"هلال": أمورُ (الإخوانِ) تُدارُ بشفافيةٍ تامَّة
[11-01-2004]
المقدمة
لا توجد صراعات، وكل أمورنا تُدار بشفافية.
نمدُّ أيدينا للنظام، ونقول له: لسنا طلابَ حُكمٍ.
دعوة (الإخوان) لها ثوابت لا تتغير بتغير القيادة.
مكتب الإرشاد مُخوَّل في اختيار المرشد.
الحديث عن الإصلاح مجرد تخدير للمجتمع، والمجتمع يفقه ذلك جيدًا.
عادةً ما تكثر التساؤلات عقب فراغ منصب المرشد العام لجماعة (الإخوان المسلمين) عن المرشد القادم، وهل يختار هذا المرشد بآلية ديمقراطية، أم يُفرض على الجماعة؟
وللإجابة على هذه التساؤلات- التي يثيرها البعض- أجرينا هذا الحوار مع الأستاذ "محمد هلال" القائم بأعمال المرشد العام للجماعة لحين انتخاب مرشد جديد، فذكر لنا أن مكتب الإرشاد مخول وفقًا للائحة الداخلية إذا تعذر اجتماع مجلس الشورى العام للجماعة في ترشيح بعض الأسماء؛ ليختار منها من يشغل منصب المرشد العام للجماعة.
كما أكد لنا أنه لا توجد صراعات بين جيل الشباب والجيل الذي يصفه البعض بالحرس القديم، وأن ثلثي مكتب الإرشاد من الشباب يتعامل الجيل القديم معهم بكل حب وعطف أبوي، كما استبعد الأستاذ "هلال" أن يقتصر الترشيح لموقع المرشد على إخوان مصر فقط، وقال: "إن اللائحة الداخلية تسمح للإخوان من خارج مصر أن يترشحوا، إلا أنهم في الخارج يفضلون عادة أن يكون المرشد من داخل مصر".
تفاصيل الحوار
- في البداية نريد أن نتعرف على الآلية التي تم اختياركم بها قائمًا بأعمال المرشد؟
- لوائح (الإخوان) تنص على أنه: إذا خلا منصب المرشد العام للإخوان المسلمين لأي سبب من الأسباب، وإذا لم يكن هناك نواب للمرشد، يتمُّ اختيار أكبر الأعضاء الموجودين سنًّا للقيام بأعمال المرشد العام لحين اختيار المرشد الجديد، الذي يتم اختياره بعد ترشيحه من مصر ومن سائر البلدان الأخرى، خاصة أن اللائحة لا تنص على أن يكون المرشد العام من (الإخوان) المصريين، لكن ما جرى عليه العمل منذ الإمام "البنا"- رحمه الله- أن يكون المرشد من المصريين، وذلك راجع لعدة أسباب، منها: أن مصر نشأت بها دعوة (الإخوان) عام 1928م.
نائب المرشد
- هناك من ينتقد (الإخوان) من حين لآخر لعدم وجود نائبٍ للمرشد العام؟
- من حق المرشد طبقًا للوائح الجماعة أن يختار نائبًا أو أكثر، وقد كان الأستاذ "محمد المأمون الهضيبي"- رحمه الله- معنيًّا باختيار نواب له، إلا أنه أجَّل هذه الخطوة عدة مرات لظروف يراها هو، وقد وافق مكتب الإرشاد على التأجيل طبقًا لرغبة المرشد، وهذا حقه.
- ومن هو المخول بترشيح هذه الأسماء؟
- مجلس شورى الجماعة "مجلس الشورى العام"، وعدده أكثر من 75 عضوًا، وجمع هذا العدد في هذه الظروف صعب، خاصة أن النظام في مصر لا يألو جهدًا في استغلال أي فرصة لاختلاق قضايا كلها باطلة، وتقديمها للمحاكم العسكرية، ولعلكم تذكرون أنه في سنة 1995م اجتمع مجلس الشورى العام لاختيار أعضاء مكتب الإرشاد، وكان الأستاذ "حامد أبو النصر"- المرشد العام- وكانت النتيجة أن قدمت عدة قضايا للمحاكم العسكرية، وترتب عليها أن كثيرًا من (الإخوان) تم الحكم عليهم بخمس سنوات، والبعض الآخر بثلاث سنوات أمام المحاكم العسكرية، التي ليس لها أي اختصاص؛ فهم مجرد (عساكر) يتبعون رئيس الجمهورية، لكن هذا هو شأن مصر!.
- إذًا اجتماع مجلس شورى الجماعة في مصر في هذه الظروف لا يمكن أن يتحقق، وهنا تنص لائحة الجماعة على أنه: "إذا تعذر اجتماع مجلس شورى الجماعة، وكانت هناك ظروف تمنع هذا الاجتماع، فلمكتب الإرشاد كل صلاحيات مجلس الشورى"؛ لأن (الإخوان) لن يعطوا النظام فرصة لتقديم مجموعات جديدة إلى القضاء العسكري.
- هل قام المكتب حاليًا بترشيح الأسماء؟
- هذا السؤال سابق لأوانه، إخواننا في مكتب الإرشاد العالمي وفي مجلس الشورى العالمي اتصلوا بنا للعزاء في فقيد الأمة المستشار "محمد المأمون الهضيبي"، وهناك فرصة شهران- وفقًا للائحة الداخلية- ليتمَّ ترشيح المرشد من داخل مصر أو من خارجها.
- ونحن موجودون هذه الأيام بصورة دائمة؛ للتشاور وسط روح تتصف بالشفافية والإخلاص، وأحسب أن الإخوة في مكتب الإرشاد يبدون إنكار الذات، ويحاول كل منهم التصريح بعدم رغبته في هذا المنصب، وكل ما يطلبونه أن يكون كل منهم عضوًا عاملاً في (الإخوان المسلمين)، ومطروح على مكتب الإرشاد كل الأسماء على أن تكون هذه الأسماء مستوفية للشروط المنصوص عليها في لائحة (الإخوان المسلمين).
- لكن هناك من يرى أن هناك صراعات بين الأجيال داخل جماعة (الإخوان المسلمين)؟
- كل ما يدعيه البعض عن وجود خلافات وصراعات بين ما أسماه البعض بـ"الحرس القديم" و"جيل الشباب"، هو مجرد كلام، ولا يتصل بالحقيقة، فبيننا الحب والأخوة، وكل من فينا لا يطلب لنفسه منصبًا، ولا يزكي نفسه، ولكن إذا كلف فهو يسمع ويطيع؛ لأن هذا الأمر ليس مغنمًا.
- ونقول للإخوان: اطمئنوا، ليس هناك خلافات، وليس بيننا من يطمع في هذا المنصب؛ لأننا- والحمد لله رب العالمين- قوم بايعنا اللهَ تبارك وتعالى على هذه الدعوة، ونرجو أن نلقاه ونحن على عهدنا معه إلى يوم القيامة.
- رغم نفي (الإخوان) المستمر لوجود أي صراعات داخل الجماعة، فإن هناك إصرارًا من البعض على التأكيد على وجود هذه الصراعات؛ فما تفسيركم لذلك؟
- يا أخي الكريم، أقول لك: إنه لا توجد صراعات أو دسائس، وكل أمورنا تدار بشفافية، نحاول من خلالها أن نرضي الله.. الناس مشغولون بنا- جزاهم الله خيرًا- وأطمئنهم لا خلافات، ولا حرب، بل إن مكتب الإرشاد به مجموعة من الشباب ضعف الشيوخ، ونحن في غاية الألفة والسعادة والحب؛ هم يحبوننا، ويعتبروننا كآباء لهم، ونحن نحبهم كأبناء لنا أعزاء علينا، ونفديهم بأرواحنا، ونريد أن نريح الناس، ولا ينشغلوا بنا، وأن يدعوا لنا بأن يرفع الله عنا الظلم من النظام القائم، الذي ندعو له بالهداية، ونمد أيدينا له ونقول له: لسنا طلاب حكم، أو طلاب مناصب، وكل ما هنالك وما نريد أن اتركونا نؤدي دعوتنا، ونربي الشباب.
- وللعلم، فإن التضييق على الشباب من الجنسين يؤدي إلى عكس ما يهدفون، ففي العشر الأواخر من رمضان شهدت المساجد إقبال كثيرٍ من الشباب؛ نتيجة للتضييق على الإسلام، فهذه دعوة الله، ونحن على يقين بأن النصر آتٍ لا ريب فيه، والإسلام قادم، وهذا أمر لا خلاف عليه.
الأصلاح السياسي
- رغم حديث النظام عن وجود إصلاح سياسي، فإن الاعتقالات في صفوف (الإخوان) لا زالت مستمرة؛ فما تفسيركم؟
- لا أقول إن الحديث عن الإصلاح مجرد تخدير للمجتمع، فهم يضحكون على أنفسهم قبل أن يضحكوا على الناس، والمصريون ليسوا كما يتخيل الحكام أنهم أغبياء، فهم في غاية الذكاء، ومن أذكى شعوب العالم، ويعلمون أن هذه مجرد عملية تخدير في الظروف القاسية التي يمر بها حكام المنطقة، فقد شهدوا بأنفسهم مصرع بعض الأنظمة وتهديد البعض ممن كانوا يضحكون على شعوبهم، مثل: "القذافي"، الذي كان يعتبر نفسه خليفة "عبد الناصر"، والمسئول عن القومية العربية، والآن يمد يده للعدو الصهيوني، ويتعاون مع الولايات المتحدة.. قِس عليه في المغرب وتونس والجزائر، ويقيننا في الله- سبحانه وتعالى- أن الإسلام لابد أن ينتصر.
- البعض يرى أن سياسة جماعة (الإخوان المسلمين) تجاه النظام، وفي التعاون مع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، تتغير بتغير القيادة؛ فما رأيكم؟
- (الإخوان المسلمون) أصحاب دعوة، ليست حزبًا أو جماعة عديمة الرؤية، ولكن دعوة (الإخوان) منذ الإمام "البنا" لها ثوابت وقواعد لا تحيد عنها رغم تغير المرشدين، ففترة "حسن البنا" كانت فترة زمنية معينة، ثم جاء "حسن الهضيبي" وظنَّ البعض أن "حسن الهضيبي" لن يشغل كرسي "حسن البنا"، وكانت مقارنة ظالمة لاختلاف الظروف، ففترة "الهضيبي" كان مطلوب فيها رجل حاسم، معتدٌّ برأيه، قاضٍ يعرض عليه الطرفان فيفصل بينهما، فواجه جبروت "عبد الناصر"، وقابل الظلم، وسُجن سنين طويلة، ثم جاءت بعد ذلك فترة "التلمساني"- رحمه الله- وكانت فترة ربانية، اختص بها الله- سبحانه وتعالى- "التلمساني"، فكانت فترة تجميع، نجح فيها "التلمساني" أن ينقل معظم من كانوا في الجماعات الإسلامية إلى صفوف (الإخوان) ، وكان فضلاً ربانيًّا على هؤلاء الشباب؛ لأنه لم يكن لهم عَلَم يلتفون حوله، وكان من بينهم كل خيار الشباب الموجود الآن، ثم جاءت فترة الأستاذ "محمد حامد أبو النصر"- بعد أن قضى 25 عامًا في السجن- فقاد الجماعة، وكانت فترة تمكينٍ وجمعِ ولَمِّ الشمل.
المصدر
- حوار: "هلال": أمورُ (الإخوانِ) تُدارُ بشفافيةٍ تامَّة موقع اخوان اون لاين