جنود مجهولة رحلت في أكتوبر
مقدمة
ينشئ المرء فى كنف ابويه تمضى به الايام وتسير به الحياه، ينمو ويكبُر يوما بعد يوم،تقابله الافراح واحيانا تقابله الأحزان، تقابله العثرات وايضا تصاحبه النجاحات، يعملون بكل جد من أجل إسعاد الناس، وتحقيق الأهداف، وربما تمر الأيام وتتوالى السنين وينساهم الناس، لكن أعمالهم وجهادهم يظل في الوجدان، لكن صاروا جنودا مجهولة.
ودعوة الإخوان ضمت الكثير من هذه الجنود التي عملت، وابتليت فصبرت، ومع ذلك ظلت متمسكلة بدينها والعمل له حتى لاقت الله وهى على ذلك.
ومن هذه الجنود المجهولة التي رحلت في شهر أكتوبر من جنود دعوة الإخوان المسلمين:
الشيخ أبو الحمد ربيع
هوالشيخ أبو الحمد بن حسين بن أحمد ربيع النابى ينتهى نسبه الى عائلة شيخ عرب النابى التى جاءت من الجزيرة العربية ولد الشيخ فى السابع عشر من أبريل عام 1934م فى نجع النابى قرية الشواولة مديرية جرجا والتى أصبحت الآن مركز المنشاة.
كان والده رحمه الله ميسور الحال مما سمح له ان يدخله مكتب تحفيظ القران (الكٌتاب) مبكرا لذا فقد اتم الشيخ حفظ القران الكريم وهو فى سن مبكرة عند أشهر محفظي القران الكريم فى المنطقة وهو الشيخ عبد اللاه رحمه الله ولدى الشيخ اجازة فى قرائتى حفص ونافع بروايتيهما وهو اجازة متصلة السند بالنبى صلى الله عليه وسلم .
وبعد حفظه للقران الكريم التحق الشيخ بمعهد بلصفورة، التحق الشيخ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة وتخرج منها فى عام 1959 وعين مدرسا بالمعاهد الازهرية سنة 1960 ثم التحق بالخدمة العسكرية وشارك فى حرب اليمن الى ان خرج من الخدمة العسكرية مصابا فى الأول من ديسمبر سنة 1963م.
تدرج في وظائف الأزهر الشريف حتى شغل منصب (مدير عام منطقة سوهاج الأزهرية). أعير إلى الجزائر عام 1974م حتى عام 1979م للقيام بنشاطٍ دعويٍّ، وسافر أيضا إلى أمريكا عام 1989م للقيام بأنشطة دعوية، ثم مُنِع من السفر في بعثة من الأزهر إلى أمريكا عام 1998م.
وسط الإخوان
تعرف على الإخوان في المرحلة الثانوية، وابتُلي وامتحن في سبيل دعوته فتم اعتقاله عام 1965م ضمن قرار اللمِّ العام وقُدم لمحاكمة جائرة حصل على أثرها على حكمب السجن لمدة ثلاث سنوات، ولم يخرج من السجن إلا عام 1971م؛ تعرض خلال هذه الفترة لشتى أنواع التعذيب والتنكيل، حتى أنه كاد أن يلحق بالرفيق الأعلى أكثر من مرة
ولو وقعت عيناك على قدميه وساقيه عليه رحمة الله لرأيت آثار تعذيب هذه السنين المضنية،ولكنه صبر واحتسب ذلك عند ربه وماضيع دعوته إلى أن لقي ربه؛ كان عليه رحمة الله يُغلب مصلحة الدعوة دائمًا على مصلحته الشخصية، خاض انتخابات مجلس الشعب عام 1987م بالدائرة الثانية بسوهاج وكان التأييد حليفه لولا التدخل الأمني، كما اصبح عضوا بمكتب ارشاد الإخوان.
وتوفي شيخنا الفاضل مساء الأربعاء 20/ 10/ 2004م بمستشفى الفاروق بالمعادي
عز العرب فؤاد
ولد في عام 1924 بمدينة بنها، عمل خطيباً وإماماً لمسجد عصفور وبعد ذلك مسجد الطنطاوي ببنها، أسس لجنة زكاة أيضا في قرية اسطنها مركز الباجور محافظة المنوفية.
اعتقل الأستاذ عز العرب فؤاد عدة مرات منها:
- عام 1954م بعد حادثة المنشية، ومرة أخرى في عام 1965 وخرج في عام 1971، ومرةأخرى عام 1981.
للأستاذ عز العرب عدة مؤلفات منها:
- الربا بين الاقتصاد والدين، الزكاة بين الاقتصاد والدين.، الاقتصاد الإسلامي والفكر المعاصر .. "رسالة الماجستير التي ناقشها بجامعة الأزهر"، أفغانستان المجاهدة ، وغيرها.
- وفي يوم الجمعة 14 من شعبان لعام 1424،الموافق 19 أكتوبر 2003م توفي الاستاذ عز العرب فؤاد.
الشيخ سعيد بلال
ولد الشيخ سعيد بلال في قرية "طلوزة" شمال شرق مدينة نابلس عام 1934،وتلقى تعليمه في مدارس بلدة "طوباس" المجاورة لها، ومن ثم درس في مدارس قرية "ياصيد" شرق مدينة نابلس.
بعد تدريسه لسنوات في مدرسة مدينة نابلس سافر إلى العراق التي انضم فيها إلى جماعة الإخوان المسلمين في الخمسينيات، عمل إمامًاوخطيبًاإضافة لعمله في التدريس ،حيث عمل موظفًا رسميًّا لدى وزارة الأوقاف في مسجد "التينة" بحارة القريون بالبلدة القديمة في نابلس ،وكان هذا المسجد الوحيد الذي إمامه وخطيبه من جماعة الإخوان المسلمين في تلك الفترة، فكان أبناء الجماعة يتوافدون عليه لسماع خطبه المعبرة عن وجهة نظرهم ومواقفهم.
عانت عائلة الشيخ سعيد بلال من ظلم الاحتلال الإسرائيلي،فقد تعرض أفراد العائلة الخمسة للأسر، ويحسب للشيخ سعيد بلال أنه مارس الدعوة في أماكن متعددة، سوا ءفي فلسطين جميعها أو الأردن. وساهمت جهوده في تكوين الكثير من الدعاة المعروفين المتواجدين على الساحة الفلسطينية الآن.
شغل الشيخ المرحوم لمدة سنوات عشر ممثلا عاما للهيئة الإدارية لجماعة الإخوان المسلمين في الضفة الغربية برفقة الأستاذ ناجي صبحة رحمهالله. وكان الشيخ خلال سنوات حياته بعيد النظر، يختار سياسة الرفق الذي يحبه لا سياسة العنف، فكان بمثابة صمام أمان في مواجهة الخصوم والأطراف الفلسطينية الأخرى من فصائل وجماعات وسلطة وطنية عبر انتهاجه سياسة التوفيق؛فكان له دور جوهري في إطفاء نار الفتنة داخل الجامعات الفلسطينية بين الكتل الطلابية،وداخل نسيج المجتمع الفلسطيني.
وفي رمضان سافر الشيخ إلى الأردن،وهناك أصيب بغيبوبة استمر تحتى وفاته بتاريخ 19/10/2005 عن عمر ناهز الـ75 عاما ،ليوارى الثرى في يوم الجمعة في مقبرة مدينة نابلس الشرقية دون أن تكتحل عينيه برؤية أبنائه الأربعة خارج أسوار السجون.
مشهور الضامن
ولد سنة 1918م في مدينة (نابلس) بفلسطين ،وهو من عشيرة المساعيد المنتسبة إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من قبيلة هذيل.
ونشأ في بيئة محافظة ،حيث كانت أمه امرأة صالحة ،أحسنت رعايته ،فنشأ نشأة متدينة، وكان يلتزم بصلاة الفجر في المسجد منذ صغره، في مصر تعرّف إلى الإمام حسن البنا "رحمه الله" ودخل جماعة الإخوان المسلمين ، كما تعرّف في مقاعد الدراسة بالأزهر في منتصف الثلاثينيات الميلادية إلى الشيخ مصطفي السباعي.
رغم وجود أفراد من الفلسطينيين المنضمين إلى دعوة الإخوان المسلمين، والمؤمنين بفكرتهم، والملتزمين بمنهجهم منذ فترة مبكرة، إلا أنهم انتظروا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، للقيام بتشكيل فروع علنية لجماعة الإخوان المسلمين
وكان من أوائل هذه الفروع،فرع الإخوان المسلمين في مدينة نابلس الذي قام بإنشائه الشيخ مشهور الضامن سنة 1946م،وكان هذا الفرع من أنشط فروع الإخوان المسلمين العلنية حتى منتصف الستينيات، وقد استمر الشيخ مشهور الضامن رئيساً له حوالي عشرين عاماً أوأكثر.
وفي حرب 1948م كان للشيخ مشهور وإخوانه جهودهم الطيبة،وبلاؤهم الحسن،برغم إمكاناتهم المحدودة، وقد سبق أن تولى الشيخ مشهور الضامن مسؤولية المراقب العام للإخوان المسلمين بالنيابة سنة 1957م بالأردن. انتقل فضيلة الشيخ مشهور بركات الضامن إلى رحمة الله تعالى يوم 31-10-1998م في مدينة عمان بالأردن،حيث شيعه الكثير من إخوانه ومحبيه وتلامذته،ودفن في مقابر عمان.
زبيدة عبد الحليم مشهور
لا ننسى العنصر النسائي الذي لا يقل عن الرجال في عمله لدينه وثباته على المحن، ومن هؤلاء السيدة زبيدة مشهور زوجة الأستاذ مصطفى مشهور.
ولدة في الشرقية وهي ابنة عم الأستاذ مصطفى مشهور والتي ارتبط بها وانجب منها الأولاد، ففي عام 1945م رزقهم االله بمشهور، كما رزقهما بسلوى بعد عام من ولادة مشهور،ثم وفاء عام 1952م،ثم سمية عام 1954م.
تعرضت الزوجة وأسرته الظلم كثير من قبل النظام الموالي للغرب والاستعمار على حساب أبناء الوطن؛ فقد تعرض الزوج للاعتقال أكثر من مرة،وتعرضت الأسرة للأزمات على إثر اعتقال رب الأسرة.
ومن المواقف التي تنم على فهمها الواسع عام 1967م أن ابنتيها وفاء وسمية كانتا ترتديان الحجا بغير أن هذا الوضع لم يرق لمدرسة العربي ومدرسة الإنجليزي فأمرتهما بخلعه، كما كانت مديرة المدرسة تنتظرهما على الباب الرئيسي للمدرسة لتجبرهم على خلع الحجاب، وكانتا تذهبان وتشكوان لأمهما مايحدث لهما،فكانت تحثهم على الصبر وتحمل المسئولية
كما أنها ذهبت إلى مديرة المدرسة وقالت لها:
- "إنني مصرة على أن ترتدي ابنتيّ الحجاب، وإلا فأنا استغني عن المدرسة،وتكملة تعليمهما،فاستجابت المديرة على أن يكون الحجاب طرحة بيضاء، وكانت هذه الزيارة فتحًا مبينًا حيث طالبت الطالبة يسرية الشناوي بمساواتها في ارتداءالحجاب مثل وفاء وسمية فوافقت المديرة".
مع هذا الوضع كان الزوج في غياهب السجون بعيدًا عن أسرته، ولم يسمح لهم بالزيارة إلا عام 1968م ،فأخذت الزوجة على عاتقها تجهيز الزيارة لزوجها،وسارعت بالسفر إليه تزف إليه نبأ زواج ابنتها سلوى من الملازم عبد المعز عبد الستار مشهور ابن عمها.
وأثناء حبس زوجها لم تترك دعوتها فعملت على الاتصال بالجيران وتعريفهم بالدعوة، وأنها حق،وما يقوله الإخوان صدق،وكان لهذه الأعمال أثر بعد ذلك في تسهيل مهمة الزوج في الاتصال بالجيران وتعريفهم بالدعوة أكثر.
وظلت الزوجة ترعى أولادها حتى أفرج عن زوجها في أكتوبر 1971م فعملا على إكمال المشوار معًا.ظلت الزوجة وفية لزوجها ودعوتها حتى توفاها الله بعد وفاة زوج ابنتها الكبرى سلوى ففى 2 أكتوبر 1997م توفيت المجاهدة بعد فترة جهاد وصبر طويلة، فتركت فراغًا لدى الزوج لم يشغله سوى طاعته لربه وأعمال دعوته