شهر رمضان وتكوين أول كتيبة تربوية للإخوان المسلمين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
شهر رمضان وتكوين أول كتيبة تربوية للإخوان المسلمين


إخوان ويكي

مقدمة

ظهرت جماعة الإخوان المسلمين في ظروف كانت البلاد والعالم الإسلامي يرزخ تحت نير الاحتلال بشتى أنواعه، حيث استغل نقطة جهلهم بتعاليم دينهم الوسطي الحنيف وأعلى في نفوسهم الأساطير والخرافات والصوفية المنحرفة والتي كانت تبث روح اليأس والضعف في النفوس وغيبت روح المقاومة والجهاد.

ولذا كان هدف الأستاذ البنا من نشأة جماعة الإخوان العمل على الفهم الصحيح للإسلام، ومواجهة المستعمر الغربي وتياره الجارف. ولذا عمد إلى التربية والمتابعة والتي كانت من أنجح الوسائل التي اتبعها في تكوين جماعة الإخوان

حيث عبر عن ذلك بقوله:

" إن تكوين الأمم، وتربية الشعوب، وتحقيق الآمال، ومناصرة المبادئ، تحتاج من الأمة -التي تحاول هذا أو من الفئة التي تدعو إليه على الأقل- قوة نفسية عظيمة تتمثل فى عدة أمور: إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف، ووفاء ثابت لا يعدو عليه تلون ولا غدر، وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل، ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له، يعصم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه والخديعة بغيره.

ولقد تعددت وسائل التربية التي استنبطها من وحي المعاني الإسلامية ومنها الكتيبة التي كانت في مضمونها اجتماع تربوي ليلي من أجل شحذ القلوب بالمعاني الإيمانية والمواعظ التربوية والعبادة العملية.

أهداف الكتيبة التربوية

شكل الأستاذ البنا الكتيبة (وهو اجتماع بين عدد من الإخوان من المغرب حتى الشروق من أجل الاستزادة من علوم القرآن والافطار الجماعي، وريادة الترابط والتآخي بين الأفراد، والوقوف بين يدي الله في جوف الله، ثم صلاة الفجر وتلاوة الأذكار حتى الشروق ثم الانصراف) بهدف تخريج صنف ممتاز من الشباب الإسلامى يقوم بعبء الدعوة، ووسيلة ذلك الدرس والتربية الروحية والرياضية التى تقوم على الطاعة والنظام والاستقامة وتقديس الواجب وتمام الاستعداد.

كما يراد بها تقوية الصف بالتعارف، وتمازج النفوس والأرواح، ومقاومة العادات والمألوفات، والمران على حسن الصلة بالله تبارك وتعالى، واستمداد النصر منه، وهذا هو معهد التربية الروحية للإخوان المسلمين. (1)

وكان لاختيار فرد الكتيبة شروط حتى يتثى له الحضور مثل المحافظة على أداء الأوامر، واجتناب النواهى الشرعية، وبأن يجدد التوبة، ويرد الحقوق والمظالم إلى أهلها، وبأن يمتنع عن المكيفات كلها، وعن السهر فى غير ليلة الاجتماع، وبأن يأخذ نفسه بالجد والوقار دائمًا، مع محاسبة النفس والإقلال من الضحك، وبأن يحرص على الوقت فلا ينفق جزءًا منه فى غير فائدة، وبأن يقتصد بعض ماله مهما كان دخله للطوارئ، وبأن يسدد اشتراكه الشهرى للمكتب العام، وبأن يتحدث بالعربية الفصحى، ويستخدم التاريخ الهجرى ما أمكنه ذلك، وبأن يترك حزبيته السياسية. (2)

وكان يوزع على أفراد الكتيبة رسالة تسمى المنهج العلمى وهى تضم أسماء مجموعة مختارة من الكتب فى كل فن من فنون العلوم الإسلامية والتاريخية والتربوية ، ويطلب من عضو فى الكتيبة أن يقرأ ما يستطيع من هذه الكتب ، لتزوده بذخيرة من المعلومات ، تنير له الطريق فى دعوته ، وتجعله أهلا لقيادة الدعوة فى مختلف الأماكن والظروف.

ويقول الدكتور علي عبد الحليم محمود:

الكتيبة تعنى أسلوبا خاصا فى تربية مجموعة من الإخوان . يقوم هذا الأسلوب على تربية الروح ، وترقيق القلب ، وتزكية النفس ، وتعويد البدن والجوارح على الاستجابة للعبادة بعامة وللتهجد والذكر والتدبر والفكر بصفة خاصة . وقد فهمت الجماعة منذ نشأة نظام الكتائب ؛ أن الكتيبة جهاد للنفس وجهاد للشيطان ونزعاته ، كما أنها إعداد للفرد إعدادا جهاديا ، يمكنه من الأخذ بأسباب القوة ، قوة الروح ، وقوة العقل ، وقوة البدن وقوة الصبر والاحتمال .

وللكتيبة عند الجماعة مفهوم حركى ، إذ بها يتدرب أفراد الجماعة على معايشة بعضهم لبعض فترة من الزمن ليست بالقصيرة ، بل ليست عادية ، إذ هى الليل الذى تهجع فيه النفوس ، ويركن فيه الناس جل الناس إلى الراحة والدعوة ؛ ليرى الإخوان أنفسهم على حقيقتها يؤثرون الراحة أم يفضلون التعب والجهاد فى سبيل الله وفى سبيل الدعوة إليه.

وللكتيبة بهذا المفهوم تاريخ فى الجماعة قد دخل على نظامها بعض التعديل والتطوير، حتى إننا نستطيع أن نقول : إن أسلوب الكتيبة فى بداية الأخذ بنظامها قد اختلف إلى حد ما عن أسلوب نظامها فيما بعد. (3)

أول كتيبة

اختلف تاريخ بداية تكوين وتشكيل كتائب الإخوان التربوية، حيث ذكرت مجلة الدعوة أبريل 1952م أنه كانت أول كتيبة في الخريف يعني سبتمبر أو أكتوبر عام 1937م، بما يعني شهر رجب 1356هـ وكان أغلبها من طلاب الجامعة حيث شكلوا أول كتيبة من كتائب الإخوان. (4)

لكن الأستاذ عباس السيسي ذكر أن أول كتيبة للإخوان كان في يوم 17 رمضان 1357 هـ بمسجد عين شمس يعني 10 نوفمبر 1938م، حيث قال:

"ولقد لاحظت أن الدعوة قد وصلت فعلا الى نفوس الكثيرين من شباب الأمة واتسعت أعمالها ومشروعاتها بعض الشىء فلم يعد هناك المجال الواسع للتفرغ للتوجيه وحياة المبادىء والدعوات ، انما تكون فى دوام اتصال أرواح القائمين بها ونفوسهم بعضهم ببعض ، وهناك جاءت فكرة الكتائب الاخوانية
والمقصود بالكتائب الاخوانية : يقسم الإخوان الى مجموعات لا تزيد احداها عن الاربيعن يجتمعون ليلة فى الاسبوع فيصلون العشاء معا ويتناولون طعاما خفيفا ويتعارفون ويتدارسون الفكرة والدعوة وينامون قليلا على فرش خشنة ويقومون قبل الفجر للتهجد ويصلون الصبح معا ويذكرون الله الى طلوع الشمس ويزاولون بعض التدريبات الرياضية وينصرفون.
وقد أجريت التجربة الأولى لتكوين الكتيبة الأولى يوم 17 رمضان 1357 هجرية بمسجد عين شمس ، ولا زلت أذكرها كأنها اليوم تماما وتلتها بعض الكتائب الاخوانية فى بلدة البساتين للتدريب على ركوب الخيل ، ومنذ البدء فى تكوين هذه الكتائب أطلق على رجالها رهبان الليل فرسان النهار وحين نجحت التجربة فى القاهرة أراد المكتب تعميمها فى الأقاليم" (5)

كما ذكرت رسالة المنهج أن الإمام البنا وضع فترة زمانية لتشكيل ما يقرب من 300 كتيبة على أن تكون البداية حوالى رجب سنة هـ بـ25 كتيبة كاملة.

والقارئ قد يجد تضارب في تواريخ البداية، لكن ربما يكون تاريخ الأستاذ عباس السيسي يعد التاريخ الرسمي لأول كتيبة، حيث أن الكتائب التي التي اجتمعت عام 1937م كانت تجريبية وتكونت من الطلبة. كما أن ما جاء في رسالة المنهج كونه شهر رجب لأن الإمام البنا كتب الرسالة في هذا الشهر لكن لم يكن تاريخ التنفيذ حيث طالب بتشكيل ما يقرب من 25 كتيبة في هذه الفترة.

مكان الكتيبة

كانت الكتيبة تقام خارج المركز العام فى صحراء عين شمس والمعادى وحلوان والغفير إلا فى أوقات المطر والبرد القارس؛ فكانت تقام بالمركز العام.

وكانت تتكون من أربعين أخا من الإخوان من الرعيل الأول، ومعظمهم فى هذه المرحلة الزمنية كانوا من الطلاب. لكن بعد صدور رسالة المنهج تخلى الإمام البنا عن أن تشكل الكتيبة في القاهرة أو المركز العام وعممها على شعب الإخوان

صفة فرد الكتيبة

جاء في منشور للإخوان تحت عنوان "لتكون جنديًا في صفوف الإخوان المسلمين" وضح شروط لابد أن تتوافر في الفرد الراغب في الانتساب للكتيبة:

الله أكبر ولله الحمد

  1. كن قوي الإرادة إلى أبعد حد ولا تتردد أبدًا "فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ"
  2. كن وفيًا بالكلمة والعهد والوعد ولا تخلف مهما كانت الأسباب "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ"
  3. اغضب لكرامتك وثر لحقك ولا تتهاون مع الباغين عليك "وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ"
  4. احتمل المشقة وغالب الصعاب وجاهد في سبيل غايتك ولا تدع شيئًا يثنيك عنها "وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ"
  5. تغلب على العادات والشهوات والعواطف واحذر أن تصرعك " إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ"
  6. قل الحق وكن شجاعًا في نصرته وناضل عنه بقلبك ولسانك ويدك ومالك ودمك ومت في سبيله " فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ"
  7. تجنب الفضول في القول والعمل فلا تقل إلا ما يفيد " وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ"
  8. املك نفسك عند الغضب ولا تندفع حتى تتبين الطريق وتعلم أين الفائدة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"
  9. لا تضعف أمام المرأة ولا تقس عليها واطبع بيتك بطابعك واملأ من حولك بعقيدتك " وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا"
  10. تعرف حقك وواجبك فلا تتساهل في الحق ولا تقصر في الواجب " وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ". (6)

المراجع

  1. مجموعة رسائل الإمام البنا: رسالة المؤتمر الخامس، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2006، صـ377.
  2. مجموعة رسائل الإمام البنا: رسالة المنهج، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2006، صـ293.
  3. علي عبد الحليم محمود: وسائل التربية عند الإخوان المسلمين، دار الوفاء للطباعة والنشر، 1998م.
  4. مجلة الدعوة : العدد 63، السنة الثانية، 5 شعبان 1371هـ - 29 أبريل 1952م، صـ8.
  5. عباس السيسي: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمون، جـ1، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
  6. جريدة الإخوان المسلمين: العدد 3، السنة الخامسة، 25 ربيع الأول 1356هـ - 4 يونيو 1937م.