السياسة وكرة القدم في الوطن العربي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
السياسة وكرة القدم في الوطن العربي


مقدمة

لعبة كرة القدم هي نشاط رياضي واسع الجماهيرية انتشارًا في غالبية الكرة الأرضية؛ فهي لم تعد مجرد ممارسة وهواية رياضية، فالأنشطة الرياضية صناعة احترافية ربحية وظاهرة اجتماعية تعكس جوانب من سيكولوجية المجتمع، وكما أنّ الأنشطة الرياضية قللت من وطأة وحدة الانغلاق القومي، لكنها تُرى بشكل أوسع كظاهرة ترتبط بالسياسة والاقتصاد، ولا سيما السوق الاقتصادي العالمي.

كرة القدم كلعبة رياضية من المفترض أن تنفصل عن أيّ ارتباط سياسي، فالرياضة بكلّ أنشطتها ومجالاتها هي نشاط إنساني مشترك بين الأمم والمجتمعات لا تُحيز تحت قيد اعتبارات عرقية/ إثنية أو قومية أو دينية إنما تعبّر عن ثقافة إنسانية تحمل ألوان التنوع والاختلاف الثقافي.

ولكن مع تقنين النشاطات الرياضية وخروجها من الإطار الثقافي والممارسة الشعبية كهواية إلى العالمية بأدوات العولمة، أصبحت جزءًا من الكيانات السياسية، تمثّلها وتخضع لسيادتها.

منذ تأسيس الأندية الرياضية كان الارتباط مع المنظومة الاجتماعية والسياسية وثيقًا، يصاحبه مسار التطورات العامة في البنية خطوة بخطوة.

فنادي الزمالك المصري تأسّس عن طريق جورج مرزباخ رئيس أحد المحاكم المختلطة - النادي المختلط - ومع إعجاب الملك فاروق بالفريق، تغيّر اسمه إلى نادي فاروق. كما يرتبط مسمّى النادي الأهلي بنادي الوطنية، وذلك يرجع لأنه أول نادٍ يكون للمصريين فقط وقت الاحتلال البريطاني، كما أنه تمّ تأسيسه من قبل مجموعة من الرموز الوطنية المصرية - مصطفى كامل وسعد زغلول وغيرهم - فذلك تداخل واضح بين الرياضة والمواقف السياسية.

والحضور السياسي في الظاهرة الرياضية غير مفارق على الدوام، ما دام ارتبط بالقدرة على الالتحام مع الوعي الجماهيري، وخلق تصورات داخل مخيلة الجماهير. وفي ظلّ الوضع الحالي الذي استشرت به الأزمات على كل الأصعدة، وتحت حكم الاستبداد العسكري، تكون حالة التغاضي عن استغلال السلطة للكرة - بل التماهي مع النشاط الكروي باعتبارية أنه غير ذي صلة بالواقع السياسي - لَمِن الوهن النفسي والهروب من حنق الواقع أو الانحياز للميل الشخصي في حب كرة القدم، وذلك لا يعبّر عن موقف نقدي وتحليلي لظواهر التشجيع والكرة، سواء سيكولوجيًا أو سوسيولوجيًا.

لقد أصبحت كرة القدم جزءًا من الثقافة المشتركة لشعوب العالم ومكونًا رئيسًا لظاهرة العولمة، كما أصبحت مكونًا مهمًّا في الدراسات السياسية، فبعض الصراعات بين الدول تبدأ من داخل الملاعب، وكثير منا يتذكر التوتر في العلاقات المصرية الجزائرية الذي تصاعد بعد أحداث مباراة كرة القدم بينهما عام 2009 في تصفيات كأس العالم، والتي جرت بمدينة أم درمان بالسودان. في حالة أخرى أدت مباراة كرة قدم - عام 1969- إلى اندلاع حرب حقيقية بين هندوراس والسلفادور، عرفت بحرب كرة القدم. البعض أيضا استخدم سلاح المقاطعة لمسابقات رياضية لمعاقبة دول على سلوك سياسي معين، مثل معاقبة الدول الغربية للاتحاد السوفيتي بعد غزوه أفغانستان بمقاطعة دورة الألعاب الأوليمبية التي أقيمت بموسكو.

يقول الكاتب الأمريكي سيون كوبر: "كرة القدم ظاهرة لها مدلولها السياسي، وهي رمز للفوضى ولحكم الأقلية وهي تؤدي إلى إسقاط سياسيين وانتخاب رؤساء وتحدد الطريقة التي يفكر بها الناس تجاه بلادهم"، والسؤال هنا: كيف استغل القادة السياسيون شغف جماهير كرة القدم؟ وكيف يمكن لكرة القدم أن تتأثر بالسياسة؟ أو ربما العكس؟.

الأنظمة الديكتاتورية العربية واستغلال الكرة

يبدو الاهتمام العربي بالكرة والتشجيع واحتفاء الشارع بنجوم اللاعبين والفرق الكبيرة والقوية مبالغًا فيه لو اعتبرنا أن هذه الظاهرة كروية خالصة ولا تتعدى حدود ذلك للسياسة والاجتماع والاقتصاد، لكن الاهتمام الواسع بالرياضة في مجتمعاتنا هو في صميم اهتمام هذه المجتمعات بالشأن العام، فقد بات التشجيع متنفسًا تعبر فيه المجتمعات العربية عن ذواتها ومواقفها بعيدًا عن رقابة السلطة وسطوتها واستبداديتها؛ وباتت مساحة تمارس فيه التجمعات دون تجريم أو قمع، كما باتت مساحة يعيش فيها أجواء الانتصار في وقت باتت فيه الانكسارات هي السمة الغالبة، وأصبح نجوم الكرة يشغلون مساحة البطل في نفوس مشجعيه بعد عجز الساسة ورموز الشأن العام عن ملء هذه المساحات وتأدية مهامها بجدارة واقتدار، خاصة مع أفول الموجات الثورية - الربيع العربي - وتكشفها عن واقع أشد سوءًا عن سابقه. بتعبير آخر، باتت كرة القدم تقدم لمجتمعاتنا حياة كاملة لكنها مثالية ومختارة بعناية شديدة.

في مصر، على سبيل المثال، ينظر المصريون إلى أنفسهم، كمهدٍ للدنيا، فالتاريخ في الخيال الشعبي المصري يحوي الكثير من المفاخر. لكن الواقع الاجتماعي المصري الآن مرير عاجز. لا مكان فيه لأي أمل. كل الجهود تبذل من أجل توفير الحاجيات الأساسية فقط. وكل تفوق يُقتل في مهده. وسيرة "أم الدنيا" أصبحت مقترنة بأخبار غرائبية. وبلاد النيل، في طريقها لخسارة النيل. الشوارع مغلقة والأفق مظلم. وفي هذا كله يلمع "صلاح" وكرة القدم كنقطة نور أخيرة في عتمة محيطة، ولأن العتمة محيطة، فنقطة النور تلك تتحول إلى طاقة مهولة (1).

يقول الكابتن ماهر فهمي، الناقد الرياضي وبطل مصر الأسبق في السباحة والغوص: إن السياسة والرياضة جزءان لا ينفصلان وإن العلاقة تشكلت بينهما من أيام سعد زغلول قائد ثورة 19 وأول رئيس للنادي الأهلي وفؤاد باشا سراج الدين وكيل النادي الذي استعان برجل الأعمال أحمد عبود باشا صاحب شركات السكر والبوستة الخديوية، والنقل البحري في دعم النادي، ولم يكن عبود باشا هينًا في ذلك الوقت بل كان دولة داخل دولة؛ لدرجة أنه كان يقرض الحكومة.

أما الملك فاروق فكان رياضيًا معروفًا بالكشاف الأول لكونه رئيس جمعيات الكشافة والجوالة، ويتذكر أنه بعد هزيمة الأهلي من المختلط عام 44 بـ6 مقابل لا شيء أصدر مرسومًا ملكيًا بتغيير اسم المختلط إلى نادي فاروق، وأشاع وقتها أن تغيير الاسم جاء بناء على رغبة الشعب الذي يريد تخليد ذكر الملك في (اسم النادي) كما أن تغيير الاسم سيحد من تدخل الأجانب في شئونه ومما يذكر أن الملكة نازلي أم الملك فاروق والملكة ناريمان كانتا من عشاق حضور مباريات كرة "نادي فاروق" الذي كانت بدايته في 12 شارع يوسف الجندي باب اللوق، وتم تغيير اسمه بعد الثورة إلى نادي الزمالك بعد انتقاله لميت عقبة.

وفي العهد الملكي أيضًا - كما يقول الكابتن ماهر فهمي - كان حيدر باشا القائد العام للقوات المسلحة رئيس اتحاد الكرة ورئيس نادي المختلط، كما تولى عبود باشا رئاسة النادي الأهلي.

الحكم العربي المستبد والكورة

بعض الحكام ربما لا تشغلهم الكرة أو الرياضة إلا في الإطار المؤسسي لحكمه، لكن هناك البعض يجعل اهتمامه للرياضة ركنًا من أركان نظامه لاستغلاله للرياضة في إلهاء وصرف الشعب عن المطالبة بحقوقها، وهذا لا يحدث إلا في الحكم الديكتاتوري والمستبد (خاصة الأنظمة العسكرية).

ففي زمن عدي صدام حسين كانت تكفي خسارة الفريق الوطني العراقي لكرة القدم، لكي يتعرض لاعبوه للضرب وحلاقة شعر الرأس، أو الحبس في معسكرات تدريبية عسكرية لإعادة تربيتهم.

كما أن القذافي - والذي تساءل في الفصل الثالث من الكتاب الأخضر، لماذا يلعب 22 لاعبًا كرة القدم بينما يتفرج عليهم الآلاف من "المغفلين"، ودعا المتفرجين إلى النزول إلى الملعب ومزاحمة اللاعبين؛ ما جعل الجمهور فعلا ينزل إلى الملاعب – أنفق على ابنه الساعدي المليارات ليلعب في نادي بيروجيا إيطالي.

مصر والكرة وحكم العسكر

لم تنشغل أسرة محمد علي بالكورة إلا أن فاروق أنشأ ناديًا سمي باسمه، وهو نادي فاروق (الزمالك فيما بعد)؛ حيث كان يشجعه، لكن ما إن تولى العسكر حكم مصر حتى أصبحت الرياضة والكورة أداة قوية في يدي العسكر من أجل إلهاء الشعب عن تصرفاتهم وعن الحرب الدائرة بينهم على الحكم والصراعات على المال والهزائم المتلاحقة على كل الجبهات، سواء في اليمن أو سيناء، أو الانهيار الاقتصادي التي عاشت فيه البلاد طوال حكم العسكر حتى الآن.

فقد كلف عبد الناصر عادل طاهر - أحد الضباط الأحرار - بتأسيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وتنظيم البطولات والدورات الرياضية، وإنشاء مراكز الشباب لتخريج الأبطال والاحتفال بعيد الشباب والرياضة، والذي لم ينقطع إلاّ في السنوات الأولى لحكم السادات.

كما كان الرئيس عبد الناصر مغرمًا بافتتاح معسكر القوات المسلحة لجميع الألعاب، وتنظيم البطولات الدولية، ورعاية الدورة الأوليمبية والتي كانت تقام كل 4 سنوات.

لم يقتصر الأمر على عبد الناصر، بل نافسه المشير عبدالحكيم عامر حيث كان يختار "اللعيبة" من الضباط والمساعدين كل حسب مؤهله وأشهرهم بالطبع النقيب صالح سليم، وميمي الشربيني، وعادل هيكل ويكن حسين ورفعت الفناجيلي.

وكان المشير عامر - كما يقول الكابتن أبورجيلة - يستغل الرياضة في تحسين العلاقات مع الدول العربية؛ ففي عيد استقلال الجزائر أمر المشير بتنظيم وفد رسمي لمشاركة أبناء الجزائر فرحتهم، وإقامة مباراة معهم.

كما كان المشير عامر يتدخل بقوة في توجيه انتقال اللاعبين من أندية الإسكندرية والمنصورة إلى الزمالك.

ويؤكد الكاتب الصحفي والناقد الرياضي عبدالنبي عبدالستار رئيس تحرير زملكاوي ورئيس تحرير جريدة الغد أن مجلس قيادة الثورة استخدم كرة القدم "كارت" سياسيًا لشغل الرأي العام في الداخل وتوطيد علاقات مصر في الخارج كما أن مجلس القيادة كان منقسمًا على نفسه في الهوية الكروية؛ ففي الوقت الذي كان يميل فيه عبدالناصر وكمال الدين حسين وأنور السادات وجمال حماد للنادي الأهلي كان المشير عامر ينتمي لفريق المختلط أو الزمالك فيما بعد ومعه خالد محيي الدين وشقيقه زكريا والإخوان جمال وصلاح سالم ولأن المشير عامر كان يتفاخر بزملكاويته. لم يكن السادات بنفس درجة من سبقه في انشغاله بالكرة لوضع البلاد، إلا أن سلفه مبارك عمد إلى استغلال الكرة لتجميل نظامه، وإظهار أولاده وسط الناس.

فقد كان مبارك يحضر مباريات المنتخب الحاسمة، ونهائيات مباراة الأهلي والزمالك، وكما يعلم عشاق الكرة من النقاد والقراء أن علاء مبارك كان "إسماعيلاويا" حتى الثمالة، وقيل إنه ضغط بقوة لعودة نجم الدراويش حسني عبدربه إلى الإسماعيلي.

ومن المثير أن علاء و جمال مبارك كانا يصران على قيادة فريق الصقور خلال الدورة الرمضانية، ويفوزان بالبطولة كل عام، على أن يفوز أحدهما بلقب أحسن لاعب، في حين يفوز الآخر بلقب هداف البطولة.

الحديث عن التوظيف السياسي للرياضة – ولمسألة كأس العالم خصوصًا – في مصر، يستدعي مباشرة جهود مصر في تنظيم مونديال 2010، وهي الجهود التي كان يُنظر إليها باعتبارها محاولة من نجل الرئيس السابق "جمال مبارك" لترسيخ وجوده السياسي من بوابة الرياضة، وقد كان الفشل الذريع الذي تكللت به الجهود المصرية لاستضافة البطولة فيما عُرف وقتها بـ"صفر المونديال".

وكانت الهزيمة التي مني بها المنتخب المصري في كأس العالم 1990 بإيطاليا دافعًا للنظام السياسي بتوجيه المنتخب نحو تحقيق فوز في بطولات أقل أهمية من كأس العالم؛ ككأس الأمم الإفريقية، وقدّمت الحكومة مبارك على أنه الداعم الذي لا مثيل له للمنتخب الوطني. وبحلول عام 2000 التقط فريق التصوير صورًا لا تحصى لمبارك وهو يظهر دعمه للمنتخب في أي مناسبة.

واستطاع مبارك خلق عدوٍّ للمصريين في مباراتهم مع الجزائر في السودان، في وقت كانت هناك فيه تدابير اقتصادية شاملة عانى منها المصريون، وتركت كثيرًا منهم عاطلين عن العمل، إضافة إلى الضرائب الحديثة التي فُرضت حينها، وأسهمت الأزمة التي اندلعت مع الجزائر حينها في صرف نظر الجمهور عن الأوضاع السيئة (2).

وقد عمد نظام السيسي لهذه السياسة والتي لخصها مجدي عبدالغني بقوله في تصفيات المنتخب لكأس العالم 2014: لاعبو المنتخب عندما ينظرون إلى السيسي سيكتسحون غانا بمباراة العودة.

فمثلا استقبل بعثة المنتخب الوطني فور وصولهم إلى مطار القاهرة، عقب حصولهم على المركز الثاني في بطولة كأس الأمم الإفريقية التي أقيمت بالجابون 2017.

كما استقبل السيسي في يناير 2017 لاعب المنتخب المصري "محمد صلاح" عقب تبرع الأخير بمبلغ 5 ملايين جنيه لصندوق تحيا مصر، بعدما قام النظام بتهدد صلاح بإجباره على الخدمة العسكرية بعد أن تم إلغاء إعفائه منها بعد انتقاله للعب في نادي تشيلسي الإنجليزي. وأُخبر صلاح أيضًا أن عائلته التي ما زالت تقطن في موطنه مصر، قد تُمنع من مغادرة البلاد في حال رفض الانصياع لهذه الأوامر وذلك عام 2014م.

كما استغل النظام المصري بعض الوجوه الرياضية للترويج لمشروعاته ومبادراته، مثل مبادرة تحيا مصر التي شارك حارس المنتخب المصري "عصام الحضري" في حملاتها الإعلانية.

وعقب فوز المنتخب المصري على نظيره الغاني في بطولة الأمم الإفريقية، يناير 2017 ظهر مقطع فيديو للسيسي مع مجموعة من الشباب في أحد فنادق أسوان، تظهر فيه سعادته بهدف المنتخب المصري في شباك خصمه.

وأثناء استقباله للبعثة الرسمية لـ"كأس العالم للأندية" (فيفا)، في الندوة التثقيفية الخاصة بالقوات المسلحة قام السيسي بحملة؛ ما دفع كتائبه الإلكترونية استغلت الصورة لدعمه في مسرحية الانتخابات، وروجت الأذرع لفكرة إمكانية حصول مصر على الكأس في نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا، من دون أي مبررات مقنعة لذلك (3).

الأسد ومنتخب سوريا

الأسد كان حريصًا على إظهار كيف أنه يحظى بشعبية وسط الرياضيين والفنانين خصيصًا؛ لأنه يعلم أن هؤلاء هم الأكثر تأثيرًا في قلوب الناس.. أنس عمو، صحفي رياضي سوري.

تحت عنوان "فريق الديكتاتور"، نشرت صحيفة ESPN تقريرها حول المنتخب السوري الذي صار قاب قوسين أو أدنى لتحقيق حلم التأهل إلى كأس العالم، بعد أن تمكن من الفوز على المنتخب القطري بثلاثة أهداف مقابل هدف، ثم يتعادل مع نظيره الإيراني بهدفين لكل فريق، لينتظر مباراته مع الفريق الأسترالي في الملحق الآسيوي المؤهل للمونديال.

الحقيقة التي تطرح نفسها، وبرغم كل محاولات إسباغ صفة الوطنية الجامعة على الفريق السوري، هو أن "المنتخب الوطني" محسوب بالنهاية على نظام دمشق، الذي قتل بحسب الصحيفة ذاتها نحو 38 رياضيًا قتلًا مباشرًا أو تحت التعذيب، وليس أدل على ذلك من أن بعض النجوم الرياضيين مثل "عمر السومة" و"فراس الخطيب" اللذين افترقا سابقًا عن صفوف المنتخب؛ بسبب اتخاذهما مواقف أقرب إلى الثورة، قد وجدا بعد العودة إلى "حضن" منتخب الوطن أن عليهما تعديل موقفهما ليشيدا بالأسد ونظامه.

وقد تقاطرت رسائل الدعم والتهنئة للمنتخب السوري من قبل أركان النظام، بدءًا من الابن حافظ، ومرورًا بزوجة بشار التي نشرت عبر موقعها على انستغرام صورة لطفلة ترتدي قميص الفريق السوري، ثم جاءت أكثر الرسائل صراحة من رئاسة الجمهورية السورية التي هنأت المنتخب بعد نتائجه، معتبرة أن تلك النتائج "نوع من أنواع الدفاع عن سورية في مواجهة ما تتعرض له".

الجزائر.. كرة القدم تتحكم بمصائر الرؤساء

يمكن اعتبار الجزائر بلدًا ذا باع طويل في التوظيف السياسي لكرة القدم، فقد كان الرئيس السابق "أحمد بن بلة" لاعبًا ماهرًا، رفض عروضًا مغرية ليقرر العودة إلى البلاد ملتحقًا بصفوف الثورة، ليصبح بعد ذلك أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال، وكما ضحّى بن بلة سابقًا بكرة القدم لأجل السياسة، فقد كان لكرة القدم دور في رسم نهاية مسيرته السياسية عام 1965.

حيث تم التخطيط للانقلاب عليه على يد الرئيس السابق "هواري بومدين" والرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة" فيما كان يتابع مجريات منتخب بلاده مع منتخب البرازيل الذي دعاه بن بلة إلى الجزائر، ليتم اعتقاله بعد نهاية المباراة ويتولى بعدها بومدين شئون رئاسة الجمهورية.

ظل بومدين وفيًا للرياضة، التي جاءت به إلى الحكم وقد سار بوتفليقة على المنوال ذاته، حيث عمل على توظيفها لتثبيت أركان حكمه وشعبيته، وقد لفت بوتفليقة الأنظار إلى اهتمامه بكرة القدم، حين صرح بأن بلاده قادرة -بفضل منشآتها الرياضية- على "استضافة كأسين للعالم وليس كأسًا واحدة".

نجحت الجزائر خلال فترة حكم بوتفليقة الممتدة منذ عام 1999 في انتزاع بطاقة التأهل إلى كأس العالم مرتين في عهده، 2010 و2014، وهو الأمر الذي استغله أنصار الرئيس في حملاته الانتخابية لاحقًا، باعتبار آثار ذلك "الإنجاز الرياضي" مردودة إلى السلطة السياسية بشكل أو بآخر.

وليس أدل على ذلك من عملية الإعداد لمباراة المنتخب الجزائري الحاسمة مع نظيره المصري في أم درمان السودانية عام 2009، حيث تم تخصيص نحو 30 رحلة جوية إلى السودان لنقل المشجعين، بإشراف شخصي من بوتفليقة، وتكفلت رئاسة الجمهورية بتذاكر الدخول إلى المباراة وبمصاريف الانتقال بين مطاري هواري بومدين والخرطوم.

وفي العام 2014، الذي تأهلت فيه الجزائر للدور الثاني من كأس العالم، ما عُدّ نتيجة طيبة للفريق الأخضر، ظهر بوتفليقة -وهو الذي كان يتعذر أحيانًا لقاؤه بالمسئولين الأجانب أو مخاطبته الشعب بسبب تدهور حالته الصحية- وحرص على استقبال لاعبي المنتخب وتهنئتهم، كما ظهر مقطع مصور له وهو يطلب من رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم محمد روراوة الإبقاء على المدرب وحيد حليلوزيتش، فيما عُدّ تجاوبًا مع المطالبات الشعبية التي وصلت إلى توقيع عريضة مليونية تطالب بالإبقاء على حليلوزيتش على رأس الفريق الوطني (4).

المراجع

  1. أحمد مجدي رجب، محمد صلاح.. انتصارات المهزومين!، ميدان، 16 يناير 2018، https://bit.ly/2Edp92F
  2. إبراهيم عبدالغني: قصة زواج السياسة والرياضة من الملك فاروق للرئيس المخلوع، https://bit.ly/2MrjVba
  3. السيسي حاول اتباع نهج مبارك في استخدام الرياضة: رصد نقلا عن العربي الجديد، http://cutt.us/73W3W.
  4. من بينوشيه إلى الأسد.. كيف توظف الأنظمة الشمولية كأس العالم سياسيًّا؟ https://bit.ly/2Ot6eLq