الإخوان المسلمين والإنتخابات

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون والإنتخابات


مقدمة وعدة تساؤلات

يتساءل بعض الناس عن أسباب مشاركة الإخوان المسلمين في الانتخابات ، وقد رد الإمام الشهيد حسن البنا على هذا التساؤل في مقال رائع نشر في مجلة "الإخوان المسلمون " في عددها الصادر في 8 1 من ذي القعدة 1363 ، الموافق 4 /11 / 44 9 1 م ، وهو يجيب على كل التساؤلات المطروحة الان حول هذا الموضوع .

"قرر المؤتمر السادس للإخوان المسلمين المنعقد ب القاهرة في ذي الحجة 1361 هـ أن يشترك الإخوان المسلمون في الانتخابات النيابية ، وأخذ مكتب الإرشاد العام بهذا القرار وقدم الاخوان أوراق ترشيحهم في الانتخابات الماضية، وقرر الأخذ بهذا القرار كذلك في الانتخابات المزمع إجراؤها بعد حل مجلس النواب القائم .

وتساءل بعض الناس لماذا يشترك الإخوان المسلمون في الانتخابات ؟

و الإخوان المسلمون كما عرف الناس وكما أعلنوا عن أنفسهم مرارا أهم جمعية للخدمة العامة ودعوة إصلاحية تجديدية تقوم على قواعد الإسلام وتعاليمه - فأما أنهم جمعية للخدمة العامة فذلك هو الواضح من ممارستهم في شعبهم لأنواع هذا الخدمة من ثقافة وبر وإحسان ورياضة وإصلاح بين الناس وإقامة للمنشئات ما بين مساجد ومعاهد ومشافي وملاجئ في حدود طاقتهم ومقدرتهم - وأما أنهم دعوة إصلاحية فذلك أن لب فكرتهم وصميمها أن يعود المجتمع المصري والمجتمعات الإسلامية كلها إلى تعاليم الاسلام وقواعده التي وضعها في كل شئون الحياة العملية للناس .

وعماد الدعوة لتنجح وتظهر. .. تبليغ واضح دائم يقرع بها أسماع الناس ويصل بما إلى قلوبهم وألبابهم وتلد مرحلة يظن الإخوان المسلمون أنهم وصلوا بها في المحيط الشجي إلى حد من النجاح ملموس مشهود وبقى عليهم بعد ذلك أن يصلوا بهذه الدعوة الكريمة إلى المحيط الرسمي وأقرب طريق إليه (منبر البرلمان ) فكان لزاما على الاخوان أن يزجوا بخطبائهم ودعاتهم إلى هذا المنبر لتعلو من فوقه كلمة دعوتمم وتصل إلى آذان ممثلي الأمة في هذا النطاق الرسمي المحدود بعد أن انتشرت فوصلت الأمة نفسها فى نطاقها الشجى العام . . . ولهذا قرر مكتب الإرشاد أن يشترك الإخوان فى انتخابات مجلس النواب .

وإذن فهو موقف طبيعى لا غبار عليه فليس منبر البرلمان وقفا على أصوات الأحزاب على اختلاف ألوانها ولكنه منبر الأمة كلها تسمع من فوقه كل فكرة صالحة ويصدر عنه كل توجيه سليم يعبر عن رغبات الشعب أو يؤدي إلى توجيهه توجيها صالحا نافعا .

لقد تعرض الموضوع لدراسات . . وطرحت فيه اراء . . وبالطبع كان الأساس الشرعى . . هو الاعتبار الأول . وقد أكدت الدراسات والاراء أن المشاركة فى الانتخابات تحقق العديد من القوانين والمزايا للدعوة وللجماعة.

فمن المطلوب انتهاز هذه الفرصة لنشر الدعوة فى هذا المحيط الذي تعترك فيه الأفكار وتشتجر فيه الاراء وما كان لدعوة الحق الكريم أن يخفت صوتها في وقت تعلو فيه كل الأصوات ويختلط فيه الحابل بالنابل ولا قيام للباطل إلا فى غفلة الحق.

مطلوب أيضا أن يفهم الناس أن دعوتهم لا تقف عند حدود الوعظ والخطابة ولكنها تحاول أن تشق طريقها إلى المنابر والمجتمعات الرسمية وان على المؤمنين بهذه الدعوة أن يهيئوا أنفسهم لهذا الميدان وان يستعدوا لخوض غماره .

وسيتحقق الرشاد الناس إلى التوجه والسلك الكريم من خلال مظاهر التنافس الفاضل الشريف فى الذي ستقوم فيه دعاية الإخوان فى المبادئ والأهداف وسيرى الناس أمامهم لونا فريدا جديدا من ألوان الدعاية الانتخابية البريئة المهرة تستمد من قول الله تبارك وتعالى : ( يأيها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) هذه فوائد مقطوع بهام مهما كانت النتيجة الانتخابية وسيفيد الإخوان بعد ذلك - إذا قدر لهم النجاح - وهو المأمول أن شاء الله هذه الصفة الرسمية لدعوتهم وهذا التسجيل الرسمى لنجاحهم فى وصولها إلى آذان الشعب ومداركه .

إن دعاية الإخوان هي فكرتهم التى اختلطت بصميم نفوسهم وأرواحهم كما أن عدتهم إيمان أنصارهم بأحقية الفكرة بان تقود الأمة وتهدى الناس سواء السبيل .

ويتساءل فريق من الناس فيقولون أليس معنى هذا الاشتراك أن الإخوان سيخرجون من حيزهم الدينى إلى حيز سياسى فيصبحون هيئة سياسية بعد أن كانوا هيثة دينية ؟! ونقول لهؤلاء أن الإسلام لا يعترف بهذا التفريق بين الأوضاع فى حياة الأمة الواحدة فالهيئة الدينية الإسلامية مطالبة بان تعلن رأى الإسلام فى كل مناحى الحياة والطريق البرلمانى هو اقرب الطرق وأفضلها لهذا الإعلان ولا يخرجها هذا عن صفتها ولا يلونه بغير لونها .

وربما قالت طائفة أخرى : أليس هذا التنافس مما يكسب الإخوان أعداء ومنافسين والدعوة أحوج ما تكون إلى مصادقة الجميع وتأييد الجميع ؟ وذلك كلام طيب جميل ونحن احرص ما نكون على أن تظفر الدعوة بهذا الموضع ثم القلوب وستكون المعركة الانتخابية الإخوانية معركة مثالية فى البعد عن المثالب الشخصية أو إثارة الأحقاد والحزازات فإذا فهم الناس هذا المعنى وبادلونا إياه فسندخل أصدقاء ونخرج أصدقاء وإذا لم يفهموه و لم يقدروه فهم الملومون - وليست الدعوة ولا أصحاب الدعوة بمكلفين بان يتجنبوا طرائق نجاحها خشية الناس والله أحق أن نخشاه .

كما يوجه بعض المتسائلين سؤالا جميلا فيقولون وماذا تصنعون فى اليمين الدستورية إذا نجحتم وفيها النص على احترام الدستور وانتم معشر الإخوان تهتفون من كل قلوبكم القران دستورنا ؟ والجواب على ذلك واضح مستبين فالدستور المصري بروحه وأهدافه العامة من حيث الشورى وتقرير سلطة الأمة وكفالة الحريات لا يتناقض مع القران ولا يصطدم بقواعده وتعاليمه وبخاصة وقد نص به على أن دين الدولة الرسمى هو الإسلام وإذا كان فيه من المواد ما يحتاج إلى تعديل أو نضوج فقد نص الدستور نفسه على أن ذلك التعديل والنضوج من حق النواب بطريقة قانونية مرسومة وتكون النيابة البرلمانية حينئذ هي الوسيلة المثلى لتحقيق هتاف الإخوان ".

ويقول الإمام الشهيد : (وبعد) لقد اختار مكتب الإرشاد هذا القرار واتخذه بعد دراسة للموضوع من كل وجوهه وهو مع ذلك يرقب سير الأمور عن كثب وسيرسم للإخوان طريق اشتراكهم فى هذه الانتخابات على ضوء ما سيرى من ظروف وملابسات وسيكون رائدة فى ذلك الحكمة التامة ومراعاة الظروف العامة والخاصة وان يكتسب للدعوة اعظم الفوائد بأقل التضحيات .

ويقول الأستاذ مصطفى مشهور المرشد العام للجماعة فى مقال له :

"الانتخابات التى تمت ل مجلس الشعب فى مصر كانت حدثا هاما فى الحياة السياسية . ب مصر وفى حياة الحركة الإسلامية أيضا ، وقد أثارت ولا تزال اهتمام الكثيرين من أعداء الحركة ومن اأصدقائها ومن بين أبنائها ، وتولد عن هذا الاهتمام تساؤلات تحتاج إلى إجابة ومن هذه التساؤلات : هل الانتخابات حدث جديد عى طريق الدعوة ؟ ما الهدف من دخولى الانتخابات ؟ وما مكانها فى مراحل السير على الطريق ؟ وهل يمكن أن يكون لها تأثير على منهج العمل ؟ وما أثرها على قضية التربية ؟ وما هو التقويم الحقيقى للمعركة الانتخابية ؟ وما هي الدروس المستفادة من الا نتخابات ؟

وقبل أن نبدأ فى الإجابة على هذه التساؤلات وغيرها نحب أن نوضح أننا حينما نسعى لتطبيق شريعة الله لا يعنى أننا نقر أخذ رأى أعضاء مجلس الشعب على شريعة الله وعلى مدى صلاحيتها للتطبيق ، ولا يجوز أن يدور ذلك بخلد أحد من الناس إذ لا يجوز فى حق الله أن نأخذ رأى خلقه فى شرعه على الإطلاق لأننا نعقد أن شريعة الله جاءت لتطبق والحاكم عليه أن يلتزم بها أهل الرأى أو الشورى يحاسبون الحاكم على تطبيقها على الوجه الصحيح ، وإذا كان ثمة حوار أو رأى فيكون حول طريقة التطبيق وما يستلزمه من إجراء ات أو مؤسسات . كما أننا لا نقرأن من حق مجلس الشعب أن يقرر قوانين تخالف الأصول الشرعية أو أن يشرع بجانب تشريع الله ولا يعنى أيضا دخولنا مجلس الشعب موافقتنا على كل مواد الدستور وعلى كل القوانين القائمة ولكننا نرفض كل مادة فى الدستور تخالف شرع الله ولا نقر أى قانون مخالف لشريعة الله . ونسعى لإلغاء كل هذه المواد والقوانين المخالفة لتحل الشريعة كاملة محلها .

أما عن التساؤل الذي يقول هل دخول الانتخابات حدث جديد على طريق الدعوة ؟

فالإجابة عليه واضحة وانه ليس بجديد فقد رشح الإمام الشهيد حسن البنا نفسه : لمحلى النواب فى دائرة الإسماعيلية وكذا بعض الإخوان فى عهده فى دوائر أخرى ، وضغط الإنجليز على الحرمات القائمة لتحول دون نجاحهم وحدث التزوير و لم يتم نجاح أحد من الإخوان .

وقد شارك الإخوان فى الانتخابات فى عهد السادات ونجح بعضهم وحل السادات ذلك المجلس للتخلص منهم وحينما أعيدت الانتخابات حيل بين دخول الاخوان مجلس الشعب بالتزوير .

أما عن التساؤل الذي يقول ما الهدف من دخول الانتخابات ؟

فنقول هو الاستفادة من فترة الدعاية الانتخابية أولا فى تبليغ دعوة الله إلى الناس وإفهام المسلمين شمولية الاسلام وانه منهاج كامل لحياه الناس لصالح دنياهم وأخراهم ، وإزالة ما رسب فى أذهانهم من حصر الإسلام فى طقوس وعبادات وإبعاده عن تنظيم كل جوانب حياة الناس وتعريفهم انه نظام محكم دقيق بديع لأنه من عند الله الحكيم الخبير.

نريد من خلال المنبر المسموع الكلمة ومن خلال الحصانة الممنوحة لأعضائه أن نوضح معنى أن الإسلام هو الحل وان يتحقق الاقتناع بذلك على كل المستويات وان نلاحق الأفكارالخاطثة التى حملها المبشرون والمستشرقون والعلمانيون إلى بلادنا ومعاهدنا التعليمية والتى تمسخ صورة الدين الحق وتحاول أن تنال منه ، وان نتصدى للفلول الباقية من هذه النوعيات الغريبة وما يبثونه من سموم كتاباتهم . ونحن مطمئنون انهم لن يصمدوا أما الحق الذي جاء به ديننا الإسلامى وقد قلنا لهم ونقول لا تقاوموا التيار ولا تحطموا رءوسكم على صخرة الحق .

هكذا نهدف إلى العودة إلى الله والى شريعة الله ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونعمل على تغيير المنكرات السائدة فى هذا المجتمع عن طريق هذا المنبر وما يتاح لنا من صحف أو مجلات وإبراز أثارها التدميرية على أبناء الوطن أسره وعلى المجتمع كله . ونحدث التحول الكامل فى أذهان الجميع بالتوجد إلى الله والى شريعة الله ونبذ ما عداه من مبادئ وتشريعات . هذا التغيير الجذري فى النفوس أمر لازم لكى يتحقق التطبيق الصحيح للشريعة. وإذا أضفنا انه قد سدت أمامنا معظم النوافذ التى كنا نطل منها على الجماهير فكان فى دخولنا الانتخابات تعويض لا باس به .

وفى المجلس يقوم نوابنا . بمحاسبة الحكومة على تصرفاتها وسياستها وترشيدها لما فيه خير الوطن والمواطنين فى ضوء التشريع والنظام الاسلامى ما أمكن ، ونحن نعلم أنه طالما الأغلبية للحزب الحاكم فستكون الاستجابة لمطالبنا محدودة ، ولكن هذا لا يمنعنا من إعلانه والإعذار بها أمام الله ثم أمام الشعب ، فإن استجابت الحكومة فذلك خير وان رفضت فسيكون ذلك رصيدا لنا عند الجماهير بما يترك ذلك من انطباعات إيجابية نحو نوابنا وعكسها عند نواب الحزب الحاكم .

معلوم أن من مراحل العمل على طريق الدعوة إعداد الفرد المسلم والبيت المسلم والمجتمع المسلم ، والانتخابات بكل ما يتصل بها خارج وداخل المجلس تؤدى دورا رئيسيا بالنسبة لمرحلة المجتمع المسلم المطلوب ، بان يتهيأ المجتمع ويتوحد حول التمسك بدين الله والإصرار على تطبيق شريعة الله ، حيث يقوم النواب بتوعية أبناء دوائرهم ودعوتهم إلى الالتزام بتعاليم الإسلام فى أنفسهم وفى بيوتهم ، ويوضحون لهم انه لا حل لكل مشاكلهم ومتاعبهم بكل أنواعها إلا ب الإسلام وتطبيق شريعة الله .

وحينما تتم التوعية بصورة جيدة على مستوى جماهير الشعب فسيتحقق بعد ذلك تطبيق شرع الله بإذن الله .


وتساؤل آخر وهو : هل يكون للانتخابات تأثر على قضية التربية ؟

فأقول أن المشاركة فى الانتخابات والدعاية المصاحبة لها هى لون من ألوان التربية والإعداد لأبناء الحركة حيث يتمرسون على تبليغ الدعوة إلى كل طواثف الشعب وفئاته واكتساب خبرة فى مجال نشر الدعوة وترويض النفس على الحلم وسعة الصدر ولين الجانب مع كل النوعيات التى نواجهها فى الانتخابات حتى من يجهلون علينا ويتعرضون لنا بالأذى . فنتمرس كيف نقابل جهلهم علينا بالحلم والصبر ، كذلك التمرس على دعوة الأميين بعد أن تمرس الكثير منا على دعوة المثقفين .

وما يتعرض له بعض شبابنا من اعتقال أثناء الانتخابات فان هذا الاعتقال له أثره التربوى من الهام فى النفوس ، ففيه ترويض للنفس على الصبر والتحمل والرضا بقضاء الله فالسجن مدرسة لها دروسها التربوية الخاصة والتى لا يسهل الحصول عليها فى غيره .

والانتخابات لا يجوز أن تشغل عن التربية الروحية التى تعتبر بمثابة الزاد على الطريق فأداء العبادات وتلاوة القران وقيام الليل وذكر الله وغير ذلك من وسائل التربيه يجب المحافظة والمداومة عليها فى كل أحوالنا ولا يشغلنا عنها شاغل مهما كان هاما .

وتساؤل آخر وهو : ما هو التقويم الصحيح لقضية الانتخابات والدرولس المستفادة منها ؟

إن مشاركة التيار الإسلامى فى هذه الانتخابات تحت لائحة التحالف الإسلامى كانت مشاركة جيدة وفعالة وواضحة المعا لم تحت شعار "الاسلام هو الحل " . وكانت بمثابة استفتاء شجى عام على تجاوب الشعب مع شعار التحالف هو " الإسلام هو الحل" ونعتبر التحالف قد فاز فى المعركة حتى قبل يوم 6 أبريل يوم إعطاء الأصوات رغم ما حدث اثناء الحملة الانتخابية من تجاوزات وتضييقات واعتقالات ثم أن نجاح هذا العدد الطيب من نواب التحالف رغم ذلك كله فيه دلالة واضحة عن النتيجة وماذا يمكن أن تكون لو لم تحدث هذه التجاوزات والاعتقالات وما حدث يوم الانتخابات من تزوير ثم ما حدث بعد ذلك من تغيير واضح للنتائج أثبته القضاء.

ومن الدروس التى يجب أن نستفيد منها هو الاطمئنان إلى أصالة التدين فى الشعب المصري وانه رغم المخططات الرهيبة التى تآمر أعداء الإسلام فى الخارج والداخل للنيل من هذا التدين ومحاولة صرف الشعب المصري عن جوهر دينه بكل ألوان الحرب والغزو ولكنه حينما دعى إلى الالتفاف حول الإسلام كحل شامل له مشاكله وكواجب دينى عليه أن يؤديه بمناصرة العاملين للإسلام والمطالبين بتطبيق شريعة الله ، إذا به يلبى النداء ويقبل فى إصرار وعزم صادق.

فالواجب علينا أن نقدر ذلك ونقدم لهذا الشعب المسلم الكريم الدليل العملى على إخلاص التيار الإسلامى لهذا الشعب وحرصه الشديد على تقديم الخير له ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، وان نزيل كل آثار التشويه والتهم الباطلة التى ألصقت ب الإخوان والعاملين للإسلام من قبل الأنظمة الطاغية تبريرا لبطشهم ومحاولاتهم الفاشلة للحد من هذا المد الإسلامى والقضاء عليه .


ويجب أن نستفيد من الانتخابات تجربة الممارسة وما فيها من خبرات تفيدنا فى المستقبل فالانتخابات فن له قواعده وأصوله وخبراته ومتطلباته . علينا أن ندفع افرد الشصب الذين قد داخلهم لثئ من اليأس فى إصلاح أحوال هذا الوطن ، ندفعهم إلى التخلص من السلبية وندعوهم إلى الإيجابية ومن لم يقيد منهم نفسه فى جدول الانتخابات فعليه أن يسارع إلى تقييد نفسه عندما يفتح الباب لذلك فى شهر ديسمبر القادم بإذن الله .

ومن الدروس المستفادة من المعركة الانتخابية أنها كشفت لنا الجهات والعناصر المعادية للإسلام ومن بدت البغضاء من أفواههم وأقلامهم وما يخفون فى صدورهم من غيظ وحقد اكبر ، وظهر لنا أن أسلوبهم فى هجومهم على التيار الإسلامى لا يقوم على منطق سليم ولكن على مغالطات وأضاليل لم تعد تنطلى على الرأى العام الذي صار من الوعى الذي يجعله يرفض هذا الأسلوب . ومن الدروس المستفادة أيضا أن المعركة الانتخابية كشفت لنا عن أقلام مؤمنة صادقة تدافع عن الإسلام وأبنائه العاملين وتفند أباطيل أعدائه ومن أفزعهم بروز التيار الإسلامى وتجاوب الشعب معه ، اكثر الله من أمثالهم .

وقد أجرت مجلة " الإخوان المسلمون " حوارا مع العالم الشيخ محمد أبو زهرة أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق - جامعة القاهرة ، حول دخول الإخوان المسلمين الانتخابات النيابة ، ونشرته فى عدده الصادر فى 2 من ذى الحجة 1363 هـ ، وجاء فيه :

ما رأيكم فى أن يرشح بعض الإخوان المسلمين أنفسهم لكراسى النيابية ؟

"إن ترشيح بعض الإخوان المسلمين الذين يستمسكون بالعروة الوثقى وللدين الاعتبار الأول فى نفوسهم أمر واجب جد واجب لأنه يحمى جماعة الإخوان وينشر دعوتهم ويفيد الحياة النيابية فى مصر. أما حمايته ل جماعة الإخوان فلأن وجود نواب يمثلونهم يمكن الجماعة من أن ترفع صوتا فى دار الشورى بالشكاة العادلة مما يقع على أعضائها من مظالم أو اضطهادات أو نحو ذلك مما تتعرض له الجماعات فى مصر . وأما أنه سبيل لنشر فكرتها فلأنه يمكن ممثليها من أن يدلوا بآراء الجماعة الصحيحة فى كل ما يعرض من قوانين فى مسائل إدارية ونظامية وأن صوتهم سيكون صوت الإسلام يتردد فى قبة البرلمان وهو رقابة قوية تستمد قوتها من الدين وضمان وثيق لكى تسير أمور الدولة فى قابل أمرها غير متجانفة عن الاسلام ولا مجافية لأحكامه .

وأما فائدتها للنيابة فى مصر فلان نواب الجماعة سيكونون ممثلين لفكرة فوق تمثيلهم لناخبيهم وسيعملون تحت سلطان هذه الفكرة على أن يكونوا رقباء على الحكومة فاحصين لأعمالها -ناقددين أو مؤيدين - على أساس من القسطاس المستقيم وبذلك يعلم سائر النواب وتعلم الأمة أن عمل الناثب ليس التردد فى الدواوين حاملا للشفاعات متوسلا للرجاء لقضاء الحاجات فلا يكون عنده قوة للاعتراض على من توصل إليهم ولا للرقابة عليهم ، أن عمل النائب الذي خلق له أن يراقب الوزراء لا أن يرجوهم وأن يصلح الإدارة المصرية لا أن يفسدها وان يقطع السبيل على من يجعلون الأمور تسير بالشفاعة والضراعة لا أن يروج الشفاعة فى صفوف القائمين بالأمر فى الكافة على هذه الجادة أن يسير ممثلو الإخوان فيكونوا مثلا صحيحا لممثلى الأمة وما يجب أن يكون عليه النائب الذي يعرف - غايته وغرضه وهدفه .

  • إن بعض الإخوان يقول أن دخول نائب من الإخوان يقتضى ضمنا الرضا بكل القوانين الحاضرة التى تسر عليها مصر من هذه القوانين ما ترى الجماعة وجوب تغيره ولذلك يخرج هؤلاء من فكرة ترشيح بعض الإخوان لأنفسهم فما رأيكم فى ذلك ؟
    • إن المقرر فقها ومنطقا أن الدلالات الضمنية لا تتعارض مع الدلالات الصريحة وقد أعلنت الجماعة فى كل دعواتها وجوب تغيير ما ترى تغييره من قوانين الدولة ولا يمكن أن يكون دخول نواب منها دالا على رضاهم بهذه القوانين إلا إذا أعلنوا صراحة حتى يلغوا كلامهم الأول وان الطريق الممكن الآن لتغيير ما يراد تغييره من قوانين هو دخول هذا المجلس لان القوانين تغير بها ولو قلنا إننا لا ندخل حتى تتغير القوانين التى نرى تغييرها فعلا لكان معنى ذلك أن الإخوان لا يدخل أحد منهم هذا المجلس إلا بعد الوصول إلى الغاية الكبرى للإخوان وكأنمم بذلك يصدون أنفسهم عن باب من أبواب الجهاد و الجهاد باب من أبواب الجنة .

وقال الشيخ على الخفيف أستاذ الشريعة الإسلامية حول نفسى الموضوع :

أرى أنه لا مانع شرعا يمنع الجماعات الدينية من دخول البرلمان والاشتراك فى الحكم بصفة عامة فليجاهدوا وليجدوا ولا يثنيهم شئ عن ولوج هذا السبيل ليحققوا ما يأملونه وما نأمله فيهم من خير وإصلاح وليصلوا بأداة الحكم فى البلاد إلى ذروة الكمال الذي يتفق مع تعاليم الدين وأوامره وما هذا إلا وسيلة من وسائل الجهاد وسبيل من سبل الجهاد فى سبيل إعلاء كلمة الله ونصرة دينه الحق فى بلد يدين ب الإسلام ويبنى دستوره على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمى .

أما فضيلة الشيخ محمد عبد الله الخطيب فيجيب على التساؤل الذي يردده البعض بقصد عزل الإسلام عن الساحة فيقول :

من الشبه التى يرددها البعض أن المشاركة فى الانتخابات سواء عن طريق إعطاء الأصوات أو الترشيح كفر لأنه اتباع للنظام القائم الذي يحكم بغير ما انزل الله ومن ثم فهو عين الرضا به . والشهيد سيد قطب الذي ينسبون إليه هذا الفهم قد ترك كتبه بين أيدينا وهى لا تحتوى على شئ من هذا وكل ما قاله فى الظلال ((إن الشرك يتحقق بمجرد إعطاء حق التشريع لغير الله من عباده )) فهل الذي يرشح نفسه وكل أمله ونيته وهدفه وعمله أن يطالب المجالس التشريعية وغيرها بالاحتكام إلى شريعة الله ، ويجاهد ما استطاع فى إقامة الحجة عليهم وتبليغهم هذا الصوت الإسلامى ، هل مثل هذا أعلم حق التشريع لغير الله . أم العكس هو الصحيح ؟ وهل كل من أعطى صوته فى الانتخابات للنائب الذي هذه صفته يعد مستحلا للحرام ؟ رغم انه ما انتخبه ولا تقدم للانتخابات إلا للمطالبة بتحكيم كتاب الله ؟ وإذا كانت أوضاع العاملين للإسلام اليوم غريبة وعجيبة وليس فى إمكانهم أن يقيموا حكم الله بين عشية وضحاها . فهل يعد مخطئا من اخذ يعمل بقدر استطاعته فسعى إلى إقناع من يستطيعون تغيير التشريعات الوضعية وإحلال الشريعة السلامية محلها؟؟

إن من يحاول عن طريق المجالس النيابية أن يقوم بهذا الدور لا يعتبر كافرا ولا مخطئا بل هو مأجور عند الله وعند الناس ولا يلزم أن يصل إلى النتائج بل الواجب عليه السعى والعمل الجدى والأخذ فى الأسباب الصحيحة وهذا دوره الذى فى استطاعته أما النتائج فأمرها إلى الله عز وجل .

جاء فى كتاب -الحكم وقضية تكفير المسلم - للأستاذ سالم البهنساوى (والعاملون للإسلام فى تركيا كانوا مستضعفين ، وكانوا يسجنون لأنهم ضبطوا يتعلمون القران والسنة ، ثم عن طريق النظام البرلمانى توصلوا إلى أغلبية جعلتهم يفرضون شروطا منها حرية العمل للإسلام .مما فى ذلك طبع جميع الكتب ، وإعلان الأذان باللغة العربية ، وغير ذلك فهل كفر هؤلاء لأنهم شاركوا فى الانتخابات ؟ ولسنا ندرى والأمر غريب وعليه علامات استفهام كثيرة -من الذي ضحك على هؤلاء ولقنهم هذه الأفكار التى تريد عزل الإسلام عن الساحة وإبعاده عن الحياة وترك المجال لكل المذاهب والأهواء تعربد كيف تشاء ؟

حال أصحاب هذه الشبه يحير ، فلا هم غيروا شيئا فى هذا المجتمع ولا حتى ربوا أنفسهم على هذا الحق ولا هم يتركون سواهم يعمل بالوسائل الممكنة إذ يشوهونه ويلفقون له التهم لا مانع أن يمشى الأعمى فى الطريق فهذا حقه ، لكن أن يقف ليقطع الطريق على المبصر فهذه داهية الدواهى ، وعجيبة الأعاجيب .

إن الذين يثيرون هذه الشبه ويتكلمون على غيرهم من خلال أهوائهم إنما يعاونون أعداء الإسلام على تحقيق أغراضهم فهل أدرك هؤلاء ما انحدروا إليه ؟؟ .

إنتخابات مجلس الشعب الأخيرة

تمهيد

تكتسب انتخابات مجلس الشعب الأخيرة التى أجريت على ثلاث مراحل خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر 2000 أهمية خاصة إذ أنها جاءت فى إطار ومناخ سياسى عام لم يكن فى صاع المجلس من حيث ممارسة صلاحياته وسلطاته أو من حيث كم الصلاحيات المتاحة له فى إطار الدستور أو متطلبات الممارسة الفعلية لدوره المأمول ، كما لم يكن كذلك فى صالح ، القوى و الأحزاب السياسية التى قررت خوض تلك الانتخابات لضمان نزاهة وسلامة العملية الانتخابية لتكن بالفعل معبرة عن قوة تلك القوى و الأحزاب فى المجتمع ، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين التى خاض فريق من أعضائها هذه الانتخابات فى أجواء تعتبر الأسوأ بالنسبة للضغوط والممارسات التى تعرضت لها الجماعة مقارنة بباقى القوى و الأحزاب التى تعيش نفس المناخ مع فارق كبير فى التعامل الرسمى معها .

لقد جاء ذلك كله فى إطار تعظيم وتزايد دور السلطة التنفيذية مقابل السلطتين التشريعية والقضائية ، والمجتمع بكافة عناصره (جمعيات - جماعات - أحزاب - نقابات . . إخ ) ومن ثم فالحكم على مسار الانتخابات الأخيرة ونتائجها يأتى فى إطار فهمنا لذلك الواقع والمناخ المفروض على كل أعضائه وإن اختلفت شدته من تيار لآخر ومن قوه لأخرى حسب الموقف الرسمى منها ، وعند دراستنا للانتخابات النيابية الأخيرة ومشاركه الإخوان فيها ودلالات النتائج التى حققتها الجماعة والفوز رسميا بـ 17 مقعدا يجب أن يسبقها ويوازيها التعرض لطبيعة المناخ الرسمى والاقتصادى والاجتماعى الذى أجريت فيه الانتخابات وأى من جزئياتها كان فى صالح أو ضد مشاركة وفوز الجماعة فى تلك الانتخابات مع الإلمام بدور ووظيفة مجلس الشعب وأعضائه فى إطار الدستور والممارسة السياسية ، وواقع المشاركة السياسية من حيث القيود والفرص المتاحة للأحزاب والقوى السياسية والضمانات الممنوحة بعد ذلك لضمان نزاهة العملية الانتخابية ثم دراسة فعاليات العملية الانتخابية بمراحلها الثلاث وأخيرا دلالات وأسباب مشاركة وفوز الإخوان بالمقاعد الـ 17 .

وستقسم الدراسة (الكتاب) كما يلى

الفصل الأول :

المناخ السياسى والاقتصادى والاجتماعى ودور مجلس الشعب فى هذا المناخ دستوريا وعمليا.

الفصل الثانى :

قرار الإخوان بالمشاركة فى الانتخابات من حيث أسباب القرار وتوقيته وعلاقته بحكم المحكمة الدستورية وحجم المشاركة واستراتيجيات الدعاية والانتشار ورد فعل السلطة إزاء حكم المحكمة الدستورية وقرار المشاركة الذى اتخذته جماعة الإخوان المسلمين .

الفصل الثالث:

العملية الانتخابية بمراحلها الثلاث ، وموقف السلطة - خاصه الشرطة - من العملية بصفة عامة و الاخوان بصفة خاصة .

- المبحث الأول : المرحلة الأولى : مشاركة الاخوان ، عدد الفائزين ، أحداث العنف فى أشمون كنموذج أسباب ودلالات ترشيح الإخوان لسيدة فى دائرة الرمل .

- الملبحث الثانى : المرحلة الثانية : مشاركة الإخوان - عدد الفائزين - أحداث العنف فى الدقهلية و دمياط والمنصورة .

- المبحث الثالث : المرحلة الثالثة : مشاركة الإخوان - عدد الفائزين - أجداث العنف فى الدقى والحوامدية وشبين القناطر وشبرا الخيمة ، موقفع الإخوان من الأقباط المرشحين - عنف السلطة ضد وسائل الاعلام .

الفصل الرابع :

الأحزاب السياسية والتراجع المتزايد . . - دلالات خسارة الحزب الوطنى وأحزاب المعارضة فى تلك الانتخابات - حجم المشاركة - التحيز الحكومى والإعلامى والرشاوى الانتخابية - دور رجال الأعمال - الحزب والمستقلين - رؤية مستقبلية لدور الأحزاب فى ضوء الواقع الحالى .

الفصل الخامس :

- دلالات فوز الاخوان وسبل تعامل السلطة و الإخوان مع الفوز

- أسباب دلالات الفوز .

- تعامل الإخوان مع الفوز .

- رد فعل السلطة .


الفصل الأول: مناخ الإنتخابات

جاءت الانتخابات الأخيرة فى ظل حالة احتقان سياسى واقتصادى وتردى اجتماعى تعيشها مصر وقانون طوارئ مفروض منذ عام 1981 حتى الان ويتم تمديده كل ثلاث سنوات مما يعطى السلطة التنفيذية وخاصة رأسها صلاحيات واسعة مقابل كل قوى المجتمع المحدودة سلطاتها أساسا بالدستور ووجود حالة من اليأس والاحباط فى إمكانية حدوث أى تغيير ينبع من القاعدة ، فالتغيير المنتظر دائما يأتى من أعلى وليس من اسفل .


أولاً : من الناحية السياسية

النظام المصرى أقرب للشكل الرئاسى السلطوى الذى يمنح الرئيس سلطات واسعة دستوريا مقابل باقى السلطات ومنها مجلس الشعب الذى يتضاءل دوره السياسى عمليا مقابل السلطة التنفيذية . "فدستور 1971 الذى أصدره الرئيس السادات حمل الكتير من ملامح دساتير ثورة يوليو من حيث السلطات الواسعة لرئيس الجمهورية واستمرار دمج السلطتين التشريعية والتنفيذية وذلك رغم الأخذ بالتعددية السياسية وتغيير هيكل الاقتصاد المصرى فى الاتجاه نحو تصفية القطاع العام والتوسع فى الأخذ باقتصاد السوق . مما يترتب على ذلك من صعود قوى جديدة أصبح وجودها ملموسا فى- الهيئة التشريعية ولكن استمر دور مجلس الشعب محدودا واقتصر دوره على إقرار مشروعات القوانين التى تقدمها الحكومة والتصديق على القوانين التى يصدرها رثيس الجمهورية . بمراسيم دون مناقشة ، إضافة إلى القيود التى تغل يد المجلس عند النظر فى الموازنة العامة فلا يسمح بمناقشة بنود بعينها"(1 ) ولا يعنى ذلك النفى التام لدور مجلس الشعب أو أعضائه ، ولكن حتى الدور والوظائف الممنوحه للمجالس دستوريا يحدها الواقع الفعلى للممارسة سواء بسبب قانون الطوارئ أو الدور الفعلى المتزايد للسلطة التنفيذية أو رؤية عضو المجلس لدوره .

فالمادة (86) من الدستور حددت سلطات مجلس الشعب ودوره حينا "يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ويقرر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة ، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وذلك كله على الوجه المبين فى الدستور" إلا أن الدستور منح رئيس الجمهورية حق حل المجلس وإصدار قرارات لها قوة القوانين - فى حالات معينه - وحق حل الحكومة وتعيينها ولم يجعل ذلك الحق مخولا ل مجلس الشعب الذى ليس له حق تشكيل الحكومة من الحزب الفائز بالأغلبية أوسحب الثقة من الحكومة أو أحد وزرائها أو المطالبة بحلها . وتختلف السلطات والحقوق الممنوحة لعضو المجلس عن واقع ممارسة تلك الاختصاصات ، فالدستور يؤكد لعضو المجلس حق :

1)المناقشه العامة من خلال الرد على بيان الحكومة .

2)الاختصاص التشريعى سواء المشاركة فى مناقشة المشروعات التى تتقدم بها السلطة التنفيذية أو اقتراح تشريعات (مبادرات تشريعية)

3)الاختصاص الرقابى باستخدام الأدوات الرقابية المتعددة كالسؤال وطلب الإحاطة والبيان العاجل والاستجواب (وهى الأداة الأشد لأنها تتضمن اتهاما لأحد أعضاء السلطة التنفيذية أو للسلطة كلها أى الحكومة) وأداة لجان تقصى الحقائق والتى تعتبر أهم وسائل الرقابة البرلمانية ، وأداة لجان الاستطلاع والمواجهة والتى تتضمن عقد اجتماعات عامة يتم فيها الاستماع إلى اقتراحات المواطنين فى المسائل التى تهم الرأى العام أو التشريعات الهامة"

بينما واقع الممارسة أو رؤية النائب لدوره السياسى يختلف عن الصلاحيات الممنوحة له والمحددة أساسا بحكم الدستور) لتكون أكثر محدودية بتلك الممارسة أو الرؤية التى تحكم حركة النائب . ففى دراسة ميدانية حول دور مجلس الشعب وباستبيان أراء 112 عضوا من أعضاء البرلمان تبين أنه "بالرغم من إدراك الأعضاء لأهمية وظيفة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية التى جاءت فى.مقدمة المهام البرلمانية إلا أن فهمهم للدور الرقابى فى ظل الافتقار إلى القدرة على المواجهة مع السلطة أو التى ظل الشعور بالولاء للسلطة مازال يفتقر إلى الفاعلية اللازمة ذلك أن امتداد الدور الرقابى إلى سحب الثقة من الحكومة أو أحد وزرائها لم يجد تأييدا إلا من ثلاثة فقط من أفراد العينة وهذا يعنى أن الوظيفة الرقابية ل مجلس الشعب تنتهى بتوجيه السؤال أو الاستجواب أو طلب الاحاطة أو غيره من وسائل الرقابة البرلمانيه ، وهو ما تؤكده الخبرة البرلمانية حيث أنه فى أعنف الاستجوابات التى يمكن أن يتم فيها تبادل الاقامات أو تكون الاقامات التى يوجهها العضو للمسئول على درجة عالية من الخطورة فإن القرار البرلمانى يكون فى الغالب الأعم الانتقال إلى جدول الأعمال ومباركة رأى السيد المسئول حيث أنه خلال الفترة مق 1971 إلى 1995 انتهت مناقشة 453 استجوابا كلهم بالانتقال إلى جدول الأعمال وتوجيه الشكر للوزير المستجوب فالأداة التى تمثل قمة الأدوات الرقابية تحولت إلى أداة شكلية" وقد خلصت الدراسة إلى "ضعف الأداء السياسى لعضو مجلس الشعب .


كما أظهرت تدق الاهتمام بمناقشة السياسة الخارجية والدفاع والأمن القومى فى بيان الحكومة وأوضحت أيضا اتفاق حوالى 577 % من أفراد العينة على أن موافقة المجلس على بيان الحكومة مسألة شكلية وليست ضرورية لتنفيذ الحكومه لبرنامجها"

ولكن من ناحية أخرى "انتهت الدراسة إلى حرص كثير من الوزارات والهيئات فى الرد على طلبات أعضاء مجلس الشعب بغض النظهر عن نتيجة هذا الرد سواء كان إيجابيا أم سلبيا "

ولا يقتصر تدق الدور السياسى ل مجلس الشعب على المستوى الدستورى العملى فقط بل أرى ذلك مع أسباب أخرى إلى تزايد معدلات عدم المشاركة السياسية للمواطنين بشكل مستمر .

ففى دراسة ميدانية أخرى (6) عن واقع المشاركة السياسية أثبتت أن " 588 % من المصريين غير منتمين لأحزاب سياسية وأن 7،5/566 % منهم غيرمهتمين ب السياسة . . كما كشفت الدراسة كذلك أن 6، 2 5/55 % منهم غير مقيدين فى الجداول الانتخابية ، وأن 6،5/538 % من المصريين لا يعرفون كيفية القيد فى الجداول الانتخابية و 5/ 558% لا يحرصون على الادلاء بأصواتهم ( ممن يملكون البطاقة الانتخابية" سواء لعدم الثقة فى الانتخابات (5/523) أو لعدم الاقتناع بالمرشحين (5/512 %) أو لغير ذلك من الأسباب كما أن 5/559% منهم لم يصوت فى انتخابات مجلس الشعب عام 1995 " كما أن النظام الحزبى فى مصر تحيط به عدد من القيود سواء النابعة من الدستور أو الواقع الذى يفرضه النظام الحاكم أو لأسباب تتعلق ب الأحزاب ذاتها وهو ما سنتعرض له فى موضع اخر .


ثانيا : من الناحية الأققتصادية

- يشهد النظام المصرى تحولا اقتصاديا نحو الخصخصة وبيع القطاع العام وتضاؤل دور الدولة الاقتصادى خاصة منذ أوائل التسعينات وحتى الان وما ترتب على ذلك من مشاكل اقتصادية متعلقة بتخلى الدوله عن قدر كبير من دورها الاقتصادى أو تزايد معدلات البطالة والفقر والتفاوت الشديد فى الدخل بين مختلف الفئات حتى دخل الاقتصاد المصرى فى أزمات شديدة متوالية ومتراكمة لم يخرج منها حتى الآن .

وطبقا لبعض الدراسات المتفائلة فإن 5،5/517 % من قوة العمل فى مصر عاطلة (حوالى5،3 % مليون عاطل.

كماأشار تقرير التنمية البشرية فى العالم لعام 2000 أن ترتيب مصر هو الـ 120 على مستوى العا لم وتحتل المرتبة 31 فى قائمة الدول الفقيرة التى تضم 75 دولة وطبقا لتقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) فإن متوسط دخل الفرد المصرى يتراوح بين 365 إلى 730 دولار سنويا وكشف التقرير أن 52% من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر المدقع ، كما كشف التقرير السنوى الأخير لمنظمة الصحة العالمية أن ترتيب مصر فى المستوى الصحى على مستوى العالم هو 116 بين 189 د ولة.

وقد دخل الاقتصاد المصرى فى الفترة الأخيرة فى أزمات الركود والسيولة وارتفاع سعر الدولار وتزايد الديون الخارجية (28 مليار دولار) والداخلية (159 مليار) والإقراض (45 بليون جنيه ) وعجز الموازنة 2117 مليون دولار والعجز التجارى 12 مليار دولار وظاهرة هروب رجال الأعمال وعدم سداد مديونياتهم للبنوك التى قدرها البعض بـ 20 مليار جنيه ، وتفشى الفساد 1 ،24 مليار دولار تم نهبها فقط من عام 4 97 1 إلى عام 0 9 9 ا ) وزيادة الأعباء الضريبية على المواطنين محدودى الدخل وتدهور أسعار المحاصيل بالنسبة للفلاحين والأجور أو البطالة بالنسبة للعمال وزيادة البطاله بين خريجى الجامعات بصفة خاصة .


ثالثا: من الناحيةالاجتماعية

لم يختلف الوضع الاجتماعى كثيرا عن الوضعين السياسى والاقتصادى لأنه سبب ونتيجة فى ذات الوقت.

فالبطالة فى ازدياد وقد طالبت فئات لم تطلها من قبل خاصة فى الريف وتزايدت نسبة العنوسة وتأخر سن الزواج حتى وصل عدد اللالى لم يتزوجن حتى الآن ممن تعدين الثلاثين من العمر5،3 مليون عانس طبقا لإحصائيات رسمية وزادت نسبة التهرب من التعليم الأساسى كما ارتفعت تكاليف العلاج مع انتشار الأمراض ورفع الدولة يدها شيئا فشيئا عن دعم قطاع الصحة.

"ففى تقرير التنمية البشرية الصادر عن معهد التخطيط القومى عام 1996 يوضح أن 23 % من السكان تحت خط الفقر (فقر مدقع ) وحوالى25 % فقراء نسبيا"

أى أن المصريين البالغ عددهم 63 مليونا تقريبا 48 % منهم يقعون تحت خط الفقر طبقا للتقارير الرسمية المصرية (حوالى 30 مليون مصرى)

مجمل الواقع السابق ذكره أوجد احتقانا سياسيا وتراجعا اقتصاديا وترديا اجتماعيا لدى المواطنين أثر على موقفهم من النظام والمشاركة السياسية بصفة عامة ، هذا بالإضافة إلى اختفاء دور مجلس الشعب الرقابى على مدى الدورات السابقة خاصة دورة 95 ، وسطوة الأجهزة الأمنية ، واستفحال دور الدولة على الصعيد الأمنى بشكل أكثر من ملف ومن ثم انخفض معدل المشاركة السياسية لدى المواطنين ونتج نوع من اليأس من التغيير ، إضافة لذلك الدور المتزايد للدولة خاصة فى المجال السياسى "جهاز الادارة المركزى للدولة هو الجهاز المشخص الوحيد للجماعة المصرية ، هو الجهاز الوحيد الذى يشخص المجتمع كله بغير شريك له فى أى من شئون إدارة المجتمع سواء على المستوى النقابى أو مستوى الخدمات وغيرها ، ومن جهة أخرى فإن نمط العلاقة بين الجهاز الإدارى المركزى للدولة وبين سلطتى التشريع والقضاء بقى فى جوهره من حيث موازين العلاقات بين السلطات ظل كما كان من قبل ، فالجهاز الادارى المركزى هو المؤسسة الوحيدة ذات القوى الاقتصادية والسياسية وذات الهيمنة على الاعلام والخدمات ، ولا توجد قوة سياسية اجتماعية تتحدى سطوته وسيطرته وإصدار ما يراه من قوانين وما يرسمه من سياسات ، ويعزز من هذا الموقف قيام حالة الطوارئ ، وبصفة خاصة من 1981 حتى الآن بشكل مستمر من غير انقطاع حتى أكملت حالة الطوارئ ستين عاما من 1939 حتى الان ، بانقطاع لا تزيد مدته عن أربع سنوات ونصف ، وقد فتح ذلك سلطة الدولة التنفيذية إمكانات هائلة منها إمكانات تشريع وقضاء وتدابير استثنائية إن لم تمارس دائما فهى لا شك تقوم دائما بوظيفتها الرادعة".

وفى هذا الإطار استفحل دور الشرطة بفروعها المختلفة ويزيد دور المحاكم الاستثنائية - أمن الدولة والعسكرية - لمواجهة ووأد أى فرصة للمعارضة المنظمة أو العفوية الناتجة عن الأوضاع السابقة فأصبح المواطن بين شقى الرحى الواقع المتردى الذى يعيشه والمصير الذى سيلاقيه إذا فكر فى انتهاج أى أسلوب للمعارضة أو التغيير لأن التعامل مع كل القضايا التى تهم المواطن يتم غالبا إحالتها للملف الأمنى .

الفصل الثانى: قرار المشاركة

أعلن الإخوان مبكرا فى إبريل 2000 مشاركتهم فى الانتخابات البرلمانيه 2000 على لسان المتحدث الرسمى ونائب المرشد العام المستشار مأمون الهضيى على أنه سيخوض الانتخابات فى دائرة الدقى وأن الجماعة لا تمانع فى أن يخوض بعض أفرادها الانتخابات على مبادئها ولكن الإعلان عن عدد وحجم المشاركين تأخر قليلا إلى أن أعلن الدكتور عصام العريان أن الجماعة ستخوض الانتخابات ب 75 مرشحا (أو نصف عدد المشاركين فى انتخابات 1995 والبالغ عددهم 155 مرشحا) حتى لا تستفز السلطة إذا ما خاضت الجماعة الانتخابات بعدد كبير من المرشحين .

وقرار الاخوان بالمشاركة فى الانتخابات الأخيرة لم تكن الأولى ، كما أن التجربة الأخيرة أيضا لها سلبياتها للمشاركة وبالحجج المعلن عنه وفى الدوائر التى خاضت فيها الانتخابات خاصة وأن السلطة كان لها ردها الخاص على ذلك القرار .

وإن كان قرار الاخوان بالمشاركة فى أى انتخابات سابقة كان يؤخذ فى الإطار الأشمل لطبيعة علاقة النظام بالحركة وموقفه منها وهو موقف مضمونه وظاهرة العداء للجماعة بشكل عام ، فمنذ تولى الرئيس مبارك الرئاسة ظلت العلاقة بين الطرفين ثابتة بدرجة من الدرجات فى جوهرها والذى يتلخص فى عدم الاعتراف والمحاصرة .


أولا : تجارب سابقة

منذ عودة الحياة البرلمانية وإجراء أول انتخابات عام 1976 شارك الإسلاميون فيها ولكن بقرار فردى حيث نجح الشيخ صلاح أبو سماعيل - يرحمه الله - فى دخول برلمان 1976 ثم تبعه الحاج حسن الجمل - رحمه الله - فى برلمان 1979 . ولكن جماعة الاخوان خاضت الانتخابات بصفة رسمية عام 1984 على قائمة حزب الوفد ونجح للجماعة على تلك القائمة ثمانية نواب ثم فى انتخابات 1987 على قائمة التحالف الإسلامى (مع حزب العمل المجمد حاليا والأحرار المجمد كذلك ) ونجح لها 36 عضوا فى دخول البرلمان الذى شهد أكبر مشاركة برلمانية للجماعة فى تاريخها وتاريخ البرلمان كله حيث احتلت المعارضة فى هذا المجلس مائة معقد ولكن ثم حله عام 90 لتقاطع كل أحزاب المعارضة والقوى السياسية ومنها الإخوان - عدا حزب التجمع - تلك الانتخابات اعتراضا على عدم ضمان نزاهتها ثم خاضت الجماعه انتخابات 1155 بمائة وخمسين مرشحا فى ظل ظروف سياسية وأمنية شديد مفروضة عليها هى الأولى من نوعها منذ انتهاء حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حيث تم تحويل 82 من قيادات الإخوان إلى القضاء العسكرى.

لمحاكمتهم عسكريا فى 95 /11/23 بعد حملة اعتقالات دامت عدة شهور فى الفترة من يناير إلى أكتوبر 1995 وقضت المحكمة بسجن 54 منهم بأحكام تتراوح بين 3 : 5 سنوات فى محاولة من الحكوت لإجهاض عملية إقدام الإخوان على خوض الانتخابات البرلمانية لعام 1995 والتى كانت أسوأ انتخابات فى نظر عدد كبير من المراقبين وقد وأفرزت مجلسا يعد هو كذلك الأسوأ فى تاريخ البرلمان المصرى و لم ينجح للإخوان فى تلك الانتخابات إلا مرشحا واحدا هو الأستاذ على فتح الباب عن دائرة التبين ب حلوان على مقعد العمال ، وبلغ عدد الطعون المقدمة ضد المجلس 915 طعنا شملت كل دواثر الجمهورية "وهى الانتخابات الأولى من نوعها منذ بدء الحياة البرلمانية عام 1866 التى يتم الطعن فيها فى مجمل دوائر الجمهو رية .

وأصدرت محكمة النقض تقاريرها ببطلان الانتخابات فى 88 دائرة انتخابية . مما يعنى أن 176 عضوا فى مجلس الشعب البالغ عددهم 454 أو نحو 39% من أعضاء المجلس قضت المحكمة ببطلان عضويتهم ومن ناحيته رفض مجلس الشعب جميع التقارير الصادرة عن المحكمة و لم يعتد برأيها استنادا لنص المادة 93 من الدستور التى تعلى الحق ل مجلس الشعب سلطة الفصل فى صحة عضوية أعضاء البرلمان " مما دفع رئيس المجلس إلى أن يعلن أن المجلس هو سيد قراره .

وقد أشار أحد تقارير حقوق الإنسان "أن التيار الدينى - الإخوان المسلمين - كان هدفا أساسيا للدعاية الحكومية المضادة حيث كانت نسبته 50 % من إجمالى القيود التى فرضت على المرشحين حال القيام بدعايتهم الانتخابية فى الدوائر محل الرصد".

ثم أعلنت الجماعة خوض الانتخابات المحلية ( إبريل 1997 ) فى عدد من الدوائر أيضا إلا أنها بسبب عمليات التضييق الشديدة والاعتقالات المستمرة فى صفوف أعضائها والتى وصلت إلى حد اعتقال المرشحين وآبائهم وعائلاتهم وتعريضهم إلى أشد أنواع الضغوط والإيذاء أعلنت الجماعة انسحابها فى نفس يوم الانتخابات وهى الإجراءات الأمنية التى ذكرتها منظمات حقوق الانسان فى أكثر من تقرير يعتبر شاهدا على ممارسات السلطة ضد الإسلاميين لمنعهم من المشاركة السياسية وممارسة حقهم الطبيعى فى التصويت والترشيح حيث رصد أحد التقارير "إصرار وزارة الداخلية على تقليص الوجود السياسى للمواطنين من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وذلك عبر اتخاذ مجموعة من الإجراء ات القمعية فى مواجهتهم من شأنها الحد من قدرتهم على الترشيح فى الانتخابات المحلية" ورصدت المنظمة فى هذا الإطار لقيام أجهزة الأمن فى أواخر ديسمبر 1996 بالقبض على أربعين شخصا من قيادات وكوادر حزب العمل من المنتمين ل جماعة الإخوان المسلمين فى منطقة حلوان والتبين وتم التحقيق معهم بمعرفة نيابة أمن الدولة ووجهت إليهم عدة اتهامات من بينها أنهم " خططوا للانتشار بين المواطنين واستغلال الانتخابات المحلية للانتشار بين المواطنين ، واستغلال الانتخابات المحلية لتكثيف نشاطاتهم " كما قامت السلطات الأمنية يوم الجمعة 4 / 4 / 1997 وذلك قبل 36 ساعة فقط من موعد إجراء الانتخابات المحلية بالقبض على 7 2 شخصا من المنتمين ل جماعة الإخوان المسلمين من بنيهم خمسة صحفيين ومحام ووجهت إليهم تحريات مباحث أمن الدولة عدة اتهامات من بينها أنهم خططوا لاستغلال فترة الدعاية الانتخابية فى تصعيد نشاطاتهم عن طريق إعداد منشورات وتوزيع بيانات تحمل مبادئ وأفكار التنظيم والتشكيك فى نزاهة الانتخابات المزمع عقدها"

كما رصدت المنظمة التدخلات الأمنية المباشرة وغير المباشرة قبل وأثناء عملية التصويت لضمان فوز مرشحى الحزب الوطنى الحاكم "وقد تجلت أبرز مظاهر التدخلات الأمنية فى إجراءات القبض على المرشحين وعائلاتهم ومندوبيهم وأنصارهم قبل يوم التصويت لاجبارهم على التنازل - أو لجوء أجهزة الأمن إلى سياسة أخذ الرهائن لإجبار المرشحين على التنازل أو التوسع فى عمليات القبض والاحتجاز لمرشحى الأحزاب والمستقلين وانصارهم أثناء وقبل عملية التصويت مباشرة للتأثير على نتائج الانتخابات ، كما تم طرد ومنع مندوبى المرشحين من دخول اللجان الانتخابية أثناء التصويت والفرز رغم حصولهم على توكيلات قانونية موثقه من المرشحين وهو الأمر الذى سهل من عملية التزوير وتسويد البطاقات الانتخابية لصالح، مرشحى الحزب الوطنى" .

وقد أفاد الإخوان من ذلك إذ شكلت تلك التجارب خلفية لتعامل الاخوان مع الانتخابات ومكنتهم من وضع تصورات مستقبلية لكيفية تعامل السلطة مع أى قرار لهم بالمشاركه فى أى انتخابات مسستقبلية وقد وضح ذلك فى انتخابات 2000 م حيث كانت إيجابيات المشاركة أفضل من سلبياتها خاصة فى ظل تطورات أضافت لقرار المشاركة مزيدا من القوة .


ثانيا: خوض الانتخابات البرلمانية 2000 م:

أعلن الإخوان عن خوض الانتخابات وهم يدركون طبيعة الظروف المحيطة والإجراءات المتوقعة من السلطة كرد فعل على أى قرار لهم بالترشيح أيا كان عدد هؤلاء المرشحين ، ولكن الظروف التى صدر فيها القرار ثم تطورات بعضها كان لها سلبياتها كما كان للبعض الآخر إيجابياته بالنسبة لفكرة المشاركة ، وإن كانت إيجابيات المشاركة أكبر وقد ظهرت أثناء وبعد الانتخابات .

فعندما أعلن المستشار الهضيى نائب المرشد العام ل جماعة الاخوان المسلمين والمتحدث الرسمى لها عن عزمه ترشيح نفسه فى الانتخابات عن دائرة الدقى كانت تحيط بالجماعة عدد من الظروف السلبية التى ربما كانت كفيلة فى رأى فريق من المراقبين بأن تعوق اتخاذ مثل ذلك القرار منها:

1ـ تجربة المشاركة ورد فعل السلطة العنيف عليها خاصة الانتخابات البرلمانية عام 1995 والمحلية 1997 وما شابهها من عنف للسلطة واعتقالات المرشحين ومؤيديهم وذويهم بل وتحويل عدد كبير من كوادر الجماعة ورموزها إلى المحاكمة العسكرية فى أربع قضايا مجموع من تم تحويلهم خلالها 98 قياديا حكم على 64 منهم بأحكام بالسجن تتراوح بين 3:5 سنوات (قبل الحكم على النقابيين العشرين فى المحكمة العسكرية الأخيرة).

2 - ظروف التضييق الأخرى على الجماعة والتى شملت تجميد النقابات المهنية التى كان للإخوان المسلمين الأغلبية فى مجالس إدارتها إضافة إلى وقانون الجمعيات الأهلية وتجميد النشاط الطلابى وتأميم المسا جد .

3 - الظروف التى سبقت الانتخابات البرلمانية الأخيرة مباشرة باعتقال 20 من القيادات المهنية من الإخوان فى أكتوبر 1999 وتحويلهم إلى القضاء العسكرى (قضية الاخوان العسكرية الخامسة) وتأجيل الحكم عليهم حوالى ثلاث مرات حتى تم إصدار الحكم بعد الانتخابات البرلمانية مباشرة فى 19 /11 / 2000 م بحبس 3 منهم خمس سنوات و 12 آخرين 3 سنوات وبراءة الخمسة الباقين 4 - التوقعات شبه المؤكدة إضافة إلى ما يشبه الرسائل الأمنية التى تحذر وتنذر بحدوث تضييق من السلطات على الإخوان باعتقال كوادرهم ومؤيديهم إذا ما أعلنوا عزمهم على خوض الانتخابات البرلمانية أيا كان حجم تلك المشاركة وعدد المرشحين .

أما الظروف الإيجابية التى شجعت الإخوان على خوض الانتخابات فمنها كما يري فريق كبير من المراقبين :

ا - تصريح رئيس الجمهورية لإحدى الصحف الأسبانية فى معرض رده على سؤال حول تجميد حزب العمل بمناسبة الانتخابات البرلمانية مؤكدا أن ذلك لن يمنع مؤيدى الحزب من الترشيح وأن هناك تنيما محظورا وهو الإخوان المسلمين يخوضون الانتخابات البرلمانية بصورة فردية مما يمكن تفسيره على عدم ممانعة قمة السلطة فى ترشيح الإخوان لأنفسهم بصورة فردية .

2 - حكم المحكمة الدستورية العليا السبت 8 يوليو بضرورة الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات البرلمانية وأى انتخابات أخرى تجرى فى مصر وهو ما جعل المستشار الهضيى يعرب عن "أمله أن يكون الحكم الذى أصدرته المحكمة الدستورية بداية عهد جديد لإجراء انتخابات برلمانية تتسم بالتراهة والصحة واعتبر الحكم خطوة أساسية وبداية مهمة لاستكمال المسيرة الصحيحة فى مجال الانتخابات المعبرة عن إرادة الشعب وحذر من محاولات الالتفاف حول الحكم تحت زعم أن التعديلات التى جرت هذا العام فى قانون مباشرة الحقوق السياسية تكفى مؤكدا أن هذه المحاولات تعقد المسيرة".

3 - ما توفره الانتخابات من فرصة احتكاك الجماعة المباشرة بالمواطنين وفرصة - وإن كان ثمنها مرتفعا من جهد وكوادر الجماعة - لعرض أفكار وطروحات الجماعة على الناخبين بعد أن اتبعت الدولة سياسة إغلاق كل سبل التقاء الجماعة بالمواطنين .


ثالثا: رد فعل السلطة

تعاملت السلطة أمنيا مع قرار الإخوان بالترشيح فى الانتخابات واتخذ رد الفعل عددا من الأساليب منها ما هو تقليدى (كاستدعاء المرشح والضغط عليه واعتقال عدد من مؤيديه ) ومنها ما هو مستحدث (مثل التضييق الاقتصادى على أعضاء الجماعة) كإغلاق المحال التجارية، أو تلفيق قضايا لأصحابها، لا تستند لقانون ، وبعضها استمر أثناء وبعد العملية الانتخابية .

ا- الاعتقال :

بدأت حملات الاعتقال مبكرا فور إعلان المستشار الهضيى عن ترشيح نفسه فى إبريل 2000 وفتح باب الترشيح على مبادئ الجماعة لمن يرغب من أعضائها .

وشملت حملات الاعتقال المؤيدين المحتملين للمرشحين أو العناصر النشطة التى يمكن أن تمثل عامل دعاية جيد وكذلك المشتركين فى مسيرات المرشح أو الذين يقومون بتوزيع ملصقات وأوراق الدعاية والمندوبين وحاملى التوكيلات ، وحتى القائمين بكتابتها أو بطباعتها من الخطاطين وأصحاب المطابع مع استدعاء الشيوخ المساجد للضغط عليهم لعدم تأييد أو الترويج للمرشح من خلال المساجد .

وفى هذا الإطار بلغ "عدد معتقلى الإخوان حتى 31 أغسطس 2000 حوالى،500 معتقلا وتم تحويلهم جميعا إلى نيابة أمن الدولة بتهمة الانتماء لجماعة محظورة ".

وأثناء العملية الانتخابية وصل العدد إلى5000معتقل منهم 681 معتقلا من الدقهلية وحدها بل وصل الأمر إلى اعتقال من يصافح المرشح أو من يجلس معه " تم مداهمة حفلة شاى فى حديقة عامة كانت بين المرشح محمد عبدالغنى عبده - عمال حلوان - و 14 معظمهم من الحزب الوطنى تم اعتقالهم وإخلاء سبيلهم بعد 14 ساعة واعتقال أقارب المرشح وذويه حتى وإن لم يؤيدوه علانية وذلك للضغط عليه (نموذج عائلة الدكتور أبو العلا قرنى فى الحوامدية التى تم اعتقالها كلها لإجباره على التنازل )

2- منع جميع أشكاله الدعاية :

حيث قام الأمن - خاصة أمن الدولة - بمنع المرشحين من جميع أشكال الدعاية وسبل الاتصال بالناخبين سواء بمنع المرشح وأنصاره من تعليق اللافتات والملصقات أو تمزيقها أو اعتقال من يقوم بذلك أو من يكتبها حتى من المحترفين الذين تمثل فترة الانتخابات موسما بالنسبة لهم أو التنبيه عليهم (الخطاطين ) بعدم الكتابة للمرشحين الإسلاميين مقابل السماح لهم بالكتابة لباقى المرشحين ومنع المرشح الإسلامى من تنظيم والقيام بالمسيرات الانتخابية اللازمة للتعريف بنفسه وبرنامجه لأهالي الدائرة بل واعتقال المشاركين فيها "ومنع المرشحين من تنظيم الندوات والمؤتمرات الانتخابية"

3- الضغوط على المرشحين :

وتعددت أشكال الضغوط سواء لمنع المرشح من الترشيح أو للتضييق عليه وتقليل فرص فوزه فى حالة إصراره على الترشيح .

من تلك الأساليب اعتقال أبناء وأقارب المرشح ( نموذج الشيخ عبد العزيز عشرى فى الفيوم الذى تم اعتقال أبنائه وأزواج بناته والحاج صابر زاهر مرشح بندر المنصورة الذى تم اعتقال زوج ابنته ومحاولة اعتقال صهره وأبنائه وتهويد عائلته بخطف الأبناء لإجبار الزوج على التنازل ومحاصرة المترل لفترة طويلة وهو ما حدث مع محمد عبد الغنى عبده المرشح العمالى ب :تصنيف:إخوان حلوان|حلوان ) . أو الاستدعاء الدائم للمرشح لأمن الدولة أو لقسم الشرطة التابع له مثلما حدث مع الدكتور حسين الدرج المرشح بشبرا الخيمة أول حيث تم استدعاؤه حوالى ست مرات لمقابلة المأمور أو مدير الأمن وتستغرق المقابلة كل مرة حوالى5 ساعات لتعطيل المرشح وإجهاده .

4- النقل التعسفى و الحملات التموينية :

كما اتبعت السلطة أسلوبا آخر للضغط على المرشح أو أقاربه وأنصاره وذلك بالتضييق عليهم بطريقتين :

الأول : النقل التعسفى لمن يعملون بوظائف حكومية : فعلى سبيل المثال تم نقل ثمانية من أقارب وأنصار الحاج صابر زاهر (المنصورة) من أعمالهم ومنهم زوجته التى تم نقلها من وظيفتها (وكيلة مدرسة سندوب الابتدائية إلى إدارة المطرية قبل الانتخابات بأسبوعين " وكذلك ابن عمه الذى تم نقله من عمله موجه أحياء بالمنصورة إلى إدارة ميت غمر ونقل 4 من أنصار المرشح محمد عبد الغنى فرج ( دائرة الجمالية الدقهلية ) من أعمالهم إلى أماكن أخرى خاصة المدرسين .

الثانى : الحملات التموينية : حيث قام جهاز الأمن بالتعاون مع مباحث التموين والمصنفات الفنية بمهاجمة المحلات والمكتبات التى يملكها منتمون للاتجاه الإسلامى وتحرير محاضر مخالفة لها لإغلالمها أو لدفع غرامات كبيره مما يمثل ضغطا عليهم لعدم تأييد المرشح الإسلامى .

ففى الدقهلية تم القيام بحملات تموينية على مكتبات الأقصى وإبداع وزهرة المدائن والفجر الباسم وسوفت برو للكمبيوتر وغيرها من محلات البقالة والمطاعم والصيدليات والعيادات والمستشفيات كما حدث مع الدكتور حسين الدرج (شبرا الخيمة) حيث تم إغلاق عيادته والمستشفى الخاص بالدكتور عماد أبو السعادات والتى بها مقر العيادة الخاصه بالدكتور الدرج ، واعتقال (حلاق - وبائع فاكهة وبائع خضار من أقارب الدكتور عبد الفتاح رزق (مرشح البساتين ) ومستشفى الدكتور أمير بسام النجار ، (مرشح بلبيس) والتجريدة الأمنية على تجهيزات جريدة افاق عربية ومكتبات دار التوزيع والنشر الإسلامية "

5 - الإشاعات حوله انسحاب المرشح :

وهو السلاح الذى استخدم ضد معظم المرشحين ويتم عبر بيان يتم توزيعه ليلة الانتخابات ويفاجأ المرشح والناخبون بتلك البيانات الكاذبة ، ويستغرق محاولة إصلاح ما فعله البيان الذى تم توزيعه بكثافة فى دوائر المرشحين الإسلاميين واقناع الناخبين بعدم انسحاب المرشح وقتا وجهادا كبيرا من المرشح ومديرى دعايته .

كما حدث مع د. أبو العلا قرنى بالحوامدية حيث تم توزيع بيان ليلة الانتخاب واخر ليلة الإعادة حول انسحاب المرشح من الانتخابات .

كما تم توزيع بيان ليلة ويوم الانتخاب يفيد تنازل الدكتور حازم فاروق (دائرة الساحل ) - الممارسات السابقة جعلت المستشار الهضيى يؤكد :أن هدف هذه الحملة هو شل حركة المرشحين الإسلاميين ومنعهم من حقهم فى الاستعانة التى لابد منها بأعوان لهم "

وقال فى تصريحات صحفية أن السلطة فى مصر ترى أنها صاحبة الرأى الأول والأخير فى كل أمر من الأمور ، أما موضوع الانتخابات وتشكيل مجلس نيابى فهذه أمور للتجمل ليس إلا"

وحول جدوى المشاركة رغم هذه الصورة القاتمة يقول الهضيبي أن "المشاركة هى الصورة الوحيدة لمحاولة وقف تمادى الباطل وحث الناس على التصدى لهذا الانحراف بالسلطة - الذى لا يستمر ولا يتواصل إلا بتراخيهم واستكانتهم ولكنه يزول فورا إذا رفضوا الرضوخ ورفضوا قبول الباطل وأصروا على حقوقهم وكرامتهم ، وهذا هو الركن الأساسى لصلاح حال البلد وأن تقوم نهضة الأمة" فى هذه الأجواء المفروضة ورد السلطة العنيف على قرار الإخوان بالترشيح فى الانتخابات خاض مرشحو الإخوان الانتخابات البرلمانية لعام 2000 بحوالى 75 مرشحا شاركوا فى مراحل العملية الانتخابية الثلاث .


الفصل الثالث : العملية الانتخابية

قد يكون هذا الفصل ذا أهمية خاصة حيث يتناول وقائع العملية الانتخابية بمراحلها الثلاث واستراتيجية الإخوان للانتشار والاتصال بالناخبين واستراتيجية الأمن المضادة لمنع كل ذلك ووأد أى فرصة للفوز وما ترتب على ذلك من نجاح جزئى لكل منهما فى تحقيق هدفه ف الإخوان فازوا بـ 17 مقعدا من إجمالى75 مرشحا والأمن نجح باتباع كل السبل فى الحيلولة دون نجاح عدد أكبر من المرشحين - كانت احتمالات فوزهم كانت كبيرة - وإن كانت مكاسب الإخوان والتجربة . السياسية التى خاضوها بصفة عامة أكبر بكثير .

وخلال كتابتنا لهذا الفصل رأينا من الأفضل أن نتبع طريق تلتزم :

إفراد مبحث خاص لكل مرحلة من المراحل الثلاث مع التركيز على النقاط والمحاور الهامة خلال تلك المرحلة مع تعميمها على المراحل الأخرى دون التقيد بالمرحلة مثل ترشيح الإخوان للمرأة : والذى امتد تأثيرا طوال المراحل التاليه ومازالت ممتدة بعد الانتخابات لمراحل تالية) أو تأييدهم لمرشحين أقباط (كما حدث فى المرحلة الثالثة بوجه خاص )

وهذه تعتبر الأفضل لأنها تعطى صورة شاملة مفصلة من العملية الانتخابية وقد تم تقسيم الفصل لمباحث أربعة :

الأول : مقدمة عامة عن الانتخابات .

الثاني : انتخابات المرحلة الأولى .

الثالث انتخابات المرحلة الثانية .

الرابع : انتخابات المرحلة الثالثة .


المبجث الأول: العملية الانتخابية ومأزق تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا

صدر حكم المحكمة الدستورية العليا فى 8 يوليو 2000 والذى ألزم الحكومة بإشراف القضاء على الانتخابات إشرافا كاملا وألا يقتصر على اللجان العامة فقط بل يمتد إلى كل اللجان الفرعية ولكن الحكم لم يلزم الحكومة - السلطه التنفيذية - فى ذات الوقت بأن تجرى الانتخابات على مرحلة واحده نظرا لنقص عدد القضاة وعدم إمكانية وجود العدد الذى يكفى للإشراف على كل اللجان الانتخابية الفرعية والتى يبلغ عددها حوالى 15243 لجنة فرعية تقريبا .

هذا الحكم وضع الحكومة فى مأزق فعلى حيث اضطرها إلى إجراء انتخابات ستخلو على الأقل من أحد مراحل التزوير وعدم النزاهة وهى مرحلة التسويد داخل اللجان أو التصويت لأشخاص لم يحضروا لصالح مرشحى الوطنى (وإن كان الإشراف لم يكن كاملا على العملية الانتخابية بدءا من إعداد الكشوف وتسليمها للمرشحين وتقسيم اللجان أو بسبب اللجوء إلى الاستعانة فى الإشراف على الانتخابات بهيئات غير قضائية مثل النيابه الإدارية وهيئة قضايا الدولة)

وأعلنت وزارة الداخلية قبل الانتخابات بفترة أن العملية الانتخابية ستجرى على مراحل ثلاث بحيث تشمل كل مرحلة جولتين إحداهما للانتخابات والأخرى للإعادة) وتم تقسيم المراحل الثلاث كما يلى :

المرحلة الأولى : الانتخابات 18/ 10/ 2000 م

الاعادة 24/10/ 2000 م

وأجريت فى 9 محافظات هى : الإسكندرية . البحيرة - المنوفية - بور سعيد - الإسماعيلية - السويس - الفيوم - سوهاج -قنا فى 75 دائرة للتنافس على 150 مقعدا .

المرحلة الثانية : الانتخابات 29/10/2000 م

الإعادة 4/11/2000 م

وأجريت فى 9 محافظات هى : الدقهلية - الغربية - كفر الشيخ - الشرقية - دمياط - جنوب سيناء - شمال سيناء - البحر الأحمر - أسوان فى 67 دائرة للتنافس على 134 مقعدا .

المرحلة الثالثة : الانتخابات 11/8/ 2000 م

الإعادة 14/11/2000 م

وأجريت فى 7 محافظات هى : البحيرة:تصنيف:إخوان البحيرة| - القليوبية - بنى سويف - المنيا - أسيوط - مرسى مطروح . الوادى الجديد ، القاهره فى 80 دائرة للتنافس على165 مقعدا .

وبلغ إجمالى المرشحين 4259 مرشحا تقلص إلى 3957 مرشحا بسبب الطعون منهم 444 مرشحا للحزب الوطنى تقلص أيضا بسبب الطعون ثم تم تعويضه من المستقلين فأصبح العدد 444 نائبا بنسبة 4 ،10 % من المرشحين .

و 428 مرشحا للمعارضة بنسبة 1 ، 0 1 % منهم 273 مرشحا لحزب الوفد ( 2 ،6 % )

(58 1 فئات و 11 عمال وفلاحين و11 قبطيا و 8 سيدات ) و 56مرشحا من حزب التجمع .

30 مرشحا من الحزب الناصرى .

22 مرشحا من حزب الأحرار .

20 مرشحا من حزب العمل .

والباقى من بقية الأحزاب .

كما شارك فى الانتخابات 3378 مستقلا تقلص عددهم بعد التنازلات والطعون والمنضمين للحزب الوطنى بعد قبول الطعن فى بعض مرشحيه (منهم المستقل المنشق عن الحزب الوطنى وانضم للحزب بعد فوزه وبلغ عددهم بعد التنازلات والطعون 1160 مرشحا ومنهم المستقلون فعلا ومن باقى التيارات عدا الاخوان وبلغ عددهم 1454 مرشحا إضافة إلى75 مرشحا مستقلا ينتمون إلى الإخوان ) وخاص فى الانتخابات كذلك حوالى 74 مرشحا قبطيا على قوائم الأحزاب أو مستقلين ( 11 وفد ، 7 تجمع ، 3 وطنى ، 53 مستقل ) كما خاضتها 9 0 1 مرشحة أيضا (86) مستقلا (23 حزبية) بتشجيع من المجلس القومى للمرأة . خاض الإخوان ب 74 مرشحا للمراحل الثلاث تناول منهم حاولى 5 مرشحين لظروف مختلفة خاصة بكل مرشح منهم ، وإن كانت كلها ذات صلة وثيقة بالضغوط والتهديدات والإجراءات الأمنية ، مثلما حدث مع مرشح الإخوان فى بركة السبع منوفية والمرشح الآخر فى الدقهلية .

وقد خاض المرحلة الأولى 22 مرشحا تنازل منهم مرشحان .

كما خاض المرحلة الثانية 27 مرشحا تنازل منهم مرشحان .

وأيضا خاض المرحلة الثالثة 24 مرشحا تنازل منهم مرشح واحد .


المبحث الثانى انتخابات المرحلة الأولى

انتخابات المرحلة الأولى فى 18/ 10/ 2000 م فى محافظات الإسكندرية و البحيرة و المنوفية و بورسعيد و الإسماعيلية و السويس ، و الفيوم و سوهاج وقنا لاختيار 150 نائبا من 75 دائرة موزعة على 5137 لجنة فرعية وقد تنافس فى تلك الجولة 1265 مرشحا منهم 150 مرشحا للحزب الوطنى و 8 للوفد و 28 من باقى أحزاب المعارضة و 543 مرشحا مستقلا على مبادئ الوطني والباقى مستقلون . كما شارك الإخوان فى تلك المرحلة بـ 22 مرشحا فى 18 دائرة تنازل منهم مرشحان هما ( محمد كمال الميت - إيتاى البارود – البحيرة ) بسبب تغيير صفته والشيخ عبد العزيز عشرى ( الفيوم ) تنازل تكتيكيا كان السبب الظاهر تغيير صفته من عمال إلى فئات والضغوط الأمنية الشديدة عليه وعلى أسرته ومؤيديه ، والسبب الفعلى لوجود مرشح سرى للإخوان فى نفس الدائرة فئات ونجح بعد ذلك وهو الأستاذ مصطفى عوض الله .

والعشرون المرشحون :

6 ب المنوفية وهم : الحاج فرج النجار (عمال - شبين الكوم ) دخل الإعادة وتم ممارسة تضييق شديد ضده وصل إلى حد حصار بلدة ميت خاقان ومنع المواطنين من التصويت وحصار اللجان ومنع المواطنين من دخولها .

فلم يوفق فيها ، و على محمود إسماعيل (فئات - الشهداء) ود. حمزة موسى دياب (فئات بركة السبع ) و خالد عبد العاطى (خالد الدمهوجى (فئات شما) و عبد الفتاح محمود عيد (عامل - - منوف ) ومهندس أشرف بدر الدين (فئات - أشمون ) دخل الإعادة و لم يوفق فيها بسبب ممارسات الأمن ضد الناخبين .

6 مرشحين ب البحيرة (بعد تنازل كمال الميت وهم : صلاح أبو الفصل (عمال - ادكو) ود. محمد جمال حشمت (فئات دمنهور) دخل الاعادة ثم نجح و م . زكريا الجناينى (فئات - كفر الدوار) دخل الاعادة ولكنه لم يوفق ود . أحمد إبراهيم أبو بركة (فئات كوم حماده ) و عبد الوهاب الديب (عمال - أبو المطامير) دخل الاعادة ولكنه لم لوفق .

6 مرشحين فى الإسكندرية وهم مصطفى محمد مصطفى (عمال - المنتزه ) دخل الإعادة ثم نجح و اثنين فى الرمل المحمدى سيد أحمد (عمال ) و جيهان الحلفاوى (فئات ) نجحا فى دخول الإعادة وتم تجميد الوضع فى الدائرة و لم تجرى انتخابات الإعادة حتى كتابة السطور و على عبد الفتاح (فئات سيدى جابر) ومرشحى دائرة مينا البصل ود. حمدى حسن (فئات ) و حسين محمد إبراهيم (عمال ونجحا من الجولة ا لأولى .

مرشح واحد فى بور سعيد هو د. أكرم الشاعر (فئات - العرب والضواحي) دخل الإعادة ثم نجح ومرشح فى سوهاج د. عوض قاسم أبو الخير ومرشحين فى الفيوم انسحب أحدهما وهو الشيخ عبد العزيز عشرى بعد تحويل صفته للفئات والمرشح السرى مصطفى عوض الله دخل الإعادة ثم نجح . كانت تلك المرحلة بمثابة اختبار لمدى نزاهة العملية الانتخابية وإشراف القضاء على الانتخابات وكيفية تعامل الإخوان والشرطة مع ذلك الإشراف سواء للحصول على نسبة جيدة من المقاعد (وذلك بالنسبة للإخوان ) أو للبحث فى اتباع كل السبل للعمل على منع الإخوان من الوصول للبرلمان وذلك بالنسبة للأمن .

وبالفعل شهدت الانتخابات قدرا كبيرا من التراهة داخل اللجان (التى اقتصر إشراف القضاء على داخلها فقط ) بينما شهدت حربا مفتعلة من الأمن خارجها لمنع الناخبين من الادلاء بأصواتهم خوفا من تصويتهم لصالح مرشحى الإخوان وهو ما حدث بصفة سافرة فى دوائر أشمون وشبين الكوم ( المنوفية ) ودمنهور وأبو المطامير (بحيرة) والعرب والضواحى ( بور سعيد ) مما أدى إلى منع عدد من الاخوان من الفوز وكانوا جديرين به ، أو تعطيل إجراء الانتخابات وتجميدها حتى الآن كما حدث فى دائرة الرمل وقد اتبع الأمن عددا من الأساليب لمنع الناخبين من الادلاء بأصواتهم منها :

ا - تعطيل عملية الادلاء بالأصوات داخل اللجان ومن ثم السماح لعدد قليل فقط للتصويت وهو ما حدث فى كل اللجان تقريبا .

2- وفى حالة الإقبال الشديد والتزاحم يتم الاحتكاك بالناخبين سواء بالمنع أو العنف ضدهم أو استخدام الخارجين عن القانون (البلطجية والبلطجيات )

3 - طرد ومنع المرشحين ومندوبيهم من دخول اللجان .

4 - إمكانية تصاعد عنف الأمن ضد الناخبين وصولا لاستخدام الرصاص الحى والقنابل المسيلة للدموع .

حصار القرى والأحياء ومنع المواطنين من التوجه إلى صناديق التصويت مثلما حدث فى ميت خاقان . وقد اتبعت كل الأساليب السابقة فى معظم الدوائر التى ترشح فيها الإسلاميين ولكن ما حدث فى الشهداء كان الأشد.

حصار أشمون

شهدت المنوفية بصفة عامة والدوائر التى خاض فيها الإسلاميون بصفة خاصة (شبين الكوم - أشمون - الشهداء . بركة السبع - شما - منوف ) تجاوزات أمنية خطيرة تعدت المرشحين ومؤيديهم إلى مجمل الناخبين لتحقيق هدف واحد هو منع الناخبين من الوصول إلى اللجان خوفا من التصويت للمرشحين الاسلاميين .


ولكن ما حدث فى شبين الكوم وأشمون وهما الدائرتان اللتان نجح مرشحا الإخوان فى دخول مرحلة الإعادة وهما الحاج فرج النجار عمال شبين ، مهندس أشرف بدر الدين فئات أشمون ) ، خاصة فى مرحلة الإعادة يفوق الوصف .

بدأت الأحداث قبل الانتخابات مباشرة فى 18/10/ 2000 التى يتمتع فيها المرشح الإسلامى بتأييد كبير لمنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم وحينما تدخل المرشح وموكلوه للسماح للناخبين بالتصويت تم الاعتداء عليهما .

فبعد انتشار الأمن فى قرى ومدن أشمون "أوقف المقدم إبراهيم نوفل - نائب مأمور مركز أشمون - والمقدم طارق الباز - رئيس مباحث أشمون - المهندس أشرف بدر الدين مرشح التيار الاسلامى ومحاميه الخاص وأمر العساكر بأن ينهالوا عليهما ضربا بالعصى مما أفقدهما الوعى وتم نقلهما إلى مستشفى اشمون المركزى وتم إثبات الحالة الطبية فى محضر مع تحرير بلاغ للنيابة كما أرسل المحامى علام حلمى تلغراف للمستشار هلال حميدة - رئيس اللجنة الانتخابية بأشمون - يخبره فيها بالواقعة ، وتم اعتقال عدد كبير من الناخبين من أمام أبواب اللجان مثل محمد فؤاد شعيب (مدرس ، و إبراهيم التريسى (طبيب ) و راشد السيد راشد (محاسب ) وزوجته و محمد زلابية (محاسب ) و كامل هويدى (طالب )

وفى الوقت الذى ألقت فيه قوات الأمن القبض على الناخبين أفرجت عن العشرات من البلطجية والمسجلين خطر لإرهاب المرشحين والناخبين .

وندد المرشح أشرف بدر الدين بالمضايقات التى مورست ضده وسرقة تليفونه المحمول ومنعه من دخول اللجان وذكر أن بعض الضباط أخبروه أن هذه تعليمات اللواء أسامة عبد الغفور نائب مدير أمن المنوفية كما لم يسمح لبدر الدين بعمل دعاية انتخابية أو القيام بجولات وحين قام بواحدة فى كفر الفرعونية تم اعتقال 5 من أنصاره واقتحام أكثر من 50 متزلا ليلا وتهديد الأهالى بعدم انتخاب المهندس اشرف بدر الدين .

وبالرغم من تلك الإجراء ات نجح المهندس اشرف بدر الدين فى دخول الإعادة وهى التى شهدت بالفعل الصدام العنيف بين الأمن والناخبين والتى أدت إلى مقتل مواطن وإصابة العشرات وفرض حظر التجول على المدينة .

وبدأت الأحداث تتوالى كما يلى :

"اقتحمت سيارات الأمن المركزى مدينة أشمون عقب صلاة الجمعة قبل الإعادة بثلاثة أيام - وقامت بالقبض عشوائيا على عدد كبير من المواطنين كما تم تحديد أنصار المرشح المهندس اشرف لإجباره على عدم التوجه إلى لجان انتخابات الإعادة وأحيل المقبوض عليهم إلى النيابة وقررت الإفراج عنهم جميعا دون العرض عليها وقد رفضت أجهزة الأمن تنفيذ قرارات الإفراج وواصلت احتجاز المواطنين لحير انتهاء انتخابات الإعادة.

فى ظل هذا الجو المشحون الذى استمر طوال الفترة بين الجولة الأولى والإعادة وحملات اعتقال المصلين من المساجد جرت انتخابات الإعادة والتى بدأت بحصار الأمن للدائره وتحذيره للناخبين الخروج من منازلهم وقامت بإلقاء القبض على 27 مواطنا بقرى الخور وشعاع وطليا وهددت باعتقال اخرين من أنصار المهندس أشرف بدر الدين مما اضطر الأهالى إلى النوم فى الحقول وهرعت النساء والأطفال خارج المنازل خوفا من بطش رجال الأمن .

وتحولت اشمون إلى ثكنة عسكرية وعندما حاول الناخبون الذهاب إلى لجان الانتخاب للإدلاء بأصواتهم بدأ احتكاك الأمن بهم الذى قام بالاعتداء على الناخبين ومنعهم من التصويت وبدأوا يهتفون (الصحافة فين . . اليهود أهم ) ووصلت المطاردة حتى مزلقان السكة الحديد وبدأ الأمن يضرب المواطنين بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحى وحاصرت المدرعات المدينة وقامت طائرات الهليكوبتر بالطواف فوق المدينة أ واستخدم المواطنون الحجارة للرد على ضربات الأمن لهم ولكن أسفرت المعركة غير المتكافئة عن استشهاد جمال عبد ا لعال (مدرس ) الذى فشلت سيارة الإسعاف فى حمله ، وإصابة العشرات من المواطنين بإصابات مختلفة.

وقامت الشرطة بالاعتداء على الصحفيين والمراسلين الأجانب الموجودين لتغطية الانتخابات فى الدائرة والغريب حقا أن وزارة الداخلية أصدرت بيانا حملت فيه المرشح الاسلامى وأنصاره مسئولية أحداث العنف.

واتهم وزيرا الداخلية المرشح بإثارة المرتبطين به وتحريضهم على التجمع وإشعال إطارات الكاوتشوك على شريط السكة الحديد وقذف اللجنة الانتخابية بالمنطقة بالحجارة وبالتالى ارتكاب جرائم تعطيل المواصلات العامة وتعويق مسار العملية الانتخابية وتهديد أمن وسكينة المواطنين . ورد المهندس أشرف بدر الدين ببيان تفصيلى حول أحداث أشمون ومسئولية الأمن فى إشعالها وقتل مواطن وإصابة العشرات الاخرين دون ذنب وما حدث فى أشمون تكرر فى عدد من دوائر المرحلة الأولى وازدادت شراسته فى الإعادة خاصة دوائر شبين الكوم (الحاج فرج النجار عمال ) ودائرة العرب والضواحى (د. أكرم الشاعر ) ودائرة أبو المطامير (عبد الوهاب الديب ) ونجحت تلك الإجراء ات بالفعل فى منع الناخبين من التصويت وتفويت الفرصة على معظم المرشحين الاسلاميين للفوز ولكنها فشلت فى وأد التجربة تماما حيث نجح فى تلك ا لمرحلة :

1- د. حمدى حسن على : دائرة مينا البصل - فئات ، ونجح من الجولة الأولى .

2 - الأستاذ حسين محمد : مينا البصل -عمال -نجح من الجولة الأولى .

3 - الأستاذ مصطفى محمد مصطفى : المنتزه - عمال - نجح فى الإعادة

4 - د. محمد جمال حشمت : بندر دمنهور - فئات - نجح فى الاعادة .

5 - د. أكرم الشاعر : العرب والضواحى - فئات - نجح فى الإعادة .

6 - الأستاذ مصطفى عوض الله : الفيوم - فئات نجح فى الإعادة .

إضافة لدائرة الرمل التى بها مرشحان يدخلان الإعادة وهما د . جيهان الحلفاوى (فئات ) و المحمدى سيد أحمد (عمال ) وترفض الداخلية حتى الآن إجراء الانتخابات فيها خوفا من فوز الإخوان . بمقعدين إضافيين .

وقد شهدت دائرة الرمل ( الإسكندرية ) حدثين جعلاها محور الاهتمام المحلى والعالى أثناء الانتخابات :

أولهما : ترشيح الاخوان المسلمين رسميا لسيدة فى الانتخابات البرلمانية لأول مرة فى تاريخ الجماعة.

ثانيهما : تعطيل الأمن لإجراء انتخابات الإعادة فيها حتى الآن خاصة بعد دخول مرشحى الإخوان الإعادة د . جيهان الحلفاوى (فئات ) و المحمدى سيد أحمد (عمال )

أولا : ترشيح السيدة جيهان الحلفاوى :

خاض الانتخابات 9 5 1 مرشحة منهن 23 على قوائم الأحزاب (11 للوطنى و 8 للوفد و 4 للتجمع إضافة لمرشحة الإخوان السيدة جيهان الحلفاوى ) والباقيات خضنها مستقلات ، فاز منهم 7 سيدات وهن : (عواطف كحك - الفيوم ، ناريمان الدرملى - سوهاج ، وزينب الفايزى - بنى سويف ، عزة الكاشف - دمياط ، و فايدة كامل - الخليفة ، و فايزة كامل - المنيا ، ود . آمال عثمان - الدقى) وإن كانت لكل واحدة منهن الظروف التى ساعدتها على النجاح إلا أن الدور الأكبر فى نجاح أغلبهن إنما يرجع للأمن وأساليبه ، كما أن الظاهرة الأهم هى السيدة جيهان الحلفاوى مرشحة الاخوان من حيث أسباب ترشيح الإخوان لها وإدارتها للعملية الانتخابية وموقف الجهات الرسمية (خاصة المجلس القومى للمرأة) الذى يفترض أن يساعد المرشحة (حسب قرار اتخذه بمساعدة المرشحات فى الانتخابات دون نص على استبعاد إحداثهن ) أيا كان اتجاهها .

أ - موقف الإخوان من ترشيح المرأة :

لم يكن ترشيح الإخوان للسيدة جيهان الحلفاوى مفاجأة للمهتمين بالشأن الإسلامى خاصة وأخبار وشئون الإخوان المسلمين التى أصدرت فى مارس 1994 ورقة بعنوان "المرأة المسلمة فى المجتمع المسلم " أبدت فيها المشاركة السياسية للمرأة سواء بالتصويت أو الترشيح للمجالس النيابية وما ماثلها حيث "ترى الجماعة أن ليس فى النصوص المعتمدة ما يمنع من ذلك أيضا وما أسلفناه من نصوص تؤيد مشاركتها فى الانتخابات ينطبق على انتخابها عضوا ".

وفندت الجماعة الأسباب التى يوردها المعارضون لأحقية المرأة فى ترشيح نفسها للانتخابات البرلمانية مؤكدة أنه يجب "التفرقة بين أن يكون للإنسان حق وبين كيفية استعمال هذا الحق وشروط ذلك والظروف المناسبة لاستعمال هذا الحق ، .مما لا يؤدى إلى الخروج أو الإخلال بقواعد أخلاقية وردت بها النصوص ويجب الالتزام بها".

وأيدت الجماعة بالفعل فى انتخابات 1987 بعض المرشحات (حيث خاضت بعضهن على قوائم التحالف الإسلامى).

"وما كان يعيق ترشيح الإخوان لسيدة رسميا فى أى انتخابات ماضية هو الظروف الأمنية بالمقام الأول يليها الظروف الاجتماعية ومع تغير الظروف وإبداء السيدة جيهان الحلفاوى رغبتها فى الترشيح أيدتها الجماعة رسميا سواء بتبنى الجماعة لترشيحها أو الاتصال بعض رموز الجماعة والمفكرين والدعاة الاسلاميين بها وتأييدهم لترشيحها وعرضهم المساعدة".

والغريب حقا أن دعاة تحرير المرأة والذين يتخذون قضيتها مطية لمهاجمة الحركة الإسلامية اتخذوا موقفين متناقضين من ترشيح السيدة جيهان الحلفاوى :

الأول : هو تأويل ذلك الترشيح على أنه أحد حيل جماعة الإخوان للظهور بمظهر عدم اضطهاد المرأ ه . الثانى : هو التجاهل التام لترشيح السيد جيهان الحلفاوى وعدم مناصرتها كما تم مناصرة مرشحات أخريات لم ينالوا حظ دخول حتى مرحلة الإعادة وفشلوا من الجولة الأولى رغم الدعم الحكومى والإعلامى لهن رغم خوض بعضهن الانتخابات على قوائم أحزاب المعارضة ( وعندما تعرضت الصحف - خاصة القومية - لترشيح السيدة جيهان الحلفاوى وضح التحيز التام ضدها ، ففى صفحة خاصة أفردتها جريدة أخبار اليوم عن المرشحات لوحظ أن ما تم تخصيصه للمرشحة الإسلامية كان فى ذيل الصفحة وصورتها جانبية وليست واضحة عكس كل المرشحات واختير لها عنوان استهزائي نصه : (مرشحة التيار الإسلامى تطالب بأماكن للمرأة داخل المواصلات العامة)" بل وفى نفس العدد أشارت الجريدة إلى حبس الدكتور إبراهيم الزعفرانى دون تعريف القارئ بكونه أمين عام أطباء الإسكندرية ) لقيامه بتزعم مسيرة من 60 شخصا لتأييد زوجته المرشحة وأشارت إلى رفض طلبه بالترشيح بسبب وجود حكم قضائى سابق ضده (ولم يشيروا أنها كانت قضية عسكرية سياسية لانتمائه ل جماعة الاخوان وليس لأسباب أخرى قد يظنها القارئ سببا لمنعه من الترشيح )

فالمرشحة تجاهلها الإعلام تماما بل ومارس ضدها نوعا من التحيز والتحامل وكأن تحرير المرأة فقط للعلمانيين وبالطريقة التى يراها العلمانيون وليست بالطريقة التى يراها الإسلاميون فى إطار التعاليم الإسلامية العامة ومما لا يناقض القيم والأصالة والهوية.

فالإعلام لا يريد نموذجا للمرأة الاسلامية التى تشتغل بالعمل العام فى إطار التزامها ولكنه يريد فقط نموذج للمرأة المتغربة.

معضلة الرمل :

خالفت وزارة الداخلية أحكام القضاء كثيرا فى تلك الانتخابات والرمل أحد تلك الدوائر التى تقدم نموذجا صارخا لذلك ، فبعد اعتقال الداخلية لمندوبى المرشحة الإسلامية جيهان الحلفاوى قامت برفع قضية مستعجلة أمام القضاء الإدارى بوقف الانتخابات فى دائرة الرمل المقرر لها18/10/2000م لعدم تكافؤ الفرص بعد اعتقال مندوبيها ، وبالفعل أصدر القضاء الإدارى حكما بوقف انتخابات الرمل .

و لم تنفذ الداخلية الحكم وأجرت الانتخابات على أساس أنها فرصة لإسقاط المرشحة لعدم وجود مندوبين لها وكى ينجح مرشحا الحكومة ويصبح مجلس الشعب بعد ذلك سيد قراره فى الفصل فى عضويتهم . ولكن النتائج جاءت عكس ذلك ، فقد حصلت السيدة جيهان الحلفاوى على أعلى الأصوات ودخلت الإعادة مع ثلاثه من العمال أحدهم المرشح الإسلامى المحمدى سيد واثنين اخرين من العمال أحدهما مستقل (صلاح عيسى) والاخر وطنى ( جمعة الغرباوى )

فقررت الداخلية العودة لحكم القضاء وألغت انتخابات الدائرة ورفضت أن تجرى انتخابات الإعادة فقامت المرشحة برفع دعوى أخرى لإجراء انتخابات الإعادة والتنازل عن دعواها الأولى بوقف الانتخابات وحكم القضاء الادارى لها و لم تنفذ الداخلية الحكم حتى الآن وأصبحت الرمل هى الدائرة الوحيدة فى مصر غير الممثلة داخل مجلس الشعب - بسبب وزارة الداخلية وخوفها من إمكانية نجاح مرشحى الإخوان فى الدائرة وإضافة نائبين لرصيد الاخوان المكون من نوابهم السبع عشر الحاليين .

المبحث الثالث: انتخابات المرحلة الثانية

(الإسلاميون وخطوات أكبر نحو البرلمان )

مثلت انتخابالات المرحلة الثانية المشاركة الأكبر للإخوان والمواجهة الأشد من قبل أجهزة الأمن لهم ولمؤيديهم ولمجموع الناخبين ، فانتخابات تلك المرحلة شهدت مشاركة للإخوان بلغت (25 مرشحا بعد تنازل اثنين من الدقهلية ) وفى محافظات ذات تواجد تاريخى للحركة فيها :

لقد أجريت الانتخابات يوم 29/10/ 2000 وكانت الاعادة فى 4/11/ 2000 م فى محافظات الدقهلية - الغربية - و كفر الشيخ - و الشرقية - و دمياط - جنوب سيناء - شمال سيناء - البحر الأحمر - أسوان فى 67 لجنة عامة لاختيار 4 3 1 نائبا من بين 5 63 1 مرشحا منهم 4 3 1 مرشحا للحزب الوطنى (تنازل منهم 9 مرشحين بسبب تغيير الصفة أو ازدواج الجنسية وتم تعويضهم من المستقلين ) و 1114 مستقلا (منهم 25 مرشحا من الإخوان ، وإضافى إلى 54مرشحا للوفد ( أقل المراحل ترشيحا للحزب ، و 16 للتجمع و11 للناصرى و11 للعمل و10اللأحرار و 6 من الأحزاب الصغيرة الباقية)

وتكرر أيضا سيناريو البطش الأمنى فى المرحلة الأولى مع مرشحى الإخوان فى المرحلة الثانية ، ولكن بصورة أشد وأوسع نطاقا ، ورغم ذلك كانت نتائج الإخوان فى تلك المرحلة كبيرة بقدر مشاركتهم الكبيرة حيث نجح 14 مرشحا منهم فى دخول معركة الاعادة ( 3 من 5 فى الدقهلية وهم الحاج صابر زاهر و على زين العابدين المحامى و شفيالسيد حزين وق الديب ) و 4 من 8 فى الشرقية وهم (د. محمد مرسى ، ود. أمير بسام ، والمهندس د . السيد عبد الحميد ) ومرشحا دمياط الاثنين وهما (مهندس صابر عبد الصادق ، والأستاذ محمد الفلاحجى ) وخمسة من 10 فى الغربية وهم ( محفوظ حلمى ، و حسنين الشورة ، و محمد العادلى ، و محمد العزباوى ، و على لبن ) نجح 9 منهم فى الفوز فى مرحلة الإعادة وهم :

ا - د. محمد مرسى - الزقازيق - فئات .

2- المهندس السيد حزين - أبو حماد - فئات .

3- الدكتور السيد عبد الحميد - أبو كبير - فئات .

4 - م . صابر عبد الصادق مركز دمياط - فئات .

5- الأستاذ محفوظ حلمى - المحلة - عمال .

6- الأستاذ حسنين الشورة - كفر الزيات - عمال .

7- الأستاذ محمد العادلى - بشبيش - عمال .

8- الأستاذ محمد العزباوى - طنطا - فئات .

9- الأستاذ على لبن - قطور - عمال .

وتمثلت أساليب الأمن فى التعامل مع تلك المرحلة بجولتيها الأولى والثانية فى أتباعه عددا من الوسائل منها:

أ - منع الناخبين من التصويت :

مثلما حدث فى دائرة الزقازيق حيث قامت قوات الأمن بإلقاء القبض على أنصار د. محمد مرسى وحصار القرى التى اعتبرها الأمن مؤيدة له مثل كفر موسى وقرية رزنة وغيرها من اللجان ، وفى دائرة الزرقا ب دمياط جرى اعتقال أنصار محمد الفلاحجى ، فاعتقل 25 فردا من قرية المياسرة ليلة الانتخابات وتم حصار قرية دقهلة بـ 4 سيارات أمن وهو ما تكرر فى دائرة أتميدة فى الدقهليه (شفيق الديب - عمال ) خاصة قرية كوم النور بلد المرشح حيث يبلغ عدد أصواتها 14 ألف صوت ، الأمر الذى أدى إلى قيام أحد الضباط بالتاكيد على أن لديه أوامر مباشرة للضرب فى المليان لمنع فوز المرشح الإسلامى فى ظل تحول القرية إلى مركز لمصفحات الأمن المركزى وسيارات الاسعاف التى تم تجهيزها من الصباح الباكر للاستعداد لاستقبال الضحايا وقامت قوات الأمن بمنع الأهالى من التصويت وطردهم من أمام اللجان والسماح لناخب كل نصف ساعة للإدلاء بصوته . وبلغ عدد سيارات الأمن المركزى فى الدائرة حوالى 10 سيارات وه سيارات مصفحة وسيارتا قوات خاصة و5 6 ضابط شرطة و5 2 مخبرا أسفرت عن احتكاكات بالناخبين واستخدام القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم ومنعهم من الإدلاء بأصواتهم .

وفى السنبلاوين تعرض المرشح الإسلامى على زين العابدين لممارسات غريبة خلال الجولة الأولى والثانية حيث حاصرت قوات الأمن لجان بندر السنبلاوين ومنعت دخول الناخبين عدا من يحمل كارنيه الحزب الوطنى وبالرغم من ذلك دخل المرشح الاسلامى الانتخابات فى جولة الإعادة وتدخلت قوات الأمن فحاصرت المرشح نفسه فى متزله ومنعته من الخروج يوم الانتخابات كما منعوه من إعطاء توكيلات للمحامين وعندما حاول الناخبون الادلاء بأصواتهم تم استخدام الرصاص الحى والقنابل المسيلة للدموع معهم . وفى دائرة كفر صقر يقول الشيخ ماهر عقل إن "الرئيس مبارك انحاز للشعب والقضاء انحاز للحق والشرطة انحازت للبلطجة والارهاب لمرشح الحزب الوطنى ومن يؤيدونه ، فقد تدخل الأمن واحتجز فى قرى الصوفية وناطورة وبعض القرى المؤيدة للحزب الصناديق إلى الساعات الأولى من اليوم التالى (صباح الاثنين ) حيث جاءت الصناديق المؤيدة للحزب من تلك القرى مملوءة ومتوسط الأصوات فيها من 1500 إلى2000 صوت كلها ذهبت لمرشح الحزب ، بينما كان متوسط التصويت فى اللجان الأخرى التى بها أصوات مؤيدى المرشح الإسلامى من 400 إلى 700 صوت بينما كان عدد أصوات اللجنة الواحدة يزيد عن 2500 صوت ، احتشد معظمهم للتصويت ولكن الأمن منعهم وظل بعضهم ينتظر ساعات كاملة للدخول للتصويت و لم يتمكن بسبب تضييق الشرطة وعندما دخلت إلى القاضى لأشكو له ذلك أمر بدخولى الناخبين على دفعات (15 ناخبين فى كل دفعة) إلا أن الضابط لم يسمح إلا بدخول اثنين فقط بالرغم من وجود 4 ستائر باللجنة وهدد الضابط باعتقال كل من يؤيد أو سيقوم بالتصويت للشيخ ماهر من أمام اللجان واعتقل البعض بالفعل لإرهاب الباقين .

ووجه آخر من تضييق الأمن حدث مع الدكتور السيد عبد الحميد (أبو كبير - شرقية ) حيث قامت قوات الأمن ليلة انتخابات الإعادة (يوم الجمعة) بتوزيع بيان بعنوان (ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين ) ومرت سيارات الأمن بمكبرات صوت تدعو الناخبين للتصويت لاثنين من المرشحين العمال حتى لا ينجح المرشح الإسلامى (الإعادة فى الدائرة بين المرشح الاسلامى فئات وثلاثة عمال ) وقامت منذ الصباح الباكر بحشد قوات كثيفة من قوات الأمن حول اللجان لارهاب الناخبين ومنعهم من التصويت واعتقال كل من يشتبه فيه أنه من أنصار المرشح حتى بلغ عددهم فى الجولة الثانية 50معتقلا (منهم عمه المهندس محمد أمين على والسيدة ثريا الزنكلونى ) إضافة إلى 150 معتقلا من الجولة الأولى . وتم طرد الناخبين بصفة خاصة من اللجان التى حصل فيها المرشح على أغلبية فى الجولة الأولى وسحبت البطاقات الشخصية والانتخابية منهم لمنعهم من التصويت ".

ونفر السيناريو تكرر فى كل الدوائر التى شارك فيها الاسلاميون تقريبا ، إضافة للاستعانه بالخارجين عن القانون من الرجال والنساء للاحتكاك بالناخبين خاصة السيدات المحجبات ونزع خمرهن وقد تطور التعامل الأمنى مع الناخبين إلى حد المواجهة التى غالبا ما يستخدم فيها الناخبون الحجارة للدفاع عن أنفسهم فى مواجهة أسلحة الشرطة والقنابل المسيلة للدموع واعتقال الناخبين عشوائيا أو مؤيدى المرشح من أمام اللجان .

سندوج المحاصرة

قد يكون سيناريو القبضة الحديدية للأمن لمنع الناخبين من التصويت بكل السبل قد تكرر فى معظم الدوائر التى ترشح فيها إسلاميون ولكن ما تعرض له المرشح العمالى الحاج صابر زاهر فى دائرة بندر المنصورة يفوق الوصف خاصة قريته سندوب ، فقبل الانتخابات مباشرة تم اعتقال معظم أنصار وأقارب المرشح خاصة من قريته سندوب مثل زوج ابنته محمود ورجه ، ومحاولة اعتقال صهره عبد اللطيف زاهر والتهديد بخطف ابنه إسلام من المعهد الدينى وتهديد زوجته من وظيفتها وكيلة مدرسة سندوب الابتدائية إلى إدارة المطرية التعليمية ومحاصرة البيت بعدد من المخبرين وأمن الدولة لمنع اتصاله بالناخبين وإشاعة تنازله .

ثم جاء يوم الجولة الأولى الأحد 29/ 10/ 2000 م حيث فوجئ الناخبون بفرض طوق أمنى مكثف حول مدرسة سندوب (3 سيارات لورى أمن مركزى و 3 أتوبيسات مليئة بجنود الأمن المركزى وسياراتان بهما مجموعة من الخارجين عن القانون - بلطجية وبلطجيات - للاحتكاك بالناخبين والناخبات ، وقامت قوات الأمن باعتقال عدد من الناخبين ومندوبى المرشح من أمام اللجان ، وتطورت الأحداث سريعا فمع حصار الأمن للجان واستعانته بالبلطجية فى الاعتداء على الناخبين واحتشاد المئات منهم للإدلاء بأصواتهم لساعات عدة ومنعهم من التصويت أدى كل ذلك لخروج مسيرة من ثلاثة آلاف مواطن من أهالى سندوب وقاموا بالهتاف الإسلام هو الحل فقامت الشرطة بالاعتداء عليهم بالقنابل المسيلة للدموع وإطلاق الرصاص الحى ورد عليهم المواطنون بإشعال إطارات السيارات واعتراض أحد القطارات . فقامت قوات الأمن بقطع التيار الكهربائى عن البلدة واستدعاء قوات إضافية والقيام بعمليات اعتقال عشوائية فى القرية ومداهمة 30 مترلا ، مما أضطر المرشح لدعوة الناخبين من أهالى سندوب إلى ترك المكان حول اللجان حفاظا على أرواحهم .

وبالرغم من كل ذلك نجح المرشح فى دخول مرحلة الإعادة ضد منافسه مرشح الوطنى ممدوح فودة بالرغم من منع قريته من التصويت ، ولكن فى الاعادة قام الأمن بمحاصرة كل القرى التى أعطت نسبه كبيرة من الأصوات للمرشح الإسلامى مثال لجان جزيرة الورد الحديثة - قولونجيل – الساحة الشعبية - جاد الحق - نادى الشعب - نمرة الحياة - عمر بن الخطاب - خالد الطوخى - الإمام محمد عبده - الثانوية بنات - شرطة المنصورة - النهضة - سيدى سعد) إضافة للجان قرية سندوب بلد المرشح حيث تم نشر قوة أمنية كبيرة فى سندوب (سيارتا أمن مركزى مدرعة - 4 بوكس شرطة - سيارات ميكروباص محملة بالجنود والمخبرين ) وقام الأمن بسحب البطاقات الشخصية من المواطنين وإبلاغهم بعدم وجود انتخابات وأن من سيذهب للإدلاء بصوته فسوف يتم اعتقاله ، بل زار مدير أمن المحافظه القرية وصرخ فى الناس "على جثتى لو أحد أدلى بصوته " وبالفعل تم اعتقال 16 ناخبا توجهوا للإدلاء بأصواتهم فى سندوب وهدد أحد الضباط باعتقال القرية كلها وليس 16 فردا فقط لو خرج أحد للتصويت ولكن لم يستجب المواطنون للتهديد أيضا وتكررت نفس أحداث المرحلة الأولى، احتكاك الشرطه بالناخبين الذى تطور إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطى والاعتقالات العشوائية لتفريقهم ، وفى النهاية لم ينجح أحد من مرشحى الإخوان فى الدقهلية بصفة خاصة بسبب تلك الأحداث التى وصل إجمالى المعتقلين من المحافظة خلالها حوالى 700 معتقل منهم 77 معتقلا من سندوب وحدها سواء وقد جرى ذلك قبل وأثناء العملية الانتخابية.

مأساة دقهلية

وما حدث فى سندوب دقهلية تكرر فى الدائرتين اللتين خاض فيهما مرشحا التيار الإسلامى الانتخابات فى دمياط ( صابر عبد الصادق - فئات بندر دمياط ، و محمد الفلاحجى - عمال الزرقا) ولكن ما حدث فى الزرقا يمثل بالفعل مأساة تستحق أن تسجل وخاصة فى قرية المرشح (دقهلة) بدأ السيناريو المتكرر : اعتقالات فى قرية المرشح والقرى المحيطة بها لأنصاره ومؤيديه ومنعه من الدعاية بكل أشكالها (الملصقات - الجولات ) وتحويل الموظفين والمدرسين إلى أعمال إدارية أو إلى مناطق بعيدة ( 10 مدرسين من إدارة الزرقا التعليمية) واعتقال 25 فردا من قرية المياسرة .

وتم حصار قرية دقهلة فى الجولة الأولى بأربعة سيارات أمن مركزى وتطولق لجان القرية ( 5250صوت ) ومصادرة البطاقات الشخصية والانتخابية من الناخبين الذين خرجوا للتصويت وإغلاق مدرسة دقهلة الإعدادية أمام الناخبين ورغم كل ذلك استطاع الفلاحجى الحصول على 12774 صوتا مقابل المنافسة له عزة الكاشف التى حصلت على 8799 صوتا ودخلا جولة الإعادة وبدأ سيناريو العنف فى الجولة الثانيه حيث حاصرت قوات الأمن القرى التى أعطت أصواتها للفلاحجى فى الجولة الأولى كما تم محاصرة "قرية دقهله وفرض طوق أمنى حولها أمنيا وقطعت الطرق المؤدية من وإلى القرية وفصلتها عن القرى والمدن المجاورة وذلك فى محاولة لمنع الناخبين وأنصار الفلاحجى من الوصول إلى اللجان للإدلاء بأصواتهم كما تم إلقاء القبض على بعض المواطنين الذين حاولوا الاحتجاج على ممارسات الشرطة التى اعتدت على الناخبات وكبار السن الذين خرجوا للإدلاء بأصواتهم وعندما حاول المرشح ( الفلاحجى ) التدخل لفتح اللجان بقريته أمام الناخبين هدده الضباط الموجودين بضربه بالنار وبدأ الاحتكاك بين الشرطة والناخبين والتى تطورت إلى هتاف المواطنين ضد الشرطة بعد قيامها بضربهم بالرصاص الحى (اليهود أهم . . الصحافة فين ) وغيرها من الهتافات ووصلت سيارات إضافية من قوات الأمن المركزى لدعم القوات الموجودة فى القرية -حتى بلغت 35 سيارة ما بين أمن مركزى ومصفحات وسيارات إسعاف ) وبدأ إطلاق النار الحى والمطاطى والقنابل المسيلة للدموع والتى أسفرت عن مقتل الطفل هانى نعمان الصبوحى (12 سنة برصاصة فى رأسه ) وإصابة أكثر من 19 آخرين بجروح خطيرة ومتوسطة " ونجحت خطة الأمن حيث فازت مرشحه الوطنى عزة الكاشف بالمقعد على أسنة رماح الشرطة بفارق 1500 صوتا والتى كان الفلاحجى متقدما عليها فى الجولة الأولى بأكثر من أربعة آلاف صوت .

المبحث الرابع: انتخابات المرحلة الثالثة وإسقاط الوموز

أجريت انتخابات المرحلة الثالثة يوم الأربعاء 8/ 11/ 2000 م والإعادة فى 14/11/ 2000 خاضها 1325 مرشحا للتنافس على 160 مقعدا فى 80 دائرة منهم 160 مرشحا للوطنى- حيث استشكل فى هذه المرحلة كل مرشحى الحزب الذين رفعت ضدهم قضايا و لم تنفذ الداخلية أحكام القضاء بسبب هذه الاستشكالات ) كما خاضها 150 مرشحا للمعارضة منهم 12 مرشحا للوفد و 24 مرشحا للإخوان المسلمين انسحب منهم مرشح فى إمبابة على مقعد العمال ثم ترشح مرة أخرى)

أجريت الانتخابات فى محافظات القاهرة ( 25 دائرة) و الجيزة ( 14 دائرة) والقليوبية (9 دوائر) وبنى سويف (7 دوائر) و :تصنيف:إخوان المنيا|المنيا ( 11 دائرة) و أسيوط ( 10 دوائر) و الوادى الجديد (دائرتين ) و مطروح (دائرتين ) كما خاضها عدد من الرموز فى كل الأحزاب والقوى السياسية .

فترشح عدد من الوزراء والمسئولين فى هذه المرحلة منهم د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب فئات - وطنى ( السيدة زينب ) ود . محمد إبراهيم سليمان (وزير الاسكان - فئات وطنى - الجمالية ومنشية ناصر ود . سيد مشعل وزير الانتاج الحربى، فئات وطنى الدائرة 24 حلوان )

ود . يوسف بطرس غالى (وزير الاقتصاد - فئات - وطنى - دائرة المعهد الفنى بشبرا)

ود . زكريا عزمى (رئيس ديوان رئيس الجمهورية - فئات - وطنى - الزيوت وفاز بالتزكية) كما خاضها من حزب التجمع رئيس الحزب خالد محى الدين (فئات كفر شكر القليوبية ) وعضو الهيئة العليا ل حزب الوفد د. محمود السقا (الخليفة - فئات ) وخاضها أيضا عدد من رموز جماعة الإخوان المسلمين أبرزهم المستشار محمد المأمون الهضيى نائب المرشد العام والمتحدث الرسمى للجماعة (فئات - الدقى) والأستاذ سيف الإسلام حسن البنا أمين عام نقابة المحامين (فثات - عابدين والمو سكى ) وبالرغم من توقع بعض المراقبين بأن تكون انتخابات تلك المرحلة أكثر نزاهة وأقل تدخلا من الشرطة لتركيز وسائل الاعلام المحلية والأجنبية عليها ولاجرائها فى القاهرة الكبرى (القاهرة - الجيزة - القليوبية ) إلا أن الواقع كان عكس ذلك تماما ، وذلك لسببين :

أولا : خوف السلطة من تكرار تجربة الاسلاميين مع المرحلتين السابقتين بنجاح عدد كبير منهم خلال تلك المرحلة خاصة فى دوائرهم التقليدية والقوية .

ثانيا : رغبة السلطة فى إسقاط رموز الجماعة الذين ترشحوا فى تلك المرحلة لتحقيق هدفين :

أولهما : تساوى السلطة والاسلاميين فى سقوط رموز لكل منهما فى تلك الانتخابات (سقوط أمناء الحزب الوطنى فى عدد من المحافظات ورؤساء لجان ب مجلس الشعب يجب أن يقابله إسقاط رموز الجماعة خاصة الهضيى و البنا )

ثانيهما : قطع الطريق على الإخوان والحيلولة دون وصول رمز منهم للبرلمان يكون قائدا لمجموع نوابهم داخل البرلمان .

وللأسباب السابقة تكرر نفس سيناريو السلطة فى انتخابات المرحلة الثالثة .

فقد تم منع الناخبين من التصويت بكل السب وتعطيل عملية التصويت لمن استطاع الوصول إلى اللجنة أو المواجهة العنيفة لتجمعات الناخبين أمام اللجان ، ففى دائرة الموسكى وعابدين قام الأمن باعتقال العديد من أنصار الأستاذ سيف الاسلام حسن البنا وأهمهم الأستاذ محمد بدوى السند الحقيقى للبنا فى الدائرة لما يتمتع به من شعبية ، كما تم اعتقال محاميه جمال حنفى ولم يسمح للبنا بأى مسيرة أو جولة انتخابية أو أى صورة من صور الدعاية وتم الاعتداء على سيارته بماء النار وظل مراقبا فى جميع تحركاته بسيارة شرطة وموتوسيكلا وفى يوم الانتخاب تم تعطيل التصويت تماما ومنع كل من تبدو عليه ملامح التدين من دخول اللجان للتصويت .

وفى دائرة الساحل تكرر نفس السيناريو مع الدكتور حازم فاروق حيث قام الأمن قبل الانتخابات باعتقال 37 من أنصاره (منهم الزميل الصحفى هشام الهلالى عند ذهابه لإجراء حوار صحفى مع المرشح ) بل وتم اعتقال المرافق للمرشح يوم الانتخاب وثلاثة محامين أثناء عملهم لوكيلات لمندوبى المرشح وقام 1555 جندى وضابط بصاحبهم العربات المدرعة والكلاب البوليسية المدربة وقوات الخيالة والقوات الخاصة بمحاصرة شياخة منية السيرج وشياخة شريف ، وعمل كردون حولها لمنع المواطنين من التصويت لقوة المرشح فى هاتين اللجنتين ، وتم السماح فقط لمن يحمل بطاقات الحزب الوطنى بالدخول للتصويت وعندما تجمع الناخبون للإدلاء بأصواتهم فى الشياختين قام الأمن بفتح خراطيم المياه عليهم ورشهم بالزيت.

وفى دائرة الزاوية الحمراء والشرابية (المرشح فيها نبيل عابدين - فئات ) و ماجد حسن عمال عن الإخوان فوجئ المرشح ماجد حسن بإتلاف إطارات سيارته ووضع جترير ضخم على باب مترله لمنعه من الخروج ثم يوم الانتخاب تم نقل لجان 58،59، 65، 61 من مدرسة الزاوية الحمراء بنات بشياخة الزاوية البلد ( 5230 صوتا) وكذلك لجان 62،63،64ومقرها مدرسة الزاوية الحمراء بنين بشياخة الزاوية البلد (6307 صوتا) إلى شياخة العزب دون علم المرشحين أو الناخبين ، قام الأمن بحصار اللجان بقوات ضخمة من الأمن المركزى والمطافى والكلاب البوليسيه والخيالة وعمل كردونات حول اللجان لمنع الناخبين من التصويت ومع ضم اللجان تكدس الناخبون أمامها مع منعهم من التصويت بدأ أيضا الاحتكاك بين بالناخبين من جانب والبلطجية والشرطة ، وتم اعتقال عدد من الناخبين للاشتباه فى تأييدهم للمرشحين الإسلاميين ثم قام الأمن بإلقاء الشحوم والزيوت على الناخبين لتفريقهم . وفى دائرة الجمالية ومنشية ناصر حيث ترشح الدكتور محسن كامل عن الإخوان ضد وزير الإسكان محمد إبراهيم سليمان كانت مواجهة الناخبين أشد حيث ضربت قوات الأمن كردونا حول اللجان لمنع الناخبين من التصويت والسماح لأنصار الحزب فقط بالتصويت وعلى فترات متباعدة ومن يصوت للوزير يتم إعطاؤه شنطة عليها رمز الهلال وبها بعض المواد التموينية وتم اعتقال عدد من الناخبين من أمام مدارس الإمام على والمعز والحسين الاعدادية بنين للاشتباه فى تصويتهم للمرشح الاسلامى بل وهدده الأمن بالاعتقال أثناء تفقده العملية الانتخابية بالمنشية واعتقلوا اثنين من مرافقيه المحامين . وفى الدوائر التى يتواجد فيها الاخوان بقوة مثل كرداسة و :تصنيف:إخوان حلوان|حلوان تم محاصرتها تماما لمنع الناخبين من الخروج للتصويت خاصة كرداسة التى حاصرتها قوات الأمن تماما لمنع خروج القرية لتأييد المرشحين الإسلاميين أبناء القرية ( طارق المكاوى و عبد السلام زكى بشندى ) وكادت أن تقع كارثة بعد أن تجمهر أكثر 10 آلاف مواطن من كرداسة أمام اللجان وحاولوا اقتحامها بالقوة والاحتكاك بالأمن لولا ضغط المرشحين عليهم حفاظا على أرواحهم وبالرغم من ذلك خرجت مسيرات من أطفال المدارس حتى نقطة شرطة كرداسة التى ردت عليهم بالقنابل المسيلة للدموع وأصابت عددا منهم

وهو ما تكرر أيضا مع المرشح الإسلامى الشيخ عبد اللطيف قطب خاصة قريته سدس التى تمت محاصرتها وإجراء عملية التصويت ببطء شديد بدخول ناخب واحد كل فترة طويلة.

وفى بندر أسيوط تكرر نفس السيناريو مع المرشح الإسلامى د. خالد عبد القادر عودة الذى استطاع رغم التضييق الشديد واعتقال 200 من أنصاره خاصة من المحامين أبناء زملائه من أساتذة الجامعة أن يخوض الإعادة التى اعتقل الأمن خلالها جميع مندوبيه وعلى رأسهم نقيب محامى أسيوط ووكيله العام سمير خشبة و 20 من أساتذة الجامعة.

وفى الحوامدية بدأت العملية الانتخابية باعتقال عائلة المرشح الإسلامى (د. أبو العلا قرنى ) باكملها حتى ابنته الطالبة فى كلية الطب واعتقال العشرات من أنصاره من الحوامدية وأبو النمرس والمنوات ومنيل شيحة ولكن استطاع دخول الاعادة رغما عن ذلك ، وفى الإعادة اتبع الأمن كل الأساليب لمنع المرشح من الفوز بدءا من إجبار المرشح العمالى المستقل السيد هلال على الانسحاب من الاعادة خوفا من تحالفه مع أبو العلا قرنى (حيث أن المرشحين من الحوامدية) ضد مرشحى الوطنى ( محمد الفقى فئات ) و عادل عاشور عمال ) وفاز الأخير بعد حصوله على5أصوات فقط بعد انسحاب المرشح العمالى المستقل . وبدأ إغلاق لجان الحوامدية المحاصرة بالمصفحات وقوات الأمن التى تجمهر أمامها الناخبون فتعامل معهم الأمن بالقنابل المسيلة للدموع وقام بضرب كنيسة العذراء بعد احتماء الشباب بها . بل اضطر المرشح يوم الإعادة للهروب تماما من الدائرة بعد تهديده بالاعتقال بعد رفضه الانسحاب

وفى الجيزة تم استخدام نفس الأساليب السابقة مع المرشحين (أبو الدهب ناصف و عزب مصطفى ) من حصار للجان إلا أن نفوذ المرشح الوطنى وعلاقاته مكنته من الاستعانة بأوتوببسات لنقل العمل من مصانعه التى يملكها للتصويت فى الجيزة ، أضافوا له 4000 صوتا نجح بها من الجولة الأولى بينما نجح المرشح الإسلامى (عمال - عزب مصطفى) فى دخول الإعادة ثم الفوز بها. ولكن ما حدث فى دواثر الدقى ( جيزة ) والمعادى والبساتين ( القاهرة ) وشبرا الخيمة (القليوبية) إضافة لموقف الاخوان من ترشيح الأقباط يستحق التسجيل .

الدقى ومواجهة الرمز

دائرة الدقى من الدوائر التى تشمل أحياء راقية وشعبية -الدقى - المهندسين - العجوزة - بين السرايات - أولاد علام ) بها75 ألف صوت على الأقل و للإخوان تواجد قوى فيها وسبق للمستشار الهضيى أن دخله مجلس الشعب ممثلا للدائرة عام 1987 وقاطع انتخابات90 ثم خاض انتخابات 5 9 9 1 التى حدث فيها عمليات تزوير واسعة ضد منافسته د. آمال عثمان وزير الشئون الاجتماعية حينئذ والمنافسة له فى انتخابات 2000 م كذلك .

والدائرة هى أول الدوائر التى بدأ أسلوب الاعتقال يجرى فيها ضد الإسلاميين استعدادا للانتخابات ، وذلك لأن المستشار الهضيى هو أول من أعلن من الإخوان عن خوض الانتخابات عن الداثرة فى إبريل 2000 وبدأ التضييق باعتقال مؤيديه فى الدائرة على مدى الشهور السبعة السابقة للانتخابات مع منع موكله الأستاذ محمد غريب المحامى الحصول على كشوف الناخبين ، ورفض طلبات المستشار بمارسة حقه فى تنظيم مسيرات أو مؤتمرات انتخابية واعتقال كل من يسير معه فى جولاته الانتخابية التى كان يمر فيها على المنازل والمحلات بصحبة عدد قليل من أنصاره الذين يتم اعتقالهم فيتم تغييرهم فى كل جولة انتخابيه ، وفى يوم الانتخابات تعرض المستشار للاعتداء وقام بعض البلطجية فى حماية الأمن بتمزيق إطارات سيارته لمنعه من التجول على اللجان لمتابعة العملية الانتخابية بل وتم إخفاء لجنة بأكملها بها 4 الاف صوت وهى لجنة هيئة تحسين الأراضى بالدقى ، حيث عمدت أجهزة الأمن إخفاء هذه اللجنة من كشوف وزارة الداخلية للاستفادة منها لصالح مرشحة الحزب الوطنى وتم منع المراسلين الأجانب المتابعين للعملية الانتخابية .

ثم أفردت الصحف القومية فى اليوم التالى مساحات فى الصفحة الأولى لتؤكد سقوط الهضيى و البنا كأحد أبرز المرشحين الذين سقطوا من الجولة الأولى ولكن بالطبع دون ذكر أسباب ذلك السقوط المرسوم من السلطة مسبقا.

المعادى والبساتين وتوحش السلطة

دائره المعادى والبساتين يبلغ عدد الناخبين فيها 90 ألف ناخب ويقطنها تقريبا 900 ألف نسمة خاض الانتخابات فيها 72 مرشحا أهمهم المرشح الاسلامى د. عبد الفتاح رزق المرشح القوى الذى دخل مرحلة الإعادة فى انتخابات 1995 وتم تزويرها ضده ، ورغم إشراف القضاء هذه المرة تم التزوير ولكن بطريقة اشد خارج اللجان بمنع الناخبين من التصويت بكل الطرق لأن السماح لهم يعنى بداهة نجاح د. عبد الفتاح رزق . وبدأ السيناريو المعروف بالتضييق على المرشح باعتقال أنصاره وأقاربه ومنعه من كل أشكال الدعاية، ويوم انتخابات الجولة الأولى تم فرض حصار أمنى شديد على اللجان الانتخابية بل وحظر التجوال فى الشوارع المحيطة باللجنة ( مما اضطر بعض الأهالى للقفز من الأسطح الخلفية لمنازلهم ليتمكنوا من الذهاب إلى أعمالهم ) و لم يتم السماح لأى ناخب بالاقتراب من اللجان حيث أقيمت حواجز مرورية وتلتها حواجز أخرى بشرية من قوات الأمن المركزى المسلحة بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع عسى جميع المداخل التى تؤدى إلى اللجان وظل جميع الناخبين فى الشارع طوال اليوم مع السماح لأنصار المرشح الحكومى فقط بالدخول مع اعتقال من يحاول التصويت من أنصار المرشح الاسلامى ، وبالرغم من ذلك نجاح الدكتور عبد الفتاح فى دخول الإعادة أمام مرشح الوطنى الذى قامت قوات الأمن باتباع كل السبل لإنجاحه فى الإعادة حيث أحضرت أتوبيسات حكومية تحمل ناخبين من خارج الدائرة للتصويت ، ومنع ناخبى الدائرة الأصليين من التصويت والذين تجمهروا أمام اللجان خاصة فى البساتين (موطن المرشح الاسلامى) ومع قيام الأمن بمنعهم وقع الاحتكاك والمواجهة واستخدام الأمن خلالها القوات الخاصة والرصاص المطاطى والحى والقنابل المسيلة للدموع وفرض حظر التجول على البساتين وبسبب ذلك لم تتعدى نسبة التصويت 5% من إجمالى ناخبى الدائرة خاصة، بل أن بعض اللجان لم يصوت فيها أحد أو تم السماح لعدد قليل جدا من الناخبين لا يتعدى الخمسة (حوالى 30 لجنة) وهو ما لم يحدث فى أى انتخابات سابقة(8 2) وحصل مرشح الوطنى محمد رشدى على 2720صوتا فقط استطاع بهم النجاح ليكون ممثلا لدائرته بهذا العدد القليل من الأصوات .

شبرا الخيمة أحزاب دائرة

قد تكون دائرة شبرا الخيمة من أكبر دوائر الجمهورية (56لجنة) و 180 ألف ناخب ) وأكثرها تداخلا حيث تضم قطاعا حضريا كبيرا وآخر ريفيا ممتدا وقد خاض الانتخابات فيها 22 مرشحا (13 فئات و 9 عمال ) واجه المرشح الاسلامى فيها د. حسين الدرج فئات ما واجهه زملاؤه من المرشحين الاسلاميين فى باقى الدوائر من تضييق قبل وأثناء الانتخابات وأيضا تواصل الضغط فيما بعد الانتخابات كذلك .

فقد تم منعه من كل أشكال الدعاية مع تحذير الخطاطين من الكتابة له بل واعتقال أحدهم لكتابته ( الإسلام هو الحل ) على أحد لافتات الدعاية وتم تحويله إلى النيابة ولكن استطاع المرشح الاستفادة من ذلك ورفع قضية ضد قرار وزير الداخلية بمنع الدكتور الدرج من استخدام شعار الاسلام هو الحل وحكم القضاء لصالحه .

ويوم الانتخابات (الجولة الأولى) فرض الأمن حصارا شديدا على اللجان المعروفة بقوة التواجد الاسلامى فيها مثل عزبة عثمان (40000 صوت ) التى تم إغلاقها تماما ولم يستطع أن يدلى بصوته منهم إلا 1100 ناخب فقط ، وبالرغم من ذلك نجح الدكتور الدرج فى دخول الإعادة بفارق 1200 صوت بينه وبين المرشح الذى يليه وبفارق 1000 صوت فقط عن الفوز فى الجولة الأولى وفى جولة الإعادة (الثلاثاء15/11/ 2000 ) ترددت أنباء عن تدخل محافظ القليوبية المستشار عدلى حسين للصلح بين المرشحين العمال ( حسن سعودى ) و فاروق الديب للتنسيق بينهما (يمثلان كتلة تصويتية جيدة فى قريتى ميت نما وميت حلفا) مع تضييق الأمن الشديد على مراكز قوة المرشح الاسلامى وهو ما حدث فعلا ، حيث تم إغلاق اللجان تماما ، خاصة فى عزبة عثمان وتجمهر الناخبون أمام اللجان مع خروج الطلاب من المدارس بعد الظهر وحاول المرشح صرفهم خوفا من احتكاك الأمن بهم إلا أن الأمر كان قد خرج من يده حيث رفض الناخبون الانصراف وبدأ احتكاك الأمن بهم بإطلاق القنابل المسيلة للدموع ( 400 قذيفة فى الفترة من 30 ، 12 30 ، 4عصرا) وعندما نفذت القنابل بدأ الأمن فى استخدام الرصاص الحى والمطاطى والخرطوش ضد الناخبين لمدة ساعتين وأسفرت هذه المواجهات عن مقتل أربعة مواطنين منهم طفل رضيع مات مختنقا بين ذراعى أمة بسبب القنابل المسيلة للدموع .

وإصابة 27 مواطنا على الأقل منهم 5أصيبوا بارتجاج فى المخ وبالطلقات نارية و 6 بشظايا وأجسام غريبة والباقين كدمات وكسور وجروح ومنهم الطفل خالد بهلول 13 سنة بطلق نارى نافذ بالجمجمة والغريب أن الإذاعات والتليفزيون أعلنتا فوز الدكتور الدرج ولكن النتيجة النهائية التى أعلنتها الشرطة أكدت فيها فوز المرشحين العمال (سعودى والديب) بل وتم اعتقال الدرج بعد الانتخابات بتهمة المسئولية عن الأحداث التى وقعت فى جولة الإعادة بالرغم من تأكيدكل شهود العيان والصحف على مسئولية الأمن عن تلك الأحداث وقد سجلت الاذاعات والفضائيات الخارجية أحداث شبرا الخيمة والمعادى وكثير من الدوائر الأخرى مثل شبين الكوم والشهداء والحوامدية .

تأييد قبطى

خاض الانتخابات الأخيرة 74 قبطيا بينما كانوا 61 مرشحا فى انتخابات 95 منهم ثلاثة مرشحين للحزب الوطنى (الذى لم يرشح فى 95 أى قبطى) و11 مرشحا للوفد (الذى رشح تسعة فى95) و 7 مرشحين للتجمع (مرشح واحد فقط فى95 وهو د. وجيه شكرى فى المنيا) والباقى مستقلون . نجح ثلاثة من الأقباط فى تلك الانتخابات وكلهم فى المرحلة الثالثة وهم رجل الأعمال رامى لكح فئات مستقل دائرة الظاهر من الجولة الأولى ، وكان قد رفع المرشح المنافس له قضية ضده لازدواج جنسيته إلا أنه استفاد من ظاهرة الاستشكالات التى صاحبت المرحلة الثالثة ونجح من الجولة الأولى) ود. يوسف بطرس غالى وزير الاقتصاد من الجولة الثانية (فئات وطنى - دائرة المعهد الفنى) ورجل الأعمال منير فخرى عبد النور (فئات وفد - الوايلى) الذى نجح فى جولة الاعادة أيضا ويعتبر الأخير ( منير فخرى عبد النور ) من المرشحين الأقباط إثارة خلال العملية الانتخابية خاصة حول كونه مرشحا قبطيا ادعى البعض استغلال المرشح المنافس له فى دعايته الانتخابية بطريقة طائفية تكرارا لما حدث فى1995 .

ويبرز هنا موقف الإخوان من المرشح حيث سبق أن أيدته الجماعة فى انتخابات 1995 م بتوجيه أعضائها ومؤيديها لانتخابه .

وتكرر التأييد فى انتخابات 2000 م حيث "أصدر أولا عدد من المفكرين الإسلاميين (د. محمد عمارة والمستشار طارق البشرى والكاتب فهمى هويدى والدكتور محمد سليم العوا) بيانا أكدوا فيه تأييدهم للمرشح القبطى".

استنادا لفتوى سابقة للشيخ محمد الغزالى رحمه الله ) والشيخ يوسف القرضاوى ثم أصدر مفتى مصر الحالى د. نصر فريد واصل فتوى "أكد فيها أن عضو مجلس الشعب وكيل عن دائرته وليس وليا على أفراد الدائرة ومن ثم أباح انتخاب المرشح المسيحى إذا اقتنع الناخب بأنه أهل لتمثيل الدائرة .

وصدر التأييد الرسمى للإخوان من خلال مقال للكاتب الصحفى محمد عبد القدوس أكد فيها تأييده للمرشح القبطى ثم تصريح المستشار الهضيى ل صحيفة الوفد بأنه لابد من تمثيل الأقباط فى مجلس الشعب لأنهم شركاء فى هذا الوطن ويجب أن يكون لهم تمثيل فى المجلس النيابى وأن هذا الكلام مبدأ عام ينطبق على كل المرشحين الأقباط وعلى الناخب أن يختار من يراه الأصلح .

كما أرسل الأستاذ أحد سيف الإسلام حسن البنا (أمين عام نقابة المحامين ) برقية تأييد للمرشح أكد فيها "أن انتخاب منير فخرى عبد النور تاكيد للوحدة الوطنية التى يحرص عليها المصريون جميعا مسلمون وأقباط .

ورد المرشح على ذلك بإعلان احترامه للجماعة وتقديره لتاريخها ودورها السياسى والدينى فى دعم الوحدة الوطنية ، وبالفعل نجح المرشح فى جولة الاعادة واستطاع دخول مجلس الشعب واستطاعت الجماعة أن تؤكد تسامحها الدينى النابع من الشريعة الإسلامية بتأييدها لمرشح قبطى وهى التى سبق أن دخل أول قبطى البرلمان عن طريق الانتخابات على قائمتها فى 1987 وهو الأستاذ جمال اسعد عبد الملاك عن دائرة أسيوط .


الفصل الرابع: الأحزاب السياسية والتراجع المتزايد

شاركت معظم الأحزاب السياسية المصرية فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة بدءا من الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم ومرورا بأحزاب الوفد و التجمع و العمل (المجمد) و الأحرار المجمد كذلك ، وانتهاء ب الأحزاب الهامشية أو الصغيرة (كالاتحادى والتكافل وغيرها)

و لم تحقق الأحزاب النتيجة المرجوة من مشاركتها فى تلك الانتخابات التى شهدت لأول مرة إشرافا قضائيا داخل اللجان أسهم فى الحد كثيرا من عمليات التزوير والتسويد التى كانت تتم فى انتخابات سابقة .

بل ما حدث فعليا هو تراجع متزايد لكل الأحزاب حتى الحزب الحاكم منها مقارنة بنتيجة الانتخابات السابقة (1995 ) وواقع الانتخابات الأخيرة ( 2000 )

فالحزب الوطنى حصل على 39% المقاعد (172 مقعدا) قبل ضم المستقلين إليه (مقارنة بـ 70% فى انتخابات 95 .

والوفد حصل على سبع مقاعد من إجالى 73 2 مرشحا مقارنة بستة مقاعد فى انتخابات 1995 والتجمع ستة مقاعد من إجمالى 57مرشحا ( 60 بالمستقلين اليساريين مقارنة بخمسين مقاعد فى انتخابات 1995 م وواحد للأحرار (فى نفس العدد في 1995) ولا شئ للعمل (نائب واحد فى 1995 من الإخوان ونجح هذه المرة مستقلا مع الإخوان و 2 للناصرى مقارنة بواحد فقط فى 1995 إضافة لخمسة ناصريين مستقلين .

واللافت للنظر أن إجمالى المقاعد الرسمية التى حصلت عليها أحزاب المعارضة (16 مقعدا) أقل مما حصلت عليه جماعة الإخوان المسلمين (17 مقعدا)

وهو ما يثير عددا من القضايا المتعلقة بواقع ومستقبل الأحزاب السياسية المصرية انطلاقا من واقع الممارسة الحالية ونتائجها فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة ومن تلك القضايا :

1)أسباب ضعف الأحزاب السياسية (المعارضة) فى ضوء النتائج الأخيرة : وتنقسم لأسباب خارجية (النظام ) وداخلية (خاصة بالحزب ).

2)التراجع المستمر للحزب الوطنى الحاكم أسبابه ونتائجه .

3)آليات الحزب للحفاظ على مكانته فى الانتخابات الأخيرة :

- التحيز الإعلامى .

- التحيز الحكومى للمرشحين .

- الرشاوى الانتخابية الحكومية .

- تعطيل أحكام القضاء .

- دور رجال الأعمال .

- استقطاب وضم المستقلين .


ضعف المعارضة

هناك رأى يقول بأن أحزاب المعارضة فى مصر وجدت أساسا ضعيفة بسبب القيود المفروضة عليها سواء من حيث النشأة أو الممارسة بينما الرأى الآخر يحمل الأحزاب مسئولية ضعفها نتيجة أخطاء الممارسة . ولكن أيا كانت الأسباب - التى سيرد توضيحها - فإن نتيجة أحزاب المعارضة فى الانتخابات الأخيرة اكدت الضف المتراكم للأحزاب .

فقد شارك حزب الوفد بـ 73 2 مرشحا ( فى 2 7 1 دائرة منهم 9 5 1 فئات و 4 1 1 عمال و11قبطيا و 8 سيدات ) منهم 80 مرشحا فى المرحلة الأولى لم ينجح منهم أحد فى الجولة الأولى واستطاع ثلاثة فقط دخول الاعادة فاز الأول منهم فقط وهم :

- سيف الدين محمود عمال ، بور سعيد 10 .

- محمد مصطفى شردى -فئات - بور سعيد .

- عبد السلام الجمال - فئات المنوفية .

- وفى المرحلة الثانية شارك الوفد بـ 53مرشحا لم ينجح أحد من الجولة الأولى ودخل 4 منهم الاعادة نجح الثلاثة الأوائل منهم وهم :

- فؤاد بدراوى ، محمد عبد العليم ، محمود الشاذلى ، و محمد الشبينى ) وفى المرحلة الثالثة شارك الوفد ب 102 مرشحا فاز منهم د. أيمن نور من الجولة الأولى (فئات - باب الشعرية) ودخل الاعادة محمد فريد حسنين (طوخ و منير فخرى عبدالنور (الوايلى) و محمد سرحان (كفرشكر) فاز منهم الثلاثة الأوائل ليصبح عدد الفائزين من الحزب فى المراحل الانتخابية الثلاثة 7 مرشحين فقط من إجمالى 273 مرشحا (1 ،3 % المرشحين ) ونفس السيناريو تكرر مع باقى أحزاب المعارضة حيث رشح حزب التجمع اليسارى 57مرشحا لم ينجح منهم إلا ستة فقط (بنسبة 3 ،10 % مرشحيه ) بالرغم من التحالف الحكومى مع التجمع غير المعلن منذ انتخابات 1990 التى قاطعتها كل الأحزاب والقوى السياسية عدا التجمع الذى لم يفز أى عضو منه فى انتخابات 4 8 9 1 ، 87 9 1 حيث لم يحصل على النسبة التى تؤهله لدخول المجلس.

وشهدت انتخابات 2000 وضوحا فى تحالف الحكومى ممثلة فى حزبها الحاكم (الوطنى) مع مرشحى التجمع ومنها على سبيل المثال دائرة كفر شكر قليوبية التى ترشح فيها رئيس حزب التجمع خالد محيى الدين وتحالف مرشح الوطنى عمال ( سيف أحمد ) صراحة وتحت بصر الحزب مع خالد محى الدين ضد مرشح الحزب الوطنى فئات عبدالحميد فرج ، ومرشح الوفد القوى (محمد سرحان فئات ) كما حضر أمين الحزب الوطنى بكفر شكر (أحمد شهيب مؤتمرات خالد محى الدين ، وهو ما تكرر أيضا فى الدعم المباشر من المجلس القومى للمرأة لمرشحات الحزب حيث حضرت السيدة ميرفت تلاوى مؤتمر انتخابات ل أمينة شفيق مرشحة الحزب فى بولاق أبو العلا ومؤتمر فتحية العسال فى دائرة قصر النيل .

أما الناصرى فقد خاض الانتخابات بـ 30 مرشحا فاز منهم اثنان فقط وهو عبد العظيم المغربى فى كفر الشيخ و محمد حيدر بغدادى إضافة لبعض الناصريين المستقلين أمثال حمدين صباحى (كفر الشيخ ) و كمال أحمد ( الإسكندرية ) وخاص حزب الأحرار (المجمد) الانتخابات بـ 22 مرشحا فاز فقط النائب فى المجلس السابق رجب هلال حميدة (دائرة عابدين ) وهكذا فكان من المفترض أن التراهة النسبية التى توافرت فى تلك الانتخابات (إشراف القضاء داخل اللجان ) ينعكس بالإيجاب على نتائج الأحزاب بأن تفوز بمقاعد أكبر نسبيا مما فازت بها فى الانتخابات السابقة ولكن النتائج تؤكد أن التغيير لا يذكر فى نتائج أحزاب المعارضة .

وقد أرجع بعض المراقبين تلك النتائج لمجموعة من الأسباب بعضها يتعلق بواقع النظام السياسى والحزبى والذى انعكس سلبيا على الأحزاب وبعضها داخلى علق بالممارسة الحزبية .

أولاً: ألأسباب المتعلقة بالنظام السياسى :

هناك جملة من الأسباب والعوامل خارجة عن إدارة الأحزاب ونابعة من النظام ذاته جعلت الأحزاب تولد ضعيفة أو تتسم ممارستها السياسية بالضعف سواء لأسباب دستورية أو تنفيذية (من السلطة ذاتها) :

1 - القيود الدستورية :

حيث ينص الدستور على ضرورة التزام الحزب بمبادئ ثورتي 3 2 يوليو 52 9 1 و5 1 مايو 1971إضافة لشرط التمايز ولا يقوم على أسباب دينى أو طائفى أو فئوى أو جهوى ، ومن ثم جعل ذلك البعض يؤكد أن (السلطة هى التى أوجدت الأحزاب السياسية فى مصر ، كما رأت نفسها باستمرار أمرا عاليا فوق الدستور ومن ثم ليس مقبولا إزاء هذا الوضع أن يفكر الحاكم فى إقامة تعددية سياسية حقيقية وقد جاءت التعددية السياسية شكلية لتواكب توجه مصر نحو الغرب والقطيعة مع المعسكر الاشتراكى وقانون الأحزاب فارغا من المضمون حيث السلطة السياسية هى التى تقرر نشأة الأحزاب الجديدة من عدمه تلك القيود أوجدت أحزابا ضيفة بالأساس فهى تفتقد التعبير عن قطاعات هامة من المجتمع (خاصة الاسلاميين ) لدرجة أن لجنة شئون الأحزاب لم تقبل منذ عام 1977 إلا ثلاثة أحزاب فقط وهى الحزب الوطنى و العمل الاشتراكى و الوفد الجديد وباقى الأحزاب نشأت بعد رفع دعاوى قضائية أمام محكمة الأحزاب (وهي لجنة حكومية) وعلى مستوى الممارسة توجد قيود قانونية على (حرية الحزب فى الاتصال بالجماهير أو تقرير حق الاجتماع وعقد الندوات ، فالحق أن الأحزاب محرومة قانونا من التواجد فى المواقع الإنتاجية (المصالح ) أو الخدمية (الجمعيات ) التعليمية (الجامعات والمدارس ) رغم أنها المواقع الوحيدة الصالحة بطبيعتها لتواجد الأحزاب . كما أن المادة 17 من القانون تعلى سلطة خطيرة لرئيس لجنة الأحزاب فى طلب حل الحزب وتصفية أمواله وهو طلب يقدم لمحكمة الأحزاب وهى محكمة ليست قضائية من حيث تشكيلها كما أنه بناء على تحقيق المدعى الاشتراكى وهو جهة غير قضائية ويتعلق بتقييم أمور سياسية صرفة لا يوجد ضابط قانوق لها تتعلق بشروط تأسيس الحزب طبقا لأحكام المادة 4 من القانون

2 - قيود الممارسة :

إضافة للقيود الدستورية المفروضة على نشأة عمل الأحزاب فإن هناك قيودا أخرى نابعة من السلطة التنفيذية تزيد من خنق العمل الحزبى المعارض فى مصر أهمها :

ا - قانون الطوارئ : المفروض منذ عام 1981 والذى يتم تجديده كل ثلاث سنوات أخرها مايو 2000 بعد أن وافق مجلس الشعب للمرة العاشرة على التوالى على تجديد العمل به لمدة ثلاث سنوات قادمة ، و لم تعد خطورة قانون الطوارئ على الصلاحيات الاستثنائية التى يخولها للسلطة التنفيذية فى وضع قيود على حرية الأشخاص والحد من حرية التعبير والحق فى التجمع السلمى وإنشاء محاكم استثنائية .. إلخ بل إن الأمر الذى لا يقل خطورة هو انتقال عدوى الطوارئ لتصيب المسار التشريعى بمعنى إصدار تشريعات جديدة تستهدف إحكام قبضة السلطة التنفيذية على المجتمع ومؤسساته وهو الأمر الذى تاكد على مدى السنوات السابقة واستمرار قانون الطوارئ يمنع الأحزاب تماما من أى شكل من أشكال الممارسة السياسية التى تؤدى للاتصال بالجماهير وخاصة للقيام بالمسيرات والمؤتمرات ، كما أن الانتخابات غير مضمونة التراهة حتى فى ظل إشراف القضاء الذى وفر قدرا معينا من التراهة داخل لجان الاقتراع و لم يقضى على أسباب التزوير والمنع الأخرى خاصة السيطرة التامة للشرطة على جميع مراحل العملية الانتخابية .

2- قضية تمويل الأحزاب وهى فى يد السلطة التنفيذية تجعلها أداة عقاب وثواب للأحزاب حتى أن بعض الأحزاب تعتمد فى عملها فقط على التمويل الذى تحصل عليه من السلطة التنفيذية دون وجود قوانين أو لوائح تحدد أساليب وطرق التمويل حتى لا تتحكم السلطة التنفيذية فى شئون الأحزاب وممارساتها بسلاح التمويل .

3- إضافة لسيطرة الحزب الحاكم على المقرات والإمكانات وهو ما لا يتوافر لباقى الأحزاب . ثانيا الأسباب الداخلية المتعلقة ب الاحزاب ذاتها :

لا تقتصر أسباب ضعف الأحزاب المعارضة على الظروف السياسية والدستورية المحبطة بنشأتها ونشاطها ولكن هناك أسبابا نابعة منها بالأساس .

ثانياً: الضعف التنظيمى للأحزاب

الناتج عن ضعف النشأة بالأساس لافتقادها للأيديولوجية الواضحة المقبولة جاهيريا وافتقادها لأساليب التجنيد والكوادر الجيدة وما ترتب عليه من تراجع للعضوية وضعف الاتصال الداخلى بين قيادة الحزب وقواعده والانشقاقات المستمرة فى صفوف تلك الأحزاب أو التنافس على قيادتها لعدم وضوح قواعد الاستخلاف مما يؤدى بعد ذلك لاحتمالات بتجميد الحزب أمثال حزب الأحرار ) وتعود مظاهر الضعف السابقة إلى عدد من الأسباب أهمها

- التراخى فى إعداد قيادات جديدة .

- إهمال المقرات المتوافرة كمواقع للاتصال الجماهيرى.

- القصور فى العمل فى المنظمات الاجتماعية .

- محدودية التنسيق بين الأحزاب والقوى السياسية .

- عدم الجدية فى مواجهة الحكومة

وما يؤكد ذلك خاصة فى السببين الأخيرين عدم التنسيق بين مرشحى المعارضة رغم محدودية عددهم . ومع أن هدف أى حزب سياسى هو الوصول للسلطة إلا أن إجمالي مرشحى المعارضة لم يغطى جميع دوائر الجمهورية حيث بلغ عددهم 8 2 4 مرشحا منهم (73 2 للوفد) افتقدوا التنسيق فى الدوائر المختلفة حيث شهدت أكثر من دائرة تنافسا بين مرشحى المعارضة إضافة لمرشحى الحكومة مما أضعف مرشحى المعارضة فى كثير من الدوائر .

ففى الدقى رشح الوفد مرشح فئات ضد المستشار الهضيى رغم أنها دائرة المستشار التقليدية وقد أعلن عن ترشيح نفسه فيها مبكرا ورشح الوفد أيضا فى كفر شكر ضد خالد محى الدين الذى تحالف مع الحكومة وهكذا فى عدد اخر من الدوائر) رغم من أنه بقليل من التنسيق ربما تحسنت قليلا نتائج أحزاب المعارضة فى تلك الانتخابات وربما كان السبب عدم التنسيق هو اختلاف أهداف كل حزب من المشاركة وقدرة الحكومة على استقطاب بعضها- إضافة لثقة كل حزب فى إمكانية فوزه منفردا بعدد كبير من المقاعد خاصة حزب الوفد الذى صرح الدكتور نعمان جمعة رئيس الحزب قبل الانتخابات مباشرة بأن للحزب "شعبية ضخمة جدا فى الشارع وفى العائلات وبين الشباب ولا يملك أى تنظيم سياسى فى مصر ما نملكه من شباب وجماهير ولكن نحن مكبلون ، لو شكلت حكومة محايدة وتمت انتخابات نزيهة فسيحصل الوفد على أغلبية ويشكل حكومة ولكن رغم هذه الظروف فإننى مازلت متفائلا بل عندما طرحت عليه فكرة التحالف مع الاخوان كما حدث فى انتخابات 84 حيث خاض الإخوان الانتخابات على قواثم الوفد أكد د. نعمان جمعة أنه "فى هذه المرة رفضنا أى تحالف مع أى قوى سياسية أو حكومية نعتمد هذه المرة على أنفسنا لأننا بمفردنا نكون أقوى وقد رفع د. جمعة شعار الفوز بمائة مقعد قبل أن تبدأ الانتخابات

وبعد انتهاء المرحلة الأولى من الانتخابات التى رشح فيها الوفد 72 مرشحا دخل منهم ثلاثة فقط الاعادة ونجح منهم واحد فقط أكد رئيس الوفد أيضا "عدم تنازله عن حلم الفوز بمائة مقعد الذى أعلنه قبل انطلاقة الانتخابات مشيرا إلى وجود أكثر من مائتى مرشح لحزبه فى الجولتين الثانية والثالثة ولكن نتائج الانتخابات الفعلية أكدت فوز الحزب بسبعة مقاعد فقط وليس مائة مما جعل الحزب يحمل النظام سبب تلك النتيجة التى يتحمل الوفد بالطبع قدرا كبيرا من المسئولية عنها لأسباب داخلية وواقعية كثيرة . وشهدت الانتخابات كذلك فشل رؤساء ثلاثة أحزاب وهم ضياء الدين داود (الناصرى) و أسامة شلتوت (التكافل ) و أحمد شهيب الوفاق القومي) ولكن كما سبق وذكرنا لا نستطيع الحكم على نتيجة الأحزاب فى تلك الانتخابات دون الأخذ فى الحسبان القيود المفروضة عليها ، كما لا يفوتنا أيضا الإشارة لدور الإخوان فى دعم بعض مشرحى المعارضة سواء نجحوا أم لا خاصة القيادات المعروفة بأن لها مواقف وطنية مثال ضياء الدين داود رئيس الحزب الناصرى الذى أعلن الإخوان تأييده صراحة فى دائرته فارسكور ب دمياط وحمدين صباحى فى كفر

الشيخ ، و لم يرشح الاخوان أحدا فى الدوائر التى ترشحت فيها قيادات ورموز وطنية أو حزبية احتراما لها حتى من الحزب الوطنى ذاته ، مثال د. حمدى السيد (نقيب الأطباء) فئات الترهة ، ود. محمود السقا (الخليفة فئات الوفد) و مجدى أحمد حسين (المنيل - فئات - العمل وغيرهم .


ترنح الحزب الوطنى

وضعف الأحزاب لم يقتصر على المعارضة التى توجد أسباب كثيرة لضعفها خارجة عن نطاقها ولكن امتد أيضا للحزب الوطنى الحاكم الذى يظهر - ويزداد - ضعفه يوما بعد يوم ، والدليل على ذلك نتائج الانتخابات الأخيرة 0 0 0 2 ) مقارنة بانتخابات 95 9 1 ، 5 99 1 وما سبقها من انتخابات ففى الانتخابات السابقة نجح فعليا 59%من مرشحى الحزب الوطنى بينما نجح فى هذه الانتخابات 38% فقط من مرشحيه (قبل ضم المستقلين فى كل منهما) .

ويمكن أن نبرز ملاحظات ثلاثة على دور الحزب الوطنى ونتائجه فى الانتخابات الأخيرة كما يلى :

أولا : فشل الرموز :

حيث شهدت الانتخابات سقوط عدد كبير من رموز وقيادات الحزب الوطنى بنسبة لم تشهدها أى انتخابات سابقة فقد خسر أمناء الحزب فى الاسكندرية ( أحمد خيرى ) و السويس ( صلاح شلاضم ) و الشرقية ( طارق الجندى ) وجنوب سيناء ( سلام مدخل ) و قنا ( محمود متولى ) وأمين الفلاحين ( محمود غريب ) وأمينة المرأة فى جنوب سيناء ( جليلة محواد ) وأمين الحزب فى سوهاج ( أحمد أبو دومة - عضو لثلاث دورات ) و محمود مراد الباشا (أمين مساعد الحزب ب سوهاج - عضو سابق لمدة 5 دورات ) وأمين شباب سوهاج فاروق عاشور عضو لثلاث دورات ) وأمين الحزب بالأقصر (الإدريسى أمين ) ود . مصطفى السعيد (وزير الاقتصاد الأسبق ) وم . عصام راضى (وزير الرى الأسبق) و طه غلوش (سكرتير عام محافظة كفر الشيخ ) و الشاذلى توفيق الشهير بشدول أقدم نائب فى مصر منذ عام 1962 .

إضافة لعدد من رؤساء اللجان فى مجلس الشعب ومنهم د. محمد عبد اللاه (لجنة الشئون الخارجية - أمين مساعد الحزب ب الاسكندرية وعضو الأمانة العامة للحزب ) و عبد الرحيم الغول (لجنة الشباب - أمين مساعد الحزب ب قنا ) ود . شريف عمر (الصحة) ود . محمود أبو النصر (الخطة والموازنة) و صلاح الطاروطى (الثقافة والإعلام ) و عبد الأحد جمال الدين (الشئون العربية) و عبد الفتاح الدالى (الحكم المحلى) و أحمد فؤاد عبد العزيز (التعليم ) وعدد من وكلاء اللجان منهم إبراهيم النمكى (اللجنة التشريعية) و ثريا لبنة (الاجتماعية الدينية) و فهمى عمر (الثقافة والإعلام ) و محمود أبو سديرة (الزراعة) و صلاح عبده (الخطة والموازنة وغيرهم من رموز الحزب فى مختلف الدوائر والذى ثبت منه أن بعضهم والذى ظل نائب فى المجلس أكثر من ثلاث دورات كان يعتمد على الحزب والبعض على التزوير أو القبليات ومع أول إشراف قضائى ، جزئى سقط هؤلاء كما أن الذين نجحوا من رموز الحزب الآخرين إنما نجحوا فى جولة الإعادة وليس فى الجولة الأولى باكتساح مثل الانتخابات السابقة .

ثانيا: ضآلة الأصوات :

كما أن بعض رموز الحزب ومعظم الذين نجحوا من الجولة الأولى أو الثانية كان نجاحهم بأصوات ضئيلة مقارنة بأية انتخابات سابقة .

فأين عام الحزب على مستوى الجمهورية د. يوسف والى حصل فى انتخابات 2000 على15 ألف صوت بينما حصل فى انتخابات 1995 على 71 ألف صوت .

والأمين العام المساعد كمال الشاذلى حصل فى انتخابات 1995 على65 ألف صوت بينما حصل فى انتخابات 000 2 على729 16 صوتا فقط . ود. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب لم يحصل إلا على 5590صوتا فقط ود. زكريا عزمى على 6919 صوتا ود. حمدى السيد 6115 صوتا و حسين مجاور عمال البساتين فى الإعادة حصل على 885 2 صوتا فقط و محمد مرشدى فى الإعادة فئات البساتين حصل على 0 2 7 2 صوتا فقط وفايدة كلمل على 9 88 2 صوتا و بدر القاضى و أحمد بيومى و عبد العزيز مصطفى حصلوا على 3 1 1 3 صوتا ، 5 5 0 3 صوتا ، 2776 صوتا) على التوالى .

بل إن أعلى نسبة أصوات حصل عليها مرشح فى القاهرة كانت من نصيب على فتح الباب مرشح الإخوان فى حلوان حيث حصل على 8762 صوتا كما أن أعلى مرشح فى الجمهورية كان مرشح الإخوان أيضا فى كفر الشريان حسنين الشورى 45 ألف صوتا رغم التضييق الذى شهد به الجميع على الاخوان ومؤيديهم وناخبى دوائرهم .

مما يعنى أن الحزب الذى توافرت له كل الإمكانيات المادية والاعلامية والأمنية نجح بأقل عدد من الأصوات (لا يعادل فى بعض الدوائر 2%من أصوات الدائرة) بينما الإخوان الذين تم اتباع جميع السبل لإسقاطهم حصلوا على أعلى الأصوات .

فلذلك كان الحل بالنسبة للحزب المترنح أن يضم إليه المستقلين الناجحين سواء كانوا أعضاء فيه قبل الانتخابات و لم يرشحهم الحزب أم كانوا مستقلين فعلا وضغط عليهم الحزب للانضمام إليه .

ثالثا : اللجوء للمستقلين :

بعد فشل الوطنى الذريع فى الانتخابات بمراحلها الثلاث وحصوله فعليا على 38% فقط من إجمالى المقاعد المنتخبة لجأ للمستقلين (الفعليين والخارجين عن الحزب ) بعد نجاحهم وضمهم إليه حتى وصل إلى 9،88%من المقاعد (388 مقعدا) ففى المرحلة الأولى حصل الحزب الوطنى على59 مقعدا من إجمالى 155 مقعدا أصبحوا (18 ا) بعد ضم 59مستقلا للحزب (حيث حصل المستقلون على 87 مقعدا فى المرحلة الأولى منهم ستة إسلاميين و 9 ناصريين مستقلين وانضم منهم 9 للحزب.

وفى المرحلة الثانية نجح للوطنى فى الجولتين 1 4 مرشحا من 4 3 1 مرشحا و 77 مستقلا ضم منهم الوطنى 58 مستقلا ليصبح عدد مقاعد الوطنى فى المرحله الثانية 106 مقعدا .


وفى المرحلة الثالثة حصل على 71 مقعدا من 165 مقعدا وضم إليه من مستقلى المرحلة الثالثة إضافة لبعض المستقلين الذين لم ينضموا خلالى المرحلتين الأولى والثانية حتى أصبح إجمالى عدد نواب الحزب الوطنى بعد ضم المستقلين وبعد انتهاء الانتخابات 388 مقعدا حسب النتائج الرسمية التى أعلنتها وزارة الداخلية بعد انتهاء الانتخابات .

ويمكن أن نميز موقف الوطنى من المستقلين بين مرحلتين :

الأولى : ما قبل الإنتخابات :

حيث أكدت قيادات الوطنى أن الحزب سيتخذ موقفا حاسما مع القيادات غير الملتزمة حزبيا قبل إجراء الانتخابات رغم أن تجربة انتخابات 1995 تؤكد ضم الحزب للمستقلين الفائزين بعد الانتخابات إلا أن تاكيدات الانتخابات الأخيرة باتخاذ موقف حاسم من المرشح نجير الملتزم حزبيا كانت واضحة وعالية الصوت .

إلا أنه أيضا لم يتم تنفيذها كما أكد أحد كبار صحفى المعارضة قبل الانتخابات أعلن رجال الحزب الوطنى ومسئولوه أن الحزب لن يسمح بأن يرشح أحد أعضائه نفسه فى انتخابات يرشح فيها الحزب غيره ويوكد - الوطنى - أنه متمسك بالالتزام الحزبى إلا أنه فى كل مرة يتناسى (الوطنى) حكاية الالتزام ويصمت إلى أن تظهر نتائج الانتخابات فإذا نجح الخارج على هذا الالتزام عاد إلى - الوطنى - وعلى المعترض أن "يخبط رأسه فى الحيط " ومن لا يصدق عليه أن يقرأ تصريحات "رجال الوطنى) ويتابع الانتخابات ليتاكد مما نقول ونصبح غير مضطرين لتقديم الدليل على ما نقوله .

الثانية : هو ما يتم فعلا حيث يتم ضم المستقلين الناجحين إلى قوائم الحزب أيا كانت -إلإعتراضات السياسية والقانونية على ذلك الضم. فقد "رفض كمال الشاذلى وزير مجلسى الشعب والشورى أراء أساتذة القانون الذين يتهمون المرشحين بخيانة الأمانة التى حملها لهم الناخبون وقال الشاذلى : إن العديد من المرشحين المستقلين ينضمون إلى الحزب الوطنى ويعتبرون من ضمن مرشحيه ولا يمكن رفضهم فى حالة انضمامهم إلى الحزب بعد فوزهم ، رغم أن الأمانة العامة كانت قد أصدرت قرارا بفصل أى عضو يرشح نفسه مستقلا"والعجيب أن أمين عام الحزب د. يوسف والى أكد بعد ظهور نتيجة المرحلة الأولى أن الحزب "اعتذر لعدد من المستقلين من غير أعضائه عن عدم الانضمام إليه بعد نجاحهم فى المرحلة الأولى كما رفض الحزب إعادة المفصولين منهم للحزب مرة أخرى بعد فوزهم فى الانتخابات

ولكن الواقع والنتائج أكدا أن نسبة نجاح مرشحى الحزب الفعليين لم تتعد 38% من الناجحين ارتفعت إلى 88% بعد ضم المستقلين للحزب .

إن رموز الحزب لم يتورعوا عن الدفاع ضم وعودة المستقلين مرة أخرى إلى الحزب مؤكدين أنهم أبناء الحزب وخاضوا الانتخابات على مبادئه والحزب أولى بهم .

دلالات فوز المستقلين :

تعرض كثير من المراقبين السياسيين لظاهرة تنامى وفوز المستقلين فى النظام المصرى بدرجة لا يشهدها نظام آخر فى العالم حتى أنظمة التعددية المقيدة وهو ما يثير دلالات معينة أهمها :

"أن التنظيمات الحزبية الموجودة فى الشارع المصرى (15 حزبا) لا تعبر عنه بشكل حقيقى فالوطنى حصل على 38% من المقاعد والوفد على 7 مقاعد فقط والتجمع على 6 مقاعد والناصرى (مقعدين ) والأحرار (مقعد واحد) بما يعد دليلا على حالة الغياب أو التغييب التى تعيشها الأحزاب فى مصر وحاجة المجتمع ل أحزاب فعلية تعبر عنه وليست أحزاب ديكور .

ثانيا : أن النسبة الكبيرة من المقاعد التى حصل عليها المستقلون (238 مقعدا إضافة ل 17 مقعدا للإخوان ) تعبر عن فشل الأحزاب الموجودة أو التوغل والانتشار داخل المجتمع المصرى . ف الأحزاب فى مصر كما يرى الكاتب الصحفى أسامة سرايا "حتى الحزب الوطنى الحاكم أحزاب شكلية لها مبان وليس لها مضمون فعلى أو هياكل حقيقية قد تكون مؤسسات صحفية أو خدمية لكنها ليست بالقطع مؤسسات سياسيه تلك هى الحقيقة المرة التى كشفت عنها الانتخابات فى مصر وبعيدا عما أثاره ضم المستقلين للوطنى من رفض شبه عام من السياسيين و أحزاب المعارضة ورد الفعل الحكومى على ذلك الرفض إلا أن الواقع يؤكد فعلا أن الأحزاب فئ مصر مفقودة وأن جزءا كبيرا من اختيار الناخب للمرشح يعتمد على شخصيته وما يستطيع من تقديمه من خدمات لدائرته ومدى اتصاله بالناخبين سواء على أساس قبلى أو خدمى بحسب كل دائرة .

هذا بالطبع مع استثناءات حظى بأغلبها المرشح الاسلامى الذى اختاره الناخبون على أساس انتمائه أولا يليه أسباب أخرى كثيرة سيرد ذكرها فيما بعد"


ملاحظات انتخابية

شهدت الانتخابات الأخيرة عددا من الظواهر منها ما هو تقليدى ومنها ما هو جديد إلا أن ما يجمعها أن مصدرها حكومى أو من السلطة بمعنى أن مصدرها هو الحكومة وذلك لتحقيق أغراض عده أهمها المساهمة فى نجاح مرشحيها أو مرشحين بعينهم ومواجهة مرشحين أو اتجاهات بعينها وأهم هذه الظواهر :

أولا : التحيز الحكومى لمرشحى الوطنى :

فالسلطة التنفيذية ممثلة فى الحكومة وقفت بكل قوتها خلف مرشحى الوطنى وسخرت من أجل هذا كل الامكانيات .

ففى دائرة المنشية والجمالية قام وزير الاسكان محمد إبراهيم سليمان مرشح الوطنى فى الدائرة "بإنشاء كبارى مشاه بسرعة للدائرة بعدما طلبوا منه ذلك وقام بتجديد كنيسة زويلة - التى تتبع وزارة الثقافة من ناحية الترميم لأنها من الآثار المسجلة - على حساب وزارته "

كما قام وزير الزراعة والأمين العام للحزب الوطنى د. يوسف والى بتخصيص أرض مملوكة للدولة فى دار السلام لمرشحى الوطنى ( يحى السعيد ، مختار سعد ) لاقامة مجمع مدارس عليها واستجاب رئيس الوزراء لهما لاقامة مركز شرطة جديد للمنطقة"

دائرة مينا البصل التى فشل فيها مرشحا الوطنى وفاز فيها مرشحا الإخوان من الجولة الأولى قامت الحكومة بتعديل دائرة مينا البصل خصيصا لصالح ، مرشحى الوطنى بضم مناطق الإسناوى والمتراس إلى دائرة الدخيلة والعامرية وبرج العرب ، والهدف منها ، هو إضعاف قوة بعض المستقلين المنافسين لصالح ، د. يحى أو ستيت "

وتمثل التحيز الحكومى كذلك فى حضور رئيس الوزراء وبعض الوزراء لبعض المؤتمرات -الانتخابية لمرشحى الوطنى - خاصة الرموز - أو تسخير المصالح الحكومية لمرشحى الوطنى أو التواطؤ من بعض مخالفاتهم فقد شارك رئيس الوزراء د. عاطف عبيد وبعض الوزراء فى المؤتمرات الانتخابية وتقديم للدكتور كمال الشاذلى فى الباجور ود. يوسف والى ابشواى ومرشح منيا القمع ود. يوسف بطرس غالى (المعهد الفنى) والتى قام فيها الوزراء بالاعلان عن تنفيذ مجموعة من المشروعات الخدمية لأبناء كل دائرة فى محاولة لكسب أصواتهم وتأييدهم لمرشحى الوطنى"

وفى أمثلة واضحة لتسخير المصالح ، الحكومية لصالح مرشحى الوطنى ما حدث فى دائرة 24 حلوان حيث تم "استخدام سيارات وزارة الإنتاج الحربى لخدمة الوزير المرشح سيد مشعل " واتخاذ وزير الأشغال العامة د. محمود أبو زيد المرشح فى دائرة نهطاى لديوان محافظة الغربية "ديوانا له لخوض الانتخابات "

"والقبض على25 من أنصار منافسه المستقل ( السيد شعير ) فى قرية كفر كلا الباب والتهديد لمزيد من الاعتقالات فى حالة توثيق توكيلات جديدة لمؤيديه وقد تم اقتحام 12 مترلا .

وعلى مستوى المحافظين "عقد حسن عبدالرازق السكرتير العام لمحافظة بورسعيد اجتماعا مع رؤساء الأحياء ومديرى المديريات والمصالح بالمحافظة وطالبهم بتجميع البطاقات الانتخابية من الموظفين التابعين لهم وتخصيص أتوبيسات المحافظة ومشروعات النقل الداخلة لنقل الموظفين (الناخبين ) من أماكن وظائفهم والذهاب بهم للإدلاء بأصواتمه لصالح مرشحى الحزب الوطنى فى انتخابات الإعادة بالدوائر الثلاث "

كما قام محافظ بنى سويف المهندس سعيد النجار بمجهود كبير لدعم مرشحى الحزب الوطنى إلى حد قيامه بنقل بعض الموظفين بالادارة المحلية من مواقعهم إلى مواقع أخرى بسبب قيامهم بمساندة بعض المرشحين المستقلين "

وقام محافظ القاهرة د. عبد الرحيم شحاته "بإصدار تعليمات مشددة إلى جميع أحياء القاهرة بدعوة مرشحى الحزب الوطنى لحضور افتتاحات المشروعات الجديدة بجميع قطاعات الخدمات "

أما التجاوزات التى قام بها المرشحون بواسطه أنصارهم أو الشرطة ذاتها وتغاضت عنها السلطة لضمان نجاح مرشحها فحدث ولا حرج خاصة فى دوائر الإسلاميين أو رموز الوطنى .

ففى الباجور التى ترشح فيها السيد كمال الشاذلى وزير الدولة لشئون مجالسى الشعب والشورى وأمين التنظيم والأمين العام المساعد للحزب الوطنى أصدرت لجنة الوفد ب المنوفية - حيث ترشح أمين الوفد ب المنوفية د. محمد كامل ضد الشاذلى - بيانا أكدت فيه "أن أنصار الحزب الوطنى خرجوا حاملين الأسلحة الالية فى بعض الدوائر وتم إبلاغ جهات الأمن بذلك كما تبين أن كشوف الناخبين التى تم توزيعها على المرشحين لم تطابق الكشوف الفعلية الموجودة داخل اللجان بما فى ذلك أرقام القيد فى الجداول و لم يتمكن مندوبوا ووكلاء المرشحين من غير الحزب الوطنى من حضور الانتخابات بسبب عدم موافقة أجهزة الأمن على التوقيع على إخطارات المندوبين كما تم القبض ليلة الانتخابات أو أمام اللجان على بعض المندوبين ووكلاء المرشحين .

وفى دوائر الإسلاميين وصل الأمر لاعتقالى المرشح ذاته أو لضرب الناخبين بالرصاص والقنابل المسيلة للدموع من أجل منعهم من التصويت خوفا من تصويتهم للمرشح الاسلامى وإن كنا قد ذكرنا فى مواضع سابقة نماذج صارخة لسلوك السلطة ضد المرشحين الاسلاميين إلا أن هناك نموذجا لابد أن يذكر خاصة وأن صحيفة قومية هى التى أوردته - رغم التحيز الإعلامى الواضح لصالح مرشحى الوطنى والذى سيرد ذكره - عن دائرة العرب والضواحى حميعا أكدت الجريدة أن الثنائى أكرم الشاعر (فئات ) و إيهاب خفاجى عمال قد فازا في الدائرة "رغم ما حظى به مرشحا الوطنى من اهتمام واسع النطاق من قيادات الوطني والسلطة امتد حتى قرى الجنوب ورغم هذا كانت الكلمة الأولى والحاسمة لتكتلات الناخبين فى حى العرب الذين استفزهم تحرشات أنصار محمد المصرى مرشح الوطنى والتى انتهكت بعمليات شغب وصدامات وقع ضحيتها 4 2 مصابا بخلاف 29 داخل أقسام شرطة الضواحى"

ثانيا : الرشاوى الانتخابية الحكومية :

لم يقتصر التدخل الحكومى لانجاح مرشحى الوطنى على التحيز فقط بل امتد لتقديم رشاوى انتخابية حكومية ترتبط دائما بموسم الانتخابات لاغراء الناخبين على اختيار مرشحى الوطنى خاصة في دوائر الرموز :

ففى دائرة أبشواى ب الفيوم منحت الوحدة المحلية زجاجة زيت وعلبة سمن لكل ناخب أعطى صوته لمرشحى الوطنى.

كما قام الدكنور يوسف والى بتوزيع ( 550 عقد فى مؤتمره الانتخابى على المنتفعين والمضارين من قانون المالك والمستأجر للأراضى وهو القانون الذى- (خلقته الحكومة وتستخدمه الآن فى الرشاوى الانتخابية مع وعد بتوزيع ألف عقد آخر وعدم توقيع أى حجز الآن أو إجراءات تعسفية على المواطنين فى المحافظة .

كما أعلن الدكتور والى أيضا فى نفس المؤتمر أن هناك ( 225 مليون جنيه لتمويل إعادة جدولة ديون صغار المزارعين بل أكدت بعض الصحف أن البناء س الأراضى الزراعية فى الفيوم كان مسموحا به قبل الانتخابات وتمت إزالتها بعد الانتخابات "

كما أعلن وزير القوى العاملة أحمد العماوى ود. عمود أبو زيد فى مؤتمر انتخابى بالمحلة عن "توزيع 50ألف فدان على الشباب وصغار المنتفعين بتوشكى و5،1 مليار جنيه لتطوير المناطق العشوائية بالمحافظات .

وقام د. يوسف بطرس غالى بتوفير فرص عمل لحوالى 250 شابا من أبناء دائرة المعهد الفنى التى ترشح فيها فى "البنوك وشركات التأمين لخدمة الدعاية الانتخابية لوزير الاقتصاد"

ثالثا التحيز الإعلامى :

شهدت الانتخابات تحيزا إعلاميا - خاصة من الصحف القومية - لمرشحى الوطنى سواء بتغطية المؤتمرات الانتخابية التى يشارك فيها الوزراء أو لتلميع المرشح الحكومى خاصة إن كان من الرموز أو تشويه صورة مرشح آخر منافس .

فقد تم تخصيص صفحات كاملة أو أجزاء كبيرة منها لتغطية المؤتمرات الانتخابية للوطنى فى دوائر الوزراء المرشحين أو المؤتمرات التى يحضرها رئيس الوزراء والوزراء .

فالصحف القومية كلها تابعت جولات الوزراء المرشحين ومؤتمراتهم كجولات د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب فى السيدة زينب ود. يوسف بطرس غالى فى المعهد الفنى وكمال الشاذلى فى الباجور ود. آمال عثمان فى الدقى مع طرح موضوعات كاملة عن إنجازات كل منهم .

فعلى سبيل المثال موضوع رئيسى فى جريدة السياسى المصرى بعنوان (الخدمات الجماهيرية تحسم المعركة لصالح كمال الشاذلى ) أكد فيها المحرر إنجازات الشاذلى وزير مجلسى الشعب والشورى والأمين العام المساعد للحزب الوطنى وأمين التنظيم وعضو المجلس منذ 37 سنة منها ثلاث دورات بالتزكية عن دائرة الباجور منوفية السابقة التى تؤهله للفوز.

وذكرت مجلة أخرى أن "أبناء المنوفية فى دائرة الباجور أكدوا فى مؤتمراتهم وتجمعاتهم أنهم سيكونون على قلب رجل واحد أمام صناديق الانتخابات يوم 18 أكتوبر القادم ليقولوا نعم لمرشحهم أمين عام التنيم ب الحزب الوطنى صالمجا الإنجازات العديدة تخط قبة البرلمان وفى مدينة الباجور" وقامت صحيفة قومية أخرى بعمل موضوع رئيسى فى صفحة داخلية عن "المؤتمر الانتخابى للسيد كمال الشاذلى فى الباجور"

كما تم استخدام الصحف أيضا لتشويه صورة المرشحين المنافسين خاصة الاسلاميين أو من يترشحون ضد رموز حكومية .

فالشاذلى أكد لإحدى الصحف أن المرشح المنافس د. محمد كامل رئيس لجنة الوفد ب المنوفية "أنفق 10 ملايين جنيه لينال شرف السقوط أمام الوزير.

كما أن المرشحة الاسلامية الوحيدة فى تلك الانتخابات السيدة جيهان الحلفاوى وزوجها د. إبراهيم الزعفرانى نالهما من التشويه الإعلامى الرس نصيب ، فتحت عنوان حبس الزعفرانى (لتزعمه ) مظاهرة لتأييد زوجته ورد الخبر كما يلى "أمرت نيابة شرق الإسكندرية بحبس د. إبراهيم الزعفرانى 15 يوما على ذمة التحقيق لقيامه بتزعم مسيرة من 60 شخصا لتأييد زوجته جيهان الحلفاوى المرشحة لعضوية مجلس الشعب بدائرة الرمل " المعروف أن د. إبراهيم الزعفرانى قد تم رفض طلب ترشيحه فى انتخابات مجلس الشعب بسبب وجود حكم قضائى سابق ضده " وعلى الخبر عدة ملاحظات توضح مدى استخدام الصحف القومية فى تشويه صورة الزعفرانى : أولا : لم يكتب فى الخبر مع اسمه منصبه الحالى كأمين عام لنقابة أطباء الإسكندرية أى شخصية عامة فى محافظته وعلى مستوى الجمهورية .

ثانيا : لم يتم توضيح سبب رفض الأمن لأوراق ترشيحه بل تم الاكتفاء بأن له حكم قضائى سابق مما يجعل القارئ يظن أنها قضية مخلة بالشرف تمنعه من الترشيح بينما هى على العكس من ذلك تماما فهى قضية ما يصدق عليها أنها جالبة للشرف حيث أنه حكم لمحكمة عسكرية وهو قضاء -استثنائى لا يجوز فى العا لم كله محاكمة المدنيين أمامها - والتى قضت بحبسه ثلاث سنوات لانتمائه ل جماعة الاخوان المسلمين أى أنها قضية سياسية فى الأساس .

ثالثا : لم يتم الاشادة بما فعله الزعفرانى لدعمه زوجته المرشحة ولكن الزعفرانى لم يكتفى بذلك بل سار فى جولاتها الانتخابية واعتقل بسبب ذلك حتى كتابة هذه السطور ، ولو فعلها غيره لوصفوه بالتقدمية ولكن إذا فعلها الإسلامى المتهم أساسا بالظلامية والعمل على عودة المرأة لعصر الحريم المزعوم فيتم تجاهل ذلك تماما رغم أن الزعفرانى بالطبع فعل ذلك انطلاقا من مبادئه الإسلامية وليس لأى سبب آخر كما ذكر هو بنفسه "

حتى المرشحة ذاتها السيدة جيهان الحفاوى لم تنجو من ذلك التحيز الإعلامى المضاد لها ، ففى نفس العدد وفى صفحة كاملة عن المرشحات للمجلس لوحظ أن ما تم تخصيصه للمرشحة الإسلامية كان فى ذيل الصفحة وأن صورتها ليست واضحة وجانبية عكس كل المرشحات .

واختير لها عنوان يتضح فيه الاستهزاء مقارنة بالعناوين التى تم اختيارها لباقى المرشحات حيث كان العنوان (مرشحة التيار الإسلامى تطالب بأماكن للمرأة داخل المواصلات العامة)

بينما عناوين موضوعات باقى المرشحات تستخدم فيها علامة التعجب واختيرت عناوين جذابة مثل "وزيرة دخلت السياسة وتعودت على النجاح " عن دكتور آمال عثمان .

رابعاً: البطش بالصحافة :

ولا يعنى رصد بعض مظاهر التحيز الإعلامى لمرشحى الحكومة أن الصحفيين نالوا حريتهم التى كفلها لهم القانون لتغطيه الانتخابات بل ما حدث معهم هو العكس تماما ، حتى مع الصحف القومية والمراسلين الأجانب فى ظل المراحل الانتخابية وإن كانت فى الثالثة أشد أو فى الدوائر التى ترشح فيها الاسلاميون بصفة عامة لدرجة أن نقابة الصحفيين أصدرت بيانا أدانت فيه بشدة ما تعرض له الصحفيون من اعتداء ات خاصة فى المرحلة الثالثة .

كما قام خمسة من مراسلة القنوات والصحف الأجنبية بتقديم بلاغات إلى النيابة أكدوا فيها وقوع اعتداءات عليهم وهم مراسل نيوزويك عبير علام ودير شبيجل الألمانية نور برت شيلر والتليفزيون الألمانى أحمد مصطفى وصوت أمريكا ديل حافلاك ورئيس طاقم قناة الجزيرة حسين عبدالغنى ومساعده المصور حسام أبو المجد.

كما رصدت صحيفة العرب اعتدات على 18 مراسلا أجنبيا فى المرحلة الثالثة وحدها منهم من تعرض لاعتداء ات من الأمن فى المرحله الأولى كذلك ومنهم " سارة الديب مراسلة الأسوشيتدبرس فى دائرة البساتين ومريم فام مراسلة نفس الوكالة فى أشمون و مروان العناق مراسل وكالة الأنباء الفرنسية وكارولين هالوى مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية (فى دائرة الدقى) و جيهان العلايلى نفس الهيئة فى دائرة (الوايلى وقبلها أشمون ) و سوزان حرفى مراسلة قناة أبو ظبى (فى دائرة الزقازيق والتى ادعت إحدى الصحف القومية أن أنصار المرشح الاسلامى د. محمد مرسى هم الذين اعتدوا عليها فى قرية هرية وأتلفوا الكاميرا الخاصة بما وحررت محضرا بالواقعة"

رغم أن المراسلة أكدت أن الشرطة هى التى اعتدت عليها وأن المحضر كان ضد الشرطة وليس أنصار المرشح "

إضافة للاعتداءات التى تعرض لها الإعلاميون والصحفيون المصريون التابعون للصحف القومية والقنوات التليفزيونية المحلية منها "مصور الأهرام الذى اعتدى عليه أحد ضباط الأمن - برتبة عقيد – فى الزاوية الحمراء ورفض السماح لهم بالتصوير"

وتعرض الصحفى أحمد الدسوقى الصحفى ب جريدة الأخبار أثناء متابعته لانتخابات دائرة مدينة المنصورة لمضايقات ضابط مباحث قسم ثان المنصورة - الذى قال له لا توجد انتخابات وعندما لم يستجب أحمد الدسوقى لما قاله الرائد دفعه داخل سيارة الشرطة - البوكس - واقتاده إلى قسم الشرطة بعد موجة من السباب بأقذع الألفاظ وتوصية أربعة من المخبرين بالتناوب عليه باللكمات والركلات وتم حجزه عدة ساعات داخل غرفة الحجز ثم أطلق سراحه ولكن بعد تحرير محضر تحر . وأمام مدرسة محرم بدمنهور ثم الاعتداء على هشام كمال المصور و عبدالنبى الشحات الزميلين ب جريدة الجمهورية وقام بلطجية الحكومة بتمزيق ملابسهما وضربهما بالشوم أما الزميل عبد الحكيم الشامى المحرر ب جريدة الأهرام المسائى فقد تم احتجازه داخل قسم الشرطة بالزقازيق أثناء متابعته لسير العملية الانتخابية ، بعد أن قام ضابط المباحث بإلصاق تهمة تفصيل للزميل حيث اتهمه بالاعتداء بالضرب على أحد المواطنين ، كما ادعى أن هناك شخصين - لم يحددهما - قدما شكوى ضد الزميل وبالطبع لم تقتنع النيابة بهذا الكذب الفاضح فتم إخلاء سبيل الزميل عبد الحكيم الشامى على الفور .

وأمام مدرسة نبروه بالدقهلية قام الضباط المكلفين بالحفاظ على أمن المواطنين بالاعتداء على مجدى سلامة الزميل ب جريدة الوفد ، و لم تقتصر الاعتداءات على الزملاء من الصحفيين بل كان *للصحفيات أيضا نصيب من البطش فتعرضت الزميلتان حنان عثمان و نادية مطاوع ب جريدة الوفد لاعتداء سافر من بلطجية الحزب أثناء متابعتهما لانتخابات المرحلة الثالثة أمام مدرسة المعصرة بدائرة حلوان . وكانت دائرة الدقى - المستشار الهضيى وآمال عثمان - أكثر الدوائر عنفا من الشرطة والبلطجية ضد الصحفيين والمراسلين الأجانب حيث تم الاعتداء على مراسل راديو ألمانيا ودير شبيجل ونيويورك تايمز والجزيرة وأعربت جمعية المراسلين الأجانب عن شديد استيائها لهذه الأحداث والتصرفات المشينة من رجال الأمن .

وكان ل جريدة افاق عربية النصيب الأكبر من تلقى جرعات البطش الحكومى فقد تم اعتقال الزميل هشام الهلالى - نائب مدير التحرير - أثناء توجهه لمترل الدكتور حازم فاروق المرشح الإسلامى لإجراء حوار معه وتم الإفراج عن الزميل بعد55يوما من الاعتقال والحجز بسجن أبى زعبل . وكان لتشابه اسم الزميل ياسر أبو العلا مع اسم المرشح الاسلامى بالحوامدية أبو العلا قرنى سببا فى بقائه بالحجز تسعة أيام وتم حجز الزميل صلاح الطاير - عدة ساعات أثناء قيامه بالتصوير فى دائرة المعادى البساتين أثناء الجولة الأولى والزميل محمد حسين فى دائرة العرب والضواحى والزميل وجيه عاشور فى المنوفية و عصام الشرقاوى فى عين شمس و أحمد سبيع فى حلوان "

سلاح المال :

كما شهدت الانتخابات الأخيرة - وهى ظاهرة طبيعية منذ العمل بالنظام الفردى فى الانتخابات البرلمانية منذ عام 1990 - تزايدا لدور المال فى الانتخابات سواء لشراء الأصوات أو للدعاية المكثفة أو للتبرعات الكبيرة للتأثير فى الناخبين وذلك بالرغم من قرار وزير الداخلية الذى "يحظر على المرشح إنفاق مبالغ مالية على الدعاية تتجاوز 10 ألف جنيها مصريا إلا أن البعض توقع أن تتجاوز تكلفة الدعاية الانتخابية للمرشحين 850 مليون جنيها"

ولكن بعد الانتخابات رصد البعض إنفاق بعض المرشحين 10 ملايين جنيه على الدعاية (للمرشح الواحد تم إنفاقها على مصادر محددة وهى البوابات الضخمة وتوزيع الملابس والطعام على الفقيراء أو على الناخبين بصفة عامة ودفع مصاريف المدارس لطلاب الدائرة والصور الضخمة للمرشح فى الشوارع الرئيسية والبيانات التى يتم توزيعها بصفة دورية وأشرطة الكاسيت التى تحتوى على دعاية للمرشح بصوته بشرع فيها برنامجه الانتخابى وإنجازاته السابقة والملصقات والسرادقات الانتخابية لمؤتمراته وسماسرة الانتخابات وشراء الأصوات وتوزيع تليفونات المحمول على المؤيدين (مجموعة يؤجرها السماسرة للهتاف للمرشح فى مؤتمراته وجولاته ) والمحامين والقائمين على الدعاية (مدير الدعاية ومعاونوه ) وإعلانات الصحف وإنشاء موقع على الإنترنت وغيرها من وسائل الدعاية أو "الدفع للحزب الوطنى لترشيحه "

حتى وصل الأمر إلى أن بعض "الأوساط الاقتصادية قدرت حجم الأموال التى أنفقها المرشحون فى انتخابات مجلس الشعب بمراحلها الثلاث بنحو 10 مليارات جنيه "

وهناك رجال أعمال بعينهم اشتهروا بالإنفاق ببذخ خلال تلك الانتخابات منهم رجل الأعمال رامى لكح "الذى قدر بعض القريبين منه قبل الانتخابات إنفاقه 5ملايين جنيه مصرى على الأقل على دعايته الانتخابية بالرغم من أنه مدين للبنوك المصرية بمليار ونصف مليار جنيه وأكد البعض أن الصوت فى دائرته وصل إلى 150 جنيه قبل الانتخابات مباشرة رغم أن محكمة القضاء الإدارى أصدرت أكنر من حكم (منها جلسة 6/11/ 2000 ) باستبعاد رامى لكح من الترشيح لازدواج جنسيته حيث أنه لم يدخل الجيش استنادا لكونه يحمل الجنسية الفرنسسية إلا أنه استشكل ونجح من الجولة الأولى فى دخول البرلمان . بل فى إحدى دوائر الاسكندرية (استخدم مرشح الوطنى طارق طلعت 15 ألف عامل بشركاته للتصويت لصالحه فى دائرة سيدى جابر على الرغم من أنهم عمال من المنوفية و القليوبية و البحيره وتم نقلهم بأتوبيسات "

كما يبرز أيضا بقوة نموذج رجل الأعمال محمد أبو العينين الذى قام بحملة دعائية قوية أهمها المتابعة الصحفية شبه اليومية وبمساحات كبيرة (نصف صفحة - صفحة كاملة) لحملته الانتخابية والمؤتمرات الانتخابية العديدة التى عقدها فى دائرته (مع عمال الشركة الشرقية للدخان - هيئة النقل العام بالمنيب - مسجد الاستقامة - وميدان الجيزة وغيرها) والتى حضر أحدها رئيس الوزراء د . عاطف عبيد و 9 وزراء آخرين أعلنوا فيها الاستجابة لـ 17 مطلب ل محمد أبو العينين فى دائرته ، إضافة للسابقة الأولى من نوعها فى تاريخ الجامعات المصرية وهى اجتماعه مرتين مع رئيس الجامعة وعمداء الكليات للبحث فى قى تطوير الجيزه حضرها حوالى45 أستاذا وعميدا فى قاعة أحمد لطفى السيد بالجامعة وانتهت فى الاجتماع الثانى بتوقيع بروتوكول بين الجامعة والمحافظة (بحضور المحافظ ورئيس المحلس الشعبى للمحافظة ورجال الأعمال ومنهم محمد أبو العينين ) وعدد المدارس التى أعلن عن إنشائها على حسابه الخاص ( 15 مدرسة فى المنيب و حدها) .

ونجح بالفعل فى تلك الانتخابات 30 رجل أعمال على الأقل فى المجلس يتوقع أن يؤثروا فى بعض القوانين لمصالحهم إضافة لاحتمال احتماء بعضهم بالحصانة ضد بعض القضايا المرفوعة عليهم . عنف السلطة :

ارتبط العنف فى الانتخابات المصرية وتزايدت معدلاته منذ البدء فى العمل بالنظام الفردى وذلك لاعتماد كل مرشح على عصبيته وقوته كأساس لفوزه فى دائرته ولكن العنف غالبا ارتبط . بمصدرين :

الأول : المرشحين ضد بعضهم البعض بصفة أعم .

الثانى : عنف الشرطة ضد مؤيدى الإخوان فى الانتخابات السابقة (خاصة 1995 ) باعتقالهم قبل وأثناء الانتخابات ، وإن كان جانب من حوادث القتل والإصابات المرتبطة بالانتخابات الماضية كان سببها اصطدام المرشحين أو مؤيديهم بالطبع ببعضهم البعض .

ففى انتخابات 95 "فى مرحلة الحملة الانتخابية انتهت بثلاثة قتلى و 36 مصابا و0 8 حادث عنف فى 4 محافظالات وفى الجولة الأولى 72 حادث عنف و 3 2 قتيلا بالاضافة إلى 1 2 1 مصابا وشملت أعمال العنف 19 محافظة ، وفى الجولة الثانية (الإعادة) لم يحدث سوى 353 حادث عنف فقط ولقى مصرعه فى تلك الجولة15 شخصا وأصيب 100 شخص " أى أن إجمالى القتلى بلغ حوالى 41 قتيلا (35 بإحصاءات الشرطة الرسمية) و 257 مصابا على الأقل .

كما شهدت الانتخابات عام 1995 كذلك "تدمير أربعة مبان للشرطة ومكتب للبريد وأحد البنوك ومجمع استهلاكى و 21 سيارة خاصة و 120 أتوبيسا ومحطة سكة حديد وأكد مندوب اللجنة المصرية المستقلة لمتابعة الانتخابات أن عدد القتلى 51قتيلا وعشر أمثال هذا العدد من الجرحى ، بينما تشير مصادر المعارضة (وفد 25/12/ 1995 أن عدد القتلى وصل إلى 64 قتيلا و0 0 6 جريح "

ولكن فى الانتخابات الأخيرة لم يتغير مصدر العنف (الشرطة) (المرشحين ) ولكن اختلفت نسبة مسئولية كل منهما ونتائج ذلك العنف .


فالعنف أصبح مصدره الرئيسى الشرطة والسبب أن إشراف القضاء على الانتخابات في اللجان يعنى صوبة تزويرها وتسويدها ومن ثم فالحل الأمثل هو منع الناخب من الوصول إلى اللجان للإدلاء بصوته خوفا من ذهاب ذلك الصوت لمرشحين لا ترغبهم الحكومة (الإخوان بصفة خاصة) وتصاعد عنف الشرطة ضد المرشحين الاسلاميين بدءا من الاعتقال والتضييق الاقتصادى مرورا بالمنع أمام اللجان واستخدام كل أنواع الأسلحة لضمان عدم وصول الناخبين للجان (حالات أشمون والعرب والضواحى وشبين الكوم والدقى والبساتين وشبرا الخيمة وغيرها) بل واختلف أسلوب تعامل السلطة مع الناخبين والمرشحين من دائرة لأخرى .

ففى الدوائر التى ترشح فيها الإسلاميون وقليل من المرشحين المستقلين أو الحزبيين الذين لم ترغبهم السلطة تبدأ الشرطة بالعنف أو ترد على غضب الناخبين بالعنف لمنعهم من التصويت ، ويمكن أن يتصاعد الأمر إلى استخدام الرصاص الحى والمطاطى والقنابل المسيلة للدموع . وفى الدوائر التى يتنافس فيها مرشحون مستقلون أو حزبيون ولا يهم السلطة نجاح أيا منهم لتأكدها من انضمامه للوطنى حال نجاحه تتعامل الشرطة بصبر كبير مع العنف الشديد الذى بدأ به المرشحون أو مؤيديهم وتصديقا لذلك :

ففى دمياط قام المرشح ياسر الديب (وطنى رسب من الجولة الأولى بحشد أنصاره فى ثلاتين سفينة قادمة من عزبة البرج ووقفوا فى عرض النهر يطلقون النيران فى الهواء بهستيرية بالغة ثم نزلوا إلى الشاطئ قبالة مقهى هو المقر الانتخابى للمرشح ضياء بصل ، وهجموا على المقهى وتم تكسير معداته وضرب الموجودين به وتكسير بعض العربات منها سيارة ضياء بصل وسط ذهول الناس واستنكارهم وإصابة العديد من المواطنين " .

الغريب أن المرشح ضياء بصل فشل فى الجولة الثانية ضد المرشح الإسلامى م. صابر عبد الصادق رغم استخدام السلطة لكل أساليب العنف لمنع أنصار عبد الصادق من التصويت .

وفى منية النصر ب الدقهلية "شهدت مصادمات بين أنصار المرشحين المستقلين استخدمت فيها الأسلحة النارية وأسفرت عن 13 مصابا أشعل المتظاهرون النيران فى مقر الحزب الوطنى وقسم الشرطة ومصنع ملابس وأتلفوا بعض السيارات وهو نفس السيناريو فى كفر الشيخ ضد مرشح الوطنى طه غلوش "

وفى كفر الزيات "استخدم مرشح الوطنى د. فتحى البرادعى والمستقل د. طلعت عبد القوى الأسلحة النارية واستخدم الأمن القنابل المسيلة للدموع لفض الاشتباك رغم مقتل اثنين وإصابة 47 من أنصار المرشحين .

بينما وفى نفس الجولة استخدم الأمن مع أنصار المرشحين الإسلاميين فى دمياط ( محمد الفلاحجى ) وصإبر عبدالصادق (الزرقا) الأسلحة النارية التى أدت لمقتل مواطن وإصابة 17 منهم ثلاثة فى حالة خطرة .

ورغم أن أنصار المرشحين الاسلاميين لم يستخدموا العنف حين منعهم الأمن بالقوة من الإدلاء بالأصوات وأقصى ما فعلوه كان الرد بالحجارة على الأمن الذي أستخدم إطلاق النار وحاصر القرى وفرض حظر التجول والأغرب هو وصف الطفل الذى استشهد (بالمتهم ) و لم تصف السلطة المرشحين المتنافسين (الوطنى ، والمستقل ) فى كفر الزيات بالقتلة رغم مقتل اثنين من أنصارهما فى المواجهات التى لم تتدخل فيها الشرطة إلا بالقنابل المسيلة للدموع فقط .

ونفس السيناريو تكرر مع أنصار المرشح المستقل والنائب السابق توفيق زغلول فى دائرة السنطة بمحافظة الغربية "الذين قذفوا مركز الشرطة بالحجارة وردت عليهم الشرطة بالقنابل المسيلة للدموع "

وكذلك "شهدت دائرة مزغونة ب الجيزة اشتباكات مسلحة بين أنصار المرشح المستقل عامر ناصر فئات وطنى والمرشح هشام عزام مستقل وأسفرت عن مصرع المواطن توفيق ناصر بالرصاص داخل إحدى اللجان الانتخابية بقرية الشوبك وأصيب اثنان آخران "

كل ذلك أكد أن العنف الذى يقوم به المرشحون المستقلون والوطنى تعامل معه الأمن بصبر بينما تعامل بعنف شديد مع أنصار ومؤيدى المرشح الإسلامى الذى لم تؤكد حادثة واحدة مسئولية أى مرشح إسلامى عن العنف أو تأليبه لمناصريه للقيام بالعنف بل على العكس تماما كان المرشحون الإسلاميون يمنعون الناخبين من اللجوء إلى العنف مع الأمن ويطالبونهم بالانسحاب والانصراف خوفا من المصادمات رغم الظلم الواقع دائما على المرشح الإسلامى ، ومنع أنصاره من التصويت د . فريد إسماعيل فاقوس شرقية الذى انتقده الناخبون العاديون لمنعه لهم من الاحتكاك بالشرطة التى منعتهم من التصويت ورأوا أحقيته بالفوز ولكنه رفض وصرفهم من أمام اللجان فى هدوء خوفا عليهم ، ونموذج طارق مكاوى و زكى بشندى فى كرداسة اللذين طالبا الناخبين بالعودة لمنازلهم بعد منع الأمن لهم من التصويت بالرغم من تجمهر أكثر من 10 آلف ناخب ومواطن أمام اللجان . ود. حسين الدرج فى شبرا الخيمة والذى حاول منع الناخبين من الاحتكاك بالشرطة وصرفهم من أمام مترله إلا أنهم عندما انصرفوا احتكت بهم الشرطة وتبادلوا العنف الذى استخدمت فيه السلطة الرصاص الحى والقنابل المسيلة للدموع )

ولكن من نماذج القرى التى واجهت مأساة فعلية رغم عدم وجود مرشح إسلامى بها قرية العمار بطوخ ب القليوبية حيث حاول أنصار المرشح المستقل عمر عامر الخروج للتصويت له ضد المرشح الوطنى منصور عامر ، فقام الأمن بمحاصرة القرية والهجوم عليها مما أسفر عن مقتل ثلاثة مواطنين ( عبد الجليل الحاج 35 سنة ، أيمن محمد شبراوى 2 2 سنة و على عبد السميع الجوهرى 23 سنة قبل زفافه بيومين ) وإصابة 20 آخرين بالرصاص والقنابل المسيلة للدموع إضافة لمقتل طفلة برصاص الشرطة لأسباب غير واضحة خاصة وأن أيا من أنصار المرشح الذين قتلوا ليس له أى انتماءات والذين خرجوا لتأييده هم أبناء قريته فقط .


حقيقة الاشراف القضائى

كان قرار المحكمة الدستورية العليا بضرورة الإشراف القضائى على العملية الانتخابية بمثابة نقلة نوعية وكبيرة فى تاريخ الانتخابات المصرية بصفة عامة هيأت فرصه كبيرة لضمان نزاهتها .

إلا أن ذلك الحكم رغم أهميته حالت العديد من إجراء ات السلطة دون تحقيقه بصورة كاملة وذلك للقيود والتعنت الذى واجهت به السلطة ذلك الحكم والضوابط التى أقرها لضمان نزاهة العملية الانتخابية بمراحلها المختلفة .

أولاً : ضمان النزاهة

أصدر القضاء عددا من الأحكام والقرارات لضمان نزاهة الانتخابات وحفظ حقوق المرشحين أيا كان صفاتهم ومنها :

1- تحويل المرشح من عمال إلى فئات إذا ثبت عدم أحقيته فى الصفة (نماذج أحمد هلال رمضان أبو الحسن فى السويس وغيرهم )

2 - رفض ترشيح مزدوجى الجنسية والهاربين من تأدية الخدمة العسكرية حتى لو دفعوا الغرامة ووضعوا بذلك مبدأ هاما فى أى انتخابات قادمة (تم تنفيذ بعض الأحكام ولم يتم تنفيذ البعض بسبب السسلطة التنفيذية)

حيث قضت المحكمة الادارية العليا بمجلس الدولة بعدم قبول أوراق المرشح مزدوج الجنسية (ردا على قرار محكمة القضاء الإدارى فى المنصورة بقبول أوراق مرشح مزدوج الجنسية ) وذلك لأن نصوص الدستور تحتم أن يقسم عضو مجلس الشعب أمام المجلس قبل أن يباشر عمله قسما مفاده أن يحافظ العضو خلصا على سلامة الوطن وأن يراعى مصالح الشعب وأوضحت المحكمة أنه لا يتصور أن يكون الولاء للوطن شركة مع وطن غيره أو شعب خلاف شعب مصر كما أصدر القضاء الإدارى حكما بأن المتهرب من الخدمة العسكرية لا يجوز له الترشيح ل مجلس الشعب حتى لو دفع الغرامة .

3- أعلن المستشار عادل قورة رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء عن ضرورة أن يقوم القضاة رؤساء اللجان الفرعية بأنفسهم بتسليم صناديق الانتخاب فى نهاية اليوم إلى لجان الفرز بموجب النص الصريح للمادة 34 من قانون مباشرة الحقوق السياسية"

4 - ووضع نادى القضاء إرشادات تستوجا بطلان أصوات الصندوق الانتخابى كما يلى :

- إذا ثبت من محضر اللجنة الفرعية قيام الأهالى بطريقة عنيفة بالهجوم على اللجنة والاستيلاء على بطاقات إبداء الرأى والتأشير عليها بالقوة ووضعها داخل الصناديق .

- إذا ثبت من محضر اللجنة الفرعية عدم السماح للمرشحين أو وكلائهم ومندوبيهم بالحضور أمام اللجان الفرعية وتمكينهم من إثبات ما يرونه من ملاحظات أو ثبوت طرد المندوبين والتعدى عليهم وعلى رؤساء اللجان يبطل هذا الصندوق .

- إذا ثبت أن قوات الأمن حالت بين الناخبين وبين دخولهم جمعية الانتخاب أو دخلت جمعية الانتخاب و لم تتمثل لأمر رئيس اللجنة بالخروج أو حالت بين المرشحين ووكلائهم ومندوبيهم من الحضور أمام اللجان .

- أما إذا سقطت السيارة التى تحمل صناديق الفرز فى إحدى الترع أو تمت سرقتها فيتم إلغاء الانتخابات فى الدوائر برمتها"

5- كما أن مجلس الدولة أكد على حقوق المرشحين فى الانتخابات وهى "حرية المنافسة والحصول على كشوف الناخبين السلمية وإقامة السرادقات وعقد الندوات وتوزيع المطبوعات

تقييد القضاء

بالرغم من الضمانات التى وضعها القضاء لضمان نزاهة الانتخابات إلا أن السلطة التنفيذية حاولت التنصل منها بعدد من الطرق :

عدم تنفيذ أحكام القضاء أثناء وبعد الانتخابات خاصة فى المرحلة الثالثة إذ لم تنفذ الحكومة أحكام القضاء بتغيير صفة العديد من المرشحين من عمال إلى فئات منهم ( عبد العزيز مصطفى فى قصر النيل و بدر شعراوى الجيزة و ثريا لبنة مدينة نصر و إبراهيم إدريس الجمالية و فتحى سليمان الخليفة و محمد سيد الزاوية الحمراء) وقام هؤلاء بدخول الانتخابات عن دوائرهم وعدم تغيير صفتهم من عمال إلى فئات بل ونجح بعضهم على تلك الصفة (مثل عبد العزيز مصطفى و محمد سيد و إبراهيم إدريس ) حتى الأحكام القضائية التى صدرت ببطلات نتائج الانتخابات فى بعض الدوائر لم يتم تنفيذها مثل حكم القضاء الإدارى ببطلان نتائج الانتخابات بدوائر الخليفة والزاوية الحمراء ومدينة نصر ومصر الجديدة وإعادتها بالكامل والإعادة على مقعدالفئات فى الدائرة 24 ب حلوان (سيد مشعل ) وقصر النيل بالكامل مع إدراج اسم عبد العزيز مصطفى فئات والأزبكية بالكامل وإدراج اسم عبد العزيز مصطفى فئات والأزبكية بالكامل وإدراج اسم محمود إبراهيم فئات والجيزة بالكامل وإدراج اسم بدر محروس فئات وبولاق الدكرور عمال واستبعاد محمد عمر زايد لعدم إجادته القراءة والكتابة"

وإلغاء انتخابات الدائرة الأولى بنها وشبرا الخيمة ثان " ووقف إجراء الانتخابات فى كفر صقر وطلخا لحصول مرشح الوطنى فئات جمال شربية على الجنسية الأمريكية"


الاستشكال أمام دوائرغير مختصة :

لجأ الحزب الوطنى إلى إقامة استشكالات الوقف تنفيذ أحكام القضاء الإدارى فى بعض الدوائر لتعيل تنفيذ لأحكام الصادرة سواء كان بطريقة قانونية (فى الحالات النادرة) أو بأسلوب الالتفاف بالطعن أمام محاكم غير مختصة (فى أغلب الحالات ) وذلك لكسب الوقت وتعطيل تنفيذ الحكم حتى ينعقد المحلس ليصبح هو سيد قراره والمختص الوحيد بالفصل فى صحة العضوية حتى لو صدرت بعد ذلك أحكام برفض الاستشكالات ".

وبالرغم من عدم قانونية تلك الاشكاليات لرفعها أمام دوائر غير مختصة إلا أن الداخلية قامت بتنفيذها وإجراء الانتخابات تحديا لأحكام القضاء وقد رفض رئيس محكمة القضاء الادارى تلك الأساليب وأكد أن "أحكام المحلس نهائية وأن الجهة الوحيدة التى توقف تنفيذ أحكامها هى دائرة فحص الطعون وأن على جميع الجهات التنفيذية الالتزام بذلك

ولكن السلطة لم تنفذ وعلى سبيل المتال صدرت ستة أحكام ضد وزير الإنتاج الحربى د. سيد مشعل بعدم أحقيته بالترشيح فى الدائرى 24 ب حلوان على مقعد الفئات إلا أن الحكومة قدمت استشكالا أمام دوائر غير مختصة وقامت بإجراء الانتخابات وفاز فيها د. مشعل .

وتكرر ذلك مع أكثر من مرشح حتى مع بعض المستقلين مثل رجل الأعمال رامى لكح الذى صدرت ضده أحكام بعدم أحقيته بالترشيح فى دائرة الظاهر لازدواج جنسيته وعدم تأدية الخدمة العسكرية إلا أنه قدم استشكالا أماها دائرة غير مختصة وفاز فى الانتخابات من الجوله الأولى أمام مرشح الحكومة د. عبد الأحد جمال الدين وكذلك فعل معظم مرشحى الحكومة الذين تم تحويل صفتهم من عمال إلى فئات أو قدموا استشكالا أمام دوائر غير مختصة وخاضوا الانتخابات ونجح بعضهم بالرغم من عدم تنفيذه لأحكام القضاء (عبد العزيز مصطفى قصر النيل و إبراهيم إدريس وغيرهم )

إعاقة القضاة عن القيام بدورهم داخل اللجان

بالرغم من أن الاشراف القضائى لم يغطى إلا مرحلة التصويت فقط وداخل 30% من اللجان "حيث أن وكلاء النيابة العامة وهيئة قضايا الدولة موظفون تنفيذيون يخضون لوزير العدل وهم يمثلون غالبية الهيئة القضائية المشرفة على الانتخابات خاصة على اللجان الفرعية. إلا أن الدوائر التى شهدت منافسات شديدة خاصة من مرشحى الإخوان ضد مرشحى الوطنى ، مارست فيها الشرطة إجراءات منعت بعض القضاة من ممارسة اختصاصاتهم ، فمنعت الناخبين من الإدلاء بأصواتهم أو تعطيلهم ، وفى حالة محاولة القضاة المشرفين على اللجنة إدخال الناخبين يتم التعدى على القضاة من قبل الشرطة بالسب أو بالضرب أحيانا ، ففى بنها قامت النيابة بالتحقيق مع "ضابط بمباحث أمن الدولة ضرب قاضيا من المشرفين على اللجان بالكرسى لاعتراضه على منعه المواطنين من الإدلاء بأ صواتهم كما تم تغيير القضاة الذين رفضوا إعلان النتيجة فى دوائر معينة لعدم نزاهة الفرز وإحضار قضاة آخرين أعلنوها (حالة كرداسة)

بل وصل الأمر إلى تعدى بعض البلطجية على القضاة مثلما حدث فى دائرة شبرا الخيمة حيث هجم مجموعة منهم على القضاة بالطوب والحجارة لمحاولتهم فتح مدرسة عزبة عثمان للتصويت أمام الناخبين و لم يتدخل الأمن إلا بإعادة إغلاق اللجنة .

كما وقعت بعض التجاوزات سواء المقصودة أو غير المقصودة فى عملية الفرز حيث تم فرز الصناديق وتجميع أصواتها فى سرية دون معرفة المرشح بعدد الأصوات التى حصل عليها من كل صندوق ، بل ويمكن أن تحدث أخطاء متعمدة أثناء تجميع الأصوات (من مساعدى القضاء من الموظفين مثلما حدث فى إحدى دوائر الغربية (قطور) أو تأخر فتح بعض اللجان رغم وجود القضاة إلى الظهر أو العصر بسبب رفض الأمن لفتحها كما حدث فى دائرة الزاوية الحمراء والشرابية .


الفصل الخامس فوز الاخوان .. الأسباب والدلالات

بالرغم من أن عدد المقاعد التى فازت بها جماعة الاخوان المسلمين فى الانتخابات البرلمانية هى 17 مقعدا فقط من إجمالى 442 مقعدا بالانتخاب (لتجميد دائرة الرمل ) إلا أنها فى ظل الظروف المحيطة بمشاركة الإخوان والعملية الانتخابية ونتائج باقى الأحزاب والقوى السياسية بما فيها الحزب الوطنى الحماكم تعد "إنجازا غير مسبوق للجماعة لا يوازيه إلا فوز الجماعة فى انتخابات 87 بـ 36 مقعدا على حد قول المستشار الهضيى " .

ف الإخوان الذين خاضوا الانتخابات ب 75 مرشحا واجهوا ضغوطا شديدة من الأمن لإثنائهم عن الترشيح أو إعاقتهم من الفوز بشتى السبل نجح 17 منهم فى الفوز ودخول البرلمان (إضافة لمرشحين فى دائرة الرمل التى لم تجرى فيها انتخابات الإعادة حتى الان ) مقارنة بباقى الأحزاب والقوى السياسيه سواء المعارضة أو الوطنى الحاكم .

التى لم يتعرض مرشحوها لأى من الضغوط التى تعرض لها مرشحى الإخوان .

ف الوفد الذى شارك بـ 273 مرشحا على أمل الحصول على مائة مقعد لم يحصل منها إلا على 7 مقاعد فقط و التجمع الذى حظى بدعم حكومى وقد خاض الانتخابات بـ 57مرشحا. لم يفز منهم إلا 6 فقط والناصرى خاضها ب 36 مرشحا لم يفز منهم إلا اثنين فقط رسميا إضافة لخمسة مسستقلين محسوبين على الاتجاه الناصرى .

و الأحرار خاض الانتخاب بـ 22 مرشحا لم يفز منهم إلا مرشحا واحد فقط .

حتى الحزب الوطنى الحاكم الذى توافرت له كل سبل الفوز من دعم حكومى مباشر وتحيز إعلامى واضح لم يفز رسميا له إلا 38 % فقط (170 نائبا) من قائمته الرسمية .

كل ذلك يؤدى بنا لمناقشة أسباب ذلك الفوز الكبير ، فى إطار الظروف السالف ذكرها - ودلالات ذلك الفوز وسبل تعامل الجماعة والسلطة معه .


أسباب الفوز

اتفق المراقبون على عدد من الأسباب لفوز الاخوان (بالطبع بعد توفيق الله تعالى لهم ) ولكن الاختلاف فى مدى أهمية ومحورية كل سبب منهم وتعرض العديد لتحليل أسباب هذا الفوز مقارنة بأسباب إخفاق الأحزاب والقوى الأخرى وأهم هذه الأسباب :

ا –الاشراف القضائى:

بالرغم من نجاح السلطة التنفيذية - خاصة الأمن - فى تحجيم ذلك الإشراف إلى حد كبير باقتصاره على عمليتى التصويت داخل اللجان والفرز فقط وعدم شموله لجميع مراحل العملية الانتخابية إضافة إلى إلحاق بعض الهيئات غير القضائية بالقضاء للإشراف على تلك الانتخابات (هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية إضافة إلى وكلاء النيابة العامة الذين يخضون بالأساس لوزير العدل ) إلا أن الإشراف القضائى الذى يعنى توفير قدر من الحرية أو النزاهة ساهم إلى حد كبير فى فوز الإخوان بهذا العدد من المقاعد في مجلس الشعب وتكاد تكون الجماعة هى القوة السياسية الوحيدة التى استفادت من هذا الإشراف الذى وضح فى النتائج التى حققتها مقارنة ب الأحزاب والقوى الأخرى التى لم يزد عدد المقاعد التى حققتها فى تلك الانتخابات عن الانتخابات السابقة التى خلت من الإشراف القضائى .

أو كما قال البعض "قليل من الحرية للإخوان يعنى كثير من المقاعد لهم "

وعلق المستشار الهضيى على ذلك قائلا "الغريب أن مرشحينا فى انتخابات 1995 كانوا أكثر قوة ويستندون إلى قاعدة عريضة اكثر من الآن و لم ينجح إلا من عند الباحث لأن النائب على فتح الباب كان محسوبا على الإخوان وخاض انتخابات 2000 على مبادئ الإخوان أيضا والظن أن المحرر الذى نقل كلام المستشار الهضيى نسى وضع أداء الاستثناء واحد منهم ولكن الان ونظرا لرفع قبضة الحكومة وقيام الاشراف القضائى بوظيفة مهمة فى تأمين عملية التصويت نشاهد تزايد عدد نواب الإخوان "

بل إن المرشد العام للإخوان أسند فوز الإخوان إلى توفيق الله تعالى وأولئك النفر من -القضاة العادلين الذين أدوا واجبهم بأمانة ونزاهة فى حدود الاطار الذى سمح لهم بالتحرك داخله وأيضا إلى الجماهير الطيبة الصابرة الحرة التى أصرت على اختيار ممثليها فى مناخ صعب يدفع إلى اليأس والإحباط "

2-الأجواء الداخلية والخارجية التى المحيطة بالعملية الإنتخابية :

فالاحتقان السياسى والركود الاقتصادى والتردى الاجتماعى وانتشار الفساد والبطالة وعدم الثقة فى الحكومة والرغبة فى معاقبة الحكومة والرغبة فى معاقبة الحكومة (التصويت العقابى) وأجواء الانتفاضة الفلسطينية (انتفاضة الأقصى) والبغض الشجى المتزايد للكيان الصهيونى والغرب بصفة عامة ومن موقف الأنظمة العربية السلبى من ممارستهم أوجد لدى الشعب المصرى حافزا للبحث عن بديل وطنى يواجه كل ما سبق خاصة إذا ما كان يعتمد على الدين الإسلامى كأيديولوجية مطروحة كبديل لباقى المناهج المطروحة التى ثبت فشلها ساعد على ذلك الأداء التنظيمى العالى للإخوان وانتشارهم عن طريق العمل الاجتماعى المؤثر وتقديم البديل العملى التطبيقى الإسلامى من خلال خبراتهم السابقة فى النقابات المهنية والمحليات ومجلس الشعب دورتى 1984 ، 987 1 إضافة لعملية التضييق الواسعة والمتزايدة التى تعرض لها الجماعة خلال السنوات العشر الماضية والتى وصلت إلى تقديم عدد من رموزها المعروفين على نطاق واسع بتراهتهم ونظافتهم للقضاء العسكرى والحكم عليهم بالسجن لمدد مختلفة وفى أكثر من قضية منذ عام 1995 وحتى عام 2000 مع تاكد الشعب من فساد الحزب الحاكم وفشله فى تحقيق التنمية المنشودة لكل ذلك أوجد تعاطفا شعبيا سواء فى الدوائر التى خاضوا فيها الانتخابات أو حتى التى لم يخوضوا فيها وصلت إلى حد الاحتكاك الشديد بالشرطة من أجل التصويت للمرشحين الاسلاميين بالرغم من محاولة الإخوان الحثيثة لمنع ذلك الاحتكاك خوفا على الناخبين والذى نجح فى بعض الدوائر وفشل فى البعض الآخر لدرجة أن بعض الناخبين كاد يحتك ب الإخوان أنفسهم لرفضهم - أى الإخوان - احتكاك الناخبين بالشرطة مثلما حدث فى دائرة فاقوس التى اعترض فيها الناخبون على نتيجة الانتخابات المعلنة بالإعادة بين مرشح الحزب الوطنى صلاح الطاروطى والمستقل سميح عبدون واستبعاد مرشح الإخوان فريد إسماعيل رغم أن كل المؤشرات كانت تؤكد احتمالات فوزه أو إعادته مع المرشح المستقل عبدون وعندما أراد الناخبون الاحتكاك بالشرطة - حوالى5آلاف ناخب - للاعتراض على النتيجة المعلنة منعهم الإخوان وبذلوا فى ذلك جهدا كبيرا لصرفهم من مكان تجمعهم .

كما حدث التعاطف الشجى أيضا بصورة أخرى فى إيواء شباب الإخوان والمتعاطفين معهم الهاربين من الملاحقات الأمنية يوم الانتخابات أو أثناء الدعاية بإدخالهم بيوتهم حماية لهم من الشرطة-التى تلاحقهم وفى ذلك يحكى صلاح الطاير المصور الصحفى ب جريدة آفاق عربية نموذجا لذلك عندما ذهب لتغطية الجولة الثانية من العملية الانتخابية بدائرة المعادى وا البساتين وكيف قام أحد الأهالى بإيواثه بشقته عندما أحس الأمن بتصوير الطاير لاعتدائهم على الناخبين فى البساتين وظل مختفيا بالشقة حتى انتهاء العملية الانتخابية وأمثلة كثيرة غيرها .

3 – استراتيجية الدعاية والنضال الشعبى :

نجح الإخوان فى استخدام استراتيجية ناجحة للدعاية فى الانتخابات سواء للاتصال بالناخبين أو وسائل الإعلام رغم كل وسائل الأمن التي سخرت لإعاقتهم ومنعهم من كل وسائل الاتصال - خاصة الجماهير التى تملك السلطة فرصة كبيرة لمنعهم من التحرك أو التصويت - إلا أن الإخوان استطاعوا إلى حد كبير فى التغلب على ذلك وقد تجلى ذلك في :

الاتصال بالجماهير :

فالانتخابات تمثل فرصة كبيرة للإخوان فى الاتصال بالجماهير التعريف بالبرامج والأفكار والبرامج فى ظل التضييق الشديد المفروض على الجماعة فهى لا تملك حزبا سياسيا أو صحيفة رسمية أو قنوات تليفزيونية - أو جمعيات أهلية . . . إخ ) ولكن حتى مع خوض الاخوان للانتخابات وحقهم المكفول دستوريا لاستخدام كل وسائل الدعاية للاتصال بالجماهير كمرشحين إلا أن الأمن منعهم من ذلك ، فالأمن لم يسمح لأى مرشح إسلامى بعقد ندوات ومؤتمرات انتخابية شعبية - عدا مرشح واحد فى حدود المعلومات المتاحة وهو النائب على فتح الباب الذى تمكن من عقد مؤتمرات انتخابية فى حلوان - أو بالمسيرات الانتخابية التى يعرض فيها المرشح على الناخبين برنامجه وخدماته أو لافتات الدعاية والملصقات الانتخابية التى كان يتم تمزيقها أولا بأول أو اعتقال من يقوم بتعليقها وقديد أصحاب المحلات والمنازل بعدم تعليقها على محلاتهم ومنازلهم .

إلا أنه بالرغم من كل ذلك نجح الاخوان في إيجاد قنوات للاتصال بالجماهير عن طريق المسيرات الانتخابية السريعة والسرية التى تنفض بسرعة عندما يشعر الأمن بها - رغم أنها حق مكفول للمرشح - أو من خلال طبع المنشورات والبيانات الانتخابية وتوزيعها بصورة شخصية أو بالانصالات التليفونية أوالبريد أوالانترنت على الناخبين إضافة إلى وسائل الدعاية الأخرى سهلة التوزيع والانتشار (الإمساكيات الرمضانية - ونتائج الجيب - أذكار الصباح والمساء وغيرها) والتى كانت إحدى وسائل الاتصال الجيدة بالناخبين فى ظل التضييق الشديد على المرشح الإسلامى . ب - الاتصال بالاعلام: يكاد يكون مرشحو الاخوان أفضل من استفاد من وسائل الإعلام - غير الرسمية - فى الانتخابات الأخيرة مقارنة بباقى المرشحين .

فلم يترك المرشحون الاسلاميون وسيلة إعلامية إلا واستخدموها واستفادوا منها خاصة مع السيطرة الحكومية الكاملة على وسائل الاعلام الرسمية (الاذاعة - التليفزيون - الصحف القومية) لدرجة أن البعض أكد أن الجماعة استطاعت خلال تلك الانتخابات تأسيس "شبكة لخدمة الصحافة والاعلام وبالتالى ضمنت تغطية واسعة لأى إزعاج أمنى ويقول الاخوان أنهم استخدموها بأدب جم ، وكما يقول د. سيف عبد الفتاح ، إن الاخوان صمموا حملة إعلامية ناجحة وأصبحوا جاهزين لمواجهة أى إجراء يمكن أن تتخذه الدولة ضدهم ولن يعدموا وسيلة للوصول إلى الصحافة ووفقا لهذا الرأى فإن الأداء الأكثر أهمية كان فى إقناع الإخوان عن اتخاذ أى عمل عدوانى ضد الدولة"

4- واستفاد الإخوان من وسائل الاتصالى الحديثة لصالحهم التى لم تكن موجود :

خلال أى انتخابات ماضية فقد استخدموا التليفون المحمول بكثافة للتواصل بين بعضهم البعض وللتواصل مع الصحافة ووكالات الأنباء وإبلاغهم أولا بأول بما يحدث وكذلك الاتصال بالقنوات الفضائية ودعوتها لتغطية الانتخابات بصورة حية ونقل ما يحدث فيها لكل أنحاء العالم وإرسال الفاكسات أولا بأول لوكالات الأنباء والصحف بصياغة صحفية سليمة وفرت فى أحيان كثيرة على المراسل عناء الانتقال إلى الدوائر الانتخابية المتباعدة .

إضافة لذلك الاستخدام الكبير والناجح لشبكة الإنترنت لمتابعة العملية الانتخابية بدءا من حملة الدعاية ومرورا بعملية التصويت وكشف أساليب تعامل السلطة مع مرشحى الجماعة ومؤيديها و لم يكتفى الإخوان بموقع واحد بل كان هناك أكثر من موقع خاص بهم والتغطية الانتخابية فقط ومنها على سبيل المثال مواقع الشاهد وأمل الأمة وغيرها من المواقع .

كما يقول أحد المحللين السياسيين إن المفارقة الأبرز فى الانتخابات الأخيرة أن الاخوان الذين كثيرا ما يتهمهم البعض بأنهم "غير حداثى" كانوا الوحيدين الذين فهموا السياسة فى المعركة الأخيرة لمعناها الحديث وحاولوا أن يربطوا بين القدرات المحلية للمرشحين وبين إمكاناتهم السياسية . وهم جزء من المؤسسة السياسية إلا أنهم كانوا الأحدث والأكثر تنظيما بين كل القوى السياسية فى مصر ، وهم الذين وضعوا برامجهم على شبكات الانترنت ووجهوا رسائل منتظمة إلى أنصارهم عبر الهاتف المحمول لمعرفة النتائج أولا بأول وإشعار أنصارهم بأنهم طرف فى المعركة الانتخابية من دون أن يحتاجوا لإغراق شوارع القاهرة بملصقاتهم الأيديولوجية .

ومن هنا نجح الإخوان فى الانتخابات الأخيره فى إثبات مهاراتهم وإمكاناتهم التنظيمية بصورة لا تميل إلى الاستعراض بقدر ما حرصوا على أن "يتسربوا بهدوء إلى مجلس الشعب ويحصلوا على 17 مقعدا ، فهم الآن أكبر كتلة معارضة فى البرلمان لكونهم يمتلكون مؤسسة نجحت فى تربية كوادر على قدر عال من التنظيم والموهبة السياسية فى مواجهة الفوضى السائد من المرشحين المعدومى الإمكانات والتربية السيا سية "

اختيار المرشحين :

بالرغم من أن مرشحى الاخوان كانوا الوحيدين - غالبا - الذين لم يتم اختيارهم على أساس الشخصانية ولكن على أساس انتمائهم الدينى والفكرى عكس باقى المرشحين حتى الحزبيين منهم إلا أن مجمل مرشحى الإخوان الـ75 اختيارهم كان موفقا .

فمرشحى الجماعة استندوا على عاملين رئيسيين هما :

الأول : التراكم العملى والاجتماعى للإخوان كجماعة فى دوائرهم سواء فى المحليات أو مجلس الشعب أو نقاباتهم أو على المستوى الخدمى والخيرى فأصبح كل أعضاء ومؤيدو الإخوان فى الدائرة صورة من مرشحهم والمرشح صورة لهم فكان كل منهم نموذج للمرشح ولكن فى شارعه أو قريته أو مدينته ومن ثم فالناخب يرى المرشح فى هؤلاء من خلال تعاملاتهم مع إجمالى المواطنين بعيدا عن انتماء السياسية أو الدينية (اعتقال أكثر من قبطى لاشتراكه فى مسيرات الاخوان الانتخابية ، مثال المواطن الذي اعتقل في الزقازيق و لم تعرف قبطيته إلا بعد اعتقال )

لقد أصبح هناك عشرات بل مئات الاخوان يعملون فى كل دائرة كأن كل واحد منهم هو المرشح وبالفعل اختار الناخبون المرشح الاسلامى ولو وصل الأمر إلى الاحتكاك بالشرطة وقد لا يكون معظم هؤلاء الناخبين يعرفون المرشح الإسلامى ، ولكن انحيازا لمنهجه وشعاره الذى يرفعهما (الاسلام هو الحل ) خاصة وأنه كان هناك نموذج تطبيقى لهذا الشعار بينهم .

وقد يكون هذا هو السبب الرئيسى لفشل مرشح قوي مثل فكرى الجزار (شيخ المستقلين ) رغم تاريخه النيابى المشرف أمام المرشح الإسلامى القوى أيضا على لبن ، ف الجزار الذى كان يرشح نفسه دائما فئات مما أدى لترشيح الاخوان لعلى لبن عمال قام بتحويل نفسه فجأة إلى فلاح دون علم المرشح الإسلامى الذى لم يجد فرصة لكى يحول نفسه إلى فئات إضافة لتحالف الجزار العلنى مع مرشح الوطنى وسبه العلنى للإخوان واتمامه لهم بالهبل والخبل وعدم المعرفة ب السياسة وغيرها لأنهم يرفعون شعار " الإسلام هو الحل " الذى لن تسمح الحكومة بنجاحه مما كون لدى المواطنين العادينن رد فعل سلبيأ عن الجزار أفقده جزءا من شعبيته بينهم وساعد على ذلك ممارسات الأمن ضد مؤيدى المرشح الإسلامى خاصة الاعتقالات وتقطيع اللافتات وتشويه ملصقات الدعاية المكتوب عليها شعار "الإسلام هو الحل " مما أثار استياء المواطنين الذين أصروا على التصويت لصالح الشعار تأييدا للحل الإسلامى .


الثانى : المرشح ذاته : ف الاخوان فعلا بدأوا فى تشكيل وتكوين رموز محلية لهم على مستوى الجمهورية ساعدهم على ذلك التراكم التنظيمى والعمل العام الذى يمارسه نسبة كبيرة من أبناء الحركة ، فالإعتقالات الواسعة وتحويل عدد من قيادات العمل المهنى والعام إلى المحاكمات العسكرية أوجدت شعورا لدى البعض من أن الجماغة لن تجد بديلا لهؤلاء للترشيح فى الانتخابات البرلمانية ولكن ما حدث هو العكس استطاعت الجماعة تقديم 75 مرشحا نافسوا كلهم باقي المرشحين بشدة ووصل أكثر من نصفهم إلى معركة الاعادة ونجح ربعهم تقريبا (17 مرشحا) فى الوصول إلى البرلمان رغم كل التضييق والممارسات الأمنية ضدهم أو كما يقول "د. محمد عمارة المفكر الإسلامى أن الـ 17 فائزا من الإخوان يعادلون 70 فائزا من باقى الفائزين من الأحزاب الأخرى بسبب ما تم ممارسته من قمع وتضييق على المرشحين الإسلاميين "

فبالاضافة لكون المرشح الإسلامى معبرا عن البرنامج المطروح فمعظمهم يمتلك مقومات شخصية وعملية ساعدته فى دعايته الانتخابية والعمل العام فمنهم من مارس العمل العام من خلال مجلس الشعب ( محفوظ حلمى 84 ، 87 أو الترشيح فى الانتخابات السابقة ( على لبن جمال حشمت وغيرهم ) أو الانتخابات المحلية (عبد الغفار عجوز وغيره ) أو العمل النقابى والمهنى ( على زين العابدين - سيف الاسلام حسن البنا د. عبد الفتاح رزق ) والعمل الخيرى والاجتماعى د. أبو العلا قرنى د . حسين الدرج ، أشرف بدر الدين - جيهان الحلفاوى وغيرهم ) وبالفعل إن كانت بعض الدوائر قد افتقدت قيادات الصف الأول من الإخوان بسبب المحاكمات العسكرية الحالية أو السابقة ( تم منع من حكمت عليه المحكمة العسكرية فى أى قضايا سابقة بعدم الترشيح ل مجلس الشعب ومنهم نواب سابقين ) إلا أن الجماعة استطاعت تقديم قيادات أخرى لا تقل عنها من حيث الكفاءة والقوة ومؤهلات الترشيح على ذلك كما سبق "العامل التنظيمى"

فرغم التضييق الشديد على الاسلاميين فى دوائرهم إلا أنهم حصلوا على أعلى الأصوات حتى الذين لم يحالفهم التوفيق ، فالمرشح حسنين الشورة (عمال كفر الزيات ) حصل على أكثر من 40 ألف صوت وهى أعلى أصوات حصل عليها مرشح على مستوى الجمهورية ، والمرشح الاسلامى على فتح الباب ( عمال - حلوان للدائرة 25) حصل على أكثر من 8200 صوتا من شياختين فقط حيث تم إغلاق شياختى15 مايو والمساكن وتم منع الناخبين من التصويت فيهما ومع ذلك فهو حصل على أعلى الأصوات على مستوى القاهرة .


ثانيا : دلالات الفوز

لم يخل فوز الإخوان بـ 17 مقعدا فى تلك الانتخابات رغم التضييق الشديد من دلالات واضحة ومهمة أكدت عددا من الحقائق أهمها الاعتراف والتأييد والانحياز الشعبى لوجود الإخوان بالرغم من الرفض الحكومى للاعتراف بهم مقابل تراجع متزايد للأحزاب الموجودة على الساحة ومن أهم تلك الدلالات :

الأولى : الاخوان حققوا فوزا موازى لفوزهم بـ 17 مقعدا وقد اخترقوا الحصار الأمنى مع الوصول إلى لجان الاقتراع بأساليب مختلفة ، كما أن الذين سمح لهم بدخول اللجان على اعتبار أنهم محسوبون على الحكومة و الحزب الوطني صوتوا لمرشحي الإخوان حيث انشغلت قوات الأمن بحصار القرى والمناطق التى تعتقد أنها تمثل ثقلا لمرشح الاخوان واكتشفوا فى الفرز تفوق مرشحى الإخوان فى الصناديق التى وضعت فى لجان تمثل ثقل منافسه من الحزب الوطنى .

الثانية : الرد العملى على الاتهامات التى انطلقت فى وسائل الاعلام خاصة الرسمية منسوبة إلى مسئولين تزعم أن الشارع لفظ الإخوان ولن يحصلوا على شئ فى الانتخابات لأن الشعب لن يصوت لهم (أحد مرشحى الاخوان حصل على45 ألف صوت وهو حسنين الشورة بينما حصل رئيس مجلس الشعب د. فتحى سرور على 5500صوتا فقط )

الثالثة : خطأ التقديرات الرسمية بأنه تم القضاء على الإخوان استنادا للقبض على رموزها الفاعلة ومحاكمة 20 منهم عسكريا وحرمان 65 بينهم 10 نواب سابقين ب البرلمان من الترشيح بدعوى صدور أحكام جنائية ضدهم من المحكمة العسكرية عام 1995 إضافة للقبض على الكوادر النشطة المساعدة للمرشحين " 1000 معتقل قبل الانتخابات " بحسب تصريح للمستشار الهضيى ، وقد ارتفع عدد المعتقلين على مدى العملية الانتخابية ليصل إلى خسة آلاف معتقل .

الرابعة : الحظر المفروض على الجماعة لم يمنع من تصويت الناخبين لمرشحيها .

الخامسة : قدرة الجماعة على إيجاد أجيال جديدة رغم حال الحصار لا سيما أن غالبية المرشحين من الوجوه غير المعروفة وبعضها يخوض الانتخابات لأول مرة مما يؤكد أن التصويت إنما هو للإخوان وليس للأشخاص إضافة إلى أن هؤلاء فرضوا شعبيتهم من خلال أعمالهم الخدمية وأفعالهم الخيرية"

السادسة : أن الاخوان بالمقاعد التى حصلوا عليها اصبحوا قوة المعارضة الرئيسية فى البرلمان ولابد من تعامل الحكومة معهم على هذا الأساس حسبما يرى الهضيى .

السابعة : أنهم جمعية شرعية . . حيمأ يعترض قيادتهم على القول بأنها جماعة محظورة وترى هذه القيادات أن الشرعية يمنحها الشعب ولا تعطيها السلطه رخصة للعمل لأن القوى السياسية والأحزاب تنشأ من داخل المجتمع أما الشكل القانونى "الرخصة" فأصبحت تحصيل حاصل .

الثامنة : أن ما سبق بطرح مجددا حق الإخوان فى تأسيس حزب سياسى لهم وأن تغير استراتيجية الموقف الرسمي وتعامله معهم من خلال الملف الأمنى إلى التفاعل من خلال الملف السياسى والحوار المتبادل خاصة وأن خطاب الاخوان المعتدل تاكد فى هذه الانتخابات بعد فشل استدراجهم لاستخدام العنف.

رغم ما حدث لهم ولمؤيديهم فى تلك الانتخابات من تضييق واعتقالات ومنع من التصويت بكل السبل وما حدث من قبل خاصة خلال العقد الأخير من تأميم للنقابات التى وصلوا إلى أغلبية مجالس إدارتها بالانتخاب الحر وتحويل عدد كبير من القيادات للمحاكمات العسكرية .

لدرجة أن البعض طالب صراحة بالمساح للإخوان بحزب سياسى لأنه سيساهم فى إثراء الحياة السياسية والعمل الميدانى أكثر من أغلبية الأحزاب السياسية الشرعية وذلك حسب ما أفرزته الانتخابات الأ خيرة


تعامل الاخوان مع الفوز

اتخذ رد فعل الإخوان على فوزهم بـ 17 مقعدا فى الانتخابات طابعا هادئا بعيدا عن استعراض القوة ولكنه فى نفس الوقت متضمنا إظهار حقهم فى العمل الرسمى خاصة بعدما تأكدت شرعيتهم من خلال أصوات الناخبين وهى الشرعية التى لا تنتظر ترخيصا حكوميا لافتراض الترخيص معبرا عن الرضاء الشعبى العام عن تيار ما وليس العكس .

فالاخوان طالبوا ابتداء بضرورة الاشراف القضائى الكامل وليس الجزئى على العملية الانتخابية وضرورة السماح لهم بإنشاء حزب والإصلاح الشامل فى ظل إطلاق الحريات وعدم الشماتة فى الاخرين خاصة أحزاب المعارضة .

أولاً : المطالبة بالاشراف القضائى الكامل:

ففى ندوة بنقابة الصحفيين عن مستقبل الديمقراطية فى مصر فى ضوء انتخابات 2000 م أكد المشاركون فيها على أهمية إشراف القضاء الكامل على العملية الانتخابية داخل اللجان وخارجها كما طالب المستشار الهضيى المتحدث الرسمى للجماعة ونائب المرشد العام بتأسيس هيئة قضائية مستقلة لها ضمانات مثل ضمانات القضاة وترقيتهم تكون ذاتية داخلية بعيدة عن الوزراء وتكون غير قابلة للعزل ويتم تشكيلها من أشخاص موثوق بهم تتولى الإشراف الكامل على العملية الانتخابية خاصة أن التجاوزات التى قامت بها الشرطة فى الانتخابات الحالية لم تكن هناك فرصة أمام القضاة للتصدى لها واكتفوا بمارسة سلطاتهم داخل اللجنة فقط ، وتم إعداد الكشوف الانتخابية بدون مشاركة القضاة مما نجم عنها التلاعب المكشوف الذى منع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم ، كما أن بعض القضاة الذين أشرفوا على العملية الانتخابية لم يكونوا فى الواقع قضاة بل كانوا أعضاء فى الهيئة الإدارية لا يملكون الاستقلال أو الحصانة - فهم موظفو حكومة كما أن مما أفقد القضاة إشرافهم الكامل على العملية الانتخابية قيدتهم وزارة الداخلية بتوزيع القضاة على اللجان "

ثانيا: السماح للجماعة بانشاء حزب سياسى يعبر عنها :

ف الإخوان أكدوا أنهم تيار شعبى أصيل لا يجوز تجاهله وأن شرعيتهم - قبولهم لدى الرأى العام - لا يتوقف على الرخصة التى يتم منحها لهم لأن الشعب أساس الشرعية وهو الذى اختارهم لعضوية البرلمان كما اختارهم من قبل فى النقابات والمحليات والبرلمانات السابقة .

وفى حفل إفطار الاخوان السنوى (رمضان 1421هـ أكد المرشد العام للجماعة الأستاذ مصطفى مشهور أن "الشعب قال كلمته وأعلم ثقته وأرسل للحكومة رسالته متمثلة فى هؤلاء النفر الذين انتخبهم من رجالنا ، هل يصبح بعد ذلك أن ينفى أحد وجودنا كتيار شعبى أصيل موجود فى هذا البلد بجانب التيارات الأخرى ؟ ولمصلحة من يستمر هذا النفى ؟

إن الشعب هو الذى يمنح الشرعية أو يمنعها فإن منحها لتيار أو فصيل فلا يحق لأحد أن يمنعها وإن كان هذا الأحد هو الحكومة نفسها لأن الحكومة إنما تستمد شرعيتها ووجودها من الشعب وهذا أول درس من دروس الديمقراطية ولذلك فإننا ندعو - وبمنتهى التواضع والإخلاص - أصحاب السلطة إلى أن يستجيبوا لليد الممدودة منذ سنوات وأن يسمعونا بدل أن يسمعوا عنا وأن يحاورونا بدل أن يغلقوا آذانهم دوننا وأن يترلوا على إرادة الشعب فى مشاركتنا فى الحياة السياسية بدلا من محاولات لا جدوى لها تبغى نفينا وإبعادنا فنحن جميعا ركاب سفينة هذا الوطن الذى لا نتمنى له - على الله - إلا كل سيادة وريادة وتقدم وإصلاح .

هو ما أكدته قيادات الجماعة الذين طالبوا بحزب يعبر عن الجماعة عضويته مفتوحة لكل المصريين ويضمن فى منهجه المستمد من الشريعة الإسلامية المساواة بين جميع المواطنين ( مسلمين وأقباط ) بل ويؤيد بعض الأقباط فى الانتخابات البرلمانية خاصة وأن المفكرين الإسلاميين أيدوا إنشاء ذلك الحزب ( محمد عمارة ، طارق البشرى وغيرهم ) وكذلك المحللين السياسيين ( حسن نافعة ) وقيادات المعارضة ( عبد الغفار شكر من التجمع ) ولا يرفضه إلا قيادات الأمن فقط وهو سبب لا يعتد به لأن ملف الجماعة لا زال حتى الآن فى يد الأمن ، ولم يتحول بعد إلى ملف سياسى"


ثالثاً التغيير والإصلاح الشامل :

حيث ترى الجماعة أن التحول نحو الديمقراطية لا يتم إلا بالإصلاح الشامل فى كل نواحى الحياة وإعادة صياغة مناهج التربية والتعليم والإعلام وإطلاق الحريات لينشأ مجتمع صحيح وذلك "بتأصيل معالم ومعافى الهوية والأصالة والقيم والمثل وترسيخ جذور الترفع والإباء واقتلاع جذور النفاق والتملق والغش والتزوير والتزييف وتغليب روح العمل الجماعى والمشاركة والتعاون واستئصال شأفة داء الاقصاء والنفى وكتم أنفاس الآخر ورفع المصلحة العامة فوق كل المصالح الخاصة ووضع الأمور فى نصابها الصحيح ورسم الدور الصحيح للمؤسسات والمسئوليات ومختلف الكيانات كل ذلك فى أجواء تطلق فيها الحريات ويتأكد فيها الحوار سبيلا للإقناع والاقتناع والاعتراف بالديمقراطية التى تعنى حق الانسان فى النقد وإبداء الرأى واختيار مسئوليه وممثليه والعيش فى أمن وطمأنينة وإطلاق حق تشكيل الأحزاب . والتعددية وتداول السلطة"خاصة وأن ما سبق كما يرى قيادات الجماعة كان سببا من الأسباب الرئيسية للنتائج المتواضعة لأحزاب المعارضة فى ظل قانون الطوارئ وتسخير الامكانيات للحزب الوطنى الحاكم ولا يجب أن تحاسب أحزاب المعارضة على نتيجتها فى تلك الانتخابات فى ظل تلك الأجواء ولكن يتم محاسبتها حين تتاح لها الحرية الكاملة للحركة فحينئذ يكون حساب الأحزاب على نتيجتها على أسس صحيحة وغلب على الخطاب الإخوانى الرغبة فى الإصلاح العام الذى يتيح حرية الحركة والنشاط ليس للجماعة فقد بل لباقى أحزاب المعارضة حتى تحقق حياة نيابية ديمقراطية صحيح بل ودعت الجماعة إلى إحياء لجنة التنسيق بين الأحزاب والقوى الوطنية كأحد وسائل التعاون لإصلاح هذا البلد .


السلطة والفوز

جاء فوز الإخوان فى الانتخابات مفاجأة للجميع وخاصة السلطة ذاتها التى لم تتوقع هذا الإقبال الشعبى لانتخاب مرشحى الجماعة خاصة فى ظل حالة التضييق والحصار المفروضة على الجماعة واعتقال كوادرها قبل وأثناء الانتخابات كجزء من استراتيجية منع أعضاءها من الوصول لكرسى البرلمان فقد أكد وزير الداخلية فى حوار تليفزيونى حول استخدام قانون الطوارئ فى اعتقال بعض مؤيدي مرشحى المعارضة والمستقلين أن "الانتخابات الديمقراطية لا تعنى أن يتم إخراج كل ما تريده فى السر مؤكدا أن كل الأنشطة مرصودة ونعلم جيدا أهدافها محذرا من الجرى وراء أفكار متخلفة تضر بأمن الوطن والمواطن وستكون لهم بالمرصاد وأثناء الانتخابات تم اتهام مرشحى الجماعة بأهم السبب وراء أحداث العنف - عكس ما أكدته الصحف ومنظمات حقوق الانسان من أن الشرطة هى السبب - بل وتم اقام أسماء بعينها على لسان وزير الداخلية عن مسئوليتهم عن أحداث العنف فى دوائرهم وأكد الوزير فى حوار له أن نشاط الاخوان مجرم قانونا بحكم القانون والأحكام القضائية العديدة ثم صدر الحكم فى قضية النقابيين 2000 الذين ظلوا رهن الاعتقال فى الفترة من 14 أكتوبر 1991 حتى صدور الحكم فى 11 نوفمبر 2000 بعد تأجيل النطق به لأكثر من ثلاث مرات إلى ما بعد انتهاء العملية الانتخابية" وبدا وكأن هناك تصفية حساب بين الأمن وبعض مرشحى الاخوان الذين لم يحالفهم التوفيق فى الانتخابات بسبب تدخلات الأمن فمنهم اعتقل بعضهم بتهمة المسئولية عن بعض أحداث العنف التى ألقت الشرطة بمسئوليتها على الناخبين مثال الدكتور حسين الدرج مرشح شبرا الخيمة الذى تم اعتقاله بعد الانتخابات مباشرة أو الدكتور إبراهيم الزعفرانى الذى تم اعتقاله أثناء الانتخابات أو الشيخ عبد العزيز العشرى الذى تم اعتقاله بعد الانتخابات ومجموعة من ضيوفه الذين تعرفوا على أبنائه أثناء وجودهم فى المعتقل ، وتم دعوتحم للفيوم فى عيد الفطر ، ولكن الأمن اعتقلهم من مترل الشيخ العشرى.

فالسلطة حتى الآن مازالت تتعامل مع الاخوان من خلال الملف الأمنى وهو الوضع الذى يثير تساؤلات هامة حول تزايد دور الشرطة أثناء وبعد الانتخابات وهو ما وضح جليا فى عدم معاقبة أى من أعضائها عن تصرفاتهم أثناء الانتخابات سواء ضد الناخبين أو المرشحين أو القضاة أنفسهم مما يؤكد أن دور الأمن فى تزايد كأداة تستخدمها السلطة لقمع أى معارضة موجودة أو محتملة وهو ما بدأ يتضح جليل بعد الانتخابات من صرف مكافآت مجزية لضباط الشرطة برتبهم المختلفة لدورهم فى الانتخابات "حيث تقرر صرف 2400 جنيه لكل لواء ومساعد وزير و 2000 جنيه لكل لواء و 1800 لكل عميد و 1700 لكل عقيد ومقدم ، و 150 لكل رائد أو نقيب أو ملازم أول ، ومكافأة مالية تتراوح بين 250 و 120 جنيه لأمناء الشرطة والمساعدين "(17) وهو ما وضح بعد ذلك من التكريم والاحتفال غير المسبوق إعلاميا بعيد الشرطة فى 25 يناير 2001 فى كل وساك الإعلام وعلى فترات زمنية طويلة ، مما يعنى الاحتفاء والتكريم لجهاز الشرطة لدوره المنوط به أو الذى يعد له والتاكيد على رضا الحكومة عن ممارسات الشرطة .


ملفات خاصة

للمزيد عن الإخوان والإنتخابات ومجلس الشعب

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

وثائق متعلقة

أحداث في صور

وصلات فيديو

تابع وصلات فيديو