فندق مينا هاوس ولقاء الإمام البنا بالنحاس

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
فندق مينا هاوس ولقاء الإمام البنا بالنحاس
أماكن لها تاريخ في ذاكرة الإخوان


إخوان ويكي

مقدمة

فندق-مينا-هاوس.1.jpg
فندق-مينا-هاوس.2.jpg
فندق-مينا-هاوس.3.jpg


لم يكن الأستاذ حسن البنا بالشخص المغمور في حياته، لكنه شخص صنع تاريخ ما زال الجميع يدور حوله، فهو شخص وهبه الله بعض الملكات استغلها في الدفاع عن دينه ووطنه مثل كثير من الزعماء والمصلحين والعلماء في التاريخ الإسلامي، وليس كما يحاول أنصار الديكتاتورية أو الدول الغربية أن يقوله عنه. ورغم استشهاده وعمره تجاوز الأربعين عاما بقليل إلا أن يطر تاريخا وفكرا ما زال الباحثين يتكشفون منهجه وفكره.

أيضا على الرغم من صغر سنه إلا أنه استطاع أن يجوب مدن وقرى ونجوع القطر المصري ما لم يستطع فعله زعيم أو زير أو مصلح غيره في القرن العشرين. ومن الأماكن التي لها تاريخ مع الأستاذ حسن البنا فندق مينا هاوس القريب من أهرامات الجيزة بشارع الهرم حيث التقى برئيس الوزراء النحاس باشا.

ما تعرفه عن مينا هاوس

في عام 1869 قام الخديوي إسماعيل بتشييد فندق "مينا هاوس" أمام أهرامات الجيزة، كرغبته أن يكون استراحة خاصة به يقضي فيها أوقاته بعد عودته من رحلات الصيد الطويلة وأيضا لمقابلة ضيوفه فيها. وقد اختار مكانها بعناية في منطقة تطل على هضبة الأهرامات ومحاطة بحدائق الياسمين ويطل على الأهرامات مباشرة.

وحينما بدأ الاستعداد لحفل افتتاح قناة السويس قام الخديوي إسماعيل بتوسعة الاستراحة وتهيئة شارع الهرم المؤدي لها وحول البناء إلى قصر وذلك لاستقبال ضيوف حفل افتتاح قناة السويس وعلى رأسهم الأمبروطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث.

بعد الحفل الاسطوري لاقتتاح قناة السويس وقعت مصر في الديون، مما اضطر ولاة مصر بعد إسماعيل بيع كثير من أصول مصر لتسديد جزء من الديون والتي كان منها قصر مينا هاوس. ففى عام 1883 اضطر الخديوي توفيق بن إسماعيل لبيع القصر لثري بريطاني وزوجته ويدعيان "فريدريك وجيسي هيد" وأصبح القصر مسكناً خاصاً لهما فوسعا بناءه وأطلقا عليه اسم مينا نسبة للملك مينا الملك الفرعونى الذي وحد القطرين.

لكنهما في عام 1885 باعا القصر لرجل إنجليزي وزوجته هما "إيثيل وهيوز لوكيه كينغ" وهي عائلة اشتهرت بعشقها للآثار المصرية القديمة ، وقررت تحويل القصر لفندق مينا هاوس والذي افتتح للعامة في عام 1886 . وفي خلال الحرب العالمية الأولى أصبح الفندق مقراً للقوات الأسترالية والنيوزيلاندية ثم تحول إلى مستشفى فى أواخر تلك الحرب.

وخلال الحرب العالمية الثانية في عام 1943 شهد فندق مينا هاوس أحداث مؤتمر القاهرة الذي ضم رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت والزعيم الصيني شيانغ كاي شيك لمناقشة أحداث الحرب. انتقلت ملكية الفندق من عائلة "لوكيه" إلى شركة الفنادق المصرية التي كانت تمتلك عدة فنادق تاريخية بمصر مثل "شبرد" و"الجزيرة بالاس".

وحينما قامت ثورة 23 يوليو عام 1952 تم تأميم الفندق وإعادة ملكيته إلى الحكومة المصرية. وفي عام 1964 تم شراء الفندق من قبل شركة فنادق أوبيروي العالمية الهندية وبدأ في تجديده في عام 1972 وانتهى في عام 1975م، كما قامت بتجديدة أكثر من مرة.

وفي شهر ديسمبر عام 1977 عقد مؤتمر مينا هاوس بين الرئيس المصري الأسبق أنور السادات والرئيس الأمريكي جيمي كارتر ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن وممثلين عن الأمم المتحدة قبل عقد اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل.

سبب لقاء البنا بالنحاس

كانت مصر تحكمها الأحكام العرفية منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1939م حتى انتهاء الحرب عام 1945م، حيث واجهت بريطانيا ودول الحلفاء الهزائم على يدي ألمانيا ودول المحور في بداية الحرب مما جعل موقفها في غاية السوء قبل أن تتبدل الأحوال.

في هذا التوقيت تولى على ماهر باشا الحكومة حيث أعلن حياد مصر في الحرب، مما دفع بريطانيا للتشكيك في نواه نحو الألمان فضغطوا على الملك لتغيير حكومته، بحكومة موالية للإنجليز فجاءت حكومة حسن صبري باشا لكنه لم يعمر بسبب وفاته المقاجئة، فخلفتها حكومة حسين سري باشا، حيث بدأ التضييق على حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين في عهدها بطلب من بريطانيا.

لكن هذه الحكومة لم تستطع أن تفى بمتطلبات بريطانيا فطلبت من الملك فاروق باسناد الحكومة للنحاس باشا، ومع أن الملك لم يكن راغب في النحاس وكان متحمس للألمان مما دفع الإنجليز لحصار قصر عابدين في الحادث المشهور 4 فبراير 1942م وإجباره على تكليف النحاس باشا بالحكومة.

حينما تولى النحاس الحكومة حل البرلمان وأعلن عن إجراء انتخابات جديدة، فرأها الأستاذ البنا والإخوان فرصة للمشاركة أول مرة في الانتخابات البرلمانية.

تحمس الإخوان خاصة أن الأستاذ البنا ترشح عن دائرة الإسماعيلية حيث شعبية الأستاذ البنا الكبيرة هناك، وتحولت الدائرة إلى خلية نحل مما أقلق الإنجليز أن يفوز زعيم الإخوان المسلمين (وهو المناهض والمعارض للوجود الإنجليزي في مصر) في معقل القوات البريطانية في الشرق الأوسط، فانتهز اللورد كيلرن (السفير البريطاني في مصر فيما بعد) وجود صديقه النحاس باشا فى الوزارة فطلب منه حل جمعية الإخوان المسلمين، وزاد بأن يحول بين البنا وترشحه في الانتخابات القادمة.

لقاء الإمام البنا بالنحاس باشا في مينا هاوس

تعجب النحاس من طلب كليرن كون جماعة الإخوان لم تكن قد على صيتها بعد، لكن تحت الضغط أرسل النحاس باشا للأستاذ حسن البنا لمقابلته، وبدوره وافق الأستاذ البنا على المقابلة التي تمت في فندق مينا هاوس.

وتمت المقابلة بين الإمام البنا ومصطفى النحاس بفندق مينا هاوس، وصارح النحاسُ الأستاذ المرشد بحرج الموقف، وطلب منه التنازل عن الترشيح لمصلحته ومصلحة البلاد، لكن الإمام البنا رفض ذلك وأعلن أن هذا حق دستورى يكفله له القانون، وأن هذا هو قرار الإخوان ولا يستطيع هو بقرار فردى أن يعدل عن ذلك

لكن النحاس أكد للإمام البنا أن هذا الأمر خارج عن إرادته، وأن الإنجليز جادون فى تهديداتهم؛ فهم يستطيعون أن يدمروا البلد فى ساعتين، كما سيقومون بحل الجماعة ونفى زعمائها خارج القطر إذا لم يتم التنازل. وترك للإمام البنا التفكير فى هذا الأمر على أن تتم مقابلة أخرى فى هذا الشأن، وأن يتعهد النحاس باشا بتنفيذ ما يريده الإخوان فى مقابل ذلك التنازل.

ديمقراطية الإخوان

طلب الإمام البنا من النحاس باشا أن يمهله حتى يعرض الأمر على مكتب الإرشاد لأنه صاحب القرار، وبالفعل عاد البنا من الفندق واجتمع بمكتب الإرشاد وقص عليهم ما حدث، فكان رد معظم أعضاء المكتب برفض طلب النحاس باشا لأنه يحول بين حق مصري الدستوري، وعلى الرغم أن الأستاذ البنا كان موافق على عرض النحاس باشا حتى يجنب البلاد والجماعة العواقب لكنه نزل على رأى الأغلبية.

تقابل الإمام البنا مع سليم بك زكي الوسيط بينه وبين رئيس الوزراء واتضحت الصورة كاملة امام البنا الذي قرر أن يقبل أن يتنازل لتجنيب البلاد عواقب تهور الإنجليز. تقابل الإمام مع النحاس باشا في فندق مينا هاوس ثانية وأخبره برفض الأغلبية بمكتب الإرشاد لكنه شخصيا موافق في نظير ألغاء البغاء ومنع الخمر والسماح للجماعة بالعمل، وهو ما وافق عليه النحاس باشا.

وأحدث قرار البنا بالتنازل رجة داخل صفوف مكتب الإرشاد، لكن الإمام البنا عرض جميع التفاصيل عليهم والعواقب التي كانت متوقع حدوثها في حالة تشبثه بعدم التنازل، وموقف الإنجليز المتحفز لحل الجماعة واعتقال ونفي زعمائها خارج البلاد، وهو ما جعل العاصفة تهدأ بين الأعضاء.

المصادر

  1. خالد إبراهيم: قصة مينا هاوس الذى تحول من استراحة الخديوى لفندق شهير، 23 نوفمبر 2018
  2. المينا هاوس.. حكاية فندق تجاوز عمره 150 عاما: 29 مايو 2020
  3. جريدة الأهرام المصرية: السنة 101، العدد 32207 ، 30 محرم 1394هـ - 14 فبراير 1975م، صـ7.
  4. روز اليوسف: السنة 23، العدد 1035 ، 4 جمادى الآخرة 1367هـ - 13 أبريل 1948م، صـ14.
  5. محمود عبد الحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، جـ1، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع، الإسكندرية، 1999، صـ242.