القضاء يشهد بتعذيب الإخوان المسلمين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


الإخوان دائما .. ضحايا أبرياء

القضاء يشهد بتعذيب الإخوان المسلمين

الأستاذ سيد قطب فى قضية 1965م

شهدت محن الإخوان المسلمين حملة رسالة الإسلام في العصر الحديث.. أهوالاً من التعذيب فاقت ما لاقته البشرية جمعاء على امتداد تاريخها الطويل.

ونحن هنا لن نسرد شيئًا من وقائع التعذيب وأهواله، كما رواه الذين عاشوا تلك المحن واكتووا بنارها.. حتى لا يبادر أحد المعاندين، بتكذيب تلك الوقائع.. أو اتهامها بالمبالغة والتهويل، وإنما ستضع الحقائق الدامغة من خلال أحكام القضاء العادل التي صدرت بعد البحث والتقصي وسماع الشهود والموازنة بين الأدلة.. وأصدرت أحكامها واضحة بينة.

نموذج من العهد الناصري- قضية تعذيب المستشار علي جريشة (في محنة1965م):

هذه مقتطفات من حيثيات حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية.. الدائرة (6) مدني كلي، في جلسة 30 مارس سند 1975م:

"إن المحكمة قد أحست بصدق الشهود إذ جاءت شهادتهم عن واقع ما رأوه وما عاشوا فيه صادرة من أعماقهم.. وكانت أقوالهم متدفقة مسترسلة لا تضع فيها ولا إخلال ولا تناقض ولا اختلاف يسرب الشك إليها أو الريبة فيها.

وقد أيدها الشاهد الأول الدكتور كمال رمزي استينو أحد أعمدة ذلك العهد مقررًا أنه كان عهد إرهاب واعتقالات وتعذيب بالسجن الحربي وثكنات مصطفى كامل بالإسكندرية، وكان يقوم على تلفيق التهم للأبرياء، عهد كان قوامه الشرطة العسكرية والمباحث العسكرية.. شمل رعبه الجميع حتى الوزراء ونواب رئيس الوزراء وأنه شخصيًّا كان هدفا للوقيعة به.

- وحيث إنه وقد ظهرت حقيقة الإنسان وكنهه وعنصره وقدره وقيمته.. ماذا فعل تابعو المدَّعى عليه.. وزير الحربية " ما فعلوا بالمدعى" د. علي جريشة " كإنسان.. كمجرد إنسان؟

عذبوه بوحشية.. فأوسعوه ضربًا حتى شوهوا وجهه، واختلطت معالمه، واختلفت ملامحه حتى عزَّ على جاره وصديقه التعرف عليه إلا بعد التفرس فيه وإطالة النظر إليه.. مزقوا جسده بالسياط حتى أثخنوه جراحًا.. أسالوا دمه حتى استحال قيحًا و صديدًا.. أذلوه حسًا ومعنى حتى أعجزوه أن يقف على قدميه وأرغموه على أن يزحف على أربع.. وكان غاية الهزء والازدراء والعسف في القسوة والتعذيب وإلحاق الإهانة والهوان به أن يطلبوا منه أن ينبح كالكلاب.

ألقوه أرضًا وألهبوه بالسياط على وجهه وقذفوه بأقذع وأفحش ألفاظ السباب.

- وحيث إنه على هدي ما تقدم يكون المدعى عليهم في الدعوى الفرعية وهم تابعو وزير الحربية قد انتهكوا كافة القوانين واللوائح والدستور في الدولة... وتخلوا عن كافة القيم الخلقية والمواثيق الدولية والمبادئ الإنسانية.. وعذرهم أن الشيطان أنساهم أنفسهم فنسوا الله واعتزوا بغيره فأتوا في حق الخالق والمخلوق بعد أن قست قلوبهم وتحجرت على سجناء مقيدين لا حول لهم ولا قوة، مما تستطيع معه المحكمة بعد ما وقفت على قسوة أعمالهم ووحشيتهم أن تقرَّ بحق واطمئنان أنهم تجردوا من آدميتهم وهددوا آدمية المدعى.. الذي يتوافر معه ركن الخطأ.. الخطأ الجسيم الفاحش الشاذ.

- وحيث إنه بالنسبة للضرر فبعد ما تقرر لوقائع التعذيب.. والنيل من كرامة المدعى وما قاساه من آلام وأوجاع وذل ومهانة.. وما تخلف بجسده من آثار أثبتتها الكشوف الطيبة والصور الفوتوغرافية.. بالإضافة إلى ما تخلف في نفسه وما وفر في ذاكرته من مآسٍ وأهوال ما سيظل يلازمه طوال حياته ولم يُمح إلا بالموت.. فإن الضرر ظاهر ناطق صارخ.

- وحيث إن ثمة عنصر آخر من عناصر الضرر الأدبي.. أمر يزيد من آلام المدعى ويكدر عليه صفو حياته، وذلك أن أحدًا ممن عذبوه أو ساهم في تعذيبه وإذلاله لم يُسأل أو يُعاقب على ما اقترفه من أخطاء وجرائم في حقه مما يؤثر على نفسية المدعى من عدة وجوه:

1- فهو يعيش في وطن وهو يشعر بأنه أهون عليه ولا كرامة له فيه.

2- ويعيش على اعتقاد بأن تعذيبه كان وكأنه أمر مباح إن لم يكن أمرًا مطلوبًا.

3- ما يحس به من أنه يعيش في دولة كان القانون فيها قاصرًا عن حمايته وقت الاعتداء عليه.. وما زال قاصرًا عن أن يقتص له من جلاديه.

4- يعيش متحسرًا منزعجًا مرعوبًا مما أصابه في ماضيه.. غير آمن ولا مطمئن على نفسه طالما أن جلاده لم يلق عقابه وما زال ينعم ويرتع.

5- وأقسى وأخطر وأفدح من هذا كله.. ما قد يخلقه عدم محاكمة المعتدين من فجوة بينه وبين وطنه.. وما يولده في نفسه من شرط عليه فيبادله جفاءً بجفاء.. ذلك أن اعتزاز المواطن بالوطن مرده اعتزاز الوطن بالمواطن رغم أن الوطن بريء من الجلادين وأفعالهم.. وأنه والمدعى كلاهما مجني عليه.

- وحيث إنه قد ثبت من شهادة الشهود أن ما وقع للمدعى في الدعوى الأصلية من تعذيب لم يكن حدثًا فرعيًا وقع عليه وحده.. بل أصاب المئات والمئات من المواطنين مما يدل على أنه كان نظام عهد وأسلوب حكم إرهابي كان يهدد كل إنسان حتى نواب رئيس الوزراء وقاسى منه الجميع وقاست مصر من بينهم.

- وحيث إن المحكمة وقد آلمها وهالها ما لاقاه المدعى وما قاساه من آلام التعذيب والإذلال والتنكيل ومع تقديرها الكامل لصبره على ما ابتلاه به ربه ولقوة احتماله وإيمانه.. فإنها تقول له إنه لم يكن أول إنسان من البشر دفع هذا الثمن الغالي الفاحش الشاذ من الآلام والدم والعذاب فقد دفعه شهداء المسيحية وأولهم المسيح عيسى ابن مريم، ودفعه شهداء الإسلام وتحمله نبي الرحمة محمد بن عبد الله وقاساه آل ياسر.. وكم حاول المشركون أن يخرسوا بلالاً رضي الله عنه عن النطق بالتوحيد.. وانهزم الكفار وانتصر الإسلام وأصبح التوحيد آذانًا يملأ أجواء الزمان".

(وختمت المحكمة حيثياتها بإدانة المدعى عليهم والحكم بتعويض قدره ثلاثون ألفًا من الجنيهات للمدعي المستشار علي جريشة، ومناشدة رئيس الجمهورية أن يأمر بهدم وإزالة السجن الحربي).

2- نموذج من العهد الملكي- في قضية السيارة الجيب:

صدر الحكم في هذه القضية في 17/3/1951م.. وأعلنت حيثيات الحكم في 12/4/1951م ونشرتها الصحف في اليوم التالي 13/4/1951م، ومما جاء فيها:

"إن المحكمة تستطيع أن تقرر وهي مطمئنة أن الآثار التي شوهدت بجسم مصطفى كمال عبد المجيد بعد ما يزيد على خمسة أشهر من وقت ضبطه.. ويمكن إرجاءها كلها أو بعضها على الأقل إلى ما كان يقارفه من تولوا ضبطه والمحافظة عليه من رجال البوليس.

وحيث إن ما أدلى به هذا المتهم في التحقيقات الخاصة بهذه القضية.. عن قيادته لسيارة الجيب مع بعض المتهمين ونقل أوراق وغير ذلك من وقائع.. إنما كلها أتى بعد وقوع الاعتداء عليه إثر ضبطه.. ولذا فإن المحكمة لا تطمئن إلى أقواله جميعًا.. وترى أن تسقطها من حسابها عند الكلام على الدليل".