الكيد السياسي في بريطانيا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الكيد السياسي في بريطانيا والسؤال عن الفريضة الشرعية الواجبة



الأمر هو أقرب إلى تسجيل مواقف إعلامية والكيد السياسي استباقا لانتخابات برلمانية وليس لصالح الوطن، وبالتأكيد ليس لوجه الله تعالى وإحقاقا للحق وإبطالا للباطل .. نتحدث عن قرار رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون بإجراء تحقيق رسمي حول كيفية تورط بلاده في الحرب على العراق، وكيفية إيهام الشعب البريطاني بالأسباب المبررة لهذه الحرب مع يقين حكومة حزب العمال برئاسة توني بلير بكذب هذه الأسباب ومساهمة هذه الحكومة في تنفيذ خطة خداع للداخل والخارج لإلباس أداة القتل والتخريب التي عملت عملها ابتداءً من الشهر الثالث من عام 2003م على أرض العراق وحتى الآن ثوبا إنسانيا واعتبارها ضرورة لا مفر منها، حتى ولو سقط من جرائها ملايين العراقيين ومعهم بضع عشرات من جنود بريطانيا وغيرهم أو أضعافهم من جنود الحلفاء التابعين والمتآمرين أيضا لتحقيق هدفهم الذي وصفوه بالهدف النبيل.

هذا الأسبوع وفي خطوة متقدمة لتمرير قرار الحكومة البريطانية تمت الموافقة (غير المباشرة على الأقل) على نشر جزء من وثيقة تتضمن تفاصيل لقاء جمع بين رئيسين (وقتها) جورج دبليو بوش وتوني بلير قبل إعلان الحرب بشهرين واتفقا فيها المسؤولان على سيناريوهات الحرب وطريقة إخراجها واستباق تقرير مفتش الأمم المتحدة هانز بليكس خوفا من تأكيده حقيقة تُبْطل مؤامرتهم، وتم رسم أسلوب التغطية على كذب ادعاء وجود أسلحة دمار شامل يملكها الرئيس العراقي السابق صدام حسين، مع وضع خطة استفزازية تدفع صدام حسين إلى بداية إعلان الحرب بإطلاق طائرة تجسس أمريكية بدون طيار تحمل شعار الأمم المتحدة لاستدراجه للتصدي لها وإسقاطها لتكون وسيلة لإقناع المنظمة الأممية لتأكيد قرار الحرب على العراق.

الوثيقة وحسب الجزء الذي سُمح بنشره لنفس الكيد السياسي، تحدثت عن دور بعض جماعات المعارضة وقتها في تمرير هذا السيناريو وأغفل وعن عمد الكشف عن دور بعض القوى الإقليمية الدولية التابعة لهذا الحلف الشيطاني والتي تُمسك برقاب شعوبنا في المنطقة وساهمت أيضا في الدعم اللوجيستي في العدوان وكانت بوقا بكل ما تملكه من قدرات شعبها في إشاعة الخداع والكذب، ليتم إلباس الحرب صورة التحالف الدولي ضد النظام الخارج عن الشرعية الدولية والتي أصبحت الغطاء الحديث لكل الحروب العسكرية والسياسية والاقتصادية والتي يتولى كبرها أكابر المجرمين في العالم الحديث وحسب مقاييس الحضارة التي يريدونها بديلا لكل ما سبقها من حضارات بقيم جديدة ونظم للحياة جديدة بما يوازي أديان البشر، تضع للكذب والقتل والخداع والغش مقاييسا لا تتعارض مع ذهاب قاتل مثل الرئيس السابق للولايات المتحدة ونظيره البريطاني إلى الصلاة كل أسبوع وطلب البركة له ولجنوده دون أن يرتجف للحظة واحدة وهو يرى (وعلى الأقل) نعوش جنوده الطائرة العائدة إلى أرض وطنها ودموع زوجاتهم وآبائهم وأسرهم على فقدان فلذات أكبادهم الذين ظنوا أنهم ضحوا في سبيل الواجب والإنسانية والوطن..!!

المراجعة الكيدية التي بدأ الإعداد لها بين جدران مجلس العموم البريطاني لم ولن تخدش قيم حضارة الرجل الأبيض التي اعتمدها في سلوكه، وهي نفس الحضارة التي أطلقت حروبا سابقة نسيتها أجيالنا أو أقنعوه بها على أساس أنها تَفَوُقٌ بشري يسعى إلى نهضة البشر في مقابل تخلف أديان وعادات وقيم مثلما صوروا به الهنود الحمر في القارة الحديثة أمريكا، ومثلما قامت على أساسه حروب الفرنجة (الصليبية) في المنطقة حول القدس وبيت المقدس قديما ونسختها الحديثة في الاحتلال الصهيوني، ومثلما ما قام به النازي من استعلاء لجنس على جنس ومثلما تم به تسويغ الحرب على أفغانستان والعراق.

وأخيرا وليس آخرا قيام مجموعة بيلدربيرج التي اتخدت إسما لها من الفندق الذي عقدت فيه أول اجتماعاتها في مدينة أوستيربيك بهولندا والتي تأسست عام 1954م وتضم مجموعة مختارة من رجال المال والأعمال ووزراء ورؤساء وزرات سابقين مع مجموعة من أغنى أغنياء العالم يتم اختيارهم عن طريق لجنة تسيير داخلية ولا يحق لبشر أن يتقدم بطلب الانتماء إليها، ويتم اعتماد العضو بعد أدائه لقسم السرية، وهذه المجموعة تعمل ضمن إطار نظرية أن أفضل سبيل للسيطرة على الإنسان هو الحكومة العالمية ويرأس هذه المنظمة الآن بول فولكر وهو الذي اختاره الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما ليرأس مجلس إدارة الاستقرار المالي الاستشاري لمعالجة الأزمة الاقتصادية في بلاده، وهو نفس الرجل الذي كان يشغل قبلا رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي وهو بمثابة البنك المركزي الأمريكي في عهد سلفه جورج دبليو بوش.

وعودة إلى قضية الشرعية الحديثة والتي تتطلب من شعوبنا ومن كل شعوب العالم عودة وعيها والعمل على امتلاك إرادتها وهو أمر يتطلب شروط ثلاثة كما حددها الإمام الشهيد حسن البنا اتساقا مع ما في ديننا من هدى، واتفاقا مع تراث البشرية كلها من علم وثقافة وعقول راجحة، وأول هذه الشروط هو قراءة التاريخ وقد حفظناه، ودراسة الواقع وقد عشناه، واستخلاص الدروس والعبر وقد حفرتها في عقول ونفوس الناس دماء مئات الملايين من الضحايا الأبرياء ومئات الآلاف من حوادث الكذب والتزوير والتدليس على الشعوب التي لا تستطيع البقاء في الخفاء إلى الأبد، وإمكانية النهوض من جديد وفرض الشرعية الربانية الحقيقية التي تجمع كل البشر أصبحت هي الفريضة الشرعية الواجبة، ونحن في جماعة الإخوان المسلمين ومعنا غيرنا من الجماعات الإسلامية والوطنية نحاول أن نبدل في أجواء غير مواتية وكأننا نسبح عكس التيار ما نستطيعه من جهد راحت في سبيله دماء وأرواح نسأل الله أن تكون خالصة لوجهه، ونعيد رفع الصوت الآن .. فهل أمتنا الآن على استعداد للتجمع لإنفاذ المهمة وبقواعد شرعنا الصحيحة المعتمدة؟!.


المصدر : رسالة الإخوان 26 - 6 - 2009 3 رجب 1430 هـ العدد 599