أحمد بزيع
- إخوان ويكي يقدم عدد من الموضوعات عن الاقتصادي أحمد بزيع
أحمد بزيع ياسين محمد القناعي المولود في 28 مارس 1928م أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي (الإخوان المسلمون في الكويت) ، ورجل الأعمال الكويتي الذى أسس بيت التمويل الكويتي، وترأس العديد من الهيئات الشرعية في مختلف البنوك والمؤسسات الإسلامية في دولة الكويت وخارجها ويعد رأسمال الجماعة .
حياته ونشاته
نشأ في حي القناعات وسط الكويت، والتحق بالكتاتيب وعمره أربع سنوات واستمر فيها حتى التاسعة من عمره وتعلم فيها القرآن الكريم واللغة العربية والدين والحساب ، ثم التحق بالمدرسة المباركية عام 1937 حيث أدخل إلى الصف الرابع متوسط مباشرة بعد اختباره على يد ناظر المدرسة الأستاذ أحمد أفندي واستمر فيها حتى عام 1942م وتلقى دروس فقه المعاملات على يد الشيخ العلامة الدكتور بدر المتولي عبدالباسط، وبعد تخرجه من المدرسة المباركية عام 1942، عمل كاتب حسابات لدى سلميان إبراهيم المسلم ثم سافر عام 1946 م إلى لبنان لمدة عامين لإدارة المكتب المختص بالأقمشة والصيرفة، ثم انتقل للعمل في المملكة العربية السعودية لمدة ست سنوات وحتى العام 1972 لإدارة الشؤون التجارية لعبد العزيز على المطوع هناك في منطقة الخُبَر وقبل ذلك تنقل بين الكويت والهند لمدة سنتين ثم انضم إلى غرفة التجارة والصناعة عام 197.، وأصبح عضوًا في مجلس إدارة بنك الكويتي المركزي ، وفي عام 1978 كان من المشاركين الرئيسيين في تأسيس بيت التمويل الكويتي الى جانب بدر تولى رئاسة مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي من العام 1977 إلى العام 1993، ورئيس مجلس إدارة بيت التمويل التركي 1981-1993 ورئيس هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في بيت التمويل الكويتي منذ عام 1994، ورئيس الهيئة الاستشارية التشريعية في بنك الكويت الدولي، ورئيس هيئات الفتوى والرقابة في بنك بوبيان وشركات أعيان للتجارة والاستثمار، المستثمر الدولي، ودار الاستثمار، كما كان عضوًا بالتأسيس في بنك فيصل الإسلامي في السودان، بنك دبي الإسلامي في دبي، بنك بنجلاديش الاسلامي، بنك بيتك تركيا، بنك التنمية في مصر، بنك البحرين الإسلامي وشارك في عملية تحويل البنك الأهلي المتحد والبنك الدولي إلى العمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
انضمامه الى التنظيم الإخواني
انضم الى جماعة الإخوان المسلمين بدولة الكويت في فترة مبكرة من حياته وتدرب على يد الشيخ يوسف بن عيسى القناعي التمارين الرياضية التي كانت الجماعة تلقناها للأشبال، حيث كان يتدرب على المشي وبعض التمرينات ، وحمل البنادق الخشبية وتدرج في العمل التنظيمي حتى وصل الى موقع أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي ذراع الإخوان المسلمون في الكويت ودفعت به الجماعة في انتخابات مجلس الأمة ثلاث مرات، الأولى كانت عام 1963 وحصل فيها على المركز العاشر، والثانية حصل فيها على المركز الرابع عشر عام 1967، بينما كان من نصيبه المركز السادس في المرة الثالثة عام 1975م وكان من أهم اذرع الجماعة في العمل الخيري والتطوعي حيث كان عضو مجلس إدارة الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وعضو مجلس إدارة جمعية النجاة الخيرية، وعضو مجلس إدارة جمعية الشيخ عبد الله النوري الخيرية، وعضو في بيت الزكاة حتى وفاته
بزيع والبنوك الإسلامية
تعود قصته مع تأسيس البنوك الإسلامية عندما بدأ العمل في التجارة ورغب في الحصول على تمويل ولم يكن في الكويت سوى فرع لبنك أجنبي في منتصف الخمسينات فعمل على إيجاد بديل شرعي للمعاملات المالية التقليدية، فذهب إلى مدير احد فروع البنوك الأجنبية شارحا له أن هناك أدوات شرعية لها أسسها وفلسفتها في بطون الكتب الفقهية ومستفادة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، بالإضافة إلى التطبيقيات الشرعية التي عملت بها لأمة الإسلامية طيلة قرون خلال مسيرتها الحضارية قبل دخول الاستعمار الغربي إلى بلدانها، ومعها بعض مؤسساتها ومن بينها البنوك التقليدية التي تعتمد الفائدة كأساس لتعاملاتها، في الوقت الذي تحرم الشريعة الإسلامية الفائدة المصرفية حيث تعد من الأعمال الربوية لالتزامها بصيغة القرض المترتب عليه فائدة، وبالتالي فهناك حلول شرعية تعتمد على المتاجرة والمشاركة والمضاربة والإجارة والمرابحة وغيرها من الأدوات الإيجابية التي تحل الربح مكان الفائدة وتجعل عناصر الإنتاج الحقيقي تتضافر مع النقود بحيث لا تعمل النقود بمفرها وتظل وسيلة للتبادل ومعيار للقيمة وليست أداة لخلق مزيد من النقود.
ورفض مدير الفرع الأجنبي ما قاله وتهكم على الفكرة وأصر مدير الفرع على أن الأدوات التقليدية أكفأ مما يقول، وظل حلم رؤية التطبيقات الشرعية في الواقع عالقا في ذهنه حتى بداية السبعينيات، تلك الفترة التي شهدت فورة النفط وسيولة في الفكر الاقتصادي الإسلامي وبدأت أولى الخطوات بالتفكير بإنشاء شركة عالمية للتجارة، ووضع النظام الأساسي لها في الوقت الذي بدأت الخطوات أيضا بتأسيس بنك دبي الإسلامي بدعم فكري مباشر من الدكتور عيسى عبده وليتم الإعلان عن تأسيس أول بنك إسلامي في دبى وفى منطقة الخليج، وبالتالي تحولت الفكرة نحو توسيع فكرة إنشاء الشركة العالمية للتجارة إلى تأسيس بنك إسلامي هو بيت التمويل الكويتي والذى أسس في عام 1977 م وبدأ العمل يوم 28 أغسطس 1978 م ، كان رأس مال البيت في ذلك الوقت 1. ملايين دينار كويتي بنسبة 49% للمؤسسات الرسمية و 51% للقطاع الخاص وبدأنا العمل بربع رأس المال اي بمبلغ 2.5 مليون دينار
مؤلفاته
للشيخ العديد من الآراء الخاصة بالعمل المصرفي له العديد من الأبحاث والمحاضرات في مجال الاقتصاد وخاصة الإسلامي ومن أهم كتبه "العمل المصرفي الإسلامي تجارب ونصائح
آراؤه
تتركز معظم آراءه في المعاملات الإسلامية في البنوك ومنها:
أكد الشيخ أن العمل الإسلامي المصرفي والاستثماري ليس للتجربة بل للتنفيذ، وعلى المشككين فيه الاقتناع بالتجربة التي نجحت والا فليبقوا كما هم حتى يفتح الله بصيرتهم، متمنيا أن تعم المعاملات المشروعة المعمورة كلها لإنهاء حالة الفتن والحروب في العالم التي باعتقاده ناشئة عن معاملات الربا المنتشرة في كل زاوية وركن أنه ليس كل أعمال البنوك التجارية التقليدية محرمة، بل هناك ما هو حلال ويتم التعامل به من دون وجل، وأن حوالي 4.. مليار دولار تدار حاليا حسب الشريعة الإسلامية في الأسواق المحلية والإقليمية والإسلامية والعالمية، داعيا أصحاب البنوك التقليدية لتطبيق الشريعة وإدارة عملياتهم وفقها وأن النظام الإسلامي والمالي بفقه المعاملات واحد وليس فكرا بل عقيدة، والاجتهادات هي ما تسبب بعض الفروقات والاختلافات السطحية.
وأشار إلى أن البنوك التقليدية سواء في الكويت أو غيرها تتعامل مع المؤسسات والشركات الإسلامية حسب المنهج الشرعي وليس بحسب المعاملات التقليدية الربوية، وهو أمر جائز لا خلاف فيه والعمل التقليدي في البنوك فيه ما هو حلال وما هو حرام، فالخدمات المصرفية والأجور عليها والصرف الفوري (تحويل العملات الفوري) جائز، بينما الزيادة في الاقراض على رأس المال لفترة معينة فهذا الربا بعينه وهو الممنوع شرعا.
الوفاة
تُوفى يوم الخميس 8 سبتمبر 2.11 م في سويسرا عن عمر يناهز 83 عاماً.
وكتب عبد المحسن الخرافي قال:
الإسلام وضع المبادئ العامة لنظام اقتصادي صالح لكل عصر من العصور وفق حاجات ومقتضيات الناس ، أما تفاصيل هذا النظام الاقتصادي الإسلامي فتتحقق وفق حاجات العصر ، فإذا تصفحنا كتب الفقه وجدنا كيف أن فقهاء الإسلام دونوا أحكام نظام الاقتصاد بتفصيل واف في عصورهم المختلفة ، في داخل الحدود الفاصلة التي خطها الإسلام ، ويرى المفكر الإسلامي المصري الدكتور محمد مورو أن الاقتصاد الإسلامي جزء من كل ، بمعنى ارتباط الاقتصاد الإسلامي بمفاهيم وعقائد ونظم الإسلام، وهو اقتصاد أخلاقي وواقعي في غاياته وفي طرقه كذلك ،ومتميز عن المذاهب الرأسمالية والشيوعية والاشتراكية وهو مخالف لها في أساسها النظري، مخالف لها في أساليبه، مخالف لها في غاياته وإن تشابهت بعض التفصيلات بين النظام الإسلامي وإحدى هذه النظم ليس إلا من قبيل تشابه عيون شخصين مثلاً دون أن تربطهما رابطة دم أو جنس، ولا يسمح بأي شكل من أشكال الاستغلال ، ويحقق الحد المتوازن من الحياة الكريمة لكل فرد دون أن يضع عائقًا دون الارتفاع إلى آفاق عليا دون ظلم أو استغلال ويضع على عاتق أولي الأمر إتاحة فرص العمل لكل قادر والحاجة لكل محتاج حتى لا يبقى فقير أو عاطل في المجتمع الإسلامي دون النظر إلى دينه أو جنسيته ، وهو اقتصاد مخطط بمعنى أنه يجعل للدولة الإشراف المركزي على الإنتاج والتوزيع. وظهرت بواكير الاقتصاد الإسلامي في منتصف القرن الماضي في كتابات مجموعة من العلماء الأفذاذ أمثال د. محمود أبو السعود، د. عيسى عبده إبراهيم، والشيخ محمد الغزالي ، وفي ستينيات القرن الماضي تأسست النماذج الأولى للبنوك الإسلامية في مصر وباكستان وماليزيا، و فتحت هذه النماذج المجال لمرحلة تأسيس البنوك الإسلامية التي تمتد من 197.م إلى 198.م وخلالها تم تأسيس أول بنك إسلامي بشكله الرسمي سنة 1971م بمصر وهو «بنك ناصر الاجتماعي»، وتاسيس بنك دبي الإسلامي بالإمارات العربية المتحدة سنة 1975م. وبنك فيصل الإسلامي المصري وبنك فيصل الإسلامي السوداني في 1977م ، وبيت التمويل الكويتي سنة 1977م. والبنك الإسلامي الأردني سنة 1978م وبنك البحرين الإسلامي سنة 1979م. وتأسيس أول بنك إسلامي في الغرب عام 1987م، وهو المصرف الإسلامي الدولي في الدنمارك.
ومن نعم الله تعالى على المجتمع الكويتي أن صبغه بصبغة أصيلة هي حب الإسلام، والتمسك بالدين، وأحكام الشريعة الإسلامية السمحاء، لذلك تعد الكويت من أوائل الدول العربية والإسلامية التي تأسس بها مصرف إسلامي هو بيت التمويل الكويتي الذي تأسس عام 1977 ليلبي حاجة ملحة في نفوس أفراد الشعب الكويتي للتعامل الاقتصادي القائم على أسس إسلامية بشكل لا لبس فيه وحرج، ولا ثمة شبهة ربا أو تعاملاته. ويعد بيت التمويل الكويتي في طليعة المصارف الإسلامية المؤسسة لفكرة الاقتصاد الإسلامي، وإخراجها من حيز النظرية إلى واقع التطبيق . وخلال شهر رمضان المبارك تنشر «الوسط» السير الذاتية لأبرز رواد الاقتصاد الاسلامي في الكويت من خلال عرض كتاب «رواد ومؤسسي الاقتصاد الإسلامي في الكويت المنطلقون من تجربة بيت التمويل الكويتي» لمؤلفه الامين العام للامانة العامة للاوقاف الدكتور عبد المحسن الجـارالله الخـرافـي والذي ألفه عام 2..6 ثم أصدره بيت التمويل الكويتي عام 2..8 في الذكرى الثلاثين لتأسيس بيت التمويل كأول بنك إسلامي في الكويت ، وفي شهر رمضان الحالي للعام 1437 هجرية يكون قد مر على بدء عمل بيت التمويل الكويتي 38 عاما حيث تم افتتاح بيت التمويل للجمهور لاول مرة يوم 28 رمضان 1398هـ الموافق 31/8/1978م بعد مرور نوح 9 اشهر على تأسيس بيت التمويل بصدور المرسوم الأميري بالقانون رقم 72 لسنة 1977م، لتأسيسه ، كشركة مساهمة كويتية، في ربيع الآخر 1397هـ، الموافق 23 مارس 1977م، تشارك الحكومة فيها بنسبة 49 % كالتالي: وزارة المالية بنسبة 2. %، ووزارة العدل (إدارة شؤون القصر) بنسبة 2. %، ووزارة الأوقاف بنسبة 9 %، وطرح باقي الأسهم 51% للاكتتاب العام برأس مال قدره عشرة ملايين دينار.
وتشكل أول مجلس للإدارة الذي ضم كلاً من: أحمد بزيع الياسين رئيساً لمجلس الإدارة والعضو المنتدب ، محمد إبراهيم بوهندي نائباً للرئيس ونائب العضو المنتدب ، وعضوية كل من: خالد صالح العتيقي ،عبدالحميد عبدالرزاق العبيد عبدالمحسن علي الطويرش ، علي عبدالكريم الفوزان ، فهد نايف وعقب وفاته وحل محله السيد علي محمد المضف ، محمد يوسف الرومي ، مريخان سعد صقر ، هادي هايف الحويلة ، وقد تم تعيين بدر عبدالمحسن المخيزيم كاول مدير عام لبيت التمويل الكويتي.
- طرح من خلال منصبه كعضو في مجلس إدارة البنك المركزي فكرة إنشاء مصرف إسلامي وبدأت تتولد في ذهنه منذ منتصف الخمسينات
- بفضل الله ثم بجهود المخلصين أمثال الياسين ظهر بيت التمويل الكويتي للنور عام 1977م وانطلق إلى حيز الوجود الفعلي في 1978
- زار الكويت المرحوم د. عيسى عبده في السبعينات فطرح فكرة تأسيس بيت تمويل إسلامي فاستحسن الفكرة عبدالرحمن سالم العتيقي وزير المالية وقتها
العم أحمد بزيع ياسين محمد إبراهيم القناعي
المرحوم العم أحمد بزيع ياسين محمد إبراهيم القناعي هو رائـــد صناعــة الخدمــات الماليــة الإسلاميـــــة في الكويت وترأس او مجلس إدارة لبيت التمويل الكويتي عن تأسيسه عام 1977 ..و توفي الياسين في 11 سبتمبر 2.11 ويقول عنه د. عبد المحسن الجار الله الخرافي في كتابه « رواد الاقتصاد الإسلامي بالكويت من خلال مؤسسي بيت التمويل» « : هو عالم ورائد في هذا المجال، إذ إنه يملك خبرة وتجارب في هذا المجال تمتد إلى نصف قرن، وهو أحد المساهمين الرئيسين في تأسيس بيت التمويل الكويتي «بيتك» ، وقد تراكمت لديه قبل ذلك خبرات ومعارف غنية، من خلال عمله في التجارة وجمعيات النفع العام وغرفة التجارة والصناعة وبنك الكويت المركزي، فقد طرح من خلال منصبه - كعضو في مجلس إدارة البنك المركزي - فكرة إنشاء مصرف إسلامي، وهي الفكرة التي بدأت تتولد في ذهنه منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي إلى أن رأت النور، بفضل الله وجهود المخلصين أمثاله، وخرجت إلى حيز التنفيذ عام 1977م مع تأسيس بيت التمويل الكويتي، وانطلاقه إلى حيز الوجود الفعلي العملي في 28 أغسطس 1978م. وولد العم أحمد بزيع الياسين عام 1928م / 1346هـ، في حي القناعات وسط الكويت، ونشأ في كنف أسرة متدينة، دخل الكتاتيب وعمره أربع سنوات، وتخرّج منها في التاسعة من عمره، ليلتحق بمدرسة المباركية حتى عام 1942 التي تخرّج فيها من الصف الثاني ثانوي. وبعد تخرجه عمل كاتباً للحسابات عند التاجر سليمان إبراهيم المسلم رحمه الله، وتعلم على يديه كيفية المراسلات التجارية، واستمر في عمله حتى عام 1946م، حيث عمل في التجارة لحسابه الخاص متنقلا بين الكويت والهند حتى عام 1948م، ثم عمل مع العم عبدالعزيز علي المطوع رحمه الله، حتى أصبح مديراً لأعماله في الكويت والمملكة العربية السعودية، وزادت خبرته في التجارة والإدارة في تلك الفترة حتى عام 1972. فكرة تأسيسه لبيت التمويل
في سبعينيات القرن الماضي عمل العم أحمد بزيع الياسين في جمعيات النفع العام، رئيساً في بعضها وعضواً في البعض الآخر، وفي تلك الفترة سعى إلى تأسيس شركة أو بنك يسير على النهج الإسلامي، وكان قد راجع قبل عام 1956م أحد البنوك الوطنية لحثه على تقديم خدمات خاصة لمن يرغبون في التعامل بالصفة المشروعة، إلا أنه لم يجد استجابة، فأحزنه ذلك كثيراً. وزار الكويت المرحوم د. عيسى عبده إبراهيم في السبعينيات، فطرح فكرة تأسيس بيت تمويل إسلامي مع بعض الإخوة الأفاضل أمثال: عبدالله سليمان العقيل، ويوسف جاسم الحجي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية آنذاك وغيرهما، فاستحسن الفكرة السيد عبدالرحمن سالم العتيقي وزير المالية وقتها، الذي كانت له جهود متميزة في هذا العمل وقد قابل وزير التجارة للحصول على الترخيص، فعلم أحمد البزيع أن الدولة تعمل على تأسيس شركة مشابهة لشركتنا، وقد استدعت عدداً من الخبراء المصريين لإعداد دراسة وتصور عن هذه الشركة. كما شارك بعض الكويتيين ووزارة المالية في تأسيس بنك دبي الإسلامي ، بالتعاون مع الحاج سعيد أحمد لوتاه، وبعدها مباشرة تم تأسيس بيت التمويل الكويتي، الذي كلف العم أحمد البزيع بالعمل فيه ورئاسة مجلس إدارته. وهكذا تم التأسيس عام 1977م وبدأ العمل في 28 رمضان 1398 الموافق أغسطس 1978م، وكان رأس مال البيت في ذلك الوقت 1. ملايين دينار كويتي بنسبة 49% للمؤسسات الرسمية و51% للقطاع الخاص.
وقد بدأ العمل بربع رأس المال، (مليونين ونصف المليون دينار كويتي). وكانت مباشرة بيت التمويل الكويتي الأولى للعمل في مكتب قريب من وزارة المالية، ومجاور لشركة الاستثمارات الخارجية، وبعد أن دارت عجلة العمل وعرف بيت التمويل في السوق الكويتي، بدأت الصفقات الرابحة تتوالى على “بيتك”، وكانت أولاها صفقة شراء قسائم سكنية ثم بيعها، وربح “بيتك” في تلك الصفقة 3. ألف دينار. ثم توسع العمل في بيت التمويل الكويتي بعد ذلك، فاستدعى كامل رأس المال، وأخذ بيتك يتوسع في القنوات الاستثمارية، ولذلك انتقل العمل إلى مكتب في شارع أحمد الجابر، تابع لأملاك الدولة، وذلك لاستيعاب الزيادة المطردة الازدياد في أعداد الموظفين والموظفات والمراجعين، وقد أبلى الرواد الأوائل في بيت التمويل بلاء حسناً.
وبعد أن دارت الأعمال بنجاح ، اضطر البيت إلى استئجار مبنى أكبر من مبنى أملاك الدولة الذي جرى فيه التأسيس، فتم استئجار المقر الرئيس السابق في مركز عماد التجاري، وهناك أيضا شهد “بيتك” توسعاً جديداً في الأعمال التجارية والعقارية حتى ضاق بشاغليه، فتم بناء المبنى الرئيس الحالي. وقد تداول بعض من المناوئين لفكرة البنوك الإسلامية بأن تجربة بيت التمويل الكويتي ستفشل في غضون ستة أشهر ، ولكنها بحمد الله وفضله كان لها النجاح الكبير الذي لمسه أهل الكويت والبلاد الإسلامية، وكان لإرادة الشعب الكويتي، الذي كان متعطشاً لخدمة مصرفية ومالية شرعية تعمل وفق الشريعة الإسلامية، ذلك التأثير على نجاح بيت التمويل الكويتي وازدياد تفوقه على البنوك التقليدية الأخرى عاماً بعد عام.
لقد استفاد رحمه الله من عمله مع العم عبدالعزيز العلي العبدالوهاب المطوع رحمه الله الذي كان يبيع سيارات الفولفو بسعر النقدي والتقسيط بغير زيادة تحرجا من أي مخالفة شرعية، ولغياب عقود تنظم العلاقة التجارية بين المورد والموزع (المرابحة).
وقد استعان العم أحمد بزيع بالمرحوم الشيخ بدر المتولي عبدالباسط ليكون أول مستشار شرعي في «بيتك»، فقد كان رحمه الله عبقري التأسيس والتأصيل والتنظير، ما جعل بيت التمويل الكويتي تجربة رائدة في العمل المصرفي الإسلامي وضعت أساسات العمل للاقتصاد الإسلامي في العالم أجمع. وقد حقق «بيتك» خلال فترة ترؤسه أرباحاً متتالية من خلال توفير منتجات مالية إسلامية طُرحت للمرة الأولى في الكويت، وهذا ما زاد من ثقة المتعاملين مع «بيتك»، كما ساهم في حل المشكلة الإسكانية في الكويت من خلال إشرافه على طرح منتجات إسكانية، ودخوله في تمويل العقارات الخاصة والاستثمارية، وكذلك القطاع الإنشائي. ولم يكتف العم أحمد بزيع الياسين بالنجاحات التي حققها داخل دولة الكويت بل قام بتوسيع نشاطات «بيتك» في العديد من البلدان الخليجية والعربية مثل دول الخليج العربي ولبنان وباكستان وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وماليزيا وغيرها، وقد أدى ذلك إلى إنجاح وتنمية العلاقة مع العديد من البنوك والمصارف الإسلامية.
وأضاف إلى محاسن أعماله المصرفية، التي قامت على تعاليم الشريعة الإسلامية الغرّاء، عملاً خيرياً لا يقل أهمية عن هذا المصرف الإسلامي، فقام بإنشاء لجنة الزكاة وخدمة المجتمع ضمن الهيكل التنظيمي لـ «بيتك» التي كانت لها أصداء إيجابية محلية ودولية محمودة وطيبة.
ترشح الياسين لمجلس الأمة
رشح المرحوم العم أحمد الياسين نفسه لعضوية مجلس الأمة للفصل التشريعي الرابع (1975م) في الدائرة الانتخابية الثامنة (حولي( وهي تضم ( حولي - النقرة - الجابرية - العديلية)، وكان ترتيبه السادس بإجمالي أصوات 614 صوتاً، وبفارق 38 صوتاً بينه وبين المرشح الخامس، أي أن ترتيبه كان الاحتياطي الأول، حيث أن كل دائرة كان ينجح فيها الخمسة الأوائل فقط، ولعل في ذلك حكمة إلهية، حيث ادخره الله تعالى للتفرغ لتأسيس التجربة الاقتصادية الإسلامية «بيت التمويل الكويتي»، بينما يتوفر لمجلس الأمة بوظيفته التشريعية والرقابية أعضاء آخرون، قوامهم خمسون عضواً، والله وحده يعلم أين الخير، ولعل الله تعالى اختار له ولتجربة الاقتصاد الإسلامي الأفضل والخيّر والأبقى..
أهم إنجازات «بيتك» في عهد الياسين
كان للمرحوم أحمد بزيع الياسين دور بارز في إثراء تجربة الاقتصاد الإسلامي الكويتي، بصفة عامة، وكذلك في تأسيس أول مصرف إسلامي في الكويت “بيت التمويل الكويتي”، ومن أبرز إنجازات بيتك في عهده:
- ساهم في تنمية الوعي الادخاري والاستثماري في الكويت حيث ارتفع حجم المدخرات في “بيتك” ليصل إلى 2563 مليون دينار كويتي في نهاية عام 2..4م (مليارين ونصف المليار دينار كويتي).
- ساهم في توفير أنواع وبدائل متعددة من الحسابات أمام العملاء.. وأشرف على التكييف الشرعي لها
- ولا شك أن هذا الإنجاز يدل على مدى وعي القائمين على “بيتك”، وعلى رأسهم السيد أحمد بزيع الياسين، وحرصهم على تنمية الوعي الادخاري والاستثماري في الكويت.
- ساهم في رفع ثقة المتعاملين مع “بيتك” من خلال توفير منتجات مالية إسلامية طرحت لأول مرة في الكويت مثل: المرابحة - الإجارة – الاستصناع، الذي ساهم في تلبية متطلبات واحتياجات العملاء في “بيتك».
- اجتاز بحكمته أزمة المناخ التي ألمت بالكويت خلال الثمانينيات، واستطاع أن يعبر بسفينة “بيتك” هذه الأزمة دون خسائر تذكر، وبنجاح كبير مقارنة بكافة المؤسسات الكويتية التي عانت من جراء هذه الأزمة، توفيقاً من الله ومِنَّة.
- توسيع نشاطات “بيتك” في عدد من البلدان مثل دول الخليج ولبنان وباكستان وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وماليزيا وغيرها.
- إنجاح وتنمية العلاقة مع العديد من البنوك والمصارف الإسلامية، مثل بنك البحرين الإسلامي وتأسيس “بيتك” التركي بنسبة مساهمة بلغت 5.%.
- وضع إستراتيجية للبنك ترتكز على إعطاء الأولوية لاستثمارات “بيتك” في البلدان ذات الأغلبية المسلمة.
- نشر وتطوير الفكر الاقتصادي الإسلامي من خلال إشرافه المباشر على نشر: كتب الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية، ودليل المصطلحات الفقهية، وسلسلة الاقتصاد الإسلامي في ميزان الشريعة، والتي تعرضت لبيوع المرابحة وبيع الأجل والفوائد الربوية وحقيقة الربا وشركة المضاربة.
- تأسيس مجلة النور التي تصدر عن “بيتك” والتي سعت نحو إحداث وعي عام بالاقتصاد الإسلامي وبكل أعمال المصارف الإسلامية وتقديم مظهر خبرات لنشاط “بيتك».
- اهتم الياسين بهيئة الفتوى والرقابة الشرعية التي نجحت في إثراء الفكر العلمي والعملي بطرح العديد من المنتجات الجديدة والتي تعلقت بإصدار منتجات شرعية جديدة مثل: العقود المجمعة، وعقود التمويل الحكومي مثل مشروع “إيكويت”، والإشراف المباشر على عملية تحويل بنك الشارقة الوطني إلى بنك إسلامي خلال فترة لم تتعد سنتين.
الكويت تفقد أحمد بزيع الياسين... رائد الاقتصاد الإسلامي
الرئيس المؤسس لـ «بيتك» حتى 1993 والعديد من الشركات والمؤسسات المالية الإسلامية
وافت المنيّة أمس العم أحمد البزيع الياسين، رئيس مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي منذ إنشائه وحتى عام 1993، عن عمر يناهز 84 عاماً.
رحل الياسين بعد تحول حلمه الذي قضى جل عمره مع مجموعة من رفاق دربه يجتهدون في العمل على تحقيقه، إلى واقع ملموس وحقيقة راسخة حيث تحول بيت التمويل الكويتي من مصرف بفرع واحد عند تأسيسه في رمضان 1398 هجري الموافق 31 أغسطس 1978، إلى بنك عالمي بأكثر من 25. فرعا في عدد من دول العالم، وأصبح الاقتصاد الإسلامي لغة ومفاهيم عالمية معروفة ومتداولة بين العامة وفي أسواق المال المختلفة بعد أن ظلت عقودا حبيسة الكتب، وأدراج المكتبات، فأصبح العالم يتحدث الآن عن المرابحة والصكوك والإجارة والمشاركة وغيرها من المعاملات المالية الشرعية، بل ويرى في الاقتصاد الإسلامي طوق نجاة من أزمات عاصفة لا تكاد تمر فترة إلا وتعصف بمقدرات الشعوب وإمكانات الدول كبيرها وصغيرها.
ولد أحمد بزيع الياسين في 6 من شوال 1346هـ الموافق الثامن والعشرين من مارس عام 1928، في حي القناعات وسط الكويت، يوم موقعة الرقعي الشهيرة، ونشأ في أسرة محافظة متدينة، وكان جده ياسين محمد القناعي يمتلك سفينة شراعية وكان هو ربانها- لنقل الحجاج من الكويت والخليج العربي إلى ميناء جدة في المملكة العربية السعودية.
أما والده فقد عمل في تجارة الإبل، وكانت لديه حملة للحج حتى عام 1945، وكان كثير الأسفار بين الكويت والشام والسعودية على ظهور الإبل وكان ابنه المغفور له أحمد البزيع قد شارك معه في تلك الرحلات.
المدرسة المباركية
التحق العم أحمد بزيع بالمدرسة المباركية عام 1937، فكان من الأجيال المتقدمة فيها، ساعده في ذلك حصيلة جيدة من التعليم استقاها من الكُتاب، حتى إنه حين دخل الابتدائية واختبره ناظر المدرسة الأستاذ أحمد أفندي نقله إلى الصف الرابع متوسط مباشرة، وبقي فيها إلى عام 1942، حيث حصل على شهادة الصف الثاني الثانوي، ولم يكن بالمدرسة المباركية صف للثالث الثانوي آنذاك.
نبوغه العلمي
وبدت مظاهر النبوغ عند أحمد البزيع في وقت مبكر، فمما روي عنه أنه عندما كان في المرحلة الابتدائية عجز طلاب الصف السادس عن حل مسألة رياضية، وكان البزيع وقتها في الصف الرابع، فاستدعاه المدرس الأستاذ جابر حديد- فوفقه الله لحل المسألة، ما يشير إلى بروز ملامح الشخصية الاقتصادية فيه في تلك الفترة المبكرة، كما كان يميل إلى اللغة العربية والتاريخ والأدب، ويحفظ بعض الأشعار التي تتغنى بالتاريخ الإسلامي والعربي.
وكان من بين زملائه في المدرسة المباركية الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله، عبدالرحمن سالم العتيقي، محمد يوسف العدساني، عبدالله سلطان الكليب، أحمد الخطيب، خالد عيسى الصالح، إبراهيم آل عبدالرزاق، جاسم القطامي، عبدالعزيز الخالد، يعقوب القطامي، صالح شهاب، سليمان حسين البدر وغيرهم كثيرون من الشخصيات المؤثرة في تاريخ الكويت المعاصر.
ومن الشخصيات التي تلقى العلم على يدها أحمد البزيع الملا بلال أستاذه الأول في الكُتاب، والأستاذ عبدالملك الصالح، والأستاذ عبدالله النوري، والداعية الدكتور بدر المتولي عبدالباسط، وعبدالعزيز العلي المطوع رحمهم الله جميعاً.
قبل «بيتك»
بدأ أحمد البزيع حياته العملية بعد تخرجه في الصف الثاني الثانوي عام 1942 وهو الصف الأخير في المدرسة المباركية- حيث عمل كاتب حسابات عند أحد التجار، وهو المغفور له العم سليمان إبراهيم المسلم -أحد المؤسسين لغرفة تجارة وصناعة الكويت- وذلك لأربع سنوات، فاستفاد خبرة واسعة في التجارة والإدارة وتعرف على طرق المراسلات التجارية، وبعدها توجه بطلب من خاله المغفور له عبدالعزيز العلي المطوع وهو من أكثر الشخصيات التي أثرت في حياة أحمد البزيع وذهب إلى لبنان وقضى هناك عامين، حيث كان للمطوع مكتب في بيروت مختص بالأقمشة والصيرفة، ثم انتقل للعمل في المملكة العربية السعودية لمدة 6 سنوات لإدارة الشؤون التجارية لخاله عبدالعزيز العلي المطوع، وقد عرضوا عليه تأسيس فرع لأحد البنوك التقليدية الكويتية في الخبر لكنه رفض العمل في بنك يتعامل بمعاملات لا تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وقدر الله له أن يعيش حتى عام 2..9 والذي تم فيه تأسيس بيت التمويل السعودي الكويتي في مدينة الخبر أيضاً وكان يقول: أحمد الله أنني عشت حتى رأيت أحد الأحلام التي كنت أتمنى تحقيقها. وبعد ذلك قابله المغفور له العم يوسف عبدالعزيز الفليج أحد أعمدة الاقتصاد الكويتي المعاصر- عند مسجد السوق وقال له: « يا أحمد الآن عليك خدمة وطنك بعد هذه الغيبة في الخارج » فأثرت فيه تلك الكلمات وبدأ للالتفات إلى الاقتصاد الوطني حيث انضم في 197. إلى غرفة تجارة وصناعة الكويت، إلى جانب العضوية في مجلس إدارة بنك الكويت المركزي، وعندما أسندت إليه الفائدة البنكية ضمن اختصاصاته في «المركزي» قدم استقالته وانطلق لتحقيق حلمه في تأسيس بيت التمويل الكويتي فوفقه الله إلى ذلك، وكان من بين أبرز المساهمين في تأسيس «بيتك» إلى جانب أحمد البزيع: بدر عبدالمحسن المخيزيم، عبدالرحمن سالم العتيقي، المغفور له عبدالله العلي المطوع، المغفور له الدكتور عيسى عبده، العم يوسف الحجي.
مبادرات عملية
حاول في فترة السبعينات تأسيس شركة أو بنك على المنهج الإسلامي، وكان دافعه لهذه الاستجابة لأمر الله تعالى بالابتعاد عن حرمة الربا في الأعمال التجارية،وحينما كان عضواً في مجلس إدارة بنك الكويت المركزي طرح في احدى جلسات مجلس الإدارة موضوع ضرورة إنشاء مصارف إسلامية في ذلك الوقت، وبعد المناقشة المستفيضة وافقوا على ذلك، إلا أنهم أجلوا الموضوع إلى الجلسة التالية.
وفي بداية السبعينات زار الكويت المرحوم الأستاذ الدكتور عيسى عبده، فطرح فكرة تأسيس بيت تمويل إسلامي مع بعض الأخوة الأفاضل أمثال : عبدالله سليمان العقيل ويوسف جاسم الحجي وغيرهما، فاستحسن الفكرة عبد الرحمن العتيقي وزير المالية آنذاك، فتم تأسيس بيت التمويل الكويتي، وكلف بالعمل فيه عقب مشاركة بعض الكويتيين ووزارة المالية في تأسيس بنك دبي الإسلامي بالتعاون مع الشيخ سعيد أحمد آل لوتاه.
وكان الشعب الكويتي متعطشا لخدمة مصرفية ومالية شرعية. وعلى الصعيد الرسمي كان صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح - رحمه الله - خير معين وأكبر مساند لهذه الفكرة وهذا المنهج لعلاقته الوثيقة بالعقيدة الإسلامية.
الأيام الأولى لـ «بيتك»
تم تأسيس «بيت التمويل الكويتي» عام 1977، وبدأ العمل يوم 28 أغسطس 1978، كان رأسمال «بيتك» في ذلك الوقت 1. ملايين دينار كويتي بنسبة 49 في المئة للمؤسسات الرسمية و51 في المئة للقطاع الخاص.
كانت أول صفقة «لبيتك» شراء قسائم سكنية ثم بيعها، ثم توسع العمل بعد ذلك وأخذ يتوسع في القنوات الاستثمارية، وانتقل إلى مكتب في شارع أحمد الجابر لمقابلة الازدياد في أعداد الموظفين والموظفات والمراجعين.
وكان على «بيتك» في مرحلة التأسيس تثقيف الموظفين بالثقافة الاقتصادية الإسلامية، لأن عليهم بدورهم تثقيف المتعاملين معهم بهذه الثقافة، وقد قام احمد بزيع الياسين بدور اساسى ومهم في هذا الجانب.
المؤسسات الإسلامية
بعد أن ترسخت المعرفة والخبرة في مجال العمل المصرفي والمالي الإسلامي، أصبح في ميسور الشباب العاملين في «بيتك» أن يؤسسوا بأنفسهم شركات أو مصارف إسلامية، وقد كان الياسين يخاطب أولئك الشباب من أبناء «بيتك» منذ البدايات قائلاً «آمل أن يأتي اليوم الذي يستطيع فيه كل واحد منكم أن يقود مؤسسة أو بنكاً إسلامياً»، وقد تحقق هذا والحمد لله.
كما شغل وأسس وساهم يرحمه الله في العديد من لجان الفتوى والرقابة الشرعية في العديد من البنوك والشركات والمؤسسات المالية الإسلامية، وكان من اخر أدواره المشهودة مساهماته في عملية تحويل البنك الاهلى المتحد والبنك الدولي إلى العمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
وكان من دائم أمنياته رحمه الله» أن تعم المعاملات المشروعة المعمورة كلها، والله سبحانه وتعالى أعلن الحرب في القرآن على المتعاملين بالربا، والرسول عليه الصلاة والسلام لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، لما فيه من ظلم فادح على البشرية».
مشاركات سياسية
خاض الياسين انتخابات مجلس الأمة ثلاث مرات، الأولى كانت عام 1963 حصل فيها على المركز العاشر، والثانية حصل فيها على المركز الرابع عشر عام 1967، بينما كان من نصيبه المركز السادس في المرة الثالثة عام 1975.
وكان العم أحمد بزيع الياسين، رحمه الله مدرسة ومرجعية أساسية يتعلم منها الجميع أصول ومفاهيم العمل المصرفي الإسلامي، وستظل رؤاه وأفكاره في هذا المجال سراجا منيرا يهتدي بنورها العاملون في الصيرفة الإسلامية، لقد كان المغفور له بإذن الله صاحب بصمة بارزة في العمل المصرفي الإسلامي في الكويت والعالم حتى استحق بالفعل أن يلقب بشيخ المصرفيين الإسلاميين أو نقيبهم ورائد الخدمات المصرفية الإسلامية في العصر الحديث. ووصفه فضيلة الشيخ الدكتور عجيل النشمي بأنه «الفقيه الاقتصادي الذي لم يتخرج في كلية شريعة ولا كلية اقتصاد.. الرجل الذي لم أر أشد عداوة منه للربا وصروحه، ولا أشد حماسة لمنهج الإسلام».
لقد خاض الشيخ أحمد حربا ضروسا على الربا بجميع أشكاله، ولم تكن تمر مناسبة إلا ويعلن رفضه العمل في أي مجال فيه ربا أو يقود إليه، حتى أنه أبى العمل في مجالات كثيرة في مستهل حياته العملية كان يرى فيها مجالا من مجالات الربا. ولم تكن حربه على غير هدى بل ان سعيه المتواصل لتحقيق حلمه في تعبيد الطريق أمام نشأة المصارف الإسلامية جعله يتعمق في دراسة كل ما يمت إليها من علم ديني فأصبح عالماً في مجاله. وطالب الشيخ أحمد في معظم المؤتمرات التي شارك فيها بإيجاد نظام اقتصادي واجتماعي خال من الربا.
ظل الشيخ أحمد يقول إنه عندما يتكلم الإنسان عن الاقتصاد الإسلامي عليه أن ينطلق من أصلين، هما منهج وشريعة ديننا الإسلامي الحنيف، ويقصد بالتأكيد كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وكان يرى أن في هذين الأصلين المنهج الاقتصادي المتكامل الذي رضي الله به لخلقه فلا يعتريه خلل ولا نقص ولاقصور وهو صالح لكل زمان ومكان.
في نهاية الثمانينات من القرن الماضي وتحديدا في 16 أكتوبر 1987، شهد العالم بدء أزمة اقتصادية هزت البورصة وسائر المؤسسات المالية الأميركية وبعض دول العالم، ودعي الشيخ في العام نفسه إلى محاضرة كان محورها عن الأزمة تلك، ولو أن العالم استمع لما قاله آنذاك في الأزمة السابقة لما كانت الأزمة الأخيرة عام 2..8. رأى الشيخ أحمد أن الانهيار الذي حدث لسوق الأسهم لا يمس إلا الظواهر الخارجية في حين أن المطلوب هو التوصل لجوهر المشكلة، وهو أن الانهيار الذي حدث يدل بوضوح على فشل وإفلاس النظام الاقتصادي العالمي الحالي الذي يرتكز على محور الربا في كل جوانبه.
وكان الشيخ أحمد يرى أن بيت التمويل الكويتي بدأ العمل في سوق عنوانها المنافسة، لكنه لم يهاجم من هاجمه ولم يطعن في عمل المؤسسات المصرفية التقليدية.
أوصى الشيخ أحمد المتخصصين في المصارف والشركات الإسلامية القائمة بشيئين أساسيين: أولهما الاستمرار بالتعاون والتنسيق في ما بينهم، وثانيهما : عندما تعتزم الشركات الإسلامية على تأسيس مصرف لها يقوم بالخدمات المصرفية، أن يكون مصرفا له صفة تنموية ويتناسب رأسماله مع أهدافه. وللشيخ رأي معتبر حول العولمة التي يشهدها العالم، حيث يقول: إن في الاندماج المتكافئ قوة، وفي العالمية الإسلامية العدل والتضامن. وكان من أمنيات الشيخ أحمد الكبرى لتحقيق حلمه الكبير بالتحول الكلي إلى الاقتصاد الإسلامي مستقبلا، إنشاء معهد لتدريس الثقافة الفقهية «لأننا في أمس الحاجة إليه».
- عضويات بالتأسيس
شغل الياسين عضوية تأسيسية في البنوك الإسلامية التالية:
- 1- بنك فيصل الإسلامي في السودان.
- 2- بنك دبي الإسلامي في دبي.
- 3- بنك بنغلاديش الإسلامي.
- 4- بنك بيتك تركيا.
- 5- بنك التنمية في مصر.
- 6- بنك البحرين الإسلامي.
سيرة موجزة
- رئيس مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي منذ إنشائه وحتى عام 1993.
- رئيس جلسات هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في بيت التمويل الكويتي منذ تأسيسها وحتى عام 1996، ورئيس الهيئة منذ عام 1997 وحتى الآن.
- يمتاز بخبرة تجارية واستثمارية ومصرفية تمتد لفترة طويلة بدأت منذ عام 1942، تقلّد خلالها العديد من المناصب القيادية في مؤسسات متعددة؛ وهو خبير اقتصادي في مجمع الفقه الإسلامي، كما يتولى مناصب قيادية لعدد من الهيئات واللجان الخيرية المحلية والعالمية.
- تلقى تعليمه في الكويت، وقد حضر على كثير من مشايخ العصر وأئمة العلم، لكن أهم ما يميزه هو ما تلقاه من فقه المعاملات على الشيخ العلامة الدكتور بدر المتولي عبد الباسط، حيث جالسه وأخذ عنه على مدى 18 عاماً، ما أكسبه علماً وافراً في هذا الباب، وجمع بين الخبرة الاقتصادية والمعلومة الشرعية.
من مهماته:
- عضو مجلس إدارة البنك المركزي.
- رئيس مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي ورئيس مجلس إدارة بيت التمويل التركي.
- عضو مجالس إدارات الهيئه الخيرية الإسلامية العالمية، وجمعية النجاة الخيرية، وجمعية الشيخ عبد الله النوري الخيرية، وأمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي.
- عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية.
- رئيس الهيئة الاستشارية التشريعية في بنك الكويت الدولي.
- رئيس هيئات الفتوى والرقابة في بنك بوبيان وشركات: أعيان للإجارة والاستثمار، المستثمر الدولي، ودار الاستثمار.
عادل الماجد ناعياً الياسين
نعى نائب رئيس مجلس إدارة بنك بوبيان الرئيس التنفيذي عادل الماجد للكويت والعالم الإسلامي الشيخ أحمد بزيع الياسين، الذي شغل رئاسة هيئة الرقابة الشرعية للبنك منذ تأسيسه حتى أسابيع قليلة خلت.
وقال الماجد إن «فقدان الراحل الكبيرة يشكل خسارة للعمل المصرفي الإسلامي، وعزاؤنا أنه ترك بذاراً طيبة في مختلف المواقع التي شغلها، وفي نفوس محبيه».
وبيّن الماجد أن «بنك بوبيان يستذكر بالخير دعم الراحل لمسيرة البنك منذ انطلاقه، وهو الذي لم يبخل علينا بالنصيحة والتشجيع».
نصيحة شيخ بقلم سعيد توفيقي
في شهر مارس من 2..5 وفي اليوم الذي نشرت فيه وسائل الإعلام البيان الصحافي لبيت التمويل الكويتي طلبني العم أحمد بزيع الياسين ليسمعني ما شعرت به بأنه كلام يمتزج فيه النصح مع العتب. قال «لقد نسيت أهم جملة اعتدنا واعتدت أنت أن تضمنها في كل بيان عن نتائج الأعمال...» اعتقدت للوهلة الأولى أني قد نسيت مؤشرا من مؤشرات الأداء أو رقما من الأرقام، فسألته بعد أن أعدت قراءة البيان: ماهي ياعم بومجبل؟ فأجاب «بفضل الله ومنته تمكن بيتك من تحقيق أرباح...» وشدد على أهمية أن أذكر هذه الجملة في كل إعلاناتنا التي نشير فيها إلى تحقيق أي إنجاز.
كما أذكر أنه بعد تأسيس بيت التمويل الكويتي بالبحرين في رمضان من عام 2..2 وفي درس الثلاثاء بعد صلاة الظهر أبلغنا بأنه سأل رفيق دربه بدر المخيزيم عن سبب تأخره في افتتاح «بيتك- البحرين» فرد المخيزيم «ألست يا بومجبل تحرص دائما على اختيار القوي الأمين؟»
وهنا إذ لا أدعي بأنني أحد المقربين منه فهناك فارق كبير بيني وبينه سواء في العمر أو العلم أو التقوى ولا نزكي على الله أحدا ولكن قدر الله لي أن أعمل في هذا الصرح الشامخ الذي يعتبر العم بومجبل أهم مؤسسيه وفي موقع أكون فيه مسؤولا عن إعداد واعتماد بياناته الصحافية وهو موقع يفرض على صاحبه الاحتكاك والالتقاء بمعظم العاملين فيه والمتعاملين معه ومنهم المرحوم بومجبل وفي كل ساعة لقاء معه كنت أخرج بفائدة ونفع لا يقدران بثمن.
وأختم بنصيحة سمعتها يقول لبعض الحضور في مؤتمر عن المصارف الإسلامية عقد بالكويت قبل سنتين وكانت آخر مشاركة له في حدث عام حيث طلبوا منه الدعاء أن يوفقهم في رحلة عمل فقال: «أخلصوا النية لله» نعم هي ثلاث كلمات ولكنها نصيحة شيخ غالية. رحم الله أبا مجبل وأسكنه فسيح جنانه. سيرة الشيخ أحمد بزيع الياسين في سطور بدر الربابة:
العم أبو مجبل في سطور
- عضو مجلس إدارة البنك المركزي .
- عضو مجلس إدارة الهيئه الخيريه الاسلاميه العالمية .
- عضو مجلس إدارة جمعية النجاة الخيرية.
- عضو مجلس إدارة جمعية الشيخ عبد الله النوري الخيرية.
- رئيس هئية الفتوى والرقابة الشرعية في بيت التمويل الكويتي منذ عام-1994م.
- أمين سر جمعية الإصلاح الإجتماعي سابقاً .
- عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية .
- له أبحاث ومحاضرات في مجال الاقتصاد بما فيه الاقتصاد الاسلامي .
- متزوج وله ستة أولاد .
العم أحمد بزيع الياسين ( أبو مجبل )
من مواليد الكويت عام 1928م-1346 هـ – يقول عن نفسه : دخلت الكتاتيب وعمري أربع سنوات ، وتخرجت منها في التاسعة من عمري ، كان مدرسنا الملا بلال ( رحمه الله ) ، وكان ذا وعي عميق ، مجداً في عمله ، حريصاً على تعليمنا القرآن الكريم واللغة العربية والدين والحساب ، كان يحترم العلم وأهله ، وريته يقبل – تقديرا للعلم – يد الشيخ يوسف بن عيسى القناعي – رحمه الله – ولا أنسى التمارين الرياضية التي كان يعطينا إياها الملا بلال حرصاً على لياقتنا البدنية ، حيث كنا نتدرب على المشي وبعض التمرينات ، وأذكر كيف كنا نحمل البنادق الخشبية بصفة تدربية لنتعود على الخشونة. أهم الإنجازات في تلك المرحله المبكرة من العمر :
حفظ القرآن الكريم قراءة خلال مدة استثنائية. وقد ذكرني بذلك أحد زملائي منذ فترة قربية . ولا أنسى الحفل البهيج الذي كان من أهل الفريج (الحي) يقيمونه لحفاظ القرآن الكريم .
حيث كان الحافظ يلبس لباساً خاصاً ويحمل سيفاً ثم يمر به زملاءه على البيوت في المنطقة وهم يتلون أدعيه متنوعة وينشدون أناشيد خاصة بهذا الحدث المبارك . وأذكر مطلعها يقول : الحمد لله الذي هدانا .... للدين والإسلام واجتبانا ، كنا نجلس على الارض في صفوف متتالية وكان الملا بلال – رحمه الله – يستعن ببعض الأساتذة الكويتيين ، وقد استفدت في الابتدائية استفادة كبيرة في القراءة والكتابة والحساب ، الامر الذي ساعدني كثيراًعند دخولي إلى المدرسة المباركية .
المدرسة المباركية
دخلت المدرسة المباركية عام 1937 م حيث كان لدي حصيلة جيدة من التعليم الإبتدائي استقيتها من مدرسة الكُتَّاب .
دخلت المدرسة الإبتدائية ولما أختبرني ناظر المدرسة الاستاذ: أحمد أفندي –رحمه الله – نقلني إلى الصف الرابع متوسط مباشرة ، حيث بدأت الدراسة في المدرسةالمباركية في ذلك الصف واستمريت فيها إلى عام 1942 م حين تخرجت من الصف الثاني الثانوي ، ولم يكن لدى المدرسة المباركية صف للثالث الثانوي آنذاك ، وقد كان معظم زملائي من الذين خدموا وطنهم خدمات جليلة ولله الحمد ، وكان صاحب السمو المغفور له – باذن الله – الشيخ جابر الأحمد الصباح من تلاميذ المباركية وشاب من الأسرة الكريمة أسرة الصباح .
كما كان من زملائي أيضا السادة : عبد الرحمن سالم العتيقي ، ومحمد يوسف العدساني ، وعبد الله سلطان الكليب ، وعقاب الخطيب ، وأحمد اليماني ، وأحمد الخطيب ، وخالد عيسى الصالح ، وابراهيم آل عبد الرزاق ، وعبداللطيف أمان ، وأحمد العريفان ، ومجرن الحمد ، وعبد اللطيف الثويني ، وجاسم القطاني ، وعبد الغزيز شهاب ، وكثيرون لا أستطيع إحصاءهم .
أذكر أنني استدعيت ذات يوم من قبل الاستاذ جابر حديد – رحمه الله – من الصف الرابع لحل مسالة في الحساب عجز عن حلها طلاب الصف السادس . وقد وفقني الله إلى حلها فسر الاستاذ جابر حديد – رحمه الله - جدا لتوفيقي في حل هذه المسالة ، وكنت مع ذلك أميل إلى اللغة العربية والتاريخ والأدب ، وأحفظ أشعار وبعض الشعراء كالمتنبي وأبي فراس الحمداني التي كانت تتغنى بتاريخنا العربي وأمجادنا العظيمة ، وكان سيد عمر عاصم – رحمه الله – يدرسنا القرآن الكريم و عبدالملك الصالح – رحمه الله – كان يدرسنا التاريخ والجغرافيا .
وقد درسنا أساتذة كثيرون كويتيون وعرب ، وكان الشيخ عبد الله النوري يدرسنا مسك الدفاتر ( المحاسبة ) مساءً ، وكنت أتطلع إلى أمة عربية إسلامية موحدة وما زلت - وما ذلك على الله بعزيز - وبالرغم من النكبات والنكسات والكوارث فإني لم ولن أيأس من رحمة الله تعالى فإنه على كل شيء قدير حيث لدينا القيم الفاضلة التي ترتفع فيها الأمم لو تمسكت بها .
بعد التخرج من المدر سة المباركية
بعد تخرجي من المدرسة المباركية عام 1942 م ، عملت كاتب حسابات عند أحد الأعمام من التجار واستفدت منه خبرة واسعة في التجارة والإدارة ، وهو العم المرحوم سلميان إبراهيم المسلم ، واكتسبت منه كيفية المراسلات التجارية حيث عملت لديه مدة 4 سنوات حتى عام 1946 م ، وفي ذلك العام كان سفري الأول إلى الحج و عمري 18 عام كانت رحلتنا على الإبل واستغرقت الرحلة شهراً ونصف ذهاباً ومثل ذلك الإياب .
اتجهنا إلى مكه المكرمة أولاً ثم إلى المدينة المنورة ، وكنت مع على بن خريص الرشيدي ومحمد بن وطيان العجمي ، وكان لهما مع والدي أخوة ومحبة ، وكانا نعم الرفيقين - رحم الله الجميع - وقد كنا في تلك الرحلة نسير منفردين عن الحجيج أحيانا ونراقبهم أحيانا أخرى ، وفي الجملة كانت رحلتي الأولى إلى الحج متعة كبيرة حيث أكسبتني خبرة واسعة في الصبر وتحمل المشقة ، وتعلمت الكثير من الرفقة الماجدة ، خرجنا من الجهراء في الخريف وعدنا إليها في الشتاء .
الطريق الى الحج
كان الأمن مستتباً في تلك الايام بعد أن وحد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الجزيرة العربية – رحمه الله – فساد الأمن وانتشر الأمان على مسالك الحج وفي الجزيرة العربية ، بل وحدنا جميع ما يحتاجه الحجيج من خدمات في المدن التي مررنا عليها . جعل الله ذلك في ميزان أعماله ، وأجزل له الأجر والمثوبة ، وأبناءه من بعده الذين ساروا على نهجه وعمروا الطريق وأمنوها ووسعّوا الحرمين الشرفين في أجمل توسعه وعمارة
العودة من الحج
عملت في التجارة لحسابي الخاص متتقلاً ما بين الكويت والهند لمدة سنتين ، ثم عملت في عام 1948 م مع العم عبد العزيز على المطوع – رحمه الله – حتى عام 1972 م متنقلاً في الوظيفة حتى صرت مديراً لاعمالة في الكويت والملكة العربية السعودية ، وكان يعمل في التجارة العامة ، فاكسبت منه المزيد من الخبرة التجارية والإدارية بالإ ضافة إلى إلى الخبرة السابقة التي نهلتها من العم سليمان المسلم .
وكان من أجمل أيام عمري السنوات الست التي قضيتها في الخُبَر – منطقة سعودية - من سنة 195. م الى 1956 م وقبلها سنتان بين لبنان وجده . بعد ذلك قابلني العم يوسف عبد العزيز الفليج متعة الله بالصح و العافية عند مسجد السوق وقال لي : الآن عليك خدمة وطنك بعد هذه الغيبة خارج الكويت وكان عمري 28 عاماً حينذاك .
وقد كلفني ذات مرة بحمل التبرع الشعبي الكويتي إلى مصر العزيزة . وكنت انضممت إلي غرفة التجارة والصناعة عام 197. م كما أصبحت عضواً في مجلس إدارة بنك الكويتي المركزي منذ تأسيسه حيث لم تكن الفائدة البنكية من اختصاصه في ذلك الوقت ، وعندما أسند إليه تحديد سعر الفائدة البنكية اعتزلت العمل فيه .
عملت في جمعيات النفع العام بعد ذلك . وكنت رئيساً في بعضها وعضواً في بعضها الآخر وكنت قد حاولت في فترة السبعينيات تأسيس شركة أو بنك على المنهج الإسلامي ، وكان دافعي لهذه الاستجابة لأمر الله تعالى بالإبتعاد عن حرمة الربا في الأعمال التجارية وقبل عام 1956 م راجعت أحد البنوك الوطنية لحثه على تقديم خدمات خاصة لمن يرغبون في التعامل بالصفة المشروعة ، إلا أنني لم أجد استجابة لديهم ، وحينما كنت عضواً في مجلس إدارة بنك الكويت المركزي طرحت في أحدى جلسات مجلس الإدارة موضوع ضرورة إنشاء مصارف إسلامية في ذلك الوقت ، وبعد المناقشة المستفيضة وافقوا على ذلك ، إلا أنهم أجلوا الموضوع إلى الجلسة التالية ولم يذكر في المحضر ما تم بهذا الخصوص . وفي بداية السبعينيات زار الكويت المرحوم الأستاذ د. عيسى عبده ، فطرح فكرة تأسيس بيت تمويل إسلامي مع بعض الأخوة الأفاضل أمثال : عبدالله سليمان العقيل ويوسف جاسم الحجي وغيرهما ، فاستحسن الفكرة عبد الرحمن العتيقي وزير المالية آنذالك ، فتم تأسيس بيت التمويل الكويتي ، وكلفت بالعمل فيه عقب مشاركة بعض الكويتيين ووزارة المالية في تأسيس بنك دبي الاسلامي بالتعاون مع الشيخ سعيد أحمد آل لوتاه .
عقبات التأسيس
لم نجد عقبات تذكر في ذلك الوقت والحمدالله . فقد كان الشعب الكويتي متعطشا لخدمة مصرفية ومالية شرعية . وعلى الصعيد الرسمي كان صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح - رحمه الله - خير معين وأكبر مساند لهذه الفكرة وهذا المنهج لعلاقته الوثيقه بالعقيدة الإسلامية .
الأيام الأولى لبيت التمويل الكويتي :
تم التأسيس عام 1977 م ، وبدأنا العمل يوم 28 أغسطس 1978 م ، كان رأس مال البيت في ذلك الوقت 1. ملايين دينار كويتي بنسبة 49% للمؤسسات الرسمية و 51% للقطاع الخاص . بدأنا العمل بربع رأس المال . اي بمبلغ 2.5 مليون دينار ، وقد كانت المباشرة في مكتب مناسب قريب من وزارة المالية مجاور لشركة الاستثمارات الخارجية .
وكان أول الإداريين في ذلك الوقت الإخوة : بدر المخيزيم ، وإبراهيم الخميس ، وحمود الهران ، وعبد الوهاب الزبيد ، والمرسل رمضان ، وكما عملت معنا السيدة نضال والسيدة إقبال صالح شهاب في قسم السيدات ، ثم دارت العجلة فكانت أول صفقة لبيت التمويل الكويتي شراء قسائم سكنية ثم بيعها ، وربحنا في تلك الصفقة 3. ألف دينار ، ثم توسع العمل بعد ذلك فاستدعينا كامل رأس المال وأخذنا نتوسع في القنوات الاستثمارية ، وانقلنا إلى مكتب في شارع أحمد الجابر تابع لأملاك الدولة لمقابلة الازدياد في أعداد الموظفين والموظفات والمراجعين ، وقد أبلى الأخوة بلاءً حسناً .
أجواء العمل في سنوات البداية
كنا نسبح ضد التيار ، لذا فقد كنا نحتاج من بعد توفيق الله تعالى إلى سواعد قوية لاجتياز تلك المرحلة ، وقد كانت الإدارة حريصة منذ البداية على انتقاء الموظفين من أهل الكفاءة والمؤهلات العلمية المتازة ومن أهل الإيمان بمنهجية العمل وفكرة الرسالة ولكون العنصر البشري مهم جداً لحمل هذه الرسالة ، فان توفيق الله سبحانه وتعالى للبيت كان واضحاً في هذا الجانب ولله الحمد ، وكنا كذلك نسبح ضد التيار العالمي وليس المحلي فحسب . فقد وصلتني مقولات من المناوئين لفكرة البنوك الإسلامية بان تجربة بيت التمويل الكويتي ستفشل في غضون ستة أشهر ، ولكن لله الحمد فقد زاد رسوخها ، بل هي في نجاح مستمر حتى عمت المعمورة ، وقد بلغني الآن أنه في بنك بنغلاديش الإسلامي الذي أسسه بيت التمويل الكويتي بالمشاركة مع مؤسسات مصرفية إسلامية زميلة ، بلغ عدد فروعه 115 فرعاً ، في حين تأسست المصارف الإسلامية تباعاً في كل من تركيا وماليزيا ومصر وكثير من البلاد الإسلامية تثقيف موظفي البيت بالثقافة الشرعية :
لقد كان على البيت التمويل الكويتي في مرحلة التأسيس تثقيف الموظفين بالثقافة الاقتصادية الإسلامية . لأن عليهم بدورهم تثقيف المتعالمين معهم بهذه الثقافة . لهذا كان على بيت التمويل الكويتي التوسع في هذا . وفي الناحية الإعلامية العملية علاوة على النظرية . فبعد أن دارت الأعمال بنجاح ولله الحمد . اضطر البيت إلى استئجار مبنى أكبر من مبنى أملاك الدولة الذي جرى فيه التأسيس . فكان أن استأجرنا المقر الرئيسي السابق في مركز عماد التجاري . وهناك أيضاً شهد البيت توسعاً جديداً في الأعمال التجارية والعقارية حتى ضاق بشاغلية . فقمنا ببناء المنى الرئيسي الحالي .
عدد الموظفين حالياً في البيت :
وصل عدد الموظفين أكثر من 12.. موظف . ووصل إجمالي أصول البيت إلى أكثر من15.. مليون دينار كويتي . وهي في ازدياد الآن ولله الحمد .
نجاح بيت التمويل الكويتي
زيَّن نجاح بيت التمويل الكويتي تواضع العاملين فيه . وعدم التفاتهم إلى المشوشين المنتقدين غير الموضوعيين . كما استفادوا من الإرشادات والتوجيهات من أهل الخبرة والمعرفة وكذلك من ملاحظات المنتقدين الموضوعيين .
هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في بيت التمويل الكويتي :
كان لزاماً على بيت التمويل الكويتي إنشاء هيئة رقابة شرعية لتثقيف موظفية في كافة الجوانب الشرعية للبيوع والمعاملات وتيسير الدرب لهم فيما يستجد من أعمال في مسيرة البيت . فكان المستشار لبيت التمويل الكويتي فضلة الشيخ بدر المتولي عبد الباسط - نعم المعين ونعم المستشار - في هذا الصدد . نرجو له المثوبة والصحة والعافية . فقد وضع فضيلة الشيخ بدر القواعد والأسس التي أصبحت مرجعاً فيما بعد لكل من يريد تأسيس مصرف إسلامي . وتم إصدار مئات الفتاوي في عدة مجلدات في متناول جميع المهتمين والمتعاملين .
كما أقام بيت التمويل الكويتي دورات تدربية في المجال الاقتصادي الإسلامي . وعقد عدة ندوات فقهية ومؤتمرات تصبح في صالح الثقافة والاقتصاد الإسلاميين ولله الحمد والمنة .
دور بيت التمويل الكويتي في ظهور المؤسسات المالية الإسلامية الحالية في البلاد
بعد أن ترسخت المعرفة والخبرة في مجال العمل المصرفي والمالي الإسلامي ، أصبح في ميسور الشباب العا ملين في البيت التمويل الكويتي أن يؤسسوا بأنفسهم شركات أو مصارف إسلامية . لقد كنت أخاطب أولئك الشباب من أبناء بيت التمويل الكويتي منذ البدايات قائلاً (( آمل أن يأتي اليوم الذي يستطيع فيه كل واحد منكم أن يقود مؤسسة أو بنكاً إسلامياً )) ، وقد تحقيق هذا و الحمد لله .
إن أولئك الشباب الآن يتطورون ويواصلون الدرب من خلال مؤسساتهم المالية والإسلامية التي يتجاوز عددها العشر مؤسسات في الكويت الآن . وهي في تزايد ونمو مستمرين في المنطقة وكافة أنحاء العالم الإسلامي بل وحتى في الدول الأجنبية حتى صادرات المؤسسات المصرفية الإسلامية تدير أموالاً تناهز 2.. بليون دولار حالياً . كل هذا يدل على سلام المنهج وتوفيق الله سبحانه للمديرين في حسن الإدارة . ونأمل الآن أن تقوم بعد هذه المؤسسات المالية الإسلامية مؤسسات أخرى متخصصة في التأمين التعاوني القائم على صيغ مشروعة حتى تلبي حاجة المتعاملين في هذا القطاع الهام . انتهت سيرته الطيبة التي ما أحوج لقراءتها في هذه الأيام المشهودة بالتوسع للعمل المصرفي الإسلامي وكيف كانوا قديماً يبذلون من وقتهم وجهدهم الغالي والنفيس فقط حتى يتم إنشاء بنك إسلامي واحد . ولمزيد من الإطلاع يمكنكم الرجوع إلى كتاب : العمل المصرفي الإسلامي تجارب ونصائح ، للشيخ أحمد بزيع الياسين ، تقديم الشيخ عجيل النشمي .
عندما نريد التحدث عن تجربة العمل المالي الاسلامي او تراودنا استفسارات نبحث عن اجوبة واقعية وعملية عنها، فنحن امام خيارات محدودة في هذا المجال.
غير اننا سرعان ما نجد ضالتنا في احد ابرز الذين عايشوا التجربة في بدايتها الاولية وهي في المهد الا وهو الشيخ احمد بزيع الياسين الذي يعد احد رموز العمل المالي الاسلامي المصرفي ليس على المستوى المحلي وحسب بل على المستويين العربي بعامة والخليجي بخاصة.
فالرجل كانت له اسهاماته الواضحة في توجيه التجربة نحو الطريق الصحيح، ولا يزال مع اقرانه من العلماء والمعنيين بصناعة المال الاسلامية في جهد مستمر، لتوفيق الادوات المالية المصرفية مع احكام الشريعة الاسلامية، وارساء قواعد التجربة وغرس جذورها.
حمل عبء الدفاع عن تجربة العمل المالي الاسلامي في وجه منتقديه، ليكون احد المراجع 'الدسمة' وصاحب آراء معتدلة في معالجة قضايا وأوجه الاختلاف.. وهكذا، فعندما نتحدث عن المصارف الاسلامية والهيئات الشرعية، لا بد لنا من تذكر الياسين، لتعدد اسهاماته وبروز بصماته الواضحة في مسيرتها.
الكل يعلم كم هو نادر ظهوره الإعلامي وكم هي قليلة تصريحاته وحواراته الصحفية، لكنه في المقابل جاد وواضح وحاد البصيرة في اجاباته التي تتعلق بحكمة الشريعة والإسلام أو في ما يتعلق بمختلف القضايا التي يتم طرحها عليه.
وفي حواره مع 'القبس' أكد الشيخ ان العمل الإسلامي المصرفي والاستثماري ليس للتجربة بل للتنفيذ، وعلى المشككين فيه الاقتناع بالتجربة التي نجحت والا فليبقوا كما هم حتى يفتح الله بصيرتهم، متمنيا ان تعم المعاملات المشروعة المعمورة كلها لإنهاء حالة الفتن والحروب في العالم التي باعتقاده ناشئة عن معاملات الربا المنتشرة في كل زاوية وركن.
ورأى الياسين انه ليس كل اعمال البنوك التجارية التقليدية محرمة، بل هناك ما هو حلال ويتم التعامل به من دون وجل، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن حوالي 4.. مليار دولار تدار حاليا حسب الشريعة الإسلامية في الأسواق المحلية والاقليمية والاسلامية والعالمية، داعيا أصحاب البنوك التقليدية لتطبيق الشريعة وإدارة عملياتهم وفقها.
وقال ان الفتاوى واحدة، لأن الدين واحد، واختلافها بين مكان وآخر يعود في رأيه ليس على صاحب الفتوى، بل بتوضيح العملية وحقيقة السؤال كما ينبغي، مشددا على ان النظام الإسلامي والمالي بفقه المعاملات واحد وليس فكرا بل عقيدة، والاجتهادات هي ما تسبب بعض الفروقات والاختلافات السطحية.
رؤية الشيخ الياسين في العمل المالي الإسلامي
ويرى الشيخ الياسين ان العمل المالي الإسلامي في تقدم لا نظير له، بينما التقليدي أخذ مكانه بالانحسار، داعيا الى زيادة أعداد المصارف والشركات الإسلامية، خاصة مع قدرة الكويت واستيعابها لان تصبح مركزا في هذا المجال..
- وهنا نص الحوار:
بداية، حدثنا عن تجربة العمل المالي الإسلامي في الكويت؟
في الأربعينات كان يوجد في الكويت بنك تقليدي واحد، وكنت قد تخرجت في المدرسة المباركية عام 1942 من الثاني الثانوي الذي لم يكن يوجد أعلى منه في ذلك الوقت، وانخرطت في العمل الإداري عند احد أعمامي في السوق التجاري ككاتب حسابات، لأدرك من خلال ممارسة هذا العمل حاجة الوطن الى بنوك لا تتعامل بالفائدة. وفي اوائل الخمسينات ذهبت إلى مدير هذا البنك وكان أجنبيا لأطلب منه فتح حساب استثماري لمشروع إسلامي، ولم يجبني الا بابتسامة صفراء، وهذا البنك الآن، والحمد لله، يحاول ممارسة أعماله المصرفية والاستثمارية نحو فتح منفذ إسلامي له بعد حوالي 54 عاما من هذا الحادث. وفي عام 1977 صدر مرسوم أميري لإنشاء بيت التمويل الكويتي ليمارس العمل في بداية عام 1978 برأسمال 1. ملايين دينار، حيث كنت اعتقد انه اذا أتى عملاء لا يتجاوز عددهم الألفين في السنة الأولى فسيكون منهجا ناجحا ومرغوبا، ولكن هذا العدد جاء في الأسبوع الأول وتوالت الزيادة.
- معوقات البداية :
وككل الأعمال لا بد في البداية من مواجهة شيء من المعوقات وكان من أهمها الثقافة المالية الإسلامية المخزونة في الكتب لتأتي البنوك الإسلامية لتخرجها حية في سوق التعامل بعد نزعها محور الربا منها، والآن وصل عدد المحاور الشرعية الى ما يزيد على 4. بدلا من الربا، علما بأن الكويت كانت سباقة في نشر البنود الاسلامية لما لها من صدى في عقيدة المجتمع.
والمحاور الشرعية اهمها محور البيع بجميع انواعه المشروعة والاجارة والشركات المشروعة، مع الوكالة والخدمات والصرف المشروع، وكمثال قام بيت التمويل الكويتي بممارسة هذه المحاور وبدأ عمله بمليونين ونصف المليون من اصل الملايين العشرة وبعد مرور ثلاثين عاما وصل عمود الميزانية للموجودات الى 5 مليارات دينار حتى نهاية العام الماضي ،2..6 لتوزع النتائج الربحية على الوديعة الاستثمارية المستمرة المطلقة بنسبة 8.458% ربح المساهمين في الاسهم، 15% منحة و57 فلسا نقديا، ليصل بيت التمويل الكويتي الى الدرجة الاولى في السوق المصرفي بناء على هذه التوزيعات.
- نضوج التجربة :
برأيك هل نضجت التجربة بالكامل؟
- اولا اريد التأكيد على ان العمل الاسلامي المصرفي والاستثماري ليس للتجربة بل للتنفيذ، والتجربة هي لمزاولي العمل ومحاولة تعتيم مدى كفاءتهم لتحقيق النجاح في الاستثمار وفق الشريعة الاسلامية، والحمد لله وبعد هذه المسيرة التي ستتواصل يظهر انهم قد اثبتوا نجاحهم وتفوقهم. أمنية.. لو تتحقق :
ما الطموح الذي كنت ترغب او تتمنى ان يتحقق ولم يحدث حتى الآن؟
- كنت ارجو واتمنى ان تعم المعاملات المشروعة المعمورة كلها لأنني اعتقد واؤمن بأن الفتن الموجودة في العالم والحروب وسفك الدماء نتيجة للربا المنتشر في كل زاوية وكل ركن، والله سبحانه وتعالى اعلن الحرب في القرآن على المتعاملين بالربا، والرسول عليه الصلاة والسلام لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، لما فيه من ظلم فادح على البشرية، حيث ان المدين الذي حصل له عسر تتراكم عليه الفائدة حتى يفي بدينه او يعلن افلاسه، وهذا الاعلان فيه خدش لكرامة الانسان.
- رد على المشككين :
بماذا ترد على المشككين في ان العمل المالي الاسلامي ليس خالصا؟
- المشكك الذي يريد ان يفهم اقتنع من التجربة والعمل خلال ثلاثين عاما مضت، اما الآخرون فسيظلون كما هم حتى يفتح الله بصيرتهم، ونحن نرد عليهم بالافعال لا بالاقوال.
- بين التقليدي والشرعي :
بنوك محلية تقليدية تقول ان عمليات وحسابات الشركات الاسلامية تتم لديها، كيف ذلك؟
وما حدود التعامل مع المؤسسات التقليدية في تلك الجوانب؟
البنوك التقليدية سواء في الكويت او غيرها تتعامل مع المؤسسات والشركات الاسلامية حسب المنهج الشرعي وليس بحسب المعاملات التقليدية الربوية، وهو امر جائز لا خلاف فيه.
نريد رأيا قاطعا وصريحا: هل العمل المالي التقليدي حرام؟
العمل التقليدي في البنوك فيه ما هو حلال وما هو حرام، فالخدمات المصرفية والاجور عليها والصرف الفوري (تحويل العملات الفوري) جائز، بينما الزيادة في الاقراض على رأس المال لفترة معينة فهذا الربا بعينه وهو الممنوع شرعا. والان يوجد ما يقارب من 4.. مليار دولار في السوق المحلي والاقليمي والاسلامي والعالمي تدار حسب الشريعة الاسلامية، ومن الملاحظ في المؤتمرات ان اصحاب البنوك التقليدية يحرصون على حضورها للاستفادة من اسباب نجاحات البنوك الاسلامية في استقطاب هذا المبلغ الكبير، واعتقد انهم وجدوا المنهج الذي في صالح البشرية كلها لو تم تطبيقه لكونه يعالج كثيرا من الامراض الاجتماعية والنفسية والمالية.
- الفتاوى :
لاحظ مراقبون ان هناك اختلافا في الفتاوى بين بنوك ومؤسسات مالية واخرى.. كيف ذلك والدين واحد؟
الفتوى هي استنباط الاحكام من الكتاب والسنة، وهنا في مجال المال نتحدث عن الاستثمار، والمفتي يدلي برأيه حسب فقهه واجتهاده وتصوره للسؤال، فقد يكون السائل لا يأتي بالحقيقة العملية كما ينبغي، لذا العلة ليست بالفتوى وانما في توضيح صورة السؤال، وفي فهم السائل بمنطق الصورة الحقيقية، اما المفتون فتختارهم المؤسسات من الفقهاء المعروفين بعلمهم ونزاهتهم واجتهادهم.
يقال ان العمولات والعائد الذي تحصل عليه البنوك والمؤسسات الاسلامية اعلى من التقليدية..
لماذا؟
كلام غير صحيح، ولو كان حقيقيا لما كثر متعاملو البنوك الاسلامية وزاد اقبالهم، وانا شخصيا دققت في هذا الامر ووجدت ان العكس هو الصحيح، فالمصارف الاسلامية اقل تكلفة من التقليدية وارباحها مقبولة، وتحقيق الارباح ينتج اولا من توفيق الله ومن الجدية في العمل والزيادة في النشاط.
- عقيدة :
هل من خطورة على ان يدار العمل المالي والاسلامي بفكر واحد؟
النظام الاسلامي والمالي بفقه المعاملات واحد فكرا بل عقيدة وتطبيق ذلك عن طريق المعاملة هو الذي تم ويتم، والاسلام واحد والاجتهادات في فهم النصوص من الكتاب والسنة هو ما يسبب بعض الفروقات والاختلافات السطحية ولكن لا علاقة لها بالجوهر.
كثيرا ما نسمع عن اتهام اللجان الشرعية كما مدققي الحسابات بانهم واجهة لتنفيذ مطالب ادارات الشركات والبنوك الاسلامية.. بماذا ترد؟ هذا هراء، وانا في اكثر من هيئة شرعية ولم أجد لمثل هذه التهم نصيبا من الصحة.
كيف ترى مستقبل العمل المالي الاسلامي مقابل التقليدي؟
حسبما تبين بوضوح، فإن العمل الاسلامي في تقدم لا نظير له، بينما التقليدي في انكماش وانحسار والدليل على ذلك ان كثيرا من البنوك التقليدية تحولت الى اسلامية، وهو امر اصبح معروفا محليا وعربيا واسلاميا.
- البنك العقاري :
ما رأيك باتهام القائمين على البنك العقاري بأنه اصبح محسوبا على طائفة بعينها؟
- البنك العقاري كويتي للجميع وليس محسوبا على طائفة دون الاخرى، ونحن هنا شعب واحد نتعامل معا بخلق رفيع وعال دون نظر الى المذاهب، وبيننا كمواطنين على اختلاف اجتهاداتنا محبة وتعاون والفة، ومن يدرس تاريخ الكويت القديم ويتابع الحديث منه يعلم ويتأكد من ذلك. الى اي مدى يستوعب السوق الكويتي بنوكا اسلامية اخرى؟
- تحرص الكويت حكومة وشعبا ان تكون مركزا ماليا مرموقا في العالم، ولذلك يستطيع الوطن استيعاب الاعداد الكثيرة من المصارف والشركات الاسلامية، حيث ان اعمالها ممتدة حول العالم كله وليس محليا فقط.
- كلمة أخيرة :
هل من كلمة أخيرة توجهها؟
- الكلمة الاخيرة التي اوجهها للعالم كله شرقه وغربه وبالاخص العالم الاسلامي ان يتقوا الله بأنفسهم ويلتزموا الحق والعدل والاحسان وينتهوا عن الفحشاء والمنكر والبغي.
من هو؟
الشيخ ياسين من مواليد عام 1928 (1346 ه)، دخل الكتاب وعمره اربع سنوات، ليتخرج منه في التاسعة من عمره، دخل المدرسة المباركية عام 1937 بحصيلة جيدة من التعليم الابتدائي استقاها من مدرسة الكتاب، حتى انه حين دخل المرحلة الابتدائية واختبره ناظر المدرسة قام بنقله الى الصف الرابع متوسط/ج مباشرة، ليبدأ الدراسة من ذلك الصف، وبقي الياسين حتى عام 1942 ليتخرج بعده من الصف الثاني الثانوي.
رحلته الاولى الى الحج كانت في عام 1946 عاد بعدها ليعمل لحسابه الخاص متنقلا ما بين الكويت والهند لمدة سنتين ثم عمل في عام 1948 مع عبدالعزيز علي المطوع حتى عام 1972 متنقلا في الوظيفة ليصبح مديرا لاعماله في الكويت والسعودية، كما انضم الى غرفة التجارة والصناعة عام ،197. واصبح عضوا في مجلس ادارة بنك الكويت المركزي منذ تأسيسه، حين لم تكن الفائدة البنكية من اختصاصه في ذلك الوقت لكنه عندما تم اسناد تحديد سعرها اليه اعتزل العمل.
وفي سبعينات القرن الماضي عمل الياسين في جمعيات النفع العام رئيسا في بعضها وعضوا في البعض الاخر، وفي تلك الفترة سعى الى تأسيس شركة او بنك على النهج الاسلامي.
- 'الياسين' وبيت التمويل الكويتي :
حين كان الشيخ عضوا في مجلس ادارة بنك الكويت المركزي قام في احدى جلسات الادارة بطرح موضوع ضرورة انشاء مصارف اسلامية في ذلك الوقت، ليوافقوا على ذلك على ان يتم تأجيلها لجلسة مقبلة، ولكنه عاد في بداية السبعينات وطرح فكرة تأسيس بيت تمويل اسلامي ليستحسن وزير المالية آنذاك عبدالرحمن سالم العتيقي الفكرة ليتم تأسيس بيت التمويل الكويتي ويكلف بالعمل فيه عقب مشاركة بعض الكويتيين ووزارة المالية في تأسيس بنك دبي الاسلامي بالتعاون مع الشيخ سعيد احمد لوتاه.
وتم التأسيس عام 1977 وبدأ العمل في بيت التمويل الكويتي يوم 1978/8/28 حيث ساهم الياسين الذي شغل منصب رئيس مجلس الادارة فيه منذ انشائه وحتى عام 1993 في دعم الاقتصاد الوطني والخليجي وزيادة رأس مال عدد من الشركات التابعة والزميلة بهدف التوسع بقوة في الاستثمارات عامة وتحديدا القطاع العقاري.
- مشاركات سياسية :
السياسة في حياة الشيخ كان لها دور كبير من خلال خوضه انتخابات مجلس الامة ثلاث مرات، الاولى كانت عام 1963 حصل فيها على المركز العاشر، والثانية حصل فيها على المركز الرابع عشر عام ،1967 بينما كان من نصيب المركز السادس في المرة الثالثة عام 1975.
- نكتة لا تستحق الرد :
تعليقا على من يصف العمل المالي الاسلامي بأنه عمل تقليدي بعمامة لا اكثر، قال الشيخ احمد بزيع الياسين: هذه نكتة يجاوب عليها صاحبها، ولا اريد الرد على هؤلاء فهم أعلم بنياتهم واستهزائهم بالشريعة ومعاملاتها.
- القوي.. والأمين :
سألنا الشيخ الياسين عن المؤهلات الواجب توافرها في الموظفين الذين يعملون في البنوك الاسلامية، فقال:
تعتمد البنوك الاسلامية على الموظف الذي يتصف بالعفة والامان وفي الحفظ والعلم، انطلاقا من مفهوم الاية الكريمة 'ان خير من استأجرت القوي الامين' والآية الثانية 'اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم' والذي يتصف بالقيم الفاضلة والاخلاق النبيلة العالية علاوة على المفهوم الفني لكل وظيفة يحسبها وهناك دروس ومؤتمرات وندوات تعمق المفاهيم الاخلاقية للموظفين بشكل مستمر ودوري، ويجب ان يكون الموظف مؤمنا بالعمل الذي يقوم به كعقيدة وهذا من الاسباب التي وفق الله الموظفين بها وتكللت مساعيهم بالنجاح، والنجاحات التي مرت في المقدمة تعزى اولا واخيرا لسلامة المنهج الرباني، وحسن الادارة من قبل الموظفين على اختلاف مواقعهم من العمل. وهذا الذي يبشر بالخير.
والان اود القول من ناحية اجتماعية عالجت البنوك الاسلامية البطالة، حيث ان هناك عشرات الالوف من الموظفين يعملون فيها، فمثلا في بنغلادش فتح بنكا اسلاميا ولهذا البنك 15. ـ 16. فرعا وفي تركيا فتحت بنوك اسلامية، وللبنك الكويتي التركي ما يقارب 6. فرعا، علاوة على البنوك الاسلامية الاخرى وفروعها في العالمين العربي والاسلامي.
وسيتم قريبا فتح بنوك في البحرين، سوريا، وهكذا يعم المنهج الاسلامي البلاد العربية والاسلامية.
- وفاته
انتقل إلى رحمة الله فضيلة الشيخ / أحمد بزيع الياسين رائد العمل المصرفي الإسلامي ومؤسس بيت التمويل الكويتي . مساء الخميس 8 / 9 / 2.11 " ليلة الجمعة " عن عمر يناهز 83 عاماً، حيث وافته المنية في العاصمة السويسرية جنيف