الثورة السورية وزيادة اليمين المتطرف في أوروبا
مقدمة
حفل عام 2011م بكثير من الاحتجاجات الثورة التي اجتاحت العالم العربي والتي لم يتنبأ بوقعها أحد حتى جاءت كتسونامي مفاجئ للجميع، واهتزت من أجلها أركان أنظمة حتى سقط بعضها وكانت بداية كثير من التحولات.
غير أن الصدمة الأولى وضعت جميع الأنظمة على خريطة التصدي لمثل هذه التحركات سواء الدول الديمقراطية أو الديكتاتورية على السواء لطبيعة مكان الحدث التي جرت على أرضه هذه الاحتجاجات الثورية.
كانت ضربة البداية من أرض الياسمين (تونس) حينما استطاع شعبها الصمود وأسقط رأس نظامه حتى دفعه للهرب يوم 14 يناير 2011م، وما كاد العالم يدرس ما وقع على أرض تونس حتى جاءت الضربة الثانية من أرض الكنانة مصر حينما أجبر رأس نظامه حسني مبارك على التنحي يوم 11 فبراير 2011م، لكن سرعان ما بدأت الشعوب الأخرى تستيقظ وترى بريق الأمل في نجاحات الشعوب السابقة
غير أن أنها جاءت بعد ما استفاقت الدول الكبرى والمحيطة من صدمتها وتعاملت مع الموقف كرد فعل مضاد لحماية مصالحها وعروشها، حيث اجتمعت الشرق والغرب على اجهاض هذه الثورات ووقف تمددها – حتى ولو بالقوة – إلى شعوب أخرى، فكانت ثورات الشعوب الثلاثة الأخرى – السورية واليمنية والليبية – أكثر دموية، بل تدخلت جميع القوى الدولية للتنافس على بسط نفوذها على هذه الدول دون مرعاة لشعوبها فكانت المأسأة، قبل أن تصبح مأساة جامعة لكل دول الربيع العربي.
وتحولت هذه الثورات لجحيم يتلظى به الضعفاء وتتقاذفهم نيران مختلفة لا يعرفون حقيقتها وليس فيها أحد يعمل لصالح هؤلاء المستضعفين فكان الفرار سبيلهم أو السجن والموت مقرهم.
اندلعت الثورة السورية – والتي أصبح اسمها الان الحرب الأهلية السورية – منتصف شهر مارس من عام 2011م عندما خرجت مظاهرات في مدن سورية عدة مطالبة بإطلاق الحريات وإخراج المعتقلين السياسيين من السجون ورفع حالة الطوارئ، ثم مع الوقت ازداد سقف المطالب تدريجياً حتى وصل إلى إسقاط نظام بشار الأسد بالكامل.
بحلول شهر يوليو من عام 2011 تطوَّرت مظاهر الاحتجاجات إلى اعتصاماتٍ مفتوحة في الميادين الكبرى ببعض المدن، إلا إنَّ هذه المظاهرات السلمية تعرضت إلى القمع والعنيف على أيدي القوات النظامية. تحولت سوريا من احتجاجات سلمية إلى قبور تحوي بين جدرانها جثامين السوريين الذين إن لم يموتوا بقذائف النظام ماتوا ببراميل البارود الذي تلقى من طائرات الحليف السوفيتي.
دفع هذا الوضع الملايين إلى النزوح والهرب شرقا وغربا، حيث زحفوا إلى تركيا ومنها طمعا إلى دول أوروبا حيث بلاد الديمقراطية، فكانت دافعا لارتفاع وتيرة اليمين المتطرف وانشر الرعب في الغرب وتغير مسار العالم للأبد.
حيث كتب محمد المنتصر:
- ويرى البعض أن "الربيع العربى" أسقط الوطن العربى فى حروب أهلية، وصراعات قبلية ومذهبية، ودفعت إلى السطح صراعات دامية بين الهويات الدينية والعرقية والطائفية، وهى ما كانت لتظهر أبداً إلا فى ظروف كمثل ظروف الثورات الشعبية التى حدثت، وهو ما يشكل إجمالاً تهديداً قوياً للهوية العربية.
- ولم تحقق ثورات الربيع العربى الأهداف التى وعدت بها شعوبها، فلا تحقق الرخاء ولا العدل ولا الكرامة الإنسانية، ولا التخلص من الأنظمة القمعية والاستبدادية فى أغلب المجتمعات التى قامت فيها الثورة، كما أنها منحت القوى الخارجية الفرصة للتدخل فى الشئون العربية بشكل سافر. (1)
وإن كان الكاتب قد أصاب كبد الحقيقة إلا أنها في الواقع لم تكن جريرة الشعوب، ولا فشلها نتج عن تفاعل الشعوب مع ثوراتها، لكن السبب الحقيقي هو تكالب الأنظمة الغربية والديكتاتورية والثورة المضادة على تدحض وقتل هذه الاحتجاجات في مهدها لأنها كانت تشكل لهم خطرا على عروشهم وسياستهم، إلا أن التغيير في دول كمصر وتونس أسهل منه في ليبيا واليمن وسوريا بسبب التركيبة السكانية والطبيعة القبلية والطائفية التي تعد سمة المجتمع الليبي واليمني والسوري، والجيوش القائمة على القبلية.
قراءة في شخصية بشار الأسد
تستند شخصية ونفسية بشار الأسد كغيرها من الزعمات العربية على محاور السياسة الخارجية عامة والأمريكية خاصة، حيث ترسم لهؤلاء الزعماء طبيعة التعامل السياسي مع شعوبهم.
ويتضح من شخصية بشار أنه ليس صاحب قرار حتمي لكنه أسير ما يملى عليه سواء من المحيطين به أو العوامل الخارجية، حيث كان واضحا ذلك في أول خطاب له بعد اندلاع الثورة السورية، حيث تم تغيير الخطاب قبل إلقاءه بساعات بسيطة نتيجة لضغوط بعض الأمنين المحيطين به، ليخرج الخطاب فارغ من محتواه.
لم يمتلك بشار الأسد – أو أى زعيم عربي – صفات القائد التي لخصها الباحث في علم النفس التحليلي مانفريد دي فريس وهي: رؤية واضحة ملهمة وتتلاقى مع آمال الجماهير، وذكاء عاطفي يلهم الجماهير عبر التواصل معها، وثقة بالذات تمكنه من التعامل الذكي مع الذين يؤمنون بقيادته.
وهو ما يسقطه الكاتب وائل العجي على شخصية بشار الأسد – وغيره من الديكتاتوريين – بقوله:
- إن الشعور الخادع بالجبروت المترافق مع القوة كفيل بإغراء أي إنسان، ويكون لهذا الشعور تأثير هدام خاصة لدى أولئك الذين سبق لهم المعاناة من الإحساس بالدونية واحباط في مراحل مبكرة من تكوين الشخصية، ويشكِّل الوصول إلى السلطة لدى هؤلاء تحقيقًا وإثباتًا لذواتهم.
- يقوم الطاغية وبشكل لا واعٍ بالعمل على خلق بيئة مريضة تركز على عظمته وإنجازاته بشكل مبالغ فيه للتعويض عن شعوره المبكر بالدونية والنقص، ولكن هذا سرعان ما يصبح غير كافٍ، مما يدفع الطاغية وبشكل لا واعٍ أيضا للسعي إلى تعديل هذه البيئة للحصول على إشباع أكبر لشهواته
- مستعملا سلطاته المتعاظمة حاطة نفسه بشخصيات وضيعة لا تعرف سوى الرضوخ والتسبيح بحمد الطاغية. ضمن بيئة كهذه يصبح الطاغية ذا سلطة مطلقة وتتضاءل بذلك قدرته على احساس بمعاناة اخرين والتعاطف معهم؛ إذ يصبح هو مركز كل اهتمام. (2)
وهو ما يراه أندرو تابلر بأن مزاجية الأسد وعدم القدرة على توقع قراراته على عكس والده، كانت أبرز ما ترسخ في نفوس المقربين من بشار الأسد، وأنها كانت عاملًا حاسمًا في دخول الأسد إلى دوّامة أو محاولة التملّص منها بطريق القوة الذي اختاره، خشية من أن يلحق به مصير مصر وتونس والتي كانت عاملًا أساسيًا في هذا الخيار، بالإضافة إلى رؤية قادته الأمنيين للمنطقة وخوفهم من استغلال الجهاديين لهذه الانتفاضة واستجابة بشار لها من أن يفرضوا سيطرتهم على الوضع ولذا كان خيار القوة هو السبيل. (3)
ويبدو أن هناك إجماعا بين العلماء على أن الطغاة هم أشخاص "معتلون نفسيا" بسبب أثار السلبية للسلطة المطلقة التي تجعل صفات معينة كالنرجسية والارتياب والسادية تخرج من حالة الكمون إلى حالة الممارسة الفعلية، وأن الأسد من هذه العقلية التي تؤمن بنظرية "كل شيء أو لا شيء" مما يعني أنه من غير المحتمل أن يقبل بعملية نقل أو حتى مشاركة للسلطة ولو بشكل صوري.
وهو ما يراه ديفيد ليش - أستاذ التاريخ في جامعة ترينيتي – من أن بشار معتدل ويائس في الوقت نفسه. الأولى لأنه لا يتخذ القرارات بصورة حاسمة ويقيم الخيارات قبل اختيار أحدها، والثانية لإدراكه أن حلمه بكون سوريا دولة مميزة معترف بها دوليًا لن يتحقق وأن عليه أن يعتمد على إيران وروسيا وحزب الله ليظل في السلطة. وروسيا لمصالحها الشخصية والتي فقدتها في ليبيا بعد سقوط القذافي لن تستسلم بسهولة في سوريا، وأنها وإيران وحزب الله عامل قوي في مساندة الأسد من أجل مصالحهم لا من أجل الأسد نفسه.
ويعتقد بشار بأنه سيستعيد السيطرة على البلاد بمساعدة روسيا، وأن ذلك سيعيد الأمور إلى نصابها، وأن كل الجهاديين والمتآمرين الأجانب سيطردون كلهم إلى الخارج، وأن سوريا ستصبح آمنة، وشخصية معتلة كهذه لا ينبغي أبدًا الاستهانة بقدرتها على الصمود والاستمرار.
والغريب أنه لا يوجد ضمن الطبقة التي تحيط بالأسد أي شخص ذي قيمة فكرية أو علمية أو أخلاقية، فحتى مستشاروه وموظفوه الدبلوماسيون يفتقرون للحد ادنى من اللباقة وأدب، كما يذكر وائل العجي.
اليمين المتطرف العربي والأوروبي
تتلاقي بعض وجهات النظر المتطرفة بين بعض الأوروبيين وغيرهم من العرب الذين لا يستطيعون العيش إلا في ظل الأنظمة الديكتاتورية واضطهاد الشعوب من أجل فئة انتفاعية صغيرة.
وإن كان بعض الماركسيين يحاول تسليط الضوء على الجانب الاقتصادي والمادي في ارتفاع وتيرة اليمين المتطرف في الدول العربية غير واضعين في اعتبارهم الجانب الديني الذي يعد سمة بارزة في الدول العربية.
حيث يرى منصور حسنو أن انتفاضة مثل انتفاضة الإخوان المسلمين في سوريا على النظام العلوي في الثمانينات نابع من بؤرة دينية كون أن الأسد من أقلية دينية واجتماعية في مجتمع سني مسلم، والتي لخصها الشيخ ممدوح جولحة – اللاذقية – بقوله: "إنّ حافظ الأسد لا تجوز ولايته على المسلمين"، لتقوم السلطة باعتقاله وإعدامه ميدانيًا والتمثيل بجثته.
ويضيف أن
- الحقيقة المرة، وهي لبّ الصراع في سورية وجوهره منذ خمسين عامًا، أنّ الأغلبية السنية ترى نفسها محكومة من أقلية مذهبية انشقت عن الإسلام، وقد مارست هذه الأقلية الوصاية والتسلط حتى أصبحت اللهجة العلوية مرعبة ومخيفة، ليس في أوساط السوريين في سورية فحسب بل حتى في موجات اللجوء الأخيرة نحو أوروبا. (4)
لكن الحقيقة أن ليس كل مسلمي سوريا ليسوا إخوان مسلمين، ولا كل العلويين نافذون في السلطة، إلا أن الفئة العلوية المتطرفة وبعض مؤيدي بشار في سوريا رسمت صورة في مخيلة الجميع – حتى أنها انطبعت مع من هاجر إلى أوروبا – كصور نمطية متطرفة مقيته.
غير أن اليمين المتطرف السوري يختلف عن اليمين الأوروبي الذي يعيش في بيئة ديمقراطية، إذ يصعب على هذه الأحزاب اليمينية أن تعمّم على الناس خطابات الكراهية والعنصرية، ولكنّ اليمين السوري هو بالأساس جاء لترسيخ الدكتاتورية وتأبيدها.
لماذا ارتفعت وتيرة اليمين المتطرف بعد ثورة سوريا
كانت أبرز مشاكل الدولة السورية تداخل جميع الأطراف فيها وفق مصالحهم الشخصية ومعطيات استندت إليها الدول الكبرى دون اعتبار للدولة صاحبة السيادة أو الدول الأقليمية.
كان السبب في زيادة وتيرة اليمين المتطرف الغربي هو الغرب نفسه الذي تكتل في تحالفات ضد الجانب الروسي والإيراني فكان الخاسر هو الدولة السورية وشعبها الذي حاول الهرب إلى الدول الأوروبية فوجه بموجهة من الكارهين للإسلام اولا وللعرب، ناهيك عن التصرفات المتطرفة التي صاحبت بعض مؤيدي بشار الأسد الذين نزحوا لأوروبا بل وكانت داعمة لليمين المتطرف الأوروبي على حساب أبناء شعبهم السوري المستضعف.
وقصة الناشط السوري الأرميني – طالب اللجوء لألمانيا والموالي لبشار الأسد – والذي استعدى اليمين المتطرف الغربي ضد أبناء شعبه بقوله للغربيين: "هل تنتظرون حدوث مجزرة يقوم بها أحد اللاجئين"، وكما ذكر موقع "تيليكوم أونلاين" أنه لا يجيد الألمانية إلا أنه يساند حزب البديل الألماني المتطرف وهى وثيقة مروره داخل المجتمع الألماني. (5)
وبذلك يكون بعض العناصر السورية المتطرفة عامل من عوامل تأجيج مشاعر اليمين المتطرف الغربي ضد السوريين العزل والمستضعفين منهم.
بل إن أعضاء في جمعية المسيحيين الشرقيين اليمينية المتطرفة (SOS Chrétiens d'Orient - SOS CO) من أشد المناصريين لليمين المتطرف الأوروبي ضد أبناء جلدتهم من السوريين، والداعمين لطرد السوريين – وغيرهم من العرب والمسلمين – وذلك لطبيعة الأيديولوجية التي تربوا عليها، أو لسعيهم لدعم مصالحهم الشخصية على حساب الأخرين، كما تهدف هذه المجموعة في المقام الأول إلى دعم نظام بشار الأسد.
لكن من التجني على الثورة السورية أن نضعها في مضمار السبب الرئيسي لزيادة وتيرة اليمين المتطرف، فهذا مجافي للحقيقة كليتا، لكون اليمين المتطرف موجود في أوروبا منذ زمن طويل، زادت وتيرته مع الحربين العالميتين الأولى والثانية، لكن تحول وتمحور حول خوفه من زيادة أعداد المسلمين في أوروبا بعد ذلك، وخشى من تغيير التركيبة السكانية لأوروبا المسيحية البيضاء. (6)
تقول يمنى عاطف محمد:
- ارتبط باليمين المتطرف مفهوم أسلمه أوروبا حيث يقصد به أن المسلمين الذين يمثلون الحضاره الدونية تغلغلوا فى المجتمعات الأوروبية وازداد نفوذهم بما يشكل تهديد للهوية والثقافة الأوروبية، وفى المقابل تتبنى الأحزاب اليمينية المتطرفة مفهوم الاستعلائيه باعتبار أنفسهم أعلى شانا من المسلمين. لذلك الأحزاب اليمينية المتطرفة تعادى وبشكل صريح الإسلام والمسلمين المهاجرين للدول الأوروبية.
ومع تدفق موجات دول الربيع العربي نحو أوروبا هربا من المجازر التي ترتكتب ضد الشعب – خاصة في سوريا – زادة الأحزاب اليمينية المتطرفة حيث أصبحت قوة انتخابية كبيرة في العديد من البلدان.
لقد شكلت عقيدة اليمين المتطرف نحو الدول الإسلامية كثير من العوامل التي ذكرها صلاح حسن أحمد بقوله:
- وجد اليمين المتطرف مناخا ملائما للصعود فى ظل تنامى الإرث الثقافى السلبى تجاه الإسلام والمسلمين، وتهاون سياسى وتراجع تدريجى مع الطرح المتطرف فى أوروبا، والمخاوف من العمليات الارهابية المستهدفة لمجتمعات أوروبية تحت مسميات إسلامية، وزيادة المخاوف من تهديد الهوية القومية لأوروبا، خاصه مع تزايد أعداد المهاجرين للقارة الأوروبية من الدول الإسلامية والعربية، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر التي وقعت في أمريكا، بالاضافة إلى نشر أفكار تشير إلى أن المهاجرين يحتلون الوظائف بدلا من الأوروبيين، ولذا بدأت تتردد عبارات مثل "المهاجرون يستولون على الوظائف وقوت الشعب الاوروبى". (7)
كما تؤمن أحزاب اليمين المتطرف بالديمقراطية الشعبوية المختلف، ومن سماتها العداء للمهاجرين ، والتأكيد على احاديه الثقافه ، وترفض سمات الديمقراطيه الليبراليه التى تقوم بحمايه الاقليات، وهو ما يجعل اللاجئين السوريين – خاصة – واليميين والليبيين – عامة - أكثر تأزما لكثرة النازحين منهم نحو أوروبا عبر تركيا أو البحر.
وأرى أن زيادة اليمين المتطرف وعداءه يأتي من خلفية إيديولوجية خاصة بالمسلمين، حيث ارتبط بالإسلام فوبيا، وجند كل أدواته لمحاربة كل ما هو إسلامي، ودعم كل ما هو ديكتاتوري يعمل على تحجيم أعداد المسلمين من النزوح نحو بلدانهم، وكان واضحا أن أغلبهم شيوعيين ومناهضين للإمبريالية، وجماعات تعمل على ورقة اضطهاد المسيحيين في سوريا.
فلا غرو أن تجدهم في 2012م وفي وقت اشتداد الثورة السورية تخرج عناصر اليمين المتطرف بفرنسا خاصة ودول أوروبا عامة - تجمعها شعارات التفوق الأبيض والعداء للسامية والإسلاموفوبيا - داعمه لمجازر بشار السد وبوتين تجاه الشعب السوري الأعزل، بل رفعوا صورهم في مواجهة المنددين بتصرفات بشار من قتل وتركيع للشعب.
وهو ما عبر عنه تيري مارياني - النائب اليميني الذي قدم استقالته من حزب الجمهوريين والتحق بصفوف التجمّع الوطني - في شرحه الأسباب التي تدفعه إلى لدعم الأسد بالقول: "الشرق الأوسط بحاجة لشخص قوي يحافظ على توازن القوى كبشار الأسد. إنّه شخص يحمل قيمنا ويؤمن بعلمانية الدولة ويدافع عن الأقليات المهددة بالخطر الإسلامي". (8)
ووفق ما جاءفي تقرير التايمز مؤخرا أن سوريا لم تتحول إلى بلد مثل الغرب ولكن الغرب هو من استورد النزاع السوري، بهجماته الإرهابية، والاستقطاب السياسي ونقاشاته الطائفية الشرسة حول الدين والهوية الوطنية.
غير أن التقرير يضفى عاملا أخر أكثر وحشية حول الجماعات الإرهابية التي تشكلت – بعمد ووفق استراتيجية – في الأراضي السورية والتي هدفت – كما جاء في التقرير - زرع الخوف في قلوب الغرب وليس الإطاحة بنظام الأسد، بالإضافة لتحريض المسلمين وغير المسلمين على بعضهم البعض في الغرب الذي تعيش فيه كثافة سكانية مسلمة كبيرة.
وهو ما يجعلنا نضع الساسة الغربيين في دائرة الاتهامات ووقوفهم خلف هذه الأعمال لزيادة وتيرة الخوف والفزع من كل ما هو إسلامي في قلوب شعوبهم، ومن ثم التحرك لمنع استقبال النازحين والفاريين من المسلمين إلى أوطانهم ورسم صورة أكثر وحشية عن هؤلاء المسلمين. (9)
أخيرا
يمكن القول إن الحرب في سوريا شكلت بشكل غير مباشر الاستقطاب السياسي المحلي داخل الدول الأوروبية، ولم يكن الجميع في أوروبا سعداء بموجات النزوح، ولم يكن الشعبويون اليمينيون على وجه الخصوص سعداء بهذا الأمر على الإطلاق، حيث جاء رد الفعل على ذلك بحقيق الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا نجاحًا انتخابيًا غير مسبوق في أعقاب تدفق اللاجئين السوريين.
وعلى الرغم من أن الواقع يكذب ادعاء الأوروبي الأبيض من أن المهاجرين يسرقون الوظائف من الأوربيين، وأنهم سبب ارتفاع معدل الجريمة واغتصاب النساء الأوروبيين، لكن اليمين عمل على اللعب على وتيرة المهاجرين تلك من أجل تحقيق مكاسب لنفسه، على الرغم أن السوق الأوروبي كان أكثر استفادة من الأيدي العاملة السورية التي ملئت فراغ كثير من الأماكن في ظل التغيير العمري للسكان في أوروبا خاصة ألمانيا. (10)
المراجع
- محمد المعتصم: «الربيع العربى»: نجاح جزئى فى مصر وتونس.. و«خراب» فى سوريا واليمن، 2 مارس 2016
- وائل العجي: نظرة تحليلية في نفسية بشار الأسد الأحد - 2 شهر رمضان 1435 هـ - 29 يونيو 2014 مـ رقم العدد "12997"
- قراءة في شخصية بشار الأسد.. نفسيته وأسلوبه القيادي وأثر ذلك على خياراته السياسية، 4 أبريل 2016
- منصور حسنو: سورية أيضًا يحكمها اليمين المتطرف، 12 ديسمبر 2018
- سلاح دمار شامل ضد أوروبا: 3 مارس 2019
- تحقيق يكشف أبرز الفرنسيين الداعمين لنظام أسد.. هذا هدفهم: 22 يونيو 2019
- صلاح حسن أحمد: اليمين المتطرف يجد اسبابا ليعود افاق المستقبل العدد 17 2013 صـ 22.
- أحمد عيساوي: كيف تحوّل الأسد أيقونة يتغنّى بها اليمين المتطرّف؟، 9 يوليو 2019
- باسل درويش: التايمز: ثورة سوريا أججت اليمين المتطرف والاستقطاب بأوروبا، 12 مارس 2021
- Nazmus Sakib: How Syrian refugee influx has shaped the polarisation of European politics، 26 Jul 2019