أزمة الانتماء والهوية في مصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أزمة الانتماء والهوية في مصر

ويكيبيديا الإخوان المسلمين

د. عبد الخالق فاروق ومحمد فرج

الانتماء قبل عام 1952: لمحة عامة

تبلورت مشاعر الانتماء الوطني فى مصر والعالم العربي فى القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين فى ظل مواجهة حادة مع الحملات الاستعمارية الأوربية الفرنسية والبريطانية وتجسدت بشكل جلي فى ثورتي القاهرة الأولى والثانية ؛

كما بلغت إحدى قممها فى الثورة العرابية وعكست التجسدات الفكرية والثقافية فى ذلك الوقت شكلا من أشكال البلورة الفكرية لمشاعر الانتماء فى المجتمع المصري ، كما وجد ذلك التجسد والتبلور استمراره فى التيار الفكري للحزب الوطني بقيادة مصطفى كامل و محمد فريد بعد ذلك .

وكانت ثورة الجماهير المصرية فى عام 1919 ، ثم ثورات العمال والطلبة فى الثلاثينات والأربعينات التي بلغت قمة تجسدها فى اللجنة الوطنية للعمال والطلبة ، ثم الكفاح المسلح ضد ثكنات جيش الاحتلال البريطاني عام 1951 .. الخ.

تعبيرا عن نقله كيفية جديدة تبلورت فى إطارها التجسدات الجديدة لمشاعر الانتماء للوطن فى مصر .وقد انعكست هذه النقلة الكيفية الجديدة من ذلك التبلور الصريح للنمو الرأسمالي فى المجتمع المصر ، خاصة فيما بين الحربين الأولى والثانية العالميتين كما عكس ذلك النمو الرأسمالي نفسه فى مظاهر من التمايز الطبقي اتخذت أشكالا حزبية ونقابية وجماعات ثقافية فصاغ بذلك أرضا جديدة اجتماعية لانطلاق مشاعر الانتماء للوطن.

وكان معنى ذلك أن مشاعر الانتماء الوطني المعادية للاستعمار بين جماهير مصر فى ذلك الحين وهى أعمق وأوسع من مجرد التجسدات الفكرية للوعي القومي قد بدأت تكتسب أبعادها الطبقية الاجتماعية التي انبثقت منها كافة التجسدات الفكرية والسياسية التي تنازعت الواقع المصري فى ذلك الحين وإن كانت قد ظلت محاصرة بدرجة التطور التي كان يمر بها المجتمع المصري..

أي بظروف وعلاقات فترة انتقالية تتمثل فى درجة النمو الرأسمالي فى مجتمع مستعمر كما كانت بالتالي خاضعة للسيادة الفكرية والسياسية لبرجوازية ناشئة ترتبط بأعمق الروابط بكبار ملاك الأراضي ، ولكنها نشأت في ظل وجود الإحلال الأجنبي الذي يعرقل تطورها ونموها المستقل فتنازعها الرغبة فى الاستقلال بالسوق والسلطة وخشية الجماهير التي تتصاعد حركتها فى نفس الوقت .

وقد قام هذان القطبان اللذان يتنازعان البرجوازية المصرية بصياغة الملامح العامة لسلوكها الوطني تجاه القوى الاستعمارية فأكسبها هذا السلوك ملامحه التهادنية الإصلاحية التي تتعلق بأوهام الاستقلال باللعب على التناقضات الدولية واستبعاد حركة الجماهير وشل تنظيماتها .

ودخلت البرجوازية المصرية فى ذلك الوقت فى تناقض حاد داخل دائرة الاستقلال والتبعية ، كان من نتيجته فشل الأحزاب البرجوازية قبل 1952 فى حل المسألة الوطنية المحتدمة لصالح الاستقلال .

وانعكس ذلك بالضرورة على مشاعر الانتماء القومي بين جماهير السكان فى مصر ، بصورة أدت إلى تنامي الوعي بالانتماء الطبقي داخل دائرة الوعي بالانتماء القومي المعادى للاستعمار .وقد بدا ذلك واضحا فى تنامي الأطروحات الاجتماعية كالإصلاح الزراعي مثلا وتنامي الأفكار الثورية البرجوازية الصغيرة والعمالية .

وقد ساهم هامش الديمقراطية ونظام الأحزاب فى التنامي رغم قيود الوجود الإستعمارى وفزع البرجوازية المصرية من حركة الجماهير ، وقيود الحكم الملكي على الديمقراطية الليبرالية نفسها فى ذلك الوقت .

وعلى قاعدة من هذه الأرض الموضوعية كانت حركة الجيش المصر فى يوليو 1952 بعد ما يقرب من أربعة أعوام على حرب فلسطين وشهور قليلة على حريق القاهرة .

وتنتمي ثورة الجيش في يوليو 1952 على تلك الدرجة التي وصلت إليها مشاعر الانتماء الوطني المعادى للاستعمار فى مصر بكل ما يحيط بهذه المشاعر من فشل برجوازي متمثل فى سلوك الأحزاب البرجوازية القديمة وبكل ما يدعم هذه المشاعر من وعى اجتماعي وليد؛

ومعنى ذلك أن فكر قادة يوليو الذي تجسد فى البداية فى الشعارات ذات النقاط الست كان تعبيرا عاما عن درجة النمو التي بلغتها قدرة الطبقات الاجتماعية ومنظماتها السياسية والفكرية والتي لم تكن بقادرة على حسم الصراع الإجتماعى والسياسي بصورة نهائية لصالح إحداهما .

ومن الناحية التاريخية فإن حركة الجيش فى يوليو 1952 رغم أنها كانت فى أحد جوانبها نتاجا لأزمة البرجوازية المصرية (العاجزة عن حل قضية الجلاء) فإنها قد قامت بحل أزمة البرجوازية وقامت فى نفس الوقت بعرقلة حركة الجماهير التي كانت آخذة فى التبلور والنمو بقيامها بكبح مظاهرا لوعى الطبقي المستقل التي كانت تكسب مشاعر الانتماء للوطن أبعادها الاجتماعية العميقة .

إن الدرجة التي كانت تصنع حالة الغليان فى المجتمع المصري ، والناتجة من حدود العلاقات الاجتماعية والحركة السياسية فى البلاد ودرجة النفوذ أو العزلة للأفكار التي كانت تتنازع المجتمع كانت لابد أن تطبع حركة انقلابية بالطابع الذي أفرزها وولدها أي الطابع البرجوازي الذي حدد سلوكها السياسي والفكري تجاه طبقات المجتمع .

ولكن هذا الوضع التاريخي نفسه كان قد أكسب ثورة يوليو كحلقة خاصة بسلطتهم وضعا " بونابرتيا " يكاد يقف فوق الطبقات الاجتماعية يوجه النضال نحوها جميعا بدء بكبار ملاك الأرض وانتهاء بالطبقة العاملة وتجسد وعيها الفكري والسياسي .

إن سمة هامة من سمات وانتماءات وعلاقات الكوكبة التحى قادت حركة الجيش فى يوليو 1952 قد ساهمت فى إحاطة وضع السلطة الجديدة بملامحه البونابرتية الخاصة .

فقادة يوليو الذين ينتمون فى معظمهم إلى أصول برجوازية صغيرة والذين كانت وسيلتهم فى الثورة على النظام القديم تتمثل فى الانقلاب العسكري ولا تعتمد على حزب جماهيري ثوري ، لا يرتبطون بوشائج عميقة بأفراد الطبقة البرجوازية ولا بتجسداتها السياسية (حزب الوفد على سبيل المثال)

ولكنهم فى نفس الوقت كان لا يمكنهم تمثل حركة البرجوازية الصغيرة الثورية لظروف موضوعية عميقة تجعلهم فى نفس الوقت يمثلون إحدى حلقات الثورة البرجوازية فى مصر ويعبرون بالتالي عن الأهداف الأساسية للبرجوازية المصرية التي كانت قد نمت وتمحورت أهدافها حول الاستقلال بالسوق والسلطة .

لقد مكنت تلك السمة المذكورة الانقلاب العسكري وعدم الارتباط بأفراد الطبقة البرجوازية سلطة يوليو من اكتساب نوع من الاستقلال النسبي وتحررها من الارتباط بالبرامج التنفيذية والتوجهات السياسية المباشرة للطبقة البرجوازية الكبيرة .

ٍوقد عكس هذا الاستقلال النسبي لسلطة يوليو نفسه على مجمل سلوكها التالي وخاصة بعد انتهاء الغزو الثلاثة لمصر وتأميم شركة قناة السويس وخلق أوضاعا طبقية وسياسية جديدة كان لها أعظم الأثر على مشاعر الانتماء فى مصر .

الانتماء فى عهد جمال عبد الناصر

مما لا شك فيه أن النجاحات المبكرة لثورة يوليو كان لها أعظم الأثر على مشاعر الانتماء بين جماهير مصر فإحساس عارم بالكرامة الوطنية ، وبحب الوطن قد تفجر لنجاح كوكبة يوليو فى الاستيلاء على السلطة وطرد الملك ثم توزيع بعض أراضى الإصلاح الزراعي على الفلاحين والمعدمين وقد عبر هذا الإحساس عن نفسه أثناء الغزو الثلاثي لمصر حيث الرغبة الحقيقية الجارفة بين الجماهير فى فداء الوطن ببذل الدماء .

وقد ساهم وجود إسرائيل كرأس حربة للاستعمار من إحدى الزوايا وسقوط سلطة يوليو تجاه طبقات العمال بإخراج مظاهراتها بهدف حل أزمة الحكم فى مارس 1954 وإلغاء نظام تعدد الأحزاب ، كانت فى مجملها عناصر مبكرة جدا تضرب بعمق فى الأعماق الاجتماعية لمشاعر الانتماء للوطن وتدفع بها داخل دائرة المفهوم البرجوازي.

وساهم الخطر الصهيوني فى الدفع نحو هذا الاتجاه ليسيد من مفهوم السلطة للشعور بالانتماء من خلال وحدة وطنية لا طبقية تتصدى للخطر الخارجي .

وتكلفت الظروف الموضوعية بعد حرب 1956 بإنجاح ذلك المفهوم وترسيخه بين جماهير السكان فقد أفرزت إجراءات سلطة يوليو الأساسية ، الإصلاح الزراعي الأول وعمليات التمصير ثم التأميم ، فئة طبقية جديدة تكونت لها مصالح برجوازية خاصة بها لتستمدها من سيطرتها على السلطة السياسية بعد أن أصبح فى حوزتها ثروة عامة تكونت من السيطرة على الأرض التي لم توزع وبنوك المال الأساسية التي مصرت وحصة الأجانب فى عدد من الشركات الصناعية والزراعية ثم هذه المصانع والشركات نفسها بعد تأميمها مع المجموعة الرأسمالية لبنك مصر بعد ذلك .

وقد أصبحت هذه الفئة الطبقية البرجوازية ذات قوة وباس شديدين على مستوى السيطرة السياسية والاقتصادية وجدير بالذكر أن القوة السياسية لتلك الفئة لم تكن لتستمد من أنى تنظيم سياسي الإتحاد القومي أو الإتحاد الإشتراكى مثلا بقدر ما كانت تستمد من السلطة وأجهزتها مباشرة ومدعومة بتعاطف جماهيري واسع .

وهذا ما يدفعنا إلى القول بأن هذه الفئة الجديدة الحاكمة لم تصنع سطوتها السياسية على المجتمع وسيطرتها السياسية على الجماهير بالقمع البوليسي وحده وإن كان ذلك القمع قد قام بدور لا يمكن إنكاره فى تدجين مشاعر الانتماء ومفاقمة الانكفاء على الذات بعد ذلك .

إن الظروف التي تشكلت فيها تلك الفئة البرجوازية الجديدة بما صاحبها من إجراءات اجتماعية هي التي صاغت إمكانيات النجاح النسبي فى صياغة مشاعر الانتماء وفق ما تبتغى وما تريد .

فلم تلجأ هذه الفئة ومفكروها إلى انتهاج أسلوب الوعظ الأخلاقي لصياغة وجدان الإنسان المصري بقدر ما كانت الظروف الموضوعية تقوم بنفسها بذلك الوعظ وإن كانت السلطة قد صاحبت الإجراءات الاجتماعية بضجيج (اشتراكي) على الصوت .

لقد نجحت السلطة الجديدة فى استثمار نهوض الوعي القومي الذي نما فى مواجهة الاستعمار البريطاني قبل عام 1952 ثم ازدهار هذا الوعي بعد حرب 1956 بعد أن خلصته من مقومات الوعي الطبقي المستقل الذي كان قد بدأ ينمو أيضا قبل عام 1952 .

ولعل ذلك النجاح فى استثمار نهوض الوعي القومي وإنهاضه بعكس التقاء تلك الحاجة الموضوعية لدى تلك الفئة الجديدة الصاعدة التي تبتغى بناء قاعدة صناعية قوية مع الحاجة الجماهيرية التحى تمثل طموحها الأعمق فى الاستقلال فأفرزت الأفكار الموجهة التي حركت المجتمع فى ذلك الوقت .

وقد قامت الإمبريالية بشروطها المجحفة لبناء السد العلى على سبيل المثال وإسرائيل الصهيونية بتحرشاتها التي تذكر بخطر وجودها بدور عميق فى بلورة ملامح جديدة فى وعى تلك الفئة البرجوازية الجديدة؛

كما قامت البرجوازية التقليدية بتخلفها وهامشيتها وخشيتها من المشاركة فى البرامج الاقتصادية للسلطة الجديدة بدفع تلك الفئة خطوات هامة باتجاه التبلور الذي يحدد موقفها من الذات ومن الطبقات الأخرى .وكانت التأميمات الكبرى عام 1961 تعبيرا عن درجة عليا من درجات التبلور الطبقي لتلك الفئة الجديدة المرتكزة على سلطة الدولة .

وبينما قامت الإجراءات المبكرة لسلطة يوليو خاصة تأميم قناة السويس وخروج الثالوث الاستعمار بعد غزو 1956 بصنع شعبية واسعة للسلطة الجديدة ولعبد الناصر بصفة خاصة قامت تأميمات 1961بما صاحبها من حديث واسع عن " التحول الإشتراكى " بتمكين الفئة البرجوازية الجديدة من " مظاهر الصراع الطبقي " فى البلاد وبالتالي كبح إمكانيات نمو الوعي المستقل بالإنماء الطبق فى مصر .

فقد قامت تلك الإجراءات بتمكين الفئة الجديدة من جر مجمل طبقات المجتمع خلفها بعد أن تمكنت من تدشين جداراتها الخاصة فى قيادة المجتمع نحو ما أسمته بالحل (الإشتراكى) .كما قامت تلك الإجراءات فى ارتباطها مع النسق الذي أحدثته الإجراءات السابقة بدء من الإصلاح الزراعي .. الخ.

بعملية جذب واسعة للتيارات الفكرية التقدمية نحو الفكر البرجوازي الذي عبر عن نفسه وعن طبقته الجديدة بشعارات سياسية براقة .كما قامت تلك التيارات التقدمية بدورها التالي وبطريقة جدلية فى إكساب تلك الشعارات السياسية أبعادا خاصة .

وبالطبع فقد أفرز تسلسل الإجراءات الاجتماعية والسياسية التي اتخذتها سلطة يوليو ظواهر اجتماعية هامة فقد قامت تلك الإجراءات بتوسيع قاعدة الطبقة العاملة الصناعية توافقا مع التوسع الذي حدث مع البناء الجديد ، وكان ذلك من شأنه أن يعطى ملامح جديدة للطبقة العاملة المصرية وهى ملامح من أبرزها الحداثة التي تمثلها تلك القطاعات الجديدة التي انضمت لصفوف الطبقة العاملة بملامحها الفلاحية.

ومن زاوية أساسية تنتمي تلك القطاعات الجديدة إلى تراث النضال العمالي النقابي والسياسي السابق على ثورة 1952 بقدر ما كانت تنتمي إلى نظام يوليو الذى نقلها من العمل فى الريف إلى العمل فى المدينة بأجر ثابت يخلفه استقرار قوانين العمل والأجور التي سنتها السلطة الجديدة.ٍ

وفى الريف كان لتوزيع أراضى الإصلاح الزراعي أثر لا ينكر كذلك فقد كان للتسويق التعاوني ونشر الجمعيات الزراعية التي يدخل مجلس إدارتها لعقد الإيجار الثابت بين المؤجر والمستأجر وتحديده لقيمة إيجار الفدان بسبعة أمثال الضريبة وكذلك إقامة المدارس ، والحديث الواسع عن مجانية التعليم ، وإقامة صهاريج المياه النقية .. الخ .

أثرة فى خلق أشكال واسعة من الالتفاف حول سلطة الفئة الجدية والاستجابة لتوجهاتها الوطنية والاجتماعية.وفى صفوف البرجوازية الصغيرة المثقفة فى الريف والمدينة خلقت إمكانيات الصعود الطبقي المرتكزة على الالتزام بتعيين الخريجين وقوانين الترقي فى الوظائف الحكومية وشركات القطاع العام أشكالا من الالتفاف حول تلك السلطة الجديدة .

وقد مكنت هذه الأوضاع الجديدة هذه الفئة من النجاح فى جذب أوسع السكان للالتفاف حول شعاراتها السياسية التي كانت لا تزال تحمل مضمونا تقدميا لمواجهة الإستعمار والطبقات القديمة .

وقد صاغ ذلك المناخ مشاعر الانتماء فى ذلك الوقت فخلق جماهير قومية تنتمي إلى ثورة يوليو .وقد تعلم الشباب أنهم جيل يوليو ، جيل مجانية التعليم ومواجهة الاستعمار أنهم بشكل أكثر جلاء جيل عبد الناصر كما كان يقال .

إن الانتماء الوطني كان يتخذ بسرعة مظاهر الانتماء إلى حاكم بطل صنعت منه الظروف التاريخية ودرجة التطور التاريخي فى المجتمع المصري والعربي فى معظم الأحيان تجسيدا للوعي القومي وللأماني القومية فى ذلك الوقت .

ولعل ذلك المظهر الذي اتخذته مشاعر الانتماء ظل يمثل من زاوية أخرى الثغرة التي كشفت عن نفسها بعد ذلك لإمكانيات الانتكاس بمشاعر الإنماء فى البلاد .فقد كان ذلك المظهر لا ينبئ عن انتماء حقيقي ينمو بقدر ما كان ينبئ عن مشاعر انتماء مختلطة بتشوهات عميقة من الجائز أن تكون لها جذورا فرعونية تخلق انتماء ينتكس .

ولقد ساهم نظام يوليو نفسه فى صياغة تشوهات الانتماء للوطن .فمشاعر الانتماء للثورة والزعيم والتي كانت تخلق جماهيريا قومية فى مظهرها العام كانت مختلطة بمشاعر من الرعب والخوف والتفتيت .

إن الشكل العام لحركة المجتمع فى ذلك الوقت كان يبدو وكأنه يعبر عن وحدة واحدة متماسكة بصلابة كما كانت مشاعر الانتماء للثورة والزعيم تبدو أيضا مشاعر جماعية متضافرة تخرج من الحناجر فى هتافات الفداء بالروح والدم؛

ولكن الصورة فى عمقها كانت تختلط بها ظلال أخرى متعددة الألوان تفتح ثغرات تلك الوحدة المتماسكة وتلك المشاعر الجماعية وتختلط بالرعب الزى يعكس نوازع الشك تجاه الآخرين كالسوس فى أى وحدة ويجنح بالعناصر النشطة في المجتمع نحو الصمت إما إحباطا أو اغترابا أو إيثارا للسلامة أو نتيجة لقرارات العزل السياسي والاعتقال .

ولذلك فإن مظاهر التبلور الطبقي التي سبقت ثورة يوليو وتجسدت فى تيارات فكرية وتحركات سياسية ونقابية ظلت ماثلة فى ذهن السلطة العسكرية الجديدة وتجسدت فى سلوكها وعلاقتها مع الجماهير؛

وكما كان استبدال حركة الجماهير المستقلة المنظمة وإبداعاتها المتمثلة باللعب على التناقضات الدولية بين إمبريالية وأخرى ملمحا من ملامح الحركة السياسية البرجوازية المصرية وكان استبدال تنظيم حركة الجماهير باستثمار التناقض بين الشرق الاشتراكي والغرب الرأسمالي ملمحا من ملامح الحركة لسياسية للسلطة الجديدة .

ولذلك كانت المواجهة العنيفة لأي بادرة مستقلة للجماهير ولأي تيار فكرى يطمح فى البقاء مستقلا بحركته السياسية (وهى ما شهده عدد ليس بقليل من برجوازيات العالم الثالث وبخاصة فى المنطقة العربية) .

وقد تركت المواجهة العنيفة بين السلطة المصرية وكل من تجسدات لفكر الماركسي وتيار الإخوان المسلمين فى مدن وريف مصر بالملاحقة والاعتقال والتفتيش الهمجي بحجة البحث عن السلاح آثارا حادة من الرعب الذي يكمن فى النفس البشرية .

كما كان لاستبدال أية منظمات جماهيرية مستقلة بمنظمات مصنوعة فارغة المضمون ومنتمية مباشرة للأجهزة البوليسية التي يتقلد رجالها بحكم الوظيفة أعلى المناصب السياسية والتنظيمية و الاتحاد الاشتراكي والتنظيم الطليعي مثالان مشهوران أثار وخيمة على أية إمكانية لتنظيم حقيقي لحركة الجماهير فى المجتمع وبالتالي على أية إمكانية لتطوير مشاعر الانتماء الجماعي للوطن .

والمثال البارز فى تلك الوجهة تمثل فى الدور الذي أنيط به للنقابات المهنية ونقابات العمال بشكل خاص . فقد قامت السلطة بأسلوب محكم بخلق تبعية تلك النقابات لأجهزتها السياسية والبوليسية بشكل أساسي ، ومناجل ذلك قامت بخلق أرستقراطية عمالية نقابية مرتبطة بمصالح السلطة أكثر من ارتباطها بمصالح الطبقة العمالية ، وكرست ذلك باشتراط عضوية النقابات للإتحاد الإشتراكى العربي وبعمليات التدخل فى الانتخابات بالشطب والاستبعاد والتعيين .. الخ .

وبالطبع فقد ضرب هذا السلوك باتجاه خلق انتماء ارستقراطي نقابي للسلطة وباتجاه عرقلة أية بادرة لنمو انتماء عمالي للطبقة العاملة بعد أن كان فكرها الثوري غائبا بين المثقفين الذين جذبهم التيار الفكري الجارف للسلطة الجديدة .

لقد ضربت تلك العلاقات بين السلطة والناس بكل قوة فى استقلال حركة الطبقات الاجتماعية وكرست وجودا للشعب المصري يتساوى مع عملية الجمع الحسابي للأفراد المفصلين .

ومعنى ذلك أن مشاعر الانتماء للوطن ، كانت قد أصبحت مشاعر للانتماء للسلطة الزعيم أو "الوطن الزعيم" وكانت أيضا قد فرغت من أية انتماءات طبقية من مشاعر الانتماء للوطن .

كما كانت ههذ المشاعر نفسها مختلطة مع مشاعر الخوف والشك فى الآخرين داخل دائرة شريرة من الحس البوليسي بفعل الجدران .. التحى أصبح لها أذان .

ومن المؤكد أنتلك الإختلاطات للمشاعر كانت مختفية خلف الإنجازات التقدمية للسلطة الناصرية ، ولم تفصح عن نفسها فى ذلك الوقت فى أشكال من الفعل ورد الفعل الصريح .

ولكن دلالة ذلك تمثلت فى أن الإنسان المصري الذي كان قد بدأ يصبح إنسانا سياسيا فاعلا قبل 1952 كف عن أن يكون كذلك بعد الثورة فقد أصبح يكره السياسة ويمقتها وترتعد فرائصه لمجرد ذكر اسمها أنه يريد أن يأكل خبزا والسياسة لا تطعم ولا تغنى من جوع بل أصبحت تترادف مع الرحيل خلف الشمس .

ولعل هذه الحالة بالذات ظلت تعبر عن نفسها فى عقل المواطن المصري وحركته الآن لتستكمل نفسها بملامح عصرية جديدة .

ومعنى ذلك أن الانتماء السياسي الحر كتعبير عن الانتماءات الطبقية والوطنية لم يكن ملمحا بارزا للإنسان المصري العامي فى عهد عبد الناصر رغم أن عضويته فى الإتحاد الإشتراكى كانت إجبارية لشغل بعض الوظائف الهامة؛

وعلينا أن نستثنى من هذه النتيجة قسما من الشباب تعامل مع الشعارات السياسية للفئة البرجوازية الصاعدة حينذاك بعد أن دمجها ببعض الإجراءات الوطنية والاجتماعية للسلطة السياسية ومثل بعد ذلك تيارا ناصريا بعد أن أعطى أبعاد أيديولوجية خاصة لتلك الشعارات التقدمية العامة لنظام عبد الناصر، كتعبير عن انتماء سياسي يدخل رغم كل شيء فى دائرة الانتماء للوطن الزعيم التي تحدثنا عنها .

ثالثا: الانتماء بعد هزيمة يونيو

جاءت هزيمة يونيو 1967 لتضرب بقوة فى مشاعر الانتماء التي صاغها عبد الناصر ، أي لتضرب بشكل أساسي فى مشاعر الانتماء " للسلطة الزعيم " أو " للوطن الزعيم " .

وبالرغم من حالة الركود التي كانت قد أصابت المواطن المصري قبل الهزيمة بعد أن تحول الشعب المصر فى ذلك الوقت إلى محصلة الجمع الحساب للأفراد ، وبعد أن اختزل الفعل الإيجابي للإنسان المصري من زاوية عامة إلى مجرد عمليات الاحتشاد لاستقبال الزعيم أو سماع خطبه وانتظار قراراته وأعماله هو وبعد أن اندمج فعل المواطن المصري فى فعل الزعيم وإبداعه كانت هزيمة يونيو 1967 أيضا ضربة قاسية ومفاجئة لكل القيم والثوابت التي ترسخت فى ذهن الإنسان المصري فى ذلك الوقت.

فالسلطة المقتدرة القادرة الجبارة التي غذت مشاعر الكرامة الوطنية وصاغت مشاعر الانتماء داخل دائرة الاستعداد لمواجهة الخطر الخارجي ومؤامرات الاستعمار والصهيونية قد هزمت فجأة وفى ساعات قليلة وفى أول مواجهة .

أن مشاعر الكرامة الوطنية غير المنضبطة وغير المنظمة وغير الفاعلة قد أصيبت بهزة عنيفة مفاجئة بعد أن كانت قد سلمت زمام فعلها للسلطة القادرة والزعيم الملهم خاصة وأن شحنا عنيفا للكرامة الوطنية والغزو القومي كان قد تم سريعا بفعل البيانات والخطب المتتالية لعبد الناصر حول سحب قوات الطوارئ الدولية قبيل الحرب وقد أكسب ذلك الشحن العنيف السريع الهزيمة عنفا استثنائيا .

إن قدرة الشعب المصري وتحالف قوى الشعب العاملة التي ترسخت فى ذهن المواطن المصري تكشفت عن عجز بالغ على الفعل بعد أن تكشفت عن غياب أية قوى متحالفة .

فقد كانت تلك القدرة الجمعية للشعب قد اندمجت فى قدرة السلطة القادرة والزعيم القادر ليتبقى منها للمواطن المصري والشعب المصري بالتالي شعوره الطيب الراكد غير الفاعل بالكرامة والانتماء الوطني لقيادة وطنية قادرة.

وتكشفت المنظمات الجماهيرية التي أقامتها سلطة يوليو عن مجرد سرادقات لا تملك تنظيم أية قوى وتعرقل نمو أية حركة سوى حركات الهتاف ببذل الروح والدم .

وعكس هذه الوضع نفسه فى مشاعر قلق بالغة الحدة وشعور بالعجز بالغ القسوة وعبرت هذه المشاعر عن نفسها فى خروج الناس إلى الشارع فى 9 و 10 يونيو خاصة حين اندمج الإعلان عن الهواجس التي كانت قد تكونت عند الناس عن الهزيمة النكسة مع استقالة الزعيم الملهم .

لقد سقطت سلطة يوليو بعد هزيمة 1967وتحررت مشاعر الانتماء الوطني من مشاعر الانتماء للسلطة ولكن هذه المشاعر كان لا يمكنها فى ظل تلك الظروف أن تتحرر من كل ما علق بها من تشوهات بضربة واحدة وعلى الأخص فى ظل الهزيمة .

فقد صنع رجوع عبد الناصر عن استقالته ورفعه لشعارات إزالة آثار العدوان ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة وتطهير الجيش ومحاكمات الطيران .. الخ .

التفاف حول الزعيم الفرد وبينما تحررت مشاعر الانتماء للوطن من مشاعر الانتماء للسلطة فإنها لن تتحرر من مشاعر الانتماء للزعيم المخلص واستمرت أيضا مشاعر لأفراد الشعب ولم ترتق لمشاعر شعب منظم .

وفى هذا المجال قامت لجان المواطنين من أجل المعركة بتفريغ مشاعر الانتماء للوطن والكرامة الوطنية التي تجسدت هنا كرد فعل للهزيمة من أية إمكانية للفعل والإبداع واستمرت أجهزة البوليس فى القيام بدورها فى كبح جماح تلك المشاعر عند أية بادرة للنمو المستقل .

ولكن الهزة العنيفة التي أحدثتها هزيمة يونيو لم تكن لتختزل نتائجها فى ذلك المظهر الجديد لمشاعر الإنماء للزعيم المخلص فقد ، فقد تنازعت تلك المشاعر العامة مشاعر الإحباط والقنوط وفقدان الثقة والرغبة فى الانتقام من قادة الهزيمة ..

وهى كلها تدخل فى دائرة مشاعر القلق والعجز التي أحدثتها الهزيمة المفاجئة كما انعكس ذلك فى الكتابات الفكرية والإبداعات الأدبية التي دخلت فى دائرة من دوائر النقد العنيف للذات وللمجتمع كما كانت تظاهرات العمال والطلبة فى فبراير و نوفمبر 1968 خاصة بعد إعلان الأحكام ضد قادة الطيران ظاهرة جديدة .

ومن الملفت للنظر أن تلك الظاهرة الجديدة قد تنازعتها المشاعر التي ذكرناها مع نمو وعى جنيني للانتماء للوطن عبر عن نفسه فى استقلالية تلك التظاهرات عن أي دفع من الأجهزة السياسية الحاكمة ، ومعنى ذلك أن تلك الفئة الاجتماعية قد أحست لأول مرة بعد يوليو أنها جماعة فى وطن وليست مجرد مجموعة أفراد ، أنها تملك بحركتها كفئة إمكانيات التأثير فى القرار السياسي أنها تملك حق الرفض وحق المطالبة الجماعية وبدا ذلك واضحا فى الوعي بالحاجة للديمقراطية السياسية وضرورة التغيير .

إن القيمة التاريخية لهذه الظاهرة الجديدة بعد الهزيمة بعام واحد أنها كانت أول اقتحام جماعي جسور للشارع المصري ، معلنة انتهاء إمكانيات السلطة فى جذب كافة طبقات المجتمع خلف قيادتها فى جبهة داخلية متراصة ومحاطة بسياج من حديد ، ومعلنة حقيقة المشاعر الكامنة التي تتنازع الإنسان المصري فى ذلك الحين ومعلنة فى نفس الوقت أن وعيا بالانتماء الطبقي قد بدأ يأخذ طريقه إلى طبقات المجتمع المحكومة ويأخذ طريقه بالتالي إلى مشاعر الانتماء للوطن .

كما عكست هذه الأمور نفسها على تفكير السلطة السياسية وأجهزتها فبدأ الحديث عن ضرورة التغيير وضرورة البحث عن النغمة الصحيحة .وكان بيان 30 مارس هو التعبير السياسي لبرنامج السلطة الناصرية لاستيعاب تلك المتغيرات والنوازع التي ظهرت بعد الهزيمة .

والجوهري فى تلك الخطوة التي قامت بها السلطة أنها حاولت بها حل المشكلات والإشكاليات الجديدة الناجمة عن النكسة وخصوصا اقتحام الجماهير المستقل للشارع بنفس الخط الفكري السابق على الهزيمة والذي كانت قد تمكنت به من السيطرة على المجتمع وحكمة منفردة بعد تطعيم ذلك الخط بالطبع ببعض الشعارات الجديدة .

فالحديث عن الديمقراطية لم ينعكس فى أية بادرة ديمقراطية فى المجال السياسي والحديث عن التغيير لم ينعكس إلا على بعض الرموز السياسية فى السلطة وفى الإتحاد الإشتراكى العربي وفى منظمة الشباب .

ومن زاوية أساسية قامت إجراءات السلطة ودعايتها فى تلك الفترة بمحاولات دءوبة لبناء جبهة داخلية متماسكة وفقا لشعار " لا صوت يعلو فوق صوت المعركة " بكبح جماح ذلك الوعي الجنيني بالانتماء الطبقي الذي بدأ يعبر عن نفسه بالخروج للشارع المصري وداخل أروقة الإتحاد الإشتراكى نفسه ومنظمة الشباب أيضا وبإلقاء كل المثالب التي أنتجت الهزيمة على المحيطين بالرئيس فدفع ذلك فى إذكاء مشاعر الانتماء للزعيم المخلص على حساب أي انتماء آخر ولكن فى ظروف جديدة .

وقد ساهمت الاشتباكات العسكرية مع جيش العدة الصهيوني فى تنمية تلك الوجهة في الوجدان الشعبي العام خاصة أثناء اشتباكات حرب الاستنزاف الشهيرة دون أن تتمكن من القضاء على ذلك الوعي الجديد أيضا التي اتخذت من طرح أسلوب حرب الشعب إمكانية للنصر على العدو .

وبينما ساهم ذلك فى إضافة بعض الثوابت الجديدة وتحديد دائرة الأعداء والأصدقاء بشكل صريح كانت ظاهرة جديدة تحتية تنبثق من مناخ الهزيمة لتفتتت فى عقد كل الثوابت والقيم التي تكونت وتبلورت عبر إجراءات عهد عبد الناصر التقدمية .

لقد تحددت دائرة الأعداء بشكل واضح فى العدو الصهيوني لذي يحتل سيناء وفى أمريكا الاستعمارية التي تقف وراء العدو الصهيوني بكل قوة وتحددت دائرة الأصدقاء فى الإتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية وحركات التحرر الوطني فى العالم الثالث .

ولكن مناخ الهزيمة كان من شأنه أن يفرز وجهة أخرى فى عمق المجتمع حيث يولد ظاهرة جديدة تقوم بفعلها فى الذهاب بمشاعر الانتماء بعيدا حيث الانتماءات الدينية .

فقد عكست الهزيمة نفسها أيضا فى نقد دينية للنظام الناصري بعد أن دمجه هذا لنقد مع النظام الإشتراكى الدولي ، حيث الهزيمة نقمة من الله لابتعاد المجتمع المصري عن الإسلام ولارتباط عبد الناصر بالإتحاد السوفيتي الملحد ، وبسبب تطبيق الاشتراكية وعدم تطبيق الشريعة .. الخ .

ورغم أن الظاهرة السياسية الدينية كانت قد استأنفت تبلورها الجديد فى مناخ الهزيمة إلا أنها ظلت تقوم بدورها بطريقة كامنة وتتحسس طريقها فى حذر ، حتى كان استشراؤها بعد ذلك فى ظروف تالية وملابسات أخرى أنتجت الجماعات الإسلامية الجديدة .

أنتجت الظروف التي تلت الهزيمة إذن شكلا أساسيا من أشكال الانتماء فى وجدان الشعب المصري تمثل فى استبدال الانتماء " للسلطة الوطن الزعيم " بالانتماء إلى الزعيم المخلص فى إطار مضمون وطني معاد للاستعمار الأمريكي وإسرائيل الصهيونية ووفق فكرة أساسية موجهة تتمثل فى شعاري إزالة آثار العدوان ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، مع بزوغ شكلين حديثين للانتماء الطبقي والديني كما حددنا تأثيرهما ودلالات بروزهما الجديد .

وقد انعكست المساحات الشعبية التي تتخذها أشكال الإنماء هذه فى ذلك المشهد الرهيب لجنازة عبد الناصر .فلم يكن موت عبد الناصر حدثا عاديا فى المجتمع المصري ، فقد مات الزعيم المخلص مات وهو منغرس فى الوجدان المصري كزعيم ملأ الساحة المصرية والعربية بإنجازاته الوطنية والاجتماعية وبانتصاراته وانكساراته .

وكان قد انعكس وجوده وحضوره بشكل عميق فى وجدان كل من مؤيديه ومنتقديه ومريديه والذين يكرهون وجوده أيضا ، وبالطبع لم يكن ذلك الحضور انعكاسا للكفاءات الشخصية لعبد الناصر كزعيم ملهم فقط بقدر ما صنعت ذلك الحضور وعمقت تلك الكفاءات الشخصية ظروف تاريخية واجتماعية وأوضاع دولية تطور المجتمع المصري داخل مؤثراتها الأساسية .

ونستكمل أزمة الانتماء في مصر في الحلقات القادمة إن شاء الله