رياض عبدالقادر جمجوم
مقدمة
يحتل الجانب الاقتصادي مساحةً بارزةً داخل مشروع الإخوان المسلمين للنهضة الحضارية، حيث اعتبر الإمام حسن البنا المال والاقتصاد أحد الدعائم الأساسية لنهضة الأمة، معتبرا أن الأمة الناهضة أحوج ما تكون إلى تنظيم شئونها الاقتصادية.
وتنبع نظرة الإخوان إلى القضايا والأفكار والسياسات الاقتصادية من منطلق إسلامي، يتسم بالمرونة والواقعية والعملية بذات القدر الذي يتمسك بالمنطلقات والضوابط العقائدية لهذه النظرة. ورياض جمجوم واحد من الذين ترجموا الفكر الاقتصادي الإسلامي لواقع عملي.
حياته
لا نعرف ترجمة لشخصية الأستاذ رياض قبل التحاقه بالإخوان إلا أنه أحد التجار المشهورين بشارع المعز لدين الله بالجمالية وربما هذه المهنة هي التي أصقلت فكره الاقتصادي. التحق بالإخوان في الثلاثينيات ويعد أح الرعيل الأول للإخوان حتى أن الإمام حسن البنا اختاره ضمن أول هيئة تأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين عام 1945م.
وبرز الأستاذ رياض جمجوم حينما أنشأ الإخوان بعض الشركات الاقتصادي وتولى إدارتها الأستاذ محمد عبد الوهاب غير أنه لم يقم عليها بطريقة ناجحة مما أوكل الإمام البنا برئاستها لرياض جمجوم حيث نوع انتاجها ومصادر دخلها ونجح في إدارتها.
يقول الأستاذ جمعة أمين عبد العزيز:
- القسم الاقتصادي أخذ يدرس مشروع تكوين شركة للاستغلال الزراعي، وعند تمام الدراسة والشروع في العمل سيعلن ما وصل إليه على الإخوان.
ويبدو أن الأخ محمد عبد الوهاب كانت خبراته تنحصر في الاتجار في المواد الغذائية، ولذلك قرر الإخوان تجديد إدارة الشركة بأن ضموا إليها الأستاذ رياض جمجوم واختير رئيسًا لمجلس إدارة الشركة وعضوًا منتدبًا لها، وأصبح الأخ محمد عبد الوهاب أمينًا لصندوق الشركة، ونشرت الشركة إعلانًا طالبت فيه الإخوان بزيادة الاكتتاب حتى يكتمل رأسمال الشركة، كما أعلنت عن اعتزامها البدء في بعض المشروعات الجديدة على أنشطة الشركة.
وقد قرر الإخوان عدم إباحة زيادة الاكتتاب لأي شخص في الشركة عن مائة سهم؛ وذلك حتى لا يكون رأسمال الشركة دولة بين الأغنياء. وانتقلت الشركة في عهد الأخ رياض جمجوم نقلة نوعية، فبدلاً من الاقتصار على الاتجار في المواد الغذائية انتقلت إلى المشروعات المنتجة والصناعات المختلفة، فكانت لها مشروعات زراعية وأخرى صناعية.
ووفق الوثائق التي كشف عنها الأستاذ جمال البنا:
- أوائل الشركات التى أسسها الإخوان كانت الشركة العربية للمناجم والمحاجر، وهى عبارة عن شركة توصية بالأسهم، مسجلة برقم 409 لسنة 1947 بمحكمة مصر الوطنية، ومركزها الرئيسى 76 شارع محمد على بالقاهرة.
وتشير الوثائق إلى أن النظام الأساسى لهذه الشركة وقد جاء الباب الأول فى تأسيسها وتسميتها وغرضها ومركزها ومدتها. تذكر المادة الأولى أنه يوم السبت 11 رجب 1366 "31 مايو 1947" تأسست بمدينة القاهرة شركة اقتصادية إسلامية لاستغلال المناجم والمحاجر داخل البلاد الإسلامية وخارجها باسم "الشركة العربية للمناجم والمحاجر رياض عبدالقادر جمجوم وشركاه" وهى شركة توصية بالأسهم.
وتشير المادة الثانية من نظامها الأساسى إلى أن غرض الشركة استغلال جميع أنواع المحاجر والمناجم لجميع الأحجار والمعادن وخلافه مما تحويه الأراضى المصرية من ثروات معدنية، وللشركة الحق فى إنشاء المصانع، والاشتغال بجميع الأعمال التى لها صلة بعملية التعدين والتحجير
ويجوز للشركة مباشرة الأعمال التجارية والصناعية والعقارية والمالية التى تتصل بغرضها بطريق مباشر أو غير مباشر ويجوز أن تكون للشركة مصلحة فيها أو أن تشترك بأى كانت بحصة أو بشراء أو بمبادلة أو باكتتاب فى أسهم أو سندات أو بأى كيفية طريقة أخرى فى شركات أو مشروعات مما يساعد على تحقيق غرضها بشرط أن تكون أعمالها وأرباحها موافقة للشريعة الإسلامية كما لا يجوز لها أن تشتريها أو تلحقها بها.
أما المادة الثالثة فتقول:
- يكون مركز الشركة ومقرها القانونى فى القاهرة "76 شارع محمد على" ولها أن تنشئ الفروع والتوكيلات داخل البلاد الإسلامية أو خارجها وأن تغير عنوانها بالقاهرة. وينص النظام الأساسى على أن مدة الشركة خمس وعشرون سنة تبدأ من 19 رجب 1366 هجرية "8 يونيو 1947م" تاريخ تسجيلها ما لم تحل قبل انقضاء مدتها أو بمد أجلها.
ويحدد الباب الثانى رأس مال الشركة بمبلغ 60 ألف جنيه مقسماً إلى 15 ألف سهم قيمة كل سهم أربعة جنيهات، وعند التوقيع على العقد اكتتب حضرات المؤسسين بمبلغ 12 ألف جنيه.
ويوضح نظام الشركة أن المؤسسين هم:
- رياض عبدالقادر جمجوم ومحمد عبدالكريم يوسف وعبدالله محمد جمجوم ومحمد محمود إبراهيم ومحمد أحمد الحلوجى وأحمد إبراهيم قاسم ومحمد عبدالمنعم إبراهيم، وكذلك شركة المعاملات الإسلامية ويبدو أنها كانت شركة أخرى تابعة للإخوان سبق تأسيسها تأسيس الشركة العربية للمناجم والمحاجر.
وينص النظام الأساسى أيضاً لهذه الشركة على أن تحل الشركة قبل مدتها فى حالة خسارة نصف رأس المال ما لم تقرر الجمعية العمومية غير العادية خلاف ذلك.
وعند انتهاء مدة الشركة أو فى حالة حلها قبل المدة تقرر الجمعية العمومية بناء على اقتراح مجلس الإدارة طريقة التصفية أو تعيين واحد أو أكثر من المصفين، انتهاء مهمة مجلس الإدارة، أما سلطة الجمعية العمومية فتظل قائمة لغاية انتهاء التصفية بإخلاء طرف المصفين.
وفى حالة تصفية الشركة قبل خمس سنوات تعود جميع حقوق استغلال محاجر الرخام وغيرها إلى شركة المعاملات الإسلامية وباقى المؤسسين.
ويذكر الأستاذ جمعة أمين عبد العزيز:
- فكر القسم الاقتصادي في إنشاء شركة أخرى هي الشركة التجارية الاقتصادية للقيام بكل الأعمال التجارية في نظام دقيق، وقد أدار الأخ رياض جمجوم بعض هذه المشروعات ومنها:
- المشروع الأول: كان باكورة مشروعات الشركة في نوفمبر من عام 1944م إنشاء مزرعة وبستان للفاكهة وذلك كبداية للمشروعات الزراعية، ولكن يبدو أن هذا المشروع لم يكتب له التمام فكان المشروع الأول الذي نفذ بالفعل هو مشروع خطوط نقل البضائع بالسيارات، فاشترت الشركة عددًا من السيارات حمولة 8 طن لاستخدامها في نقل البضائع، وتعاقدت مع بعض الهيئات الصناعية لنقل منتجاتها على تلك السيارات.
- المشروع الثاني: في يونيو 1945م أعلنت الشركة عن بدأ مشروعها الثاني والبدء في تنفيذه، وهو مشروع عمل قمائن لعمل الجير بأنواعه، وذلك كبداية لإنتاج جميع مواد البناء الأخرى من طوب وجبس وأسمنت.
نهاية مجهولة
كما كانت بدايته مجهولة كانت نهايته مجهولة حيث أننا لم نتمكن من العثور على أية معلومات للأستاذ رياض جمجوم بعد حل الجماعة عام 1948م، حيث طويت صفحة حياته دون أن نعرف عنها شيء.