطاقم الصحفي الياباني .
الخطاب السياسي
لعل الخطاب السياسي من الأمور الشائكة التي ينبغي أن تصدر بحكمة بالغة فلابد من مراعاة العبارات التوجيهية وقياس نتائجها وكذلك كان لابد من البعد عن الأسلوب التحدي في الخطاب السياسي حتى يتسني للمخاطب التفاعل مع الخطاب وأن لا يتحول ضدا من هنا تميز المبعدون في أطروحاتهم السياسية وخطاباتهم ووسائلهم بالتوازن النوعي الذي حافظ على بعد القضية السياسي من جانب وعلي تميزهم وأصالتهم وأستقطب مشاعر الآخرين من جانب آخر .
حرصوا ابتداء على عدم تجريح الشخصيات والحكومات والأحزاب والمنظمات السياسية حتى التي تقف في وجه دعوتهم وتعاملوا مع الأنظمة والزعماء بمنطق المصلحة التي تتطلبها القضية والتي يحافظ من خلالها على سلامة الصف فكانوا مثالا سياسيا ناجحا .
فلقد كان تعاملهم في البداية مع قطاعات الشعب اللبناني أفرادا وأحزابا خاصة وأن لبنان يعيش مجتمعا طائفيا فحافظ المبعدون على خطاب سياسي متوازن حيث أرسلوا رسائل شك وتقدير إلى الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني الذي يرأسه الوزير وليد جنبلاط وكذلك إلى نصارى لبنان بمناسبة العام الجديد حيث هنأهم المبعدون بالعيد وكذلك إلى الشيعة في حزب الله والحرس الثوري الإيراني فلم يتركوا مناسبة أو حدثا إلا وقد جعلوا له خطابا سياسيا يناسبه .
فقد أرسل المبعدون رسالة إلى الحكومة اللبنانية شكروا من خلالها رئيس الدولة ورئيس الوزراء على موقفهم الرائع المتمثل بإغلاق الحدود اللبنانية وعدم إدخال المبعدين إلى الأراضي اللبنانية وطالبوا الحكومة أن تستمر في منعها لأنه موقف مشرف يخدم المبعدين والقضية الفلسطينية ويشعر إسرائيل بعدم قبول سياسة الإبعاد.
وأما على الصعيد العربي فلقد وجه المبعدون رسائل إلى زعماء ورؤساء الدول العربية طالبوهم من خلالها أن يتخذوا مواقفهم في الضغط على مجلس الأمن لتطبيق قرار ( 799) الداعي لعودة المبعدين إلى ديارهم حيث طالبوهم أيضا إلى عدم الذهاب إلى المفاوضات لأن إسرائيل لا تريد سلاما ونقلوا خلال رسائلهم صورة من الممارسات الإسرائيلية التعسفية ضد الشعب الفلسطيني .
كما تم توجيه عدة رسائل إلى رئيس الجامعة العربية ومجلسها تم الطلب من خلالها إلى الاهتمام بالقضية الفلسطينية وسكان أراضي المحتلة وطالبوا رئيسها الضغط على المجتمع الدولي لإعادة المبعدين إلى ديارهم والاهتمام بأحوالهم خاصة أ،هم يعيشون ظرفا إنسانيا صعبا .
وأما على الصعيد الدولي فلقد وجه المبعدون عدة رسائل إلى السكرتير العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي طالبوه فيها بتنفيذ قرارهم رقم ( 799) ومعاقبة إسرائيل وشددوا على عدم التميز في التعامل مع إسرائيل التي تنافي أعمالها اتفاقيات لاهاي وجنيف وغيرها وطالبوا مجلس الأمن أن يأخذ صلاحياته وأن لا يكيل بمكيالين .
كما وجهوا أيضا رسائل لشرح قضيتهم والتعريف بمأساة شعبهم للمجموعة الأوروبية المنظمة العالمية لحقوق الإنسان وللبرلمان الأوروبي وللفدرالية الإيطالية والنقابات والمؤسسات الشعبية الإنسانية فيها كما قاموا بتوجيه نداء لمنظمة المؤتمر الإفريقي في جنوب أفريقيا شرحوا من خلالها عدالة قضيتهم والواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الصهيوني النازي .
كما وجه المبعدون باللغة الإنجليزية خطابا موسعا إلى الشعب الأوروبي والأميركي عبر شبكة ( CNN) تم خلاله مناقشة عدد من الشخصيات السياسية الأمريكية بثا حيا ومباشر, وتم الرد على استفساراتهم .
ولهم يترك المبعدون وسيلة إعلامية إلا ونقلوا من خلالها مواقفهم السياسية وتصوراتهم واستطاعوا من خلال هذه المراسلات الحصول على تأييد الكثير من الآراء ومناصرة الشعوب الأخرى لهم ولقضيتهم .
الفعاليات الإعلامية
قد يبدو التغيير والتلوين في الفعاليات الإعلامية التي كان يقوم بها المبعدون أحد الأسباب التي حققت مكاسب إعلامية فقد أتقنوا لغة الإعلام بكافة صورها وأشكالها مما جعل من القضية حدثا ساخنا متجددا .. وكلما قارب إلى الركود بثت فيه حياة إعلامية جديدة تمثلت في نشاط إعلامي بطريقة مميزة جعل رجال الصحافة يتدفقوا الواحد تلو الآخر إلى خيم المبعدين .
وقد حصرت نشاطات وفعاليات المبعدين الإعلامية في أشكال متعددة كالمسيرة نحو معبر زمريا والاعتصام وهدم الخيام والإضراب عن الطعام أو الصيام وكذلك الجنائز الرمزية و لمجلس الأمن والمؤتمر الصحفي اليوم وخطبة الجمعة الأسبوعية وغيرها ولعل أبرز هذه الفعاليات الإعلامية الأحداث التالية :
•في الحادي والعشرين من كانوا الأول لعام 1992 انطلقت المسيرة الأولي نحو مشارف الوطن حيث معبر زمريا الحدودي وما أن وصلت المسيرة بالقرب من المعبر حتى استقبلتها الدبابات الإسرائيلية بالقذائف المدفعية ورشقات الرشاشات الأوتوماتيكية مما أدي إلى إصابة المبعد ( أمجد زامل) من مخيم عين بيت الماء في نابلس بجروح بالغة في فكه الأسفل وكذلك المبعد ( وائل هندية) من نابلس أيضا والذي أصيب بقذيفة في عضده أدت إلى كسره والمبعد ( سليمان القواسمي) من الخليل حيث أصيب بشظية في يده وكانت إصابته طفيفة ورغم ذلك كله فقد صمد المبعدون صمود الأبطال وهم يرون الموت بأعينهم لقد كانوا منشغلين في الصلاة عندما صرخ أحد المبعدين وأعلن بأن أمجد قد أصيب فانطلق الأطباء نحوه ولم تقطع الصلاة حيث أكمل المبعدون صلاة الظهر والعصر جمعا وقصرا دون أن تتبعثر الصفوف بالرغم من قذائف المدفعية المتواصلة التي استمر سقوطها بجوارهم .
•في السابع من كانون ثاني عام 1993 م انطلقت جموع المبعدين في مسيرة صامتة داخل المخيم حيث رسم المبعدون بأجسادهم أرقام قرار مجلس الأمن ( 799) القاضي عودتهم وحملوا اليافطات التي كتبت عليها عبارات تندد بالتعسف الإسرائيلي وتراخي مجلس الأمن في عدم الضغط على إسرائيل لإعادة المبعدين حيث استمروا مدة ساعة من الزمن وهم تحت المطر الغزير ليعبروا عن سخطهم على المجتمع الدولي ومجلس الأمن وإسرائيل .
•في السابع عشر من كانون ثاني عام 1993 م وبمناسبة مرور شهر على إبعاد المعتقلين من ديارهم نظم المبعدون تصعيدا إعلاميا تمثل في هدم خيامهم جميعها إشعارا منهم برفض العيش في الخيام ومطالبة بالعودة إلى ديارهم حيث توجهوا بعد ذلك إلى منطقة قريبة ن حاجز زمريا في مسيرة صامتة وهم يحملون لافتات كتب عليها عبارات تؤكد على تمسكهم بحق العودة الفورية إلى وطنهم وأطفالهم .
•في الثاني والعشرين من كانون ثاني عام 1993 انطلق المبعدون في مسيرة احتجاجية أخري نحو قرية مرج الزهور حيث حاجز الجيش اللبناني الحكومي وكان الهدف من هذه المسيرة تسليم رسائل احتجاجية إلى الحكومة اللبنانية الحكومي وكان الهدف من هذه المسيرة تسليم رسائل احتجاجية إلى الحكومة اللبنانية وزعماء العالم وعدد من المثقفين المرافقين له في الوقت نفسه منعهم الجيش اللبناني من الاقتراب نحو الحاجز وقد خاطبوا رجال الصحافة والجيش اللبناني بقولهم " نحن نشكر لكم عدم إدخالنا للأراضي اللبنانية ونعلمكم أنه ليس مطلبا لنا فنحن نؤكد لكم رفضنا دخول لبنان حتى لو سمح لنا لأننا لا نريد وطنا سوي فلسطين .
•في الثالث من شباط عام 1993 م توجه . المبعدون في خطاب مباشر عبر شبكة التلفزة الأمريكية (CNN) لشعوب العالم حيث أجرت الشبكة لقاء مع الدكتور عزيز الدويك باللغة الانجليزية تحدث خلاله عن مأساة الشعب الفلسطيني وما يتعرض له وعن قضية المبعدين ومسيرة السلام وأبرز خلال المقابلة موقف الحركة الإسلامية وأجاب في نهاية المقابلة على أسئلة عدة تم توجيهها له من قبل أمريكيين وأوروبيين حيث نالت المقابلة إعجاب المتخصصين واستطاع المبعدون من خلالها نقل مأساتهم للعالم أجمع مما آثار حفيظة اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية . •في الخامس في شهر شباط عام 1993 م وبعد صلاة الجمعة وقف المبعدون وقفة جماعية حيث أقسموا قسم العهد بعدم العودة الانفرادية وعدم القبول بالصفقة الإسرائيلية الأمريكية وكان يوما مشهود ا تجلت فيه روح الترابط والمصير والواحد .
•في النحاس من شباط 1993 واعتصم المبعدون داخل خيامهم حتى الساعة الثانية مساء احتجاجا على تجاهل قضيتهم .
•في الثالث عشر من شباط 1993 م انطلقت جموع المبعدين في جنازة رمزية حيث حملوا فوق أكتفاهم تابوتا كتب عليه مصداقية مجلس الأمن الدولي وسارت الجنازة في ساحات المخيم ثم وضع بعد ذلك التابوت في حفرة وطمر عليها التراب وكان ذلك بمثابة دفن لمصداقية مجلس الأمن الذي يكيل بمكاييل متعددة ومتلونة أراد المبعدون أن يظهروا للعالم أن مجلس الأمن متواطئ مع أمريكا وإسرائيل فلا مصداقية له و لا يستحق إلا الدفن .
•في السابع عشر من شباط عام 1993 م انطلقت مسيرة صامتة نحو منطقة معبر زمريا وقد حملت شعارات ويافطات تندد بالإبعاد وألقت كلمات تطالب بعودة المبعدين الفورية حيث أطلق المبعدون بالونات نحو الوطن حملت أسماءهم .
•أقام المبعدون مهرجانا خطابيا وذلك يوم السابع عشر من آذار عام 1993 م بمناسبة مرور ثلاثة أشهر على عملية الإبعاد حيث ألقيت الكلمات وتم تنكيس علم الأمم المتحدة وإحراق خيمة رمزية احتجاجا على سياسة الإبعاد والتشريد التي ينتهي بها المطاف للعيش في الخيام . •في الثالث والعشرين من آذار انطلقت مسيرة مشاعل في ساحات المخيم حيث كانت بعد صلاة العشاء بمناسبة استقبال عبد الفطر السعيد في المنفي وقد ألقيت فيها الكلمات والهتافات المنددة بالظلم الإسرائيلي .
•في الخامس والعشرين من آذار انطلق المبعدون في مسيرة صامتة نحو الجنوب حيث معبر زمريا وقد حملوا على صدورهم صور أطفالهم وقد كانت هذه المسيرة ردا على مسيرة أطفال المبعدين التي انطلقت من داخل الأراضي المحتلة نحو ( المطلة) حيث الحدود الشمالية فكانت مسيرة المبعدين بمثابة إشعارا لأطفالهم بأنهم قادمون مهما كثرت الحواجز والعراقيل حيث ألقيت في هذه المسيرة عدة كلمات وقصائد شعرية حملت في طياتها حب الوطن والشوق للأهل .
•في السادس عشر من نيسان انطلقت مسيرة الأكفان تلك المسيرة التي تهيأت فيها النفوس للشهادة حيث لبس المبعدون أكفانهم البيضاء وتوجهوا في قلوب كلها صدق مع الله حيث قذفوا بأربع وعشرين قذيفة مدفع أصيب خلالها المبعد ( فتحي قرعاوي ) من مدينة طولكرم بجروح جراء إصابته بإحدى الشظايا المتطايرة وقد سجلت هذه المسيرة صمودا مميزا للمبعدين حيث الصبر والصدق فخلال مقابلات عدة أبدي الكثير من المبعدين عشقهم للشهادة على مشارف الوطن .
•وتحت شعار الاعتصام على مشارف الوطن توجه المبعدون في مسيرة صامتة مساء يوم السادس والعشرين من نيسان نحو معبر زمريا حيث قذفوا بعدة قذائف ولم يصب أحد بأذى وعسكر المبعدون في المكان مدة ستة أيام حيث افترشوا الأرض والتحفوا السماء وقد حوصر المكان بقوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي خوفا من تقدم المبعدين نحو الحواجز العسكرية إلا أن المبعدين كانوا يقصدون من نشاطهم هذا اعتصاما متواصلا بمناسبة ذهاب الوفد الفلسطيني إلى المفاوضات وإشعارا للعالم ومنظمات حقوق الإنسان بأن إسرائيل دولة عنصرية لا تريد سلاما حيث نقلت وكالات الأنباء صورة مأساوية للمبعدين وهم نائمون على قارعة الطريق في زمان الحضارة والمدينة حيث انتهي الاعتصام صباح يوم الثاني من أيار بسبب الأمطار الغزيرة التي داهمت المبعدين فأغرقت أغطيتهم وملابسهم وجرفت أوعيتهم مما تعذر عليهم إكمال اعتصامهم .
•في السابع عشر من أيار 1993 اعتصم المبعدون في خيامهم من الساعة العاشرة صباحا حتى الحادية عشرة قبل الظهر وبعد ذلك توجه المبعدون في مسيرة احتجاجية طافت ساحات المخيم حيث تم توجيه عدد من الرسائل الاحتجاجية إلى السكرتير العام للأمم المتحدة ونداءات إلى الضمير العالمي واستقبلوا خلالها رسائل تأييد ومناصرة .
•المؤتمر الصحفي اليومي : اعتاد المبعدون عمل مؤتمر صحفي يومي حيث يقوم الناطق الرسمي للمبعدين بإعلان موقف المبعدين من الأحداث السياسية المتوالية وبخاصة التي تعلق بالقضية الفلسطينية عامة وقضية المبعدين خاصة حيث يقوم الدكتور الرنتيسي بالإجابة على أسئلة الصحفيين ثم يقوم الدكتور عزيز الدويك بنقل وقائع المؤتمر باللغة الانجليزية وتقوم وكالات الأنباء بنقل وقائع المؤتمر باللغتين العربية والانجليزية .
خطبة الجمعة
شكلت خطبة الجمعة خطابا إعلاميا وسياسيا إضافة إلى كونها خطابا شرعيا وإسلاميا حيث تعتبر خطبة الجمعة في مخيم المبعدين بيانا سياسيا مميزا ونداءا إعلاميا يجتمع إلى سماعة رجال الصحافة والإعلام حيث يلقي الخطبة أبرز سياسي المخيم وعلمائهم كالشيخ حامد البيتاوي خطيب المسجد الأقصى والشيخ الدكتور عزام سلهب أستاذ العقيدة الإسلامية بكلية الشريعة في جامعة الخليل والدكتور أحمد بحر المحاضر بالجامعة الإسلامية بغزة والأستاذ إبراهيم أبو سالم المحاضر بكلية الدعوة وأصول الدين وغيرهم حيث اعتاد المبعدون أن يوجهوا بيانا سياسيا أوتوجيها إعلاميا بعد الصلاة .
وقد سجل الكثير من هذه الخطب عب كاستيات صوتية وفيديو تم توزيعها ونشرها بين جماهير العالم العربي والإسلامي حيث تم توزيع خطبة الجمعة الثانية والتي ألقاها خطيب المسجد الأقصى ورئيس رابطة علماء فلسطين الشيخ حامد البيتاوي فحدثنا أحد القادمين الزائرين للمخيم بأنه وزع منها عشرة آلاف شريط في السعودية وحدها وهكذا تشكل خطبة الجمعة الأسبوعية حدثا إعلاميا فعالا وساخنا يحرك القضية ويذكر المسلمين بواجبهم نحو فلسطين.
شهادات صحفية من قلب المعاناة
مما لا يستغني عنه في عالم السياسة والأحداث رجال الصحافة هؤلاء الجنود الذين يعملون ببراعة فائقة وجرأة عالية تدفعهم شجون مهنتهم ليزحوا بأنفسهم في مواقع الخط وفقدان الأمان فما أوعر طريقهم !
رأيناهم وهم يتقدمون نحو الموت مثل المبعدين في مسيرة العودة والأكفان رأيناهم وهم ينامون في سياراتهم طوال الليل رغم البرد الشديد والثلوج التي تتساقط تلك صورة مبسطة مما شاهدنا في محنتنا .. عايشنا البعض الآخر منهم وهم يقضون أياما بيننا ينامون معنا ويأكلون يشربون ويتنزهون يقضون وقتهم وهم يصورون ويكتبون ويستفسرون مما زادني قناعة بأن مهمتهم رسالة سامية خالد تستحق التقدير خاصة المبدئيين منهم .. الصادقين في نقل الخبر والصورة بكل دقة .
ولأهمية هذه الفئة آثرت أن أجالسهم وأقابلهم وأستمع إلى آرائهم في جريمة الإبعاد وقضية شعبنا الفلسطيني فلم أترك صحافيا عربيا أو أجنبيا إلا حاولت اللقاء معه ففزت بلقاء غالبيتهم كان من بينهم بريطانيون فرنسيون وإسبانيون وبلجيكيون وغيرهم وكان منهم رجال صحافة عرب يعيشون في المهجر هم وصحفهم واهتممت كثيرا بكل ما يقال عن المبعدين من أوصاف وشهادات ليس من باب حب المديح لهم بقدر ما كنت أود الحصول على شهادات للتاريخ من العدو والصديق لتكون شاهدة على المرحلة وهذا بعض منها :
•مراسل شبكة التلفزة الأمريكية (CNN) في الشق الأوسط ( برانت سدلر) قال ( إن المبعدين يعيشون أوضاعا سيئة للغاية حيث الثلوج والبد القارس وسوء التغذية) وحول مواقفهم السياسية ومعنوياتهم قال : ( لقد أجمع المبعدون على العودة الجماعية أمام وسائل الإعلام في استفتاء عام حيث قالوا إننا لن نعود إلا دفعة واحدة وفي نظري أن هذا مطلب شرعي لهم لا شك أنهم يتمتعون بمعنويات عالية فهم متكاتفون متحدون برغم غموض المصير الذي ينتظرهم ) .
•الصحفي البريطاني روبرت فيسك مراسل صحيفة الاندبندانت قال ( كان المبعدون في غاية البراعة بحيث أ،هم استطاعوا أن يستقطبوا الصحافة العالمية إليهم بأعمالهم وابتساماتهم التي كانت ترتسم على وجوههم ولم أجد بقعة في العالم استطاعت أن تستقطب التي كانت ترتسم على وجوههم ولم أجد بقعة في العالم استطاعت أن تستقطب كما من الصحفيين كمرج الزهور المكان الذي يعسكر فيه المبعدون )
•الصحافي الهولندي ( أدريانوس دندرن) مصور ومراسل لمجلة ( فري نذر لانذر) الهولندية ( هولندا الحرة ) وهذه الصحيفة تأسست سرية منذ الحرب العالمية الثانية في حديث مطول معه قال :
"لقد مرغت إسرائيل وجهها بإبعادكم فأنتم أصحاب حق لابد أن تحصلوا عليه ولو كنتم إرهابيين لما كنتم هنا ولكنتم في السجون الإسرائيلية لقد لمست فيكم حب العقيدة والفهم والفكر لم أكن خائفا لحضوري عندكم لأنكم تعلمون عن عمليات خطف الأجانب وبعد حضوري تجدد انطباعي الجيد نحوكم ولم أكن أحمل أيا من الحقد عليكم قبل حضوري وأعدكم أن أكون ناقلا وشارحا لمشاعركم وموقفكم . لقد شاهدكم الشعب الهولندي وأنتم تعانون واعتبر البعض أن هذا خطأ ينبغي ألا يحصل ".
وحول سؤاله عن الظلم الأمريكي قال ( أدريانوس): عندما تذكر ظلم أمريكيا أتذكر المظاهرات التي حصلت في فيتنام والتي عبرت عن الظلم الأمريكي .
ومكث هذا الصحفي أسبوعا بين المبعدين يأكل ويشرب معهم ويشاركهم أحزانهم واحتفالاتهم حتى أنه كان عندما يدخل الخيام يقول لمن فيها السلام عليكم بالعربية رغم أنه لا يعرف شيئا من العربية .
•مراسل إذاعة ( BCC) البريطانية ( جيمي يور) قال: ( إن لصمودكم في هذه الظروف الصعبة أثرا في التأثير على القرارات السياسية المستقبلية نحو قضيتكم وكلما زاد الإصرار والثبات كلما تقدمت قضيتكم نحو الأفضل وأحرجت إسرائيل )
الصحيفة البلجيكية ( مارلين بوذاتيكا) تعمل لصالح التلفزيون البلجيكي قالت : لقد ذهلت وأنا أنظر إلى تكوين شريحتكم علماء أطباء أكاديميون مهندسون كبار في السن شباب في ريعان العمر أدركت عندها كذب إدعاءات إسرائيل بأنكم إرهابيون وزداني ذلك قناعة بأنكم أصحاب حق .
•مصور صحافي استرالي يعمل لصالح مجلة أسبوعية في استراليا مكث في المخيم ثمانية أيام قال : أنتم تتمتعون بخلق حسن وإنسانية عالية لا تفرقون بين عربي وأجنبي الكل يرحب بي يريد أن يستضيفني في خيمته روح المحبة والإخوة تطفوا على حياتكم مما جعلني أجزم أنكم أصحاب حضارة عريقة لا زالت حية على أرض الواقع ..)
•مراسل للتلفزيون الياباني يعيش في القاهرة قال : منذ دخولي المخيم للوهلة الأولي ظننت أنني سأكون محرجا فحسبت أني سأقابل شيوخا متطرفين يصعب الحديث معهم ولكن الحقيقة عكس ذلك فوجدت المبعدين رجال سياسة وصحافة وإعلام يتقنون هذا الفن وكأ،هم متخصصون فيه عجبت لأحدهم وهو يقول ( نحن حريصون على إبلاغ رسالتنا إلى شعوب العالم في كل قارات الدنيا نحن نريد الأمن والسلام للإنسانية ولسنا كما يقول رابين ) عندها أدركت أنكم تتمتعون بعمق إعلامي بارع تجاه قضيتكم ومما أثار في نفسي العواطف والعجب وأنا أنظر إلى بعض الشباب وهم يغنون ويتكلمون بكلمات حماسية فيها القوة والشجاعة فأيقنت بأنكم لستم متطرفين كما يقول الإعلام العربي عنكم ) .
•مراسلة فرنسية تعمل لصالح وكالة الاسوشيتتبرس الأمريكية تدعي ( جورجيت باندي) زارت المخيم ومعها بعض الصحفيين قالت :
•لقد كنت في حرج من أمري قبل حضوري إليكم بسبب نشري تقريرا في الصحافة الأمريكية يصب في صالح منظمة التحرير التي تتمتع برجال صحافة كثر استقبلوني في مدينة القدس حيث لم أعلم شيئا تفصيليا عن واقعكم الحياتي والسياسي إلا القيل ولكنني اليوم أكب فيكم جهودكم وثباتكم رغم الثلج والجوع أكبر فيكم عدم حقكم على المسيحيين حيث قرأت عن تهنئتكم لهم في عيد رأس السنة ووقفت أنظر إلى مواقفكم السياسية المتزنة فخرجت بنتيجة مفادها أنكم أنتم الممثل الشرعي الحقيقي للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة رغم قناتي بأن هذه الشهادة تلغي تقريري الصحفي الذي سبق وأن نشر عن المنظمة ولكن لابد للحقيقة وأن تظهر ولو بعد حين .
• رئيس تحرير مجلة العالم اللندينة الدكتور محمد سعيد الشهابي زار مخيم المبعدين فكانت له وجهة نظر مفادها : " إن صمودكم وثباتكم رحمة ودعوة للإسلام والمسلمين فجلوسكم في هذه المنطقة العازلة المكسوة بالثلوج أثبت للعالم أنكم أصحاب حق شرعي واستطعتم أيضا أن تؤثروا على القرار الفلسطيني وتزيدوا تأجيج الانتفاضة ".
•مسؤول التوجيه الإعلامي في الجبهة الإسلامية القومية في السودان السيد ( يسين الإمام) قال : لا ينكر منكر بأنكم أفلحتم في نقل قضيتكم للعالم أجمع فأثرهم على الساحة العربية والإسلامية والعالمية والإسرائيلية أيضا وكنتم خير رسول لحركتكم الإسلامية إن أبعادكم كشف حقيقة المعادلة الصعبة والتي تسعي إسرائيل إلى تعقيدها وإبعادكم عن الساحة السياسية حتى لا تفكوا رموها ولكن النتيجة كانت عكسية تماما فكان إبعادكم تعرية لإسرائيل وسياستها العدوانية وكذلك فضحا لمشاريع التسوية التي تستهدف التهام فلسطين كل فلسطين بمصادقة عربية وفلسطينية أيضا .
•مراسل جريدة الشعب المصرية ( محمد فايد) قال : أنتم أسطورة القرن العشرين في عطائكم وثباتكم وقوة تفكيركم لقد صنعتم انتفاضة جديدة في الأراضي المحتلة لا بل أثبتم لعالم أنكم دعاة للحضارة والإنسانية لقد تحرك العطاء في نفوس المسلمين جميعا وهم ينظرون إلى عزيمتكم وصبركم بين الثلوج والبرد الشديد .
•فضل شرور مدير عام ( إذاعة القدس ) الإذاعة العربية على طريق تحرير الأرض والإنسان والمسؤول الإعلامي في الجبهة الشعبية القيادة العامة قال : ( لقد أحييتم قضية فلسطين من جديد وأقنعتم شعبنا في الداخل بأن السلام مع إسرائيل سراب فأنتم الثورة والأمل أنتم نبراس شعبنا ولن يهدأ مشوار الشعب ما دام نفسكم وجهودكم وعطاؤكم ينبعث فهنيئا للأرض التي أنبتتكم والأم التي أرضعتكم هنيئا لشعبنا بكم والله معنا ومعكم ومعا على طريق تحرير الأرض والإنسان .
•الصحفي الأردني المعروف راكان المجالي نقيب الصحفيين الأسبق وأحد الكتاب البارزين في جريدة أخبار الأسبوع الأردنية قال : لقد كان لقضيتكم الأولوية في الصحافة العربية والعالمية استطعتم نقلها إلى الشعوب العربية والعالمية وهذا له الأثر النفسي والإعلامي على واقع المسؤولية منظمين مرتبين حتى في حياتكم اليومية وهذا كان له بالغ الأثر في فهم حقيقتكم بأ،كم دعاة حق شرعي لا يجوز تجاوزه . • •" فهد الريماوي كاتب صحفي أردني مشهور له مقالات وكتابات عديدة في الصحافة الأردنية والعربية وبرز في مقالات مميزة عن الحركة الإسلامية نالت الإعجاب والتقدير فهو صاحب مقال ( سيف مسلول لا شيخ مشلول ) يصف فيه شيخ شوق إلى نمور مرج الزهور ) والذي نشر في جريدة أخبار الأسبوع التقيته وهو باسم يتحدث في استرسال مع الدكتور عبد العزيز الرنتيسي فقال ( يعجز لساني عن وصف ملحمتكم البطولية في مرج الزهور مرج الأبطال لقد صنعتم كرامة للأمة العربية في زمن التردي فكنتم خير سفير للقضية ولقد أثبتم خلال عقائدية ثباتكم وصبركم أنكم صناع مرحلة جديدة تستحق الاحترام والتقدير والعرفان لقد جئتم كالبدر في الليلة الظلماء وكالمطر للأرض الجدباء )
•الصحافي جورج حداد أحد رجال الصحافة الأردنية المعروفين قال : ( لقد شاهدت أخباركم وراقبتها من خلال التلفاز والصحافة والصور وشعت بأنكم شريحة مميزة تستحق التقدير والإجلال وكم كنت سعيدا عندما وصلت لأجلس بينكم وأشاهد عن قرب صورا رائعة من عبقريتكم وتنظيمكم وتكافلكم الأخوي فأثبتم للعالم أنكم تستحقون أن تكونوا شامة شعبكم المظلوم لأنكم تكافحون نظرت وتفرست في وجوه بعضكم فوجدت فيها ملحمة جهادية متكاملة وجدت فيها آثارا من مآسي الاحتلال فأيقنت أن هذه النفوس هي نفوس الفجر القادم .
•والشاعر والكاتب والصحافي كمال رشيد رئيس تحرير جريدة الرباط قال : لا أقول مدحا ولا ضربا من الخيال بأنكم جددتم القضية أشعرتم المواطن الفلسطيني في الداخل والخارج بأن هناك قضية تسمي قضية فلسطين .. بأن هناك شعبا يقتل ويشرد أشعرتم العالم بأن عطاء الحركة الإسلامية متدفق لا ينضب رسمتم بثباتكم وصبركم خريطة جديدة للمرحلة .. أقنعتم القاصي والداني بأنكم جيل قرآني صاغته الحركة الإسلامية بعناية فتحطمت أمام إصراركم كافة المؤامرات والتحديات التي تستهدف عمق الأمة .
•الصحافي الأردني سلامة العكور قال : ظننت أن الإعلام قد بالغ في قضيتكم ولكن عن رؤيتكم وجلوسي معكم أيقنت بأنكم قلب الحدث الساخن شاهدت عن قرب قوة عطائكم ونجاحكم في نقل قضيتكم عبر وسائل الإعلام أثبتم من خلال تنظيمكم ولجانكم ووحدة كلمتكم بأنكم أهلا للمسئولية " الصحافي اللبناني سعيد معلاوي مراسل جريدة النهار البيروتية عايش المبعدين منذ يومهم الأول واستمر متابعا لهم ولأحداثهم حيث كان يسمي بالصحافي المبعد خاصة أنه يسكن في قرية ( ميمس ) التي تبعد بضع كيلو مترات عن مخيم المبعدين ويعتب من أكثر رجال الصحافة الذين واكبوا مرحلة الإبعاد قال :
من خلال رؤيتي اليومية لحياة المبعدين خرجت بعدة حقائق إنكم طراز فلسطيني مميز فكرا وسلوكا وأخلاقا أثبتم أنكم أصحاب قضية تحرصون على نقلها إلى العالم ..كنتم نموذجا فريدا حيا للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج جعلتم من حركاتكم وسكناتكم بل من أنفاسكم عطاء إعلاميا مميزا جعل من الآخرين شعوبا وحكاما أن يجلوا مواقفكم وينظروا لكم الفعاليات السياسية والشعبية وإلى الزعماء والمؤسسات الدولية الأثر البالغ في توازنكم السياسي الذي لم تحاصره حزبية ضيقة أو طائفية أو إقليمية فكنتم دعاة وحدة ووطنية صادقة وأدركت منذ اللحظة الأولي أن قوما هذه خصالهم سيعودون إلى وطنهم لا محالة .
الصحافي طاهر أبو حمدان مراسل في وكالة الأنباء الفرنسية كان أحد المشاركين لأهم فعاليات المبعدين وأهمها مسيرة العودة الأولي ومسيرة الأكفان فقال :
لقد ذهلت وأنا أري الشيوخ والشباب يتقدمون نحو الموت والمدفعية الإسرائيلية تقصف بلا هوادة القذائف تتطاير والكل يتقدم دون خوف أو وجل أدركت أن هؤلاء أناس من نوع آخر , إن مهمتي هي التقاط صور هامة لوكالة الأنباء الفرنسية وكلما تقدمت اقتربت من الخطر ولكن مشاهدتي للنفوس والهمم العالية وهي تتقدم نحو الموت وهي باسمة صنعت في نفسي قوة خارقة لأتقدم مع من يتقدم نحو الموت بدون خوف أو وجل فكانت قصتي مع المبعدين قصة تلميذ يتعلم من إخوانه البطولة في مواقع النضال والكفاح وهذه أيام لا تنسي في حياتي .
•في مقابلة مع ( بريك براون) مراسل صحفية الفارديان البريطانية في القدس المحتلة والذي حضر إلى مخيم المبعدين واطلع عن قرب علي أحوال المبعدين الحياتية ونظر إلى نفوسهم وإصرارهم قال :
وكثير من البريطانيين أصبح لهم تحول من تأييد الصهاينة إلى تأييد القضية الفلسطينية حتى على مستوي الدولة ومؤسساتها وأصبح ينظر إلى الخارجية البريطانية أخير بأنها مؤيدة للعرب أمثر من تأييدها لإسرائيل .. إذ أنهم يفضلون النظم المحافظة وحول أزمة المبعدين قال :
"الناس في بريطانيا على العموم والصحافة خاصة لديهم تعاطف مع قضية المبعدين فالمعظم يعتبر أن الإبعاد اعتداء كبير وأعتقد أ، المبعدين تلقوا تصعيدا إعلاميا كبيرا ولكن ليس بقدر المأساة التي يعانونها وحتى أكون صادقا فإن التعاطف البريطاني أقل بالنسبة للحركة الإسلامية لعدم وضوح الرؤية بالنسبة لها وعدم فهم أهدافها ".
وقال لقد استطعتم بثباتكم أن تحافظوا على موقفكم خلال هذه المدة , وحول زويارته للمخيم قال : لقد استمتعت بالزيارة رغم حزني على واقعكم وأفضل أن أزوركم في بيوتكم أو في بيتي وبالنسبة لدور الغارديان في قضية المبعدين قال براون: لقد حافظنا دائما في الأعمدة الرئيسية على أن ما يقوله إسرائيل هو إثارة غير صحيحة وأن عملية الإبعاد لا مبرر لها .
•زار وفد نسوي يمثل مؤسسات أجنبية تعمل في مجالات حقوق الإنسان الخاصة بالشعب الفلسطيني إحداهن بريطانيا تدعي ( كرستين سميث ) تمثل مؤسسة (MAP) وهي جمعية الإنعاش الأولي للفلسطينيين ومندوبتان بلجيكيتان رفضتا توثيق اسميهما وهما تمثلان مؤسسة ( ADED) وهي جمعية الإغاثة للعالم الثالث حيث زرن المخيم ونظرن عن قرب على الواقع الحياتي للمبعدين وقامت دائرة العلاقات العامة في المخيم بتعريفهن بنشاطات المبعدين المختلفة ومرافق المخيم وكان للمؤلف مقابلة معهم حول نظرتهن لواقع المبعدين وقضيتهم ونظرة شعوبهن عن مأساة المبعدين فقالت ( كلاستين) أدهشني في البداية النظام الذي يتمتع به المخيم والمتمثل في الأنشطة اللجان لا شك أنه وقع عليكم ظلم خارج عن إطار العدالة الإنسانية من قبل الإسرائيليين لقد أرادوا بإبعادكم تحطيم معنوياتكم ونفسياتكم ولكن صمودكم وتحديكم لسياسة الإبعاد حاء بمثابة ضربة للسياسة الإسرائيلية التي لم تستطع تحقيق هدفها فيكم .
الكثير من أبناء الشعب البريطاني متعاطفون معكم ويراقبون أخباركم رغم ما يعتريكم من تعتيم إعلامي في الأيام الأخيرة ولكن قضيتكم أكبر من أن تطمس فلقد باتت قضية عالمية.
أما مندوبتا مؤسسة (ADED) فلقد تكلمت إحداهن وقالت : إن الشعب البلجيكي لا يعرف عنكم الكثير بسبب أن التلفزيون البلجيكي لا يعرض عنكم شيئا لأن حكومة بلجيكا مؤيدة لإسرائيل ولكن بعض السياسيين والصحفيين المراقبين لأحداث يعترفون بأنكم أصحاب حق وقضية وينبغي دعمكم لاشك أنكم مثال في الترتيب والنظام والأخلاق وهذا زاد عندي قوة في التفاعل مع قضيتكم .
وإننا نعمل من خلال مؤسساتنا على تجميع أكبر حد من المعلومات حتى يتسني لنا تقديم ما نستطيع من خدمات لزيادة صمودكم وكم كنا نود لو أنكم في بيوتكم بدلا من هذه المعاناة والمأساة التي تعيشونها ونأمل أن لا يطول بقاؤكم .
الصحافة والمبعدون
ما أكثر الصحف التي تحدثت عن قضية المبعدين حيث استحوذ حدث الإبعاد على الصحافة المحلية والعربية والعالمية وكان في ذلك الخير لصالح القضية ونظر العالم من خلال الصورة والتقرير والمقابلة على الواقع المأساوي الذي يعيشه المبعدون في ظل ظروف غير إنسانية وكان لهذا الانتشار الإعلامي الموسع الأثر السيئ على السياسة الإسرائيلية الخارجية مما أثار حفيظة القيادات السياسية والعسكرية في إسرائيل ولقد حرصت أن اقتطف جزءا من هذه الشواهد الإعلامية التي نشرت في الصحافة العربية والعالمية حتى تكون شاهدا على عظمة الحدث .
واخترت من صحافة العدو والصديق ووضعت النصوص كما هي بدون تصرف الهدف من ذلك كله أن يطلع القارئ على العنصرية الإسرائيلية المتمثلة في انتهاكات حقوق الإنسان تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة .
ذكرت العالم اللندنية ف يعددها ( 472) الصادر في 27 شباط 1993م:
"في " مرج الزهور " يصنع تاريخ قضية فلسطين من جديد وتشرق الشمس صباح كل يوم ربيعي لتعلن ميلاد أمل كبير بانفراج القضية لصالح أصحابها الحقيقيين وبين التلال الخالية إلا من أصوات التراشق اليومي بين مجاهدي المقاومة الإسلامية الوطنية والقوات الإسرائيلية تتردد أصداء دعوات المبعدين الذين أثبتوا قدرتهم على إفشال المخططات الإسرائيلية لتصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة .
" العالم" كانت هناك للمرة الثانية في مرج الزهور في فترة كانت تتسم بالتوتر بسبب تصاعد العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية في جنوب لبنان ولم يصدق المرء وهو يشاهد الناشط والحيوية بين الخمسين خيمة التي تضم الفلسطينيين الأربعمائة بين أناس مشردين على وطنهم مظلومين بكل المقاييس والأعراف فالصمود كان طابعهم والإصرار على الموقف والمبدأ كان ديدنهم والاعتزاز بالهوية الإسلامية كان واضحا على ألسنتهم وملامح وجوههم ( إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدي) ولقد أثبتوا حتى الآن أن سلاحهم الإيماني اقوي من سلاح عدوهم المتمثل بالقمع والإرهاب واختراق القوانين والأعراف الدولية .
لقد كانت فرصة ثمينة أن يشعر المبعدون أنهم محطة رعاية واهتمام من جانب الإعلام العالمي وكانوا يستقبلون ضيوفهم بحفاوة ويقدمون لهم من حسن الاستقبال والكرم العربي ما يخجل زائريهم إن في قصص المبعدين أسفارا من المعاناة والظلم وكذلك كثير من الأمل والحيوية والاستعلاء على الجراح إن مرج الزهور يلخص مشكلة فلسطين لأنه أوضح مصاديق المقولة الإسرائيلية على الجراح .. إن مرج الزهور يلخص مشكلة فلسطين لأنه واضح مصاديق المقولة الإسرائيلية المعروفة " أرض بلا شعب لشعب بلا أرض " بدونه يلخصون مهمتهم بإلغاء تلك المقولة ولو كان ذلك على جماجمهم وأشلائهم .
قالت مجلة الهدف , لسان حال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الصادرة في دمشق في عددها ( 1135) الصادر بتاريخ 7/2/1993 م " قصة حقيقة لأناس اقتلعوا من وطنهم وقذف بهم في العراء المر .. يلتحفون السماء ويفترشون الأرض يتابعون دراستهم يطبخون ويتسامرون مساء حول النار وفي النهار يسيرون نحو الوطن الطريق مسدود البنادق موجهة إلى صدروهم والألغام موزعة عند ( معبر زمريا ) يعودون إلى المخيم مساء وهكذا دواليك لن يرحلوا من هذه المنطقة مهما كلف الأمر إلا إلى فلسطين إنها قصة صاغتها أعقاب بنادق الصهاينة وسياطهم خيوط عذاب ونفي بيد أنها قصص فخار لشعب يرفض كل شئ أقل من أرضه ووطنه وأهله .
كتبت جريدة تشرين السورية في عددها الصادر في 27/12/1992 م مقالا بعنوان رجال أم جبال كتبه محمد عباس على حيث قال :
رجال أم جيال ..رجال ؟ أم قطع من صخر ؟ رجال أم أبراج ؟ أولئك الذين يقفون بشموخ .. ولا الأطوار الشامخة .كلنا رأيناهم .. كل العالم رآهم .. عالما جديدا من العظمة .. ولا الراسيات .فوق قمم تلك الذري المكللة يبياض الثلج ولون وجوه الرجال الذين لبوا نداء الوطن والواجب ..فابيضت وجوهم كضياء الحق غيرهم كان يكبر بالصمود .. أما هم فقد كبر فيهم الصمود .
من منا لم يتحسس نبض قلوبهم ؟ ووهج أرواحهم من خلف الشاشات المزدانة بصورهم ؟؟ وأخجل الثلج العاجز عن مس عزائمهم بالرد !! كل ما فيهم بتقيد .. يتدفق ولتهرب العاتية .
لقد واجهوا برد الشتاء وعصف الريح كما كانوا في رحلة صيف وبدوا فرحين في دواخلهم .. لأنهم استطاعوا أن يوصلوا إلى أرجاء العالم رسالة مفتوحة بأجلي لغة عرفها العالم لغة الصمود والتحدي من أجل الحق وعدالة القضية.
وبدوا معتزين بوقفتهم هازئين بشظف معايشتهم كل ألوان الحرمان والقهر التي يحملها الإبعاد القسري ... لأنهم استطاعوا أن يقدموا أغلي فدية عرفتها القضية العادلة قضية فلسطين العربية ..
ولما كان الحق لا يموت ما بقي وراءه مطالب فإن شعبنا العربي في الأراضي المحتلة يقولوا للعالم اليوم .. كلنا مطالبون بحقنا ومستعدون للتضحية من أجل عدالة قضيتنا .. رجالا ونساء .ز أطفالا وأبطالا .
ولتسأل مخارز الصهاينة عن صدق أعيننا التي تقاوم ولتسأل عصيهم عن صلابة عظامنا التي تتقصف وتظل تقاوم ولتسأل بنادقهم الغدارة عن إيمان صدورنا التي يخرقها الرصاص وتظل عامرة صامدة . فيا إخوتنا الذين أنتم هناك , حيث يقتضي الرجولة أن تكونوا لقد كسبتم الرهان .. وفضحتم زيف العدوان واتضح للعالم منبع الإرهاب .. ها هو العالم يستنكر همجية العدو الإسرائيلي ويشهر بفعلته الهمجية .
نعم كسبتم الرهان وكان واحد كم أهم من كتيبة مقاتلة وأخطر من صاروخ موجه.. وأروع من ملحمة ..فلتنعم الأرض ,الأرض التي تنبت هؤلاء الرجال ولتسعد الأرحام التي تلد هكذا أبطالا
ذكرت مجلة فلسطين الثورة لسان حال حركة التحرير الوطن الفلسطيني فتح ( المجلس الثوري ) في عددها (5.4) الصادر في 11/2/1993 م تحت عنوان المبعدون .. صمود أمام الضغوطات وقسم بالعودة الجماعية.. جاء فيه :
يؤكد بعض المحليين أن الصمود الذي يبديه المبعدون وثباتهم على موقفهم , سيدفع العدو الصهيوني في النهاية إلى الخوض غلى أدق تفاصيل الحسابات من حيث الربح أو الخسارة ويعتقد المحللون بأن الكيان الصهيوني مهدد بصمود المبعدين ليختار احدي النارين !
إما أن يصر على الإبعاد وبالتالي يفقد مكاسب استمرار العملية التفاوضية التي هي بكل المقاييس لصالحه وبالتالي يتصاعد الخط البياني للخسائر أو أن يتراجع عن قرار الإبعاد وبالتالي يحقق المبعدون نصرا على أهم الثوابت في السياسة الصهيونية.
نقلت الحرية ف يعددها الصادر في 28/2/1993 تصريح تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يوم 23/2/ أنه لا بديل عن عودة المبعدين وتنفيذ قرار مجلس الأمن 799 ولا بديل عن الانسحاب الإسرائيلي من المناطق المحتلة وضمان الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وفقا لقررارت الشرعية الدولية.
وأن الإدارة الأميركية التي فقدت مصداقيتها في المنطقة بسبب تعاملها بوجه مزودج مع الشرعية الدولية لا تستطيع أن تلعب دور الشريك الكامل في المفاوضات وأنها لا تستطيع أن تخدع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية باستعداد مزعوم لدور الشريك الكامل في تخدع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية باستعداد مزعوم لدور الشريك الكامل في المفاوضات وجدد تيسير خالد مطالبته القيادة الفلسطينية بالانسحاب من المفاوضات .
قالت مجلة الشراع اللبنانية في عددها الصادر في 28 كانون أول 1992م بأن الفهم السياسي يعتبر أن الإبعاد يستخدم من قبل دولة ضد رعايا دولة أخري أو أجانب يسكنون على أرضها فيتم إبعادهم إذا أصبحوا من غير المرغوب فيهم
لكن ما يجري في فلسطين هو عكس ذلك تماما فالمحتل يطرد أهل فلسطين سكان الأرض الأصليين وهو بهذا المعني ليس إبعادا لكنه نفي للإنسان من وطنه من قبل المحتل .
وقالت الراع حول نفسية المبعدين وجلدهم : لقد أقسموا يمينا جماعيا بأنهم سيعودون إلى وطنهم ولو جثثا .
قالت الحوادث في عددها الصادر في 26/1/1993 م بأنه منذ أن احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة الفلسطينيين فقد عمدت لتطبيق سياسة الإبعاد ونزع الفلسطينيين من وطنهم ونفيهم رغما عنهم إلى الخارج فلسطين وذلك خلافا لما جاء في المادتين 47,49 من اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بأوضاع الشعب الواقع تحت الاحتلال الأجنبي .
قالت مجلة فلسطين المسلمة الصادرة في لندن في عددها الصادر في شباط 1993 / تحت عنوان المبعدون يريحون المعركة الإعلامية.
ولا شك بأن المبعدين الفلسطينيين من أبناء حماس والجهاد الإسلامي قد ربحوا المعركة الإعلامية بتفوق وجدارة أزعجت وما زالت تزعج سلطات الاحتلال الصهيوني ومعها كل الذين لا يحبون لصوت الإسلام أن يرتفع في أى بقعة من بقاع الأرض .
روح الصمود والمقاومة والقدرة على تحمل مشاق العيش في بقعة لا تصلح أصلا للعيش فمشاهد المبعدين التي تبثها وكالات الأنباء وأجهزة التلفزة وهم يمارسون حياتهم في تلك الظروف القاسية تلك المشاهد لها وقعها العظيم على الجماهير المسلمة في كل مكان .
إنها أشبه بأفلام وثائقية يومية تقول الكثير عن الإيمان وما يمكن أن يفعله في الإنسان .. تقول الكثير عن إرادة الصمود عند الفلسطيني المسلم الذي رفض وما زال يرفض رغم كل شئ المساومة على أرضه بحجة الواقعية .
هل رأيتم روعتهم وهم يصطفون في الصلاة ودموعهم تبلل لحاهم في حضرة مولاهم وليس رهبة من الموت.. أرأيتموهم وهم ينشدون أناشيد الصمود والنصر القادم.
أرأيتموهم وهم يكتبون رسائل الأمل لذويهم .. أرأيتموهم وهم يتوضئون بالثلج أرأيتموهم وهم يلتفون حول أخ لهم أرهقه المرض ؟ إنها مشاهد رائعة دفعت كاتبا صحفيا إلى القول بأنها تذكره بما كان يقرأه عن الصحابة رضوان الله عليهم .
الجانب الآخر من الإبداع في المعركة الإعلامية التي خاضها المبعدون وذلك الخطاب الرائع الذي استخدموه في حواراتهم وبياناتهم ونداءاتهم ..فهم يتابعون تطورات قضيتهم وأصدائها ساعة بساعة يشكرون الواقفين إلى جانبهم ويحثون الصامتين على الحديث .
يخاطبون المسيحيين في عيد الميلاد بلغة إنسانية رائعة ويتحدثون إلى العالم في رأي التين يشكرون الحكومة اللبنانية على موقعها ويناشدون أهالي القرى المجاورة الرائعين بالا يعرضوا حياتهم للخطر من أجل دعمهم بالمواد الغذائية .. كل هذا يضاعف من احترام الناس لهم ولقضيتهم لأنهم يستحقون كل ذلك الاحترام فبهم ارتفعت راية فلسطين في كل مكان واستعادت ذاكرة العالم صورة شعب كامل يعيش رهنا للقيد والاعتقال على تعدد الأشكال والألوان .
هكذا تحول سكين الإبعاد إلى خاصرة المحتل وكسب المبعدون وقضيتهم تضامن العالم ومؤسساته وكسب الإسلاميون الجولة بوصفهم بشارة الفتح القادم .وبوصفهم الأقدر على حمل عبء القضية والمضي بها صوت أفق التحرير والتمكين بإذن الله .
قالت مجلة الإصلاح التي تصدر في دولة الإمارات العربية المتحدة في عددها (221) الصادر بتاريخ 20/1/93 : إن المبعدين يمثلون نخبة المجتمع الفلسطيني وطليعته المثقفة ويمثلون عصب الانتفاضة وصرختها المدوية علماء ورؤساء جمعيات وأستذة جامعيون وأئمة وخطباء مساجد ولأن اليهود يريدون قتل الانتفاضة قاموا بإبعادهم ..
قالت الحسام الأسبوعية الصادرة في نيقوسيا ف يعددها (59) الصادر بتاريخ كانون الثاني 1993 م:
طوبي لكم أيها المبعدون تبتعدون عن الأرض .. وإلى السماء تقتربون ففي ذكري ميلاد نبي الرحمة تقابلون بكلمة حق الطاغوت عينه .. سيرون على خطا السيد وتنهلون من منهله تحملون راية ثورية .. تتحملون كما تحمل أتباعه المخلصون تجملون الرسالتين رسالة هذه الأمة العظيمة رسالة حق الإنسان بالحرية والكرامة والعدالة تقاومون صفيع بحرارة الإيمان تقابلون جدب الأرض بعطاء النفوس تبذرون في الأرض البور البذرة المعطاء لتحولوا كل الأرض حدائق غناء .
ووراءكم في الداخل يشرع سيف الحق مجاهدون لا يفاضون ولا يساومون وفاء لملايين الشهداء وحرصا على الإنسان . على الأحفاد .. والأبناء فلكم ارتوت هذه الأرض بأذكى الدماء .. والعاقبة للمتقين . أين عظمة الرومان وفحش الفاسقين .؟
لا تخافون نيرون العصر في البيت الأسود فمثله كان أسلافه .. تحملون اليوم كل هموم كل أهل الأرض فملايين الأرواح تؤازركم من ناكازاكي وهيروشيما ... من بنوم بنه .. وبيونغ يانغ .. من لبنان وأفغانستان من فلسطين ومن كل مكان سفحت فيه دماء بريئة اصبروا وصابروا وجاهدوا فليست العاقبة إلا للمتقين
زينت مجلة ( إلى الأمام) التي تصدرها الجبهة الشعبية القادة العامة غلافها الأخير الملون بمقال كتبه ( ميخائيل عيد) تحت عنوان جمهورية مرج الزهور في العدد رقم ( 217) الصادر بتاريخ 18 / 2/ 1993م.. حيث قالت :
يا فرسان الجمهورية الجديدة الأربعمائة : لا أجد منا من يستطيع أن يزعم أننا نشد من أزركم وأنتم الذين شددتم من أزرنا لقد قدم شعبكم الكثير من التضحيات الجسام وأنجز الكثير من المآثر العظيمة عبر تاريخه القديم وفي كفاحه المعاصر على طريق استعادة كامل ترابه الوطني وكامل حقوقه الوطنية وكان لكم كرامة الدماء التي أريقت وأن تغرسوا آلام المعذبين والجرحى والأسري وتطلعات الشهداء في مرج الزهور لتولد منها أزهار جديدة أسماؤها الحرية والعدل والجمال والإنسانية الحق التي لا تقبل عدوا لا ترضي ظلما ولا هوانا وستكون جمهوريتكم جمهورية ( مرج الزهور ) احدي الدروب الواسعة إلى جمهورية فلسطين على أرض فلسطين تحية لكن أيها الرجال يا من حصدتم إعجاب رجال الدنيا وسيحصد الباغون حسكا وقتادا .. وسلاما عليكم إذ تصمدون يوم تنتصرون يوم تعودون إلى الوطن ويعود الوطن إليكم "
وكتب ( فواز عيد) في نفس المجلة في عدد سابق صدر بتاريخ 14/1/1993 قائلا: إنه المرج الذي أفاق فجأة على واقعة لم تعرف المروج الأخرى لها مثيلا من قبل واقعة رجال رفعوا اسم المرج حتى غدا شهيرا شهرة ( برج إيفل) أو شهرة تمثال الحرية , الحرية الأمريكية غير الصالحة للتصدير إنه المرج الذي يتحدي فيه الرجال بجسومهم صلافة جنرال هرم بدأ حياته العسكرية بمجزرة في دير ياسين لينهيها بمجزرة أخري على جبال الثلج وقد اختار هذه المرة مجموعة مثقفة فيها ما يزيد عن مائة وعشرين طبيبا ومهندسا وجامعيا .. إلا أن الذي أذهله هذه المرة صلابة صمود الرجال في العراء صمود الإنسانية أمام عنت الجنرال في متاهة المكابرة.
ذكرت مجلة الأمة الصادرة في بيروت والتي تناصر حركة الجهاد الإسلامي في عددها (11) كانون ثاني 1993 قائلة :
إن إخواننا الواقفين على خط المواجهة في العراء الفاصل بين لبنان المحكوك بأزماته الداخلية وال ضغوطات الدولية وبين لبنان المرتهن في قبضة الاحتلال يواجهون تحدي الإرادة ويمتحنون في قوة بصيرتهم , وإرادة المجاهدين كما علمتنا دائما أكبر من الانزلاق في خدمة المخططات التي تعد لضرب انتفاضتهم التي قدموا فيها زهرات عمرهم ومرج الزهور ليس سوي محطة في دروب الجهاد.
ذكرت مجلة فتح التي تصدرها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح الانتفاضة بقيادة العقيد أبو موسي في عددها ( 282) الصادر بتاريخ 13 /3/1993م
"أإلى هذا الدرك حقا انزلق الوضع العربي حتى بات بالإمكان وعلى مرأى ما لا يحصي من العيون العربية قيام الكيان الصهيوني باقتلاع كوكبة من أبناء شعبنا من وطنها ورميها هكذا في أحضان الموت .. هكذا ببساطة مريبة تعصف رياح العنصرية بما يزيد على أربعمائة فلسطيني دو أن تجد في طريقها غير الكلام المموج والأدعية وبعض الدموع العربية ؟
أنلوم الكيان على فعل إبعاده لأبنائنا أم نلوم الوضع العربي على جريمة صمته أندين لا مبالاة العالم بقضيتنا وشعبنا أم نتوجه بالاتهام الصريح لأنفسنا .
ذكرت مجلة الوسط في عددها (415) الصادر بتاريخ كانون أول عام 1992 والصادر في لندن " أن عملية إبعاد ( 415) فلسطينيا من الضفة الغربية وغزة إلى لبنان هي أكبر عملية من نوعها منذ الاحتلال لهذه الأراضي في عام 1967 فقد أبعد الإسرائيليون عن الضفة وغزة منذ احتلال هذه الأراضي ( 1156 ) مواطنا بينهم 66 منذ بداية الانتفاضة عام 1987 لكن برغم حجم عملية الإبعاد هذه وطابعها المأساوي إلا أنها لن تؤدي إلى نسف عملية السلام والسبب أن الأطراف العربية والفلسطينية تتمسك بعملية السلام وتريد البقاء فيها ولا أحد منها مستعد لتحمل مسؤولية الخروج .
مجلة دويتشة تسايتونع .. الألمانية ذكرت :
"نادرا ما أقحمت إسرائيل نفسها في مستنقع الباطل بمقدار كبير يعادل ما فعلته الآن بإبعادها 415 فلسطينيا إلى المنطقة العازلة في لبنان وأكد المعلق السياسي للمجلة على أن هذه العملية غير شرعية مطلقا كون المبعدين لم تثبت إدانتهم حتى الآن بحجج دافعة وأضاف يقول نادرا ما كان موقف إسرائيل إزاء العرب والفلسطينيين يمثل هذه الصرامة والقسوة والرفض لأي حل وسط مثلما وقع الآن في قبضة هذا الإبعاد الجماعي بل الأكثر من ذلك أن المبعدين قد أعلنوا بدورهم كلمة( لا) العربية الرافضة لكل حل وسط وبشكل تضامني أيضا وبالتالي أصبحوا لا يريدون سوي العودة إلى بلادهم وديارهم لا أقل ولا أكثر .
ولم تلجأ إسرائيل هنا إلى مجرد ارتكاب الجور فحسب وإنما عمدت إلى خلق حالة ملتهبة جديدة أيضا تمتاز بالنزق الجنوبي بل وتصبح واضحة أكثر في جنونيتها عندما يفترض الإنسان جدلا وقوع مثل تلك الحادثة في وسط أوروبا أى حينما نفترض قيام أسبانيا مثلا بإبعاد المتعاطفين مع منظمة الباسك الانفصالية إلى فرنسا ثم تقوم بتحميل حكومة باريس مسؤولية الإبعاد"
الفصل السادس:مؤثرات الإبعاد
لقد كان لعملية اقتلاع أربعمائة فلسطيني من أرضهم ومن بين زوجاتهم وأمهاتهم وأطفالهم وقذفهم في منطقة عازلة بين الحدود الفلسطينية المحتلة والحدود اللبنانية آثار جمة وانعكاسات إيجابية وسلبية كان لها الأثر البالغ على وضع المنطقة سياسيا وإنسانيا وإعلاميا
حيث أثرت هذه العملية على الساحة الفلسطينية الداخلية لا سيما تأجيج الانتفاضة المباركة وكذلك على الساحة الإسرائيلية حيث الإرباك والتخبط السياسي الذي وقعت فيه حكومة رابين وقد أثر الإبعاد أيضا على الساحة العربية والإسلامية والدولية فتفاعلت الشعوب والمنظمات والمؤسسات الشعبية والنقابية مع المبعدين الفلسطينيين مما زاد الاهتمام بالقضية الفلسطينية والمطالبة بإنصاف هذا الشعب الذي يعيش تحت إرهاب الاحتلال تقتيلا تشريعا ونسفا للبيوت ومصادرة للأراضي .
على الساحة الفلسطينية
•لاشك أن سياسة الإبعاد هي أمر مرفوض بالنسبة للفلسطينيين لأنها تمثل عنصرية الاحتلال الساعي إلى تفريغ الأرض من أصحابها حتى يتسني للمهاجرين اليهود الجدد اخذ مواقعهم واستيطان الأرض بغير حق فقاوم الفلسطينيون هذا الأسلوب العنصري بالمظاهرات وتأجيج الانتفاضة وإيقاع الضربات الموجعة في صفوف جنود الاحتلال وخاطبوا مؤسسات حقوق الإنسان لكي تأخذ دورها في تعرية إسرائيل وفضح أعمالها التي تتنافي مع حقوق الإنسان والأعراف الدولية .
• وكشفت عملية الإبعاد هذه الوجه المسود الكالح للاحتلال الإسرائيلي الذي يدعي حب السلام في المنطقة فمنذ عام 1967 م لم تجر عملية إبعاد جماعي بهذا العدد وكان خير رد على الاحتلال بالنسبة لهذا التعسف الإسرائيلي أن تأججت نار الانتفاضة في وجوه المحتلين بطريقة مميزة حيث قامت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس.
يقنص العدد من الجنود وخطف أسلحتهم وإيقاع الخسائر الفادحة في صفوفهم مما أدي إلى تدهور الحالة النفسية للجيش والحكومة أيضا فغدوا يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ والشباب وقد زاد عدد الشهداء عن مائة شهيد منذ عملية الإبعاد ...
وقد الشعب الفلسطيني آلاف الجرحى والمعتقلين في اشتباكات ومظاهرات واحتجاجات مع جيش العدو الإسرائيلي الذي كان يطلق الرصاص ب غير رحمة على الآمنين العزل وأيقن المواطن الفلسطيني أن حقه لا يسترد إلا بالقوة والتضحية فلقد شهدت الانتفاضة الفلسطينية المباركة تصعيدا مميزا تجاه جنود الاحتلال وحكومة رابين وكان عنوان هذا التصعيد.
وهذه العمليات دوما هو المطالبة بإعادة المبعدين وشرح قضيتهم بالدم والأشلاء والجراح وأيقنت حكومة رابين أنها فتحت على نفسها بابا يصعب إغلاقه خاصة وأن المواطنين في المدن والقرى والمخيمات يقبلون على الموت دون خشية فيخترقون نظام منع التجول فلا تخيفهم الدبابات ولا آلاف الجنود ولا الرصاص الوالد يطالب بأبنه الذي أبعد والأبن يطالب بوالده والمرأة تطالب بابنها أو زوجها ملحمة كاملة من كافة قطاعات الشعب تشكلت في تصعيد مميز شهدته الأراضي الفلسطينية وبخاصة القطاع الصامد على مدنه ومخيماته خان يونس رفح مخيم النصيرات وجباليا والشاطئ والمغازي وغيرها .
مفاوضات السلام
وأما على صعيد مفاوضات السلام فلقد تعطلت الوفود العربية والوفد الفلسطيني مدة أربعة أشهر بسبب أزمة المبعدين الأمر الذي أثار حفيظة كرستوفر وزير الخارجية الأمريكي الذي صرح قائلا :"من هي حماس التي تقف أمام أمريكا والدول العربية ومنظم التحرير وتعطل المفاوضات طيلة الأشهر الماضية ؟
ولكنها خضعت في النهاية للضغوط الأمريكية مما يؤكد أهمية قضية المبعدين في الشارع السياسي العربي والعالمي وإن كان الوفد الفلسطيني والوفود العربية قد ذهبوا إلى المفاوضات في السابع والعشرين من نيسان الماضي فإن ذلك لم يكن في صالح الوفود.
خاصة أن الجماهير العربية والإسلامية كانت تراقب الأمر عن كثب مما زاد من حملة الغضب والاحتجاج في الشارع العربي احتجاجا على المفاوضات مع إسرائيل .. تلك الدولة العنصرية التي لا تريد سلاما أيقن المواطن الفلسطيني والعرب أن الوفد تقوم بدور يعاكس الشعوب مما يؤدي إلى حالة من التمرد والانفجار تجاه الأنظمة الحاكمة .
وفي الأراضي المحتلة أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس في بيان مشترك مع الفصائل العشر الإضراب العام يوم المفاوضات ( 27/4) للتأكيد بأن الشعب الفلسطيني لا يريد المفاوضات وفي الوقت نفسه وزعت حركة فتح ( عرفات ) بيانا تطالب فيه الشعب الفلسطيني بعدم الاستجابة للإضراب المعلن وهددت بإفشال الإضراب إلا أن الشعب استجاب لنداء ( حماس ) فعم الإضراب العام مدن وقري ومخيمات الضفة والقطاع حيث كان الإضراب من أقوي الإضرابات ما يؤكد رفض الشعب الفلسطيني للمفاوضات حيث اعتبر أحد المحللين في إذاعة لندن بأن هذا الإضراب مثل استفتاء جماهيريا حول موقف الشعب الفلسطيني من المفاوضات التي جسمته حماس بالرفض .
ولقد برز على الساحة السياسة الفلسطينية تباين واضح بين الوفد الفلسطيني الذي لا يريد الذهاب إلى المفاوضات بسبب الضغط الشعبي المتزايد والمظاهرات الاحتجاجية التي توجهت إلى بيوتهم وبين القيادة الفلسطينية في تونس التي تصر على الذهاب إلى المفاوضات حيث عقدت اجتماعات موسعة بين الوفد وقيادة المنظمة في تونس استمرت في 31 آذار حتى الرابع من نيسان تم خلالها مناقشة أبعاد الجولة التاسعة في ظل وجود المبعدين في مرج الزهور أعرب خلالها الوفد عن خطورة الذهاب إلى واشنطن واعتبروا أن المشاركة في هذا الوقت هو زيادة في شعبية حماس في الأراضي المحتلة وإضعافا لموقف المنظمة وانتهي المطاف باجتماع عمان ودمشق الذي أصر فيه عرفات على الوفد بالذهاب رغم عدم قناعاته .
وأمام هذا الضغط فوجئت وسائل الإعلام بالرفض الصريح والعلني لرئيس الوفد الدكتور حيدر عبد الشافي في عدم رغبته بالذهاب حيث أكد على هذا الرفض في مقابلات مع إذاعة مونتكارلو ولندن ومع الصحافة في مجلة الهدف لسان حال الجبهة الشعبية ومجلة لسان حال الجبهة الديمقراطية ومجلة العالم اللندنية وجريدة الحياة وغيرها من الصحف العربية والعالمية .
وكذلك أعلن الدكتور صائب عريقات نائب رئيس الوفد بأنه لن يذهب للمفاوضات ما دام المبعدون في مرج الزهور حيث صرح ذلك في مقابلة مطولة مع مجلة العالم اللندنية وانسحب د. سمير عبد الله ود. غسان الخطيب من الوفد الفلسطيني لقناعتهم بأن إسرائيل لا تريد سلاما وان الجولة التاسعة إن هي إلا ضغط على الموقف الفلسطيني .
إلا أن ضغط قيادة تونس أثر على الوفد في ساعاته الأخيرة حيث توجهوا للمفاوضات رغم أنفوهم وعدم قناعاتهم وهذا ما صرح به الدكتور حيدر عبد الشافي ليلة سفر الوفد إلى واشنطن وأما بخصوص سمير عبد الله وغسان الخطيب فقد استمرا على موقفهما برفض الذهاب للجولة التاسعة للمفاوضات.
ومما برز على صعيد حركة فتح التي يرأسها عرفات ظهور تيار رافض للمفاوضات تمثل في أهم مجموعاتها العاملة في الأراضي المحتلة وهم صقور فتح والفهود السود الذين وزعوا بيانا أعلنوا فيه عن رفضهم للمفاوضات وبينوا ما يحاك ضد البندقية الفلسطينية من قبل تيار السلام وقيادة تونس التي تطالبهم بتسليم أسلحتهم أو بيعها وفي تطور نوعي لرفض المفاوضات وتوحيد البندقية الفلسطينية تبنت كتائب عز الدين القسام وصقور فتح في بيان مشترك ( 25 نيسان 93) مسؤوليتهم عن العملية المسلحة التي نفذت في قطاع غزة يوم 16 أيار والتي قتل فيها جنديان إسرائيليان حيث اعتبرت الأوساط الإعلامية والسياسية أن لهذه العملية مدلولاتها السياسية عميقة المدى .
وفي الثالث والعشرين من أيار صدر بيان ثان موقع باسم صقور فتح وكتائب عز الدين القسام حيث دعي البيان إلى الوحدة وتصعيد الهجمات العسكرية على الإسرائيليين وقد ناشد البيان الجماهير إلى وحدة الكلمة والنضال والجهاد ضد الأهداف الصهيونية وحمل البيان الذي نقلته وكالات الأنباء البيان العسكري رقم (1).
واعتبرت إذاعة لندن في تقرير لها أذيع مساء يوم الخامس والعشرين من أيار أن هذا تطور خطير تجاه منظمة التحرير وهذا ينم عن انشقاق العسكريين عن السياسيين في فتح مما يؤدي إلى عكس ما يريده عرفات في مرحلته السياسية المطروحة وعلى إثر جريمة الإبعاد أصدرت حركة المقاومة الإسلامية حماس بيانا بتاريخ ( 17/12/1993) كشفت فيه حقيقة الكيان الصهيوني الذي يدعي حبه للسلام ؟واستنكرت حملة التهجير الجماعي الذي أقدم عليه رابين وطالب البيان تأجيج الانتفاضة في وجوه المحتلين.
كما صدر بيان مشترك لحركة حماس والقيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة جاء فيه " إن الأحداث الأخيرة والإجراءات الإسرائيلية الجائرة بحق جماهير شعبنا وخصوصا الهجمة الحالية على حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) والحصار المفروض على أهلنا في قطاع غزة المحتل واعتقال الألوف وإبعاد المئات من أبناء شعبنا الفلسطيني المجاهد وارتكاب المجزرة الرهيبة بحق شعبنا في خانيوس عندما قام الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار عشوائيا على المواطنين مما أدي إلى استشهاد ستة مواطنين وجرح العشرات إن كل هذه الجرائم يتحمل مسؤوليتها الكاملة رابين وحكومته الفاشية مبدع سياسة تكسير العظام وقاتل الأطفال وصاحب سياسة التهجير الجماعي وأمام كل هذه الجرائم التي يرتكبها رابين وحكومته الفاشية ضد شعبنا فإننا نطالب بمحاكمته كمجرم حرب أمام محكمة دولية" وأكد البيان قائلا :
" يا شعبنا المرابط :لقد تم التنسيق بين القيادة الوطنية الموحدة وحركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) لتوحيد الخطوات وتصعيد الجهاد بكافة أشكاله من أجل إعادة الإخوة المبعدين ومقاومة البطش الاحتلالي حيث طالب البيان جماهير شعبنا الفلسطيني بكافة فصائله وطوائفه تنفيذ الفعاليات التالية :
- إلغاء الإضرابات العامة التي كانت قد دعت لها القيادة الموحدة وحماس وتصعيد الجهاد بكافة أشكاله من أجل إعادة المبعدين ومقاومة البطش الاحتلالي .
- الإعلان عن إضرابات مفتوحة في مقار الصليب الأحمر الدولي وخاصة المقر المركزي في القدس
- تقام المسيرات والتظاهرات في كافة أنحاء الوطن المحتل تضامنا مع المبعدين والمعتقلين .
- ندعو القوات الضاربة والسواعد الرامية للتنسيق الميداني تتويجا للعمل الموحد من اجل حرق الأرض تحت أقدام جنود الاحتلال الغاشم.
- نحيي موقف الحكومة اللبنانية في رفض استقبال إخوتنا المبعدين وندعو الجماهير اللبنانية والفلسطينية لإقامة سد بشري لمنع قوات الاحتلال من إجبار أخوتنا تحت تهديد السلاح على دخول الأراضي اللبنانية .
وفي ختام البيان طالبت حماس والقيادة الموحدة جماهير شعبنا بالتضامن الفاعل مع أهالي المبعدين والمعتقلين .
كما أصدرت القيادة الوطنية الموحدة بيانا منفردا بتاريخ 17/12/1992 يوم الإبعاد تحت عنوان القيادة الوطنية الموحدة تدعو لإعادة تقييم مسألة المشاركة الفلسطينية في المفاوضات حيث قال البيان :
" إن ( ق وم) إذ تنظر بخطوة لهذا التصعيد الإسرائيلي القائم على التطبيق العملي لسياسة الترانسفير لتطالب الأمم المتحدة والدول الأوروبية بوجه خاص بالتدخل العاجل لوقف هذه الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا الأعزل واتخاذ الإجراءات الكفيلة بقرض الحماية الدولية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال من خلال التطبيق العلمي لاتفاقية جنيف الرابعة .
وطالب البيان أيضا القيادة الفلسطينية بإعادة تقييم مسألة المشاركة الفلسطينية في مفاوضات السلام التي تحاول إسرائيل استخدامها كيافطة مهترئة لتبرير سياستها القمعية ضد أبناء شعبنا .
كما أصدرت الفصائل الديمقراطية الأربعة في منظمة التحرير ( الجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين) وجهة التحرير الفلسطينية وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني:
بيان سياسيا مشتركا إثر اجتماع قيادي بحثت فيه النتائج المترتبة على الإرهاب الإسرائيلية والترحيل الجماعي لأبناء شعبنا وإصرار الحكومة الإسرائيلية على رفض تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 799 القاضي بعودة المبعدين الفورية والأمانة إلى ديارهم ودعا البيان إلى حوار وطني شامل يضم كافة القوي الوطنية والإسلامية الفاعلة بهدف تعزيز الوحدة الوطنية .
وعقد المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اجتماعا صباح يوم الاثنين 28 /12/1992 ناقش خلاله قضية المبعدين الفلسطينيين والبيان السياسي الصادر في ختام اجتماعات القيادة الفلسطينية في تونس حيث صدر عن المكتب السياسي بيان صحفي طالب بإعادة المبعدين وتطبيق قرار ( 799) وطالب البيان تكثيف الجهود العربية والدولية المبذولة للضغط على الكيان الصهيوني لإعادة المبعدين إلى وطنهم وقد نقلت مجلة الهدف في عددها (1131 ) تفاصيل البيان الصحفي .
واستنكرت الفصائل الفلسطينية العشرة استخفاف القيادة الفلسطينية في تونس بالوحدة الوطنية والحوار الشامل والانسحاب من المفاوضات وقد حيث الفصائل العشر صمود المبعدين وتمسكهم بحقهم في العودة واستهجنت صمت الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى تحدي إسرائيل للقرارات الدولية ودعت إلى تصعيد الانتفاضة وحيث تضامن الجماهير الفلسطينية في المناطق المحتلة منذ عام 1948 مع أبناء الضفة والقطاع .
وعلى صعيد الحركة الإسلامية في داخل المنطقة المحتلة لعام 1948 م قامت الحركة بفعاليات عدة طالبت خلالها بإعادة المبعدين إلى أهلهم وديارهم واعتبرت أن الأسلوب الصهيوني في تهجير المواطنين العرب ينافي الحضارة والإنسانية وحقوق الإنسان وأقامت خيمة واعتصاما مقابل مبني رئاسة الوزراء الإسرائيلي استمر أكثر من خمسة عشر يوما قدموا خلاله مذكرات للحكومة والكنيست الأحزاب الإسرائيلية بينوا من خلالها عنصرية إسرائيل .
كما اعتصمت نساء الحركة الإسلامية برفقة زوجات وأمهات وأبناء المبعدين قبالة الكنيست الإسرائيلي هتفن بهتافات معادية ورافضة للاحتلال الإسرائيلي وطالبن بإعادة المبعدين إلى ديارهم وأهلهم وكذلك نظمت الحركة الإسلامية أيضا مسيرة تضامنية طافت شوارع المدن والقرى داخل المنطقة المحتلة حمل خلالها المتظاهرون صور وأسماء المبعدين على صدورهم وهم يحملون المشاعل ليلا , حيث نقلتها وكالات الإعلام .
وفي الخامس والعشرين من آذار نظمت الحركة الإسلامية مسيرة تضامنية ضمت أطفال المبعدين ونساءهم توجهت إلى ( المطلة) شمال فلسطين ثم أطلق الأطفال خلال المسيرة والاعتصام الذي شكلوه بالونات كتب عليها أسماء آبائهم حيث هتفوا بهتافات تطالب عودة آبائهم وحملوا يافطات كتب عليها عبارات تندد بالإبعاد وحكومة رابين .
على الصعيد العربي والإسلامي
كان للإبعاد إنعكاسات وآثار على واقع الشعوب العربية والإسلامية وكذلك على الحكومات ومن ثم على واقع الحركة الإسلامية وتفاعلاتها في المجتمع العربي والإسلامي وبرز ذك من خلال التعاطف الملموس الذي تناقلته الوفود القادمة لزيارة المبعدين التعرف على واقعهم الإنساني وكذلك من خلال مئات الرسائل التي تم توجيهها للمبعدين بالبريد والفاكس والتلفون وعبر الصحف والمجلات ومن خلال الزائرين وغيرهم والتي تبين مدي تعاطف الشارع العربي والإسلامي مع القضية وكذلك استقبل المبعدون برقيات ورسائل تضامنية من أحزاب وحركات وطنية وطائفية عكست مدي التعاطف والتأثير الذي أصدره المبعدون خلال صمودهم وصبرهم الوفود .
استقبل المبعدون الفلسطينيون فور وصولهم وفدا من الحزب التقدمي الاشتراكي نقل تحيات الوزير وليد جنبلاط للمبعدين وشدوا على أيديهم وقدموا بعض المساعدات .
وتبع ذلك وفد من الجماعة الإسلامي بلبنان برئاسة الشيخ الداعية فتحي يكن والأستاذ إبراهيم المصري وآخرون حيث استقبل الوفد استقبالا حارا ثم ألقي الأستاذ يكن كلمة طيبة حيا فيها فلسطين وأهلها وطالب المبعدين بالصمود والتضحية ووعدهم بالتمكين في الأرض ومما قال :
نحن منكم ومعكم أرواحنا ودماؤنا في سبيل نصرتكم وكانت زيارة أخري لوفد من الجماعة الإسلامية ضم كل من أسعد هرموش والدكتور زهير العبيدي وتبعها زيارة الشيخ فيصل مولوي ومنعت السلطات اللبنانية العديد من وفود الجماعة الإسلامية من كافة المناطق الوصول إلى المخيم واستقبل المبعدون أيضا وفودا وعديدة تمثل علماء ووعاظ لبنان كان على رأسهم مفتي لبنان ومفتي البقاع وزار مخيم المبعدين أيضا وفد من حركة التوحيد الإسلامي التي يرأسها الشيخ سعيد شعبان حيث نقلوا رسالة مكتوبة وجهها شيخ الحركة حيوا خلالها صمود المبعدين وثباتهم .
كما حضر المخيم المبعدين ايضا وفود من حركة أمل وحزب الله والحرس الثوري الإيراني نقلوا خلال زياراتهم مشاعرهم الصادقة وعواطفهم الجياشة حيث قدموا المساعدات الغذائية والإنسانية للمبعدين .
وحضرت وفود أيضا تمثل الفعاليات النقابية والفكرية والثقافية والحزبية في لبنان ونقلوا خلال زيارتهم التحية والإجلال والإكبار للمبعدين الصابرين برز من بينهم الحزب القومي السوري الاجتماعي وكذلك استقبل المبعدون أيضا وفودا تمثل الفصائل الفلسطينية في سوريا ولبنان وممثلين عن المخيمات الفلسطينية حيث قاموا بنقل رسائل مناصرة وتأييد للمبعدين بينوا من خلالها أن ثلة مؤمنة صابرة من هذا الشعب تستحق التقدير والعرفان .
وقد قام وفد من اتحاد الكتاب في كل من سوريا ولبنان وفلسطين بزيارة تضامنية للمبعدين ضمت كلا من على عقله عرسان سهيل إدريس عمر حلمي ممثلين عن الاتحادات الثلاثة وعبروا للمبعدين عن تضامنهم مع نضالهم العادل من أجل حقهم في العودة إلى ديارهم واستنكروا جريمة الإبعاد التي مارستها سلطات الاحتلال الصهيوني بحقهم كما أعربوا عن تضامن المثقفين العرب في سوريا لبنان وفلسطين مع قضيتهم العادلة .
المؤتمر العالمي لدعم المبعدين
انعقد في بيروت المؤتمر العالمي لدعم المبعدين ما بين 15 -17 شباط 1993 حيث شارك فيه عدد كبير من المؤسسات والأحزاب والحركات الإسلامية والوطنية حضره جمع كبير من المثقفين والسياسيين والصحافيين حيث تكلم أكثر من خمسين شخصا حيث عالج المؤتمر بحثا وتوصيات قضية المبعدين المتمثلة في النواحي التالية .
- أجمع المتحدثون على الإشادة بصمود المبعدين وموقفهم البطولي .
- أكد المتحدثون على أن قضية الأربعمائة مبعد في مرج الزهور إنما هي نموذج مصغر لمأساة خمسة ملايين فلسطيني أبعدوا عن ديارهم بفعل السياسة الهمجية للاحتلال منذ بدايته وعلى امتداد خمسة وأربعين عاما .
- أجمع المتحدثون على إدانة الموقف الأمريكي الداعم للسياسة الصهيونية على مختلف الصعيد وكان الإجراء الأخير بتمييع قرار مجلس رقم 799 نموذجا لذلك .
- وأجمع المتحدثون على الإصرار على تطبيق قرار 799 وضرورة العمل بكل الوسائل من أجل عدم غلق ملف المبعدين وإبقاء القضية حية في مختلف الأوساط التجمعات .
- تحدث الكثير من المشاركين عن مفاوضات التسوية مؤكدين على ضرورة وقفها على اعتبار أن الاحتلال الذي يرفض تطبيق قرار 799 لا ولن يطبق القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية .
- طالب العديد من المتحدثين بضرورة عقد مثل هذا المؤتمر في أكثر من بلد عري وإسلامي حفاظا على حيوية القضية .
- طالب أكثر المتحدثين بضرورة توفير شروط الصمود والمقاومة للأهل الصامدين في فلسطين المحتلة حتى تظل جمرة الانتفاضة مشتعلة ورأس الحرية في مواجهة الاحتلال .
- طالب المتحدثون الانسحاب النهائي من المفاوضات على اعتبار أن نتيجتها باتت واضحة في ضوء المعطيات الحالية .
- حيا المتحدثون المقاومة الإسلامية في الجنوب اللبناني تلك التي أعطت دروسا في الجهاد الحقيقي مهما قلت الإمكانات.
- وقد شكل المؤتمر عدة لجان لمتابعة القضية منها لجنة آثار الإبعاد واللجنة الإعلامية وكل ذلك من أجل إبقاء الموضوع حيا
الشيخ ابن باز وقضية المبعدين
أصدر الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي الديار السعودية وأبرز علمائها الأجلاء بيانين دعي فيهما المسلمين إلى نصرة المبعدين خاصة وأهل فلسطين عامة وطالب من خلال البيانين الاهتمام المتوالي والمتابعة الجادة لقضية المبعدين وإنهائها بعودتهم الجماعية وحث المسلمين على مساعدة اسر المبعدين والشهداء والجرحى وبناء على هذا الموقف المفتخر أصدر المكتب الإعلامي لحركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) بيانا ثمن فيه موقف الشيخ ابن باز حيث جاء في البيان :" لقد سرنا وأثلج صدورنا في هذه الأيام المباركة من شه رمضان.
ذلك البيان التاريخي الذي صدر عنكم موجها إلى إخوانكم وأبنائكم من خيار أهل فلسطين, من العلماء والخطباء والدعاة ومن معهم الذين أبعدهم اليهود إلى جنوب لبنان ظلما وعدوانا تشد من عزائمهم تواسيهم في محنتهم الشديدة وتبشرهم بالفرج والنصر بإذن الله وتدعو المسلمين كافة إلى نصرتهم .
كما تلقينا بالتقدير العميق البيان الثاني الموجه من سماحتكم إلى جميع المسلمين لنصرة إخوانكم المبعدين خاصة وأهل فلسطين عامة, بالمال والرجال السلاح والدعاء .. فجزاكم الله خير الجزاء بهذا الموقف المشرف الصريح الذي يضاف إلى مواقفكم المشهورة في نصرة فلسطين والمسجد الأقصى المبارك مما كان له أعمق الأثر في قلوبنا جميعا أما نحن إخوانكم وأبناءكم في فلسطين فإنه ليشرفنا أن نكون خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصي المبارك وعن كل ذرة في فلسطين المقدسة وعن العرب والمسلمين .
ردود فعل في مصر
كان لجريمة الإبعاد انعكاس بارز على الساحة المصرية حيث تميزت عن غيرها من الساحات العربية والإسلامية خاصة أنها تعيش علاقة سياسية مميزة مع إسرائيل متمثلة في تطبيع العلاقات بين الحكومتين وكان للنقابات المهنية ونوادي أعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات والمعاهد المصرية دور بارز في استنكار جريمة الإبعاد وصدرت بيانات عديدة عن أحزاب المعارضة أ‘ربت عن مساندتها وتحيتها للمبعدين مطالبة الحكومات والمنظمات الإسلامية باتخاذ مواقف أكثر إيجابية وفعالية لإعادة المبعدين إلى ديارهم وفرض تنفيذ قرار الأمم المتحدة الصادر بهذا الخصوص على إسرائيل .
كما أصدر الإخوان المسلمون بيانا حول تصاعد الأحداث في الأراضي المحتلة أكدوا فيها دعمهم وتأييدهم لصمود المبعدين داعين الله أن يربط على قلوبهم وقلوب أهليهم ويردهم إلى ديارهم منصورين فاتحين وطالب البيان الحكومات العربية والإسلامية بالدعم الكامل لهم , كما أشار البيان إل أن جريمة الإبعاد لن تثني عزم المجاهدين لأن قافلة الشهداء مهما طالت هي الثمن المطلوب لتحرير الأرض وإحقاق الحق.
وعقدت نقابة الصيادلة مؤتمرا بعنوان ( القرار الصهيوني الغاشم بإبعاد 418 فلسطينيا عن أرضهم ) شارك فيه الدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامي المعروف والدكتور جمال عبد الهادي أستاذ التاريخ الإسلامي اللذان أكدا ان العالم الإسلامي أصيب بالغفلة عن إدراك مخططات الأعداء لضرب الإسلام وناشد المؤتمر الشعوب الإسلامية مساندة إخوانهم المبعدين ودعا صيادلة مصر وشعبها إلى تجهيز قافلة إغاثة للأبطال المبعدين مع السعي لدي الحكومة لإلقاء الأمر العسكري الخاص بمنع جمع التبرعات حتى تستطيع النقابات المهنية مواصلة دورها في مساعدة المبعدين.
كما نظمت نقابة الصحفيين يوما للتضامن مع الفلسطينيين المبعدين وأصدرت في ختامه بيانا طالبوا فيه الحكومة بمواصلة الاتصالات لإعادة المبعدين وأكد البيان أن قرار الإبعاد كشف الممارسات الصهيونية العنصرية اللإنسانية ويتحدي المجتمع الدولي محاولا تفريغ الأراضي الفلسطينية المحتلة من سكانها الأصليين وقد اتخذ الصحفيون قرارا بتشكيل وفد منهم لتسليم مذكرة إلى جامعة الدول العربية تطالبها باتخا موقف إيجابي وفعال يتلاءم وبشاعة الممارسات الصهيونية .
وعلى مستوي نوادي أعضاء هيئة التدريس تواصلت ردود الأفعال الغاضبة المستنكرة لموقف الأمم المتحدة من جريمة الإبعاد حيث عقد نادي أعضاء هيئة التدريس في جامعة القاهرة ندوة حاضر فيها د. يوسف القرضاوي عميد كلية الشريعة بجامعة قطر حيث أكد على وحدة الصف والكلمة في ظل التحديات التي تواجه أمة الإسلام وأكد على ضرورة التفاعل الإسلامي والجهادي الذي تقتضيه المرحلة .
وقد ارتفع دعاء القنوت في معظم مساجد مصر أثناء صلاة الجمعة التالية لإبعاد الفلسطينيين حيث طالب الخطباء أيضا مناصرتهم للمبعدين ودعمهم بكل السبل وقد شكلت نقابة المحامين المصريين اعتصاما تضامنيا مع المبعدين في مقر نقابتهم طالبوا الرئيس المصري حسني مبارك سحب سفير مصر من إسرائيل احتجاجا على سياسة التهجير التي تمارسها حكومة رابين ضد الفلسطينيين وقد شارك في الاعتصام اتحاد النساء التقدمي لحزب التجمع ولجنتا الشؤون العربية والحريات بنقابة المحامين وطلبة جامعة عين شمس واتحاد المرأة الفلسطينية وقد شكل المعتصمون لجنة للمتابعة والنشاط تضامنا مع المبعدين .
من جهتها استنكرت اللجنة الوطنية المصرية لدعم الانتفاضة الفلسطينية جريمة الإبعاد الإسرائيلية بحق مئات الفلسطينيين ودعت في بيان أصدرته إلى اتخاذ موقف عربي موحد ضد الانتهاكات الإسرائيلية وناشدت القوي والهيئات السياسية والشعبية زيادة تقديم الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني وإلى جانب ذلك أقمت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين يوما للتضامن مع المبعدين اشتمل على معرض فني وعرض لفيلم عن الانتفاضة .
وفي السياق نفسه استنكر ممثلوا خمسة عشر منظمة وجمعية واتحاد عربي وأفريقي جريمة الإبعاد الإسرائيلية وكافة الممارسات العنصرية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وطالبا الأمين العام للأمم المتحدة في بيان أصدروه دعوا فيه الدول الموقعة على اتفاقية جنيف للنظر في توفير الحماية للشعب الفلسطيني وقد حمل البيان توقيع ممثلي اتحادات المحامين والعمال العرب والمحامين والفلاحين الأفارقة وعمال مصر والمنظمات العربية لحقوق الإنسان والتضامن الأفروآسيوي ونقابتي الصحافيين المحامين المصريين وجمعيتي الإفريقية للعلوم السياسية والمصرية للأم المتحدة ومجلس السلم لعالمي ولج نة الدفاع عن الثقافة القومية .
وفود مصرية
لم تكتف الفعاليات والنقابات المصرية بالاحتجاجات واستنكار داخل مصر بل أرسلت وفودا تضامنية إلى مخيم المبعدين لمشاهدة الواقع المأساوي الذي يعيشون فقد زار وفد من جماعة الإخوان المسلمين مخيم المبعدين برئاسة الدكتور الشيخ أحمد الملط نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين حيث نقل تحيات شعب مصر ومؤازرته للمبعدين كذلك زار المخيم وفد من نقابة الأطباء حيث شاهد عن قرب سوء الأوضاع الصحية في مخيم المبعدين بل شاركوا في معالجة عدد من المرضي واستقبل المبعدون أيضا وفد نقابة المحامين برئاسة سيف الإسلام حسن البنا حيث استقبلوا استقبالا رائعا ثم ألقي سيف الإسلام كلمة رائعة حيا فيها جهود المبعدين وصبرهم وثباتهم .
كما زار المخيم أيضا وفد من نقابة المهندسين وكذلك وفد من الناصريين حيث ألقي رئيس الوفد الناصري ككلمة قال فيه :" جئنا من مصر لنقبل الأرض من تحت أقدامكم فانتم الممثل الشرعي الوحيد لكرامة الأمة العربية لقد صنعتم المجد والعزة والكرامة فيزمان التخاذل لقد جئناكم لنأخذ لا لنعطي لنتعلم ونتزود من معنوياتكم بهذه الكلمات الطيبة والعواطف الجياشة كانت الوفود تتحدث إلى المبعدين .
فعاليات ووفود أردنية
في الأردن أرض الحشد والرباط استقبل الشعب الأردني خبر الإبعاد بمرارة حيث استشعر أبناء المجتمع الأردني أن ما أصاب إخوانهم الفلسطينيين من تهجير وإبعاد هو بمثابة ضربة في العمق..
حيث يسعي الاحتلال لتفريغ الأرض من أصحابها وتهويدها وأقيمت فعاليات عديدة من مسيرات ومهرجانات مناصرة لتأييد ثبات المبعدين والطالبة بعودتهم حيث انطلقت مسيرة حاشدة من مسجد عبد الرحمن بن عوف في صويلح هتف خلالها الأخوة المحتشدون بإنهاء الظلم عن الشعب الفلسطيني وطالبوا هتف خلالها الإخوة المحتشدون بإنهاء الظلم عن الشعب الفلسطيني وطالبوا الرأي العام العربي والعالمي مؤازرة الشعب الفلسطيني وإعطاءه حقوقه المشروعة كما سارت مسيرة أخري في مخيم البقعة شارك فيها الشيخ والشباب والنساء حيث هتفوا بهتافات المناصرة للمبعدين وطالبوا المؤسسات الدولية وحقوق الإنسان التدخل لإعادة المبعدين إلى ديارهم وأهلهم .
وقد أقام الإخوان المسلمون في الأردن مهرجانا تضامنيا مع المبعدين أقيم في قصر الثقافة في مدينة عمان ( يوم السابع من أيار 1993 ) وقد تحدث في الاحتفال كل من المراقب العام للإخوان المسلمين الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة والناطق الرسمي باسم حماس الأستاذ المهندس إبراهيم غوشة ونائب المراقب العام للإخوان المسلمين الأستاذ المحامي عبد المجيد الذنيبات والناطق الرسمي باسم نواب الإخوان المسلمين الأستاذ إبراهيم مسعود خريسات والنائب حمزة المنصور حيث أشار بعض المتحدثين إلى التآمر على قضية المبعدين وأن الشهور تمضي وهم على ثباتهم بينما تتراجع منظمة التحرير على قضية المبعدين وأن الشهور تمضي وهم على ثباتهم بينما تتراجع منظمة التحرير عن عهودها ووعودها لمفاوضات قبل المبعدين وطالب إبراهيم غوشة بالتزام المنظمة وجميع الأطراف بالإصرار على تطبيق قرار 799 الذي يقضي بعودة جميع المبعدين فورا دون شروط .
ولقد حضرت عدة وفود من الأردن لمخيم المبعدين حيث طافوا داخل المخيم وتعرفوا خلال زيارتهم على الواقع المرير الذي يعيه المبعدون في ظل ظروف إنسانية صعبة وكان من بين هذه الوفود وفد برلماني ضم كلا من النائب حمزة منصور والنائب أحمد الكفاوين وحضر مع الوفد الأستاذ إبراهيم غوشة الناطق باسم حركة حماس.
كما حضر وفد برلماني آخر ضم كلا من الدكتور همام سعيد والنائب عبد الرحيم العكور حيث استقبلهم المبعدون استقبالا حارا ,كما حضر وفد طبي أردني ضم عددا من الأطباء والنواب حيث كان من بين الحضور الدكتور على الحوامدة والدكتور عدنان الجلجولي وآخرون كما زار وفد من رجال الصحافة الأردنية المخيم حيث ترأس الوفد الصحافي المعروف راكان المجالي وضم الوفد كل من الصحافي سلامة عكور وفهد الريماوي وكمال رشيد وجورج حداد وسميح معايطة حيث تحدث إلى رجال الصحافة إلى المبعدون واستمعوا إلى اللجنة الإعلامية عن الدور الإعلامي الذي يقوم به المبعدون رغم حصارهم القاسي .
حيث نقل الوفد تحيات الشعب الأردني إلى المبعدين وقد حملهم المبعدون أمانة تفعيل القضية في الصحافة والإعلام وفضح وجه إسرائيل الكالح.
وقد تفاعلت الشعوب العربية والإسلامية مع قضية المبعدين فأرسلوا التبرعات وأقاموا مهرجانات التضامن والمناصرة وتحدث الخطباء مطالبين دعم المبعدين والدعاء لهم وكذلك مناشدين مؤسسات حقوق الإنسان لإنهاء أزمتهم وإعادتهم إلى أهلهم وديارهم .
وحضر وفد إعلامي من السودان برئاسة ياسين الإمام حيث تحدث للمبعدين وأشاد في ثباهم وصبرهم ووصل العديد من رسائل المناصرة والتأييد من قبل دعاة الإسلام فلقد وصلت رسالة مناصرة وتأييد من الإخوة في الكويت حيث حضر من طرفهم الأخ ( أحمد دبوس ) نقل خلال زيارته تحيات الإخوة في الكويت ومناصرتهم ودعمهم للمبعدين .
كما حضر وفد من جمعية الإصلاح الاجتماعي في الإمارات العربية المتحدة وقد وصلت رسائل مناصرة تأييد من الحركة الإسلامية في اليمن وليبيا ووجه الأستاذ راشد الغنوشي رسالة تأييد ومناصرة على التلفون حيا فيها صمود المبعدين وثباتهم وأثر هذا الصمود في دعم الحركة الإسلامية العالمية .
كما وجه الدكتور أحمد نوفل رسالة تأييد ومناصرة إلى المبعدين ثمن فيها صمودهم الأسطوري وتحديهم للرصاص الصهيوني الغادر على مشارف الوطن كما وصلت أيضا رسائل مناصرة من يوسف إسلام والشيخ محمد عبد الرحمن خليفة والأستاذ مصطفي مشهور محمد المأمون الهضيبي والدكتور إسحاق الفرحان والجاليات الإسلامية في أوروبا وأمريكيا حيث تحدثت هذه الرسائل عن أهمية القضية الفلسطينية ودور الحركة الإسلامية فيها وكذلك عن صمود المبعدين المشرف وإنعكاساته على الساحة الفلسطينية .
وضمت الصحافة العربية والإسلامية في صفحاتها المقالات والمقابلات والتحقيقات الصحفية التي تعالج وتتحدث عن أزمة المبعدين وكان للقضية الأثر البالغ في زيادة تفعيل عطاء الصحوة الإسلامية حيث بدأ الكثير من أبناء المخيمات الفلسطينية في سوريا ولبنان والأردن بالإقبال على الحركة الإسلامية والاقتناع بطرحها من خلال رؤيتهم لثبات المبعدين الذين يعتبرون صفوة أهل فلسطين .
وثبت لدي جماهير الصحوة الإسلامية في العالم العربي والإسلامي أن إبعاد الفلسطينيين كان من أجل تمرير مدريد فأرادوا تفريغ الساحة الفلسطينية من هذه الثلة المؤمنة ولكن ثبات المبعدين في ظل الظروف الإنسانية الصعبة أقنع المواطن العربي أن هؤلاء هم حماة فلسطين الحقيقيون وكان لتصميم المبعدين في عدم العودة متفرقين أثار هاما وحساسا على النفسية الممزقة في الشارع العبي فبدأ المواطن يشعر بنشوة الكرامة والتحدي والانتصار في زمان الهزيمة والتخاذل .
على الصعيد الدولي
ما من شك أن قضية المبعدين الفلسطينيين قد طرقت آذان المجتمع الدولي حيث خطفت أبصار المراقبين والمواطنين في لشارع الدولي مما جعلها تتبوأ مكانة مرموقة في سلم الأحداث العالمية مما حدا بوكالات الأنباء وشبكات التلفزة العالمية إرسال مراسيلها بكثافة لنقل واقع المبعدين عن قرب ومن خلال المأساة .
لقد كان الانعكاس الحدث على الساحة الدولية الأثر البالغ في تذكير المجتمع الدولي بقضية شعب فلسطين هذا الشعب الذي يقتل كل يوم وتمارس ضده أساليب القمع البشعة فكان لابد وأن تطفوا هذه الممارسات اللإنسانية على السطح حتى تكون واضحة جلية أمام المواطن الأمريكي والأوروبي وكذلك الشرقي الذي يعيش في روسيا أو شرق آسيا .
إن إسرائيل خلال حقبة من الزمن استطاعت أ، تقنع شعوب العالم بأنها دولة حضارية تلتزم بالأعراف الدولية وتتقيد بقوانين حقوق الإنسان وأشعرت الأمم والشعوب بأنها دولة مظلومة وأن الشعب اليهودي شعب يمارس ضده كافة الأساليب النازية وبدأت إسرائيل تخاطب العالم بأنها تتعرض لحملات لا سامية وبات الأمر ينطلي شيئا فشيئا على دعاة حقوق الإنسان والشعوب التي لم تمارس أى نوع من العلاقة مع إسرائيل ولكن الشمس لا تغطي بغربال كما يقال :
فلقد انقشع الضباب وبانت سوأتها أمام شعوب العالم بطوائفه وأجناسه تعرفت الأمم والشعوب على حضارية إسرائيل من خلال قتل الأطفال وهدم المنازل بالصواريخ والاعتداء على النساء وطرد الآمنين العزل من منازلهم وأوطانهم .
جاءت عملية الإبعاد لتكشف حقيقة العقلية الإسرائيلية العنصرية التي أعطت صورة للنازية الجديدة .. والتي برهنت على لا سامية الزعماء الصهاينة هؤلاء الذين يستجدون العطف من شعوب العالم واستطاعت الشعوب الغربية أن تقدر حجم المأساة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني تحت وطأة الإرهاب الإسرائيلي .
وبدأت تنشأ جمعيات ومؤسسات إنسانية غربية لتدافع عن الشعب الفلسطيني المظلوم وبخاصة المبعدين الذين يعيشون في ظروف إنسانية صعبة ولا زلت أذكر زيارة الوفد الإيطالي لمخيم المبعدين ذلك الوفد الذي يمثل الفعاليات النقابية والشعبية والبرلمانية الأكاديمية في المجتمع الإيطالي حيث تعرف الوفد على واقع المأساة والمعاناة التي يتعرض لها المبعدون بين الجبال والثلوج وقدموا بعض المساعدات الإنسانية للمبعدين وهبة مالية مقدارها عشرة آلاف دولار ونقلوا عواطف الشعب الإيطالي الصادقة تجاه المبعدين من خلال ملف جمع عشرات الصفحات المكتوبة عن دور هذه الفعاليات ونشاطاتها من أجل دعم قضية المبعدين وكنت شاهد عيان على وداع الوفد للمبعدين حيث سالت الدموع من عيون رئيس الوفد عنوانا على صدق المشاعر تجاه المبعدين وقال وهو يلوح بيده مودعا سأجعل من نشاطي وحياتي النقابية والثقافية خدمة متواصلة للدفاع عن شيخ الانتفاضة أحمد ياسين .
وفي بريطانيا شكلت مجموعة من أبناء مدينة ليدز جمعية يوركشير للتضامن مع المبعدين الفلسطينيين الذين ترفض إسرائيل إعادتهم إلى ديارهم وتضم الجمعية أساتذة جامعيين ومحاضرين وطلبة ورجال أعمال وأطباء وأعضاء في البرلمان البريطاني وقال ( ستيوارت بروس ) رئيس الجمعية في تصريح لوكالة قدس برس في لندن إن المبعدين ضحايا الاحتلال الإسرائيلي وأضاف قائلا :" من غير المعقول أن نبدأ بتشريح الضحية وأنا برأيي إن الاحتلال هو أعنف من أى تطرف لأنه وبكل بساطة يحرمك من حقك في الحياة ".
وأكد ( سام رأيت) أحد نشطاء الجمعية أن على كل بريطاني يؤمن فعلا بالديمقراطية وحقوق الإنسان أن يتبني قضية المبعدين وأن يعمل ما في وسعه من أجل عودتهم إلى وطنهم وأطفالهم وقالت ( شيلي ) التي انتسبت إلى الجمعية لرغبتها في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية إنها بدأت بالتعرف على القضية الفلسطينية عند اندلاع الانتفاضة وذلك في عام 1988 ووصفت عملية الإبعاد بأنها " صرخة جديدة لهذا الشعب المتجدد في نضاله وعذاباته " وأضافت " إن العالم لا يزال يصم أذنيه عن ممارسات إسرائيل ومأساة الفلسطينيين ومن هنا يأتي دورنا وهو أن نحمل صرخات هذا الشعب إلى العالم الذي نعيش فيه ".
وقال _ (جون جي ) السكرتير العام لجمعية التضامن مع الفلسطينيين والمسئول الإعلامي لجمعية الصداقة العربية البريطانية : إن قرار إسرائيل إبعاد (415) فلسطينيا غير شرعي ومخالف للقانون الدولي وليس لها أى حق في إبعاد أى مواطن من أرضه وردا على سؤال لمراسل وكالة ( قدس برس) حول موقفه من الدعاية الإسرائيلية التي تؤكد أن المبعدين ( متطرفون ) وضد السلام قال :
" يجب أن لا نفكر فيما إذا كان كلام إسرائيل صحيحا أم خاطئا لأن هذه ليست هي المشكلة فحتي لو كان هؤلاء متطرفين على حد زعم إسرائيل فإنه متطرفون في وطنهم في وطنهم – فلسطين – والذي لا حق لإسرائيل باحتلاله أو طردهم منه و وأضاف :" نحن نتحدى إسرائيل أن تثبت إدانتهم عبر محاكمها وقال إن للمسألة بعدا آخ هو البعد الإنساني وتساءل " إنني لا أدري كيف يتقبل العالم المتحضر بقاء أكثر من ( 400) إنسان في منطقة خالية .. لا ماء ولا طعام ولا عناية صحية ليس إلا الثلوج والأمطار والرياح .
وكان لجمعية يروكشير نشاطات ميدانية بارزة لخدمة المبعدين ففي السابع عشر من نيسان 1993 م شكلت اعتصاما تضامنا مع المبعدين شارك فيه المئات من البريطانيين وذلك بمناسبة مرور أربعة أشهر على إبعادهم وسأتنكر المعتصون من مختلف فئات المجتمع البريطاني التباطؤ من جانب المجتمع الدولي لحل قضية المبعدين وفق قرار مجلس الأمن رقم (799) وقالت _ (أنجلا دايل) وهي ربة بيت كانت تتجول وسط مدينة ليدر عندما لاحظت الاعتصام وقررت المشاركة فيه قالت لمراسل ( قدس برس) إنها على الرغم من كونها يهودية إلا أن ذلك لم يمنعها من المشاركة في الاعتصام من أجل تحقيق العدالة للفلسطينيين وأعربت ( أنجلا) عن أسفها لازدواجية الغرب في التعامل مع قرارات مجلس الأمن الدولي خاصة تلك التي تخص قضايا الشرق الأوسط.
وسلم المعتصمون عريضة للنائب البريطاني ( جون جانل) الذي شارك في الاعتصام بغية رفعها لمجلس العموم البريطاني ووزارة الخارجية تحثهما على ممارسة قدر أكبر من الضغط على إسرائيل كي تنصاع لقرار مجلس الأمن .
وقالت ألسون براننج ( 18 عاما ) وهي طالبة في جامعة برادفورد وتعد بحثا أكاديميا حول الأطفال الفلسطينيين ومعاناتهم إن اهتمامها بالفلسطينيين بدأ من خلال معايشتها لقضايا المعتقلات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية ومن ثم وجدت نفسها تنتقل من مأساة إلى أخري وعند كل مأساة تؤمن أكثر بعدالة قضية فلسطين " وكانت براننج تحمل في الاعتصام بالونا كتب عليه اسم ( إياد صلاح)وهو أصغر المبعدين سنا ويبلغ من العمر ( 18 عاما أيضا) .
وأبدي ستيوارت بروس رئيس الجمعية إعجابه لاهتمام البريطانيين المتزايد لقضايا العدالة وحق الفلسطينيين في التخلص من الاحتلال وقال إنه منذ عملية الإبعاد أتيح للبريطانيين أن يقرأوا ويسمعوا عن القضية الفلسطينية بشكل يومي وكانت الإذاعة البريطانية في مدينة ليذر قد أجرت عدة مقابلات مع المعتصمين ووجه هؤلاء رسائل تحية المبعدين في مخيمهم بمرج الزهور .
وبلغ التعاطف أشده م المبعدين وقضيتهم حيث زارت المخيم مندوبة استرالية ممثلة للغرف التجارية والصناعية في استراليا حيث نقلت للمبعدين تحيات الشعب الاسترالي ومؤازرتهم للقضية بل وزار المخيم أيضا مندوبا عن منظمة المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقا حيث نقل تحيات ( نلسون مانديلا)المناضل الأفريقي وشعبه للمبعدين وسلم المبعدين كتابا رسميا يحمل توقيع سكرتيرته المنظمة يشد فيه على أيدي المبعدين وثباتهم ويطالب المجتمع الدولي بالتدخل لحل القضية .
وحضرت وفود عديدة من مناطق مختلفة تحمل رسائل المناصرة والتأييد واستقبل المبعدون العديد من البرقيات والرسائل التلفونية التي تحي صمودهم وثباتهم فكان لها بالغ الأثر .
وأثر واقع المبعدين وعلاقاتهم ببعضهم البعض نفسيا وعاطفيا على الغربيين الذين كانوا يزورون المخيم ففي تصريح لمندوب اللجنة الدولية للصليب الأحمر والذي زار المخيم أكر من مرة وبخاصة عند نقل الجرحى والمبعدين بطريق الخطأ قال : لم أر في حياتي قط مشهدا أثر في كالمشهد الذي رأيته عندما شاهدت المبعدين وهم يودعون زملاءهم العائدين والدموع تسيل من عيونهم وهم يعانقون بعضهم البعض ومن ثم يصلون على الأرض صلاة الشكر وشاركه هذا الموقف أيضا أحد الضباط البريطانيين الذين قادوا الطائرات المروحية حيث نقلت مشاعر الضابط المذكور عبر إذاعة لندن وهو يصف حالة الترابط العاطفية بين المبعدين .
ولقد نقل الكثير من رجال الصحافة الأجانب مثل هذه المواقف عبر تقاريرهم ومراسلاتهم وأكدوا للعالم أن الشعب الفلسطيني شعب ظلم من اليهود ولا زال وينبغي أن يعطي حقه في العيش كغيره من الشعوب أن يمارس حياته بأمن وطمأنينة.
على الصعيد الإسرائيلي
لقد كان لأزمة المبعدين آثار جملة على المجتمع الإسرائيلي حكومة وأحزابا وتمثل ذلك ف يعدم استيعاب حكومة رابين لنتائج الخطوة المنافية للأعراف الدولية والتي تمثلت في اقتلاع أكثر من أربعمائة فلسطيني في جنح الظلام وإلقائهم في المنطقة العازلة في الجنوب اللبناني .
وكان رابين يعتقد أن عملية الإبعاد هذه ستمر مثل عيرها بحيث يتم استيعاب هؤلاء المبعدين ف يداخل المجتمع العربي سواء كان ذلك في لبنان أو سوريا أو مصر أو الأردن وبذلك تأخذ بعدا إعلاميا لا يزيد عن أيام ثم تنسي القضية وتذوب كغيرها .
إلا أن الرياح جاءت بعكس ما تشتهي السفن فلقد توافق قرار حكومة لبنان والقاضي بمنعهم دخول الأراضي اللبنانية مع قناعات المبعدين إصرارهم على العودة إلى وطنهم والتي ترجمت بمسيرة العودة
فصبروا في ظروف صعبة حيث وظفوا الإعلام العالمي لخدمة قضيتهم وفضح إسرائيل مما جعل رابين يعض على يديه وأظهرت هذه العملية لخلاف الوزاري في الحكومة بل كشفت حقيقة القضاء الإسرائيلي وكذلك فتحت صراعا سياسيا بين إسرائيل والمجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن وقراره ( 779) القاضي بعودة المبعدين هذا سوي العديد من الضربات العسكرية التي قامت بها حركة حماس تجاه الجنود الإسرائيليين.
رابين وقرار الإبعاد
يجمع السياسيون أن قرار الإبعاد كان متسرعا ولم يكن حكيما وجاء كردة فعل سريعة لحادث إعدام الجندي الإسرائيلي من قبل حركة حماس ويقينا أن قرارا جاء بهذه السرعة سيكلف الحكومة نتائج صعبة على كافة الأصعدة ولقد أبعد الفلسطينيون في اليوم الذي صدر فيه القرار حيث لم يكن هناك لحظة انتظار كي تحسن من خلالها إسرائيل التصرف وقد يبدوا لبعض السياسيين أن عملية الإبعاد كانت شبه مرتبة في العقلية الرابينية قبل اختطاف ( نسيم توليدانو) ولذلك خدمة لعملية السلام التي صرح رابين بأن حماس تسعي لتعطليها وقد ظهر ذلك في بيان الحكومة الصادر بشأن الإبعاد في 17/ 12/ 1992 على لسان ديوان رئيس الحكومة ونقلته جريدة دافار الإسرائيلية بتاريخ 18/12/1992 م وهذا نصه :
- قررت الحكومة في جلستها أمس أنه إزاء أعمال الإرهاب الإجرامية التي تهدف إلى الإضرار بشكل دولة إسرائيل وتخريب عملية السلام يجب اتخاذ خطوات ضد منظمات القتل والإرهاب الإسلامية – الأصولية عدوة السلام.
- إن الحكومة في ضوء وجود وضع طوارئ ومن أجل الحفاظ على أمن الجمهور وأمن المناطق قررت في جلستها أن تفوض إلى رئيس الحكومة ووزير الدفاع منح القادة العسكريين لمناطق يهودا والسامرة وغزة صلاحية إصدار أوامر تتلاءم م ع متطلبات الأمن الفورية الضرورية في شأن إبعاد مؤقت فوري للمحرضين من سكان المنطقة الذين يهددون بأعمالهم حياة البشر أو يحرضون على مثل هذه الأعمال .
- تقرر أن يحدد القادة العسكريون فترة الإبعاد المؤقت وألا تكون هذه الفترة أكثر من عامين .
- يحق لمن يشمله هذا الإبعاد أن يعترض خلال 60 يوما على إبعاده أمام لجنة خاصة عن طريق أفراد عائلته أو محاميه على أساس القواعد التي ستحدد في الأوامر .
- تؤكد الحكومة أنها تتمسك بعملية السلام حتى النهاية وأنها لا تنوي التوقف عن مواصلة المفاوضات التي تجري هذه الأيام في واشنطن وتري الحكومة السلام هدفا ركزيا في سياستها .وفي موازاة عملية السلام تؤكد الحكومة بأنها ستشن حرب إبادة على الإرهاب بأنواعه وستضرب الذين يلحقون الضرر بمواطنين إسرائيل وبعملية السلام"
ويظهر من خلال نظرة أولي لبيان الحكومة أن القرار كان ينطوي عليه عدة أمور أهمها حرص رابين على عملية السلام والمفلت للنظر أنه جعل القادة العسكريين هم الذين يختارون أسماء المبعدين ويحددون فترة الإبعاد بحيث لا تزيد عن عامين لأن رابين كان يعتقد أن مشروع السلام الإسرائيلي العربي لن يطول وخلال عامين يكون قد تمخض عن عملية السلام حل سياسيا بذلك يكون قد نجح بحسب اعتقاده في إبعاد أقوي المعارضين للمسيرة السلمية وبهذا يضمن نجاحها .
وفي مقابلة لرابين في صحيفة معاريف الإسرائيلية أجرأ معه كل من يعقوب إيرز وأبراهام تيروش بتاريخ 25/ 12 / 1992 ظهرت عليه ملامح الاضطراب التي كان يعيشها بعد إصداره قرار الإبعاد وللأهمية أورد مقتطفات من هذه المقابلة :
(س) ألم نتورط في قضية المطرودين أكثر مما قدرتم في البداية؟
- (ج) يمكنني أن أتحدث عن نفسي : كان واضحا لى أن هذه خطوة استثنائية كما أن قرار الحكومة يتناولها على أنها خطوة استثنائية لقد فعلنا ذلك استنادا إلى مطالعة المستشار القانوني للحكومة مع افتراض أن هذا الطرد ليس طردا إلى الأبد بل هو إبعاد لفترة محددة مع حق الاستئناف أمام لجان اعتراض , ثانيا :كان القرار في شأن الحجم ناشئا عن تفكير لدي في أن الضربة الموجهة إلى حماس يجب أن تكون ملموسة وهذا ليس قضاء على حماس وإنما ضرب قدرتها لفترة زمنية آمل بأن تكون طويلة .
(س) هل قدرتم على نحو صحيح ردة الفعل في العالم وفي المناطق المحتلة ؟
- (ج) كان واضحا لى أن العالم لن يصف لنا , وأن مجلس الأمن سيتخذ قرارا قاسيا وقدرت أيضا أن ردّات الفعل على الأرض – وخصوصا في قطاع غزة – ستكون حادة سواء في مجال مساعيهم ( أعضاء حماس ) لتنفيذ أعمال إرهابية من أجل أن يثبتوا أنهم لم يتعرضوا لضربة قاسية أو في مجال الإخلال بالنظام يميل المرء دائما إلى الأمل بأن تكون ردة الفعل أقل حدة لكنه لا يستطيع تقدير ( الوضع) منذ البداية ولذلك مثلا لكنني قوة تعزيز الجيش الإسرائيلي في غزة أكبر كثيرا مما في يهودا والسامرة لكنني أعتقد إجمالا أن الخطوة كانت ضرورية
(س) ينتقد بعض الوزراء في الحكومة طريقة اتخاذ قرار الطرد وهم يدّعون أنه لم يجر نقاش جدي وأن النتائج الممكنة لم تتم دراستها كلها ؟
- (ج) في حديث مع بعض الوزراء قبل النقاش في الحكومة وخصوصا مع وزراء ضليعين في القانون قدمت سلسلة من الإجراءات التي يمكن أن تكون ردا على تصعيد الإرهاب .
(س) مثلا ؟
- (ج) لا أريد أن أفصل, اخترت طريقا يتضمن مسارا يمكن عكسه ولا يكون نهائيا إزاء أشخاص وممتلكات نظريا كان ثمة أفكار لسن قانون بغير شروط عقوبة الإعدام وتدمير المنازل إلى خطوات أكثر خطورة في مجال إغلاق المناطق وما إلى ذلك إنني أفكر موضوعيا في أنه فيما يتعلق بالحرب ضد حماس كانت تلك الإجراءات المقترحة هي الطريق و لا أذكر أن أحد ما في الحكومة قد مقترحات أخري .
س) أليس ثمة من أن يؤدي الطرد والتعاطف مع حماس في المناطق إلى أن تخسر م.ت.ف من قوتها أو أن تضطر إلى التطرف ؟
(ج) إنني أقترح التمييز بين ردّات فعل في المدى القصير وبين ما سيحدث لاحقا إن الاختلاف الأساسي بين المقربين من م.ت.ف ومؤيدي محادثات السلام وبين حماس ومثيلاتها هو الرغبة القائمة حتى اليوم في مواصلة المحادثات ,أما حماس فتعارض مجرد المفاوضات مع إسرائيل ومفاهيمها الدينية والسياسية هي كلها ضد وجود دولة إسرائيل وإذا قررت م. ت. ف مغادرة مسار السلام فإنها تضع على عاتقها مسئولية أساسية وأنا أقدر أن ذلك لن يحدث إذ لا يمكن أن تجري مفاوضات مع طرف عربي لا مصلحة له في الأمر وكان ثمة مصلحة ولا تزال لجميع الذين أجروا المفاوضات حتى اليوم من الجانب الفلسطيني وحماس في جوهرها ضد ذلك أما إذا تحولت م. ت. ف إلى حماس فتلك مشكلتها .
يبرز للقارئ قناعة الصحافة والإعلام في المجتمع الإسرائيلي بأن الحكومة قد تورطت في إبعادها للفلسطينيين جراء العنة الإعلامية التي وجهت إلى إسرائيل وقد ظهر واضحا من خلال الأسئلة التي وجهها كل الصحفيين الإسرائيليين لرابين خلال المقابلة هذا سوي الضجة الإعلامية التي أثارتها صحيفة هآرتس الإسرائيلية بعد عملية الإبعاد والتي وصفت خلالها الحكومة بالغباء وعدم الحكمة .. حيث هددها رابين بالإغلاق مرارا.
ويثبت رابين من خلال عمله هذا أنه كان يسعي لتوجيه ضربة قاسية لحركة حماس مع قناعته الذاتية أن هذه ضربة ليست قاضية بل هي مؤقتة ويبدو للباحث والمراقب أن حكومة رابين قد أنجزت للإسراع في عملية الإبعاد بسبب عنف وصدي العملية العسكرية التي قامت بها حماس على واقع المجتمع الإسرائيلي وفي النهاية يعترف رابين بأنه لا يستطيع تقدير نتائج الوضع منذ البداية رغم استشارته لرجال القانون في حكومته وكذلك غم قناعته الذاتية كما يدعي بردة الفعل العملية لحماس في القطاع خاصة ولهذا حشد قوات كبيرة من الجيش في الضفة والقطاع لامتصاص النقمة وردة الفعل .هوجائية قرار الإبعاد
يري المراقبون في إسرائيل والأراضي المحتلة أن إسرائيل ارتكبت الجريمة تلو الأخرى في قضية المبعدين بعد تصاعد وتيرة المواجهات في الانتفاضة على الاحتلال .
فبعد مضي أسبوعين على عملية الطرد الجماعي كانت الشكوك تحوم حول العدد الحقيقي للمبعدين وهوياتهم إذ يقول الجيش الإسرائيلي أن عددهم ( 418) مبعد فيما يؤكد هؤلاء أن عدهم ( 415) شخصا وهذا يؤكد الهوجائية في عملية الطرد التي لم تكن مضبوطة حتى في العدد.
واتهم المسؤول في ( المركز الإعلامي لحقوق الإنسان ) يوفاق جنيفار الحكومة الإسرائيلية بأنها استسلمت للذعر والهذيان عندما قرر الجيش الإسرائيلي على عجل إبعاد الفلسطينيين لمدة سنتين.
وطالبت هذه المنظمة بأن كشف الجيش أسماء المبعدين كاملة حيث ظهر أن ستة من الفلسطينيين الموجودين على لوائح الجيش هم في الواقع في إسرائيل وخمسة منهم في السجن فيما السادس واسمه ( محمد ريس) فاجأ عائلته بعد عملية الإبعاد بثمانية عشر يوما بعوده إليها بعد أن أمضي عقوبته ولم يكن في مخيم المبعدين كما أعلن الجيش.
وبعد أن اتخذ رابين موقفا متصلبا خلال الأيام الأولي للإبعاد اضطر لاحقا إلى تقديم تنازلات بعد نشر بعض المعلومات المربكة فمع تشديده على أ،ه لا يشعر بأي قلق وإشفاق على المبعدين أقر رابين بأن عشرة منهم بينهم فتي في السادسة عشرة من عمره أبعدوا خطأ وبإمكانهم أن يعودوا .
وقال جينفار لقد اعترف الجيش بعشرة أخطاء لكننا نعتقد أنه ارتكب أخطاء أخري عدة مضيفا أن قرار الإبعاد اتخذ بشكل شبه عشوائي بعد اغتيال أحد أفراد حرس الحدود الإسرائيلي من قبل حركة حماس وتحدث أيضا عن فلسطيني أبعد عشية إتمامه عقوبة بالسجن لمدة احدي عشر شهرا فيما تم إبعاد خمسة على الأقل ممن أكملوا مدة عقوبتهم وآخرين كانوا قيد الحجز الإداري أو معتقلين قيد التحقيق في انتظار محاكمتهم .
ونشرت صحيفة جيروزاليم بوست اليمينية من جهتها نقلا عن مسؤولين رفيعي المستوي في الأجهزة الأمنية لائحة با"الأخطاء الفادحة" التي ارتكبتها الحكومة مشيرة خصوصا إلى الصور التي بثتها تلفزيونات العالم كله لفتي فلسطيني لم يتجاوز سن السادسة عشرة وهو تائه وسط الثلوج.
ونقلت الصحيفة عن هؤلاء المسئولين قولهم لو كنا نعرف أننا سنضطر إلى إعادة البعض من المبعدين وتعريض أنفسنا للسخرية لكان الجيش خطط لهذه العملية بأسلوب مختلف وتابع المسئولون الأمنيون لقد توقعنا رفضا دوليا لكن الجيش أغرق إسرائيل ف يورطة كبيرة لأنه جعل العالم ينسي أسباب الإبعاد واستنكر زعيم الجناح المتشدد في حزب الليكود وزير الدفاع السابق أرئيل شارون ( عدم الكفاءة) الحكومة وقال : أن سياستنا الأمنية فشلت فشلا ذريعا فأنتم لا تعرفون حتى كيف تطردون الناس كما يجب .
وفي موقف يبرز الخلاف القائم بين المسئولين الإسرائيليين حول عملية الإبعاد أوضح ( شمعون بيرس ) وزير الخارجية الإسرائيلي في حديث له أنه لم يستشره أحد بشأن عملية طرد الفلسطينيين المبعدين وإن كان قد سعي فيما بعد للدفاع عن قرار الحكومة وتبرير الطرد من الأراضي لهؤلاء الفلسطينيين حيث أكد أنه كان في زيارة لليابان فيوقت اتخاذ قرار الطرد هذا وأشار بيرس أنه قد صوت ضد رابين أثناء انعقاد مجلس الوزراء فيما يتعلق بمسألة الطرد هذه .
واعتبر موشي ليفي بأن ورطة رابين في عملية الإبعاد كالذي تسلق شجرة ولم يستطع النزول عنها واصفا ذلك بالتخبط في اتخاذه لقرار الإبعاد غير المنظم المرتب ولا يعني لذلك أن ليفي ضد عملية الإبعاد وأما بخصوص المجتمع الإسرائيلي كأحزاب وشخصيات سياسية وبرلمانية فلقد شهدت الساحة تفسخا سياسيا كاد يودي بالحكومة ويعود سبب ذلك أن قرار الإبعاد لم تشارك به الحكومة كلها .. وأكبر دليل على لذلك تصريح بيرس سالف الذكر.
بل جعلت عملية الإبعاد الهوجائية من القضاء الإسرائيلي ألعوبة بل أضحوكة أما العالم ومؤسسات حقوق الإنسان خاصة أن المبعدين لم يعرضوا أمام المحاكم العسكرية ولم تنسب لهم أى تهم أمنية وهذا بحد مخالف للقانون الإسرائيلي نفسه من هنا أدرك المواطن الإسرائيلي نفسه أن القضاء أصبح دمية بيد رابين وحكومته .
على الصعيد العام أثرت عملية الإبعاد على عملية تطبيع العلاقات بين المجتمع الإسرائيلي والمجتمع العربي داخل الضفة والقطاع هذا المشروع الذي سعت حكومة إسرائيل إلى دعمه لتذويب المواطن العربي في المستنقع الإسرائيلي عن طريق التجارة والصداقة والعلاقات السياسية حيث أدت بدورها غلى ضرب الكيان الإسرائيلي عدة ضربات موجعة مما حد بإسرائيل إغلاق مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة وعدم السماح لأحد بدخول إسرائيل الأمر الذي عطل عليها مشاريعها التي بدأت بتنفيذها .
اللعنة الإعلامية العالمية على إسرائيل
تعرضت إسرائيل لحملة إعلامية واسعة النطاق كانت مرفقة بالشجب والتنديد والاستنكار لما قامت به من إبعاد جماعي لأكثر من أربعمائة فلسطيني حيث وصف ( شمعون بيرس) وزير الخارجية الإسرائيلية هذه الحملة باللعنة الإعلامية العالمية التي استمرت أشهرا والتي اقتضت أن يقوم بيرس بعدد من الزيارات لأوروبا وأمريكا شرق آسيا لتخفيف حدة هذه اللعنة .
التنديدات البارزة التي صدرت تجاه إسرائيل كثيرة نورد منها الأهم :
• أدان مجلس الأمن بشدة إبعاد المئات من المدنيين الفلسطينيين وعبر عن معارضته القاطعة لإجراءات الإبعاد التي تقوم بها إسرائيل بصفتها الدولة المحتلة وتبني المجلس قراره (799) بالإجماع وأكد فيه مجددا تطبيق اتفاقيات جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين تحت الاحتلال على جميع الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967 بما فيها القدس وأكد المجلس أن إبعاد المدنيين يتنافي مع التزاماتها بموجب هذه الاتفاقية .
• قال مندوب لبنان في مجلس الأمن خليل مكاوي : إن الإبعاد الجماعي يهدد بشكل جدي وخطير عملية السلام وله وقع خطير على الصعيد المجلس في لبنان وأكد قائلا ن شحن المبعدين معصوبي العيون وتركهم في العراء وفي ظروف جوية صعبة داخل الأراضي اللبنانية بالقوة أن ه استهتار مطلق من قبل إسرائيل بالقانون الدولي العام ومبدأ سيادة الدول وحقوق الإنسان والأمم المتحدة وشرعيتها ومجلس الأمن وقراراته وسلطته .
• تحدث المندوب الأمريكي (ادوارد بركنز) أمام مجلس الأمن قائلا : إننا ناسف لاتخاذ إسرائيل خطوتها وتنفيذ الإبعاد وهي بذلك تسقط في أيادي هؤلاء الذين يهدفون إلى إغراق عملية السلام كما أنها تفرض عبئا غير عادل على لبنان .
• على إثر قرار مجلس الأمن قال ( غاد بن آري ) الناطق باسم رئيس الوزراء اسحق رابين أنها ليست المرة الأولي التي تتبني الأمم المتحدة موقفا من جانب واحد ضد إسرائيل ولكننا نشعر بإحباط كبير لأن مجلس الأمن يتجاهل أسباب القرار الإسرائيلي بإبعاد نشيطي حماس والجهاد الذين لا يقتلون اليهود فحسب ولكنهم يريدون قتل عملية السلام .
• قدمت محاميتان إسرائيليتان هما ( أفيدور فيلدومان) و( ورينيه روزنتال) طلبا إلى المحكمة الإسرائيلية مباشرة بعد عملية الإبعاد , لإعادة النظر بقرار الإبعاد الذي قالتا عنه أنه يتناقض مع قرار يعود إلى العام 1972 والذي يقضي بأن لا تبعد الحكومة أشخاصا إلى بلد لم يوافق على استقبالهم وقالت المحامية فيلدمان :
إن الحكومة غير قادرة على تنفيذ الإبعاد الذي قررته لأن لبنان لم يمنح اللجوء إلى ال[فلسطينيين وبالتالي فإن هؤلاء موجودن في متجهة قانونية والحكومة ملزمة إذا إما بإيجاد بلد يستقبلهم وهو ما يبدو أمر غير مرجح أو إعادتهم وفضلا عن ذلك فإن القانون يلزم إسرائيل على حمايتهم وتأمين المساعدة لهم طالما أن أى بلد لم يعرض استقبالهم .
• أدانت الحكومة السويدية الإجراءات الإسرائيلية وفي مقدمتها عملية الإبعاد حيث التقت وزيرة خارجية السويد ( آن هارغريتا آن أوغلاس) في القدس شمعون بيرس ورابين ,كانت وزيرة السويد قد جددت إدانة حكومة بلادها لإبعاد الفلسطينيين ودعمها لقرار 799 الداعي إلى عودتهم فورا .
• في ستراسبورع أدان البرلمان الأوروبي إسرائيل لقيامها بإعادة الفلسطينيين إلى لبنان وطالب بعودتهم عملا بقرارات الأمم المتحدة وحث البرلمان في قرار اتخذته ( المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء) على إثارة مسألة البروتوكول المالي مع إسرائيل خلال الاجتماع المقبل لمجلس جمعية المجموعة الاقتصادية الأوروبية وإسرائيل .
• في نيقوسيا أقر البرلمان القبرصي بالإجماع قرارا شجب عملية الإبعاد ودعا لفرض إعادتهم إلى ديارهم داعيا إلى عدم اعتماد المعايير المزدوجة في تطبيق قرارات مجلس الأمن .
• في عمان دعا وزير الخارجية الإسبانية خافييه سولانا إلى إيجاد تسوية سريعة لمسألة المبعدين واصفا إبعادهم بأنه غير مشروع .
• في لندن قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إن وزير الدولة للشئون الخارجية دوغلاس هوغ اجتمع مع سفراء مصر والأردن وسوريا ولبنان وأبلغهم قلق بريطانيا لمحنة المبعدين وأضاف إن هوغ قال أن الموقف يتطلب حلا سريعا .
• انتقد رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأمريكي الجنرال ( كولن باول إسرائيل لإبعادها أكثر من أربعمائة فلسطيني إلى لبنان وقال بأول الذي كان ييتحدث في حفل عشاء أقامته جامعة يشبفا اليهودية في نيويورك إن الولايات المتحدة بالقلق نتيجة عملية الإبعاد واعتبر أن عملية الإبعاد ليست حلولا لمطالب إسرائيل المشروعة في الأمن .
• أدانت منظمة عدم الانحياز عملية إبعاد الفلسطينيين إلى لبنان واعتبرت من خلال بيان وقع باسم سكرتيرته المنظمة أن هذا العمل يتنافي مع قوانين ولوائح حقوق الإنسان التي نصت عليها اتفاقيات جنيف وطالب البيان بعودتهم إلى ديارهم.
• وفي الفاتيكان انتقد الباب بولس السادس عملية الإبعاد وقال بأنها عملية تخالف الأعراف الدولية وتعرقل مسيرة السلام في أرض السلام وطالب الأمم المتحدة الضغط لإعادة المبعدين إلى ديارهم وأطفالهم والتفاهم حول قضايا المنطقة بالحوار وليس بالعنف .
• في لندن دعت منظمة العفو الدولية السلطات الإسرائيلية إلى السماح للمبعدين الفلسطينيين بالعودة سالمين وطلبت من الحكومة اللبنانية حمايتهم إن هم طلبوا ذلك وجاء في بيان لها أن على إسرائيل والميليشيا التابعة لها في جنوب لبنان أن تضمن أمن الفلسطينيين ليتمكنوا من عبور المنطقة التي تحتلها الدولة العبرية وأضاف بيان منظمة العفو : إذا كان يشتبه في أنهم ارتكبوا جريمة فإنه يتعين إبلاغهم التهم الموجهة إليهم وتأمين محاكمة سريعة وعادلة لهم وإلا فإنه ينبغي إطلاقهم .
• قالت صحيفة الغارديان البريطانية في افتتاحها بتاريخ 3/1/1993 إن قرار محكمة العدل العليا الإسرائيلية بخصوص المبعدين الفلسطينيين خدعة قضاعية تهزأ بالقانون الدولي ومبادئ العدل ويفتقد للمفهوم العام حول حق الاستئناف بالنسبة للمبعدين .
• قالت صحيفة ( سكوتشمان ) لا يوجد حجة مقنعة لقرار الإبعاد ووصفت غرض الاستئناف الذي تقدمت به إسرائيل بأنه يهدف إلى نقل القضية إلى مملكة من السخافة في إشارة إلى محكمة العدل العليا ووصفت وكالة قدس برس التي نقلت لتصريح عن الصحيفة المذكورة بأن قرار المحكمة بات محاولة لحفظ ماء وجه السياسيين الإسرائيليين .
• أجرت مجلة ( دير شبيغل الألمانية) بتاريخ 1/2/93 مقابلة مع المحامي الإسرائيلي ( أفحلدور فلدمان) الذي جند نفسه للدفاع عن المبعدين الفلسطينيين حيث قال : " لقد اتفق قضاة المحكمة السبعة على أن الإبعاد م تعجيل دون محاكمة أو الاستماع لشهادات المتهمين لكن القضاة لم يتخذوا الخطوة الطبيعية هي إجبار الحكومة الإسرائيلية على إعادة المبعدين .
• كتب الحياة اللندنية تقول :" أيدت المحكمة العليا الإسرائيلية قرار الإبعاد وقد صدر القرار في 32 صفحة والحكم وإن كان مؤيدا للإبعاد في محصلته فقد أقر بالحقائق التالية
- تمت أوامر الطرد دون تلبية أدني حق للمبعدين في جلسة استماع تسبق القرار .
- الأم المتعلق بالطرد المؤقت أمر طوارئ غير قانوني .
- كتب وزير العدل الإسرائيلي السابق ( حاييم تصادوق) تحت عنوان – الحكمة والقانون – في صحيفة – يدعوت أحرنوت :" إن أبعاد نحو 400 من نشطاء حماس يجب ألنظر إليه من ناحية الحكمة التي ينطوي عها القرار , ومن ناحية قانونيته فالحكمة في الإبعاد كلها في مجال مسؤولية الحكومة أمام القانون وفي نهاية المطاف منوطة بقرار محكمة العدل العلياء الفوري هو خروج واضح على النهج القانوني المتبع والذي يستوجب المرجعية القانونية قبل الإبعاد "
• كتب وزير العدل الإسرائيلي السابق ( حاييم تصادوق) تحت عنوان – الحكمة والقانون – في صحيفة – يديعوت أحرنوت - :" إن إبعاد نحو 400 من نشطاء حماس يجب النظر إليه من ناحية الحكمة التي ينطوي عليها القرار , ومن ناحية قانونيته فالحكمة في الإبعاد كلها في مجال مسؤولية الحكومة أمام القانون وفي نهاية المطاف منوطة بقرار محكمة العدل العليا الإبعاد الفوري هو خوج واضح على النهج القانوني المتبع والذي يستوجب المرجعية القانونية قبل الإبعاد .
• جاء في افتتاحية هارتس الإسرائيلية :" لقد أصبحت قضية المبعدين الفلسطينيين الذين ألقي بهم في المنطقة العازلة بين لبنان وإسرائيل حدبة أخري في ظهر إسرائيل " وقالت ( عل همشار ) الإسرائيلية أيضا :" لقد أخطأت الحكومة الإسرائيلية عندما حاولت الالتفاف على القانون وأدي تصرفها إلى شجب شديد بالإجماع من مجلس الأمن والمطالبة وبإعادة المبعدين ويتوجب على الحكومة أن تبحث كيف توقف هذا التدهور .
• اعترف يوسي بيلين نائب وزير خارجية إسرائيل في حوار مع صحيفة الأهرام المصرية 14 / 1 /1993 م. إن قرار الإبعاد يتناقض مع معتقدات حزب العمل الداعية إلى السلام والاعتدال ومناهضة العقاب الجماعي وأن المبعدين يتعذبون بسبب وضع غير طبيعي .
• كتب أروي أفنيري في معاريف أن قرار الإبعاد الذي اتخذته الحكومة ينطوي على قدر كبير من الغباء واللأأخلاقية وقالت يائيل ديان ابنة الجنرال موشيه ديان وهي نائبة عمالية: لقد قامت الحكومة الإسرائيلية بالإبعاد بدون ضوء أخضر من وزير العدل ولجأت إلى الالتفاف إباحة العقوبات الجماعية وكأنما تتصرف بناء على حالة ذعر وضعف .
وقد رفض وزير العدل الإسرائيلي ديفيد ليبائي أن يصوت لصالح الإبعاد ورفضت المدعي العام للدولة ( دوريت بانييش) الدفاع عن موقف الحكومة أمام المحكمة العليا"
• أدانت المجموعة الأوروبية إسرائيل بشدة وحثتها على السماح للمبعدين بالعودة فورا وقالت وزارة الخارجية البريطانية باعتبارها رئيس المجموعة الأوروبية إنها تأسف لعدم استجابة السلطات الإسرائيلية لدعوتها إلى عدم مواصلة سياسة الطرد وانتهاكها للقانون الدولي .
وقال السيد كين كوتس رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي في رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين إنه يستنكر الإبعاد مهما كانت دوافعه وأسبابه .
أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف بيانا " جاء فيه شجب لسياسة الإبعاد وأكد فض اللجنة المتكرر لكل ممارسات الإبعاد السابقة وأكدت الجنة الدولية أن من واجبها أن تحتج على الإبعاد الذي يشكل انتهاكا خطير للمادة 46 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تمنع طرد الأشخاص بالقوة جماعات أو أفرادا خارج الأراضي المحتلة "
وفي نيروبي أبدت منظمة الوحدة الأفريقية أسفها لقرار إسرائيل معتبرة أن هذه العملية تشكل انتهاكا كاملا للتشريعات الدولية "
الرعب الإسرائيلي
ظن رابين وحكومته بأن عملية الإبعاد ستحد من العمليات الجهادية التي قامت بها حماس ولكن الأمر كان عكسيا تماما فلقد تأججت الانتفاضة وازداد لهيبها جراء عملية الإبعاد عمت الإضرابات وازدادت عمليات التصعيد العسكري وسالت دماء الشهداء مشكلة شلالا هادرا في وجه المحتلين وبدأت تبرز تأثير الإبعاد على الواعق العسكري الإسرائيلي من خلال عدد من العمليات العسكرية المميزة.
والتي كانت في غالبها تجاه عسكريين إسرائيليين وأذكر على سبيل المثال لا الحصر حادث مقتل ضابط الشين بيت في بيته من قبل شابين من منطقة بيت لحم ينتميان لحركة حماس وحادث قتل الشرطيين الإسرائيليين في منطقة الخضيرة بعد إطلاق عليهما من قبل احدي مجموعات القسام وهما في سيارتهما العسكرية وفي مستوطنة محولا في غور بيسان نفذ أحد أفراد حركة حماس عملية عسكرية بطريق تفخيخ سيارة ملغومة أدت إلى مقتل إسرائيليين.
وفي قطاع غزة قامت مجموعة من كتائب القسام بإطلاق النار على سيارة جيب عسكرية تقوم بأعمال الحراسة لمستوطنة غوش قطيف أسفرت عن مقتل جندي إٍسرائيلي وجرح آخرين وقامت مجموعة أخري من كتائب القسام بالاشتراك مع صقور فتح بإطلاق النار على إسرائيليين مما أدي إلى مقتلهما مع اثنين آخرين من التجار العرب.
وقد قامت مجموعة أخري من مجموعات القسام بإطلاق النار على سيارة جيب عسكرية بالقرب من مستوطنة آرئيل أدت إلى مقتل جندي إسرائيلي وفي منطقة حواره بنابلس قام أحد أفراد حركة حماس بدهس مستوطنين مما أدي إلى مقتلهما وفي مستوطنة مدينة نابلس قام اثنين من كتائب عز الدين القسام بطعن جنديين إسرائيليين في موقع عسكري وقام بخطف سلاحيهما ولاذا بالفرار فيما أعلن ب عد ذلك مقتل أحدهما وإصابة الآخر بجروح بالغة وفي مدينة الخليل قتل مستوطن إسرائيلي برتبة رقيب وقد أعلنت الإذاعة الإسرائيلية أن حركة حماس والجبهة الشعبية قد اعترفتا بالحادث وفي قطاع غزة وبالقرب من حاجز إيرز العسكري قامت امرأة بطعن جندي إسرائيلي مما أدي إلى إصابته بجروح بالغة ...
هذا سوي عمليات المقاومة والتصعيد اليومية في شوارع ومخيمات ومدن بالغة .. هذا سوي عمليات المقاومة والتصعيد اليومية في شوارع ومخيمات ومدن الضفة والقطاع والتي أفقدت العسكرية الإسرائيلية ثقتها بنفسها .
وأمام هذا أيقن العالم أن إسرائيل لم تحد من أعمال الانتفاضة بإبعادها للفلسطينيين إلى الجنوب اللبناني إنما فتحت على نفسها بابا يصعب إغلاقه وبدأت المؤسسة السياسية والعسكرية في وضع الخطط والترتيبات اللازمة لكبح جماح ما تفاقم من أعمال التصعيد العسكري المميز الذي قامت به مجموعات القسام التابعة لحركة حماس .
في كانون الأولي ديسمبر 1992 م كشف مراسل هأرتس العسكري النقاب عن خطة أعدتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للقضاء على حماس في الأراضي المحتلة تضمنت المقترحات التالية :
- إغلاق جميع المعاهد والجامعات والمدارس ورياضي الأطفال التي تديرها حماس .
- وقف سيطرة حماس على الجمعيات الخيرية المستعملة قناة لإدخال الأموال إلى المناطق المحتلة وذلك باللجوء إلى أنظمة الطوارئ وأوامر قادة المناطق .
- حل الغرف التجارية التي تحظي حماس بقوة كبيرة فيها وإجراء انتخابات جديدة فيها .
- إغلاق جمعية الشبان المسلمين في الخليل والقدس المؤيدة لحماس .
- تقييد نشاط جمعية علماء الدين في فلسطين ( رباطة علماء فلسطين ) برئاسة الشيخ تيسير التميمي , من الخليل التي أقامتها حماس .
- تقييد نشاط الجمعيات الإنسانية التي تشكل غطاء لمنظمات إسلامية .
وعقدت الحكومة الإسرائيلية في 27 من كانون أول 1992 جلسة أيد الوزراء فيها " زيادة الميزانية التي تستثمرها إسرائيل في يهودا والسامرة وغزة من أجل تحسين الاقتصاد وتوسيع مصادر العمالة " وقد حضر الجلسة منشق أنشطة الحكومة في المناطق اللواء داني روتشلد ورئيسا الإدارة المدنية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة الكولونيل غابي زوهر والكولونيل دوف غازيت وعرضوا على الحكومة بالتفصيل الوضع الاقتصادي في المناطق المحتلة وجهود الإدارة المدنية في تشجيع الاستثمارات فيها ومن الملفت للنظر في الجلسة الربط بين مواجهة الإسلاميين والاستثمارات التنموية في الأراضي المحتلة التي دعا روتشليد الحكومي إلى زيادتها بمئات الملايين من التشكيلات باعتبار ذلك الوسيلة الوحيدة لوقف الانجرار وراء الأصولية الإسلامية على حد زعمه وتعزيز معسكر مؤيدي التسوية مع إسرائيل "
وفي الجدال الدائر بشأن مواجهة حماس والإسلاميين الفلسطينيين عامة أدلي الأكاديميون الإسرائيليون أيضا بدلوهم وبرز منهم أستاذ تاريخ الشعوب الإسلامية ( نحميا ليفتسيون) الذي رأي انه يجب في المقام الأول : القتال بكل الوسائل ضد الإرهاب الإسلامي لكن من المهم جدا في الوقت نفسه إيجاد سبل من أجل تحقيق تقدم في المفاوضات يعيد إلى الفلسطينيين الأمل الثقة بالحل السياسي .
أما ( المستشرق عمانوئيل سيفان) فقد نظر إلى المسألة على أساس معادلة وضع ايدولوجيا حماس وقيادتها وتنظيمها في طف منها ووضع في طرفها الأخر ثلاثة متغيرات : مدي الانطباع الذي يعكسه النظام فيما يتعلق بقدرته الرادعة تطلعات السكان الوضع الاقتصادي – الاجتماعي وبعد أن أظهر عدم قدرة الإسرائيليين على التأثير في الطرف الأول اقترح التعامل مع الطرف الثاني بناء على دروس الدول العربية المجاورة وخصوصا تونس الجارة الوحيدة التي نجحت في القضاء على التعصب نتيجة تحولها إلى قصة نجاح اقتصادية .
بهذا الوصف التحليلي يظهر لنا مدي الأزمة التي عاشتها إسرائيل نتيجة عملية الإبعاد وتزايد الانتفاضة والناشط الإسلامي ويري مراقبون أن إسرائيل عاشت موجة من السخط الإعلامي الموجه ضدها جراء عملية الإبعاد ولم ينفك الحصا السياسي والإعلامي عنها إلا بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عقد في دمشق والذي تقرر فيه العودة إلى مفاوضات الجولة التاسعة بدون عودة المبعدين في مرج الزهور مما خفف شيئا من الحدة على إسرائيل .. رغم بقاء جزء منها بسبب ترك الأزمة بدون حل .
على صعيد الحركة الإسلامية
كان لعملية الإبعاد إيجابيات وسلبيات على واقع الحركة الإسلامية على صعيد الداخل في فلسطين وكذلك على صعيد الخارج إلا أن الإيجابيات كان لها رصيد مرتفع لمسه من واكب وعاصر وراقب قضية المبعدين ولا أعتقد أن ذلك سر فالساحة مكشوفة والصحافة ووكالات الأنباء العالمية تابعت وبثت ونقلت ما كان يجري عن حدث الإبعاد وخلفياته وانعكاساته وأدرك رابين عندها كما قال له وزراء الليكود أنه قدم هدية ثمينة لحركة حماس .
على الصعيد الداخلي
لاشك أن إبعاد أربعمائة فلسطيني من أبناء الحركة الإسلامية من مواقعهم أيا كانت , ترك ثغرة لا يستهان بها فشريحة المبعدين كانت تمثل أصحاب مواقع وكفاءات أكثر من مائتي عالم وواعظ وداعية تركوا منابرهم ومواقعهم التي كانوا من خلالها ينشرون رسالتهم الوعظية والفكرية والسياسية وبغياب هذا الكم عن الساحة الداخلية جعل هناك ثغرة ليس بالإمكان استيعابها بسرعة خاصة أن لهؤلاء جماهيرهم المؤيدة لهم في القري والمدن والمخيمات فقدت المنابر رجالاتها ودعاتها وأصبح الأمر يخلف انعكاسات سلبية على واقع العمل الإسلامي ولكن ليس بصورة مباشرة
فكان من بين المبعدين رؤساء وأعضاء مؤسسات مهمة ولها دورها في المجتمع كالجامعات والمعاهد والمدارس والمؤسسات الخيرية والاجتماعية فالجامعة الإسلامية في غزة أبعد رئيسها وعدد من أعضاء هيئتها التدريسية وموظفين إداريين فيها والجمعية الخيرية الإسلامية في الخليل أبعد أعضاء في الهيئة الإدارية فيها وكذلك جمعية الشبان المسلمين في الخليل أيضا حيث أبعد رئيسها وأعضاء في هيئتها الإدارية بل عدد من أعضاء اللجان فيها وكذا رابطة علماء فلسطين التي أبعد رئيسها وعدد من أعضاء هيئتها الإدارية وكذلك جامعة النجاح وجامعة الخليل هذا سوي العديد من الأطباء والمهندسين في موقع المسؤولية إن ضربة مثل هذه بلا شك تؤثر على واقع الحركة الإسلامية الاجتماعي والأكاديمي والتنموي وليس بالسهولة أن تغطي هذه المواقع في أسرع وقت من هنا فإن الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة قد تقلت ضربة موجعة في جهاز البنية التنموية إذ ليس من الضرورة بمكان أن يكون هؤلاء جميعا مرتبطين تنظيميا بحماس .
وأمام هذا الواقع لابد من التأكيد على أن إيجابيات الإبعاد كثيرة وأهمها:
أولا : لقد تفاعل الشارع الفلسطيني بنسبة مرتفعة جدا مع الحركة الإسلامية من خلال عملية الإبعاد وأصبح المواطن الفلسطيني يدرك أن ألإبعاد نفذ كرها في الحركة الإسلامية المعادية بعنفوان لحكومة إسرائيل وحبا في تيار السلام حيث أصبح واضحا أن المرحلة السياسية تتطلب إخراج هؤلاء لأنهم في موقع الصدارة والمسئولية امام شعبهم وهذا بدوره يؤثر على مسيرة السلام.
ثانيا: أججت عملية الإبعاد نار الانتفاضة والعمليات العسكرية وأصبح الشعب يرفض سياسة الاحتلال العنصرية بكل ما يملك من قوة مما أدي إلى ارتفاع مئات من الشهداء والجرحى .
ثالثا : أفرزت مأساة الإبعاد قيادات شابة أحسنت في تعاملها مع العالم لكافة قياداته ومؤسساته حيث أتقنت هذه القيادات فن الخطاب مع الآخرين بالطرق المناسبة الحكيمة خاصة أن المبعدين كان يتعذر عليهم أن يجتمعوا في داخل الأراضي المحتلة بهذا العدد وفي مكان واحد بسبب الظروف الأمنية بل لم يفسح المجال أمام أى واحد من المبعدين في الداخل أن يتحدث بهذه القوة والعزيمة ولم تهئ الظروف الإعلامية بوسائلها المتعددة كما هئ الظرف في مخيم مرج الزهور كل هذه العوامل أدت إلى بروز العديد من القيادات السياسية والإعلامية الإدارية والتقنية التي تصب جميعها من خلال خبراتها في معين الحركة الإسلامية.
رابعا : تعرف العالم عن قرب بطبيعة العقلية الإسلامية الموالية للحركة الإسلامية ف يداخل فلسطين المحتلة هذه العقلية التي صنعت تحت إرهاب الاحتلال خلال خمسة وعشرين عاما فبقيت محافظة على عقيدتها وفكرها السياسي والديني بل استمرت هذه القيادات لسان حال معطاء لقضية الشعب الفلسطيني فلم تكن قيادة متطرفة أصولية كما يقال عنها .. ولم تكن إرهابية بل كانت تمثل الإسلام والصحوة الإسلامية في أروع صورها .
على الصعيد الخارجي
عكست عملية إبعاد الحركة الإسلامية في فلسطين الكثير من النتائج والحقائق التي كانت بعيدة عن أذهان الكثيرين من المهتمين في شؤون الحركة الإسلامية بداخل فلسطين ولعل تعاظم الصحوة الإسلامية وزيادة لإقبال على الحركة الإسلامية كان سببا من الأسباب المباشرة التي دعت إسرائيل وغيرها في رصد واقع الحركة الإسلامية وتحركات قياداتها وبخاصة حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) التي كانت مثار اهتمام أجهزة الأمن الإسرائيلية والأمريكية ولقد أذكر السياسيون أن لحماس مستقبلا مؤثرا على واقع القضية الفلسطينية وبخاصة عندما دخلت القضية مرحلة جديدة غير متفق عليها من قبل الشعب نفسه ألا وهي عملية المفاوضات السلمية التي ظهرت بطريقة صريحة ومباشرة في مدريد .
برزت ( حماس ) على هذا الصعيد القوة الأكثر تأثيرا وإقناعا بأن المفاوضات غير مجدية بل هي تآمر على واقع القضية الفلسطينية التي لا تقبل التفاعل مع هذه المعادلة الصعبة وببروز رفض الحركة الإسلامية المميز لمفاوضات السلام مع اليهود أصبح يفسر الأمر على غير وجهه الشرعي والحقيقي وبرزت نداءات كثيرة بأن حماس تهئ نفسها لتكون ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني بدلا من منظمة التحرير.
وما كانت هذه الإدعاءات إلا حسدا بسبب تعاظم نفوذ حماس في الداخل والخارج وكذلك كان لجريمة الإبعاد الأثر الحساس والهام على النفسية الجماهيرية في داخل المخيمات الفلسطينية في سوريا ولبنان الأردن حيث أصبحت تنظر إلى الحركة الإسلامية بأنها فارس الميدان الوحيد الذي ينافح عن القضية الفلسطينية إضافة إلى تنامي العمل السياسي والدبلوماسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس على صعيد الأنظمة العربية ومن خلال نشاطها الميداني على الساحة العربية والدولية فلقد ساعد بروز قضية المبعدين وقياداتهم الشابة ومواقفهم المتوازنة في نجاح حركة حماس في اتخاذ مواقعها السياسية فبعد عملية الإبعاد تم افتتاح مكتب سياسي للحركة في عمان وكتب إعلامي في دمشق وآخر في الرياض والسودان بل استطاعت الحركة أيضا مخاطبة العالم الغربي وبخاصة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا لإقناعها بأن حماس حركة تحرر وطني وليس حركة إرهابية وقد تكلل الكثير من خطواتها بالنجاح واعتبر عدد من المراقبين أ، هذا النجاح جاء بعد عملية الإبعاد .
الفصل السابع: المبعدون الفلسطينيون بأقلام غيرهم
رحماكم أيها المبعدون في مرج الزهور
بقلم المحامي – جلال عباسي
وإنني أعي أنني أعني المبعدين في مرج الزهور والمبعدين عن أسرهم في سجون الاحتلال ومعتقلاته وأصرخ والألم يعتصر القلوب كما تصرخ جماهير الأمة رحماكم فأنتم العظماء .
إن من يتابع ما يحدث في فلسطين المحتلة يدرك دون كثير جهد أو عناد أن القائمين على نظام الغزو والاحتلال في فلسطين يميزون بين نمطين من الناس ويعاملونهم ويتعاملون معهم على أساس من هذا التمييز.
إن أهداف التعامل وفق معايير مختلفة أهداف واضحة ولعل من أهمها حفر هوة أو هوات بين فئات الشعب العربي الفلسطيني وتتحول هذه الهوات من الزمن إلى صدوع مصممة تزيد في شموخ التشتت والتشرذم.
تعالوا نتابع ما تكتبه الصحافة من العناوين البارزة في الصحيفة الواحدة وفي الصفحة والواحدة :" حالات التصفية والقتل العمد يمارسها الصهاينة ضد عرب غزة وفي مواقع مختلفة من الأراضي المحتلة ".
" المفاوضات تدخل مرحلة جديدة وإيجابية" تري لو قام عرب فلسطين بقتل يهودي في رام الله والناصرة المفاوضات منعقدة في واشنطن أو قام مجموعة مناضلين بتدمير مخفر صهيوني ماذا يمكن أن يحدث ؟
سيستنكر حكام الأمة الإرهاب العربي وسيمارسون لصق الاتهام بمجموعة من المتشددين الأصوليين هنا وهناك وسيقدمون الاعتذارات لكل العواصم .
أما إذا ذبح الصهاينة الأطفال في غزة ودمروا بعض المنازل لأن أصحابها يدافعون عن وطنهم وحقوقهم " إنا إذا حرق الصهاينة المزروعات وطوقوا وحاصروا المخيمات وقطعوا الطرق .. فإن أحدا لن يحتج في هذا الكون الأخرس الأعمى المشوه لشرب الدم والبترول .
لقد عاد عدد من المبعدين الذين أبعدوا بعد عام 1967 عادوا بالحافلات يودعهم أهلهم محمولين على الأعناق ويستقبلهم أهلهم يرفعون أصابعهم بإشارة النصر التي استخدمها ونستون تشرشل خلال الحرب العالمية..
ولم توافق الصهيونية على إعادة المبعدين في مرج الزهور رغم القرار ( 799) الذي يتحدث عن وجوب عودتهم فورا . تري لماذا هذا التمييز بين المبعدين في الزهور الذين عانوا ويعانون منذ إبعادهم من الذين كانوا يعيشون في منازلهم ومكاتبهم ومؤسساتهم .
الجواب واضح وله بعدان :
البعد الأول : هو حفر المزيد من الصدوع بين أبناء الشعب الواحد وهذا البعد نملك معالجته بالحكمة والفهم والوعي والإدراك .
والبعد الثاني: هو ما تعلنه بعض الأوساط صراحة أن إعادة المبعدين العقلاء المعتدلين تزيد نسبة العقلاء المعتدين في الأرض المحتلة ولكن إعادة مبعدي مرج الزهور يصب في قناة دعم الجانب المتطرف في مواجهة الاحتلال .
وهذا يعني أن الصهيونية كلما أعادت مبعدا معتدلا ستقتل عشرة متشددين وتنسف منازل وهذا يعني أن عملية التطبيع قد قطعت شوطا كبيرا وأن العرب أخذوا يعتادون مناخ الهزيمة والاستسلام .
قد يكون ذلك مقبولا لدي البعض الذين يعجبهم الحديث والتنظير مع المعطيات الجديدة ولكن عندما تكون القضية الفلسطينية قضية الأمة ..
وعندما تكون قضية الوحدة العربية والتحرر والتحرير فإن الدرب التي سلكها المتشددون الأصوليون هي الدرب الأجدر بالتقدير والتقديس والاحترام فرحماكم يا أطفالهم وأسرهم فإننا لن نكون في مستواكم ولن نفلح في رفع أبصارنا لمواجهتكم فأنتم اليقين ف يعهد الشك وأنتم النور في عهد الظلام وأنتم النسغ في عهد الجفاف .
وستبقي الحقيقة الإنسانية التاريخية هي الحقيقة التي لا يمكن أن تتغير وهي أن هذا الوطن لا يتسع إلا لأهله .. فهل نحن جديرون بأن نكون أهله ؟
مجموعات " الإرهابيين " في العصر اليهودي
بقلم جورج حداد
في الحديث عن المبعدين الفلسطينيين في جنوب لبنان ليس أماك إلا أن تملك ا لا يسهل امتلاكه القدرة على كتابة اللايكتب وعلى قول .. اللايقال ! سوي ذلك .. علاك حكي .. كهمزة لفظية .. خبر صحفي يفتقر إلى عناصر الدهشة والسخونة والتوهج !
طوال دورات الزمن في عمري شأن أى قروي فلاح في بلادنا كان يشرق وجهي وتبتهج نفسي ندما يسقط المطر ويهطل الثلج وتعزف العواصف في فصل الشتاء إلا ... في هذا الأخير الذي كانت لياليه بالنسبة لأبناء شعبنا كافة أطول من أحلام " إسرائيل اليهود" بالغزو والتوسع !!
إذ ... ما هي طبيعة المشاعر ونوعية الأفكار التي تتلبك وتنفجر في اعماقك, وأنت تري عبر الشاشة الصغيرة المئات من أهلك ومواطني بلادك وعنوان بؤسك واعتزازك وهم .. اتقاء لأنياب البرد وزوابع الثلوج لا يلوذون بسوي الإيمان بالله وتمرد الروح وعنفوان الكرامة وصلابة العزيمة بل أى لفظ أو أى معني يمكن أن يتسع لهذا الحجم من الجبروت في إيمانهم والتحدي .. في عيونهم ؟!! لهذا فإنني عندما لاحت فرصة لزيارتهم والالتقاء بهم لم أتردد!
كنت أعرف . أن بينهم العشرات من الأساتذة الجامعيين وحملة الدكتوراه مثلما أن هناك عشرات أخري من الأطباء والمهندسين وعلماء المساجد وطلاب الجامعات ومختلف فئات المواطنين.
ففيهم ابن غزة ورفح وخان يونس وابن جنين ونابلس والقدس وبينهم الموظف وصاحب العمل المتزوج والأعزب .. الجد والحفيد .. بينهم الفنان والتشكيلي والشاعر والأديب والخطيب والصحفي إلى جانب المغني والمنشد وضارب الطبلة وعازف الشبابة بينهم الحلاق والطباخ .. المزارع والخبير .. والإداري القدير .
يتقنون فن الكرم بتقديم أطباق الكنافة النابلسية الشهيرة ( حلويات أو سيرا)..وهناك جامعة ليس لها مثيل في العالم كله , يقوم على شؤونها والتدريس فيها الأساتذة المبعدون المختصون في التاريخ والجغرافيا والشريعة واللغة والدراسات الميدانية !!
وبينهم ..( من يصدق ) إثنان من عميان البصر نفاذي البصيرة !! يا أمم متحدة .. يا مجلس الأمن .. يا حكومات العالم .. يا شعوب الأرض .. يا صليب أحمر .. يا منظمات حقوق الإنسان يا جمعيات الرفق بالحيوان ..لا بالإنسان (!!) يا بشر يابلوط .. يا بطيخ .. يا كل من يدعي الانتساب إلى الآدمية .. يا كل هؤلاء بين المبعدين الفلسطينيين ضريران لم يكن عماهما الكلي ليشفع لهما من همجية جنود " ...يهوه .. رب الجنود !!.
هؤلاء هم المبعديون هؤلاء هم الذين تبيعهم دولة ( الشعب المختار ) للعالم على أنهم " مجموعات من المخربين الهدامين القتلة السفاحين ا‘داء السلام " هؤلاء هم الذين يهدد كلنتون وكريستوفر بضمهم إلى لائحة الحركات الإرهابية في العالم شأنهم في معايير ( الشرعية الدولية الجديدة ) (النظام الدولي الجديد) شأن قطاع الطرق وقراصنة البحار وتجار الرق والمخدرات واللذات ومافيا القتل والنهب والتآمر وقد يكون الأمر أقل مدعاة ل( قلة الشرف ) أو فقدانه في هذا العصر اليهودي غير المبارك .
قضية المبعدين تفيض بالخير
بقلم المفكر منير شفيق
احتلت قضية المبعدين موقع المركز في الصراع السياسي الذي شغل المنطقة خلال الخمسة أشهر الماضية ويرجع الفضل في ذلك إلى الموقف الصلب والشجاع الذي اتخذه المبعدون فد أدرم المبعدون الأبطال أن في أيديهم قضية جهادية تحمل سمة العدالة حتى باعتراف دول الغرب كافة وجاء قرار مجلس الأمن رقم 779 مؤكدا على اجتماع دولي يدين قرار الإبعاد ويدعو إلى عودة المبعدين فورا وبهذا أصبح رابين في مأزق حقيقي يتهدد مستقبله السياسي كله فقرار الإبعاد تكشف بالنسبة إليه عن خطأ سياسي فادح حجما وتوقيتا وظرفا .
شعرت إدارة كلينتون أن قضية رابين أصبحت خاسرة وقد تؤدي إلى كارثة سياسية إذا ما استمر في عناده أو إذا ما فرض عليه التراجع الكامل الأمر الذي دفع وزير خارجية أمريكا كريستوفر لعقد صفقة انقيادية حملت تراجعا جزئيا تمل بموافقة حكومة رابين على إعادة مائة وإعادة الباقين مع نهاية العام ولكنها حملت من جهة أخري سمة اتفاقية على قضية المبعدين ومحاولة لشق الصف المقابل .
هنا دخلت قضية المبعدين مرحلة جديدة فقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية في المواجهة مباشرة كما أصبح الوضع الفلسطيني والعربي قائلا لتصدع فجاء القرار كما يقتضي الظرف الجديد استمساكا صلبا في الموقف الأساسي إلى جانب المعالجة الحكيمة للداخل الفلسطيني والعربي حتى يحال دون التصدي الأمر الذي أعاد الكرة بسرعة إلى الملعب الأخر كما يقولون .
فقد وجد كرتستوفر نفسه مواجها بعدد من المطالب العربية والفلسطينية حتى يكون بالإمكان تجاوز قضية المبعدين والمشاركة في المفاوضات لأن القبول بالصفقة الأمريكية الإسرائيلية في اغرق قضية المبعدين والعودة إلى المفاوضات كان شيئا لم يكن سيسببان شعبيا شديدا فلسطينيا وعربيا .
بهذا كان لابد من أن تتكثف اللقاءات الأمريكية مع الأطراف المعنية من أجل الخروج من المأزق الجديد إذا ما أريد للمفاوضات أن تستأنف دون هزيمة كاملة برابين في قضية المبعدين فراحت أخبار كثيرة تتسرب عن وعودراح يعطيها وزير الخارجية الأمريكي للوفد الفلسطيني والوفود العربية الأخرى مقابل أن تبدأ المفاوضات في الوقت المحدد في العشرين من نيسان ( أبريل ) المنصرم ولكن كان من الواضح أن الوعود الأمريكية لا تقنع أحد لأنها من نوع السراب الخلب كما أثبتت التجارب الماضية فكان لابد من تعزيزها بتراجع رمزي يتعلق بالموافقة على مشاركة أعضاء في الوفد الفلسطيني من مدينة القدس لقد حمل هذا التراجع رمزه ومغزاه بسبب استمساك حكومة شامير السابقة برفضه ومواصلة حكومة رابين ذلك الموقف أما من حيث الجوهر فلا معني تراجعا ما دام غير مقرون بالإقرار أن مدينة القدس العربية محتلة أو أن القبول بمفاوض من مدينة القدس يحمل تراجعا عن الموقف الإسرائيلي بضم القدس العربية محتلة أو أن القبول بمفاوض من مدينة القدس يحمل تراجعا عن الموقف الإسرائيلي بضم القدس . وهما أمران نفيا نفيا قاطعا من جانب قيادة العدو.
مما أبقي قضية القدس على حالها السابق ولم يستجد في الأمر غير حدوث تراجع عن موقف مغالي في التطرف والتشدد .
إذا كان من المسلم به بالنسبة إلى المفاوض الإسرائيلي أن المفاوضات تحتم وقوع تراجعات متبادلة فإن من المهم أن يلحظ هنا أن إطار التراجع الإسرائيلي يراد له أن يكون رمزيا وشكليا أو قل يراد يكون تراجعا عن موقف مغال في التشدد و لا يمس الأرض والحقوق والقدس وإلا فكيف يقرأ ما تحمله مفاوضات كريستوفر المفاوضات
كانت قضية المبعدين قد حملت في ألصها ومنطلقها إمكان إنزال هزيمة سياسية مشهودة في رابين لو كان الموقف لرابين وكريستوفر أكثر صلابة ومنعة وصحة وقد استطاعت على الرغم من فقدان تلك الصلابة والمنعة والصحة أن تحقق انجازا سياسيا فيما فرض من تراجع في الصفقة الأمريكية الإسرائيلية وفي وقوفها عقبة أمام عودة المفاوضات في موعدها المقرر من قبل الإدارة الأمريكية وفي القرارات التي اتخذت في الدورة 99 لمجلس الجامعة العربية أما من جهة أخري وهذا هو الأهم فقد لعبت دورا انهاضيا هاما على مستوي الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية عموما وتكمن هذه الأهمية لأن الأوضاع العربية والإسلامية راحت تسير باتجاه الانهيار والانحلال بعد حرب الخليج الأمر الذي سيقضي على القضية الفلسطينية تاليا .
فالقضية الأهم هي في إحداث الإنهاض والتغيير لأن كل ما عدا ذلك في ظرفنا الصراع حول قضيتهم يجب أن يمس دورهم التاريخي في عملية الإنهاض التغيير ومن ثم تلحظ المكاسب السياسية الآتية .
تبقي مسألة أساسية أتاحت قضية المبعدين في مرحلتها الراهنة على كشفها وإبرازها وهي تلك التي تضمنتها المطالبات ال[فلسطينية كشروط العودة المفاوضات وأهمها المطالبة بتطبيق قرار مجلس الأمن 242 ( مبدأ الأرض مقابل السلام) ومن مضنه القدس أى أن عملية مدريد وما تلاها من مفاوضات لم تقم على قاعدة تنفيذ قرار مجلس المن 242 ولم تتضمن موضوع القدس أى كانت العملية تفتقر حتى إلى الحد الأدنى - الأدنى من الشروط التي وضعها المجلس الوطني الفلسطيني في دورته العشرين لبقول المشاركة في المفاوضات وبهاذ تكون قضية المبعدين قد كشفت خطورة الوضع الذي قامت عليه مسيرة التسوية ولا سيما بالنسبة إلى القضية الفلسطينية وتكون قد هزت شجرة هذه من جذورها .
وخلاصة لقد جاءت قضية المبعدين هبة من الله تبارك وتعالي إذ أصاب رابين بالعمي السياسي في هذه المسألة وإذ ألهم المبعدين الأبطال كل تلك الصلابة وكل ذلك الإصرار وكل تلك الشفافية السياسية في إدارة الصراع ولهذا فمن الخير كل الخير استمرارها حتى نهاية العام فالقضية أصبحت مباركة ونتائجها مباركة فسلام على المجاهدين في مرج الزهور ذلكم الدفق الحي في ضمير الأمة وذلكم الإشعاع في ليل تعاظمت ظلماته .
المبعدون .. مثل في الصمود
الدكتور عبد الستار قاسم
تم إبعاد الإخوة المعسكرين الآن في جنوب لبنان أيام البرد الشديد ومع بداية فصل الشتاء القاضي ثلوج سقطت على فترات متقطعة وهطلت أمطار غزيرة ظروف المعيشة صعبة جدا الخيام لا تقي من الأجواء العاصفة والطعام شحيح وسائل التدفئة بدائية المرافق الصحية غير متوفرة والأدوية قليلة وضعوا في ظروف صعبة وشاقة ومع ذلك صمدوا وما زال صمودهم مستمرا ولا أحسبه منقطعا أو متوقفا .
يستطيع الكاتب أن يسهب في وصف صعوبة الأحوال وشدة العناء لكن الأهم من ذلك هو المثل الذي ضربه الإخوة المبعدون لشعبهم وأمتهم وقفتهم لا شك عظيمة وصمودهم غاب مثيله على الساحة الفلسطين]ية منذ أمد بعيد , وضعوا لأنفسهم هدفا وقرروا أن يحققوه وإن لم يحصل فلي العدو أن يدفع الثمن فأما نيل المراد والمطلوب إما أن يبقي العدو مشدودا ولا يشعر على الأقل بالراحة والهدوء .
الموقف هذا أصبح نادر الحدوث على الساحة الفلسطينية الصمود عند موقف معين والتأكيد على تحقيقه مهما بلغ الثمن لم يعد السمة الأساسية لمواقف من يقولون أنهم قادة النضال والتحرير الثبات عند الموقف وجمع أسباب تدعيمه ودعمه تحول مع الزمن إلى شعار أمكثر منه إلى واقع عملي وأصبح يتردد أكثر وأكثر في الأشعار دون ميادين المواجهة في كثير من الخطابات والتصريحات خاصة تلك الصدارة عن القيادات تردد تعبيرات الصمود وتحطم سياسات العدو على صخرة الشموخ والثبات لكن في ذلك تنفيسا عن الذات وتضليلا للمستعمرين أكثر وصفا لحقيقة أو واقع .
أبعد قبل الفوج الأخير أناس كثيرون و على مراحل مختلفة كمل ما تعودنا عليه في السابق هو أن يظهر المبعد على شاشات التلفاز وهو يتحدث عن الأمة وحنينه للوطن وعن سوء إسرائيل ونياتها العدوانية الهادفة إلى تفريغ الأرض من سكانها وفي اليوم التالي كنا نشاهدهم يصافحون شبابا في المخيمات الفلسطينية في لبنان أو على أكتاف هؤلاء الشباب رافعين بأصابعهم حرف v الانكليزي للإشارة إلى النصر المبين ولكن دون تفسير كيفية النصر بالطرد من البلاد.
وبعد حين كانت تستقبلهم القيادات الفلسطينية التي كانت تهئ لهم المؤتمر الصحفي الذي يهاجمون فيه سياسات إسرائيل ويشيدون بقيادة منظمة التحرير وينتهي بذلك الخبر والعمل ويلوذ كل واحد منهم باحثا عن عمل منهم من كان يحالفه الحظ في عملة في مكاتب منظفة التحرير ومنهم من كان له شأن آخر والمهم أنه كان على المبعد أن يتأقلم مع الحياة الجديدة وأن يبدأ في البحث عن مستقبل جديد مختلف عن الماضي الذي تركه خلفه .
لم تكن الأمور تسير فقط بهذه السذاجة بل أن الحملة الإعلامية التي كانت ترافق قرارا إسرائيل بإبعاد فلسطينيين تميزت بالإغواء , كانت تردد أسماء الذين وقع عليهم قرار الإبعاد في وسائل الإعلام وكان الاهتمام بهم كبيرا على مختلف المستويات بما في ذلك الأمم المتحدة وكان التركيز كبيرا بحيث ظن بعض الشباب أن الشهرة هدف يجب أن يتم السعي إليه وكأن وسائل الإعلام كانت تضرب على وتر قد يكون ضعيفا عند العرب وهو الإشادة والتمجيد أو حب الظهور المفرط ولهذا لم يشعر كثيرون بالعار عندما قبل بعض الشباب بأنفسهم الإبعاد عن الوطن لفترة محدودة ولم يكن من الغريب أن يعلن أن توصلوا إلى ألإبعاد كحل لمشكلة بعض الشباب الذين تواجدوا في جامعة النجاح أثناء حصارها عام 1992م
على المستوي الرسمي الفلسطيني وكذلك العربي كنا نهرول إلى الأمم المتحدة شاكين أمرنا وحالنا لمجلس الأمن الدولي , ومن منطلق القانون الدولي كان مجلس الأمن يصدر قرارا بعدم شرعية الإبعاد ويطالب إسرائيل بعدم الإبعاد أو بإعادة المبعدين وكنا نحتفل بصدور القرار وتبتهج وسائل الإعلام وتقر عيون قياداتنا وترتفع إشارات النصر ولم نكن نشعر بالهزيمة أو بالانسحاق من حقيقة عدم اكتراث إسرائيل بقرارات مجلس الأمن بل كانت هي دائما تعرف مسبقا أن قرار الإدانة والمطالبة بإعادة المبعدين سيصدر لكنها كانت تعرف أيضا أن لا شرعية إلا شرعية القوة .
الأهم من ذلك أننا كنا نلجأ إلى الأمم المتحدة وندير ظهورنا وكأننا نعرف النتيجة مسبقا كنا نعرف ماذا سيكون عليه قرار الأمم المتحدة وماذا سيكون رد فعل إسرائيل وماذا ستكون النتيجة الأدلة حاصلة عدم الاكتراث هو الجواب والمبعد يبقي مبعدا وإشارة النصر تبقي منتصبة كانت قياداتنا وتنظيماتنا تبدأ باستيعاب المبعدين قبل صدور قرار مجلس الأمن وحتى قبل انتهاء المشاورات حول مسودة القرار وهذا بحد ذاته كان مريحا جدا لمجلس الأمن لم يكن بالنسبة للدول الأعضاء إلا إصدار قرار مكرر إلى حد كبير والعودة إلى الغفلة عن قضية شعب فلسطين .
لم تقيم خيمة فلسطينية يوما في جنوب لبنان لتكون مكان إقامة للمبعدين ولم يفكر أحد أن على المبعد أن ينتظر على الأقل بضعة أيام حتى يتخذ العالم " الحر " في مجلس الأمن قرارا بشأنه لم تكن المسألة بحاجة إلى جهد أو تخطيط بارع أو عبقرية سياسية فالخيام الفلسطينية في الجنوب كثيرة وكان من الممكن فقط إفراد أحدها في مكان ملائم كانت قياداتنا تتعجل الأمور فتنقل المبعدين إلى حيث الصحافة الإعلام ثم إلى حيث الذوبان في حياة جديدة ولم يكن المبعدون ينتظرون إذ سرعان ما كانوا يستجيبون لنمط سائد ويرحلون.
لم يكن الأمر بحاجة إلى عبقرية سياسية أو فذلكة فقط كان يحتاج إلى إرادة وانتماء حقيقي للوطن كان يتطلب الأمر واضحا هو " أنا باق هنا, لن أغادر سيرا على قدمي سأبقي في اقرب نقطة ممكنة إلى وطني إلى أن يصبح هناك مخرج أو بالأحرى تتطلب المسألة إيمان الشخص المعني أو الجماعة بحقهم حقهم في حريتهم وحرية وطنهم تتطلب إيمانا بالقلب يتبعه العمل وليس مجرد تردد فخري بالكلام والخطابات والأهازيج هذا الإيمان تصغر أمامه المشقة والتعب والألأم الإنسان المؤمن بحقه يقدم التضحيات اللازمة من أجل نيل الحق ويصمد أمام بطش الأعداء وجبروتهم ويعمل على تحويل الأمة إلى مصدر ألم لعدو نفسه .
شهدنا على الساحة الفلسطينية ترديدا متواصلا على مدي سنوات طويلة للصمود وإرادة الصمود والبقاء كتبت حول ذلك الكتب والمقالات ورسمت حوله السياسات وقيلت فيه الخطابات على مدي السنين كنا نواجه الخطر المستمر أو الطارئ بإعلان الموقف الصلب والإصرار عليه ولكن إلى حين اعتدنا أن نرفض أن نؤكد على مبادئنا على ثوابتنا وحقوقنا لكننا لم نكن نثبت على رأي أو على سياسة واحدة اعتدنا أن نبدأ بالتخلي رويدا رويدا عن الموقف ونبحث عن التبريرات التي تضفي على تنازلنا الجمال والاستحسان .
قلنا أننا سنحرر كل فلسطين لكننا زينا التخلي عن الموقف بالعقلانية والمنطق والحكمة وقلنا أننا نريد دولة فلسطينية ذات سيادة على تلك الأجزاء التي تم احتلالها عام 1967 .
والآن نهتف لحكم ذاتي على بعض المواقع السكانية قلنا لا لروابط القرى حتى أصبح أصحابها زعماء وطنيين ورفضنا التعامل مع مجالس بلدية يقيمها الاحتلال حتى أصبحت إقامتها من قبل الاحتلال مطلبا وطنيا ورفضنا العملاء الذين ينفذون سياسة العدو حتى أصبحوا المقربين من القيادة ودعمنا الأهل في الأرض المحتلة بالمال حتى أصبحنا نطالب العدو بتشغيلهم في مزارعه ومصانعه وقاومنا سياسة الإبعاد حتى نطلبه من سلطات الاحتلال وغير ذلك كثير .
لم تكن المأساة فقط في استمرار التنازل عن المواقف والمبادئ وإنما في تلك الادعاءات التي روجت دائما للنصر مع كل تراجع وهزيمة كنا نكتشف أننا انتصرنا أن الهزائم لم تكن مجرد هزائم وإنما كانت هزائم مظفرة انتصرنا عندما خرجنا من بيروت ورفعنا أصابعنا منتصرين وانتصرنا عندما أعدنا العرب إلى نظام كامب ديفيد وانتصرنا عندما قدمنا أغصان الزيتون لجنود الاحتلال وانتصرنا عندما أجبرنا " إسرائيل على التفاوض الانتصارات كثيرة وعددها بعدد الهزائم .
تطور لدينا عبر السنين جنبا إلى جنب الانتصارات عقلية التبرير وطوابير المبررين كنا نجد دائما على الساحة الفلسطينية من يبرر التنازل ويقدمه بشكل جميل بشكل جميل للجماهير فمثلا هرب قادتنا العسكريون من الجنوب اللبناني ليس لأنهم جبناء بسبب الثوريين الذين لم يتصدوا للإسرائيليين اعترفنا بإسرائيل ليس لأن قياداتنا عملت عبر السنين من أجل ذلك وإنما بسبب انهيار الاتحاد السوفياتي وأموال الصمود لم تهدر لأن القادة لصوص وسارقين ولكن بسبب سوء الناس ولم تذهب إلى طاولة المفاوضات ولأن القيادة متعطشة للجلوس مع إسرائيل ولكن لأن العراق هزم ولأن الأردن وسوريا قررتا الذهاب إلى مدريد.
كل الراجعات والتنازلات والهزائم نمت تحت مظلة التكتيك والقدرة السياسية على التعامل مع التطورات الدولية والظروف السائدة في المنطقة عقلية القيادة الفلسطينية عجيبة وفذة وقادرة على الخروج من المأزق وتسجيل الأهداف والحقيقة أن الإنسان يحتار في تلك العبقرية التي هربت من مواقعها في صور وصيدا وفي ذلك الذكاء الخارق الذي دعا إسرائيل في إلى ضم الأراضي المحتلة 67 لكي يصبح للعرب أغلبية في الكنسيت وفي ذلك الفذ الذي يعتقد أن جلوسه مع رابين غاية المني وفي ذلك المبدع الذي أمر بوضع غصن الزيتون على فوهة بندقية معادية بل ف يتلك العقلية التي قادت الفلسطينيين نحو التفسخ والاقتتال والانتفاضة إلى التدهور والساحة نحو الفساد المالي والإداري ومحاولة إخضاعها لمجموعة من المتآمرين والعملاء والمقربين من إسرائيل وأمريكا .
في مثل هذه الأجواء التي خلقتها القيادة برز الإخوة المبعدون ليكونوا بالفعل قادة حقيقيين إنهم قادة في الموقف وقدوة هؤلاء أناس آمنوا بالله وآمنوا بحقهم بوطنهم ولم تغرهم مظاهر الحياة ومتعها فقرروا أن يقفوا بحزم في مواجهة العدو غير عابئين بثقل الظروف وهمومها وآلامها وهذا بالضبط ما نحن بحاجة إليه على الساحة الفلسطينية علينا أن نحدد مبادئنا وأهدافنا ومن نقرر خطواتنا العملية التي يجب أن نصر عليها ونتابعها سواء كانت مبادرات أو في مواجهة سياسيات العدو.
لا أظن الإخوة المبعدين كانوا يأملون خيرا من مجلس الأمن فهم يعون دور الأمم المتحدة في إذلال العرب وضياع فلسطين وتدعيم الهيمنة الغبية على العالم لا أظنهم كانوا واهمين لكنهم أدركوا أن صمودهم سيجعل العرب والمسلمين على يقين من سياسات أمريكا والأمم المتحدة وكذلك من قدرة الأنظمة العربية على التأثير على الولايات المتحدة.
وخلق صمودهم مأزقا إعلاميا ومعنويا لإسرائيل والدول الغربية التي تدعمها ومأزقا للأنظمة العربية التي تراهن على الولايات المتحدة ورغيتها في الضغط على إسرائيل تحمل هؤلاء المؤمنون برد الشتاء القاسي في سبيل تأكيد دروس لم تعد خافية على من أراد مواجهة الحقيقة.
لم يخن الإخوة المبعدون أنفسهم ولم يخونوا المبادئ التي يتمسكون بها ويدعون إليها لم يديروا ظهورهم للوطن ولا لمبادئ للتضحية والصبر والفداء ولم يلهثوا وراء مفاخرة أو مباهاة أو مال أو حظوظ مادية استقبلوا وطنهم بوجوههم وأقدامهم تسعي إلى الأمام وليس هاربة إلى الخلف وقد تجلت عظمة الموقف بإجماع الكلمة قررت الجماعة أن لا للاستئناف أمام محاكم العدو وبذلك التزم الجميع وقررت أن العودة جماعية وغير مجزأة وبذلك التزم الجميع حتى أن بعض الذين قيل أنهم أبعدوا خطأ قرروا البقاء مع الجماعة وكذلك آثر المائة الذين سمح لهم بالعودة الإصرار على موقف جماعي موحد على الاستفادة من نتائج كواليس السياسة .
وما الفائدة من الصمود إذا كانت الأمم المتحدة غير قادرة على إلزام إسرائيل بقراراتها بل وغير راغبة في ذلك ما الفائدة من البقاء في البرد وتحت وطأة الأمراض والأخطار إذا كانت النتيجة معروفة سلفا ؟ وماذا بعد إذا كان قرار إسرائيل هو النافذ في النهاية ؟
مثل هذه الأسئلة الاستهجانية التي من شأنها التقليل من أهمية وفائدة الصمود أنجبت لنا روح اليأس والاستسلام واستهانت بما حققه الشعب الفلسطيني واستهترت بدماء الشهداء ودموع الثكالي والأرامل هذه الأسئلة الاستنكارية قادت العديد إلى القول بأن أمريكا أقوي دول العالم وعلينا تقبيل اليد التي لا نقدر على كسرها وهي التي أقنعت كثيرين منا بأن إسرائيل لا تهزم ومن الأفضل القبول بما تعرضه علينا .
التاريخ ليس مجرد حدث منعزل إنه أحداث متشابكة متتابعة وكل حدث عبارة عن حلقة في سلسلة تراكمية تاريخ الأمم لا يقاس بلحظة وإنما بسلوكها عبر اللحظات المتداخلة المتشابكة وإذا كانت الأمم تستهين بموقف صلب لم يأت بنتيجة إيجابية لحظية فإنها لا شك تشق طريقها نحو الانحطاط والاضمحلال والتخلف وتعرض نفسها لعدوان الآخرين واستغلالهم أما الأمم التي تصمم على الوقوف بشموخ وتشحذ إرادتها وترسخ إيمانها.
فإنها تشق طريقها نحو العزة والفخار والتقدم , وكذلك هو الصمود , إنه ترس صلب في عجلة تزداد به صلابة فإذا توافرت المواقف الشجاعة الصلبة فإنها ستصنع عجلة صلبة يستحيل إيقافها أو كسرها .
هكذا هو صمود الأخوة المبعدين وإصرارهم إنهم يضربون المثل لتكون مواقف الأمة نابعة من إيمانها وإرادتها وأهدافها .
وعندما يثبت كل فرد وجماعة الموقف المتوافق مع الهدف فإن عجلة تاريخ الأمة تبدأ بالدوران إلى الأمام فتقوي شوكتها ويهابها أعداؤها .
مرج الصقور
بقلم د. بسام العموش
لا أشك لحظة واحدة أن صقور مرج الزهور آية من آيات الله وحجة يقيمها الله تعالى بهؤلاء الرجال على الأمة والناس أجمعين رجال مرج الزهور جديدة وإرهاصات الحل الإسلامي ومنعطف مهم في القضية الفلسطينية لقد أبعد فلسطينيون كثر ملايين من البشر على فضلهم لكن الأربعمائة اصطفاهم الله تعالي ليكونوا شهداء على الناس شهداء على الأمة شهداء على القضية الفلسطينية شهداء للخط الإسلامي الفلسطيني شهداء على الخطوط الفلسطينية التي ضلت عن الحل في القضية الفلسطينية وأصبحت الرؤية عندها غير واضحة فأخذت تقول عن الانحراف واقعية وعن البيع سياسة .
رجال مرج الزهور ليسوا لفلسطين وحدها إنهم المساهمون في إذكاء الصحوة الإسلامية في جميع أنحاء العالم إنهم السياسيون الذين لم ينحرفوا بسياستهم وهم المفاوضون الذين لا يتنازلون قيد أنملة " نعود كلنا أو لا نعود" إنهم يعيدون اللحمة إلى الأمة فها هي شعوب الخليج تشد من جديد لقضية فلسطين بعد أن عصفت أزمة الخليج بآراء بعضهم عادت مساجد الكويت تتحدث عن فلسطين بعد أن لهج أذناب أمريكا في الأمة يسبحون بحمد بوش وأمريكا .
المبعدون يؤدون سياسة راقية إنهم يعلنون أنهم ليسوا ضد الشعوب الغربية بل ضد حكوماتها لقد أبكي المبعدون صحفيين أجانب وتأثر بهم رجال ونساء على " صمودهم وثباتهم وعلمهم وثقافتهم وتنظيمهم المبعدون يدقون الناقوس ويصدحون في أساتذة الجامعات والمثقفين والأطباء والعلماء أن كونوا لأمتكم كونوا رمز النضال والكفاح فمن يحمل الراية إن لم تحملوها أنتم يا أهل العلم ؟؟
المبعدون منفتحون على الاتجاهات الأخرى يستقبلونها مهما كان لونها السياسي جاءهم الناصريون والقوميون وغيرهم وسمعوا كلمات لهذه الأحزاب من أقطا مختلفة وكانت هتافات الإسلام عبر حناجر المبعدين تدخل في آذان قادة هذه الأحزاب هذه الهتافات تدخل القلوب لأنها من موقع الحدث والمسؤولية تخاطب من ضل الطريق واتبع السبل وترك طريق الإسلام أن عودوا إلى دينكم فهو المحب للوطن.
وهو المنادي بالوحدة وهو المعادي للأعداء والإمبريالية وهو حامل لواء العدالة الاجتماعية فلم التضييق على النفس بالنداء الوطني فحسب أو القومي فقط أو الاشتراكي أو غيره كونوا مع الإسلام كما كان المبعدون لأن إسلامهم يشمل ذلك كله .
رجال مرج الزهور هم صقور الأمة الذين يتحدثون بحرية لا يخضعون لوزارة داخلية أو خارجية يقولون من قرآنهم ويبلغون أحكام الإسلام ويستنشقون الهواء النقي يشدون قلب كل فلسطيني وعربي ومسلم وإنسان إليهم بين هضاب مرج الزهور .
صقور ذلك المرج يحاكون بواقعهم الأمم المتحدة وبطرسها صقور الإسلام في جنوب لبنان آية كما كان أهل الكهف آية كما كان أهل الكهف آية ولكن شتان بين من نام ومن هو مستيقظ العين والقلب وإنهم العمليون الذين يجرون العمليات الجراحية ويفتحون جامعة العالم المجاهد المكافح الفقيه ابن تيمية وهي أشرف جامعة لأن رجالها أستاذة وطلابا يتعلمون يعلمون من مركز الجهاد والكفاح كل صهيوني في فلسطين يتمني لهم الزوال رابين نفسه يشعر بعقدة الندم على إبعادهم المبعدون هم الذين أوقفوا المفاوضين العرب في إشكال العودة إلى طاولة الذل التاريخي.
تحية لكم يا آيات الله يا رجال الإسلام ونتقرب إلى الله تعالي بالحديث عنكم وسلام عليكم .
المبعدون .. الرافعة الفلسطينية
بقلم كمال رشيد / رئيس تحرير صحفية الرباط الأردنية
تعتريك الرغبة والرهبة وأنت تجد نفسك مرة واحدة في هذا الجمع المبارك وأنك تحقق حلما , وأنت تعانق أولئك الأبطال وتحادثهم وتعيش معهم وتسمع منهم وتطلع بعينك على أحوالهم ومعاناتهم وأشواقهم ويبهرك هذا الإصرار والإيمان والعزم بعد أربعة أشهر من المعاناة أو يزيد لم يلينوا ولم يغيروا من مواقفهم ويبهرك هذا الإصرار والإيمان والعزم بعد أربعة أشهر من المعاناة أو يزيد لم يلينوا ولم يغيروا من مواقفهم وثوابتهم وإصرارهم بل إنهم هم الذين يديرون غرفة العمليات السياسية فيقولون للمحسن أحسنت وللمنحرف المتلاعب مكانك لا تتكلم باسم المبعدين ولا تراهن على قضيتنا ولا تجعل من عودتنا صفقة تبيع بها البلاد بيعا شرعيا لليهود إيال والجمر.
يقول الناطق الرسمي لهم وكأنه والله يشهد يقول ما في قلب كل واحد منهم نصر على العودة لأن العودة حق مشروع لنا ليست عودتنا رخصة ولا مساومة ويقول قائلهم للوفد الصحفي الأردني نقسم لكم بالله إن توقنا وشوقنا إلى عزة أمتنا وكرامة أرضنا أشد من توقنا وشوقنا إلى أزواجنا وأطفالنا .
وفي الجمع مئة رأيناهم وجلسنا معهم عرض عليهم أن يعودوا إلى أزواجهم وبيوتهم في صفقة أمريكية يهودية ولكنهم أبوا وقالوا نعود لفلسطين جميعا كما أخرجنا أو نبقي هنا جميعا .
قلنا للقوم هذا ثباتكم وصمودكم لمسناه عرفناه فكيف صمود أزواجكم وأطفالكم فقالوا ما قد لا يصدقه ضعاف النفوس وسماسرة الأرض ومن ربوا أطفالهم وأزواجهم على الترف والنعيم والرخص والأنانية قالوا بل إن جاءنا من أهلنا وأطفالنا وأزواجنا وأمهاتنا زاد من عزيمتنا وثباتنا فهم أشد منا صبرا وكأننا مصدر عزة وافتخار لهم ولسنا مصدر شقاء وحرمان وعذاب .
ويلقاك الدكتور الرنتيسي وقد انتهي من توا من مقابلة صحفية لإحدى وكالات الأنباء يلقاك بهيئته المتواضعة ووجهه الذي يجمع بين الحزم والاطمئنان الوقدة والهدأة , حتى إذا تكلم أحصي الكلمات وراعي معانيها وأدرك دلالاتها وإمكانية استغلالها.
فيعطيك الجواب على قدر المعني وبالوضوح المطلوب وتستمع إلى رشح عن واقع هذه الصفوة من ساعات الاعتقال ورحلة التعذيب إلى هذه اللحظة فتغمرك الدمعة ويأسرك فعل الرجال وتتمني لو أن من في الأرض من المسلمين يسمعون كما سمعت .
اللجان المختلفة المتخصصة أعدت من الساعات الأولي اللجنة الطبية ولجنة التموين ولجنة الخدمات واللجنة الإعلامية واللجنة الثقافية ولجنة الفتوى لتفتي بالمستجد في هذا الحدث الجديد وهذا الظرف الجديد.
في القوم ما يزيد عن عشرين أكاديميا كانوا في الجامعة الإسلامية في غزة وغيرها من الجامعات ومنهم عدد من الأطباء والمهندسين والخطباء ورؤساء مؤسسات اجتماعية فيهم من جاوز السبعين ومن هو دون العشرين فيهم الرجل الضرير الذي حملوه على الأكتاف تمجيدا وتكريما ولكنه يري مالا يري أصحاب القرار الفلسطيني الذين جعلوا المسافة بين القدس وواشنطن أقرب من المسافة بين القدس وغزة وعرفونا على ثلاثة هم آباء لشهداء وعرفونا على ثلاثة أخوة مبعدين ثلاثة من أسرة وحدة.
ولم تكن جامعة ابن تيمية في مرج الزهور نوعا من الدعاية والكلام المحلي بل هي واقع وحقيقة الجامعة من الخيام والأساتذة والطلاب من المبعدين والمسافات تسير في عدد من التخصصات والمكتبة موجودة وهكذا تكون جامعة ابن تيمية شيئا من الإبعاد .
نعم غمرتنا الفرحة وغلبتنا الدمعة ضحكنا وبكينا وهتفوا وهتفنا لهم وهتفنا جميعا لفلسطين للعروبة والإسلام أنشدوا نشيد الصدق والحكمة شعب واحد لا شعبين " لن نهون " لن نهون, لن نلين , كلنا أحمد ياسين".وهتفوا للقيامة كما هتفوا للأقصى .
لقد كان وفدنا مشكلا ففينا الإسلامي والعروبي والمسيحي وكان جمعهم موحدا ولكنهم ملكوا علينا مشاعرنا جميعا وأخذوا منا الدمعة والابتسامة والانبهار والدهشة لما رأينا وما سمعنا وعلى الصفحات الأردنية انداحت الكلمات والصور كل يتكلم عن رحلة الخير إلى مرج الزهور .
شهد الوفد الصحفي لجميع المبعدين بالتنظيم والإبداع والدقة وقبل كل هذا شهدوا لهم بأنهم الرافعة الفلسطينية التي تعلو وتسمو لتخرج من المأزق ولتكشف ما تحتها .
قال لهم قائدنا : لم يبق إلا أنتم هنا في الخارج والانتفاضة في الداخل ويوم راهن الناس على أن إبعادكم سينهي الانتفاضة إذ بالغليان الفلسطيني في الداخل يزداد , وإذ بحكومة العدو ترتبك وتتخبط وتلجأ إلى ما تلجأ إليه الحكومة المتمكنة .
وكما أحرجتم عدوكم فقد أخرجتم أولئك الذين يسارعون إلى واشنطن وهم مستعدون على التوقيع تحت كل الشروط المهم أن يجدوا أنفسهم في الحكم ذات يوم ولو في حكم مخاتيري على عشر التراب الفلسطيني .
بكم أيها المبعدون المبدعون يعزز عمل الانتفاضة وعمل الفصائل الفلسطينية المخلصة وبكم أحبطت المؤامرات وعمليات الالتفاف على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ليجتمعوا ليتنازلوا وليوقعوا أما أنتم فلكم إيمانكم ومنطقكم ولكم القرار .
الخيام الخمس والخمسون تشكل عالما متميزا وهي معمورة بالأسود الضواري والعقول المؤمنة المهتدية والأجسام التي تنسي حظها من متاع الدنيا , فيها حرارة الإيمان وقوة العزم وعمق التفكير والناس في مرج الزهر مشغولون بقضيتهم ومصير أمتهم مسكونون بحب الوطن الذي هو من الإيمان حتى النكتة تأتيك بعبق فلسطيني جهادي حتى النشيد الذي جاء في المهرجان الذي أقاموه لنا جاء نديا وقويا حماسيا متوثبا موفقا في الكلمات وفي الأداء استطاع أن يحرك مشاعرنا وأجسامنا وإذا بنا في حلقة دبكة وكأننا في قرية من قري فلسطين .
نقارن بين حياة الشح والعسرة والمعاناة هنا في خيام المبعدين وحياة رواد الفنادق وأصحاب الشفق والقصور وركاب الطائرات من الدرجة الأولي ممن أثروا من القضية الفلسطينية وما زالوا .. نقارن ونقول هل يمكن أن يكون هؤلاء وألئك أبناء قضية واحدة .
يا هذه الأرض موجي وطوفي وتحركي ويا أيها الناس قولوا ما شئتم فليس على هذه الأرض من هو أعز من المبعدين إلا الشهداء وإن من بين المبعدين والانتفاضة في فلسطين رحما موصولة لا يعرفها إلا المخلصون .
أيها الأغنياء الموسرون من العرب والمسلمين .
أيها السياسيون المنظرون من وراء مكاتبكم
أيها اللاهون السادرون في غيكم ومنامكم وشهواتكم
أيها المختلفون فيما بينكم
أيها المختلفون فيما بينكم
أيها الحكام المتهافتون على مواقعكم
تعالوا هنا إلى مرج الصقور فقد تعيدون حساباتكم .
الرجال الكبار
بقلم الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي
أيها الرجال الكبار المبعدون الأبرار . نشهد أنكم قد قمتم بواجبكم وبذلتم أقصي جهودكم في جهاد أعدائكم ونشهد أنكم بذلك صدقتم ما عاهدتم الله عليه , ونشهد أنكم قدمتم التضحيات التي لا يقدمها إلا عظماء الرجال المؤمنين ونشهد أنكم فعلتم وتفعلون وستفعلون من مواقف قد أغظتم اليهود , ونلتم منهم نيلا كبيرا !!
لقد دفعتم ضريبة الجهاد بإيمان روجولة فجعتم وعطشتم وتألمتم وتعبتم , لكن نفوسكم راضية وقلوبكم ثابتة ومعنوياتكم عالية .
جزالكم الله أيها القادة الكبار فأنتم قادة الأمة وليس أولئك اللاهثين وراء سراب السلام والمفاوضات أنتم العمالقة وغيركم من المخلفين القاعدين أقزام وأنتم الأساتذة العالمون وغيركم من أسري الواقع المهزوم جهلاء حالمون .
فهنيئا لكم جهادكم ومعاناتكم وتضحياتكم هنيئا لكم جوعكم وعطشكم ومرضكم وتعبكم فهذه عبادة عظيمة تتقربون بها إلى الله وملحمة الصر تصنعونها وتمهدون لها بالنصر المبين الذي أنتم رواده السابقون السابقون !
امضوا في طريقكم مجاهدين ثابتين , يا أولياء الله ولا تلتفتوا لغيركم ولا تأبهوا لسواكم ولا تفكروا في المسالمين والمتنازلين والمفاوضين دعوهم في خوضهم يلعبون ومن نحن حتى تقدم لكم هذه النصائح وماذا نساوي أمامكم أيها القمم الشامخة والبدور الزاهرة ؟ وما نحن إلا أناس ضائعون يعيشون على هامش الحياة وأنتم صانعا الحياة ومهندسوا المستقبل نحن الثري على درجة الأرض وأنتم الثريا المتلألئة في السماء . أين الثري من الثريا ؟؟
مشاهداتي في مخيم العودة
بقلم الصحفي ياسر الزعاترة
التقينا بالأستاذ الصحافي والكاتب الإسلامي ياسر الزعاترة رئيس تحرير مجلة فلسطين المسلمة .. خلال زيارته لمخيم المبعدين فلقد جالسنا وطاف في أرجاء المخيم فكانت له انطباعات ثاقبة وسديدة استطاع أن يصورها في مجلته اقتطفنا منها باقة يانعة ينبعث منها الأريج الطيب .
فقال :ط أياما رائعة عشناها في مرج الزهور بين جمع عجيب من المجاهدين ... أياما يعجز القلم عن وصف لحظاتها ... مر الزهور .. اسم خلده المبعدون .. وعلى صخوره كتبوا أجمل الأناشيد وسطروا أروع الملاحم .. هكذا يدخل المكان إلى سفر الخلود حين يأوي إليه أناس غير عاديين .
لم يبق أحد في هذا العالم لم يسمع بمرج الزهور ... ليس المكان فحسب وإنما أسماء الذين حفروا اسمه على جدران التاريخ .. هكذا يتمرد المجاهدون على زمن الانحطاط, ويفتحون نافذة في جدران اليأس ويكتبون المستقبل بأحرف من نور .
هنا في مرج الزهور يتمرد الزمن الفلسطيني على قيود التاريخ والجغرافيا ويصنع آفاق أوسع للحلم البعيد حلم البحث عن مستقبل أكثر إنسانية لهذا العالم .
هنا في مرج الزهور تتساقط مفاهيم العدل الدولي والإنسانية الدولية أمام إصرار الرجال على التشبث بالوطن بعيدا عن أقلام وخرائط الذين يزيفون التاريخ .. هنا في مرج الزهور تشمخ الخيام وتنكس القصور رايتها الزائفة وينحني المجد أما الذين لا ينحنون إلا لخالقهم .
في مرج الزهور ينكسر الصلف الصهيوني وتغدو الضحية أقوي من جلادها ويكبر الرجال في عيون أمتهم ويصغر عدوهم في عيون العالم أجمع .. في مرج الزهور كان إعلان شامل للتحول في مسار الصراع مع المشروع الصهيوني .. فهنا تبدي النقيض الحقيقي لذليك المشروع وبرزت القيادات القادرة على صناعة المستقبل .
في مرج الزهور .. هذه القطعة من الجنوب اللبناني امتزج الدم الفلسطيني بدماء شهداء الجنوب أولئك الذين رسموا بدمائهم الزكية دروب التحرير .. فيا تراب الجنوب بحق شهداتك الخالدين لا تكن قاسيا على الرجال لقد رمتك فلسطين بفلذات أكبادها فضمهم إليك كما تضم الأم طفلها الوحيد..
أياما قليلة عشناها هنا كانت كافية لنتزود للزمن القادم .. كانت كافية لنأخذ مناعة ضد الخوف من سرطان النظام العالمي الجديد .. لا ندري عن أى شئ نكتب في هذه الرحلة الرائعة .. فقد كتب الكثير وقيل الكثير غير أن حكايات الرجال لم تزل تتجدد.
لقد ذهبنا لنتعلم ونتزود للزمن القادم ولم نذهب لنعود بخطبة صحافية ذهبنا هناك لنجلوا أرواحنا من صدا الحضارة الجديدة ونعيش أياما من الرفح الحزين .في مرج الزهور ضحكنا كما نضحك من قبل وبكينا كذلك .
الإبعاد ميلاد الانتفاضة الثانية
بقلم الدكتور أحمد نوفل
في مقابلة مع نشرة " أرض الإسراء " العدد التاسع الصادر في شباط 1993 م في لندن قال الدكتور أحمد نوفل :" إن الإبعاد هو الميلاد من جديد للانتفاضة الجهادية المباركة , لقد جدد وقودها من بعد بعض خمود ... لقد اكتسبت الانتفاضة قوة بهذا الإبعاد وأشعلت الروح الجهادية ولذلك فإن مستقبل الانتفاضة على ضوء الإبعاد سيتصعد وما أمر مقتل ضابط الموساد في القدس إلا مؤشر على هذا الأمر "
وحول تأثير الإبعاد وإيجابياته قال الدكتور نوفل:" قسوة التجارب هي الصقيل الذي يصقل الشخصية القيادية ويصهر كل الزبد الذي يعلو على سطح هذه الشخصية ولذلك فإنه ما من نبي إلا وتعرض للفتنة والبلاء فق قال القرآن عن موسي ( وفتناك فتونا ) وقال عنه ( ولتصنع على عيني ) فالفتنة هي التي تصنع .
ويوسف قبل تسلم القيادة تعرض للسجن ولا نسرد الشواهد فهذه سنة الله وبعبارة أكثر تحديدا نستطيع أن نجمل في نقاط بعض ايجابيات الإبعاد.
- صناعة القيادات وإعطاء الفرصة لهذه الكوادر الأربعمائة أن تخرج إلى فرصة لصياغة الذات ولئن كان هؤلاء الإخوة قادة محليين قبل الإبعاد فسيكونون قادة أكبر بعد الإبعاد .. لما أتيح لهم من فرص ولما خاضوا من تجربة ولما علا فيهم من قدرات قيادية روحية ونفسية ..
- إعطاء هذه القيادات الفرصة للقاء والتخطيط والنظر والتدبر وما أحوج الحركة إلى الوقت الذي تسكن فيه بعض القيادات لتأخذ وقتا للتأمل والمراجعة والحساب ..
- لأول مرة يتاح لنا فرصة مخاطبة العالم وإعلامه بهذه الكثافة وكما علمنا جميعا فإن وكالات الأنباء لا تغادر مخيم المبعدين ولا يكاد يفرغ الإخوة من لقاء وكالة أنباء حتى يكونوا على موعد مع أخري ولم يضيع إخواننا الفرصة فلقد كلموا العالم بلغة راقية وخطاب حضاري مشرف لا تشنج فيه ولا ضجيج.
- أعطت عملية الإبعاد زخما جديدا للانتفاضة حتى أطلق على الإبعاد ميلاد الانتفاضة الثانية ,بعد المسير الطويل للانتفاضة ما كان أحوجها إلى دم جديد وقوة دفع جديدة فجاءها كل ذلك في عملية الإبعاد.
- أحيت قضيتنا بعض محاولات الإماتة في عملية السلام وأرجعتها عملية الإبعاد من الطاولات والملفات إلى الميدان الحقيقي والمواجهة الدامية وهذا هو الطريق .
- كشف وعرت كثيرا من الأنظمة التي كانت تضرب الحركة الإسلامية وأوقفتها في خندق رابين فقد بات واضحا لكل ذي عينين بالدليل المحسوس أن من يضرب المسلمين هو في خدمة اليهود وفي خندق رابين ولقد سمعت من إذاعة العدو أننا والدول العربية الآن في حالة تنسيق في حرب الأصوليين أقوي من المواثيق الموقعة .
- أعطي الإبعاد لحركة حماس من المصداقية والجماهيرية والحضور الشئ الذي فاق توقعنا وحسابنا وأحلامنا .. حتى بات هذا الاسم على كل لسان في العالم حتى الزعماء الذين كانوا يتجنبونه .. صاروا يذكرونه فالحسن الثاني في مقابلة يقول : لابد من دخول حركة حماس إلى المجلس الوطني .
ملحق الوثائق
رسائل ووثائق صادرة عن المبعدين
بيان صادر عن رابطة علماء فلسطين المبعدين
الحمد لله ناصر المظلومين ولي المتقين قاهر الجبارين قاصم المجرمين نحمد ونستعينه ونستهديه ونصلي على رسوله العظيم ونسلم تسليما كثيرا .
أيها المسلمون في أقطار الدنيا أيها الأحرار في كل مكان أيتها المنظمات الإنسانية أيها الدعاة إلى حقوق الإنسان .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الإبعاد الجبري والترحيل عن الديار والأهل صورة لأبشع ما عرفته شعوب الأرض من ظلم وبطش هذا الإجراء القهري المرفوض دوليا وقانونيا الذي أقدمت عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم الخميس 17/ 12 / 1992 في إخراج أربعمائة وإثني عشر فلسطينيا عن أرضهم معظمهم من العلماء العاملين إلى أرض لبنان التي رفضت بدورها استقبالهم – مشكورة – ونحن بدورنا آثرنا القرب من أرض الوطن في الجبال المكسوة بالثلوج الخالية من جميع المرافق الحياتية ننتظر القدر .. وكلنا أمل بالرجوع إلى أهلينا وأولادنا ومقدساتنا .
يا أحرار العالم : إننا نبسط لكم مأساتنا في السطور الآتية .
- اقتحم جنود الاحتلال الإسرائيلي بيوتنا ومساجدنا ومواقع عملنا واقتادونا إلى السجن في غاية الفضاظة والإنسانية .
- لم يقدم أى منا إلى المحاكمة ونفذ الحكم فينا غيابيا .
- بعضنا كان يمضي مدة حكم إداري في سجون الاحتلال ( ومعني هذا عدم وجود أى تهمة أمنية يدان عليها ) وكان بعضنا ينتظر الإفراج من السجن الإداري بعد بضعة أيام .
- أعمار المبعدين تراوحت بين الثامنة عشرة وما فوق الستين .
- عددنا أربعمائة واثنا عشر النسبة العظمي من حملة الشهادات العليا وهم من حملة كافة المؤهلات والتخصصات من رؤساء الجامعات وأساتذتها والقضاء الشرعيين والأطباء والصيادلة والمهندسين ومدراء المدارس ومدرسيها ومدراء الأوقاف وموظفيها وطلاب الجامعات والتجار والصناعيين .
- شمل الإبعاد أئمة المساجد والخطباء وفي مقدمتهم خطيبا المسجد الأقصى المبارك الشيخ حامد البيتاوي والشيخ محمد فؤاد أبو زيد مدير أوقاف جنين .
- هناك عدد هائل من أعضاء رابطة علماء فلسطين بما فيهم رئيس الرابطة الشيخ حامد البيتاوي قاضي محكمة طولكرم الشرعية .
وقد استمر عملية الإبعاد قرابة أربعين ساعة وتضمنت الممارسات التالية :
- شتم الرب والرسول محمد صلي الله عليه وأله وسلم.
- شتم قادتنا وأعراضنا بالألفاظ النابية وشتم الحركة المقاومة الإسلامية ( حماس )
- الضرب المبرح على الرأس وسائر الجسد بالأيدي والأرجل والعصي وأعقاب البنادق مما أدي إلى نزيف دما وتكسير عظام.
- التكبيل للأيدي والأرجل وإغماض الأعين طيلة مدة الإبعاد.
- البصق على اللحي والبول على بعضنا أو رشق البول علينا .
- منعنا من كافة الحاجات الإنسانية .
- غارت القيود في الأيدي والأرجل ونزفت الدماء دونما نجدة أو رحمة .
أيها المسلمون الحملة الفاشية من السلطات الإسرائيلية قصدت تفريغ بلدنا فلسطين من أهلها وتخريب المساجد والجامعات وهدم المؤسسات والجمعيات والمحاكم والمدارس ودور القرآن الكريم ولجان الزكاة فضلا عن هدم البيوت وتشتيت الأهل مما يعتبر عملا فاحشا لا إنسانيا يكشف عن نفسية اليهود وتركيبتهم ونواياهم وأحقادهم .
أيها الناس :
إن الحرب اليهودية على شعبنا ومقدساتنا وعقيدتنا ذات تاريخ معروف فهم الذين أغلقوا المساجد ومنعوا المصلين من ممارسة العبادة فيها وبخاصة المسجد الأقصى المبارك وهم الذين أحرقوا منبر الأقصى الشريف وحاولوا نسفه وحرقوا الأنفاق تحته ونفذوا المجازر في ساحاته فاسقطوا العشرات من القتلى والجرحى في مجزرة الأقصى الوحشية بتاريخ 8/1/1990م.
فهم الذين قتلوا الأطفال والنساء وأجهضوا الحوامل واقتحموا المستشفيات وأطلقوا الرصاص . حتى على المعتقلين وحرموهم من أبسط حقوق الإنسانية .
هؤلاء هم الذين يتوجون جرائمهم لإبعادنا عن أرضنا ومساجدنا وأبنائنا وأهلينا .. بحجة قتل يهودي واحد من قبل حركة المقاومة الإسلامية - حماس ..
فأى إنصاف هذا ؟ وأى التزام بالقوانين الدولية وحرية الإنسان ؟؟ وأى دليل أكبر من هذا على حبهم للسلام ونواياهم الحسنة تجاه الفلسطينيين والعرب ؟!!
أيها المسلمون في العالم يا أصحاب الضمائر الحية .إننا في رابطة علماء فلسطين ونحن نستنكر بشدة الهجمة الشرسة على إخواننا في حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) بزج أعداد هائلة منهم في السجون بالإضافة إلى إبعادنا ثم التعذيب بالمذابح الجماعية في الشارع الفلسطيني أثر تضامن الشعب معنا نحن المبعدين والتعبير عن شعورهم الغاضب : إننا مع استنكارنا لذلك نطالب بالتالي :
- مطالبة دول العالم والمؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية والجامعات والمعاهد العلمية بالتدخل الفوري لمنحنا حقنا الطبيعي في العودة إلى ديارنا المقدسة.
- دعوة الدول الإسلامية والعربية إلى العمل الجاد والفوري للوقوف أمام مسؤولياتهم تجاه هذا الحدث الجلل .
- مطالبة الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية وقف المفاوضات الذليلة مع العدو الغاشم المتغطرس .
- دعوة الشعوب الإسلامية والعربية للقيام بدورها والتنبه للمؤامرة الخطيرة على الإسلام والمسلمين وعلى المسجد الأقصى والمقدسات .
- ندعو مسلمي العالم اعتبار يوم الخميس 24/ 12/ 1992 بعد أسبوع من الإبعاد يوم صيام ودعاء تضامنا مع المبعدين وأهليهم وشعبنا .
- اعتبار يوم الجمعة 25/12 / 1992 يوما للحديث عن ( جريمة الإبعاد) في الخطب والدروس والمواعظ .
- دعوة الخطباء والعلماء والمدرسين في العالم كله للتأكيد على هذه الجريمة النكراء وجعلها موضوعا في المساجد ومراكز العلم والبحث .
- دعوة الهيئات والمراكز الإسلامية لطباعة هذا البيان بكافة اللغات وتوزيعه لإطلاع الرأي العام العالمي عن الممارسات اليهودية الإنسانية .
أما أنتم يا شعبنا الفلسطيني الحبيب فالثبات والصبر والصبر والإقدام فإن النصر مع الصبر وإن مع العسر يسرا . مزيدا من العطاء ومزيدا من الإقبال إلى الله – والله معكم ( ولينصرن الله من ينصره ) (وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلون) .
بيان المبعدين الفلسطينيين
قال الله تعالي : ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)
إيمانا منا تحت المبعدين بقوة حقنا في الرجوع إلى أرضنا وأهلنا وديارنا الذين أخرجنا من بينهم عنوة ليس إلا لقولنا لا إله إلا الله محمد رسول الله . وإيمانا منا بحقنا الذي تحفظه لنا ميع الشرائع السماوية والقوانين الدولية.
فإننا نناشد جميع الدول والشعوب ممثلة في الحكومات والمؤسسات الدولية والخيرية أن يقفوا بحزم أمام هذه السابقة الخطيرة التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة والقطاع من إبعاد المئات من خيرة أبناء شعبنا دون إعلامنا ودون الرجوع إلى الطرق القانونية في المحاكم العسكرية وإن كنا نعرف مسبقا قراراتها حيث فوجئنا بوجودنا في منطقة الجنوب اللبناني دون غذاء ولا ماء ولا غطاء ولا مأوي
وعندما نقلتنا السلطات الإسرائيلية إلى المنطقة التي تسيطر عليها الجيش اللبناني والذي يقام بدوره بردنا من حيث أتي بنا ء على قرار الحكومة اللبنانية الرشيدة والذي نثمن غاليا ذلك الموقف الذي يعبر عن وقفة بطولية تضامنية مع شعبنا حيث أغلقت الحكومة اللبنانية باب الإبعاد إلى أراضيها مشكورة.
وعندما رجعنا إلى النقطة التي يسيطر عليها جيش إسرائيل فإذا بهم ينزلوننا عنوة من الشاحنات ويطردوننا ثم يمطرونا بزخات من الرصاص مما دفعنا إلى أن نعسكر في المنطقة المنزوعة السلاح .
وبقينا على هذا الحال حتى وصلنا الصحافيون وممثلو الأحزاب الفعاليات اللبنانية وفي مقدمتهم الجماعة الإسلامية والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله ... كل هذا تفعله حكومة إسرائيل دون النظر إلى الشرائع السماوية أو القوانين والأعراف الدولية مما يجعل ذلك سابقة خطيرة في مجريات جهاد شعبنا ضد الاحتلال الإسرائيلي .
لذا ومن هذا الوضع الإنساني الذي وضعنا به أمام مسمع العالم كله فإننا نناشد
- الحكومة اللبنانية أن تبقي على موقفها الوطني الشجاع في عدم فتح الأراضي اللبنانية أمام مزيد من الإبعادات ونشاهدها الثبات عليه .
- الوفود العربية المشاركة في العملية التفاوضية ونخص بالذكر الوفد الفلسطيني بالانسحاب الفوري من قاعة المفاوضات وعدم الرجوع إليها البتة لأن إبعاد المئات من خيرة هذا الشعب المجاهد يدل دلالة واضحة على نية حكومة رابين في السلام المزعوم .
- أهلنا في الأرض المحتلة الصبر والثبات والرباط ونطمئنهم أننا بخير وبصحة جيدة وبمعنويات عالية ونسأل الله أن يبقيهم على صبرهم كما نسأله أن نلتقي بهم قريبا .
والله أكبر ولله الحمد
المبعدون العائدون بإذن الله
بيان أساتذة الجامعات والمدرسين المبعدين
( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد)
الحمد لله والصلاة والسلام على إمام المرسلين وبعد
إلى كل المثقفين في العالم إلى كل الأحرار إلى العاملين في حقول العلم من جامعات ومعاهد ومدارس وسواها إلى أمة الإسلام.. إلى أمة العرب إلى كل الشرفاء .. في الوقت الذي تتعالي فيه الأصوات وترتفع فيه النداءات الداعية لحقوق الإنسان وكرامته وصحته.
وحين أصبحت حرية الإنسان إعلانا تتباهي فيه الدول والأنظمة ويتسابق العالم لنصرة الأطفال والأمهات في هذا الوقت تمتهن كرامة الإنسان وتمزق حريته ويحرم من أبسط الحقوق الحياتية للأحياء تلكم الحياة في والعيش على الثري الذي يولد عليه ليزهر به وينعم بهوائه ومائه وإنها كرامة الإنسان الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال بتنفس الهواء الملوث بقنابل الغاز المتسلطة.
لطالما صبنا على التجويع والسجن والممارسات التسلطية .. صبرنا على الظلم وعلى اقتحام البيوت وعلى إتلاف الأموال وعلى الاستيلاء عليها .. صبنا على القهر ليلا ونهارا .. صبنا على ظلم أطفالنا ونسائنا .. كل ذلك عشناه عبر السنين العجاف تحت وطأة الاحتلال لكن مأساة التعليم في أوساطنا كانت متميزة يندي لها جبين الإنسانية وتتهاوي أمامها المعاني الكريمة .
فكم أغلقت الجامعات لسنين وطرد الطلبة والمدرسون من كلياتهم وأغلقت المدارس الدنيا والعليا كرها كما اعتقل مدرسون بحجة الملفات الأمنية السرية وكم فصل آخرون بدون ملفات لقد كنا نرك تمام الإدراك أن على رأس الأهداف لتلك الممارسات التجهيل للإنسان والتفريغ للأرض للتربع عليها من قبل الصهاينة ولم يكن في الحسبان أن تصل الأمور إلى المستوي الذي آلت إليه .
الحلقة الكبرى من حلقات الجريمة الكبرى هي الإبعاد الجماعي لم يكن الاعتقال مفاجأة لأنه معتاد ولا ممارسات ولا تقييد الأرجل والأيدي بقيود بلاستيكية تفتك باللحم وتنحت العظم وعصب الأبصار والضرب المبرح على كافة الجوارح بما فيها الرأس والمنع من الطعام والشراب وقضاة الحاجة السب الدنئ للعقيدة والأعراض والبصق في الوجوه حيث بال بعضهم على ثيابهم بعد أن صرخوا مستغيثين ولا جواب إلا الضرب والأذى والإذلال والامتهان كل ذلك قارب 36 ساعة وزاد البعض الآخر حتى جمعوا القوائم التي أعدوها .
كان أبناء الشعب الصابرين يرزحون مقيدين في مقاعد الأتوبيسات لا يعملون إلى أين المسير ولا كيف المصير حتى إذا كانت الساعة العاشرة من مساء يوم الخميس 17/12/ 1992 م حين فكت القيود واقتيد الجميع لسيارات شاحنة وحشت الكتل البشرية في 6 شاحنات لا يجد الشخص مكانا يقف فيه تحت وطأة الظلام وتساقط الثلوج ودرجة الحرارة دون الصفر كل ذلك أقل وطأة وأهون شأنا من الخب .. إنكم ( مبعدون) أنتم الآن في جنوب لبنان أرضنا يرحل آلاف الغرباء مكرمين معززين تبني لهم البيوت وتهئ لهم المرافق ونحن نطرد منها لا نعلم ذنبا إلا أننا نقول ربنا الله .
إننا أبناء شعبنا الفلسطيني الصابر نكتب من وسط الجبال والثلوج تحيط بنا من كل جانب والأحوال الجوية العاصفة وقلوبنا معلقة بكم وإيماننا بالله أن العودة قريبة بإذن الله .
ولدي النظر لقوائم المبعدين أدركنا الضربة الكبرى المساجد والمؤسسات الدينية وما يزيد عن مائة خطيب مسجد وقرابة عشرين أستاذا جامعيا وعشرات الأطباء والمهندسين والصيادلة والتجار والمحامين والموظفين هنا الحشد الضخم من بناة المجتمع الفلسطيني المرابط لم يكونوا حملة سلاح ولا قتلة وهم عاملون يحملون عبء أسرهم وأمتهم وشعبهم .
وبعد يا شعبنا المرابط نحن نعلم أن مفاجأتك عظيمة وحزنك عميق أيتها الأمهات أيها الأبناء أيها الأهلون اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون .
يا أيتها المؤسسات العربية الإسلامية والعالمية وأيتها الدنيا جميعا هذه مسرحية محنتنا وهذه صيرورة الاحتلال وهذه طلقة الإبعاد في مسلسل السلام العادل المشرف.
نتوجه إليكم في مثل هذه الأيام من رأس السنة الميلادية لتعيدوا النظر فيما حل علينا من الظلم .
أساتذة الجامعات والمدرسين والمبعدين جنوب لبنان / مرج الزهور
نداء من المبعدين إلى سكرتير الأمم المتحدة
السيد / بطرس غالي سكرتير الأم المتحدة المحترم
تحية طيبة وبعد
إننا أمام وضع مأساوي يعيشه شعبنا الفلسطيني داخل أراضيه المحتلة حيث تتصاعد وتيرة الأساليب الإنسانية التي تتبعها قوات الجيش الإسرائيلي تجاه الأطفال والشيوخ الذين يعيشون داخل الحصار العسكري المشدد الذي دخل الأسبوع الثامن من تاريخه .
وزادت حالات القتل العشوائي والاعتقالات الهوجائية وملاحقة الأمنين في كل بيت وشارع مما جعل من الأراضي المحتلة مسرحا تستعرض فيها قوات الاحتلال عضلاتها ف يوجه شعب أعزل .
إننا إذ نستشعر التمادي والصلف الإسرائيلي وتجاوز كل الأعراف الدولية ومواثيق الأمم المتحدة لنطالب بتوفير الحماية لشعبنا داخل أراضيه المحتلة وإصدار القرارات التي تلزم إسرائيل بوقف عدوانها المستمر الذي يستهدف كل مقومات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
إن ما وصل إليه الحال لشعبنا الفلسطيني يتطلب تحركا سريعا من هيئتكم لوقف النزيف الدامي والحصار المستحكم والجوع الذي بدأ يتفشي نتيجة البطالة الكبيرة التي تشهدها أوساطنا العمالية .
نداء إلى ضمير العالم
لقد دخل الحصار العسكري المفروض على شعبنا الفلسطيني داخل أراضيه المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة أسبوعه الثامن وزادت حدة العنف الإسرائيلي الذي مس ظروف الحياة وعطل حرية الفرد الفلسطيني حتى في البحث عن لقمة العيش مما كان لذلك سئ الأثر على اقتصاديات شعبنا وحتى على توفير القوت اليومي للأطفال والشيوخ والنساء وزادت نسبة البطالة العمالية حيث وصلت إلى 40% وبدت معالم الفقر تغزو الأسر والبيوت.
إنا ومن هذا المكان الذي نقيم فيه واستشعارا منا بخطورة الوضع داخل أراضينا المحتلة وما آلت إليه أوضاع شعبنا الأعزل فإننا نحث كل المؤسسات الدولية والإنسانية وكذلك الدول الغنية وأصحاب الضمائر الحية والتكتلات الاقتصادية الدولية إلى تقديم الدعم المالي العاجل وتوفير إمكانيات المحافظة على استمرار الحياة لشعبنا الفلسطيني المحاصر.
إن محاولة غضه الطرف وعدم الاكتراث بما عليه شعبنا ليعتبر تجاوزا لروابط الإنسانية التي تربط بين الإنسان بغض النظر عن جنسه ولونه فإننا نهيب بكم يا كل أحرار العالم أن تقوموا بواجبكم الإنساني تجاه شعبنا المحاصر
رسالة من المبعدين إلى بطرس غالي
السيد / بطرس غالي سكرتير عام الأمم المتحدة المحترم
تحية طيبة وبعد
لسنا نعتقد أنكم تغفلون أن خمسة أشهر قد مضت على إبعادنا عن أرضنا وأطفالنا وكذلك عن إصدار قرار مجلس الأمن (799) القاضي بعودتنا الجماعية والفورية والمنة .. ولسنا نتصور يا سيادة الرئيس أن هذا القرار الذي اتخذ بإجماع أعضاء مجلس الآن قد يتعطل تنفيذه طيلة هذه المدة .
هل تعني الفورية والجماعية الأمنة أن نبقي هنا وسط الصخور والجبال وفي ظل ظروف تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة؟
هل يعني قرار 799 أن يسمح لإسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية بعقد صفقات ثنائية تضرب عرض الحائط بالإجماع الدولي والقانون العالمي الذي تعامل مع قضيتنا حين إصدار القرار بما تستحقه ؟؟
يا سيادة الرئيس
إننا أمام حالة سياسية وإنسانية لم يسبق لها مثيل لذا فإننا من واقع معاناتنا التي مرت عليها مائة وخمسون يوما نطالبكم بتنفيذ القرار احترام لمعايير القانون الذي استند عليها وقت اتخاذ القرار حتى لا يطوي في ثنايا النسيان كما القرارات السابقة
واقبلوا الاحترام
رسائل وبرقيات وصلت إلى المبعدين
نص الرسالة التي وجهها الشيخ سعيد شعبان رئيس حركة التوحيد الإسلامي في لبنان إلى المبعدين الفلسطينيين في مرج الزهور
( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون)
إلى الإخوة في مرج الزهور بل في روضة النور ثبتكم الله في الدنيا ويوم الصبور على الصراط المستقيم حتى تدخلوا جنة النعيم بما صبرتم على الحق في مواجهة من أخرجوكم ومن ظاهر على إخراجكم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.
تعلمون أيها الإخوة أن المؤامرة على الإسلام تتجلي في مطاردة المسلمين في كل بقاع الأرض وأن الأنظمة العربية أو أكثريتها تتنم إلى أمريكا وأوروبا وإسرائيل في مكافحة الصحوة الإسلامية خوفا من الإسلام وشغلا للمسلمين بالدفاع بدل الهجوم بل تخويفا لكل مسلم مما يجره عليه انتماءه للإسلام من ضريبة باهظة قد تكلفه ما كلفتكم بأقل تقدير.
وما أظن أن الله تعالي قد كتب على الصادقين من أمثالكم وأمثال إخوانكم في الداخل وفي العالم الإسلامي إلا السعادة في الدارين حينما ابتلانا من قبل كما تعلمون وحين ابتلي كل ما قال آمنت بالله.
وهل يخفي علي الله تعالي ما تنطوي عليه قلوب أوليائه الصادقين ولكنه سبحانه أراد بنا وبكم من آبائنا وأمهاتنا وحكوماتنا التي تحارب الله وتفاوضا اليهود على الاستسلام لإرادتها وللإدارة الأمريكية التي بدا أنها الشريك الكامل لإسرائيل من يوم أن وجدت إسرائيل على أرض فلسطين .
إن الإعلام العربي الإسرائيلي كما ترون لا شغل له إلا بالحديث عن مكافحة الإرهاب والتطرف الإسلامي حيث وصل الأمر إلى التنسيق الكامل بين مصر والجزائر وتونس والهند مؤخرا بالإضافة إلى دول الخليج لمواجهة الإسلام وتسديد ضربات استباقية يظنون أنها ستكون القاضية نهائيا على الإسلام والمسلمين وما علموا أن الله تعالي لا يرسل بالنصر إلا بعد أن يستيأس الرسل ويظن الناس بالله الظنون كلكم قارئ للقرآن ويعيش تاريخ الرسالات السماوية وخصوصا الرسالة الإسلامية التي هي النموذج الخالد لكل المسلمين إلى يوم الدين .
فيا إخوة الإسلام لقد ثبت لكم أن المفاوضين لإسرائيل قد أجلوا البحث في قضيتكم وعودتكم لأمر يريده الله كما لبث يوسف بعد خروج السجينين بضع سنين فلا تسألوا عدوكم الذي أخرجكم أن يرحمكم ولا من باعوا قضية فلسطين أن تفكروا بشعبها ولا تضعوا أملكم إلا بالله الذي يبتليكم أو بالمسلمين الذين لم يتمكنوا حتى اليوم أن يكونا أصحاب سلطان في أراضي العروبة والإسلام فكيف بهم على أرض فلسطين التي يحكمها اليهود.
أيها الأخوة الصابرون : قرروا أن تتلذذوا بعذاب الدنيا الزائل تقربا إلى الله ونعيمه الدائم حتى تستطيعوا أن تواصلوا جهادكم فإن من قرر أن يحيا في كنف الله ف الدنيا.
فإنه يوطن النفس على لقاء الله مهما اشتدت المحن وعظم البلاء وإن نوي أن يجتاز رح لة الحياة بطاعة الله لا تشغله الشواغل الدنيوية ولا زينتها ولا زخارفها وإننا نعلم أنكم تحنون إلى وطنكم وأهلكم وأولادكم وإلى المسجد الأقصى وأرض فلسطين المباركة ولكم في نبيكم صلي الله عليه وسلم خير مثال فقد أخرج من داره من مكة وأمضي بقية حياته خارجها لا لينشغل فترة الإخراج بالحنين إلى مكة ولكنه صلي الله عليه وسلم شغل نفسه بإعداد أصحابه ودعوة العرب إلى الإسلام حتى رجع إلى بلده فاتحا فدخل الناس في دين الله أفواجا بعد أن اكتمل الإعداد ليوم الفصل .
لا تشغلوا أيها الإخوة أنفسكم بالتفكير في أولادكم فإن من يتولاهم هو أرحم بهم منا ومنكم ولكن اشغلوا أنفسكم بإعداد زواركم ومحيطكم بالإسلام فلعل الله أراد بإخراجكم ما أراد بإخراج نبيه ليصلح به بين الأوس والخزرج ويوؤاخي بين المهاجرين والأنصار فقد استفاد خلق كثير بوجودكم في مرج الزهور وروضة الجنة واهتدي بكم شباب كثير فاحمدوا الله الذي أخرجكم من بين اليهود لتؤدوا رسالة نبيكم في حرية وصفاء بعيدا في أجواء الصفاء وتحت نجوم السماء وشمسها وغيومها لتكونوا أكثر تعلقا بالله بعد أن تقطعت أسباب العودة إلى أهلكم.
ولا تحزنوا أن من يفاوض اليهود قد نسيكم وليس غريبا على من يجالس اليهود أن يكره مجالسة أتباع محمد صلي الله عليه وسلم وكل الكلمات التي يذكرونكم فيها لا تعدوا أن تكون للإعلام ولكن خوف المفاوض العربي من الإسلام هو أشد ربما خوفا من اليهود أنفسهم لأن الكثير منهم يكره الإسلام كره أبي جهل وأبي لهب .
سيعترف العرب قبل العجيم بأن صبركم الذي حافظ على كرامة الأمة العربية والإسلام فلا تستخفوا بالدور العظيم الذي انتدبتكم من أجله العناية الإلهية وما أحسب أن أحدا أسعد ممن يعيشون بقرب الله فقد كتب ترثنا في أيام المحن ما أسعد علينا بكثير مما كتب في أيام الرخاء .
أيها الإخوة المخرجون اعقدوا الأمل على الله واعقدوا العزم على مواصلة الدعوة لإخوانكم في لبنان ولعل الله تعالي أن يأتي بالنصر المبين كما من على رسوله بالفتح وستكون المفاجأة عظيمة جدا يوم يسمع العالم بأن الله تعالي قد من على أوليائه الصابرين بالنصر المبين بعد أن أحاط العدو بكم من كل مكان كما حاط برسوله الكريم يوم الأحزاب يوم رد الله الكافرين بغيظهم لم ينالوا خيرا .
اللهم ثبتنا وثبت إخواننا في مرج الزهور وإخواننا الصادقين في العالم على صراطك المستقيم وعجل بالفرج لكل منا واكتب لنا أجر خمسين ممن بشرهم نبيك بالحق في هذه الأيام انك سميع مجيب .
أيها الإخوة نحن بانتظار أخباركم مع وفد إذاعة التوحيد الذين كلفناهم بزيارتكم والتماس بركات الله باللقاء بكم فطمئنونا عنكم ولا تكونوا في حيرة من أمركم فالأمور جلية جلاء الشمس في رابعة النهار فقد عرفتم وليكم وهو الله ورسوله والمؤمنون وعرفتم عدوكم وهم الكافرون بكل طوائفهم وأسمائهم يهودا وصليبيين وعربا انقلبوا على أعقابهم خاسرين واختم بقول الله تعالي مذكرا ( بسم الله الرحمن الرحيم .. والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
بتاريخ 26 ذي القعدة 1413هـ
الموافق 17 / 5/ 1993م
نص قرار مجلس الأمن رقم 799 الذي يطالب بعودة المبعدين
"إن مجلس الأمن إذ يعيد إلى الأذهان التزامات الدول الأعضاء بموجب ميثاق الأمم المتحدة وإذ يؤكد من جديد قرارته ( 607) لعام 1988 و(608) لعام 1988 و( 636) لعام 1989 و( 641) لعام 1989و (681) لعام 1990و (694) لعام 1991 و(726) لعام 1992.
وبعد علم المجلس بقلق عميق أن إسرائيل هي القوة المحتلة طردت إلى لبنان في 17 كانون الأول 1992 ميئات الفلسطينيين من الأراضي التي تحتلها منذ عام 1967 بما في ذلك القدس في انتهاك لالتزاماتها بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
- يدين المجلس بقوة الخطوة التي اتخذتها إسرائيل وه القوة المحتلة بطرد مئات من المدنيين الفلسطينيين ويعرب عن معارضته القوية لأى ترحيل من هذا القبيل من جانب إسرائيل .
- يؤكد من جديد سريان اتفاقية جنيف الرابعة المبرمة في 12 آب عام 1949 م على كل الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967 بما في ذلك القدس ويؤكد أن طرد المدنيين يمثل انتهاكا لالتزاماتها بموجب الاتفاقية.
- يؤكد المجلس أيضا من جديد استقلال سيادة ووحدة أراضي لبنان .
- يطالب إسرائيل وهي القوة المحتلة بضمان العودة السالمة والفورية لجميع المبعدين إلى الأراضي المحتلة
- يطلب الأمين العام النظر في إرسال ممثل إلى المنطقة كي يتابع الاتصال مع السلطات الإسرائيلية فيما يتعلق بهاذ الموقف الخطير ورفع تقرير إلى مجلس الأمن .
- يقرر إبقاء الموضوع تحت المراجعة بشكل فعال .
رسالة جبهة العمل الإسلامي
رسالة المحبة والتقدير إلى الإخوة المجاهدين الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلى مرج الزهور من أخيهم د. إسحق أحمد فرحان / أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن .
تحية الإخوة في الله والمحبة والتقدير والوفاء والاعتزاز نبعثها إليكم من إخوانكم في [[جبهة العمل الإسلاميي] في الأردن أرض الحشد والرباط وسلام الله عليكم ورحمته تعالي وبركاته وبعد .
فإن ما قامت به سلطات العدو الإسرائيلي الباغية من عملية إبعادكم من وطنكم الحبيب فلسطين وطن كل عربي صادق العروبة ووطن كل مسلم صادق الإيمان إنما يعبر عن إرهاب الكيان الصهيوني الغاصب لشعب فلسطين العربي المسلم ويدعم هذا الإرهاب الصهيوني الغادر التحالف الأمريكي الاستراتيجي مع دولة العدوان اليهودي حيث تذبح القيم الإنسانية وتتمرغ كرامة مجلس الأمن وهيئة الأمم وما يسمونه بالشرعية الدولية في الوحل حيث.
حيث لم يتم تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 799 الذي اتخذ بالإجماع فكيف يطمع من له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد بإعادة أربعة ملايين فلسطيني مبعد عن ديارهم وكيف يطمع المفاوضون بإعادة الحقوق العربية إلى أهل فلسطين وإنشاء دولتهم العربية المسلمة على أرض فلسطين دون كفاح مرير و جهاد في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يتقون صباح ومساء وتنسف بيوتهم ويسامون سوء العيش والاضطهاد والقهر .
أيها الإخوة الأحبة في مرج الزهور د. عبد العزيز الرنتيسي ومعه عزيز الدويك والشيخ حامد البيتاوي وبسام جرار ومحمد فؤاد أبو زيد وسائر قائمة الأحبة الأربعمائة إننا تنظر إليكم في مرج الزهور بل في مرج الصقور وأنتم تمثلون غزة وخان يونس ورفح ومخيمات القطاع والقدس والخليل ورام الله ونابلس وجنين وطولكرم وسائر المدن والقرى والمخيمات التي أحسنت تربيتكم في مدرسة محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم وصحبه .
الكرام فها أنتم تعيدون لأذهان المخلصين من أمتكم تضحية صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم حينما حوصروا في شعب أبي طالب وانتصر الإسلام على أيديهم من بعد فأنتم ضمير هذه الأمة التي لا تنساكم فأنتم بدريو فلسطين وأنتم الشعلة المضيئة للإيمان والجهاد في هذا الظرف الصعب والأحوال الهابطة لأمتنا فحينما يفاوض البعض على ما يزيد على عشرة بالمائة من أرض فلسطين وليس من بينها القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك تصرون على إبقاء الهدف الاستراتيجي واضحا للأجيال إن كل فلسطين أرض عربية إسلامية وإن الانتفاضة مستمرة وستنتشر في أرض فلسطين كلها ليصبح كل حجر وكل شجرة وكل شارع بركانا يتفجر تحت وطأة الاحتلال الصهيوني الغاشم الذي جاء بالغرباء من المهاجرين اليهود الوافدين إلى أرض فلسطين من خلف البحار من أوروبا ومن وراء السجون من اليهود السوفيات .
أيها الإخوة الأحبة
إن قلوب إخوانكم في الأردن وفي العالمين العربي والإسلامي معكم وترقبكم وتدعوكم وتتلمس السبيل لتوحيد الجهود لدعم مواقفكم الرجولية الصلبة المواقف العزيز المواقف الإيمانية الخالصة مواقف المجاهدين الأبرار الذين لبسوا أكفانهم وباعوا أنفسهم في سبيل الله فهنيئا لكم هذه التضحيات وهنيئا لكم هذه القلوب المتصلة بالله عزوجل وهنيئا لكم هذه النفوس التي تتربي في كل ساعة في مدرسة محمد بن عبد المطلب وصحبه الأحبة فصبرا آل ياسر فإن الفرج مع الكرب وإن النصر مع الصبر وإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا.
فأنتم تشقون طريق الجهاد للشعب الفلسطيني العربي المسلم وأنتم ترسمون طريق النصر والفلاح لتوحيد الأمة العربية المسلمة لتجعل من قضية فلسطين قضية المسلمين المركزية الولي في هذا العصر ولتجعل الجهاد في سبيل الأقصى سبيلا لتوحيد الأمة على رسالة الإسلام العظيم ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ونبلغكم تحيات إخوانكم الشعب العربي المسلم في الأردن ووقوفه صفا واحدا بجانبكم.(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رسالة الشيخ راشد الغنوشي للمبعدين
وجه الشيخ الداعية راشد الغنوشي رسالة صوتية غلى المبعدين في مخمهم عبر التلفون من مقر إقامته في لندن هذا نصها :
بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه . أحييكم أخوة الإسلام .. أحييكم قادة الصمود والثبات بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم راشد الغنوشي وإخوانكم في لندن ومن ورائهم من إخوانكم في مناطق طثيرة في الشمال الإفريقي وغيرها يحيونكم ويبلغونكم تحياتهم وتقديرهم لصمودكم ويؤكدون لكم أن ما وفقكم الله إليه من ثبات وصمود لم يكن عملا سيرا ..
هو موقف لكم ولا شك ولكن نتائجه التي رأيناها حتى الآن رأي العين وما عند الله أعظم ولا شك. وما سيتولد من نتائج هو أعظم فرأيناه حتى الآن خير عظيم نتاج تجارة رابحة وأن ما بذلتموه وهو قليل بالقياس إلى هذه النتائج العظيمة التي تحققت ليس على مستوي القضية الفلسطينية وإنما على مستوي الحركة الإسلامية ومستوي كل المؤمنين بقضية الحرية وقضية العدل والمدافعين عن قضايا الإنسان في العالم لقد بذلتم أخوة الإسلام أيها المرابطون الصامدون ..
قادتنا في الدعوة والجهاد لقد قدمتم أسوة حسنة لكل أنصار الحرية والإنسانية وأنصار الإسلام في العالم لا أشك أبدأ أن ما تحقق للقضية الفلسطينية وحدها فض عن قضية الحركة الإسلامية وقضية التحرر في العالم خلال هذه الأشهر القليلة من صمودكم ربما لم يتحقق للحركة الإسلامية والقضية الفلسطينية منذ سنوات فهي تجارة رابحة وصفقة عظيمة هذه التي وفقكم الله إلى إنجازها.
إنه خير عظيم أجراه الله على أيديكم فاحمدوا الله أن اجري على يديكم هذا الخير وأبشركم بأن النصر إن شاء الله قريب , ووعد الله لا شك أنه سيتحقق وسنته ثابتة قد وردت في آية من القرآن الكريم إنه ما أخرج قوم من ديارهم بغير حق وثبتوا على الحق إلا كانت النتيجة خير فأهلك الله عدوهم ونصرهم ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )
وقال أيضا ( وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم) فهي سنة ثابتة فلقد وعد الله سبحانه وتعالي المخرجين بالنصر والتمكين والمجرمين بالهلاك ونحن هنا نري ما تحقق من نصر من خلال ثباتكم ونصركم لقد تحول هذا المكان المهجور الذي لم يكن أحد يسمع به سوي القرى المجاورة لقد تحول إلى محطة تنافس المحطات الإعلامية الكبرى في العالم والأماكن حقيقة لا قيمة لها إلا بما ينجز على أديمها من بطولة وكرامة ومن جهد إنساني كذلك خلد الله سبحانه وتعالي مكة والمدينة والقدس وخلد مواقع كثيرة ...
فهذا المكان الذي ابتلاكم الله سبحانه وتعالي في المكوث فيه والمرابطة عليه جعل له شأن عظيم نذكر العالمين أن هناك شعب اغتصبت أرضه .. وطرد منها مشهدكم العظيم في تلك الربوع هو جزء من مشهد أمة أخوة الإسلام تخرج وتقتلع من ديارها ويهدم تراثها في باكستان ومشهدكم مكرر في أذربيجان وفي البوسنة والهند وفي أماكن كثيرة من العالم اليوم فإن صمودكم هو دعوة لكل الأمة الإسلامية لترفض هذه الخطوة التي يقصد منها إضعاف المسلمين في فلسطين وغيرها وإخراجهم من ديارهم وتحويلهم إلى شتات في العالم .
أن المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجريمة قد عراهم صمودكم وفضحكم فالحركة الإسلامية منذ زمن لم تنجز ما أنجزتموه في هذه الفترة القليلة من الزمن فجزاكم الله عن المسلمين كل الخير والجزاء .. والحقيقة أنا لسنا في الموقع المناسب لو عظم يشهد الله وإنما هي تحية أنقلها باسم إخواني إليكم وكم كنت أتمني أن نزور تلك الربوع التي تشرفت بأقدامكم حتى نقتبس من إيمانكم وصمودكم نورا وهدي ..
ولكنها تحية لا أريد أن أطيلها فإن صمودكم ليس خيرا لقضيتكم فقط وإنما هو خير عظيم رفع رؤوسنا نحن في الحركة الإسلامية بل رفع رأس كل إنسان يؤمن بقضية الحرية والعدل في العالم فما تنجزونه خير عظيم فاثبتوا على ما انتم عليه من الحق وأعداؤكم رغم ما لديهم من قوة هم اليوم ضعفاء لا يستطيعون أن يصمدوا مثل صمودكم ..
ولهذا فهم يحاولون ارتكاب جرائم أخري في نيويورك وغيرها للتغطية على قضيتكم وما ارتكبوه ف يحقكم .. فهم دوما يحاولون إثارة الفتن الاضطرابات لكي يغطوا ليس على صمودكم وثباتكم فقط بل على نموذجكم المميز في التنظيم والشورى والطاعة والانضباط والإيثار والطاعة هذه المعاني النابعة من الإسلام
هذا المشهد الذي يمثل صفحة ناصعة في تاريخ الدعوة الإسلامية لكل العصور... فأنتم نموذج مميز للقيادة والريادة .. نخبة لا تعرف التنازل والمساومة إنما تعرف الصبر والثبات بمثلكم تبدل موازين القوي وتأخذ الشعوب حريتها وكرامتها وجزاكم الله كل خير وأكرم بكم من صفوة والله معكم ولن يتركم أعمالكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
رسالة هاتفية من الأستاذ مصطفي مشهور إلى المبعدين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين وبعد .. أيها الأخوة الأحباب تحية من عند الله مباركة طيبة فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
إن قلوبنا جميعا معكم ومعجبون بوقفتكم وصمودكم وفضيلة المرشد العام يحييكم ويدعوكم بالتوفيق والثبات إن وقفتكم هذه منارة مضيئة على طريق الكفاح والجهاد لقضية المسلمين جميعا قضية فلسطين والمسجد الأقصى ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون غن كنت مؤمنين ) إن الكثيرين من الشعب الفلسطيني ومن وراءهم جموع المسلمين لا يرضون بالحلول الاستسلامية التي تحاك تحت الضغوط المختلفة ولن يحصلوا على شئ يذكر والمستفيد هو العدو.
وقد يصعب الحيلولة دون تحقيق هذه الحلول ولكن نظل جميعا ندعو إلى الحل الصحيح الذي يرضي عنه الله ورسوله والمؤمنون مهما طال الزمن وكثرت العقبات والتضحيات .
إنكم تبغتون بوقفتكم هذه مرضاة الله ومثوبته ولو سخط الناس .. وأنتم أري بشؤونكم وظروفكم فتختارون ما فيه المصلحة في ظل وحدتكم مع تجنب الاصطدام وإثارة الفتنة بين الفصائل الفلسطينية ما أمكن ذلك ونوصيكم أن تبعثوا الأمل ف النفوس بأن المستقبل للإسلام مهما طال ليل الظلم والظلام فالنصر من عند الله القوي العزيز فاثبتوا والله معكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رسالة هاتفية من مأمون الهضيبي للمبعدين
أيها الأخوة المبعدون .. أنتم إن شاء الله العائدون الفائزون بفضل من الله ورحمة وبعزة الله .
قلوبنا معكم , دعاؤنا لكم ليلا ونهارا نحن لا نفتء نذكركم ولا ننساكم أبدأ , نحن معكم .. ندعولكم آناء الليل وأطراف النهار , نسأل الله أن يثبتكم وأن يباعد بينكم وبن الشيطان وأن يؤلف بين قلوبكم ويوجد صفوفكم وأن ينصركم على أعداء الله والدين والإنسانية ( اليهود ) اللهم انصرنا عليهم أجمعين .
الإخوة في مصر يعرفونكم ويذكرونكم وينتظرون أخباركم يفرحون بما يفرحكم ويحزنون لما يحزنكم وهم معكم قلبا وقالبا ( وما النصر إلا من عند الله ) ونسأل الله أن يحفظكم وأن يثبتكم أنه نعم المولي ونعم النصير.
رسالة المعتقلين الفلسطينيين في سجن مزرعة طرة بالقاهرة إلى المبعدين
من سجن مزرعة طرة إلى مرج الزهور .
قال تعالي ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) صدق الله العظيم .
الإخوة المجاهدون والمبعدون إلى مرج الزهور .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ها هي الآيات القرآنية تتعانق وتكتمل في المدى أحاديث رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم وها هو قدر الكلمات الفقيرة والمستضعفة أن تطير مخترقة كل مجالات الصوت إليكم غير عابثة بالحزام الأمني ومستهزئة بكل المليشيات التابعة للدولة الصهيونية وتأخذ صورتها الطبيعية الصادقة لتحييكم وتشد على أياديكم .
نحن أخوتكم المعتقلون السياسيون في سجون مصر منذ حرب الخليج عام 1990 من أبناء فلسطين من المطاردن والطلاب والمقيمين في مصر والداعمين للانتفاضة .. نتابعكم من وراء القضبان ونحضنكم برموشنا صباح مساء نتمني في كل لحظة لو يتساوي مصيرنا بمصيركم ويتعانق العشاق في ظل القيد أو الخيمة وتقول لكم هذا قدر الأبطال يا أحفاد صلاح الدين.
ورغم أن جرحنا الدامي في سجون مصر قد طال عمره .. إلا أننا أمامكم اليوم نقف إجلالا وتقديرا لصمودكم متجرعين دموعنا ومأساتنا لنخاطبكم ونمسح الجليد عن ملامحكم الوضاءة ونكسر الحصار وندخل إلى جراحكم ..
إخوتنا الأماجد..
صحيح أنكم ترحلون عن الأرض لكنكم تسكنون عيوننا وعيون أهلنا في الأرض الحتلة تتلبدون كالغيوم في سماء قلوبنا تشتعلون في دموع أطفالنا تحفرون خريطة الوطن بالدم الجديد الدم الإسلامي وها هي الانتفاضة تتصاعد في ظلكم يوما بعد يوم ونحن إليكم المآذن وتثور المساجد بكل الغضب وتتعانق السكين بالحجر ويضع الرصاص النقاط على حروف الجهاد بالألوان في أنحاء فلسطين كلها ..
وها هو الشهيد فخري الدحدوح يصر على إهدائكم دمه الطاهر شارة للنصر من هناك وهو يقطع الأيد التي أبعدتكم وبأسمائكم ولدت كتائب جديدة للجهاد على أرض فلسطين وأصبحتم أناشيد في المدارس والجامعات وهتافاتكم عدلت أهازيج الوطن وصححت مفاهيم الشعر والموسيقي ..
الإخوة الأبطال
إن مصاحفكم غطت شاشات التلفاز في العالم وأعطت أحاديثكم حرارة لكل الإذاعات وقضت مضاجع الحاقدين وقلبت الحسابات والموازين , وأثبتت أن شيوخكم وعلماؤكم ليسوا عملاء لإيران وغيرها بل إنكم وشيوخكم وعلماؤكم بهذا المفهوم العالمي قرينا إلى منابركم وإلى مستشفياتكم ستعدون إلى جامعاتكم وستعودون إلى بيوتكم وأطفالكم .
لكم المجد وأنتم تصنعون فلسفة جديدة بالصمود في الجليد وتقرون مفردات جديدة في قواميس الحرب بعدما ملت السجون منكم وكفرت المعتقلات من شدة عذاباتكم الأن تستحي الشمس الغائبة عنكم والقمر خجول من نور القرآن في عيونكم وأنتم تزرعون أملا كبيرا بالعودة بتحديكم لصفير الربح الغابرة ويفضح ضجيج أمهاتكم ونسائكم كل قرارات الأمم المتحدة أنتم تولدون من جديد في عيوننا ويصرخ الوطن كله مناديا عليكم عودوا إلينا ..
أوراق ووثائق وتصريحات صحفية هامة
بيان الشيخ عبد العزيز بن باز حول نصرة المبعدين والفلسطينيين في الداخل
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى الإخوة المسلمين في كل مكان .
سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
لا يخفي عليكم ما يحصل لإخواننا المسلمين في فلسطين من الأذى والظلم من أعداد الله اليهود , وما حصل لإخواننا المبعدين منهم من العلماء الخطباء والدعاة وغيرهم الذين تم إخراجهم من ديارهم بغير حق وما تعرضوا له ألان من برد وجوع ومرض وآذي في منفاهم في جنوب لبنان ولقد أمر الله سبحانه وتعالي عباده المؤمنين بموالاة بعضهم بعضا ونصرهم على من ظلمهم لقوله تعالي ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) وقوله صلي الله عليه وسلم " المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالحمى والسهر" .
ولما كان إبعاد هؤلاء الإخوة من الظلم العظيم والتعدي بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله وجب البيان بالتذكير بأنه يجب على كافة المسلمين حكاما ومحكومين مناصرة إخوانهم هؤلاء وبذل الجهود وكافة السبل الممكنة الشرعية لنصرهم وإعادتهم إلى بلادهم وأهلهم والسعي للوقوف ضد هذه الأعمال الخبيثة من إذاء الله ورسوله والمؤمنين.
كما نهيب بإخواننا المسلمين بدعم إخوانهم هؤلاء وأسرهم وسائر المسلمين في فلسطين بالسلاح والرجال والمال والدعاء وصدق المواقف والمناصرة والبذل لذوي الحاجة والمجاهدين في سبيل الله من أهل فلسطين وغيرهم بما تجود به أنفسهم من زكاة وغيرها بما في ذلك من جهاد الكفار ونصر المسلمين المظلومين.
ولما فيه من الثواب العظيم الذي وعد الله عباده المخلصين في مثل قوله تعالي ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم أنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) وقوله سبحانه ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم , تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار مساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخري تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين )
وقوله صلي الله عليه وسلم " من نفس عن مؤمن كربة الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة" وقوله صلي الله عليه وسلم " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان في حاجته" ولأن الله سبحانه وتعالي أمر بنصر المظلومين في قوله عزوجل ( وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق ) وهكذا يأمر الرسول صلي الله عليه وسلم بنصر المظلوم والأخذ على يد الظالم وقد حدثني من الثقاة بشئ من أعمال اليهود الوحشية مع إخواننا في فلسطين ومع المبعدين وهذا شئ منها :
- الضرب المبرح على الرأس والجسد مما يؤدي إلى نزيف دموي كسر العظام .
- البصق على اللحي ورشق بعضهم بالبول .
- تكتيف الأيدي وعصب العينين طيلة وجودهم في الحافلات والذي استمر أكثر من يومين مع منعهم من الأكل والشرب وقضاء الحاجة وأنواع من الأذي .
- ولا شك بأن هذه الأعمال من أقبح الذل وأسوا المعاملة والله المسئول سبحانه أن يعز أمته ويعلي شانها إنه نعم المولي ونعم النصير ونسأله أن ينصر أوليائه في فلسطين وغيرها وأن يجمعهم على الحق وأن يخذل أعداء المسلمين إنه سميع الدعاء .
بيان الشيخ عبد العزيز بن باز الرئيس العام للبحوث العلمية والإسلامية والدعوة والإفتاء في المملكة العربية السعودية الموجة بشأن المبعدين
من عبد العزيز بن باز إلى الإخوان الكرم المبعدين من فلسطين إلى جنوب لبنان .. إلى العملاء والخطباء والدعاة ومن معهم وفقهم الله وثبتهم على الحق .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد .. فقد بلغني ما حصل لكم من إخراج من دياركم وأموالكم بغير حق وما تتعرضون له من الأذى الشديد من اليهود أعداد الله ورسوله وما ينالكم الآن من االمشقة الشديدة من البرد والمطر والجوع والمرض لبعضكم.
وإننا إذ نسأل الله تعالي أن يأخذ بأيديكم للحق ويثبت أقدامكم وينصركم على أعدائكم وبعظم أجركم ويثبتكم على الحق نذكركم بما وعد الله به أهل طاعته من المجاهدين في سبيله مع رسول الله صلي الله عليه وسلم والصابرين المحتسبين من الثواب العظيم المذكور في قوله تعالي ( ذلك بأنهم لا يصيبهم نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين )
وقوله تعالي ( وذكر الصابرين الذين إذ أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) و قوله تعالي ( إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب ) فإنكم بموقفكم هذا صفوة الإخوان من المسلمين من أهل فلسطين وغيرهم في الجهاد والصبر والصدق مع الله والثبات على الحق في مواجهة أعداء الله على الحق من اليهود وغيرهم .
فنوصيكم بتقوي الله عزوجل والصبر والاعتداد ووحدة الصف ونذكركم بأن الله سينصركم على عدوكم ويجعل العاقبة الحميدة لكم إن صبرتم وثبتم على الحق كما قال سبحانه ( وإن تصبروا وتتقول لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط ) وقال سبحانه يخاطب نبيه صلي الله عليه وسلم ( فاصبر إن العاقبة للمتقين ) وقال عزوجل ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) ثبتكم الله على الحق وأحسن عاقبتكم وبشر لنا ولكم ولجميع المسلمين ولاشك أن الواجب على إخوانكم المسلمين ذكركم وإعانتكم على عدوكم لأنكم مسلمون مظلومون من عدو ظالم كافر لقد أوجب الله سبحانه جهاد الكافرين حسب الاستطاعة وفق الله إخوانكم المسلمين لنصركم قولا وعملا وأحسن العاقبة للجميع إنه جواد كريم .
رسالة من زوجات وأمهات وبنات المبعدين
نحن زوجات وأمهات وبنات المبعدين الفلسطينيين المتواجدات في المركز الرئيسي للجنة الصليب الأحمر ندين بشدة وغضب ومرارة الإجراء الذي قامت به سلطات الاحتلال الإسرائيلية والمتمثل بعملية الإبعاد البريرية التي أمر بها رابين.. وأن عملية الإبعاد هذه تتناقض بالفعل مع القانوني الدولي وخصوصا المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة .
إننا ندعو المجتمع الدولي وجميع لجان ومنظمات حقوق الإنسان وخصوصا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القيام بدارسة كافة الوسائل الضرورية الفورية والعملية لتسهيل عودة المبعدين إلى بيوتهم وعائلاتهم.
لقد أجبر المبعدون الفلسطينيون على ترك بيوتهم بسبب كراهية سلطات الاحتلال الإسرائيلية للعلماء والتربويين والمصلحين المسلمين .. وهم يعانون الآن من البرد الشديد والأحوال الجوية القاسية وبخاصة أن العديد منهم من كبار السن ويشكون من أمراض مزمنة كما وأنهم يتعرضون لنقص في الطعام والعلاج واللوازم
إننا نقدر موقف الحكومة اللبنانية بخصوص المبعدين وندعو كافة الوفود العربية المشتركة في محادثات السلام مع الإسرائيليين إلى التخلي عن الاستمرار في هذه المحادثات والإعلام عن الانسحاب الفوري منها .
كما ونتوجه بالشكر إلى جماهير الشعب الفلسطيني على دعمه القومي الوطني من أجل عودة المبعدين وإدانته لهذا العمل الإسرائيلي الإجرامي .. كما وأننا نناشد أيضا كافة الفلسطينيين المشاركين في محادثات السلام القيام بصراحة بالتخلي عن الاستمرار في هذه المحادثات والإعلان عن انسحابهم منها
المجلس الإسلامي في ألمانيا بيان في قضية المبعدين الفلسطينيين
هاهم المبعدون الفلسطينيون الأربعمائة – أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسون والمحامون والمدرسون والأئمة والتجار وطلبة العلم – يكملون مائتي يوم في منطقة مرج الزهور اللبنانية شمال وطنهم فلسطين بعد أن أصدرت السلطات الإسرائيلية قرار أبعادهم عن أهلهم وأبنائهم وديارهم وأعمالهم .
إن أهداف العدو الصهيوني باءت بالفشل الذريع وإن أقدامهم على هذا العمل قد اثبت للعالم عدوانيتهم البشعة وظلمهم الرهيب فنزعوا عن وجوههم صورة ديمقراطيتهم العفنة وأكاذيبهم الملفقة في منح الحريات واحترام الناس .
ونعجب كثيرا للتراجع المخزي في المواقف العربية والفلسطينية من موضوع المبعدين .. فبالأمس كانوا يعلقون استئناف المفاوضات العربية اليهودية على عودة المبعدين واليوم بات هذا الأمر مهمشا إلى درة النسيان الكامل !!
لكن المبعدين – بالرغم من ذلك الظلم وهذا التخاذل – ضربوا أروع الأمثلة في صبرهم وثباتهم ووحدة قرارهم وكفاءة تعاملهم مع الإبعاد وقساوة الظروف المحيطة به ومع الإعلام شرقه وغربه وصدقه وافترائه ومع آلام الأمة التي تتحدي من سئ إلى أسوأ !!
إن المجلس الإسلامي بألمانيا ليعلن كامل تضامنه مع قضية المبعدين وحقهم المشروع في العودة إلى وطنهم فلسطين وإلى أهليهم وأعمالهم ليساهموا في بناء وطنهم وقيادة شعبهم والدفاع عن مقدساتهم وهي دعوة إلى كافة الحكومات والهيئات والمؤسسات والأحزاب والشعوب بالقيام بكل ما من شأنه تنفيد القرارات الدولية وعودة المبعدين سالمين غانمين بحول الله تعالي إلى الأرض المباركة فلسطين .
سائلين الله تعالي لإخواننا المبعدين الثبات والتصبير ولأهليهم العون والصبر الجميل ولشعب فلسطين الحبيب الوحدة والقوة والنصر المبين
رئيس المجلس الحزب السوري القومي الاجتماعي رئاسة الحزب
الرئيس الأخ المناضل الدكتور عبد العزيز الرنتيسي
الناطق الرسمي باسم الإخوة المناضلين المبعدين
الأخوة المناضلون الرابضون في مرج الزهور بإصرار على العودة لا يلين
تحية الإكبار والتقدير لكم جميعا أيها الإخوة الصامدون وقد حولتم مرج الزهور البقعة المنسية من أرضنا إلى رمز يشع على العالم بأسطورة الإنسان الذي يتلق بعواصف الطبيعة بنفس رضية مطمئنة فيحولها بردا وسلاما .
ويحول نفيه إلى وقفة عز وإلى نشيد يصدح بحق العودة فيملأ العالم وفي الوقت الذي تجري المؤامرة لدفن هذا الحق لملايين المتشردين المبعدين من شعبنا في عملية تصفية الحقوق الثابتة غير القابلة التصرف .
إنكم من لهب الانتفاضة لهب لانتفاضة جديدة ومتجددة وإنكم في وجدان أمتنا أحد معاقل الصمود والتصدي المعبرة عن أصالة هذه الأمة وعنفوانها وسيسجل التاريخ إنكم المبعدون الأباة في زمن التهافت عل تصفية القضية بمؤامرة الحكم الذاتي الإداري في احل الاستسلامي .
لقد رافقكم السوريون القوميون الاجتماعيون في كل لحظة يحيون معكم آلا لام الكبيرة والآمال الكبيرة لأنكم من فلسطين التي أوصانا سعادة ف تعاليمه ان ندفع عنها وعن الأمة كلها الهجرة واليهودية الاستيطانية الخطيرة بكل قوتنا وذلك قبل أن يقوم الكيان الصهيوني الاستيطاني العنصري على أشلاء وأنقاض قري وبلدات فلسطين.
ويتوسع في خطر يهدد الأمة بوجودها وعلمنا نحن السوريين القوميين الاجتماعيين أن الصراع مع هذا السرطان الاستيطاني هو صراع وجود لا صراع حدود تاريخي وحضاري وكفاحي إذ كيف يمكن للجسم أن يتألف مع السرطان الذي يأكله والأمة مع الاستيطان الذي يعمل على اقتلاعها من أرضها من هنا كان صراعنا الذي لا يهدأ ولا ينتهي .
نحن أمة السلام عمر الكنعانيون في أرض كنعان مدينة السلام ثم جاءت رسالات الروح تحمل من أمتنا إلى العالم رسالة السلام ولكن السلام لا يكون بالاستسلام لعدو يقهرنا ليسلبنا أرضنا ومواردنا ويقتلعنا منها ليقيم غزو الاستيطان العنصري على أنقاض حضارتنا التي علمت العالم الحضارة .
إن العدو الصهيوني وبعض المستسلمين العرب يبيعون السيد الأمريكي صفقة مكافحة ما يسمي بالأصولية والإرهاب في وقت أصبح أشد أنواع الإرهاب وحشية لأشد العقائد تخلفا وعنصرية ألا وهو الإرهاب الصهيوني العنصري مغتصب الأرض والحقوق وهادر حقوق الإنسان هو ميزة ملازمة لما يسمونه والديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط كما يزيفون حقيقة الكيان الصهيوني الاستيطاني العنصري ويسبغون عليه نعوت التضليل والتزوير .
إن ما يحصل باسم السلام المزيف هو شكل من أعتق أشكال حرب الوجود لاستئصال أمتنا وشعبنا لذلك نقف دوما مع المجاهدين من أمتنا على اختلاف منطلقاتهم العقائدية في حرب الحفاظ على الوجود لأن الحفاظ على الوجود يتقدم على أى شأن آخر .
من هنا أيها الأخ المناضل الكريم لك ولإخوتنا المناضلين المبعدين المبدعين العائدين ألف تحية من جميع السوريين القوميين الاجتماعيين وعهد الاستمرار في النضال حتى يعود الحق إلى نصابه والشعب صاحب الحق في أرضه إلى كل ترابه الوطني في كل فلسطين وحتى تندحر الغزوة العنصرية الصهيونية كما اندحرت من قبلها الغزوات الصهيونية التي استهدفت أمتنا العظيمة, والكفاح مستمر والنصر آت .
مهما تلبدت الغيوم وارتفعت أمواج الصعاب ,فليس أمام إرادة الإنسان المؤمن المصمم من حائل قادر أن يحول دون انتصار الحق, متى كان للحق رجال أعزاء من أمثالكم يا أخوتنا أبطال العودة , الذين سيقهرون الإبعاد ويلوون إرادة الجلاد الذي أصدر هذا القرار في نهج الاستيطان العنصري المتناقض مع حقوق الإنسان ومع الحقوق الطبيعية والتاريخية لأمتنا العظيمة
رسالة نقابة أطباء الأسنان الأردنية إلى أبطال مرج الزهور
( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) ( فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون )
أيها الإخوة .
أحييكم باسم جميع إخوانكم أطباء الأسنان في الأردن الذين ينظرون بإكبار وإجلال إليكم كرأي حرية متقدم في نضال هذه الأمة ضد جميع أعدائها في فلسطين خارج فلسطين ومع أننا أصبحنا في وضع ملوث فكريا إلى درجة أننا لا نستطيع تغيير المنكر حتى بالقلب إلا أن بطولة أهل فلسطين الصامدين على أرضهم وتحديهم لدبابات اليهود ومشاهداتنا للجنود الصهاينة المدججين بالسلام وهم يرتعدون خوفا من الأطفال العزل إلا من إيمانهم.
هذه المشاهدات تجعلنا نحن الصامتين نشعر كم نحن مقصرين بحق هؤلاء بتقاعسنا عن نصرتهم وقعودنا عن الجهاد لإرجاع فلسطين نحن الصامتين نشعر كم نحن مقصرين بحق هؤلاء بتقاعسنا عن نصرتهم وقعودنا عن الجهاد لإرجاع فلسطين خالصة لأهلها والسيادة فيها لأمتنا فقط وأنتم أحفاد لصانعي تاريخها المشرق ودولتها الموحدة المستندة إلى فكرها وعقيدتها هذه الأمة التي تعيش في بلاد العرب وفي بلاد المسلمين جميعا بدأ إرهاصات النهضة فيها واضحة برغم التعتيم المقصود على كل حركة مخلصة لإنهاض هذه الأمة والذي تقوم به سائل الإعلام والتعتيم الذي يمارس بحقكم هو جزء من هذه المؤامرة .
ولابد للحق أن ينتصر وأمتنا هي الأمة الوحيدة في التاريخ التي هوجمت في وقت واحد من عدوين كبيرين الصليبيين والتتار وانتصرت عليهما وأذكركم بأن سقوط بغداد بأيدي التتار كان عام 1358 وبعدها بثلاث سنوات فقط عان 1361 انتصرنا عليهم في عين جالوت وعلى أرض فلسطين وهذا الأمر سيتكرر بإذن الله .
وإياكم والفرقة فإن كل من يقاتل اليهود على أرض فلسطين هو مناضل في صف أمتنا وقد أمتد الله الذين يقاتلون في سبيله صفا واحدا وليس رأيا واحدا فانتفاضتكم هي التي ستحرك الصامتين بإذن الله ليتوحدوا ويحشدوا الجيوش ويفكوا أسر أهلهم وما يسمي بمفاوضات السلام ليست إلا زبدا لن تقبله أمتنا وسيكتب اسم المروجين لها في صفحات التاريخ التي كتب فيها اسم أبي رغال وابن العلقمي الذي سلم بغداد للتتار وأنتم تعرفون مواقعهم في ذاكرة أمتنا.
أيها الإخوة
المؤمنون أشد بلوي ورسول الله صلي الله عليه وسلم أبعد من مكة وصبر وعاد بعد عقد من الزمن منتصرا فاتحا وهو أصوتنا وإياكم والتنازل عن شئ من مبدأكم الذي أخرجتم من أجله فإن الإنسان حامل المبدأ إذا خير بين الناس والمبدأ فعليه اختيار المبدأ مهما كلفه ذلك.
إنكم كبيرون في قلوبنا وعيوننا وعقولنا ( والعصر إن الإنسان لفي خسر ,إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) صدق الله العظيم
رسالة زوجة مبعد إلى زوجها في مسيرة الأكفان
الحمد لله رب العالمين , وبه نستعين على القوم الظالمين المتكبرين الحاقدين الماكرين المتغطرسين المتجبرين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيد الخلق أجمعين وعلى من تبعه إلى يوم الدين يقول الله تعالي : ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ) صدق الله العظيم
أيها البطل العائد بإذن الله ... أيها الفارس المغوار .. أيها المناضل المجاهد في سبيل الله يا من حملت كفنك على كتفك يا من حملت روحك على كفك وحرصت على تقديمها رخيصة في سبيل الله والوطن يا من قدمت الغالي والنفيس في سبيل العودة إلى أرضك وتراب بلادك أحييك وأحيي شجاعتك وصمودك وثباتك أحييك بأعز تحية على قلوبنا تحية الإسلام فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ..
كما أحيي جميع الإخوة العائدين بإذن الله وعلى رأسهم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي على خطوتكم الجريئة .. أحييكم على هذه الشجاعة والبسالة النادرة في هذا الزمن فأنتم أثبتم للعالم أجمع أنكم حقا رجال وأنكم على حق وأن الحق معكم فهنيئا لكم على هذا النصر الذي حققتموه وإن لم يكن في نظر البعض نصرا .
فمنذ بداية إرسال إذاعة القدس يوم المسيرة حتى المساء لم نفارق المذياع لقد جلسنا نراقب أخباركم ونستمع إليها فالكل صامت خاشع لله الواحد القهار فعندما بدأ وصف المسيرة انهمرت الدموع وخشعت القلوب وتضرعنا إلى الله أن ينصركم على أعدائكم وينجيكم منهم ويدكم إلينا سالمين .
لقد أخذت أحدث نفسي والدموع تنهمر دون توقف تري ماذا سيحدث ؟ هل ستعودون حقا ونسعد بلقائهم ؟ أم سيستمرون في المسيرة ويواجهون نيران الأسلحة وهل سيذيع المذياع خبر استشهاد فلان أو فلان ؟ هل سأسمع نبأ استشهادك بأذني ؟ هل هذه هي النهاية .. ثم حضنت أطفالي إلى صدري وقلت لهم هل سنواصل المشوار وحدنا ؟ وهل سألحق قافلة أم معاذ ( زوجة الشهيد اسر النمروطي قائد كتائب القسام في القطاع ) وأم حمزة ( زوجة شهيد الكتائب هشام عامر )
وتارة أقرا في نفسي الفخار وأبكي وابكي .. سأكون زوجة الشهيد سأصبح سيدة الحور الين لقد ضمنت مكاني في الجنة ولقد استمر هذا الحال حتى علمنا أنكم قد عدتم إلى مخيمكم مرة ثانية ولكن لم أهدأ حتى شاهدت المسيرة في التلفاز فنظرت بتلهف لعلي أراك ولكن لم أستطع فأرجوك أن تطمئنا عن أحوالك وأحوال الإخوة جميعا إن عن طريق رسالة أ بالهاتف.
على كل حال نحمد الله على سلامتكم وعلى سلامة الأخ فتحي الذي أصيب في المسيرة فله من الجميع عندنا ألف تحية وألف سلام .
فسيروا قدما يا جحافل الإيمان فمزيدا من الصبر ومزيدا من الثبات وستنتصرون بإذن الله تعالي لقد وصلتنا منك اليوم رسالة مع ثلاث صور بتاريخ 27 /3 ولقد فرحت بها .. فمزيدا من الرسائل والصور وإلى لقاء قريب بإذن الله إما في الحياة الدنيا وإما في الجنة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زوجتك المؤمنة أم عمر زوجة المبعد يوسف محمد حسين صرصور قطاع غزة 18/4/1993
برقية مؤسسة البيادر الصحفية في القدس إلى المبعدين في مرج الزهور
الإخوة المبعدون لعائدون بإذن الله ..تحية فلسطينية وبعد
قلوبنا معكم ونشد على أياديكم .. وننقل إليكم تحيات الجميع في المؤسسة فردا فردا ونحن على استعداد لتقديم أية مساعدة تريدونها إن كان ذلك من ناحية الاتصال مع الأهل عبر الفاكس أو أى شئ آخر كلنا ثقة ستعودون قريبا بإذن الله بإصراركم وإصرار جميع أبناء شعبنا معكم
حفقكم الله ورعاكم وأعانكم على تحمل ظروفكم الصعبة القاسية.. " رقم الفاكس : 280666 القدس "
رسالة من عضو البرلمان البرلمان البريطاني رون ليتون إلى وزير الخارجية دوجلاس هيرد
سعادة دوجلاس هيرد وزير الخارجية شارع الملك تشارلز – لندن إس . دبليو . ون بعد التحية
هناك غضب كبير في دائرتي الانتخابية حول الخرق الجماعي لحقوق الإنسان والمتمثل في قيام إسرائيل بطرد400 فلسطينيا والظروف المخيفة التي يعيشها الضحايا في الوقت الحاضر
لماذا يسمح لإسرائيل بأن تهزأ من قرارات الأمم المتحدة وتفلت من العقوبة فيما تتخذ الإجراء بحق الدول الأخرى التي تقوم بمثل ما تقوم به إسرائيل .
إنني أدعوة أولا : حكومة صاحب الجلالة أن نطلب من الأمم المتحدة بأن تقوم فورا باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد إسرائيل
وثانيا : التدخل المباشر عن طريق تقديم مساعدة عملية إنسانية وطبية عاجلة وميدانية لأربعمائة فلسطيني يعيشون في ظروف شتوية بائسة وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
منظمة العفو الدولية ( امنستي انترناشيونال )إسرائيل والأراضي المحتلة
تدين منظمة العفو الدولية عملية إبعاد حوالي 400 فلسطينيا إلى لبنان ويقيم المبعدون الآن في المنطقة التي أعلنتها إسرائيل " الحزام الأمني " في جنوب لبنان وقد أعلنت السلطات اللبنانية بأنها لن تقلبهم في لبنان .
تدعو منظمة العفو الدولية في وقت سابق بإدانة عملية قتل شرطي الحدود الإسرائيلي والذي أخذته حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) كرهينة في 13 ديسمبر 1992 م والذي وجدت جثته بعد يومين وكانت المنظمة قد طالبت حماس بأن لا تسئ معاملته أو أن تعدمه وأن تطلق سراحه لأنه كان محتجزا كرهينة.
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
الأخ المناضل عبد العزيز الرنتيسي
الإخوة المناضلون المبعدون أيها الصامدون في مرج الزهور
تحية الثورة وبعد
في البداية وبكل مشاعر الإخوة والاعتزاز بموقفكم البطولي أود أن أصافحكم وأعانقكم وأنتم تدافعون عن حقكم وحق شعبنا الطبيعي في العودة إلى أرض الوطن .
الإخوة الأعزاء
إننا في هذه اللحظات والأيام حيث تحتفل جماهير شعبنا في فلسطين المحتلة بعودة بعض من أبنائنا الذين شردوا في المنافي على يد الاحتلال الصهيوني الغاصب وفي الوقت الذي نرحب فيه بعودة أى مواطن فلسطيني إلى أرض الوطن في هذه اللحظات يهمني أن أتوجه إليكم مؤكدا أمام كل واحد منكم بأن أقدام حكومة الاحتلال على السماح بعودة بعض أبنائنا الذين اقتلعوا من أرضهم ظلما وعدوانا لن ينسينا قضيتكم الرئيسية.
إننا ندرك لكل وضوح وجلاء أهداف ومرامي عدونا الصهيوني من وراء مثل هذه التنازلات الثانوية والتي تستهدف فيما تستهدف الالتفاف على قرار مجلس الأمن الدولي (799) والذي ينص على عودتكم إلى أرض الوطن فورا وبدون أى قيد أو شرط وتوظيف هذه الخطوة وما شابهها للضغط على الطرف الفلسطيني لمفاوض وابتزازه للاستمرار في مجري الحل الأمريكي – الصهيوني التصفوي وتقديم المزيد من التنازلات فلسطينيا وبما يكرس الاحتلال ويمهد الطريق لإنجاح مشروع الحكم الإداري الذاتي كبديل لحقوقنا الوطنية الثابتة ويؤسفني القول ان القيادة الرسمية لمنظمة التحرير الفلسطينية قد تجاوبت مع هذا المخطط مهللة له كانتصار يبرر ها الانخراط في الجولة التاسعة .
إن عودة بضع عشرات من أبنائنا المبعدين أيها ألإخوة لن يكون بديلا أو على حساب عودتكم وقضيتكم كما لن يكون بديلا لعودة آلاف المبعدين من أبناء شعبنا شعبنا الذين اقتلعهم الاحتلال من بين أسرهم ومن على أرضهم وألقي بهم في بلدان الشتات ولن يكونوا بديلا أيضا عن عودة ملايين الذين يربضون في مخيمات البطولة وهم يناضلون ويقدمون التضحيات الغالية في سبيل وطنهم وقضيتهم وسيبقي حق العودة وتطبيق قرار مجلس الأمن (194) مطلبا دائما لنا ولجماهيرنا البطلة .
إن مناورات الاحتلال وتنازلاته الثانوية في تثينا عن مواصلة والكفاح من أجل كنسه عن أرضنا وفرحة العودة بالأخوة المبعدين لن تحجب سياسة القتل والتدمير التي يمارسها الاحتلال يوميا في الوطن المحتل بهدف وقف الانتفاضة الباسلة .
إن عودتكم المؤكدة أيها الإخوة وعودة كل فلسطيني إلى أرضه وأهله , لن تتم إلا من خلال تواصل الكفاح والتحلي بالصلابة والصمود وتشديد النضال ضد الاحتلال , وعبر التصدي العنيد لكافة سياسات الاحتلال الإغتصابية والتمسك بالحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا المعطاء وتحشيد القوي والطاقات والإمكانات وتوجيهها نحو أهدافنا الوطنية المشتركة وعبر التصدي للمشاريع المعادية وإفشالها .أعانقكم وأحييكم فردا فردا.على أمل اللقاء في فلسطين الغالية .
أخوكم : جورج حبش الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين 2/5/ 1993
بيان وزارة العلاقات الخارجية في كوبا
إدانة العمل التعسفي الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني
تلقي الرأي العام العالمي بسخط نبأ العمل التعسفي اللاشرعي الذي قامت به السلطات الإسرائيلية المحتلة في غزة والضفة الغربية بإبعادها 415 مواطنا فلسطينيا ونقلهم بالقوة إلى منطقة " غير تابعة لأحد"
وهي منطقة محتلة من قبل إسرائيل على الشريط الحدودي مع لبنان حيث أنهم يتعرضون بالإضافة إلى قساوة الطبيعة ونقص الأغذية لمضايقات عناصر لبنانية مسيطرة على المنطقة المذكورة بدعم إسرائيلي ومعادي ة لقضية الشعب الفلسطيني.
إن عملية الإبعاد هذه الأكبر منذ تهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين عام 1948 , وعام 1967 , هي دليل ملموس على النوايا الحقيقة لحكومة إسرائيل التي ما زالت على تعنتها وإصرارها على تشريد الشعب الفلسطيني من أرضه وحرمانه من حقوقه المشروعة والتي تهدف إلى ضرب كل أولئك الذين ينتفضون بوجه احتلالها أرضهم بالقوة وتدميرها بيوتهم, وحرمانها لهم حتى من أبسط الحقوق التي يجب أن تتمتع بها الشعوب .
لقد لقي تصرف إسرائيل هذا رفضا على الصعيد العالمي إذ أصدر مجلس الأمن كذلك قرارا يقضي بإدانة الأمال البغيضة .
إن وزارة العلاقات الخارجية في كوبا إذ تدين هذه الوسيلة الفظة الجديدة المتبعة من قبل إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني تدعو المجتمع الدولي لرفضها بشكل قاطع وللتشديد على عودة المبعدين إلى ديارهم وكذلك الطلب من منظمة الأمم المتحدة كي تعمل على إجبار السلطات الإسرائيلية على احترام وتنفيذ القرارات العديدة والتي لا تحصي الصادرة والتي تطالبها بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية والعربية هافانا في 25 / 12م1992
جبهة النضال الشعبي الفلسطيني
الأخ المناضل : عبد العزيز الرنتيسي
الإخوة الأعزاء في مخيم العودة
تحية النضال والثورة
في ظل الظروف الصعبة والمعقدة التي تمرون بها أنتم وقضيتنا العادلة وشعبنا البطل المجاهد في فلسطين يتطلع العالم ومن خلالكم لقضيتنا العادلة ولشعبنا المجاهد والمناضل من أجل إعادة حقوقه الوطنية الثابتة والشروعة والغير قابلة للتصرف وقد توجها من خلال الانتفاضة المباركة لطرد الغزاة الصهاينة عن أرض فلسطين الحبيبة.
إن العالم اليوم ومعه شعبنا العربي وهو ينظر إلى قضيتكم العادلة يدين ويشجب كل أساليب القمع الوحشية التي تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني ويفضح زيف وأكاذيب العدو الصهيوني ومن يقف إلى جانبه .
الإخوة الأعزاء
تأتي خطوة اقتلاعكم عن أرضكم فلسطين في مسار المشاريع المطروحة لإفراغ الساحة الفلسطينية من المناضلين الشرفاء ولإفساح المجال أمام لقيادة المستنفذة لتمرير مشروع مؤامرة الحكم الإداري الذاتي إن وحدة شعبنا في الداخل والخارج هي الصخرة التي ستتحطم عليها كل المؤامرات وأن وحدة القوي الوطنية الفلسطينية كفيلة بإحباط مؤامرة الحكم الإداري الذاتي التي يحاولون فرضها على شعبنا عبر سياسة المفاوضات المشبوهة.
إن موقف شعبنا في الوطن المحتل ومن ورائه حركة حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الوطنية لهو أكبر دليل على وحدتنا الوطنية.
الأخوة الأعزاء
بوحدتنا الوطنية نكون على ثقة تامة بأن قضيتنا العادلة ستنتصر مهما طال الزمن وقد أعطيتم العالم كله درسا في الوطنية والصمود وتحمل الصعاب وكل هذا من أجل خدمة شعبنا وقضيتنا العادلة الإخوة الأعزاء .
يعجز القلم والكلمات عن التعبير والوفاء والتقدير لموقفكم الشجاع الصلب في مواجهة غطرسة العدو الصهيوني وسياسته العنصرية ولكل المتخاذلين والمتآمرين اسمحوا لنا أن نتقدم باسم المكتب العمالي ( ل.ج.ن.ش.ف) بأحر التحيات النضالية والكفاحية , ومعا يدا بيد على طريق تحرير فلسطين نجدد لكم القسم على مواصلة المسيرة وتصعيد الكفاح المسلح حتى تحقيق كامل أهداف شعبنا ونتمني لكم العودة إلى ربوع الوطن الغالي فلسطين .
مسئول الجنة العملية ل(ج.ن.ش.ف) أخوكم عبده خالد نضال
الجمعية الخيرية الإسلامية ميكاو – كولومبيا
بسم الله الرحمن الرحيم ولا استعانة إلا به والحمد لله, ولا ثناء إلا عليه , والصلاة والسلام علي خير خلقه , سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدي بهديه آمين .
يا من أخرجتم من دياركم بغير حق فافترشتم الأرض وتلحفتم بالسماء .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا كتاب من إخوانكم في الجمعية الخيرية الإسلامية في ميكاو – كولومبيا . لو نظرنا إلى صفحات تاريخنا منذ أن أكرم الله الناس بنبيه الخاتم , وختم رسالات السماء بكتابه المعجز نري رجالا أوذوا في الله وعذبوا في الله وصدقوا ما عاهدوا الله عليه .
في كل عصر نري رجالا أبطالا جعلهم الله جندا للحق يقاومون أعداء الله بقلوبهم وبأيديهم وبألسنتهم ولا يخشون في الله لومة لائم فهذا بلال رضي الله عنه أمام جبروت أمية يزلزل الأرض تحت أقدام الطغاة وهذا خبيب بن عدي رضوان الله عليه عملاق الإيمان يقف كالمخرز في عيون المشركين وما أكثر الرجال أمثالهم في ميدان الحق وفي كل زمان وفي كل مكان يقفون في وجه الظلم والظالمين الذين نقموا منهم لأنهم آمنوا بالله العزيز الحميد .
صبرا أيها الإخوة حتى يأتي الله بأمره.
صبرا أيها الإخوة حتى يتحرك ضمير الإنسان في قلوب المسلمين في أنحاء العالم ليطلق صرخة الجهاد المباركة صبرا أيها الإخوة وهنيا لكم فإنكم بإذن الله من الذين أوذوا في الله واخرجوا في سبيل الله وليتصرف الله من ينصره .
إننا نشعر بآلامكم رغم المسافات ونحس بنبضات قلوبكم رغم الآلام ونتحسس لظي أرواحكم رغم العذاب ونري دموعكم فوق خدود الصبر حروفا نقية في كل عبرة منها لأولي الألباب .
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فقد أخرجه الذين كفروا من دياره ومن معه أذاقوهم ألوان ألعذاب وما بعد الليل المظلم إلا الفجر المشرق بإذن الله .
صبرا أيها الإخوة الأحباء سائلين الله سبحانه أن يفرغ عليكم صبرا ويثبت أقدامكم وصدق رسول الله القائل " مثل المؤمنين في توادهم وتراجمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي "
وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الجمعية الخيرية الإسلامية ميكاو – كولومبيا رئيس الجمعية – طلال الحاج
الإتحاد العام لعمال فلسطين والإتحاد الدولي لنقابات العمال العرب عضو الإتحاد العالمي للنقابات
أيها الإخوة في العقيدة والنضال
أيها الإخوة " المبعدون " وأنتم المقربون الأقربون إلى قلب شعبكم وأمتكم وإلى قلب كل إنسان نزيه مؤمن بالحرية والديمقراطية الحقة في العالم .
يا من جعلتم من مرج الزهور علما من أعلام التاريخ والجغرافيا والفسلفة العقائدية ..رمزا للإباء والصمود والصبر .. وعنوانا للعزيمة والتصميم والتشبث بالمبدأ والأرض والوطن .
إليكم يا من أضعتم قهر وحشة العزلة تحدي القر والزمهرير وشظف العيش إلى مآثركم في مقارعة العدو الصهيوني الغاشم وقهر مؤامراته على شعبنا وأمتنا من خلال النضال الوجاهي الذي لا يزال مثلكم يذكيه بعد الإبعاد كما كانت قدرتكم تلهبه في خضم المواجهة .. إليكم أيها الإخوة اسمي آيات التبريك وأحر تعابير التهنئة وأصدق التمنيات بالعودة القريبة إلى الوطن.
توجهها في هذه الأيام المباركة من الشهر الذي أنزل فيه الفرقان وبمناسبة عيد الفطر السعيد.. إليكم عمال فلسطين المقيم مقره في أرض المواجهة سوريا العروبة والنضال باسم عمالنا كافة المقيمين منهم داخل الوطن المحتل المشاركين شعبهم انتفاضته الملحمية والمتواجدين في أرض الشتات حيث النضال لم يدع قط كونه شغلهم الشاغل وآلوا على أنفسهم أن يظلوا أبدا الرافد والمعين الذي لا ينضب لثورة شعبنا التي جعلت من الميثاق ناموسها وحددت العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الوطني الفلسطيني هدفا لها تنشده تحقيقا لأماني شعبنا بجماهيره الواسعة التي تشكل عماد الثورة وركيزتها التي لن تهون ولن تخيب الرجاء فيها .
نعم الصمود صمودكم أيها الإخوة ونعم القرارات قراراتكم .. لقد قطعتم الدرب على المساومين الذين أرادوا الاتجار بقضيتكم وجعلها ورقة مساومة طلبا لمقعد هامشي على مائدة المفاوضات لن تعود عليهم حتى ولا بأدنى الفوائد وأبخسها .. بل تغرقهم أكثر وأكثر في لجة التنازلات المجانية أمام عدو غاشم متغطرس الغدر شيمته والريي دينه وديدنه, والعنصرية نهجه الموروث من تعاليم كتبه التي يسميها بالمقدسة.
بصبركم وثباتكم جعلتم من مخيم القدس العودة مرج الصقور نبراسا إليه تطلعت أبصار الملأ , الذي به اهتدي إلى واقع وحقيقة تلوح بها قوي البطش والهيمنة التوسع والاستغلال الجائر.. تتلاقي في تزواج نجس مع الفكر الصهيوني القائم على الحق والعنصرية والكراهية لكل ما هو غير يهودي والذي لا تكتفي تعاليمه بالدعوة إلى القتل تشفيا بل وتحض على إهلاك الضرع وإتلاف الزرع غلا ولؤما ومن نواميس استلاب أرض الغير الذي لا يزال يمعن في تطبيقه شعبنا ومن خلال التهجير الذي استهل بإبعادكم ممارسته بصورة جماعية ليضع خطة الترانسفير موضع التنفيذ في هذه العملية هدفا مزدوجا : إفراغ الأرض وحرمان الشعب من قادة العلم والنضال ..
ذلك التلاقي بين قوي الشر الذي لم يتورع عن تكريس الأمم المتحدة وهيئاتها العليا بما في ذك مجلس الأمن الذي استحال إلى تابع للخارجية الأمريكية يجاريها ويخضع لها في محاولاتها المستميتة من أجل تخليص الكيان الصهيوني من مسؤولية الإبعاد التي تشكل جريمة بحق الإنسانية وحقوق الإنسان ولم يتردد في المراوغة مع الدبلوماسية الأمبريالية لتطويق قرار كان قد اتخذه بنفسه وبه نعني القرار 799 القاضي بعودة المبعدين فورا وجميعا دون استثناء ..
وبهذا أضاف إلى سجله الملوث بالرضوخ لمشيئة الدول الكبرى والذي بات يعرف عالميا باسم الكيل بمكيالين وصمة عار جديدة لا يمحوها سوي الرجوع عن هذا التخاذل وإثبات مصداقية المنظمة العالمية كأداة إدارة عالمية تقيم نصاب العدل حقا تنتصر للقضايا لعادلة للبشرية وفي مقدمتها قضيتنا الفلسطينية المقدسة.
لكن شعبنا وأنتم طليعته والانتفاضة البطولية رمزه وعنوان مسيرته أحبط مؤامرات العدو الباغي ومسانديه الإمبرباليين والمستعمرين والسائرين في فلكه من مساومين مستسلمين على ساحتنا الفلسطينية ومتخاذلين ممالئين على ساحتنا العربية ومناوراتهم.
ذلك أن هذه الطليعة وهذا الرمز يلتقيان مع قوي الصمود والمقاومة التي لا تزال تشكل الشعلة المتوقدة في هذا الديجور العربي المعاصر تلك اقوي التي تمثلها الفصائل لمناضلة والملتزمة بالميثاق على ساحتنا الفلسطينية وتحمل لواءها سوريا البعث الثورة والأسد على الصعيد القومي ليشكل الجميع السد الذي يرد العاديات ويفسد على الأعداء خططهم العدوانية ضد شعبنا وامتنا إذ يعري الكيان الصهيوني أمام الملأ ليظهره على حقيقته كيانا عنصريا توسعيا قائما على العدوان والاغتصاب والتوسع ولا رغبة لديه إطلاقا في إقرار السلام الذي يشكل النقيض لوجوده بالذات كما أظهر الصراع العربي مع ذلك العدو وكونه صراع وجود وليس صراع حدود ..
وهذا ما يفسر البطولات الملمحية التي يسطرها شعبنا يوما بعد يوم في غزة والضفة وفي كل مخيم وقرية ومدينة من وطننا المحتل نضالا واعيا لا حياد ضد الاحتلال الصهيوني الذي تنطلق أحلامه إلى ما وراء فلسطين والجولان متطلعة إلى تخوم الرافدين دجلة والفرات , ومنابع الليطاني , والحاصباني وضفاف النيل.
إن هذا السد المنيع أمانة في الأعناق عليها يحافظ عمال فلسطين ومن أجلها لا يضنون بتضحية أو فدا .. ذلك هو عهد يؤكدون اليوم عليه أمام صانعي التاريخ أمام طلائع شعبنا وأمتنا قوي التصدي الحقيقي القوي الداعية إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية والقومية حاملة لواء التضامن العربي النضالي الرافضة للحلول الجزئية والتنازل ولو عن شبر من أرض أو ذرة من حق .. هذه القوي التي تمثلونها أيها الإخوة المبعدون أروع تمثيل والتي تجسد المبدأ نضالا على أرض فلسطين والجولان والجنوب حيث ستظل الشهادة مطلبا والنصر غاية إلى أن يتحقق شعار شعبنا ثورة حتى النصر والتحرير
سفارة جمهوري إسلامي إيران دمشق
بسمه عالي
رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لجنة دعم ثورة الشعب الفلسطيني الإسلامية
الأخ الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الناطق باسم المبعدين الفلسطينيين المحترم السلام عليكم
أتقدم بالشكر والتقدير لإرسالكم رسالة المحبة نيابة عن الإخوة المبعدين الفلسطينيين بمناسبة لذكر السنوية لانتصار الثورة الإسلامية وحادثة الطائرة الإيرانية الأخيرة .
لا شك أن العلائق القلبية العميقة التي تربط بين الشعبين المسلمين الإيراني والفلسطيني النابعة عن الاعتقادات الإلهية الإسلامية قد أدت إلى أن الانتفاضة الإسلامية المحتلة وباتخاذها الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الفقيد الكبير الخميني ( رض ) نبراسا ومثالا لها أخذت تهز الكيان الصهيوني الغاصب وجعلته عاجزا عن إخماد هذه الشعلة المقدسة الرجال المجاهدين والغياري في الشعب الفلسطيني سيؤدي إلى إيقاف نهضة الشعب الفلسطيني المسلم العظيمة لكن الصمود والمقاومة البطلة من قبلكم أيها الإخوة الفلسطينيين الأعزاء ستحبط جميع المؤامرات والأطروحات المشؤومة وبهذا العمل الشجاع حصلت نقطة انعطاف وأمل عظيمة في تطور الانتفاضة حيث أدت إلى الضعف الإذلال الأكثر الكيان الصهيوني .
وإني نيابة عن لجنة دعم ثورة الشعب الفلسطيني الإسلامية وضمن مساندتكم الشاملة أيها الإخوة المجاهدون الأعزاء أعلن وبلا أدني شك بأن صبركم وصمودكم سيؤديان وبالألطاف الإلهية إنشاء الله إلى عودتكم أيها الأعزاء إلى أوطانكم مما سيجعل النهضة الإسلامية الفلسطينية أكثر ازدهارا وتفتحا .
وفي الختام أعلن صراحة بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وضمن إبداء التأسي العميق معكم بالنسبة إلى الآلام والصعوبات التي تلاقونها أيها الإخوة الأعزاء سوف لن تدخر جهدا إلا ومارسته في المحافل والمنظمات الدولية من أجل عودتكم أيها الإخوة الأعزة الكرام .
والنصر من عند الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيد عطا الله مهاجراني مسؤول لجنة حماية الثورة الإسلامية الفلسطينية 23 / رمضان عام 1313هـ قمري
الإتحاد العام لطلبة تونس فرع دمشق
( فاصبر إن وعد الله حق ولا يستضعفنك الذين لا يوقنون) صدق الله العظيم
الإخوة المجاهدون في مرج الصقورتحية الثورة
إلى الذين يصنعون التاريخ وصفحات المجد لأمتنا العربية إى الذين رفضوا المساومة وتمسكوا بالعودة إلى الوطن ولا بديل غير الوطن كل مشاعر الفخر والحب باسم الاتحاد العام لطلبة تونس ... فرع دمشق وجماهير شعبنا في تونس العربية.
أيها الإخوة حينما أقدم الغزاة الصهاينة على إخراجكم من دياركم أنما كان ذلك استجابة عميقة لمرتكز استراتيجي للحركة الصهيونية يقوم على أساس اقتلاع كل شعب فلسطين بجميع شرائحه حتى يتمكن من تهويد كل الأرض كمقدمة لبناء الكيان الصهيوني من الفرات إلى النيل وتلبية للفكر التوراتي المزعوم هذا من ناحية.
ونعتبرها نحن جزء لا يتجزأ من العقيدة الصهيونية ومن ناحية ثانية فإن الغزاة الصهاينة اعتقدوا أنه إخراجكم وإبعادكم وبإمكانهم توجيه ضربة للانتفاضة – الثورة الذي بدأ خطها البياني يتصاعد وبدأت طاقات شعبنا تتفجر وتبدع في التصدي للهمج الصهاينة حتى باتت الثكنة الصهيونية بكل ترساناتها العدوانية عاجزة عن تحقيق أمن أفرادها غير أن الشم الأشاوش أشبال الانتفاضة وشبابها رجالها ونسائها نسفوا كل التوقعات والنتائج المتوقعة وما تصاعد العمليات الاستشهادية اليومية التي جعلت من حياة المستوطنين الصهاينة جحيما لا يطال إلا دليلا على ذلك.
أيها الإخوة أراد الصهاينة لغزاة من إبعادكم خنق الروح الثورية الكفاحية التي بدأت تنمو في جسد أمتنا العربية والتي كان للانتفاضة الثورة دور كبير في إنما هذه الروح الحية حتى يتمكنوا من تمرير المشروع الأمريكي الصهيوني التصفوي وراحت وسائل الإعلام المعادية لأمتنا العربية تذرف دموع التماسيح عل مشكلة المبعدين والي سمتها مشكلة إنسانية ودعمتها في ذلك الزمرة المنحرفة التباعة في تونس والها المعادية لأمتنا العربية غي أن صمودكم في المعركة التي تخوضونها أعطاها بعدها الصحيح بعدها الوطني والقومي وارتد السحر على الساحر.
فبإصراركم وصمودكم وجهودكم صار كل فرد من أمتنا العربية أمة الجهاد والاستشهاد يفخر بأنه ينتمي إلى أمة تنجب مثل هؤلاء الصقور المخرجون .
أيها الإخوة من قبل دمشق التي قلتم عنها أنها الأهل والعشيرة ومعقد الآمال نرفع إليكم آيات الحب والاعتزاز ونعاهدكم أن شباب تونس العربية الأصيلة ومهاما تنالت عليها أنظمة والخيانة والعار.
ولا يرضون بغير فلسطين من بحرها إلى نهرها وأن الطريق إلى ذلك لا يمر عبر مدريد و واشنطن و لا غيرها بل عن طريق فوهة البندقية ولشبابنا سجل حافل والسلسلة طويلة كانت آخر حلقاتها استشهاد البطل عمر عبد العزيز قطاط وهو يقوم بواجبه القومي تجاه إخوته وأهله من مرج الزهور إلى رفح ولا يزال الهدير مستمرا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخوتكم في الإتحاد العام لطلبة تونس فرع دمشق دمشق في 5 / 4م1993
البيان الختامي للمؤتمر العالمي لدعم المبعدين
مؤتمر دعم المبعدين المنعقد بتاريخ 15-18/2/1993المنعقد في بيروت
( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير, الذين أخرجوا بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) صدق الله العظيم
بدعوة من الأحزاب والقوي الإسلامية والوطنية اللبنانية والفلسطينية, عقد في بيروت أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس في 15, 16, 17, 18 شباط الجاري.
مؤتمر عالمي ف يدعم الإخوة الفلسطينيين المخرجين من ديارهم بغير حق شارك في أعماله وفود رسمية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية ولبنان ونواب من الأردن ولبنان وفعاليات فكرية وسياسية واجتماعية وإعلامية من أفريقيا وسويسرا وإيطاليا وبريطانيا.
وممثلون لقوي وأحزاب وحركات تحرر في الأردن اليمن والعراق مصر والبحرين عمان والجزيرة العربية وعلماء دين مسلمون في لبنان والبلاد الإسلامية وممثلون عن الطوائف المسيحية في لبنان وشخصيات فكرية وسياسية اجتماعية وإعلامية لبنانية وفلسطينية .
ولقد توقف المؤتمرون أمام خلفيات وأبعاد الجريمة النكراء التي ارتكبا الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين باقتلاعه ثلة من أبنائها يزيدون عن أربعمائة مواطن من أرضهم وديارهم وإخراجهم منها عنوة على مرآي ومسمع من العالم أجمع غير آبه بكل ما تدعيه المؤسسات الدولية من أعراف وقوانين ومواثيق وغير مبال بكل الشعارات حقوق الإنسان التي استخدمت وتستخدم كذرائع لابتزاز بعض الدول التي لا تخضع لإرادة وهيمنة الدول الاستكبارية المسيطرة على القرار الدولي.
ولم يكن العدو الصهيوني ليقدم على ارتكاب جريمته هذه لولا اطمئنانه إلى أنها ستغطي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لانسجامها مع السياسة الظالمة الجائرة التي تتبعها تجاه شعوب أمتنا العربية والإسلامية ولولا اطمئنانه للموقف الدولي الذي تعبر عنه المؤسسات الدولية على اختلافها وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن لم يعد يتحرك إلا ضمن السقف الذي ترسمه الإدارة الأمريكية التي باتت تهيمن هيمنة كاملة على سياساتها وقراراتها .
ومن العوامل التي شجعت لعدو الصهيوني على التمادي في جريمته والإصرار عليها هذا الانهيار الكبير الذي يشهده الوضع الرسمي العربي والانسحاق شبه الشامل أمام الإدارة الأمريكية .
وأصدق تعابير هذا الانسحاق المراهنة على حلول سليمة تنتجها المفاوضات الثنائية والمتعددة التي تديرها الولايات المتحدة مما جعل الموقف العربي ضعيفا أمام قضية الإخوة المخرجين وعلى محمل مسار القضية الفلسطينية التي تتعرض للتصفية النهائية في هذه المرحلة في ظل ذرائع ومبررات البحث عن السلام الشامل والنهائي في المنطقة.
إن المؤتمرين إنطلاقا من وعيهم للمخاطر الجسيمة التي تحملها جريمة الإبعاد والتحديات الكبيرة التي تستهدف القضية الفلسطينية ومستقبل منطقتنا وبلادنا وأمتنا يعلنون ما يلي :
أولا : إن قرار الإبعاد للإخوة الفلسطينيين هو مسألة خطيرة تأتي في سياق حلقات التآمر لتصفية القضية الفلسطينية من قبل الكيان الصهيوني الغاصب بدعم من الولايات المتحدة.
ثانيا : في الوقت الذي نرفض فيه تجزئة القرار 799, ونصرّ على تطبيقه بشكل كامل وفوري وعودة جميع المبعدين منذ العام 1947 إلى أرضهم فإننا ندعو المجتمع الدولي لتحرير هيئة الأمم المتحدة وجلس الأمن الدولي من دائرة الهيمنة الأمريكية وأولي مصاديق هذا إلا إلزام الكيان الصهيوني بتنفيذ القرار وإلا معاقبته على تمرده وجرائمه المتكررة بحق الشعب الفلسطيني .ونحذ من الصفقة الأمريكية الصهيونية الهادفة لحماية الميدان الصهيوني من العقاب الدولي على جرائمه وتكريس عمليات الإخراج للشعب الفلسطيني وتهويد أرضه .
ثالثا : دعوة المفاوضين العرب إلى الانسحاب من المفاوضات الثنائية والمتعددة لا سيما في سياسة الوفد الفلسطيني حيث لا نري الاستمرار في المفاوضات إلا إمعانا في سياسة التآمر على القضية الفلسطينية وشعبها المجاهد.
رابعا : إن الأخطار الكبيرة التي تتعرض لها أمتنا الإسلامية والعربية في ظل ما يسمي بالنظام العالمي الجديد وفي ظل انهيار المعسكر الاشتراكي وانعدام التوازن الدولي يستوجب منا الارتقاء في مستوي العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها والتقدم بأعلى مستويات التنسيق وتضافر الجهود وتوحيدها في مواجهة المحور الأمريكي "الإسرائيلي " الغربي.
وعليه نتوجه بالدعوة إلى الأحزاب والقوي الإسلامية والوطنية اللبنانية والفلسطينية والعربية كافة لمزيد من توحيد الجهود ورص الصفوف وتلاحم المقاومين ضد الاستكبار العالمي والكيان الصهيوني .
خامسا : وتؤكد على أهمية التحالف القائم بين إيران وسوريا في موضوع القضية الفلسطينية التي نعتبرها القضية المركزية في صراع أمتنا الإسلامية والعربية ضد الاستكبار العالمي والكيان الصهيوني .
ونعتبر أن تحالفهما يشكل نقطة الارتكاز في الصراع ضد الكيان الصهيوني في منطقتنا ومحاولات الهيمنة الأمريكية عليها ونقدر مواقفهما ودعمهما للمقاومة والانتفاضة ولحركات التحرر في المنطقة.
سادسا : نؤكد على أهمية الموقف اللبناني في قضية المبعدين ونشدد على ضرورة الثبات على هذا الموقف وعدم التراجع أمام أية ضغوطات .
سابعا : إن المقاومة الإسلامية والوطنية في لبنان تشكل رأس حربة في المواجهة ضد الكيان الصهيوني الغاضب وإن جهادها ونضالها في سبيل تحرير الأراضي المحتلة هو شرف للأمة جمعاء الأمر الذي يستوجب من كل الشعوب والقوي وحركات التحرر العربية والإسلامية والدولية المساندة لهذا الحق المقدس وتقديم كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي الإعلامي لها.
ثامنا : توجه المؤتمرون بالتحية والإكبار لأبطال المقاومة الإسلامية والوطنية في لبنان الذين سطروا الملاحق ضد الكيان الصهيوني في جنوبه وبقاعه الغربي سيما المواجهات الأخيرة التي حدثت أثناء انعقاد هذا المؤتمر .
تاسعا: توجه المؤتمرون بالتحية إلى أبطال الانتفاضة في فلسطين الذين يجسدون ضمير الأمة وصوتها ويؤكدون في صراعهم اليومي ضد الكيان الصهيوني وفي تقديمهم للشهداء أن المقاومة والانتفاضة هما الخيار الوحيد على طريق تحرير فلسطين والأراضي العربي المحتلة. وأكدوا أن الرهان على المفاوضات لا يؤدي إلا إلى المزيد من التنازلات .
عاشرا : حيا المؤتمرون صمود أهلنا وشعبنا الرازحين تحت الاحتلال الصهيوني في فلسطين والجولان وجنوب لبنان .
حادي عشر : توجه المؤتمرون بالتحية والإجلال لصمود الإخوة المبعدين الصامدين في مرج الزهور ومواجهتهم الرافضة لقرار الإبعاد وسياسة الإمعان في لتآمر على القضية الفلسطينية وهم الذين جسدوا بموقفهم هذا الإرادة الحقيقية لشعب الانتفاضة وهم أبعد ما يكونون عن تمثيله والدفاع عن حقوقه وحمل أمانته .
اثني عشر : توقف المؤتمرون أمام الذكري السنوية الأولي لاستشهاد سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوس وزوجته وطفلهما التي تتزامن مع انعقاد مؤتمرنا هذا واعتبروا الشهيد السعيد المنارة والرمز لكافة حركات التحرر في العالم وشعوبها المستضعفة وتوجهوا بالتحية إلى جميع الشهداء والجرحى والمعتقلين .
ثالث عشر : نتوجه بالتحية إلى حركات التحرر كافة في العالم التي تناضل ضد كل أشكال التمييز العنصري والقهر والاضطهاد وعلى وجه الخصوص الفصائل الفلسطينية المعارضة لمفاوضات مدريد واشنطن .
وندعوها للتعاون وتنسيق الجهود فيما بينها لمواجهة كافة الأخطار المحدقة بها من قبل الاستكبار العالمي وأدواته .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
رسالة السيد محمد حسين فضل الله
إخواني في الله الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله الصامدين والصابرين الذين انطلقوا من خلال الإسلام الحركي الأصيل المنفتح على الله في شمولية الإيمان وحركية الرسالة استقامة الدعوة وحيوية الجهاد.
السلام عليكم ورحمة وبركاته وبعد
فقد كنت ولا أزال أعيش معكم كطليعة واعية مجاهدة في موقعكم الجهادي الذي استطعتم من خلاله أن تثبتوا للعالم كله الوعي الإسلامي العميق الذي يعرف يصوغ الكلمة المعبرة والأسلوب الإيحائي والفكرة الرصينة بحيث حولتم المأزق الذي أراد العدو أن يضعكم فيه إلى مأزق له أمام العالم بصبر كم وحكمتكم ورشدكم الإسلامي كما استطعتم أن تحاصروه بالحق الذي تابعتم تحريكه بدقة في خدمة القضية الكبرى وان تشغلوا ضمير العالم بالآمكم وجراحاتكم الروحية فحصلت القضية من خلال هذا الإبعاد المأساوي على رصيد سياسي وإعلامي كبير.
لقد كنت أود أن أزوركم في موقعكم هذا ولكني أعيش ظروفا صعبة يعرفها إخواننا المجاهدون وقد كنت أتابعكم يوما بيوم وأحب أن أسجل للأخ المجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وعيه وحكمته وسعة أفقه ومتابعته للأوضاع السياسية المتنوعة الأمر الذي أثار الإعجاب والاعتزاز.
لقد نقلت إلينا الأخبار بإعادة (200) من إخواننا المبعدين , وقد سررنا لذلك من ناحية المبدأ لأن ذلك يعني قرارا آخر الباقين وإننا نعتقد أن صبركم وإصراركم على القضية هو الذي فرض على العدو ومن وراءه ذلك.
إننا نتطلع إلى اليوم الذي عود فيه الفلسطينيون جميعا إلى فلسطين لنلتقي هناك في القدس مع القضية الإسلامية الكبرى التي نحمل جميعا رسالتها في العالم ليكون الإسلام قاعدة للفكر والعاطفة والحياة إن هناك مؤامرة تستهدف القضية الفلسطينية في المفاوضات ولكننا نعتقد أن الشعب الفلسطيني المسلم بقيادته الإسلامية سوف يسقط المؤامرة ولو بعد حين.
وختاما أسأل الله لكم جميعا النصر والفرج القريب وللشعب الفلسطيني القوة والعزة والانتصار ولأمتنا الإسلامية الانطلاق في خط الدعوة إلى الله , والجهاد في سبيله
تقرير حول المقابلة التي تمت مع وكالة الأنباء الأمريكي CNN
الجمعة 5/2/1993
في تمام الساعة الثالثة من صباح يوم الأربعاء 3 شباط /1993 تمت مقابلة تلفزيونية في مناظرة ضمن برامج هذه الوكالة الإخبارية تحدث فيها الدكتور عزيز دويك عن المبعدين وقد اشترك فيها كل من برانت سدلر , لاري كنغ , سنتور أمريكي صهيوني , وآخرين , مدة المقابلة : 25 دقيقة قدم سدلر حديثا عن المبعدين وسط ظروف الثلج والصخور وأضاف أنهم يملكون إرادة قوية وقال : إن هؤلاء الأصوليين يصرون على الانتصار في معركة الإعلام مع إسرائيل وأضاف أن هؤلاء الحمساويين يتمسكون بمبادئهم وعقيدتهم وهو لا يعرف ما الذي سيجري لهم فيما إذا تجاوزت الأمم المتحدة ومجلس الأمن قرار 799 الذي يدعو إلى عودتهم الفورية إلى وطنهم.
شكر لاري كنغ الدور الذي لعبه سدلر وطاقمه وسط هذه الظروف الصعبة وقال له : هل كنتم تحسون بالخوف من الاختطاف ونحوه؟ قال سدلر : قليلا . وذكر أنه ليس بين طاقمه أى أمريكي فسأل لاري : ألم يصل أمريكان إلى مخيم المبعدين ؟
فقال سدلر : وصل بعض الصحفيين الأمريكان توجه لاري بالحديث إلى ضيف الحلقة د. عزيز بعد أن بين أن المبعدين هم مجموعة مختارة من العلماء والأطباء والمهندسين والمثقفين الذين أقاموا لهم جامعة في مخيم الإبعاد.
سأل لاري د. عزيز : من أنت ؟
الإجابة إنني محاضر في جامعة النجاح أبعدتني سلطات الاحتلال من قاعة المحاضرة إلى جنوب لبنان دون محاكمة أو مناقشة أو تحديد مدة الإبعاد إنني أقول إن ذنبنا كفلسطين هو أننا قلنا لإسرائيل بصراحة أن خمسة وعشرين عاما من الاحتلال هي شئ كثير وقد قلنا لإسرائيل إننا كفلسطينيين نعتبر الاحتلال هو أسوأ نوع من أنواع الذل والعبودية في تاريخ البشر ..
وقد قامت إسرائيل بهدم منازلنا وقتل أطفالنا وقتل أطفالنا لقد سمعتم عن قتل أكثر من ألف طفل من أطفال المدارس على أيدي جنود الاحتلال .
سؤال من لارى : هل أنت إرهابي ؟ وهل مارست أى شكل من أشكال العنف ضد إسرائيل ؟
الإجابة : بالطبع لا . وإنني أعجب من دولة تدعي الديمقراطية وتسجن الفلسطينيين بسبب أرائهم . كما أرجو أن يعمل المشاهد الكريم أن إسرائيل تعتقل الفلسطينيين بمجرد أنهم يحتفظون بمجلة أو كتاب في بيوتهم .
إنها ديمقراطية عجيبة وغريبة تدعيها إسرائيل حيث نجد أن 4 مليون يهودي يضطهدون 3 مليون فلسطيني يقتلون أبناءهم ويهدمون منازلهم ويستخدمون القنابل والصواريخ المضادة للذبابات لمجرد وجود مشتبه في أى بيت من البيوت.
سؤال من لارى : هل اعتقلت من قبل ؟
الإجابة : نعم مرتين اعتقال إداري لا أعلم لأى منهما سببا سوي أنني كتبت أعبر عن رأيي فيما يدور حولي
سؤال من لارى إلى السنتور : ما رأيك يا سنتور بما يقول الضيف؟
السنتور : أنا لا أعرف حالة الضيف , لكن حماس منظمة إرهابية تعمل على تدمير دولة إسرائيل .
سؤال من لارى : ما ردّك يا دكتور عزيز على ما جاء في ميثاق حماس ؟ وهل ا،ت حماس ؟
الإجابة : ابتداء إنني مسلم وأنا أعتز بذلك , أما بخصوص الشطر الأول من السؤال أقول : إن من واجبي أن أذكر بما قاله الرئيس نكسون عام 67 : ( إن إسرائيل تطلب مني أن أكفل لها حدودها فأى الحدود تريد مني أن أكفل ؟) ثم إن ميثاق إسرائيل ينص بالحرف أن أرض إسرائيل ما بين النيل والفرات العظيم فهل يعطي ميثاق إسرائيل للعرب مبررا كافيا ليقوموا بطرد الإسرائيليين إلى البلاد التي جاءوا منها إلى بلادنا .
السؤال من السنتور : إن الإسلام الذي تتبناه حماس يدعو إلى قتل اليهود وذبحهم .
السؤال من لارى : ماذا تقول في ذلك؟
الإجابة : ابتداء أرجو أن أوضح أن أصل الإسلام هو الإسلام , وإنني مثل كل المسلمين ضد إراقة قطرة دم واحدة لأى إنسان كما أننا لسنا ضد اليهود ولكننا ضد الظلم والجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني المظلوم وهنا أركز على أمرين.
سؤال من السنتور الأمريكي : لقد أبعدت الكويت 300 ألف فلسطيي كما أبعدت السعودية آلاف اليمنيين
الإجابة من الدكتور عزيز الدويك: أريد أن أعلن على ذلك أن إسرائيل أبعدت ما بين 3 -5 مليون فلسطيني يعيشون عيشة البؤس في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط.
لاري .. د.. دويك .. تريد أن تجيب على أسئلة المستمعين في أمريكا .
سؤال مواطن يهودي من لوس أنجلوس يبدو لى أن إبعادكم هو أخف وأهون من وضعكم في السجون الإجابة اسمح لى يا عزيزي أن أصحح مفهوم الإبعاد عندك . إنه جريمة نكراء لا يصل إلى مستواها القتل فكيف السجن .
سؤال من لاري : لو كان الخيار الوحيد لكم هو السجن فهل تقبلون ؟
الإجابة : إن قرار مجلس الأمن الدولي 799 يدعو إلى عودتنا إلى بيوتنا ولكن إن كانت العودة إلى السجن لابد منها فإنني أقول ك أننا نفضل العيش في السجن فوق تراب وطننا ولا نستبدل به أى مكان آخر في العالم سؤال مواطنة أمريكية لماذا لم تقبلوا بالاستئناف أمام المحاكم العسكرية ؟
الإجابة : أولا : لأن قرار إبعادنا قرار سياسي ظالم .
الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية فرع لبنان
الإخوة المبعدين المحترمين ..
تحية نضالية وبعد
إليكم .. إليكم يا من تواجهون البرد بصدوركم العارية
إليكم ... إليكم يا من تردون على غطرسة العدو الصهيوني بإصراركم وإيمانكم ..
إليكم .. إليكم يا من تواجهون المدفع بالحجر.. والبندقية بالسكين والقذيفة بالمولوتوف ..
أيها الصامدون الصابرون المؤمنون ..
مهما قدمنا لكم لن نفيكم حقكم فباسم الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية منطقة صيدا نرسل لكم تحياتنا النضالية والكفاحية الصادقة لعموم أخواتنا المبعدين مع هدية رمزية عبارة عن قميص عدد 100 وملابس داخلية عدد 46 لنؤكد لكم أنكم دائما في البال وأنكم لكم أنكم دائما في البال وأنكم الامتداد الحقيقي لثورة شعبنا الفلسطيني في الخارج الذي لا تتكامل إلا بالمد الداخلي .
نؤكد أننا يدا واحدة وفي خندق واحد بمواجهة العدو الصهيوني من أجل استعادة وطننا المحتل فلسطين وانتزاع حقوقنا التاريخية والوطنية .
كلنا ندين يا إخواننا قرار إبعادكم ونطالب دائما وبالصوت العالي بتطبيق القرار 799 الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي القاضي بعودتكم إلى الوطن الحبيب .
تحية لكم أيها النسور التي ما زالت تحلق منتظرة أن تحط فوق أرضها ..تحية لكم يا إخوتنا في الدرب والمصير الواحد .. يا أبناء شعبنا .. تحية لانتفاضة أهلنا في الداخل ..
مزيدا من الصمود والتصدي من أجل تحقيق أمانينا في العودة وتقرير المصير آملين الرد على رسالتنا هذه وإنا لمنتصرون
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة دائرة الإعلام والتوجيه المركزي
( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم) صدق الله العظيم
الأخ المجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الإخوة العائدون بإذن الله .. كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الأضحى المبارك يسعدني أن أتوجه إليكم بأسمى وباسم رفاقي في المكتب السياسي واللجنة المركزية وكافة كوادر ومقاتلي جبهتنا بأطيب الأمنيات راجيا الله عز وشأنه أن يكون يوم الفرج والنصر قريب ..
إننا وفي هذه المناسبة المباركة نري بصمودكم ومواقفكم الشجاعة والثابتة تباشير العيد الحقيقي الذي جسدته إرادتكم فكنتم شعاع الفجر في هذه المرحلة التي أراد بها المستكبرون أن يطفئوا نور الانتفاضة من خلال إبعادكم وكنتم خير معبر عن أصالة شعبنا وصدقية انتمائه ..
أيها الإخوة المجاهدون:
مضي عيد الفطر السعيد ويأتي عيد الأضحى المبارك وأنتم خارج الوطن بعيدا عن ذويكم وأبنائكم لكنكم بما تمثلون من طليعة في صفوف شعبنا تصنعون من ألامكم الفرح الحقيقي لأطفالنا ولأجيال المستقبل ..
كانت وقفتكم الشجاعة برغم كل محاولات الالتفاف على قضيتكم وآثرتم البقاء في العراء بعيدا عن دفء المنازل والأهل كي تنشروا النور وترفعوا راية الحق راية فلسطين.
نيابة عن أمة بأكملها .. ومهما حاول المتآمرون أن يغيبوا دوركم وأهدافكم السامية في محاربة مبدأ الإبعاد فإن شعبنا سيحفظ لكم هذا ويقاتل من أجله وهو حاضر بينكم يتمثل معاناتكم ويستلهم مواقفكم المشرقة وأنتم في قلب كل الناس الأحرار أينما كانوا ولم تغب قضيتكم وحضوركم لحظة واحدة عن وجدان شعبنا ومشاعره .
بورك صمودكم ولكم من جبهتنا وثورتنا وشعبكم كل التحية والتقدير وكل عام وشعبنا وأمتنا بخير