الفرق بين المراجعتين لصفحة: «علي جريشة»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
(١٥ مراجعة متوسطة بواسطة ٤ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
<center>'''المستشار علي جريشة.. صفحة من الدعوة و[[الجهاد]]'''</center>
'''<center><font color="blue"><font size=5> علي جريشة.. في الزنزانة </font></font></center>'''
 
'''إعداد: موقع [[إخوان ويكي]] ([[ويكيبيديا الإخوان المسلمين]])'''
 
== مقدمة ==
 
تتزاحم الأيام بالأحداث الجسام وتتولى، ومع كل يوم نطالع نفقد احد علماء الأمة، بعد أن يكون قد أدى مهمته في الحياة، ولقد كان علي جريشة احد هؤلاء العلماء الذين ضحوا في سبيل دينهم حتى رحل عنا.
   
   
'''بقلم / السيد شعيب'''
== النشأة ==
 
[[ملف:المستشار-على-جريشة-1.jpg|تصغير|<center>[[علي جريشة|المستشار علي جريشة]]</center>]]
 
:ولد علي محمد جريشة، في إحدى قرى ديرب نجم ب[[الشرقية]] عام [[1935]]م؛ حيث التحق بكتاب القرية وتعلم فيه، غير أنه لم يستمر فيه كثير فالتحق بالتعليم، والتي دفعته للانتقال إلى [[القاهرة]] في بداية الخمسينيات، وكان سنه ثلاث عشرة سنةً حيث درس الثانوية العامة نظام '''(الـ5 سنوات)'''.
 
:التحق بكلية الحقوق جامعة [[القاهرة]]،  حيث تخرَّج في كلية الحقوق ليعيَّن وكيلاً للنائب العام في [[السويس]]، ثم انتقل ليعمل بمجلس الدولة لمدة 4 سنوات.
 
'''يقول [[سيد شعيب]]: '''
 
:ولم يقف عند حدود الإجازة، فتابع سبيله بالدراسات العليا في قسم الشريعة والقانون، ثم مضى في طريق التوسع حتى أحرز شهادة الدكتوراه في التخصص نفسه وكان ذلك عام [[1975]]م بعد مضي ثلاث عشرة سنة على تسجيله لها بسبب قضائه معظم هذه الفترة في غياهب سجون [[عبد الناصر]]، فلم يتح له حضور المناقشة إلا بعد مغادرته المعتقل إثر زوال الكابوس الكبير.
 
:تزوج وهو في الثامنة والعشرين حيث تزوج السيدة [[نوال محمد عبد الهادي]] وزفت له عام [[1963]]م، ورزق منها بمحمد هشام والذي ولد عام [[1964]]م دكتوراه في هندسة العمارة من ألمانيا ثم فاطمة عام [[1965]]م والتي حصلت على ليسانس حقوق ،ثم دعاء والتي جاءت بعد خروجه من المعتقل في عام [[1974]]م وحصلت على بكالوريوس علوم ثم عبدالله عام [[1976]]م وحاصل على بكالوريوس طب من ألمانيا ثم هاني عام [[1978]]م ثم شيماء [[1980]]م.


== مقدمة ==
== بين صفوف [[الإخوان]] ==
[[ملف:المستشار-على-جريشة-1.jpg|تصغير|<center>االمستشار [[علي جريشة]]</center>]]
لم تقف تركته عند حدود مواقف الثبات والصمود إزاء الظلم والطغيان، ولكنها امتدت إلى تراث فكري مميز، شكل إضافة كبيرة للمكتبة العربية والإسلامية، في التنظير للشريعة، ومواجهة التيارات المعادية للفكر الإسلامي وحضارته.


لكأنما أراد الله سبحانه ألا توافيه المنية حتى يشفي صدره من الأنظمة العربية الغابرة التي عاين سقوطها واحد تلو الآخر، قبل أن يتوفي المستشار الدكتور علي جريشة في صباح الأربعاء 27 [[أبريل]] الماضي.
:انتشرت دعوة [[الإخوان]] وسط المجتمع وكان من أسباب انتشارها حسن التنظيم والعمل داخل [[الإخوان|الجماعة]] وحسن فهمهم للإسلام الوسطي والعمل به، بالإضافة لتنظيم أنفسهم في أقسام متعددة وكان من أبرز هذه الأقسام قسم [[الجوالة]] والذي ظهر بمظهر طيب شجع الكثير على الالتحاق ب[[الإخوان|الجماعة]] بفضل تشكيلات [[الجوالة]] المنظمة ومنهم على جريشة.


وبالنظر لرصيده [[الجهاد]]ي والفكري، كان تصنيف المستشار جريشة مع شيخ [[الإسلام]] ابن تيمية وإمام أهل السنة أحمد بن حنبل، ومن قبلهما الإمام سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير رضي الله عنهم أجمعين.
'''يقول عن أول معرفته ب[[الإخوان]]''':


== نجم [[الشرقية]] ==
:بادئ معرفتي بهم كان عمري ما بين 10 و13، في بلد في السنبلاوين القريبة منا وتأثرت بهم في موقفين بارزين في حياتي.


ولد علي محمد جريشة، في إحدى قرى ديرب نجم ب[[الشرقية]] عام [[1935]]م؛ وقضى فترة طفولته وصباه في [[الشرقية]]، إلى أن انتقل إلى [[القاهرة]] في الخمسينيات، وكان سنه ثلاث عشرة سنةً ويدرس بالسنة الثانية الثانوية (نظام الـ5 سنوات).
:'''الموقف الأول''': شباب [[الإخوان]] الذين كانوا يطوفون القرية فجرًا وكان الجو شتاءً وبردًا قارسًا، ويهتفون: '''"الصلاة يا مؤمنين الصلاة"'''، وذلك في وقت وجود [[الإنجليز]]، وكانت الشعائر بدأت تُهجر أيضًا؛ حيث كان كشَّافة [[الإخوان]] يخرجون بزيٍّ موحَّدٍ ذي رباط أصفر، ويسيرون في طوابير وقائد الطابور أمامه أخ يحمل العلم الأخضر وعليه سيفين ومصحف والشعار ولفظ '''"وأعدوا"'''، وكان يمشي بخطوة منتظمة، ويهتف الهتافات الخمسة: الله غايتنا، ويبدأ وينتهي بـ'''"الله أكبر ولله الحمد"'''.


ويوضح رحمه الله أن أسرته رعته بعناية في فترتي الطفولة والشباب، فأهله يغلب عليهم الاشتغال بالعلم ويكثر فيهم العاملون في سلك التدريس، حيث كان أبوه من خريجي كلية دار العلوم جامعة [[القاهرة]]، ثم مدرسًا للغة العربية والدين في التعليم العام، كما كان متدينًا ومحبًّا للعربية، وله مؤلفات لم تطبع في السيرة وبخاصة حول زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان على شيء من الموهبة الشعرية إذ ترك عددًا من القصائد الشعرية.
:'''والثاني''': كان عمري 13 سنة وقامت حرب [[فلسطين]]، واستطاع الأستاذ [[حسن البنا]] وجنود [[الإخوان]] أن يلفتوا نظر الناس إلى قضية [[فلسطين]]، ولأول مرة يسمعون عن [[فلسطين]] في الوقت الذي كانوا فيه يسألون رئيس وزراء [[مصر]] عن القضية، فقال: '''"أنا رئيس وزراء [[مصر]] ولست رئيس وزراء [[فلسطين]]"'''، فطبعًا كانت الجولة الأولى إحياءً للقضية في مشاعر الناس في نفوسهم، ونجح فيها [[البنا]] إلى حدٍّ كبير.


وبدأ الدكتور علي جريشة دراسته الابتدائية في مسقط رأسه ديرب نجم، ولما انتقل إلى [[القاهرة]] كان قد استكمل تعليمه بإحدى مدارس الثانوية الحكومية حتى حصل على شهادتها، ثم التحق بكلية الحقوق جامعة [[القاهرة]]، ولم يقف عند حدود الإجازة، فتابع سبيله بالدراسات العليا في قسم الشريعة والقانون، ثم مضى في طريق التوسع حتى أحرز شهادة الدكتوراه في التخصص نفسه وكان ذلك عام [[1975]]م بعد مضي ثلاث عشرة سنة على تسجيله لها بسبب قضائه معظم هذه الفترة في غياهب سجون [[عبد الناصر]]، فلم يتح له حضور المناقشة إلا بعد مغادرته المعتقل إثر زوال الكابوس الكبير.
'''ويضيف: '''


== معرفته ب[[الإخوان]] ==
:تلا ذلك إرسال الكتائب إلى أرض [[فلسطين]]، وما بدأ يتردد حول بطولات [[الإخوان]] في [[فلسطين]]، وهو ما أثر فيَّ تأثيرًا كبيرًا، ثم وقع مقتل [[النقراشي]]، ثم الأستاذ الشهيد [[حسن البنا]]، وبعدها غيَّرنا سكننا إلى [[القاهرة]]؛ حيث بدأت معرفتي ب[[الإخوان]] معرفةً مباشرةً عن طريق المدرسة الثانوية التي كنت أدرس فيها قبل الجامعة.


أدى الانتشار الواسع [[للإخوان المسلمين]] لا سيما في فترة الأربعينيات من القرن العشرين إلى سهولة تعرفه عليهم والإعجاب بأفكارهم واعتناق مبادئهم والانضواء تحت رايتهم، لاسيما من قبل الشباب المتدين الذي يفيض حماسةً واعتزازًا ب[[الإسلام]].
:ثم تابعت جهاد [[الإخوان]] في القنال، وأثر فيَّ كثيرًا، ثم قرب نهاية مرحلة الجامعة مرَّت بي محنة 54، وكان لها التأثير البالغ والشديد في نفسي، خاصةً بعد تنفيذ حكم الإعدام فيمن نعده شهيد [[الإسلام]] [[عبد القادر عودة]]، ونطقت شعرًا في حينها؛


ولقد كان الدكتور علي جريشة واحدًا من هؤلاء الذين تعرفوا إلى [[الإخوان]] عن كثب حيث يقول عن أول معرفته ب[[الإخوان]]: بادئ معرفتي بهم كان عمري ما بين 10 و13، وتأثرت بهم في موقفين بارزين في حياتي.
:ثم تخرجت بعدها بعام واحد في كلية الحقوق وعملت وكيل نيابة ب[[السويس]]، وكان التأثير الإيجابي أني كنت أتخذ مواقف صارمة مع ضباط الشرطة إذا أخطئوا، وكنت أنال عقابي بقسوة، وكل ذلك كان قبل السجن الحربي، ثم انتقلت للعمل في مجلس الدولة، وبعد العمل به بـ4 سنوات شاء الله أن أكون مع الصالحين؛


ويضيف: '''الموقف الأول''': شباب [[الإخوان]] الذين كانوا يطوفون القرية فجرًا وكان الجو شتاءً وبردًا قارسًا، ويهتفون: "الصلاة يا مؤمنين الصلاة"، وذلك في وقت وجود الإنجليز، وكانت الشعائر بدأت تُهجر أيضًا؛ حيث كان كشَّافة [[الإخوان]] يخرجون بزيٍّ موحَّدٍ ذي رباط أصفر، ويسيرون في طوابير وقائد الطابور أمامه أخ يحمل العلم الأخضر وعليه سيفين ومصحف والشعار ولفظ "وأعدوا"، وكان يمشي بخطوة منتظمة، ويهتف الهتافات الخمسة: الله غايتنا، ويبدأ وينتهي بـ"الله أكبر ولله الحمد".
:حيث جاءت فترة البعثة، وهي اعتقالي لمدة 8 سنوات ما بين [[1965]] إلى [[1973]]م، وأثرت تأثيرًا كبيرًا في عقلي ونفسي وجسدي؛ حيث حققت فيها ما لم أحققه من قبل، وأسميها بالبعثة الربانية؛ حيث صفت نفسي أكثر وأكثر، وتلقيت الدروس الربانية، وتأثيرها الإيجابي 90% رغم أني كنت في استضافة الظلمة.


'''والثاني''': كان عمري 13 سنة وقامت حرب [[فلسطين]]، واستطاع الأستاذ [[حسن البنا]] وجنود [[الإخوان]] أن يلفتوا نظر الناس إلى قضية [[فلسطين]]، ولأول مرة يسمعون عن [[فلسطين]] في الوقت الذي كانوا فيه يسألون رئيس وزراء [[مصر]] عن القضية، فقال: "أنا رئيس وزراء [[مصر]] ولست رئيس وزراء [[فلسطين]]"، فطبعًا كانت الجولة الأولى إحياءً للقضية في مشاعر الناس في نفوسهم، ونجح فيها [[البنا]] إلى حدٍّ كبير.
'''ولقد تأثر الدكتور علي جريشة بعدد من الشخصيات كما يوضح [[سيد شعيب]] ذلك بقوله: '''


'''ويتابع''': تلا ذلك إرسال الكتائب إلى أرض [[فلسطين]]، وما بدأ يتردد حول بطولات [[الإخوان]] في [[فلسطين]]، وهو ما أثر فيَّ تأثيرًا كبيرًا، ثم وقع مقتل [[النقراشي]]، ثم الأستاذ الشهيد [[حسن البنا]]، وبعدها غيَّرنا سكننا إلى [[القاهرة]]؛ حيث بدأت معرفتي ب[[الإخوان]] معرفةً مباشرةً عن طريق المدرسة الثانوية التي كنت أدرس فيها قبل الجامعة.
:والده الذي تلقى عنه أوليات التوجيهات العلمية مربيًا ومدرسًا فوضع في نفسه البذور التي لا يزايل آثاره كيانه، ويلي والده مدرس له في الفترة الابتدائية هو الأستاذ [[محمد عبد الحليم أحمد]] الذي يقول عنه:


ويستطرد قائلاً: ثم تابعت جهاد [[الإخوان]] في القنال، وأثر فيَّ كثيرًا، ثم قرب نهاية مرحلة الجامعة مرَّت بي محنة 54، وكان لها التأثير البالغ والشديد في نفسي، خاصةً بعد تنفيذ حكم الإعدام فيمن نعده شهيد [[الإسلام]] [[عبد القادر عودة]]، ونطقت شعرًا في حينها، ثم تخرجت بعدها بعام واحد في كلية الحقوق وعملت وكيل نيابة ب[[السويس]]، وكان التأثير الإيجابي أني كنت أتخذ مواقف صارمة مع ضباط الشرطة إذا أخطئوا، وكنت أنال عقابي بقسوة، وكل ذلك كان قبل السجن الحربي، ثم انتقلت للعمل في مجلس الدولة، وبعد العمل به بـ4 سنوات شاء الله أن أكون مع الصالحين؛ حيث جاءت فترة البعثة، وهي اعتقالي لمدة 8 سنوات ما بين [[1965]] إلى [[1973]]م، وأثرت تأثيرًا كبيرًا في عقلي ونفسي وجسدي؛ حيث حققت فيها ما لم أحققه من قبل، وأسميها بالبعثة الربانية؛ حيث صفت نفسي أكثر وأكثر، وتلقيت الدروس الربانية، وتأثيرها الإيجابي 90% رغم أني كنت في استضافة الظلمة.
:إنه كان أحد زملاء الشهيد [[حسن البنا]]، وقد ترك في نفسه أثرًا عميقًا بما كان يتصف به من الفضائل الحميدة التي تجعل منه قدوة حسنة لتلاميذه، ومن أساتذته بالثانوية الأستاذ [[عبد العزيز خليل]] المدرس الأول الذي بسبب التزامه وحرصه على التزام الفصحى كان له مع والده أكبر الفضل في تحبيبه في لغة القرآن الكريم.


== رجال في حياتي ==
:أما في المرحلة الجامعية فقد أشاد بكل من العلامتين [[عبد الوهاب خلاف]] والشيخ [[محمد أبو زهرة]] في الجانب الديني من عقله وقلبه، وفي الجانب الفكري والعلمي أشاد بالدكتور [[عبد الفتاح عبد الباقي]] والدكتور [[محسن شفيق]] والدكتور [[سيد صبري]] وغيرهم.


وعن الرجال الأكثر تأثيرًا في حياته ذكر المستشار جريشة: والده الذي تلقى عنه أوليات التوجيهات العلمية مربيًا ومدرسًا فوضع في نفسه البذور التي لا يزايل آثاره كيانه، ويلي والده مدرس له في الفترة الابتدائية هو الأستاذ [[محمد عبد الحليم أحمد]] الذي يقول عنه: إنه كان أحد زملاء الشهيد [[حسن البنا]]، وقد ترك في نفسه أثرًا عميقًا بما كان يتصف به من الفضائل الحميدة التي تجعل منه قدوة حسنة لتلاميذه، ومن أساتذته بالثانوية الأستاذ [[عبد العزيز خليل]] المدرس الأول الذي بسبب التزامه وحرصه على التزام الفصحى كان له مع والده أكبر الفضل في تحبيبه في لغة القرآن الكريم.
== في آتون المحنة ==


أما في المرحلة الجامعية فقد أشاد بكل من العلامتين [[عبد الوهاب خلاف]] والشيخ [[محمد أبو زهرة]] في الجانب الديني من عقله وقلبه، وفي الجانب الفكري والعلمي أشاد بالدكتور [[عبد الفتاح عبد الباقي]] والدكتور [[محسن شفيق]] والدكتور [[سيد صبري]] وغيرهم.
:أعلن [[عبد الناصر]] في [[1965]]م اكتشاف تنظيم جديد [[للإخوان المسلمين]] فأصدر قرارا باعتقال الجميع وكل من سبق اعتقاله، وتعرض [[الإخوان]] للتعذيب الرهيب الذي لم يلقوه من قبل، وكان هذا أول اعتقال للمستشار علي جريشة حيث اعتقل في في ليلة من ليالي شهر [[أغسطس]] وعلى الأخص 25 [[أغسطس]] [[1965]]م


أما العلوم المحبب دراستها لدى الدكتور علي جريشة فأهمها علم أصول الفقه، ويعلل ذلك بأنه علم لا مثيل له بين العلوم الوضعية والغربية إذ يقدم الميزان الدقيق لرجل الفقه ورجل القضاء فيمكنها من إصدار الحكم الصحيح على الأشياء، ويلي ذلك بنظره علم السياسة الشرعية وما يقابلها في الغرب من الفقه الدستوري ويقول: إن أولى مطالعاته في هذا الفن كتاب السياسة الشرعية لشيخ [[الإسلام]] ابن تيمية ثم الأحكام السلطانية للماوردي.
:سمعت الزوجة ضربات عنيفة على الباب فلم تكن تتصور أن زوجها أحد أعضاء [[الإخوان المسلمين]] فلم تكتشف ذلك إلا في هذه الليلة التي هجم أوغاد المباحث العسكرية على حصنها واختطفوا من بين أحضانها وأحضان طفليها الزوج الكريم، وتعرض للتعذيب الشديد الذي لا يتحمله الرجال لولا فضل الله وقدم للمحاكمة وحكمت عليه بـ 12 سنة أشغالاً، وفي المعتقل كان كثير المشاغبة للحكومة بالقانون، بغية الحصول على امتيازات وانفراجات في المعاملة في السجن لإخوانه، فاعتبرته الحكومة مشاغباً، وقامت بنفيه وتغريبه إلى سجن [[قنا]]، بعد سجن الليمان، مما سببت مشقة على أسرته غير أن الزوجة كانت مثال المرأة الصابرة المتمسكة بقضاء ربها المحتسبة لربها فلم تجزع ولم تهرول تطالبه الانفصال بل كانت نعم السند في محنته، مما كانت لها أثرا عظيما على قلبه وثباته.


== المدرس العالم ==
'''وفي [[يناير]] [[1970]]م أرسل الزوجة تهنئة لزوجته بالعيد فقال لها:'''


اتجه الدكتور علي جريشة بعد مغادرته المعتقل إلى سلك التدريس والبحث العلمي، فبدأ بكلية الشريعة والقانون في [[الأزهر الشريف]]، وبعد عام انتقل إلى الرياض ليعمل في جامعتها ومن ثم إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة.
:'''«من محراب الحق الذي نقف فيه نعلن كلمة الله ونرجو من الله أن نكون ممن"يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" نبعث لأهل الحق وأنت منهم تهنئة الحب والوفاء وعهد الإخلاص والثبات'''.


ويقول الأستاذ الأديب [[محمد المجذوب]] وهو أحد الذين عايشوه وأفادوا من علمه وتجاربه: إن أبرز الخصائص التي تميز الدكتور علي جريشة الإخلاص الذي يوليه كل عمل يعهد به إليه، فيقبل عليه بكل طاقته حتى يوفيه حقه.
'''وقال في موضع آخر:'''


ويضيف: كما أن العلاقة بينه وبين تلامذته علاقة أبوة حيث يستحوذ على احترام الجميع وبخاصة طلابه الذين يحبونه من كل قلوبهم ويحبهم من كل قلبه فهو معهم بمقام الأب الذي لا يضن على أبنائه بالخير، لا مقام الموظف الذي يعدد أيامًا ليقبض راتبه، وإنها للميزة التي تطبع كل ما يكتب من بحوث ومقالات ومؤلفات فتفرض نفسها على شعور القارئ حتى يخيل إليه أنه يقرأ لأعز كتاب عليه، هذا عدا ما يميز نتاجه الفكري من منهجية علمية لعلها أثر من دراساته الحقوقية وممارساته القضائية وخبراته الدعوية والحياتية، مضافًا إليها امتداد في الثقافة يمكنه من الجولان في أي ميدان يمس الفكر والنفس وكل ذلك في صياغة أدبية فريدة.
:شريكة [[الجهاد]] .. ما بيننا بفضل الله أقوى من أن ينال منه جفاف أو جفاء أو يغيره بعد مكان أو طول زمان فوق الرباط المقدس.... ما بيننا فوق عقد الزواج».  


== موهبة شعرية ==
'''ويعبر عن هذا الحال في السجن بقوله:'''


وحبا الله الدكتور جريشة موهبة نظم الشعر ولكنه كان مقلاً من قرضه، يقول رحمه الله: شعر والدي أثرَّ فيَّ من ناحيتين: الأولى تكمن في وجود ملكة الشعر فيَّ، والأثر الثاني أني قلَّدته في كتابةِ الشعر، خاصةً في مطلع قيام الانقلاب العسكري في [[1952]]م، وأذكر من الشعر الذي يكاد يكون فطرة:
:من باستيل [[مصر]] الرهيب ... من السجن الحربى الأثيم . . [[مصر]] كلها .. هنا .. معتقلة .. هنا العامل والفلاح .. هنا القاضى وأستاذ الجامعة .. هنا الشاب والشيخ .. هنا الزوجة وهنا الفتاة .يحرسهم , أستغفر الله , بل يعذبهم .. عساكر .. قساة غلاظ .. لهم قلوب لا يفقهون بها , ولهم أعين لا يبصرون بها , ولهم آذان لايسمعون بها . .. [[مصر]] كلها .. هنا .. معتقلة .. بلغ عدد المعتقلين حتى أواخر [[أغسطس]] – ستين ألفا ... فيما أعلم . ستون ألفا من خيرة شباب [[مصر]] .. خلقا , وعلما , ودينا .. أنا أحد قضاة [[مصر]] .. قبض على رغم الحصانة القضائية .... من غير اذن .. وبغير أمر قبض ..... وفتش بيتى .... كذلك . ونمت على أسفلت الزنزانة من غير فراش وبغير غطاء . وحرمت من " الماء " فى شدة الحر القاسى.
<center>'''
ما للظلام يسود دون نهار
:::والأرض ضجَّت من دم الأبرار


وللسماء غدت كالأرض باكية
'''لقد تعرض هو وإخوانه للتعذيب الشديد سواء في السجن او اثناء التحقيق أو الذهاب للمحاكمة وغيرها، فيقول: '''
:::وللمياه غدت في النيل من نار


أو ما رأيت الشعب يهتف كله
:لا أزال اعذب . بأمل الحصول منى على اعتراف .... لم أرتكب ذنبا حتى أعترف به .... كل ذنبى .. انى انتقدت .. مظالم رأيتها .. انتقدت ضياع الملايين " من المال , والألوف من الأرواح فى [[اليمن]] ... انتقدت تكميم الأفواه , واعتقال الأبرياء ... فى [[مصر]] " انتقدت تعطيل شريعة الله , واقامة قوانين .. ظالمة .. أو باطلة .. أو قاصرة .. هذا بعض ذنبى ... وبعضه الآخر .. انى رفضت أن أشهد زورا على من عملت معه ... وآخر ذنبى .
:::الحكم حكم الله لا الأشرار
'''</center>
'''كما قال في تنفيذ حكم الإعدام في الشهيد القاضي [[عبد القادر عودة]] وصحبه الأخيار عام [[1955]]م''':
<center>'''
أو ما رأيت على المشانق زمرة
:::ملء العيون ونورها إيمانا


يمشون للموت الرهيب أعزة
:أنى عرفت الله ... فآثرته ... على أرباب متفرقين .. أعيش وسط " ملحمة " حزينة ... يشكلها .. تمزيق السياط , وأصوات الكلاب . وآهات المعذبين .. تملأ جو السجن الحربى .. وتضيف الى ظلامه ظلمات ... لا أصرخ حين أعذب .. أشغل نفسى وفمى بذكر الله .. ألا بذكر الله تطمئن القلوب . جراحى لا تزال تنزف .... كثيرا ما يطفأ نور السجن الحربى .. لتنقل جثة أحد المعذبين لتدفن فى الجبل القريب .. ثم يكتب فى دفاتر السجن أنه هرب ... ترى ... متى يكتب اسمى بين الهاربين.
:::باعوا النفوس وبايعوا القرآنا
'''</center>
'''ومنها في خطاب الشهيد [[سيد قطب]]''':
<center>'''
لهفي عليك إذ المشانق نصبت
:::ورفعت صوتك عاليًا رنانا


روحي فدى الإسلام إن عز الفدا
'''ويعبر عن ذلك بالشعر فيقول:'''
:::ودمي يلاحق عصبة خوانا
'''</center>
'''ويقول عن شهر الصيام''':
<center>'''
إليك فؤادي دائمًا لفتاتي
:::يا ساحة النساك في الخلوات


بوركت يا ساح الهداية والتقى
:::وسموت إرشادًا وحسن عظات
'''</center>
'''وقال أيضًا في محنته''':
<center>'''
<center>'''
برغم المشانق رغم الطغاة
برغم المشانق رغم الطغاة    
:::برغم السجون برغم البغاة
:::برغم السجون برغم البغاة


برغم السياط برغم الدماء
برغم السياط برغم الدماء  
:::برغم العذاب سنحيا الحياة
:::برغم العذاب سنحيا الحياة


سيرتفع النور فوق الدجى
سيرتفع النور فوق الدجى  
:::وفوق الضلال وفوق الطغاة
:::وفوق الضلال وفوق الطغاة


ونحيا على الحق حتى الممات
ونحيا على الحق حتى الممات  
:::ونرجو بذاك رضاء الإله
:::ونرجو بذاك رضاء الإله
'''</center>
'''</center>
== ذكريات السجن الحربي ==


وتم القبض على الدكتور علي جريشة بادعاء مشاركته في التآمر لقلب نظام الحكم ضمن مجموعة المتهمين بقيادة الشهيد [[سيد قطب]]، وبعد زمن مشحون بألوان التعذيب الذي تعجز الأقلام عن استيعابه صدر الحكم عليه بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة اثني عشر عامًا، قضى منها ثمانية أعوام ثم أفرج عنه بقرار العفو الذي شمله مع الكثيرين.
'''وتصور زوجته بعض هذا الشعور الذي ينتاب الأسر حينما يختطف عوائلهم غدرًا وخسةً: '''


وتصور زوجته بعض هذا الشعور الذي ينتاب الأسر حينما يختطف عوائلهم غدرًا وخسةً: عندما ألقي القبض على زوجي في صيف [[1965]]م الحزين ساورني شعور ممض بالألم، ليس لما أصاب زوجي وأصاب الأسرة وهو أليم وأليم، ولكن فوق ذلك لما أصاب البلاد من انحطاط بلغ فيه الأمر حد اعتداء السلطة التنفيذية على السلطة القضائية!
:عندما ألقي القبض على زوجي في صيف [[1965]]م الحزين ساورني شعور ممض بالألم، ليس لما أصاب زوجي وأصاب الأسرة وهو أليم وأليم، ولكن فوق ذلك لما أصاب البلاد من انحطاط بلغ فيه الأمر حد اعتداء السلطة التنفيذية على السلطة القضائية!


وتقول: لقد انتهكت حرمة المؤمن وكرامة القاضي وفتش البيت بغير إذن تفتيش وقبض عليه بغير أمر قبض وأودع السجن الحربي ومورست معه عمليات تعذيبية رهيبة كنت أسمع بها كالأساطير، وكان تصوري أنه مهما كانت المبررات فلن ترقى إلى تبرير ذلك التعذيب الوحشي الذي لم يعرف إلا في عهود الهمجية وفي ظل الديكتاتورية الهوجاء، ولقد أحجمت الأسرة عن مجرد السؤال عن المكان الذي أودع فيه لأن السؤال كان يعرض صاحبه لنفس عملية الاختطاف والاختفاء.
'''وتقول: '''


== أنا أولى بالماء من الأرض يا كلاب ==
:لقد انتهكت حرمة المؤمن وكرامة القاضي وفتش البيت بغير إذن تفتيش وقبض عليه بغير أمر قبض وأودع السجن الحربي ومورست معه عمليات تعذيبية رهيبة كنت أسمع بها كالأساطير، وكان تصوري أنه مهما كانت المبررات فلن ترقى إلى تبرير ذلك التعذيب الوحشي الذي لم يعرف إلا في عهود الهمجية وفي ظل الديكتاتورية الهوجاء، ولقد أحجمت الأسرة عن مجرد السؤال عن المكان الذي أودع فيه لأن السؤال كان يعرض صاحبه لنفس عملية الاختطاف والاختفاء.


لقد كانت بعض كتابات الفقيد الكريم سجلاً حافلاً بالظلم الذي تعرض [[الإخوان المسلمون]] في عهد [[عبد الناصر]]، وشاهد عيان على القهر الذي لاقاه الدعاة والمخلصون جراء إيمانهم بدعوتهم وحسن بلائهم. لذا يكثر الدكتور الحديث عما لاقى تحت السياط وفي غياهب السجون والمعتقلات، بما لا يستطيع أن يتحمل القارئ قراءته.
'''ويذكر في كتابه ([[عندما يحكم الطغاة]]) فيقول: '''


ونأخذ لقطات فقط من هذه الذكريات، حيث يذكر الدكتور جريشة بعضًا من ذلك في كتابه ([[عندما يحكم الطغاة]]) فيقول: عذابي ليس قاصرًا على الضرب والسياط، ولا قاصرًا على تلك الجروح التي تنزف من جسمي، ولا قاصرًا على تلك الوحدة القاسية أعيشها بين جدران مظلمة، إن هناك لونًا من العذاب قاسيًا شديدًا، هو العطش الذي أعانيه، نحن في [[أغسطس]] الحر شديد.. والزنزانة مغلقة تزيد الحر قسوة.. والجراح تنزف، تزيد قسوة العطش، والماء... لا نكاد نراه..!
:عذابي ليس قاصرًا على الضرب والسياط، ولا قاصرًا على تلك الجروح التي تنزف من جسمي، ولا قاصرًا على تلك الوحدة القاسية أعيشها بين جدران مظلمة، إن هناك لونًا من العذاب قاسيًا شديدًا، هو العطش الذي أعانيه، نحن في [[أغسطس]] الحر شديد.. والزنزانة مغلقة تزيد الحر قسوة.. والجراح تنزف، تزيد قسوة العطش، والماء... لا نكاد نراه..!


واشتد بي العطش حتى أحسست أني أقترب من الموت عطشًا والدماء تنزف مني، وسمعت أصوات رش ماء في السجن.. طرقت الباب بشدة.. أطلب الماء.. رد علي السجان بسباب مقذع.. قلت له: أنا أولى بالماء من الأرض يا كلاب.!
:واشتد بي العطش حتى أحسست أني أقترب من الموت عطشًا والدماء تنزف مني، وسمعت أصوات رش ماء في السجن.. طرقت الباب بشدة.. أطلب الماء.. رد علي السجان بسباب مقذع.. قلت له: أنا أولى بالماء من الأرض يا كلاب.!


ودعوت الله فاستجاب لي الدعاء.. سمعت صوتًا خافتًا من أسفل الباب. قال لي سأحضر لك ماء.. إنه سجين من العساكر الذين يرتكبون مخالفات داخل الجيش، فيحبسون في السجن الحربي، لكنهم أكثر منا حرية، إذ يؤذن لهم في التنقل بين السجن للنظافة، لكنهم خائفون جدًّا، يبدو أن الأوامر عليهم شديدة ألا يقتربوا منا!!
:ودعوت الله فاستجاب لي الدعاء.. سمعت صوتًا خافتًا من أسفل الباب. قال لي سأحضر لك ماء.. إنه سجين من العساكر الذين يرتكبون مخالفات داخل الجيش، فيحبسون في السجن الحربي، لكنهم أكثر منا حرية، إذ يؤذن لهم في التنقل بين السجن للنظافة، لكنهم خائفون جدًّا، يبدو أن الأوامر عليهم شديدة ألا يقتربوا منا!!
وفتح الباب، ومعه كوز من الماء، ويداي لا أستطيع رفعهما إلى فمي من شدة التعذيب، فسقاني بيده الماء. ولن أنسى له هذا الجميل.


== ثبات حتى الممات ==
:وفتح الباب، ومعه كوز من الماء، ويداي لا أستطيع رفعهما إلى فمي من شدة التعذيب، فسقاني بيده الماء. ولن أنسى له هذا الجميل.


الثبات على المبدأ حتى الممات من شيم الأنبياء والمرسلين والدعاة والعلماء الربانيين مهما تعرضوا من فتن أو لاقوا من محن وزلازل، قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ (214)﴾ (البقرة)، وقال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)﴾ (آل عمران).
== محاكمة هزلية ==


ولقد ضرب الدكتور جريشة أروع الأمثلة في الصبر والثبات على الفتن والابتلاءات، فما وهن وما ضعف في سبيل الله، وها هو يقول مخاطبًا زوجته: زوجتي، ألا فليكن ما يكون، فلئن تباعدت الأجساد فلقد تعانقت القلوب، ألا فليكن ما يكون، فإن المحن لا تزيد المؤمنين إلا إيمانًا وتسليمًا، ألا فليكن ما يكون، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
تعرض خيرة شباب [[مصر]] لمحاكمة هزلية أدارها من ركع للصهاينة عام [[1956]]م حينما اسر في [[غزة]] وسب [[مصر]] ورئيسها ومع ذلك يصبح قاضي يحاكم خيرة شباب [[مصر]] على تهم لم يقترفوها؛


'''هل عرفت أين يسير زوجك..؟'''
'''فيقول على جريشة عنها:'''


إنه يسير في طريق إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)﴾ ( آل عمران).
:جرى الاستعداد للمحاكمات .. رأى بعضنا الفريق الدجوى '''" يقف " انتباه " أمام العقيد "''' [[شمس بدران]] .. سيادة العقيد جالس يصدر التعليمات .. وسيادة الفريق واقف يستمع الى التعليمات . وكانت القصية الأولى التى يقف فى مقدمتها الأستاذ [[سيد قطب]] أمام محكمة الدجوى .. وأثار الدجوى سخرية الجميع .  


هل أحسست الرضا والسعادة لأن زوجك لم يكن تافهًا كالتافهين، ولم يكن كالبهائم الهائمين.
:أما القضية الثانية .. فقد عين لها فريق آخر . وسبق مثولنا أمام المحكمة استدعاء من الرائد '''"رياض "'''.كنت أنا والأستاذ '''"[[معروف الحضري]]"''' صاحب البطولات المعروفة فى [[فلسطين]] .. والأستاذ [[عبد العزيز علي]] أحد وزراء [[الثورة]] .. ومجموعة أخرى .. ضمن المطلوبين .. وتم الوعد .. مع الوعيد .. أن تكلمتم .. لها أحكام .. وان اعتذرتم .. لها أحكام . والأحكام كلها ..تتم هنا '''" فى السجن الحربى"'''.


وهل أحسست بعد ذلك بالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين، ولو كانوا معذبين أو مسجونين.
== ذكريات داخل السجن ==


وهل عرفت أن الإنسان بغير عقيدة حقة يفتديها تافه حقير لا فرق بينه وبين البهائم.
'''يتذكر المستشار على جريشة ذكرياته اليومية داخل السجن فيقول:'''


== أهم مؤلفاته ==
:كان اليوم يبدأ قبل الفجر بساعتين؛ حيث يتم فتح الزنازين، وينزل من كل زنزانة شخص يقوم بحمل إناء من '''"الكاوتش"''' سعته حوالي 3 أو 4 لترات، وهو معدٌّ لقضاء الحاجة في فترة الليل بالنسبة لكل زنزانة، وكانت كل زنزانة بها حوالي 7 أشخاص، وكان يقوم بإلقاء الفضلات ويقوم بغسله بالرمل ووضع الماء به للشرب، وتنتهي هذه الجولة.


وعني الدكتور علي جريشة بدراسة المذاهب الفكرية المعاصرة وواجه التيارات المعادية للإسلام مثل الشيوعية والعلمانية والوجودية والإباحية وغيرها من الأنظمة والاتجاهات الفكرية والسياسية، كما أولى اهتمامه بالحديث عن أدب المحنة، وفترة السجون والاعتقالات، وما تعرض له هو وإخوانه على يد زبانية العهد الناصري البائد.
:ويبدأ بعد ذلك طابور الصباح في الثامنة صباحًا، يحضره رئيس السجن الحربي اللواء [[حمزة البسيوني]]، راكبًا حصانًا؛ حيث يتم تقسيم النزلاء في سرايا كل سرية في حدود 40 إلى 50 معتقلاً، ويقف على رأس كل سرية جندي من جنود السجن الحربي، ثم تتم عملية جري لمدة ساعة، ويكون فيها نوع من التسابق؛


كما جاء جزء من مؤلفاته للحديث عن خصائص النظام السياسي الإسلامية والدفاع عنه ضد المطاعن والشبهات، ومن هذه الكتب:
:حيث يجهد الناس إجهادًا شديدًا، وكان حمزة إذا وجد أن [[الإخوان]] أو الشباب ما زال بهم حيوية يذهب ويعاتب الشاويش ويقول: '''"انتو بتدلعوهم"'''، ثم الإفطار لمدة نصف ساعة ويحتوي على طعام لا يقوِّم أوَدَ طفل، فكيف الحال إذا كان يقدم للشباب ثم يصفر للطابور من الصباح للظهر، ثم فترة للغداء، كنا نوزعها بين الصلاة والغداء.


- [[الاتجاهات الفكرية المعاصرة]]، [[المشروعية الإسلامية العليا]]، [[دين ودولة]]، [[دعاة لا جباة]]، [[الإخوان المسلمون الدعوة والداعية]]، [[إعلان دستوري إسلامي]]، [[عوائق في طريق الدعوة]]، [[في الزنزانة]]، [[عندما يحكم الطغاة]]، [[آداب الحوار والمناظرة]]، [[نحو نظرية في التربية الإسلامية]]، [[الإعلام والدعوة الإسلامية]]، [[الإيمان الحق]]، [[المبادئ الخمسة]]، [[أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي]]، [[منهج التفكير الإسلامي]]، [[الأساليب التبشيرية في العصر الحديث]].
:وكان بعض [[الإخوان]] يترخَّصون في الخروج من الصلاة إذا نودي عليهم، وأنا لم ألتزم بهذا الترخص في إحدى المرات وظل معي نحو 20 معتقلاً تقرييًا، وكان العقاب بعد الغداء أن نجري إلى نهاية الفناء؛ حيث توجد صورة بالزيت لرئيس الدولة لنؤدي له التحية وبعضنا أدَّى التحية ترخصًا وبعضنا الآخر امتنع عن أدائها وكنت منهم.


== من كلماته الخالدة ==
:وشخص آخر اسمه [[السيد أبو شلوع]] بصق على صورة الرئيس، فعندما عُدنا توقعنا أن هذا الأخ سيصيبه من الأذى الكثير، فقال له العسكري: لماذا بصقْت عليه؟ قال: لأنه يستحق أن يبصق عليه، فقال العسكري: نعم يستحق البصق عليه، لكن ليس أمامنا.. ولم يمس بسوء، وكانت آية من آيات الله.


- إن الدماء تروي شجرة الدعوة فتمتد جذورها في الأرض وتنتشر فروعها في السماء. وإن السجن والتعذيب لا يقضي على الداعية، بل يمحصه ويشحنه، ويشحذه لمرحلة أخرى يكون فيه أصلب عودًا وأفر يقينًا، وهكذا يطيش سهم الظالمين ويخيب كيدهم ومكرهم.
:وفي رمضان كان الطابور يستمر لغروب الشمس، بعدها الكل في حلٍّ من أمره إلى حدٍّ ما ليدبر أمور إفطاره، وكنا نقيم الليل ونتهجَّد.


- لقد أثبتت سياسة القمع والإرهاب إخفاقها في حرب الفكرة الإسلامية ب[[مصر]]، وأقبل الشباب- على الرغم من غياب الدعاة على الدعوة- في وعي وحماسة، مما اضطر السادة المحركين للعبيد أن يعدلوا من خطة الإرهاب التي اتبعوها في الربع قرن الأخير، وخير لهم أن يبقوا على خيوط العنكبوت يحفظ مصالحهم الاقتصادية، بدلاً من أن يعرضوا مصالحهم ووجودهم كله للخسارة والضياع، فقانون الحياة الطبيعي أن لكل فعل ردًّا مساويًا له في القوة، ومضادًّا له في الاتجاه.
== من مؤلفاته ==


المصدر:[http://www.ikhwanonline.com/new/Default.aspx إخوان أون لاين]
:#[[في الزنزانة]]
:#[[عندما يحكم الطغاة]]
:#[[دعاة لا بغاة]]
:#[[الإعلام والدعوة الإسلامية]]
:#[[الإيمان الحق]]
:#[[المبادئ الخمسة]]
:#[[الاتجاهات الفكرية المعاصرة]]
:#[[أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي]]
:#[[منهج التفكير الإسلامي]]
:#[[الأساليب التبشيرية في العصر الحديث]]
:#[[المشروعية الإسلامية العليا]]
:#[[دين ودولة]]
:#[[دعاة لا جباة]]
:#[[الإخوان المسلمون الدعوة والداعية]]
:#[[إعلان دستوري إسلامي]]
:#[[عوائق في طريق الدعوة]]، [[في الزنزانة]]
:#[[آداب الحوار والمناظرة]]
:#[[نحو نظرية في التربية الإسلامية]]


{{روابط تنظيم 1965}}
== وفاته ==
 
علي جريشة كان احد علماء الأمة الإسلامية و[[جماعة الإخوان المسلمين]] والفكر الإسلامي فبعد حياة حافلة بالعطاء و[[الجهاد]] وخدمة [[الإسلام]]، قاضيًا وفقيهًا ومفكرًا إسلاميًّا كبيرًا وأستاذًا للشريعة الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وكانت آخر زيارته خارج [[مصر]] إلى [[اليمن]] رحل في يوم 27 [[أبريل]] [[2011]]م.
 
== المراجع ==


:#علي جريشة: [[في الزنزانة]].
:#علي جريشة: [[عندما يحكم الطغاة]]، دار الاعتصام.
:#مريم السيد هنداوي، مقال [[نوال محمد عبد الهادي]] زوجة في بيت مستشار، موقع [[إخوان ويكي]].
:#سيد شعيب: مقال علي جريشة صفحات من الدعوة والجهاد، [http://www.ikhwanonline.com/new/Article.aspx?ArtID=83933&SecID=0 موقع إخوان أون لاين].
:#أحمد رمضان: حوار مع المستشار على جريشة لإخوان اون لاين 13/ 9/ [[2007]]م


== للمزيد عن الشخصية ==
== للمزيد عن الشخصية ==
سطر ٢٧٣: سطر ٢٨٧:
|}
|}


{{روابط تنظيم 1965}}


[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:أعلام الحركة الإسلامية]]
[[تصنيف:أعلام الحركة الإسلامية]]
[[تصنيف:أعلام الشرقية]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١٠:٢٦، ١١ فبراير ٢٠١٤

علي جريشة.. في الزنزانة

إعداد: موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

مقدمة

تتزاحم الأيام بالأحداث الجسام وتتولى، ومع كل يوم نطالع نفقد احد علماء الأمة، بعد أن يكون قد أدى مهمته في الحياة، ولقد كان علي جريشة احد هؤلاء العلماء الذين ضحوا في سبيل دينهم حتى رحل عنا.

النشأة

ولد علي محمد جريشة، في إحدى قرى ديرب نجم بالشرقية عام 1935م؛ حيث التحق بكتاب القرية وتعلم فيه، غير أنه لم يستمر فيه كثير فالتحق بالتعليم، والتي دفعته للانتقال إلى القاهرة في بداية الخمسينيات، وكان سنه ثلاث عشرة سنةً حيث درس الثانوية العامة نظام (الـ5 سنوات).
التحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة، حيث تخرَّج في كلية الحقوق ليعيَّن وكيلاً للنائب العام في السويس، ثم انتقل ليعمل بمجلس الدولة لمدة 4 سنوات.

يقول سيد شعيب:

ولم يقف عند حدود الإجازة، فتابع سبيله بالدراسات العليا في قسم الشريعة والقانون، ثم مضى في طريق التوسع حتى أحرز شهادة الدكتوراه في التخصص نفسه وكان ذلك عام 1975م بعد مضي ثلاث عشرة سنة على تسجيله لها بسبب قضائه معظم هذه الفترة في غياهب سجون عبد الناصر، فلم يتح له حضور المناقشة إلا بعد مغادرته المعتقل إثر زوال الكابوس الكبير.
تزوج وهو في الثامنة والعشرين حيث تزوج السيدة نوال محمد عبد الهادي وزفت له عام 1963م، ورزق منها بمحمد هشام والذي ولد عام 1964م دكتوراه في هندسة العمارة من ألمانيا ثم فاطمة عام 1965م والتي حصلت على ليسانس حقوق ،ثم دعاء والتي جاءت بعد خروجه من المعتقل في عام 1974م وحصلت على بكالوريوس علوم ثم عبدالله عام 1976م وحاصل على بكالوريوس طب من ألمانيا ثم هاني عام 1978م ثم شيماء 1980م.

بين صفوف الإخوان

انتشرت دعوة الإخوان وسط المجتمع وكان من أسباب انتشارها حسن التنظيم والعمل داخل الجماعة وحسن فهمهم للإسلام الوسطي والعمل به، بالإضافة لتنظيم أنفسهم في أقسام متعددة وكان من أبرز هذه الأقسام قسم الجوالة والذي ظهر بمظهر طيب شجع الكثير على الالتحاق بالجماعة بفضل تشكيلات الجوالة المنظمة ومنهم على جريشة.

يقول عن أول معرفته بالإخوان:

بادئ معرفتي بهم كان عمري ما بين 10 و13، في بلد في السنبلاوين القريبة منا وتأثرت بهم في موقفين بارزين في حياتي.
الموقف الأول: شباب الإخوان الذين كانوا يطوفون القرية فجرًا وكان الجو شتاءً وبردًا قارسًا، ويهتفون: "الصلاة يا مؤمنين الصلاة"، وذلك في وقت وجود الإنجليز، وكانت الشعائر بدأت تُهجر أيضًا؛ حيث كان كشَّافة الإخوان يخرجون بزيٍّ موحَّدٍ ذي رباط أصفر، ويسيرون في طوابير وقائد الطابور أمامه أخ يحمل العلم الأخضر وعليه سيفين ومصحف والشعار ولفظ "وأعدوا"، وكان يمشي بخطوة منتظمة، ويهتف الهتافات الخمسة: الله غايتنا، ويبدأ وينتهي بـ"الله أكبر ولله الحمد".
والثاني: كان عمري 13 سنة وقامت حرب فلسطين، واستطاع الأستاذ حسن البنا وجنود الإخوان أن يلفتوا نظر الناس إلى قضية فلسطين، ولأول مرة يسمعون عن فلسطين في الوقت الذي كانوا فيه يسألون رئيس وزراء مصر عن القضية، فقال: "أنا رئيس وزراء مصر ولست رئيس وزراء فلسطين"، فطبعًا كانت الجولة الأولى إحياءً للقضية في مشاعر الناس في نفوسهم، ونجح فيها البنا إلى حدٍّ كبير.

ويضيف:

تلا ذلك إرسال الكتائب إلى أرض فلسطين، وما بدأ يتردد حول بطولات الإخوان في فلسطين، وهو ما أثر فيَّ تأثيرًا كبيرًا، ثم وقع مقتل النقراشي، ثم الأستاذ الشهيد حسن البنا، وبعدها غيَّرنا سكننا إلى القاهرة؛ حيث بدأت معرفتي بالإخوان معرفةً مباشرةً عن طريق المدرسة الثانوية التي كنت أدرس فيها قبل الجامعة.
ثم تابعت جهاد الإخوان في القنال، وأثر فيَّ كثيرًا، ثم قرب نهاية مرحلة الجامعة مرَّت بي محنة 54، وكان لها التأثير البالغ والشديد في نفسي، خاصةً بعد تنفيذ حكم الإعدام فيمن نعده شهيد الإسلام عبد القادر عودة، ونطقت شعرًا في حينها؛
ثم تخرجت بعدها بعام واحد في كلية الحقوق وعملت وكيل نيابة بالسويس، وكان التأثير الإيجابي أني كنت أتخذ مواقف صارمة مع ضباط الشرطة إذا أخطئوا، وكنت أنال عقابي بقسوة، وكل ذلك كان قبل السجن الحربي، ثم انتقلت للعمل في مجلس الدولة، وبعد العمل به بـ4 سنوات شاء الله أن أكون مع الصالحين؛
حيث جاءت فترة البعثة، وهي اعتقالي لمدة 8 سنوات ما بين 1965 إلى 1973م، وأثرت تأثيرًا كبيرًا في عقلي ونفسي وجسدي؛ حيث حققت فيها ما لم أحققه من قبل، وأسميها بالبعثة الربانية؛ حيث صفت نفسي أكثر وأكثر، وتلقيت الدروس الربانية، وتأثيرها الإيجابي 90% رغم أني كنت في استضافة الظلمة.

ولقد تأثر الدكتور علي جريشة بعدد من الشخصيات كما يوضح سيد شعيب ذلك بقوله:

والده الذي تلقى عنه أوليات التوجيهات العلمية مربيًا ومدرسًا فوضع في نفسه البذور التي لا يزايل آثاره كيانه، ويلي والده مدرس له في الفترة الابتدائية هو الأستاذ محمد عبد الحليم أحمد الذي يقول عنه:
إنه كان أحد زملاء الشهيد حسن البنا، وقد ترك في نفسه أثرًا عميقًا بما كان يتصف به من الفضائل الحميدة التي تجعل منه قدوة حسنة لتلاميذه، ومن أساتذته بالثانوية الأستاذ عبد العزيز خليل المدرس الأول الذي بسبب التزامه وحرصه على التزام الفصحى كان له مع والده أكبر الفضل في تحبيبه في لغة القرآن الكريم.
أما في المرحلة الجامعية فقد أشاد بكل من العلامتين عبد الوهاب خلاف والشيخ محمد أبو زهرة في الجانب الديني من عقله وقلبه، وفي الجانب الفكري والعلمي أشاد بالدكتور عبد الفتاح عبد الباقي والدكتور محسن شفيق والدكتور سيد صبري وغيرهم.

في آتون المحنة

أعلن عبد الناصر في 1965م اكتشاف تنظيم جديد للإخوان المسلمين فأصدر قرارا باعتقال الجميع وكل من سبق اعتقاله، وتعرض الإخوان للتعذيب الرهيب الذي لم يلقوه من قبل، وكان هذا أول اعتقال للمستشار علي جريشة حيث اعتقل في في ليلة من ليالي شهر أغسطس وعلى الأخص 25 أغسطس 1965م
سمعت الزوجة ضربات عنيفة على الباب فلم تكن تتصور أن زوجها أحد أعضاء الإخوان المسلمين فلم تكتشف ذلك إلا في هذه الليلة التي هجم أوغاد المباحث العسكرية على حصنها واختطفوا من بين أحضانها وأحضان طفليها الزوج الكريم، وتعرض للتعذيب الشديد الذي لا يتحمله الرجال لولا فضل الله وقدم للمحاكمة وحكمت عليه بـ 12 سنة أشغالاً، وفي المعتقل كان كثير المشاغبة للحكومة بالقانون، بغية الحصول على امتيازات وانفراجات في المعاملة في السجن لإخوانه، فاعتبرته الحكومة مشاغباً، وقامت بنفيه وتغريبه إلى سجن قنا، بعد سجن الليمان، مما سببت مشقة على أسرته غير أن الزوجة كانت مثال المرأة الصابرة المتمسكة بقضاء ربها المحتسبة لربها فلم تجزع ولم تهرول تطالبه الانفصال بل كانت نعم السند في محنته، مما كانت لها أثرا عظيما على قلبه وثباته.

وفي يناير 1970م أرسل الزوجة تهنئة لزوجته بالعيد فقال لها:

«من محراب الحق الذي نقف فيه نعلن كلمة الله ونرجو من الله أن نكون ممن"يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" نبعث لأهل الحق وأنت منهم تهنئة الحب والوفاء وعهد الإخلاص والثبات.

وقال في موضع آخر:

شريكة الجهاد .. ما بيننا بفضل الله أقوى من أن ينال منه جفاف أو جفاء أو يغيره بعد مكان أو طول زمان فوق الرباط المقدس.... ما بيننا فوق عقد الزواج».

ويعبر عن هذا الحال في السجن بقوله:

من باستيل مصر الرهيب ... من السجن الحربى الأثيم . . مصر كلها .. هنا .. معتقلة .. هنا العامل والفلاح .. هنا القاضى وأستاذ الجامعة .. هنا الشاب والشيخ .. هنا الزوجة وهنا الفتاة .يحرسهم , أستغفر الله , بل يعذبهم .. عساكر .. قساة غلاظ .. لهم قلوب لا يفقهون بها , ولهم أعين لا يبصرون بها , ولهم آذان لايسمعون بها . .. مصر كلها .. هنا .. معتقلة .. بلغ عدد المعتقلين حتى أواخر أغسطس – ستين ألفا ... فيما أعلم . ستون ألفا من خيرة شباب مصر .. خلقا , وعلما , ودينا .. أنا أحد قضاة مصر .. قبض على رغم الحصانة القضائية .... من غير اذن .. وبغير أمر قبض ..... وفتش بيتى .... كذلك . ونمت على أسفلت الزنزانة من غير فراش وبغير غطاء . وحرمت من " الماء " فى شدة الحر القاسى.

لقد تعرض هو وإخوانه للتعذيب الشديد سواء في السجن او اثناء التحقيق أو الذهاب للمحاكمة وغيرها، فيقول:

لا أزال اعذب . بأمل الحصول منى على اعتراف .... لم أرتكب ذنبا حتى أعترف به .... كل ذنبى .. انى انتقدت .. مظالم رأيتها .. انتقدت ضياع الملايين " من المال , والألوف من الأرواح فى اليمن ... انتقدت تكميم الأفواه , واعتقال الأبرياء ... فى مصر " انتقدت تعطيل شريعة الله , واقامة قوانين .. ظالمة .. أو باطلة .. أو قاصرة .. هذا بعض ذنبى ... وبعضه الآخر .. انى رفضت أن أشهد زورا على من عملت معه ... وآخر ذنبى .
أنى عرفت الله ... فآثرته ... على أرباب متفرقين .. أعيش وسط " ملحمة " حزينة ... يشكلها .. تمزيق السياط , وأصوات الكلاب . وآهات المعذبين .. تملأ جو السجن الحربى .. وتضيف الى ظلامه ظلمات ... لا أصرخ حين أعذب .. أشغل نفسى وفمى بذكر الله .. ألا بذكر الله تطمئن القلوب . جراحى لا تزال تنزف .... كثيرا ما يطفأ نور السجن الحربى .. لتنقل جثة أحد المعذبين لتدفن فى الجبل القريب .. ثم يكتب فى دفاتر السجن أنه هرب ... ترى ... متى يكتب اسمى بين الهاربين.

ويعبر عن ذلك بالشعر فيقول:

برغم المشانق رغم الطغاة

برغم السجون برغم البغاة

برغم السياط برغم الدماء

برغم العذاب سنحيا الحياة

سيرتفع النور فوق الدجى

وفوق الضلال وفوق الطغاة

ونحيا على الحق حتى الممات

ونرجو بذاك رضاء الإله

وتصور زوجته بعض هذا الشعور الذي ينتاب الأسر حينما يختطف عوائلهم غدرًا وخسةً:

عندما ألقي القبض على زوجي في صيف 1965م الحزين ساورني شعور ممض بالألم، ليس لما أصاب زوجي وأصاب الأسرة وهو أليم وأليم، ولكن فوق ذلك لما أصاب البلاد من انحطاط بلغ فيه الأمر حد اعتداء السلطة التنفيذية على السلطة القضائية!

وتقول:

لقد انتهكت حرمة المؤمن وكرامة القاضي وفتش البيت بغير إذن تفتيش وقبض عليه بغير أمر قبض وأودع السجن الحربي ومورست معه عمليات تعذيبية رهيبة كنت أسمع بها كالأساطير، وكان تصوري أنه مهما كانت المبررات فلن ترقى إلى تبرير ذلك التعذيب الوحشي الذي لم يعرف إلا في عهود الهمجية وفي ظل الديكتاتورية الهوجاء، ولقد أحجمت الأسرة عن مجرد السؤال عن المكان الذي أودع فيه لأن السؤال كان يعرض صاحبه لنفس عملية الاختطاف والاختفاء.

ويذكر في كتابه (عندما يحكم الطغاة) فيقول:

عذابي ليس قاصرًا على الضرب والسياط، ولا قاصرًا على تلك الجروح التي تنزف من جسمي، ولا قاصرًا على تلك الوحدة القاسية أعيشها بين جدران مظلمة، إن هناك لونًا من العذاب قاسيًا شديدًا، هو العطش الذي أعانيه، نحن في أغسطس الحر شديد.. والزنزانة مغلقة تزيد الحر قسوة.. والجراح تنزف، تزيد قسوة العطش، والماء... لا نكاد نراه..!
واشتد بي العطش حتى أحسست أني أقترب من الموت عطشًا والدماء تنزف مني، وسمعت أصوات رش ماء في السجن.. طرقت الباب بشدة.. أطلب الماء.. رد علي السجان بسباب مقذع.. قلت له: أنا أولى بالماء من الأرض يا كلاب.!
ودعوت الله فاستجاب لي الدعاء.. سمعت صوتًا خافتًا من أسفل الباب. قال لي سأحضر لك ماء.. إنه سجين من العساكر الذين يرتكبون مخالفات داخل الجيش، فيحبسون في السجن الحربي، لكنهم أكثر منا حرية، إذ يؤذن لهم في التنقل بين السجن للنظافة، لكنهم خائفون جدًّا، يبدو أن الأوامر عليهم شديدة ألا يقتربوا منا!!
وفتح الباب، ومعه كوز من الماء، ويداي لا أستطيع رفعهما إلى فمي من شدة التعذيب، فسقاني بيده الماء. ولن أنسى له هذا الجميل.

محاكمة هزلية

تعرض خيرة شباب مصر لمحاكمة هزلية أدارها من ركع للصهاينة عام 1956م حينما اسر في غزة وسب مصر ورئيسها ومع ذلك يصبح قاضي يحاكم خيرة شباب مصر على تهم لم يقترفوها؛

فيقول على جريشة عنها:

جرى الاستعداد للمحاكمات .. رأى بعضنا الفريق الدجوى " يقف " انتباه " أمام العقيد " شمس بدران .. سيادة العقيد جالس يصدر التعليمات .. وسيادة الفريق واقف يستمع الى التعليمات . وكانت القصية الأولى التى يقف فى مقدمتها الأستاذ سيد قطب أمام محكمة الدجوى .. وأثار الدجوى سخرية الجميع .
أما القضية الثانية .. فقد عين لها فريق آخر . وسبق مثولنا أمام المحكمة استدعاء من الرائد "رياض ".كنت أنا والأستاذ "معروف الحضري" صاحب البطولات المعروفة فى فلسطين .. والأستاذ عبد العزيز علي أحد وزراء الثورة .. ومجموعة أخرى .. ضمن المطلوبين .. وتم الوعد .. مع الوعيد .. أن تكلمتم .. لها أحكام .. وان اعتذرتم .. لها أحكام . والأحكام كلها ..تتم هنا " فى السجن الحربى".

ذكريات داخل السجن

يتذكر المستشار على جريشة ذكرياته اليومية داخل السجن فيقول:

كان اليوم يبدأ قبل الفجر بساعتين؛ حيث يتم فتح الزنازين، وينزل من كل زنزانة شخص يقوم بحمل إناء من "الكاوتش" سعته حوالي 3 أو 4 لترات، وهو معدٌّ لقضاء الحاجة في فترة الليل بالنسبة لكل زنزانة، وكانت كل زنزانة بها حوالي 7 أشخاص، وكان يقوم بإلقاء الفضلات ويقوم بغسله بالرمل ووضع الماء به للشرب، وتنتهي هذه الجولة.
ويبدأ بعد ذلك طابور الصباح في الثامنة صباحًا، يحضره رئيس السجن الحربي اللواء حمزة البسيوني، راكبًا حصانًا؛ حيث يتم تقسيم النزلاء في سرايا كل سرية في حدود 40 إلى 50 معتقلاً، ويقف على رأس كل سرية جندي من جنود السجن الحربي، ثم تتم عملية جري لمدة ساعة، ويكون فيها نوع من التسابق؛
حيث يجهد الناس إجهادًا شديدًا، وكان حمزة إذا وجد أن الإخوان أو الشباب ما زال بهم حيوية يذهب ويعاتب الشاويش ويقول: "انتو بتدلعوهم"، ثم الإفطار لمدة نصف ساعة ويحتوي على طعام لا يقوِّم أوَدَ طفل، فكيف الحال إذا كان يقدم للشباب ثم يصفر للطابور من الصباح للظهر، ثم فترة للغداء، كنا نوزعها بين الصلاة والغداء.
وكان بعض الإخوان يترخَّصون في الخروج من الصلاة إذا نودي عليهم، وأنا لم ألتزم بهذا الترخص في إحدى المرات وظل معي نحو 20 معتقلاً تقرييًا، وكان العقاب بعد الغداء أن نجري إلى نهاية الفناء؛ حيث توجد صورة بالزيت لرئيس الدولة لنؤدي له التحية وبعضنا أدَّى التحية ترخصًا وبعضنا الآخر امتنع عن أدائها وكنت منهم.
وشخص آخر اسمه السيد أبو شلوع بصق على صورة الرئيس، فعندما عُدنا توقعنا أن هذا الأخ سيصيبه من الأذى الكثير، فقال له العسكري: لماذا بصقْت عليه؟ قال: لأنه يستحق أن يبصق عليه، فقال العسكري: نعم يستحق البصق عليه، لكن ليس أمامنا.. ولم يمس بسوء، وكانت آية من آيات الله.
وفي رمضان كان الطابور يستمر لغروب الشمس، بعدها الكل في حلٍّ من أمره إلى حدٍّ ما ليدبر أمور إفطاره، وكنا نقيم الليل ونتهجَّد.

من مؤلفاته

  1. في الزنزانة
  2. عندما يحكم الطغاة
  3. دعاة لا بغاة
  4. الإعلام والدعوة الإسلامية
  5. الإيمان الحق
  6. المبادئ الخمسة
  7. الاتجاهات الفكرية المعاصرة
  8. أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي
  9. منهج التفكير الإسلامي
  10. الأساليب التبشيرية في العصر الحديث
  11. المشروعية الإسلامية العليا
  12. دين ودولة
  13. دعاة لا جباة
  14. الإخوان المسلمون الدعوة والداعية
  15. إعلان دستوري إسلامي
  16. عوائق في طريق الدعوة، في الزنزانة
  17. آداب الحوار والمناظرة
  18. نحو نظرية في التربية الإسلامية

وفاته

علي جريشة كان احد علماء الأمة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين والفكر الإسلامي فبعد حياة حافلة بالعطاء والجهاد وخدمة الإسلام، قاضيًا وفقيهًا ومفكرًا إسلاميًّا كبيرًا وأستاذًا للشريعة الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وكانت آخر زيارته خارج مصر إلى اليمن رحل في يوم 27 أبريل 2011م.

المراجع

  1. علي جريشة: في الزنزانة.
  2. علي جريشة: عندما يحكم الطغاة، دار الاعتصام.
  3. مريم السيد هنداوي، مقال نوال محمد عبد الهادي زوجة في بيت مستشار، موقع إخوان ويكي.
  4. سيد شعيب: مقال علي جريشة صفحات من الدعوة والجهاد، موقع إخوان أون لاين.
  5. أحمد رمضان: حوار مع المستشار على جريشة لإخوان اون لاين 13/ 9/ 2007م

للمزيد عن الشخصية

وصلات داخلية

من مؤلفاته

موضوعات متعلقة

وصلات خارجية

مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

حوارات متعلقة

وصلات فيديو

للمزيد عن تنظيم 1965م

وصلات داخلية

كتب متعلقة

مقالات متعلقة

ترجمة المتهمون في القضية

متعلقات أخري

تابع متعلقات أخري

وصلات خارجية

وصلات فيديو

.