الشاطر لـ(الشرق): الإخوان تيار يسري في روح الأمة
[07-04-2004]
مقدمة
• لم تتغير ثوابتنا منذ "حسن البنَّا".. والاختلاف فقط في وسائل الدعوة
• لا نعتبر أنفسنا في صراع مع الدولة.. ونحاول تطبيق الفكرة الإسلامية
نفى المهندس "خيرت الشاطر"- نائب مرشد جماعة (الإخوان المسلمون)- استغلال الجماعة للدين في تحقيق مآرب سياسية، أو السعي للوصول إلى الحكم، مؤكدًا أن السياسة جزء رئيسي من الحياة، والأصل في الإسلام أنه نظام شامل ومنهج للحياة بكافة جوانبها.. ودعوة (الإخوان) والناس كافة لتطبيق المنهج الإسلامي والالتزام به والسعي لأسلمة المجتمع، وبالتالي فرز نظام حكم إسلامي وتطبيق الشريعة الإسلامية.
وأضاف في حواره لجريدة (الشرق) القطرية نحن لا نعتبر أنفسنا في صراع مع الدولة حتى نلجأ إلى ما يسمى بأساليب الضغط، فنحن أصحاب دعوة، ونحاول بكل ما أوتينا من وسائل تحقيق مصلحة وأهداف هذه الدعوة، مشيرًا إلى خطأ مفاهيم السيطرة والصراع التي يسوقها البعض في حديثهم عن (الإخوان) إلى مبدأ الشورى الموجود لدى (الإخوان) في جميع مناحي حياتهم، نافيًا استغلال (الإخوان) بعض المواقف للمهادنة مع الحكومة لتخفيف الحصار عنهم، مشيرًا إلى التعاون مع أي جهة فيما يتم الاتفاق عليه، والذي يحكم الجماعة هو مدى مطابقة الرؤى في المواقف المختلفة؛ سواء مع الدولة، أو أي قوى سياسية أخرى لمصلحة الدعوة والإسلام والأمة، وعدم وجود حرج في الإعلان بكل قوة عن رفض أي تصرف أو موقف لا يسير وفق مبادئ الجماعة.
وأكد أن تركيز الجماعة في المرحلة القادمة ينصب على استنفار جهود الأمة للوقوف في وجه الهجمة الشرسة وأعمال الغزو المختلفة في كثير من مواطن العالم الإسلامي، واستنهاض همم المسلمين لاستكمال مسيرة نهضتهم لبلورة مشروع نهضوي والوصول به إلى الواقع العملي، مشيرًا إلى كيان الجماعة التي أصبحت تيارًا يسري في روح الأمة في معظم دول العالم الإسلامي، والتي أصبحت لا تتأثر بالتضييق الأمني مهما تعددت وسائل هذا التضييق أو الحصار.
وقال "الشاطر": الأصل في حركة (الإخوان) هو العلن الذي يرتبط بطبيعة الفكرة الإسلامية.. أما السرية والتكتُّم، فهي الاستثناء الذي يحدث في بعض أوقات التضييق الشديد أو الضربات الأمنية التي نحرص فيها على إخواننا وأولادنا، مؤكدًا استعداد الجماعة لنشر كل أسماء أفرادها والمنتمين إليها علنًا إذا أمَّنت الأنظمة الموجودة في المنطقة ذلك.
وأكَّد أن العمليات الاستشهادية تمثل شرف الأمة ونقطتها المضيئة، ولولاها لشعر العرب والمسلمون في شتى بقاع الأرض بالعار.. وأن المشروع الأمريكي يهدف إلى القضاء على الأمة الإسلامية واستئصال وجودها.. وفيما يلي نص الحوار:
هجمة شرسة
- بعد انتخابكم كنائب للمرشد العام لجماعة (الإخوان المسلمون) فما هو هدفكم في المرحلة القادمة، وكيف ستسعون إلى تنفيذه؟
- جماعة (الإخوان) تركز على أمرين رئيسين في المرحلة القادمة، أولهما: استنفار جهود الأمة والمخلصين من أبنائها للوقوف في وجه الهجمة الشرسة التي تستهدف الأمة ومقوماتها، والتي تتمثل في محاولات وأعمال الغزو المختلفة؛ سواء الغزو العسكري أو الاقتصادي أو الثقافي، من خلال محاور متعددة ومتنوعة، ومن أبرز أمثلتها ما يحدث في فلسطين والعراق وأفغانستان وكثير من مواطن العالم الإسلامي.
- فالهجمة شديدة وشرسة، وتستهدف الأمة الإسلامية ووجودها والقضاء على العديد من مقوماتها المادية والمعنوية، وأحد محاور عملنا الأساسية هو الوقوف مع المخلصين من أبناء الأمة في شتى بقاع الأرض أمام هذه الهجمة.
- أما الأمر الثاني- والذي سنركز فيه- فهو: التعاون مع أبناء الأمة في شتى أنحاء الأرض لاستنهاض همة المسلمين لاستكمال مسيرة نهضتهم؛ فهدفنا هو بلورة مشروع نهضة ودفع هذا المشروع لحيز التنفيذ؛ فالأمة تعرضت لنكسة في القرون الأخيرة، ويجب على المخلصين من أبنائها التعاون لبلورة مشروع نهضوي، والوصول بهذا المشروع إلى الواقع العملي حتى تسترد الأمة عافيتها مرة أخرى.
- إذن الهدف ينقسم إلى شقين، الأول: دفاعي، ويتمثل في الوقوف أمام الهجمة الشرسة، والآخر: نهضوي لبناء نهضة الأمة وهذا بصفة عامة وتحت كل شق تنضوي خطوط كثيرة.
- في ظل التضييقات الحكومية عليكم كيف ستتمكنون من تفعيل هذه الأهداف وتحقيقها على أرض الواقع؟
- جماعة (الإخوان المسلمون) كمنهج ومدرسة وحركة أصبحت تيارًا يسري في روح الأمة، ليس في مصر فقط؛ ولكن في معظم دول العالم الإسلامي في أكثر من سبعين دولة على مستوى العالم كله، وأينما ذهبت تجدها موجودة، وأصبح انتشارها الآن لا يتأثر بالتضييق الأمني مهما تعددت وسائل التضييق.
- والشاهد على ذلك ما نراه في أنشطة الإسلاميين في مصر والعديد من دول العالم، فتحركنا يستند إلى منهجنا ودعوتنا التي يعد قوامها تبليغ دعوة الإسلام للناس وتربية الأفراد على هذه الدعوة، وهذا المنهج بشكل هادئ ومتدرج، فالمسألة يستحيل- في تقديري الشخصي- حصارها أو الوقوف في وجهها.
- إذن هل تسعون إلى تطبيق إستراتيجية أكثر انفتاحًا وفاعلية بديلاً عن السرية والتكتم؟
- الأصل في حركتنا كمسلمين هو العلن، وعدم وجود العمل السري، وهذا مرتبط بطبيعة الفكرة الإسلامية نفسها؛ لأن الإنسان المسلم سلوكه سيكشفه وينم عنه، فهو سيصلي في المسجد، وستقوم زوجته بارتداء الحجاب الإسلامي، وكل معاملاته وعلاقاته وأفكاره ستنطلق من المنهج الإسلامي، وبالتالي من المستحيل من الناحية العملية إخفاء الأنشطة الإسلامية، وإخفاء الحركة الإسلامية بكل ملامحها ومظاهرها؛ لكن يحدث أحيانًا في بعض أوقات التضييق الشديد والضربات الأمنية، فمن الممكن أن يكون الإنسان حريصًا على أولاده وإخوانه الموجودين معه؛ لكن هذا يعد استثناء، والأصل هو الحركة العلنية والاستمرار فيها بشكل واضح.
- ونحن نسعى لمزيد من العلن وعدم إخفاء شيء، وعلى استعداد لنشر كل أسماء أفرادنا والمنتمين إلينا علنًا وفي كل مكان إذا أمَّنت لنا الأنظمة الموجودة في المنطقة هذا، فالأصل لدينا ليس العمل السري؛ وإنما العلن الذي يرتبط بطبيعة الحركة الإسلامية، وكلما أتيحت لنا فرصة للحركة العلنية سنقوم باستغلالها، وننطلق في اتجاهنا بإذن الله.
- اتهمكم البعض باستغلال الدين لتحقيق مآرب سياسية ومحاولة إنشاء حزب سياسي؛ فما ردُّكم على هذا؟
- اتهامنا باستغلال الدين لمآرب سياسية مردود عليه، فالأصل في الإسلام أنه نظام شامل ومنهج متكامل للحياة بكافة جوانبها، والسياسة جزء من جوانب الحياة الرئيسية؛ ولذلك فنحن جماعة إسلامية تسعى للإسلام وتطبيقه على أفرادها، ودعوة الناس في المجتمعات كافة للالتزام بهذا المنهج، والسياسة هي جزء من هذا النشاط، وليس كل هذا النشاط، فلا يستطيع أي إنسان اتهامنا باستغلال الصلاة والزكاة والعبادات، فمثلما توجد مثل هذه العبادات هناك سياسة وعمل سياسي وحياة يومية للمسلمين في شتى أنواع المجالات المختلفة، وبالتالي فاتهامنا بتوظيف الدين لصالح السياسة هو مقولة مبنية على فرضية خاطئة لا تفهم المعنى الحقيقي للدين الإسلامي، فالإسلام دين شامل ومنهج حياة متكامل كما فهمناه من القرآن الكريم ومن فعل النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- وجميع خلفاء المسلمين، وظلت دولة الإسلام قائمة لأكثر من ألف عام.
- وبالنسبة لقضية الحزب فلا مانع لدينا في تكوين حزب، فهذه التجربة موجودة الآن في كثير من دول العالم الإسلامي بقيام حزب سياسي يعبر عن الجزء السياسي من حركة (الإخوان المسلمون).
أسلمة الحكم
- هناك اتهامات أخرى وجهت إليكم بالسعي للوصول إلى الحكم؟
- الجماعة تسلك أسلوب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وتربية الناس على منهج الله- عز وجلَّ- وخطتنا في ذلك هي الحرص على بناية الفرد المسلم ثم الأسرة والمجتمع المسلمَين، وعندما يكون المجتمع مسلمًا فمن خلال آليات التغيير المسماة حاليًا بـ(الديمقراطية)، ولدينا تسمى (الشورى)، فمن الطبيعي أن يفرز المجتمع أنظمة حكم إسلامية في الدول المختلفة، وليس شرطًا أن نكون نحن جماعة (الإخوان المسلمون)؛ ولكن الذي يختاره الناس والشعوب.
- فنحن لا نسعى للحكم لذواتنا أو لمجموعتنا أو لأفرادنا؛ ولكن نسعى في النهاية لأن يكون مجتمعنا مسلمًا، يفرز نظام حكم إسلاميٍّ، وهذا شيء طبيعي، فلا يُعقل أن يكون المجتمع مسلمًا ويتعامل مع البنوك بالنظام الربوي- على سبيل المثال- ثم تأتي الحكومة وتفرض على الناس التعامل بنظام الربا أو الفائدة؛ ولكن طالما المجتمع مسلمًا بالكامل، ويوجد تعبير عن الرأي وحرية اختيار للحكام والأنظمة، فمن الطبيعي أن تفرز هذه المجتمعات أنظمة حكم تلتزم بالإسلام.
- ونحن لا نسعى للحكم المجرد كأي حزب آخر؛ ولكننا نسعى لأسلمة الحكم، وهناك فرق شاسع بين الأمرين، وهناك فرق بين أننا نريد السيطرة على الحكم لأنفسنا وبين هدفنا في أسلمة الحكم، بمعنى آخر لو قامت أنظمة الحكم في الدول الإسلامية بتطبيق الشريعة الإسلامية، والتزمت بالإسلام كمنهج حياة، فسنقوم بتأييدها ودعمها والوقوف وراءها، فنحن لا ننازعها كراسي الحكم.
- أشيع استخدامكم- كتيار معتدل- للقضاء على تيارات العنف التي تمثلها القاعدة وبعض التيارات الإسلامية؛ فما قولكم في هذا؟
- هي صور ذهنية تفرضها بعض وسائل الإعلام مع جهات لها مصالح معينة، ونحن نلتزم بمنهجنا الذي نعتقد أنه صحيح ومطابق لمنهج نبينا الكريم، وندعو الناس- حكامًا ومحكومين من جميع الاتجاهات؛ متطرفة ومعتدلة، وحتى الاتجاهات التي تخرج عن النظام الإسلامي- إلى هذا المنهج، فكل من آمن به واتبعه وارتضى أن يسير على نهجه هو بالنسبة لنا شيء جيد جدًّا، ومن لا يتبعه ويصر على منهجه فهو حرٌّ، ومعيارنا دائمًا هو القرآن والسنة، ولا نقبل أن نوظف لغرض من الأغراض أو لأي قوة أو سلطة أو جهة سياسية؛ لكن نعمل لخدمة منهجنا بغض النظر عن أي شيء آخر.
- أثير أيضًا حدوث تفاهمات بينكم وبين أمريكا في وقت لا تلقى فيه هذه الدولة قبولاً على الأقل لدى الشعوب العربية؟
- نحن نفرق بين الشعوب وبين أنظمة الشعوب نرحب بالحوار مع أي تجمعات شعبية لعرض الفكرة الإسلامية في أي دولة، أما فيما يتصل بقضية الحكومات فنحن على سبيل المثال في مصر جزء من المجتمع، وهناك سلطة وحكومة هي المسئولة عن قضية الاتصال بالدول والاتجاهات الأخرى، أما نحن كجماعة (الإخوان المسلمون) لا نتصل بأي سلطة في أي بلد بهدف التنسيق أو إحداث أي نوع من أنواع الترتيبات؛ لأن ذلك مسئولية الحكومة المصرية وليست مسئوليتنا.
- ونحن كجماعة (الإخوان) ندين بشدة موقف الإدارة الأمريكية الحالية في تصرفاتها وأفعالها في كثير من دول العالم الإسلامي، ولا يمكن أن ننسى ما يحدث مع أفغانستان الآن وفي فلسطين والعراق، فموقفنا واضح في رفض كل ممارسات الإدارة الأمريكية.
تيار عالمي
- بعد انتخاب الأستاذ "مهدي عاكف" مرشدًا لجماعة (الإخوان) برزت تخوفات من سيطرة التنظيم الدولي على الجماعة؛ فما مدى صحة ذلك؟
- مفاهيم السيطرة والصراع كلها مفاهيم مرتبطة بالمحتوى الثقافي الغربي، ومحاولة إسقاطها على الحركة الإسلامية غير صحيح؛ لأننا في الحركة الإسلامية لا نعرف قضية الصراع أو السيطرة؛ ولكن نعرف فقط قضية التنافس في الخير والتكامل بين القوى الإسلامية المختلفة لتحقيق أهداف الإسلام والمسلمين.
- أما قضية الحركة على المستوى العالمي، فمنهج (الإخوان المسلمون) أصبح تيارًا يُرى في العديد من دول العالم، ونتلاقى مع الكثير من الإخوة ونتوافق معهم، وحتى وإن لم يكن هناك إطار عمل تنظيمي فالقضية لدينا ليست صراعًا أو سيطرة.
- صعد خبر انتخاب الدكتور "حسن هويدي" من سوريا نائبًا للمرشد العام فجأة؛ فهل يُعد انتخاب نائبٍ للمرشد من خارج مصر تحولاً في سياسة الجماعة؟
- الدكتور "حسن هويدي" نائبًا للمرشد منذ فترة، وليس أمرًا مستحدثًا أن يكون هناك نائب يمثل (الإخوان) فيما يتصل بالبعد العالمي، فهناك أنشطة وفعاليات وأعمال إسلامية كثيرة تتطلب تمثيل (الإخوان المسلمون) حتى وإن لم تكن هذه الأعمال خاصة بالإخوان أنفسهم؛ لكن هناك أنشطة وأحزابًا إسلامية في كثير من دول العالم، فجماعة كالإخوان بثقلها المعروف- والذي أقرَّ به الجميع- لابد أن يكون لها مثيل في هذه الفعاليات والأنشطة.
- وفي الفترة الماضية شاركنا في التظاهرات التي حدثت على مستوى العالم ضد الهجمة الأمريكية، وجاءتنا وفود من بريطانيا وغيرها طالبوا بضرورة وجود ممثلين لـ(الإخوان المسلمون) على مستوى العالم، وحتى بالنسبة لـ(الإخوان) المصريين في الفعاليات الموجودة بالخارج، فقضية وجود نائب للمرشد خارج مصر لتمثيل (الإخوان) في فعاليات الأنشطة الإسلامية والحياة الإسلامية على مستوى العالم هو أمر طبيعي موجود منذ فترة وليس أمرًا جديدًا.
- يصور البعض توجهاتهم في بعض القضايا أحيانًا على أنه مهادنة مع الحكومة تستغلونها لتخفيف الحصار عنكم؛ فما تعليقكم على هذا؟
- هناك فارق بين موقفنا وموقف الدولة، فموقفنا في مصر كإخوان يتمثل في أننا نستخدم أسلوب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة باستمرار، ولنا منهجنا ورؤيتنا ومواقفنا من الأحداث المتغيرة، فإذا حدث وتلاقت أو تقاطعت هذه المواقف مع مواقف موجودة على الساحة، فلا يضيرنا إطلاق التعاون فيما اتفقنا عليه، فهو أمر طبيعي جدًّا، فإذا أعلنت الدولة وقوفها ضد المشروع الصهيوني، فلن نرفض ذلك.
- ونحن لا نعارض لمجرد المعارضة، ولا نؤيد أيضًا لمجرد التأييد، فالمعيار الذي يحكمنا باستمرار هو مدى مطابقة الموقف؛ سواء من الدولة، أو أي قوى سياسية أخرى لمصلحة الدعوة والإسلام والأمة، فإذا كان هناك توافق نقوم بترتيب الأمر ولا يصبح لدينا إحراج في التعاون، أما إذا لم يكن هناك توافق فلا نجد أي حرج في إعلان موقفنا بكل قوة، ومبادئنا الثابتة في رفضنا لهذا التصرف أو ذاك السلوك، وتصوير البعض لهذا على أنه مهادنة أو غير ذلك غير حقيقي، فالوضع هو: عند وجود توافق في موقف نتعاون فيه، وفي موقف آخر لا يوجد فيه توافق نقل رأينا بشكل واضح.
- أما فيما يتصل بالدولة فلها سياستها في التعاون مع (الإخوان)، والتي تشهد مدًّا وجذرًا، وأحيانًا تصبح الأوضاع هادئة، ومرات عكس ذلك، وتتم عمليات حبس واعتقالات في قضايا ومحكامات عسكرية للإخوان، وغيرها من أساليب التضييق المختلفة أو تجميد للنقابات وفرض حراسة، وهذه قضية تسأل فيها الدولة؛ ولكن نسعى لتطبيق الإسلام في جميع الدوائر بما في ذلك دوائر الحكم المختلفة.
- أما بالنسبة للدولة فيما تفعله فنتمنى أن تكف الأنظمة عن كل الممارسات الخاطئة، وتسمح بقدر مناسب من الإصلاح السياسي والحريات، وأن تعطي للإخوان- كتيار قوي وأصيل وعميق في جسد الأمة في مصر- حقه الطبيعي في التعبير عن نفسه ووجود مؤسساته المعترف بها قانونًا؛ حتى نستطيع ممارسة دورنا لخدمة البلد والأمة بشكل صحيح.
- هل تحملون رؤية محددة للقضية الفلسطينية؟
- قضية فلسطين بالنسبة لنا هي القضية الأولى والأساسية، وهي في قلوب كل أفراد (الإخوان المسلمون) والمتعاطفين معهم، ومحبيهم في شتى بقاع الأرض، وقلوبنا تتمزق مع كل قطرة دم تسفك في فلسطين، ومع كل بيت يهدم من خلال الصهاينة الملاعين، ومن خلال كل شجرة زيتون يتم اقتلاعها، ومن خلال كل صور الإيذاء التي تتم ضد الشعب الفلسطيني، وندعو لهم دائمًا، ونتواصى فيما بيننا ببذل كل صور الجهد والدعم الممكنة، ودعوة غيرنا لذلك أيضًا، وننتظر اللحظة التي يسمح فيها لنا كمسلمين في الدول المحيطة بفلسطين في المشاركة في الجهاد ضد اليهود؛ لأن ذلك هدف رئيسي ومهمة رئيسية بالنسبة لنا كمسلمين؛ وهي إنقاذ فلسطين من براثن المشروع الصهيوني والغربي عمومًا وتحرير المسجد الأقصى بصفة خاصة.
- وهل يمكن تفعيل ذلك في ظل التفكك العربي؟
- بالنسبة لنا هي مسألة عقيدة، ولن نفقد الأمل مهما كانت الصور ضعيفة الآن؛ لأننا موعودون من قبل النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- ومن خلال فهمنا للإسلام بأن المعركة قادمة لا شك بين اليهود والمسلمين، وأن المسلمين سينتصرون، فهذا بالنسبة لنا مسألة دين وعقيدة، فسنظل نحمل هذا كعقيدة إلى أن يتحقق النصر ويتحقق وعد الله- عز وجل- وهذا لا يعني إصرارنا على وسيلة واحدة للتحرير؛ ولكننا نوافق على كل السبل والوسائل طالما ستحقق الهدف في استعادة فلسطين وتحرير المسجد الأقصى، واسترداد حقوق المسلمين والمسيحيين وأهل البلاد المغتصبة من قبل الصهاينة، والقضاء على المشروع الصهيوني الشرس المدعوم من أمريكا وكثير من دول الغرب.
- وهل تتفقون مع العمليات الاستشهادية في ظل البحث- بدون جدوى- عن وسائل التسوية السلمية؟
- أولاً: العمليات الاستشهادية في تقديري الشخصي تمثل شرف الأمة، ولولاها لشعر العرب والمسلمون في شتى بقاع الأرض بالعار الشديد، فالنقطة المضيئة الآن في هذه الأمة وجود عمليات مقاومة ضد المعتدي الصهيوني الطاغي الظالم والمدعوم من أمريكا الظالمة أيضًا.
- ثانيًا: قضية استمرار هذه العمليات من عدمه أو القبول بهدنة أو أي أمر آخر مسألة متروكة أولاً وأخيرًا لأصحاب القضية الرئيسيين في فلسطين؛ لأنهم أدرى بأمورهم وأحوالهم وبالظروف والمتغيرات التي تحدث لديهم وبقدرتهم على الاستمرار أو إحداث هدنة، وندعم اختيارهم طالما هو مبني على أساس صحيح، وتشارك فيه الفصائل الفلسطينية المختلفة، وليس اختيارًا فقط للسلطة الفلسطينية.
نظام معتد
- وكيف تنظرون للملف الأمريكي في ظل توحشها وممارساتها ضد أفغانستان والعراق وتهديدها دولاً عربية وإقليمية؟
- النظام الأمريكي بالنسبة لنا الآن هو نظام معتد ويوجه سهامه وضرباته لكثير من دول العالم الإسلامي؛ ولذلك ننظر للمشروع الأمريكي الحالي على أنه مشروع يهدف إلى القضاء على الأمة الإسلامية واستئصال وجودها.
- بالنسبة لجماعة (الإخوان) هل تغير فكر الجماعة منذ "حسن البنَّا" مرورًا بالأجيال المتعاقبة حتى الآن؟
- دعوة (الإخوان) شأنها شأن الإسلام ككل، بها ثوابت ومتغيرات؛ فالثوابت لا تتغير، مثلما فعل النبي- صلى الله عليه وسلم- في الدعوة وتبليغ الناس، والتربية على المنهج الإسلامي، وتحقيق الأهداف وفق تدرج معين في التركيز على الأفراد، وبعدهم الأسر والمجتمعات، والانتقال بعد ذلك إلى إقامة دولة الإسلام في المدينة، ثم بناء دولة الإسلام على مستوى شبه الجزيرة العربية ودولة الإسلام العالمية، وكلها خطوات ومراحل.. فهناك ثوابت في منهج الإسلام، وكذلك في منهج (الإخوان).
- يوجد أيضًا متغيرات؛ ففي بعض الأوقات نقول: الأحزاب وسيلة مناسبة لإحداث التغيير، وفي وقت ثانٍ نقول: إن الأحزاب غير مناسبة حسب الظروف والوضع المتاح، وليس هناك شك في حدوث تغيير على مستوى الوسائل والأساليب من فترة الإمام "حسن البنا" إلى الآن، وستحدث في المستقبل تغييرات.. أما على مستوى الثوابت، فلم تحدث متغيرات.
- أيضًا الظروف الأمنية وهامش الحركة المتاح للجماعة من عهد "حسن البنا" حتى الآن مرَّ بأوضاع مختلفة، فكان يوجد فترات بها قدر من الحرية، سمحت للجماعة بقدر من الحركة، وفترات تم التضييق فيها على الجماعة أو تم حلها أو لم يكن مصرحًا لها بالوجود من أساسه، ومرت بأوضاع أيضًا في عهد "عبدالناصر"؛ حيث كان هناك في السجن أكثر من 30 ألف من الجماعة، فكلها مراحل وظروف مختلفة، وكل حالة من هذه الحالات السابقة قابلتها وسائل عمل وأساليب مختلفة، وهذا ما يمكن أن يعتقده الناس تغييرًا، وهو ليس كذلك؛ ولكنه مقابلة لظروف نحاول التعايش والتواؤم معها لتحقيق أهدافنا التي هي أهداف الإسلام في النهاية.
المصدر
- حوار: الشاطر لـ(الشرق): الإخوان تيار يسري في روح الأمة موقع اخوان اون لاين