هـل التاريخ يصنـع الرجـال ؟ - عبقرية حسن البنا
هناك خلاف بين علماء الاجتماع هل التاريخ يصنع الرجال أم أنالرجال هم الذين يصنعون التاريخ ؟ وبعبارة أخرى : هل العظماء هم ا لذين يأتون بالأحداث والمواقف أم أن الأحداث والمواقف هى التى تبرز العظماء ؟
الحق عندى أن الأخذ بأحد الرأيين فيه تجن على الرأى الآخر ذلك أن الناحيتين كل منها تأتى بالأخرى علىالسواء .
فلولا الحال التى وصل اليها المسلمون لما قام ا لامام الشهيد ولولا الإمام الشهيد لما صحا الوعى الاسلامى من رقدته على عهده ويخرج من هذا الخلاف الرسل والأنبياء لأنهم مبعوثون من خالق الأحداث والمواقف وخالق العظماء .
لقد كان وضع المسلمين فى العشرينات وما قبلها فى أشد الحاجة الى من يغير لهم ما كانوا عليه وشاءت إرادة الله أن يكون ذلك على يد الامام الشهيد فهجر كل شىء إلا الاهتمام بحالالمسلمين لأنه منهم وبرز الحقد عليه عند كل من كان يظن أن دور الاسلام والمسلمين انتهى أو كاد . منكان يظن فى تلك السنين أن المسلمين سيستعيدون مكانهم تحت الشمس وأن الشباب المسلم سيستجيب الى نداء الامام ؟ لقد وصفته الصهيونية
بأنه " حسن الأعمى " بعدأن قال فيهم قول الشاعر :
" زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا أبشر بطول سلامة يامربع "
وشاء الله أن يكون حسن البنا عظيما حتى بعد وفاته لأن دعوته اليوم هى الجامعة الكبرى لكل من يريد بالاسلام والمسلمين خيرا لقد انتهى سعد زغلول باستقلال مصر ولم تيق إلا ذكراه .ز وانتهى نلسون بانتهاء معركة الطرف الأغر ولم تبق إلا ذكراه . وغيرها من أمثال كرومويل وبونابرت وقيصر وكل هؤلاء . أما حسن البنا فإن انتقل من دنيا الفناء الى عالم البقاء فإنه ليس ذكرى فحسب ولكنه رمز دعوة تبقى ما بقى الوجود لأنه لم يعمل لوطنية ضيقة أو قومية محدودة ولكنه عمل للدنيا بأسرها اقتداء بزعيمة ونبية ورسوله وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم يوم أن نادى العالم كله { ياأيها الناس إنى رسول الله اليكم جميعا } .
عبقرية حسن البنا
لم يقل يا أيها العرب ولا يا أيها المسلمون ولكن " ياأيها الناس " على مختلف مللهم وألوانهم وأجناسهم إنه يعرف مهمته تماما .فلما أحس بالخطر يقترب أخذ يتردد على الوزراء فى مكاتبهم ومنازلهم فكانوا يتهربون من لقائه لأنهم أجمعوا على التخلصمنه فلماطالب الوزارة باعتقاله مع الإخوان أو فى معتقل إنفرادى أبوا عليه ذلك لأن الأمر عندهم استقر علىاغتياله ولئن اغتال بعض الشباب بعض الوزراء فهذا مالا تقره جماعة الاخوان المسلمين فإن حسن البنا اغتالته دولة بأسرها ,.
وتلك عظمته . فوزير يغتاله شاب أما حسن البنا فأمنع من ذلك وأعز ولا تقدر على اغتياله إلا دولة بكل إمكاتاتها وجيشها وشرطتها . أرأيت " حسن البنا " كيف كان علما حتى فى اغتياله .
وأنا لا أدعى أنى كنت من أكثر الإخوان صلة بالأستاذ لأن عملى وإقامتى لم يكونا فى أول الأمر بالقاهرة بل كان من الاخوان من هو أكثر صلة به منى أمثال د. حسين كمال الدين واللواء صلاح شادى والأستاذين صالح أبو رقيق وفريد عبد الخالق وأمثالهم .
وكما يحدث فى كل جماعة أو حزب أو مجتمع فقد كان لبعض الإخوان آراء واقتراحات تتعارض مع فريق آخر ولكنى بحمد الله كنت بعيدا عن هذه الخلافات كلها وكنت أرى وأسمع وأفكر بعين فضيلته وآذانه وعقله لثقتى المطلقة فى صواب كل ما يرى وقد يكون فى هذا شىء من الخطأ أو الغاء الشخصية عند بعض الناس ولكنى كنت معه " كالميت بين يدى مغسله " وكنت سعيدا بهذا كل السعادة .
وللحقيقة فقد كانت مكانة الإمام الشهيد والإمام الهضيبى فوق كل مكانه فى جماعة الاخوان المسلمين فما تمرد عليهما أحد اعتدادا بمكانته إلا وكان مصيره النبذ والابعاد وتلك من مميزات جماعة الاخوان المسلمين الطاعة المطلقة لمرشدهم فى غير معصية .