عبد الوكيل العناني

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عبد الوكيل العناني

بقلم: عبد الحليم الكناني

من هو عبد الوكيل العناني

  • كان زاهدا متعبدًا معروفًا بوداعته ورقة شعوره

نشأته وأخلاقه

وُلد هذا الأخ الكريم في 30 سبتمبر سنة 1928م في (كفر وهب)، ثم انتقل مع والده إلى طنطا، وفيها تعلم علومه الأولية، وفي نوفمبر سنة 1940م انتقل مع العائلة إلى القاهرة حيث التحق بإحدى شركات النسيج مع أخيه الأكبر محمد.

كان "عبد الوكيل" على الرغم من حداثة سنه زاهدًا متعبدًا، عرف بطاعة والدَيه، وصدقه وأمانته، ووداعته ورقة شعوره.

ومما يُذكَر عن رحمته وشفقته على الحيوان الأعجم والطيور الضعيفة أنه كان يسير يومًا إلى مدرسته وهو صغير فوجد ولدًا معه عصفورٌ يلعب به فطلب منه أن يُطلِقَه ولا يعذبَه فأبى فساومَه في شراء العصفور بما كان معه من المليمات ثم أخذه وأطلق سراحه.

الانضمام للإخوان والتطوع للجهاد

نشأ شهيدنا متصوفًا، وأخذ التصوف عن جده المرحوم الشيخ (علي العناني).. أحد مشايخ الطريقة الخلوتية المنسوبة إلى السيد مصطفى البكري الصديقي، ثم انتسب إلى دعوة الإخوان المسلمين عام 1945م.

وتطوع عبد الوكيل للجهاد مع محمد أخيه، فكانا متلازمَين في كل خطوة يخطوانها، في البيت والتدريب والميدان، ولما جاء يوم السفر إلى فلسطين قبَّلته أمُه في الصباح ودعَت له بالعودة سالمًا، فقال لها:

ولمَ لا تدعين لي يا أمي بأن أستشهد في سبيل الله؟!

فقالت الأم: تستشهد ولا أراك بعد ذلك؟!

فقال لها: ولكن سترينني في الجنة إن شاء الله.

فدعت له بأن يكون من الشهداء، واستجاب الله دعوتها، وحقَّق أمنية ولدها.


شجاعته

في أثناء تدريبه في استعمال مدفع الـ(برن)، وعندما دخل مع إخوانه المجاهدين إلى الحدود الفلسطينية كانت قافلة السيارات تسير متجهةً إلى (خان يونس)، بينما كان هو فوق سيارة حربية ومعه مدفعه ليُسهم في حراسة القافلة أثناء سيرها، فلا يتعرض أحد لها من الأعداء بسوء أو ضرر.

الشهادة

كان على موعد مع الشهادة في معركة كفار ديروم الثانية بدير البلح التي اشترك فيها الشقيقان الكريمان، وفي أثناء المعركة أصيب الأخ الأكبر محمد في فخذه، فلم يتمكن من وضع طوربيد "البنجالور" تحت الأسلاك الشائكة لنسفها وفتح ثغرة فيها، كما اتفق مع إخوانه، ونزف نزفًا شديدًا من هذه الإصابة وتلطخ بسببه سرواله الكاكي، فأصبح جميعه بلون الدم.

فاستغاث بشقيقه عبد الوكيل بصوت منخفض، وكان من رماة البرن، فبدأ يتحرك نحوه برغم ما في ذلك من مخالفة عسكرية؛ إذ لا يصح الاقتراب من المصاب في أثناء المعركة؛ لأن موقعه أصبح مكشوفًا للعدو، وبدأ عبد الوكيل بالزحف للخلف بعض الشيء، وسحب بندقية شقيقه وسلَّمها لقائد الفصيلة الذي لم يكن مسلَّحًا ببندقية بل كان معه مسدس.

وحاول محمد التحرك، لكنه لم يستطع بسبب نزيف جرحه وآلامه، فلم يتحمل شقيقه عبد الوكيل المشهد واندفع بعاطفته نحو أخيه، فأصابته دُفعة من الطلقات أردته شهيدًا في الحال.

ولما ذهب الإمام الشهيد حسن البنا لمواساة الأب الصالح ردَّ عليه قائلاً لو أردت ولدي الثالث لأرسلته فورًا إلى ميدان الجهاد، وكان موقفًا رجَع بالقلوب والنفوس إلى ذكريات الصحابة الكرام في صدر الإسلام، وهاهو يتجسد الآن في ذلك الأب المؤمن الصابر المحتسب.

رؤى صالحة

ذهب الإمام البنا لمواساة أبيه فقال: "لو أردت ولدي الثالث لأرسلته إلى الجهاد"..!!

كان استشهاد الأخوَين تحقيقًا لرؤيا صالحة رآها أبوهما الصالح، فتحققت كفلق الصبح، وكان قد رآهما مجتمعَين في الجنة، ورآه والده بعد استشهاده في الرؤيا فسأله: ما فعل الله بك؟!

قال: لم يمسسني سوء!! وفي هذه الكلمة إشارة إلى الآيات الكريمة التي نزلت في شأن الشهداء: "وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ".. إلى قوله تعالى: "فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ" (آل عمران: 169إلى 174).

تحية شعرية للشهيدَين

نشرت مجلة (الإخوان المسلمين) تحيةً شعريةً للشهيدين الشقيقَين (محمد وعبد الوكيل) بتاريخ 18 شعبان سنة 1367هـ 26 يونيه سنة 1948م بقلم الأخ الصاوي عوض محمود، يقول فيها:

عبد الوكيل ويا محمد أنتما
أخوَان في ساح الفداء تقدما

بطلان جادا بالحياة رخيصةً

وتسلقا فوق المعالي سلَّما

حي الشهيدين اللذَين تسابقا

للموت حتى بالسعادة ينعَما

واسأل فلسطين التي في أرضها

ثوبا.. فكانا للشباب معلما

تنبيك كيف تكون أعمال البطو

لة والرجولة والدفاع عن الحمى

أخوى لا أنسى فضائل جمة

وشمائل عليا وقلبًا مسلما

فلتذكرانا في النعيم إنما

كونا لنا في السابقين دعائما

لاهمَّ.. وارزقنا الشهادة مثلما

رزقا وبلغنا المراد الأقوما

أسبِغ علينا الصبر وانصر جندنا

وارفع لواء الحق ربي دائما