وســـاطة عثمـــــان - الفتنـــة الطائفيـــة
وفى مرة أخرى طلب منا السيد " عثمان أحمد عثمان " وقد كان وزيرا للإسكان حينذاك أن تلقاه مجموعة منا فذهبت مع الدكتور أحمد الملط والحاج حسنى عبد الباقى والأستاذ صالح أبو رقيق وقابلناه فرأى أنه من الخير أن نقدم للسادات وجهة نظرنا فى ا لاصلاح كتابة حتى يدرس الأمر فى روية وعلى مهل فكتبنا له وجهة نظرنا فى تسع صفحات فلوسكاب حملها اليه السيد " عثمان أحمد عثمان " ثم كانت لى مقابلات مع السيد محمد حسنى مبارك وكان نائبا لرئيس الجمهورية فى ذلك الحين لقيته فى منزله فى مصر الجديدة منفردا مرارا . ومعى الأستاذ مصطفى مشهور مرات أخرى لبعض استفسارات عن بعض ما جاء بتلك الصفحات التسع ثم انتهى الأمر الى صمت مطبق . وتوقفت اللقاءات . ما هى الأسباب ؟ لست أدرى . والمهم مرة أخرى هو وثوق المسؤولين بثقل الاخوان فى الشارع السياسى وأثره فى الرأى العام . وإلا فما الذى يحمل المسؤولين على مثل هذه التصرفات والذى أؤكده على وجه القطع واليقين أن الاخوان المسلمين كانوا وما يزالون وسيظلون بفضل الله على مستوى المسؤولية الوطنية وأنهمأبعد ما يكونون عن التعصب وأنهم على استعداد كامل لكل حوار من ورائه رفعة شأن هذا الوطن الغالىالحبيب . ومما لا شك فيه أن هذه اللقاءات التى كانت تتم بين ا لمسؤولين تقطع ببراءة الاخوان من الخيانه والعمالة والتبعية وهى التى يقذف بها خصومهم كلما دعا داع الى هذا الهجوم والافتراء بلا دليل بل وبلا تحرج ولا تأثيم .
إننا سنظل هدفا لهذه ا لمحاولات المسمومة مرة بعد مرة . ثم { وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون } .
واستدعانى المرحوم السيد " فؤاد محى الدين " فى أوائل ديسمبر ( كانون الأول ) 1983 لمقابلته فى دار رئاسة مجلس الوزراء ومدير مكتبه لا يزال حيا وندعو له بالصحة وطول العمر يشهد بذلك . وكنت أظن أن الاستدعاء لأمر له أهميته واستمرت المقابلة حوالى نصف الساعة وكل ما يهم فى هذه الذكريات أن سيادته سألنى عمن سيكون من جانبنا فى الانتخابات فكان الرد أن الأخوان لم يتفقوا مع أحد بعد . ولم يزد ولم أزد وقال إن هذه اللقاءات ستكرر فحمدت له ذلك . وللحقيقة فقد كان الرجل رحمه الله غاية فى التلطف والرقة وحسن الاستماع . وكم كنت أود لو تكررت هذه اللقاءات وبهذا الأسلوب الرقيق ولكن المنية عاجلته فرحمة الله عليه وعلينا أجمعين . ولو قدر المسؤولون أن مثل هذا التصرف له أثره فى جمع صفوف الشعب لحرصوا عليه وأكثروا منه . فالمواجهة تحل كثيرا من العقد وتعين على تضييق شقة الخلاف فى الرأى ولأن يناقش المسؤول مخالفيه فى الرأى مواجهة فذلك خير من أن ينقل إليه الرأى بالواسطة .
الفتنـــة الطائفيـــة
اعتقلوا الإخوان فى يناير ( كانون الثانى ) 1954 واعتقلت معهم فى فبراير ( شباط ) من العام نفسه وكانوا يخرجوننا حوالى العاشرة صباحا للتشميس ويجلسوننا وبين كل أخ وأخ حوالى مترين من كل جانب . أماما وخلفا وشمالا ويمينا زوبعد أن نجلس يقف أحد الضباط يتلو تعليمات النظام فى هذه الجلسة الأرضية . ولا يزال يعلق بذهنى بعض هذه التعليمات " ممنوع الكلام " وممنوع الهمس والغمز واللمز . ممنوع الإشارات . وهكذا تمضى فترة التشميس صامتة وإن كان الإخوان لم يعجزوا عن توصيل ما يريدون من معلومات الى بعضهم بعضا .
ثم أعود لأذكر بالفتنة الطائفية التى أطلقها عهد السادات . فأذكر أن السيد اللواء نبوى إسماعيل وزير الداخلية كان يستعين بأعضاء المؤتمر الدائم للجماعات الاسلامية وكنت رئيسه .
وفى إحدى الجلسات الخاصة بالزاوية الحمراء أطلق على لقب " أمير الأمراء " وذلك أمام الأساتذة محمد الغزالى وصلاح أبو اسماعيل وإبراهيم شرف وآخرين ومنحنى هذا اللقب إقرارا منه بجهودى فى القضاء على تلك الفتنة المصطنعة . ومن العجب أن السادات فى خطابه يوم 5سبتمبر ( أيلول ) 1981 تناقض مع نفسه تناقضا بينا فى علاقتى بتلك الفتنة المدعاة . إذ ادعى أولا أننى من مثيرى هذه الفتنة فصفق له أعضاء مجلسى الشعب والشورى . ولست أدرى أى سبب يدعو الى مثل ذلك التصفيق وبعد قليل قال إن مؤتمر الجماعات الاسلامية كان له دور مشكور فى القضاء على تلك الفتنة ولست أدرى هل نسى أننى رئيس ذلك المؤتمر أم اعتمد على أن السامعين من أعضاء المجلسين نسوا ما نسبه الى . ولكن كثير الكلام ينسى بعضه بعضا . والمضحك أنهم صفقوا له فى المرة الثانية كذلك ! أهى شهوة التصفيق التى كانت تريح الأعصاب ؟ أم إشعاره بأن كل ما يقوله يستحق التصفيق إعجابا وإرضاء ؟ الله أعلم .