حوارمع د.عثمان أحمد إبراهيم المراقب العام للإخوان المسلمين في الصومال
الإخوان أحد أهم القوى الإسلامية الفاعلة في الصومال ، لذلك كان ضروريا استكشاف حقيقة مواقفهم من المتغيرات التي تجري هناك، وفي ظل حالة من الانقسام تشهدها الحركة توجهنا إلى القطاع العريض منها الذي يقوده د.عثمان أحمد إبراهيم عميد كلية الشريعة في جامعة مقديشو (سابقًا).
يلقى الشيخ عثمان قبولاً واسعاً من المنتمين للإخوان المسلمين في الصومال رغم عدم الاعتراف به رسمياً من قبل مكتب إرشاد الجماعة في القاهرة .. انتخب مراقباً عاماً أواخر عام 2007 إثر إقالة د.علي الشيخ أبو بكر بسبب ما وصف بـ "انحرافات منهجية وتنظيمية"، إلى جانب تعطيل وعجز "مجلس شورى الحركة ومجلسها التنفيذي عن أداء مهامهما تجاه الدعوة وقضايا الوطن".
فقد اشتعلت الأزمة في صفوف الحركة إثر مشاركة قيادات منها في العملية السياسية التي شكلتها أديس أبابا قبل وخلال الغزو الإثيوبي ما دعا كبار قادة الإخوان هناك إلى إصدار بيان اتهم د.علي شيخ أبو بكر بـ "العمل مع الحكومة الصومالية العميلة التي جاءت بالاحتلال، وتبرير الغزو (بأنه جاء بناء على طلب الحكومة الانتقالية)"، معطلاً بذلك فريضة الجهاد في مثل هذه الظروف بينما "برزت الحاجة الملحَّة إلى دور الحركة بعد الاجتياح الإثيوبي، وما سببه من قتل آلاف الصوماليين وهدم أكثر من ثلثي العاصمة الصومالية".
تبدو أكثر الخيوط متشابكة حيث يقود الشيخ عثمان تنظيم إخواني مسلح كان أحد أهم الأذرع العسكرية للمحاكم الإسلامية، وهو السبب المرجح لتنصل مكتب الإرشاد منه، لكنه الآن فاعل أساسي في دعم الرئيس الجديد سياسياً وعسكرياً.
حاجة الصوماليين إلى "الدولة"
- باعتباركم إحدى القوى الرئيسة المؤيدة للشيخ شريف، كيف تقيمون الأوضاع الآن في الصومال ؟
ـ منذ خروج العدو الإثيوبي من بلادنا وأيضاً قبل ذلك وهدفنا الأول هو إيجاد دولة في الصومال ، لأن الدولة التي تنظم أمور البلاد والعباد أمر مطلوب شرعاً، وعلى هذا الأساس جاء تأييدنا للرئيس الجديد، لكن تأييدنا لم يكن تأييد لشخص بقدر كونه تأييد لقضية الصومال الذي عاش عقوداً في ظل فوضى أكلت الأخضر واليابس وتعطلت خلالها مصالح الأمة وخسر أبناؤها الكثير.
- كيف ترى دور القوى الإقليمية في تأزيم الأوضاع؟
ـ يمكن النظر إلى هذا الدور من خلال الدول الرئيسة التي تتحكم في الأوضاع (جيبوتي وإريتريا و إثيوبيا )، أما الأولى (جيبوتي) فنحن نعتبر الشعب الصومالي جزء من جيبوتي وجيبوتي جزء من الصومال، ودورها كان إيجابيا على طول الخط من المشكلة الصومالية، أما إريتريا فقد احتضنت قادة المحاكم الإسلامية مع بداية الغزو الإثيوبي وكان دورها ايجابياً في دعم قضيتنا، لكنها صارت الآن تلعب دوراً سلبياً من حيث توسيع رقعة الخلاف بين أبناء الوطن الواحد، وتأييدها المعارضة في حين كنا ننتظر من أسمرة أن تقف مع المصالحة والاستقرار.
أما إثيوبيا فما بيننا وبينها فهو معروف للجميع، ومنذ دخول الإسلام إلى الصومال والمعركة دائمة بيننا وبين هذه الدولة النصرانية (إثيوبيا) ومع أن أغلب سكانها مسلمون إلا أن حكامها من النصارى المتشددين، وكان حكامها دائمو الإغارة على حدودنا وهم الآن يحتلوا أجزاء كبيرة من الصومال (في إشارة إلى إقليم أوجادين الذي يقطنه أكثر من 7 مليون مسلم وتحتله إثيوبيا)، وكانت مواقف أديس أبابا على طول الخط داعمة لكل ما يعرقل الأوضاع ويأزمها في البلاد، وهي حتى الآن مستمرة في تقديم السلاح لكل الخارجين عن إجماع الشعب الصومالي.
جهود المصالحة
- هل من مساعي تبذلونها للمصالحة ونزع فتيل التوتر بين الفرقاء الصوماليين؟
ـ نحن دائماً على اتصال بكافة الأطراف، وبالأمس التقينا الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد واليوم التقينا الدكتور عمر إيمان رئيس الحزب الإسلامي، ضمن مساعي للمصالحة بين الحكومة والمعارضة ورأب الصدع بين الإخوة.. جلسنا معهم وقلنا للإخوة جميعاً إن الهدف واحد فيما بيننا ألا وهو إقامة الدولة التي تحكم بشريعة الله، دعوناهم للجلوس من أجل التحاور والنقاش، والأمل كبير أن تتكلل هذه الجهود بالنجاح حتى لا يعود التحارب ولا يهرق الدم الصومالي ثانية وهذا هو مطلب وأمل كافة أبناء الشعب.
ونحن بدورنا نرسل نداءاتنا للعالم العربي والإسلامي وبخاصة أبناء الصحوة الإسلامية والعلماء والمشايخ بأن يساهموا في معالجة هذه المشاكل، وتقديم النصح والمشورة لأبناء الشعب الصومالي. وفي الإطار نثمن جهود الشيخ يوسف القرضاوي والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كما نثمن جهود فضيلة مرشد الإخوان المسلمين الذي أرسله تأييده للرئيس والحكومة الجديدة.
- كيف وجدتم استجابة الدكتور عمر إيمان؟
ـ من جهتنا قدمنا له وللإخوة في الحزب الإسلامي النصيحة، ولم نلحظ منهم سوى الاستجابة الطيبة، قالوا أمهلونا حتى نتدارس الأمر، ونحن لا نتوقع إلا الخير من كافة الأطراف فالجميع حريص على المصالحة والاستقرار في البلاد.
- وكيف وجدتم استجابة الشيخ شريف؟
ـ الشيخ شريف ومنذ عرفناه ليس رجل حرب ولا هو بالرجل المعاند، بل على العكس يقبل النصيحة وينصاع لها، وهو أيضاً يتفهم مواقف باقي إخوانه في المعارضة.
الحالة الإخوانية في الصومال
- بالنظر لملف الإخوان المسلمين في الصومال، كيف ترى الانقسام الحالي فيما بينهم؟
ـ وقع هذا الانقسام منذ أن حادت القيادة القديمة للإخوان في الصومال عن المنهج الصحيح، هناك من يدعي أنه يمثل "الإخوان المسلمين" في الصومال مع أن أدواره كانت سلبية على طول الخط مما يجري في البلاد، ونحن من جهتنا في الإدارة الجديدة حرصنا على أن يكون لنا دورنا الايجابي من مشاكل الصومال، فنحن جزء من هذه الأمة ولا يمكن أن نعزل أنفسنا عما يجري عليها، ولذلك شاركنا ضمن القوى العسكرية التي قاومت المحتل وتصدت له، كما كان لنا حضورنا في كل الفعاليات السياسية، والآن نؤيد هذه الحكومة الجديدة التي يرأسها واحداً من أبناء الصحوة.
ـ لكن مكتب الإرشاد في القاهرة لا يؤيدكم وأصدر المرشد محمد مهدي عاكف بيناناً ينفي فيه قيادتكم للإخوان في الصومال؟
ـ المرشد العام الأستاذ عاكف لم يقصر بشيء في حق الإخوان في الصومال، وكان له دور ايجابي من أزمة الإخوان هناك، ونحن نرجو منه ومن إخواننا في القاهرة أن يكونوا حريصين على الوقوف في صف الإيجابيين في الصومال، الموجودون في قلب الأزمة، الذين يشاركون الأمة في همومها ومصيرها.
- هل من مساعي للمصالحة بينكم وبين جناح د.علي باشا لتوحيد صف الإخوان هناك؟
ـ نحن لا نمانع في المصالحة ونمد أيدينا للحريصين عليها، وهذا ليس موقفي وحدي بل موقف القاعدة العريضة من أعضاء وعناصر جماعة الإخوان المسلمين في الصومال