هل تدوس عجلات المصالحة على أجساد المحررين
بقلم : رياض خالد الأشقر
شهدنا خلال اليومين الماضيين احتفالات في كل مكان فرحاً بالتوقيع على المصالحة بين فتح وحماس ، وتلقينا التهاني والتبريكات من العرب والعجم في الداخل والخارج، وخرجت جموع الفتحاويين في غزة تحمل الأعلام الصفراء التي غابت طويلاً ، وتهتف لفتح وابوعمار ودحلان ، بالتأكيد ليس حباً في المصالحة ، بقدر ما هي إثبات للذات الفتحاوية ، وتنفيساً عن أنفسهم، واستفزازاَ لمشاعر الحمساويين فى بعض الأحيان.
في المقابل لم نجد أيا ًمن الرايات الخضراء تُرفع في الضفة الغربية ، فالمشهد في الضفة لم يتغير كثيراً ، ولم نسمع عن خطوات لحسن النوايا بإطلاق سراح مئات المجاهدين والأسرى المحررين الذين تمتلئ بهم سجون الوقائى والمخابرات ، وهؤلاء من ينتظر، حيث كان قد قضى عدد منهم نحبه خلال السنوات الماضية .
ورغم التوقيع التصريحات المتفائلة أمام وسائل الإعلام ، والجميع يحاول أن يُظهر نفسه ، بأنه لم ولن يكون العائق أمام المصالحة ، لا تزال الأجهزة الأمنية في الضفة تمارس سياسة الاختطاف والاستدعاء والمقابلة للأسرى المحررين ولأنصار حركة حماس والجهاد الاسلامى وحزب التحرير وغيرهم، وكأن شيئاً لم يكن .
وهذا الكلام ليس للمزايدة على احد فقد اختطفت أجهزة فتح الأمنية بعد خطاب ابومازن في مقر جهاز المخابرات المصرية بأربع ساعات فقط الأسير المحرر الشيخ وليد عمرو (45 عامًا)، إمام مسجد قرية المجد غرب قرية دورا بعد اقتحام منزله، وهذه المرة الرابعة التي يختطف فيها لدى الأجهزة.
، كما تم استدعاء 20 آخرين بينهم 8 أسرى محررين للاستجواب والتحقيق ، في مكاتب الأمن الوقائي .
وبرأي هذا الأمر ليس له سوى تفسيران لا ثالث لهما ، الأول أن قيادة السلطة في رام الله ،لا تسيطر على تلك الأجهزة الأمنية، وأنها تأتمر مباشرة من أطراف خارجية تولت الإشراف على تدريبها ودعمها بالمال والسلاح ، والأخر أن السلطة في رام الله لا تريد بالفعل أن تدفع استحقاق التوقيع على المصالحة بلجم تلك الأجهزة ، ووضع حد لعربدتها ووقاحتها في التعامل مع شعبنا في الضفة الغربية المحتلة ، وفى كلتا الحالتين لا جدوى من التوقيع على المصالحة ،طالما أن الأمر كذلك ، لان ملف المعتقلين السياسيين ، يمكن أن ينسف ويدمر جهود المصالحة من أساسها .
كان البعض يدعى بان الانقسام هو من افرز ظاهرة الاعتقال السياسي، وان كان هذا الكلام يمكن قبوله على مضض ، إلا أن هذه الذريعة وقد انسحبت الآن وانتهت بعد التوقيع على المصالحة، وانتظار شعبنا لخطوات عملية على الأرض تثبت حسن النوايا ، فما الداعي لاستمرار اختطاف المئات من الشرفاء والأحرار، بل واستمرار حملة الاختطافات حتى الآن ، إلاَّ أن تكون هناك نية لدى البعض لإفشال تلك الجهود في مهدها ، حتى قبل الشروع في التفاصيل .
إذا أردنا مصالحه حقيقةوعلى أسس وطنية يجب إطلاق سراح المجاهدين والأسرى المحررين من سجون السلطة ، كخطوة أولى تؤكد على حقيقة النوايا ، ولا يجب أن تمر عجلات المصالحة على أجساد هؤلاء المظلومين الذين لا ذنب سوى أنهم ارتضوا طريق المقاومة لتحرير الأرض والإنسان، وعانوا في سبيلها الأمرين لدى العدو والصديق، وعلى حركة حماس ألاَّ تبدأ في بحث تفاصيل المصالحة قبل تبييض السجون وتحرير كافة المختطفين، كخطوة إيجابية وبادرة حقيقية لانطلاق مصالحة جدية ووفاق وطني يرضى الجميع.
مختص بشئون الأسرى ومدير الإعلام بوزارة الأسرى
المصدر
- مقال:هل تدوس عجلات المصالحة على أجساد المحررينالمركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات