مجزرة رابعة العداوية وتاريخ مصارع الظالمين
مقدمة
يقول الله تعالى: {فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية}. صدق ربنا في كتابه وأبدع في وصف مشهد زوال الطاغية فرعون لتظل الآية خالدة مخلدة تقرؤها الأجيال وتفقهها حتى قيام الساعة، فمع تعدد مظاهر الطغاة وأشكالهم وتنوع مكرهم وفسادهم، لكن السمت واحد والمدرسة الفرعونية باقية وممتدة.
إن مصارع الطغاة من مبشرات النصر، فرحيل الظالم نعمة، ولما كان الطغاة ورحيلهم تحول في المشهد الميداني عموماً فكان لابد من دورس مستفادة يكتبها القلم ويسعد بها القلب.
وقد حذرنا الحق سبحانه من الركون إلى الظالمين أو موالاتهم أو إعانتهم:
- (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ {113}) (هود)، (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {68}) (الأنعام).
والظالمون محرومون من هداية الله لأنهم عرفوا الحق ونكصوا عنه:
- (كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {86}) (آل عمران)، (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {144}) (الأنعام)، (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {50}) (القصص).
ولقد شهد النظام العسكري منذ أن قبع على صدر مصر الكثير من هلاك رجالاته الذين امعنوا التلذذ بظلم الأبرياء كان على رأسهم عبد الناصر الذي ظن أنه معمر في الأرض حتى أخذه الله وهو في أوج قوته
المشير عبد الحكيم عامر
المشير محمد عبد الحكيم عامر والذي ولد في 11 ديسمبر 1919م بمركز سمالوط – محافظة المنيا، حيث تخرج في الكلية الحربية في 1939م وشارك في حرب 1948 في نفس وحدة جمال عبد الناصر، والذي أصبح أقرب الأصدقاء له.
تولى منصب القائد العام للقوات المسلحة المصرية ووزير الحربية ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال الفترة الممتدة من 7 أبريل 1954م إلى 19 يونيو 1967م بعدما شارك في ثورة 23 يوليو 1952م وتم ترقيته ترقية استثنائية من رتبة الصاغ إلى رتبة المشير.
قاد القوات المصرية والمقاومة في حرب العدوان الثلاثي عام 1956 ويتحمل بالمشاركة مع جمال عبد الناصر المسئولية عن إخفاقه في إدارة المعارك في سيناء و السويس. بعد الوحدة مع سوريا.
يتهمه السوريون مع أنور السادات بأنهما وراء إفشال مشروع الوحدة الجمهورية العربية المتحدة "بسبب سلوكهما الاستعلائي والتصرفات الارتجالية التي أضرت سوريا واقتصادها". كما يتهمه اليمنيون بانهما وراء فشل الحاق اليمن بمشروع الوحدة المنتظرة بعد الثورة اليمنية وحرب نصرة اليمن حيث يذكر رئيس الوزراء اليمني الاسبق محسن العيني بأن تصرفاتهما لم تكن وحدوية وودية بل تصرفات قوات غازية ومحتلة ذات طبيعة عنجهية متسلطة.
فسدت العلاقة بين الرئيس جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر على نحو سريع عقب حرب 1967.
حول المشير السجون الحربية إلى باستيل تعذيب لكل المعارضين للنظام وعلى رأسهم الإخوان المسلمين، كما كانت أوامره واضحة وحازمة ضد عائلة الفقي بقرية كمشيش الواقعة بالمنوفية حيث صدرت الأوامر بالقبض على جميع عائلة الفقى وبعض أهل كمشيش، وأهانتهم كل ذلك بتحريض من حسين عبدالناصر شقيق عبد الناصر وزوج كريمة عبد الحكيم عامر، وقد صدر الأمر من عبدالحكيم عامر، الذي كلف بدوره شمس بدران، بالقبض على كافه عائله الفقى، وإذاقتهم صنوف العذاب، وذلك على إثر مقتل صلاح حسين أحد الماركسيين في القرية، وزوج شاهندة مقلد.
لم يدم الود بين عبد الناصر وعامر كثيرا بسبب توجسات الخيانة التي كانت قد تملكت الطرفين، فقد كان عامر على أهبة الاستعداد للانقلاب على عبد الناصر حيث جهز الأمر لذلك، غير أن الأمور آلت في النهاية لقتله أو انتحاره في بيته بالمريوطية هرم.
يقول جمال حماد في كتابه (الحكومة الخفية فى عهد جمال عبد الناصر طبعة الزهراء للإعلام العربي):
- وساق القدر فى النهاية الفرصة التى كان يتحينها عبد الناصر للخلاص من عبد الحكيم عامر والقضاء على نفوذه وتصفية أعوانه عن بكرة أبيهم.
ويذكر فاروق فهمي في كتابه (اعترافات ..شمس بدران ومؤامرة 67، طبعة مؤسسة آمون الحديثة): وكشفت آخر رسالة أرسلها المشير لشقيقه المهندس حسن عامر في 7 سبتمبر 1967 عن الأخطار التي يتعرض لها وخطة اغتياله .. وكان نص الرسالة ...
إنني فقدت الثقة .لم أعد أشعر بالأمان .. إنني أتلقي تهديدات لأنني طلبت محاكمة علنية .. منذ ساعتين زارني ضابط من " الأمن " وهددني بإسكاتي للأبد إذا جازفت وتكلمت.
ويضيف: وأزعجت الرسائل عبد الناصر وخاصة التي وصلت للعديد من الضباط ..
وطلب من الفريق فوزي سرعة التخلص من عبد الحكيم عامر !
وتوجهت قوة عسكرية بقيادة الفريق فوزي وعبد المنعم رياض وسعد زغلول عبد الكريم مدير الشرطة العسكرية إلى بيت المشير بالجيزة يوم 13 سبتمبر لاعتقاله ونقله إلى استراحة المريوطية بالهرم للتخلص منه ..ورفض المشير النزول مع قوة الاعتقال .. واستخدم فوزي القوة في نقل المشير بعد أن أمر سعد زغلول ورياض بنقله وعندما رفض اعتديا عليه بالضرب مما اضطره للهبوط ذليلا وسط أفراد أسرته ومات المشير بعد أن كان يملك الدنيا التي نشر فيها الظلم والاستعباد.
شمس بدران
في 19 أبريل نيسان عام 1929 ولد شمس الدين بدران، بإحدى القرى التابعة لمركز الباجور بمحافظة المنوفية.. وكان والده الحاج على بدران موظفا بوزارة الزراعة، وتخرج في الكلية الحربية دفعة 48، وشارك في حرب فلسطين، وحوصر في الفالوجا مع زميله جمال عبد الناصر. شارك الضباط الأحرار ثورة 23 يوليو 1952 بعدها لعب شمس بدران دوراً مهماً في معركة 1956 قبل أن يصبح رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة ، فمديراً لمكتب المشير عبد الحكيم عامر وهو في السابعة والثلاثين ثم وزيراً للحربية، حيث لم يمتلك أي مؤهل ليعتلي منصب وزير الحربية، فلم يخدم بالقوات المسلحة سوي لرتبة ملازم أول فقط ، ثم تحول الي وظيفة مدنية كرئيس لهيئة النقل العام، ثم انتقل للعمل كمدير لمكتب المشير عامر . وتم تعينه كوزير حربية له صلاحيات واسعة متخطياً الكثير ممن هم اقدر وأقدم منه ! والأخطر أن هذا الرجل كان سيصبح رئيساً لمصر.
يقول محمد حسنين هيكل (في كتابه:حرب الثلاثين سنة 1967 الانفجار، طبعة دار الشروق). قابل رئيس الوزراء السوفييتي أليكس كوسيجين وزير الحربية شمس بدران عام 1965 ونقل كوسيجين توصياته فى هذا اللقاء الى شمس بدران بضرورة القضاء على الإخوان المسلمين لأنهم يمثلون خطورة على مصالحهم فى المنطقة الشرق أوسطية ، كما أن كوسيجين أعلن أنه سيزود حكومة عبد الناصر خبراء فى فنون التعذيب ،مما جعل الدكتور/ مراد غالب سفير مصر آنذاك بالاتحاد السوفيتي في مقال نشرته صحيفة «العربي» أن شمس بدران نفسه قد تلقى تدريبات على أعلى مستوى من الروس فى فنون التعذيب ، وكان المقصود بها تعذيب الإخوان المسلمون.
كان بدران معتقدا أنة حين يحقق للروس رغبتهم فى القضاء على الإخوان المسلمون، أنهم سوف يردون لة الجميل فى مساعدته للوصول الى الحكم. شارك شمس بدران في تعذيب الإخوان بوحشية فاقت التصور، تقول السيدة زينب الغزالي في كتابها أيام من حياتي: شمس بدران وما أدراك ما شمس بدران، إنه وحش غريب عن الإنسانية وأكثر وحشية من وحوش الغاب، إنه أسطورة في التعذيب والقسوة ، كان ينطلق في لذة غريبة يضرب الموحدين المؤمنين ، بأعنف ما يمكن أن يتصوره العقل البشرى.
وتحت سياط التعذيب قلت لهم: دعوني أجلس على الأرض فيقول شمس بدران : لا . . لا . . أين ربك ادعيه لينقذك من يدي . . نادى عبد الناصر وانظري ماذا يحدث . . ولم أرد عليه ، فيستمر في جاهليته : ردى على! أين ربكم ؟! ! فلزمت الصمت فقال : ردى!!.
ارتبط شمس بدران بالمشير عبد الحكيم عامر منذ بداية الثورة بعد أن اكتشف أنه الورقة الرابحة دائما في لعبة الحكم وبعد أن اقترب من صفاته الصعيدية .. ونفسيته وحياته الشخصية .. فلم يكن يتركه أبدا .. التصق به التصاقا تاما منذ لقائهما في حرب فلسطين.
وفرض شمس بدران حوله سياجا من السلطة العسكرية صبغها بنوع من الغطرسة والديكتاتورية حتى أصبح مكتبه منطقة نفوذ، وكانت هوايته إذلال الرتب الكبيرة .. حتى ولو لم يكن عليها مأخذ .. وكان الكثير منهم .. يلطعون بالساعات الطويلة في مكتبة قبل اللقاء .. ففي درج مكتبة تقارير سرية عن كل منهم.
ظل شمس بدران الرجل القوي والذي لم يسلم منه المعتقلين الإخوان، حتى جاءت ساعة الانتقام منه.
يقول فاروق فهمي في كتابه (اعترافات ..شمس بدران ومؤامرة 67، طبعة مؤسسة آمون الحديثة): رشحه عبد الناصر وعبد الحكيم عامر رئيسا للجمهورية ليلة قرار التنحي في 8 يونيه 1967 باعتباره " الأقوى " الذي يستطيع أن يفرض نفوذه على الجميع وينقذ البلد من الخراب والحرب الأهلية .
عاش بدران يحلم بمنصب رئيس الجمهورية لمدة 18 ساعة حتى فوجئ " بقلشه " في بيان التنحي بعدها بساعات ... فقرر الانتقام .
وكان المدبر الأول في التخطيط لمؤامرة قلب نظام الحكم والاستيلاء على قيادة وفرض عودة المشير للحكم بعد الهزيمة بأيام !!
وقدم للمحاكمة في قضية " المؤامرة " باعتباره المتهم الأول مع 54 ضابطا وسياسيا ليعاقب بالسجن المؤبد، إلا أنه خرج.
وعن مصيره في قضايا الإخوان يقول فاروق فهمي: في عام 1975 .. بدأت بلاغات التعذيب تنهال على النائب العام، بعد أن اعتبر القضاء جريمة التعذيب .. جرائم لا تسقط بالتقادم .
وقدم المعذبون 12 بلاغا ضد شمس بدران وأعوانه من زبانية التعذيب .. وانحصرت في حقه قضايا التعذيب من ضحايا الإخوان المسلمين .. وكمشيش .. وقضايا ضباط مدرسة المشاة وعبد القادر عيد .. و معروف الحضري ..وحسين توفيق وغيرها .
ونظرت محكمة الجنايات برياسة المستشار صلاح عبد المجيد البلاغات .. حيث طالبت النيابة بإعدام شمس بدران المتهم الهارب ,وأصدرت الحكم في 19 يوليو 1977 بمعاقبته غيابيا بالسجن 30 سنة أشغال شاقة ..وطعنت النيابة في الحكم مصرة على عقوبة الإعدام .
واكتشفت النيابة هروب شمس بدران إلى لندن منذ عام 1974 بجواز سفر دبلوماسي .. وقدم المستشار المرحوم ممتاز نصار عضو مجلس الشعب استجوابا لممدوح سالم رئيس الوزراء ووزير الداخلية - وقتها – عن هروب شمس بدران ... وكيف تم التصريح له بالسفر رغم صدور أحكام ضده، ودفن الاستجواب ولم يناقشه المجلس بأمر السادات.
وفي غمار ميدان " التعذيب " والإرهاب .. نسي الوزير انتقام السماء .. يشير محضر شرطة الطريق الصحراوي بالإسكندرية يوم 30/ 10/ 1974 ( أى بعد الإفراج عنه بأسبوع فقط ) عن وقوع حادث مروع عند الكيلو 113 كان ضحيته شمس بدران وزوجته وعمه .. فبينما كانت زوجته السيدة مني رشدي تقود سيارتها بسرعة شديدة في اتجاهها للإسكندرية وبجوارها زوجها بينما جلس عم شمس في المقعد الخلفي تنقلت منها عجلة القيادة وتنقلب السيارة عدة مرات حيث يصاب شمس بدران إصابات بالغة .. وزوجته برضوض .. بينما لقي العم مصرعه " في الحال ".
تقدمت زوجته في 24 / 10/ 1986 بطلب الطلاق من زوجها شمس بدران للضرر..
ونظرت المحكمة برياسة المستشار أشرف نعيم وعضوية القاضيين أحمد رضا وأحمد مراد وحكمت لها بالطلاق .
وذكر " نبيه فرحات " محامي الزوجة أن شمس بدران تزوجها في 6 يونيو 1962 عندما كان برتبة مقدم .. وكان الشاهد الأول على عقد الزواج الرئيس جمال عبد الناصر ..
والشاهد الثاني شقيقه على عبد الله بدران .. وأنه أنجب منها بنتا تخرجت من الجامعة الأمريكية .. وولد آخر ( 19سنة) لا زال طالبا في الجامعة .. وأن الزوج هرب من البلاد ولا تعلم له محل إقامة ولا ينفق عليها ... وأنها تطلب الطلاق للضرر.
ورفعت " الزوجة " مني رشدي قضية نفقة أخري أمام محكمة عابدين للأحوال الشخصية (محل إقامة الزوج بالقاهرة ) ... حيث قدمت بيانا بأملاكه منها شقة بالإسكندرية يقوم بتأجيرها مفروشة بـ 500 دولار شهريا بالإضافة إلى أملاكه في الخارج .. وحكمت المحكم بنفقة شهرية قدرها 200 جنيه في 25 / 10/ 1986.
صلاح نصر
ولد صلاح نصر في 8 أكتوبر 1920 في قرية سنتماي، مركز ميت غمر، محافظة الدقهلية.
التحق بالكلية الحربية في دفعة أكتوبر عام 1936م، وكان صديقاً لعبد الحكيم عامر منذ عام 1938 أثناء دراستهما في الكلية الحربية، وفي أحد لقاءات عامر ونصر، فاتحه عامر بالانضمام إلى تنظيم الضباط الأحرار فتحمس صلاح نصر للفكرة وانضم إلى التنظيم، وكان جمال عبد الناصر يدرس لهم مادة الشؤون الإدارية في الكلية الحربية.
وليلة ثورة 23 يوليو عام 1952 قاد صلاح نصر الكتيبة 13 التي كان فيها أغلب الضباط الأحرار وعينه عبد الناصر في 23 أكتوبر عام 1956 نائبا لرئيس المخابرات وكان علي صبري مديرا للمخابرات، وكان زكريا محيي الدين مشرفا على المخابرات والمحرك الفعلي لها لانشغال علي صبري بإدارة أعمال مكتب عبد الناصر، ثم عينه رئيسا للمخابرات العامة المصرية في 13 مايو عام 1957 وعين علي صبري وزيرا للدولة وزكريا محيي الدين وزيرا للداخلية. وهكذا بدأ صعود صلاح نصر.
وبعد ثورة يوليو أصبح ينظر إلي الإخوان على أنهم أعداء يجب محاربتهم ، والقضاء عليهم وأتخذ في ذلك عددا من التدابير ، والتي أتسمت بالخسة والدناءة.
وضع صلاح نصر خطته للقضاء على الإخوان على شقين الشق الأول عمليات غسيل المخ لأفراد الجماعة لإعادتهم إلى طبيعتهم الأولى ،ووضع الشق الثاني من تعامله مع الإخوان في القسوة والعنف والإرهاب.
يقول الأستاذ جابر رزق فى كتابة مذبحة الإخوان فى ليمان طرة: كانت أوامر صلاح نصر لإدارة السجن التعامل مع الإخوان بكافة الطرق الوحشية وتتمثل فى الحرمان من العلاج، والحرمان من تطبيق لائحة السجون.
قام صلاح نصر باختراع أنظمة تدل على وحشيته فى تعامله مع الإخوان حيث أنه اتخذ إجراءات معهم لم يتخذها مع أى فصيل سياسى أخر من هذه الإجراءات القبض على النساء وتعذيبهم بأشد وسائل التعذيب البدنى والنفسى لإجبارهم على الاعتراف بما لم يفعلوا ولتأكيد ما نسبه صلاح نصر لذويهم من اتهامات.
بعد نكسة 67 أمر الرئيس جمال عبد الناصر باعتقال صلاح نصر وقدمه للمحاكمة وأدانه في قضية انحراف المخابرات بالسجن لمدة 15 سنة وغرامة مالية قدرها 2500 جنيه مصري، وحكم عليه أيضا لمدة 25 سنة في قضية مؤامرة المشير عبد الحكيم عامر.
لكنه لم يقض المدة كاملة، إذ أفرج عنه الرئيس المصري السادات في 22 أكتوبر 1974 ضمن قائمة أخرى وكان ذلك بمناسبة عيد النصر .
لكنه كان على موعد مع أزمة صحية مفاجئة حينما سقط في وقت سابق في مكتبه في صباح 13 يوليو عام 1967 مصابا بجلطة دموية شديدة في الشريان التاجي، هزت تلك الأزمة الصحية صلاح نصر من الأعماق فهو لم يكن يتوقع أن يداهمه المرض بكل هذه القوة وهو في مكتبه الخاص في جهاز المخابرات العامة، وبقى مع معاناته مع المرض إلى أن توفي عام 1982م.
صفوت الروبي
محمد صفوت الروبى وشهرته صفوت الروبى من مواليد القاهرة ويقال أنة تربى تربية غربية جدا فى بيت لايعرف للدين حرمة ، دخل الجيش متطوعا برتبة نفر ، وقد ظهرت موهبته الفذة فى فن التعذيب واستخراج الاعترافات من المسجونين ،مما كان موضع ترحيب لكلا من صلاح نصر فقد أشاد به لدى عبد الناصر.
جاء في مقال بجريدة الأهرام بتاريخ 9 يناير سنة 1978 عن صفوت الروبى قوله: ما لبث جمال عبد الناصر حتى أرسل صفوت الروبى الى ألمانيا للتدريب على فنون التعذيب مع مجموعة من الضباط المصريين ، وقد أتم تدريبة بنجاح وكان الأول دائما على الضباط الذين معه فى البعثة مما جعل (زيجلر) المسئول الألمانى وهو ضابط برتبة الجنرال يرسل بطلب لعبد الناصر يشيد له فيه بمستوى صفوت الروبى .
مما جعل جمال عبد الناصر وفور عودة صفوت الروبى من المانيا يمن علية برتبة الملازم ويخالف كل القواعد العسكرية بهذة الترقية الغريبة ، ولكنة كان سعيدا جدا بمستوى صفوت الروبى وإشادة الألمان به.
ويذكر عباس السيسي في كتابه (حكايات عن الإخوان المسلمين، الجزء الأول): كان صفوت الروبي يقود أكبر عملية تعذيب وتنكيل بالإخوان المسلمين في السجن الحربي، وكان يحضُّ الجنود البسطاء على الشدة والعنف مع الإخوان المسلمين، ويطالبهم بالتفتيش المستمر لزنازين السجناء، وعندما قال له أحد الجنود: "يا فندم، كل ما نفتش الزنازين لا نجد مخالفات، وكل ما نعثر عليه بعض المصاحف، وأحيانًا نعثر على بعض الأوراق والأقلام، وسرعان ما نصادرها، ونعاقب من وُجِدت عنده.. اطمئن يا فندم.
فردَّ صفوت الروبي قائلاً: "أنتم لا تعرفون الإخوان المسلمين كما أعرفهم.. دول ولاد.. (كذا وكذا..)"، فقال أحد السجانين: "وماذا يستطيع الإخوان أن يفعلوا؟! إنهم في قبضتنا، وداخل الزنازين، وتحت سيطرتنا تمامًا!!"، فقال صفوت الروبي (شارحًا نظريته العجيبة في خطورة جماعة الإخوان): "ممكن لو الإخوان جمعوا بعض المسامير وقطع الأخشاب من فناء السجن يمكنهم صنع طائرة نفَّاثة ويفرُّوا على متنها من السجن الحربي.
رصدت المنظمات الحقوقية ما حدث للإخوان المسلمين على يد صفوت الروبى وطالبت بمحاكمتة ، وما كان سيحاكم لولا ظهور قضية كمشيش ، وجميع الأدلة أثبتت ضلوع صفوت الروبى ، فى التعذيب مم جعل محمد أنور السادات يقوم بتقديم صفوت الروبى للمحاكمة.
نشر فى جريدة الأخبار يوم الجمعة 20 يناير 1978م:
- (استمعت محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة الى شاهد إثبات فى قضية كمشيش . كشف المجنى عليه عن أساليب جديدة فى التعذيب ... هدد صفوت الروبى بالاعتداء على ابنته البكر إذا لم يدل بالأقوال المطلوبة . وسقا آخر كيلوا ملح مذابا فى كوب ماء ومنعه من الشرب فى يوم صائف واضطر لشرب البول . خلع أظافر أحد المقبوض عليهم بكماشة . أصيب أحد المجنى عليهم بشلل نصفى من التعذيب ترك إصابات أخرى بغير علاج حتى تقيحت وتوالدت فيها الديدان . أجبر أحد المجنى عليهم على وضع وجهه فى المبولة ومنعه من الوضوء والصلاة ).
وقد قضت محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة بمعاقبة صفوت الروبى بم نسب اليه من تعذيب للإخوان بطرق تتنافى مع الشرع والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان فقامت المحكمة بتغريمه مبلغ الف جنية على سبيل التعويض المادى وقضت المحكمة بسجنه مدة المؤبد وذلك جزاء له على أفعالة التى أثبتت جميع الأدلة ثبوتها بما لا يدع مجالا للشك على صفوت الروبى، وقد القى به السادات فى ليمان طرة لقمة صائغة للمسجونين يفعلون به ما يريدون انتقاما لهم ولزملائهم ممن تلقوا أشد وأفظع ألوان التعذيب على يده وكان حبس صفوت الروبى فى ليمان طرة عام 1981م.
وذكر موقع ملتقى العرب:
- مرض صفوت الروبى مرضا شديداً بالمعتقل ، وتم الإفراج عنه صحيا وذلك نظرا لتدهور حالته الصحية بعد قضائه عشرات السنوات فى المعتقل ، وزاد علية المرض فى بيته وتوفى على إثر أزمة قلبية حادة .
وقد قيل الكثير من الروايات فى موت صفوت الروبى مثل أنه مات وتعفنت جثته حتى أكتشفها الجيران من رائحتها ، وروايات أخرى كثيرة معظمها تم أخذة من شهود عيان الله وحدة أعلم بمدى صحتها.
عبد العال سلومة
سلومة شخصية مثيرة، فهو ضابط شرطة يحضر في أوراق المعتقلين بداية من عام 1954 وحتى نكسة يونيو 1967. تراه في أوراق محمود السعدني، وأحمد رائف، و محمد مهدي عاكف، ورغم انتماءات هؤلاء المعتقلين الفكرية المتنوعة بين إخوان مسلمين وشيوعيين، لم يكن سلومة يُفرّق بينهم. عذّب الرجل الجميع وعاش مجهولاً.
كان سلومة احد ثادة مذبحة الإخوان في ليمان طرة في 1 يونيو 1957م والتي راح ضحيتها العشرات من الأبرياء العزل.
انتقل سلومة في العديد من السجون لما اشتهر عليه من قسوة في التعذيب وهو أحد من ابتكر تأييد عبد الناصر وإزكاء فكرة التكفير في سجن الواحات والمحاريق.
يقول الاستاذ عاكف في حواره:
- جاء عدد من الضباط وأطلقوا من وراء القضبان النيران على عدد من المعتقلين وكان سلومة أبرز مَن قام بعملية التصفية التي أسفرت عن 16 قتيلاً و22 مصاباً بإصابات حرجة. ولم ينته الأمر إلا بنقل سلومة إلى سجن آخر بعد انتشار خبر الحادثة واضطرت الحكومة للتحقيق بما جرى وحمّلت عبد العال سلومة المسؤولية الرئيسية عنه.
يروي فؤاد علام أن عبد العال سلومة وصل إلى منصب نائب رئيس مصلحة السجون في عهد وزير الداخلية الأسبق زكي بدر وتوفي عام 1987 إثر إصابته بالسرطان.
سعد زغلول عبد الكريم
سعد زغلول عبد الكريم قائد الشرطة العسكرية وقائد الحدود فيما بعد، كان له دور كبير في تعذيب الإخوان واعتقالهم خاصة بعدما أنشأ مع شمس بدران وحدة المباحث الجنائية والتي لفقت التهم للإخوان في قضية 1965م.
ويقول الأستاذ جابر رزق: مذابح الإخوان في سجون ناصر، دار النصر للطباعة الإسلامية ص53:
- وصلنا إلى السجن الحربي حيث أقيمت أفظع مذبحة بشرية لشباب مصر ورجالها، ولقد كان في استقبلنا حمزة البسيوني والعميد سعد زغلول عبد الكريم قائد الشرطة العسكرية وعساكر السجن الحربي الذي ساقونا كالبهائم تحت لهيب السياط، وجاء الحلاق والذي حلق لكل رجل منا ناحية من شنبه وحاجبا من حاجبيه، ثم أدخلونا الزنازين وأدخلوا معنا الكلاب لتنهش لحومنا، ومات تحت طي التعذيب مات صلاح رزق ومحمد أبو السعود وأصيب الكثير بالجنون من جراء هذا التعذيب، وكان شمس بدران يقول: أنا معي كارت بلانش لتدمير كرداسة وإزالتها من على الخريطة" كما كان يقول: سأعطي كرداسة درسا لن تنساه مدى أربعين عاما".
يقول احمد عبد المجيد عبد السميع:
- في إحدى ليالي سبتمبر 1965 . رأيت أحد الإخوان الذي يقومون بتعذيبه وفهمت منهم أنه من العسكريين ، وعلي صلة بالأخ الأستاذ أحمد عادل كمال ، ويشرف علي تعذيب هذا الأخ مدير السجن الحربي حمزة البسيوني مساعدًا في ذلك العميد سعد زغلول ، ولما لم تفلح معه وسائل التعذيب التقليدية أمر اللواء حمزة الجنود بإنزاله في حفرة خندق كانت قريبة ودفنه حيًا وبدأ الجنود في ردم الحفرة عليه وهو في داخلها ، ولا أعلم ما الذي تم بعدها.
انتقل سعد زغلول الى سلاح الحدود بعد نكسة 1967م إلا انه مات بالسكتة القلبية قبل أن يخرج على المعاش.
حمزة البسيوني
نشأ حمزة وسط عائلة البسيوني الشهيرة بمصر، وتخرج في الكلية الحربية وانضم إلى تنظيم الضباط الأحرار ليشارك في ثورة 23 يوليو 1952 وهو برتبة رائد.
كلف بإدارة السجن الحربي في عهد جمال عبد الناصر وكان ذلك السجن سيئ السمعة لما اشتهر به بالتعذيب الذي كان يمارس فيه ضد السياسيين المشكوك في ولائهم للنظام. وكان اسم حمزة، عنيفا يتفنن في ممارسة التعذيب ضد المعتقلين وقتل بعضهم.
يقول احمد فؤاد نجم في اليوم السابع الخميس، 15 أبريل 2010م:وبعد أيام من نكسة 67 صدرت قرارات تصفية رجال عبد الحكيم عامر في مصر وصدر قرار بإحالة البسيوني علي المعاش ثم القبض عليه والتحقيق معه فيما هو منسوب اليه من انحرافات، ووُضع مع بعض ضحاياه.
وجا في صحيفة جريدة المصريين 21/10/2009 أنه في يوم 19 نوفمبر عام 1971 وكان موافقا لاول أيام عيد الفطر المبارك كان حمزة مسافرا من الإسكندرية الي القاهرة ومعه شقيقه راكبا الي جواره واصطدمت سيارته باحدي السيارات المحملة بحديد مبان ومات حمزة وشقيقه وتعرضت جثته لتشويه غريب نتيجة دخول عدد من الأسياخ الحديد فيها.
وينقل لنا الكاتب ثروت الخرباوي في صحيفة الوفد تحت عنوان اللواء حمزة البسيوني.. العسكري الأسود يوم الخميس, 18 نوفمبر 2010: عن المستشار خيري رئيس محكمة الاستئناف السابق ما حكاه بشأن معاينته لجثة حمزة البسيوني حيث يقول عن الحادثة " كانت حادثة مروعة وكنت وقتها رئيسا لإحدي النيابات في محكمة كلية وخرجنا أنا وزميل لي في مهمة قضائية لمعاينة الحادث ومناظرة الجثة .. دلت المعاينة وشهادة الشهود علي أن سائق السيارة القتيل كان يقود سيارته بسرعة غريبة وكانت أمامه سيارة نقل مُحملة بأسياخ الحديد التي تتدلي من مؤخرة السيارة ودون أن يتنبه استمر في سرعته حتي اصطدم بالسيارة النقل وحينها اخترقت أسياخ الحديد ناصية القتيل ومزقت رقبته وقسمت جانبه الأيمن حتي انفصل كتفه عن باقي جسده " ، وبتأثر واضح قال المستشار خيري : "لم أستطع مناظرة الجثة فقد وقعت في إغماءة من هول المنظر وقام زميلي باستكمال مناظرة الجثة.
صلاح نصر النجومي
مدير المخابرات العامة : اعتقل وحوكم في قضية مؤامرة المشير عبد الحكيم عامر وانحراف جهاز المخابرات ، وصدر الحكم ضده يوم 29/8/1967 : -
- أ – في القضية الأولي : الأشغال الشاقة المؤبدة 25 سنة ورد مبلغ 10400 جنيه للخزانة .
- ب – في القضية الثانية : الأشغال الشاقة 15 عامًا وغرامة 2500 جنيه .
أفرج عنه السادات بعد قضاء سبع سنوات بالسجن وحوكم مرة أخري في قضية تعذيب الصحفي مصطفي أمين وصدر الحكم في 22/6/1967 بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات .
وأثناء قضاء العقوبة للمرة الثانية أصيب بعدة أمراض وظل يعاني آلام الأمراض كجلطات القلب ، والذبحة الصدرية حتى أصيب بالشلل التام والعمى ، وأخذه الله أخذ عزيز مقتدر لينضم إلي طابور الجبابرة العتاة وكان ذلك يوم 5 مارس 1982
وغيرهم أمثال على شفيق والذي هرب ومات مقتولا في لندن، والرائد حسن كفافي والرائد رياض إبراهيم و الجنود : علي عبد الله ، سمبو ، زغلول ، علي الأود والذين حوكموا بعد محاولة انقلاب عبد الحكيم عامر وشمس بدران وبعد وفاة عبد الناصر حيث تقدم الإخوان ببلاغات كان على أثرها المحاكمات.
رابعة العدوية ومصائر من دبرها
مجزرة رابعة والنهضة ومن قبلها الحرس الجمهوري والمنصة مجزرة حيث صب فيها الجيش المصري النار على آلاف المعتصمين في ميدان رابعة العدوية، فيهم النساء والأطفال والشيوخ، فأثخن قتلا وحرقا وعاث فسادا ودمارا حتى ضج الميدان واختلط الأموات بالأحياء، وحُرّقت الجثث وتطايرت الأشلاء وضاعت الهويات، وغصت المستشفيات والمشارح.
وقد وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش بأنها "إحدى أكبر وقائع القتل الجماعي لمتظاهرين سلميين في يوم واحد في تاريخ العالم الحديث".
لقد شارك فيها الجيش والشرطة بجميع رتبهم حيث فتحوا أسلحتهم على العزل الأبرياء لا لشيء إلا لتحقيق وتنفيذ أوامر رؤسائهم الذين لم يمهلهم الله كثيرا.
فصدقي صبحي غدر به السيسي على شاكلة ما قام به عبد الناصر مع وزير دفاعه وصديقه المشير عبد الحكيم عامر.
وعبد المنعم ألتراس اطاح به السيسي رغم ما كان يدعيه بأنه الرجل الأقوى
وأحمد وصفي الذي برر الانقلاب أطاح به السيسي مع قضية فساد
وأسامة عسكر الذي انغمس في قضايا فساد ونهب انتهت لعزله ومطالبته برد الأموال
ومحمد إبراهيم وزير الداخلية بعدما ادى مهمته عزله السيسي بطريقة مهينة
وحزب النور الذي حاول ان يضفى شرعية على قتل الأبرياء أصبح لا يحترمه الناس ولا يحترم حتى نفسه مع نفسه
والبرادعي وحاتم عبد العظيم والسيد بدوي والقائمة طويلة جدا ممن أذلهم الله بعد أن رقصوا على دما الأبرياء وسيأتي اليوم الذي يوثق فيه لمصير هؤلاء الظالمين وقصصهم ليكونوا عبرة من الله لكل ظالم.