كيف تلقَّوا نبأ اسشهاد سيد قطب؟!
بقلم: عبد المنعم أبو سيف
يوم تنفيذ حكم الإعدام على الشهيد سيد قطب علَّق المفكِّر الإسلامي أبو الأعلى المودودي- رئيس الجماعة الإسلامية في باكستان- بالقول:" لقد شعرتُ باختناقٍ حقيقي".
وكتب الزعيم المغربي علال الفاسي معلِّقًا على الحدث بقوله: "ما كان الله لينصر حربًا يقودها قاتِل سيد قطب"، وهو ما حدث بهزيمة 1967 م على يد اليهود، وفي الوقت نفسه وصلت برقيات كثيرة من أنحاء العالم العربي والإسلامي تطالب عبد الناصر بإلحاح بعدم تنفيذ حكم الإعدام في سيد قطب، ومنهم الملك فيصل ملك السعودية.
بل أوصل سامي شرف البرقية إلى عبد الناصر الذي قال له: اعدموه في الفجر وبكره اعرض عليَّ البرقية بعد الإعدام!! ثم أرسل عبد الناصر برقية اعتذار للملك فيصل ادَّعى فيها أن البرقية وصلت بعد تنفيذ حكم الإعدام.
بعض كلمات سيد قطب يرحمه الله
- "إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة مجردة من التعقب والذين يقاوموننا هم المتعقبون أو الجهلاء الذين لا يعرفون ما يقولون.
- إن الكلمات التي ولدت في الأفواه، وقذفت بها إلى الألسنة، ولم تتصل بالنبع الإلهي الحي قد وُلدت ميتة.
- إن هذا القرآن لا يعطي سرَّه إلا للذين يخوضون به المعركة ويجاهدون به جهادًا كبيرًا.
- إن كلماتنا عرائس من الشمع حتى إذا متنا في سبيلها دبَّت فيها الروح وكُتبت لها الحياة.
- وعندما طلبوا من سيد قطب قبل إعدامه أن يكتب استرحامًا لعبد الناصر قال إن أصبع السبابة التي تشهد لله بالوحدانية في الصلاة تأبى أن تكتب كلمةً واحدةً تقرُّ بها لحاكم طاغية، فإن كنت مسجونًا بحق فأنا أرتضي حكم الخالق الحق، وإن كنت مسجونًا بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل.
وقال الشهيد سيد قطب عن الشهيد حسن البنا- يرحمهما الله
- الحقيقة الكبرى لحسن البنا هي البناء وإحسان البناء، بل عبقرية البناء، لقد عرفتْ العقيدةُ الإسلامية كثيرًا من الدعاة، ولكن الدعوة غير البناء، وما كل داعية يمتلك أن يكون بنَّاءً، وما كل بنَّاء يوهَب هذه العبقرية الضخمة في البناء.. هذا البناء الضخم الإخوان المسلمين.. إنه مظهر هذه العبقرية الضخمة في بناء الجماعات، ويمضي حسن البنا إلى جوار ربه وقد استكمل البناء الذي أسَّسه بمضيٍّ، فيكون استشهاده على نحوٍّ يدل على عملية جديدة من عمليات البناء.. عملية تعميق للأساس وتقوية للجدران، وما كانت ألف خطبة وخطبة ولا ألف رسالة ورسالة للفقيد الشهيد لتلهب الدعوة في نفوس الإخوان كما ألهبتها قطرات الدم الزكي المراق.
ويضيف
حينما سلط الأقزام الطغاة الحديد والنار على الإخوان كان الوقت قد فات، كان البناء الذي أسسه حسن البنا قد استطال على الهدم وتعمق عن الاجتثاث كان قد استحال فكرةً لا يهدمها الحديد والنار، فالحديد والنار لم يهدما فكرة في يوم من الأيام، واستعلمت عبقرية البناء على الطغاة والأقزام، فذهب الطغيان وبقي الإخوان، ومرة بعد مرة نزت في نفوس بعض الرجال بين الإخوان نزوات في كل مرة، سقط أصحاب هذه النزوات كما تسقط الورقة الجافة من الشجرة الضخمة أو نزوات تلك النزوة، ولم تستطع أن تحدث حدثًا في الصفوف، ومرة بعد مرة استمسك أعداء الإخوان بفرع من تلك الشجرة أو لقتلعوا الشجرة حتى إذا آن أوان الشد خرج ذلك الفرع في أيديهم جافًا يابسًا كالحطبة الناشفة لا ماء فيه ولا ورق ولا ثمار.. إنها عبقرية البناء تمتد بعد ذهاب البنَّاء واليوم يواجه بناء الإخوان خليطًا من واجهه في الماضي ولكنه اليوم أعمق أساسًا وأكثر استطالة وأشد قوامًا اليوم، هو عقيدة في النفس وماضٍ في التاريخ وأمل في المستقبل ومذهب في الحياة، ووراء ذلك كله إرادة الله التي لا تُغلب ودم الشهيد الذي لا يُنسى.
فمن كان يريد لهذا البناء سورًا فليذكر أن طغيان فاروق وعبد الناصر- ومن خلفهما إنجلترا وأمريكا- لم يهدم منه حجرًا، ولم يترك فيه ثغرة.. إن المستقبل لهذه العقيدة التي يقوم عليها بناء الإخوان، وللنظام الاجتماعي الذي ينبثق من هذه العقيدة، وفي كل أرض إسلامية اليوم نداء بالعودة إلى الراية الواحدة التي مزقها الاستعمار ذات يوم ليسهل عليه ازدراء الوطن الإسلامي قطعة قطعة، وقد آن الأوان أن تتضامَّ هذه المزق وتنفض جسمًا حيًا كاملاً يمزق الاستعمار الأمريكي الصهيوني أمر طبائع الأشياء تقتضي انتهار هذه الفكرة فلقد انتهت موجة التفكك والتمزيق ولم تمت الفكرة الإسلامية في تلك الفترة المظلمة فهيهات إذن أن تموت اليوم في موجة اليقظة والصحوة والانتفاضة والإحياء.
ولقد اختلطت الفكرة الإسلامية ببناء الإخوان المسلمين فلم يعد ممكنًا أن يفصل بينهما التاريخ ومن ثم لم يعد ممكنًا أن يفصل بينهما أحد في اليوم أو الغد ولقد كان الاستعمار في الماضي يستخدم أجهزة للتخدير يلبسها ثوب الدين استخدم رجال الطرق واستخدم رجال الأزهر كما استخدم طغيان السراي أما اليوم فلم يعد ذلك ممكنًا.
إن الفكرة الإسلامية اليوم يمثلها بناء الإخوان تمثيلاً قويًا فلا سبيل إلى التمويه وجهاز الأزهر ذاته قد خضع للطغيان طويلاً وخضع للاستعمار ها هو ذا آخذ في الانتفاض والتحرر، وهؤلاء طلابه وأساتذته ينضمون جماعات وأفرادًا إلى صفوف الإخوان المحضن الأول للفكرة الإسلامية كما ينبغي أن تكون.