نبيه عبدالمنعم يكتب.. الحج محمد دعوة فردية
صلى الحج محمد الفجر فى المسجد وسلم على بعض الإخوة وانطلق الى البيت .
جلس قليلا يرتب بعض أوراقه ولبس ملابسه وخرج مبكرا الى العمل ليصل فى الموعد الى مكتبه فى السجل المدنى فى عاصمة المحافظة، فتح الشباك ليجد طابور المواطنين الطويل الواقفين أمام الشباك.
لمح الحج محمد ابن أحد اصدقاءه واقفا فى آخر الطابور، نادى عليه لينهى له اوراقه أولا دون الآخرين.
حين زام بعض الواقفين . هب الحج محمد فيهم ... جرى ايه يا جماعة ع الصبح دا الغوازى بيخدموا بعض وبيجاملوا بعض . مش حاخدم صاحبى والا ايه.
والتقط الاوراق من ابن صاحبه وختمها دون ان ينظر فيها. وسلم على ابوك ومع السلامة .
التفت الحج محمد للمواطن الأول على الشباك . أوراقك يا حج خلصنا .
طلباتك .
والله يا حج محمد اختملى شهادة الميلاد دى بس فين شهادة ميلاد الأم والأب .
موجودة ومتدبسة مع الورق .
نظر الحج محمد الى الشهادات وقال . يا حضرة الشهادة فيها اسم الام نفيسة . وفى شهادة ميلاد الام زى ما يكون النون دى تاء . لان النقطه عريضه زى ما انت شايف . فطلبك ده مش عندى وما اقدرش اختملك .
. والعمل يا حج محمد .
. انت تطلع على مجمع التحرير فى القاهرة . وتروح السجلات العموميه وفى الأرشيف هناك حيرجعوا للمواليد ولو كان اسم الست والدتك نفيسه مش تفيسه حيختمولك هنا وبعدين انا اختملك .
إنما انا مش مستعد اودى نفسى فى داهية علشان خاطرك .
. طيب يا عم الحج وانا حاكدب ليه فى اسم امى وانت عارف مفيش حد فى الدنيا إسم تفيسه .
. لو سمحت يا اخينا مش فاضيين . خلصنا
اللى بعده .
. والله يا حج محمد عايز اختم الشهادة دى . والاوراق كلها عندك . كانت العشرين جنيه متدبسه فى الاوراق . خلع الحج محمد الدبوس بسرعه واخفى ال 20 جنيه فى الدرج أمامه . وختم الأوراق ولم ينظر إليها .
كان الساعى ينتظر بالقرب من الصف . التقف المواطن اللى رايح السجلات العموميه . نادى عليه . إيه المشكلة يا أستاذ. ما خلصتش ليه . ؟؟
. والله انا . ولم يكمل كلامه حتى بادره الساعى. هات الأوراق وهات 500 جنيه وعدى عليا بعد ساعتين وانا حاحاول تانى مع الحج محمد ونديله اى حاجه . هوه ممكن ما يقبلش ويعملى مشكله بس حاحاول يمكن يطلع بياخد .
دعا المواطن من كل قلبه أن يكون الحج محمد رجلا مرتشيا ويقبل بال 500 جنيه ويخلص بدلا من اللف فى متاهات القاهرة .
انهى الحج محمد نصف الطابور ما بين 200 جنيه داخل الاوراق يضعها فى الدرج . وبين أسماء غير واضحة ونقاط ممسوحة ما تنفعش ليتلقاها الساعى خارج الطابور .
وبعد ساعه من العمل . نادى الحج محمد فى الواقفين بصوت أجش . حنقفل شوية نفطر يا حضرات .
أقفل عم محمد الشباك . ودخل اليه الساعى بما جمعه من أوراق وخمسينات جنيه لتكتمل الدائرة .
أكمل عم محمد يومه وعاد الى البيت بعد أن صلى الظهر جماعة فى المسجد القريب من السجل المدنى .
وذهب ليلحق بصلاة العصر فى البلد بالمسجد .
كان الاخوة فى البلد منبهرين بتقوى الحج محمد وصلاحه .
وكانوا يرونه واحدا من الذين يصلحون لبدء الدعوة الفردية معهم .
بل انهم كانوا يرونه اكبر من ذلك بعلامة الصلاة فى وجهه ومقابلته الطيبة لهم ووجهه البشوش لولا أن الدعوة الفردية والتعارف مرحلة ضرورية من مراحل الإنتماء للإخوان .
لقد كان عم محمد رجلا لطيفا ويكفى صلاته الدائمة فى الجماعة وطريقة استقباله لهم بود وحب حين يزوروه فى بيته أحيانا كما يفعلون مع الناس .
وحين حدثت الثورة وما بعدها وانتخابات الرئاسة كانوا يعتبرون عم محمد منهم . مطمئنين الى أنه واحد من الشعب الذى يثق فيهم وينزلهم منزلة عظيمة .
الا انهم فوجئوا بعم محمد قبل 30 يونيو بشهرين يصب جام غضبه على مرسي وأخطاءه و فى 30 يونيو كان فى قلب ميدان التحرير يهتف ضد مرسي
ثم كانت المفاجأة العظيمة حين رأوه يوزع شربات فى الشارع يوم الانقلاب .
وحين سألوه مستنكرين . قال لهم يااله يا خرفان . كنتو حتودوا البلد فى داهيه انتو ومرسي .
وجاء يوم واحد يوليو ليكون عم محمد فى مكتبه فى السجل المدنى مستبشرا سعيدا مطمئنا بالعشرينات فى الأوراق والخمسينات مع الساعى .
المصدر
- مقال: نبيه عبدالمنعم يكتب.. الحج محمد دعوة فردية موقع الشرقية أون لاين