موقف مؤسسات الإفتاء العربية من ثورات الربيع العربي 2011م الحلقة الثانية (مصر)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
موقف مؤسسات الإفتاء العربية من ثورات الربيع العربي 2011م - الحلقة الثانية (مصر)


إخوان ويكي

مقدمة

كانت الأوضاع في العالم العربي تنذر بحدوث تغيرات جذرية قادمة لا محالة في الفترة التي سبقت ثورات الربيع العربي، فالظلم قد شمل جميع المؤسسات، والوضع الاقتصادي كان في أسوء درجاته، والاستبداد السياسي كان يحكم قبضته الخانقة على أعناق الجميع فلم يعد هناك متنفسا، حتى المؤسسات الدينية كانت مطية وفق أحكام ورغبات النظام.

كان حرق محمد بو عزيزي لنفسه من جراء الظلم الاجتماعي عليه من النظام الحاكم وسلطته التنفيذية بتونس العامل الذي أشعل جذوة الثورات في العديد من المجتمعات العربية، فما كاد الهتاف الأشهر ينطلق من حناجر التونسيين "هرب بن علي" حتى أصبح حلم التحرر من الظلم والاستبداد يرتسم أمام أعين الشعوب المظلومة والتي عاشت سنوات من الظلم والاضطهاد والفوارق الاجتماعية.

أيام قليلة بين هروب زين العابدين بن علي رئيس تونس ودعوة المصريين للخروج ضد ظلم وزارة الداخلية بقيادة حبيب العادلي الذي سرعان ما تحولت للخروج على النظام كله والمطالبة برحيله، والتي سخر منها مبارك بقوله أمام برلمان الزور عام 2010م "خليهم يتسلوا" ردا على دعوات الشباب للخروج ضد النظام، وهي الكلمات التي أشعلت جذوة الحماسة في قلوب الشعب للخروج ردا على استهانة وسخرية الرئيس من الشعب وغضبته.

وبالفعل خرجت الجموع يوم 25 يناير في كثير من المدن والمحافظات والميادين ضد الفقر، والجهل، والبطالة والغلاء ويطالبون برحيل الحكومة، إلا أن عقلية النظام لم تتحمل مثل هذه التحركات فخطط لقمع هذه التجمعات – خاصة المتواجدة في ميدان التحرير - وعند منتصف الليل لجأت قوات الأمن المركزي لفض اعتصام آلاف المصريين بالقوة في ميدان التحرير، فقتل فيه بعض المتظاهرين واعتقل البعض، مما أشعل جذوة الغضب خاصة في محافظة السويس قبل أن تنتقل لمحافظات أخرى.

لم تفرق بين يوم الثلاثاء 25 يناير والجمعة 28 يناير إلا أيام بسيطة تحول فيها المتظاهرين لموج هادر لم يستطع النظام استيعابه ولا صده، كما لم يتنبأ به أجهزة الدول الغربية، بدأت باعتقال عدد من النشطاء والسياسيين سواء من جماعة الإخوان المسلمين أو غيرهم من الحركات في محاولة من النظام لتشتيت جهد وكلمة المتظاهرين، ومحاولة فصل القيادة عن القاعدة – كما ظنوا – غير أن المظاهرات لم يكن لها قيادة موحدة، وزاد من الوضع سوء قطع وزارة الاتصالات خدمة الإنترنت والرسائل القصيرة (sms) والاتصال عبر الهواتف المحمولة في جميع أنحاء الجمهورية المصرية.

حاول النظام وقف السيل الهادر للمتظاهرين بكل الوسائل المتاحة حتى أنه لجأ للجانب الديني – لإدراكه أنه من أكبر الجوانب المؤثرة في الشعب المصري – فكانت كلمات وفتاوي دار الإفتاء المصرية ومشيخة الأزهر تجاه هذه التحركات الشعبية والتي كانت نموذجا مخزيا للمؤسسات الدينية التي كانت تعمل فحسب لأجل صالح النظام لا لأجل الدين أو الشعوب.

دار الإفتاء المصرية وثورة يناير

كان على رأس دار الافتاء المصرية إبان ثورة الـ25 يناير الشيخ علي جمعة الذي اختاره مبارك مفتيا لمصر في الفترة من 2 شعبان 1424هـ الموافق 28 سبتمبر 2003 وحتى 3 مارس 2013 ، لتبلغ مدة توليه 9 سنوات و ستة أشهر، على الرغم من كونه لم يحظ بالعلم الذي يؤهله لهذا المكان إلا أن اعتبارات ومؤهلات أخرى كان يجيدها علي جمعة كانت سببا في اختياره لهذا المكان.

من هو مفتي المرحلة؟

هو علي جمعة محمد عبد الوهاب ولد في 3 مارس 1952 بمحافظة بني سويف (شمال صعيد مصر)، وتخرج من المدرسة الثانوية عام 1969م، والتحق بجامعة عين شمس في القاهرة وحصل على شهادة البكالوريوس في التجارة في عام 1973م.

قام كغيره بالانتساب إلى الأزهر حيث التحق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية وتخرج منها سنة 1979م، حيث استكمل الدراسات العليا في تخصص أصول الفقه بكلية الشريعة والقانون، وحصل على الماجستير عام 1985، ثم الدكتوراه عام 1988م.

شغل علي جمعة العديد من الوظائف الدينية والعلمية خلال مشواره المهني حيث كان عضواً في لجنة الفتوى بالأزهر الشريف خلال الفترة (1995-1997)، وعضواً في مؤتمر الفقه الإسلامي بالهند، ومستشار وزير الأوقاف خلال الفترة (19982003)، والمستشار الأكاديمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي ومدير مكتب القاهرة خلال الفترة (19922003)، وعضو الرقابة الشرعية لبنك التنمية الزراعي خلال الفترة (1997-2003)، وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف خلال الفترة (1995-1997).

وتولى الإشراف على جامع الأزهر الشريف منذ سنة 1999-2013م، وعضو في مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، وعضو في مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر. (1) إلا أنه لا يعرف لجمعة علم غزير أو مقولات تشي بالورع والتقوى، وتكاد شهرته تقتصر على الفتاوى المثيرة للجدل وغير المنطقية التي لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية.

علي جمعة والخوف من الثورة

"علماء السلطان" هو مصطلح يطلق على مجموعة الأشخاص الذين لديهم قدر من العلم الشرعي ولكن يستعملونه بشكل أو بآخر لخدمة مصالح أمير أو قائد أو زعيم أو سلطان معين حتى وإن كان هذا لا يتماشى مع أخلاقيات ذلك العلم أو مع النصوص الشرعية ويقومون بلوي أعناق النصوص لتناسب مصالح حكامهم ومن فوقهم ويطلق عليهم أيضاً:" شيوخ السلاطين" و "شعراء البلاط" أو "شيوخ البلاط".

ولهذا كان أخوف ماخافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمّته، (كلّ منافق عليم اللسان) خرجه أحمد والضياء في المختارة، ولأحمد من حديث أبي ذر : (غير الدجال أخوف على أمتي من الدجال، الأئمة المضلون). فعلماء السلطان هم الذين يلبسون على الامة من أجل دراهم السلاطين والملوك على حساب الشعوب.

وعلي جمعة، تجاوز كل ما سبق أن سمعناه عن علماء السلطان وعلماء البلاط من تبريرهم لكل أهواء السلاطين، وربما بات وصف عالم السلطان أو عالم البلاط مدحا فيه مقارنة بمواقفه المخزية التي ستذكر عبر التاريخ وستبكي أجيالا على مدى انحطاط قدر العلماء في عهدنا هذا، وستأتي أجيال بعدنا تتندر بمفتي الديار وسلطان الديار وأهل الديار، وبفتاوى الديار التي بلغت بعلي جمعة أن أفتى ليلة جمعة 3 فبراير 2011 –أي قبل سقوط مبارك بأيام - بضرورة إسقاط فرض صلاة الجمعة درءا للفتنة وحتى لا يسقط "ربّه" حسني مبارك. (2)

حتى أن الدكتور يوسف القرضاوي – الرئيس السابق لاتحاد علماء المسلمين – وصفه في رسالة بعد انقلاب 3 يوليو 2013م بقوله:

"علي جمعة يجيد التزييف والمراوغة وينتمي إلى المدرسة التي تسير في ركب السلطان حيثما حل أو ارتحل، وتقف مدافعة عنه، وتلتمس الأعذار لفظائعه، وتتمحل الأدلة الشرعية لجرائمه، وهم ينظرون إلى الشعوب كالرعاع، الذين لا حقوق لهم، ولا قيمة لآرائهم، وحينما عُين مفتي أصابه ما أصابه من السُّعار، فأفتى بفتاوى شاذة، لا تصدر عن تحقيق، ولا علم دقيق، ولا دين وثيق، وقد لامه إخوانه عليها، مثل اعتبار النقود الورقية غير شرعية، وأجاز فيها التعامل بالربا، وأباح للمسلم بيع الخمر ولحم الخنزير، وما قيل عن الاغتسال باللبن، إلى غير هذه الفتاوى الشاذة". (3)

كان علي جمعة خلال مسيرته في دار الإفتاء مثالا للعالم المتلون الذي غير كثيرا من فتاواه وفكره قبل أن يتبوأ منصب المفتي خلفا للشيخ أحمد الطيب، إرضاء للحاكم الذي اصطفاه واختاره ليكون في هذا المكان، ولذا جاءت جميع فتواه لخدمة مبارك ونظامه ولإثارة الجدل وسط الشعب لشغله عن المطالبة بالإصلاح وبالعيش الكريم.

فمنذ أن جلس فوق كرسي المفتي وقد مرت بمصر كثير من الأحداث والمطالب الشعبية بالإصلاح، إلا أنه كان متسقا مع ما يريده النظام ضد أي حراك يطالب بالعيش الكريم أو الاصلاح الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي أو العيش في حرية دون خوف، وتجلى ذلك في موقفه من حراك 25 يناير 2011م الذي وضع النظام في حالة انهيار فطوع جميع المؤسسات في محاولة للحفاظ عليه من الانهيار أمام الضربات الشعبية الثورية.

ما إن تحرك الشعب لإزاحة نظام مبارك حتى سارع المفتي علي جمعة من خلال الخطب أو المداخلات التلفزيونية أو التصريحات من شد أزر النظام ومحاولة دغدغة مشاعر الناس بالدين وصرفهم عما يقومون به من انتفاضة في وجه النظام

ففي مداخلة له مع التليفزيون أثناء مظاهرات يناير 2011م قال:

يجب عليكم أن تنسحبوا جميعا، دعوا الشرعية تعمل فإن الخروج على الشرعية حرام حرام حرام، وأنتم ترتكبون هذا الهياج وهو ليس في مصلحة البلاد، وسيذهب بها للخراب، ولقد تبين أمام العالم كله أن الشعب مع مبارك والأغلبية مع مبارك، وهذه هي الشرعية التي أمرنا أن نسير وراءها. (4)

وفي حوار مع برنامج واحد من الناس لعمر الليثي حينما سأله أن الدكتور يوسف القرضاوي ينادي بحشد الشباب في ميدان التحرير قال علي جمعة بأن الدكتور القرضاوي مغيب عن الواقع المصري وهو جالس في الدوحة بجوار الجزيرة لا يسمع إلا لها وأنه لا يدرك أن البلد معطلة وأن هناك ارزقيه لا يجدوا لقمة العيش.

وبلغ الأمر به أن أحل عدم إقامة صلاة الجمعة – بحجة درأ الفتنة لكنها كانت لإعطاء جواز للناس بعدم الخروج لصلاة الجمعة ومشاركة الثوار بل أضفى شرعية على متظاهري مبارك في مصطفى محمود بأنهم مع الشرعية والدستور – حيث قال: وكثيرا سألني هل يجوز عدم الذهب لصلاة الجمعة غدا أجيب بأنه نعم يجوز ترك الجمعة اذا خشى الانسان الفتنة مما يحدث في الشارع المصري، خاصة أن هناك متظاهرين في مصطفى محمود يقفون مع الحاكم الشرعي ويقفون مع الدستور ويقفون من الاستقرار كفانا خسارة وبلاء. (5)

حتى أن الدكتور يوسف القرضاوي في رسالته إليه بعد انقلاب 2013م ذكره بموثقه من ثورة يناير بقوله:

"ما زالت الأجيال تذكر يا شيخ علي، لم يصبها الخرف أو الزهايمر، موقفك من ثورة يناير، ودفاعك المستميت عن الرئيس مبارك، الذي عينك في منصب الإفتاء، وقد سجل التاريخ دعوتك لثوار 25 يناير بالعودة إلى بيوتهم، وتحريمك الخروج على الحاكم المزور مبارك، ونعتك له بالحاكم الشرعي للبلاد، مع أن البلاد والعباد يضجان لله بالشكوى من الفساد الذي نخر في مصر".

وتابع "القرضاوي" بالقول إن "جمعة" بدّل مواقفه بعد نجاح ثورة يناير، وأصبح من رجال الثورة المغاوير، مضيفًا أن "رأيناه في حوار مع إحدى المذيعات، يتحدث بلسان الثائر، قائلًا: الحمد لله لقد آتت الثورة المصرية ثمارها في فترة قصيرة". (6)

ويؤكد على ذلك جمال سالم ومحمد أبو المجد اللذين أكدا أن تصريحات الدكتور علي جمعة، المفتي السابق في فترة الثورة، تؤكد بدورها حرمة الخروج على الحاكم، ووجوب أن يقوم المتظاهرون بترك الميادين والعودة إلى بيوتهم، لأن وجودهم "مخالف لشرع الله الذي أمرنا بطاعة الحكام أو ولي الأمر". (7)

جمعة كان مؤيدا لنظام مبارك ومعارضا بشدة لحكومة محمد مرسي، واستغل خطبة الجمعة في صيف 2012 في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية بين مرسي و أحمد شفيق، كفرصة لإعلان تأييده لشفيق، وذهب إلى حد القول: "إن شفيق كان أقرب إلى الله من مرسي". (8)

ووفق كثير من الكتاب والمثقفين والعلماء فإن فتاوي علي جمعة جاءت متسقة مع ما يريده نظام مبارك، فقد وصف مبارك بأنه ربّ الأسرة المصرية، وأنه القائد الفارس النبيل، وأن علاء مبارك وزوجته وابنُهما سيَدخُلان الجنة، والشيعة طائفة متطورة ولا حرج من التعبد على مذاهبها، والتصوف هو الدين رغم أنف المنكرين، وأن النقاب ثقافة عفنة

حتى أنه في يوم 3 آذار مارس 2009م احتفل بعيد ميلاده ال57 في ضيافة نادي ليونز مصر الدولي -المعروف بتبعيته للماسونية - وبحضور عدد من الفنانات والممثلات المصريات إلى جانب عدد من رجال الأعمال منهم رجل الأعمال القبطي هاني عزيز المتهم بالفساد والذي صدر في حقه أكثر من 27 حكم قضائي غيابي بالسجن. (9)

و دافع في أثناء لقائه مع مجموعة من اليهود الأمريكيين والإسرائيليين ضمن مؤتمر في المعهد الأمريكي للسلام بأمريكا عن اليهود والصهيونية، مؤكدا أن الصورة الذهنية للعرب والمسلمين عن اليهود خاطئة، وطالب اليهود بتصحيحها، وأكد أن اليهود والإسرائيليين والصهاينة مقصرون في تصحيح صورتهم في العالم العربي وللشعوب العربية.

المحلل للعسكر

يذكر الكثيرون أن علي جمعة ورقة "دينية" مهمة بيد نظام العسكر حاليا لوقف حركة عصيان الأوامر في الجيش، لذلك، فإنه يخترع فتاوى تخدم إطارا سياسيا معينا، كما كان في عهد مبارك.

فعلي جمعة الذي حرم الخروج على الحاكم مبارك ووصفه بالحاكم الشرعي وقت أن كان مفتيا، لم يصدر عنه شيء وقت الاحتجاجات ومشاهد القتل والتخريب وترويع الأمنين أثناء حكم محمد مرسي، بل حينما تحرك الجيش بانقلابه على الرئيس المنتخب أيد بقوة هذا الحراك واعتبره شرعيا لفقدان مرسي شرعيته لأنه في حكم المحجور.

ورغم أنه رأى رؤيا العين مسجد رابعة العدوية بعد حرقه ومسجد الفتح برمسيس بعد تخريبه ورغم أنه شاهد قطعا صور جثث المصريين الذين حرقوا حتى تفحمت أجسادهم في المساجد، ورغم أنه قرأ وسمع عن "الأَسرى" الذين حرقوا في سيارات الداخلية، فإنه ذهب للعسكر ليشد من أزرهم ويثبتهم على ما هم فاعلون، ففي كلمة له ألقيت في أغسطس عام 2013، في حضور عبد الفتاح السيسي ومحمد إبراهيم وزير الداخلية

قائلا:

"اضرب في المليان، وإياك أن تضحي بأي من جنودك من أجل هؤلاء الخوارج.. طوبى لمن قتلهم وقتلوه.. إننا يجب أن نطهر مدينتنا ومصرنا من هذه الأوباش، إنهم لا يستحقون مصريتنا، إننا نصاب بالعار منهم، يجب أن نتبرأ منهم براءة الذئب من دم يعقوب".

كما أكد للحاضرين أن

"الرؤى قد تواترت بأنهم مؤيدون من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم".

وأكد أن الرئيس محمد مرسي سقطت شرعيته؛ لأنه صار "إماما محجورا عليه"، وذكر أن مرسي "لم يكن كفئا لحكم مصر، لذلك ثار الشعب المصري ضده، وأنه كان يمتلك الشرعية الخاصة بالصندوق، لكن سقطت شرعيته حينما سحبها منه أهل الحل والعقد وهم: قائد الجيش، وقاضي القضاة، وشيخ الأزهر، وبابا الأقباط". (10)

وما زال علي جمعة يستخدم الدين في تزين الباطل وطمس معالم الحق، وما زال يصدر الفتاوي التي تثير الجدل وتشغل الناس عما يحدث من انهيار سياسي واقتصادي واجتماعي للوطن، بل ويطلب في أحاديثه من الشعب المصري الصبر والتحمل لمواجهة الأزمات وليتمكن السيسي من النهوض بالبلد.

والأزهر على خطى المفتي

بعد أن تولى دار الافتاء لمدة عام اختاره مبارك ليكون شيخا للأزهر خلفا للشيخ سيد طنطاوي عام 2010م – رغم مواقفه أثناء عمله في جامعة الأزهر سواء في مجال التدريس أو كرئيس للجامعة – وهو ما أهله ليكون في هذا المنصب لاستكمال خدمة نظام مبارك، وبالفعل صدقت رؤية مبارك حيث تجلت مواقف شيخ الأزهر واضحة في ثورة 25 يناير التي أنكرها شيخ الأزهر بل وحرم الخروج على الحاكم.

ورغم تأكيدات "الطيب" المستمرة باستقلالية مواقف الأزهر في نظرته إلى الأحداث السياسية، إلا أن التاريخ يؤكد أنه أصدر بيانات تزيد على العشرة إلى شباب المتظاهرين في ثورة 25 يناير، يطالبهم فيها بفض مظاهراتهم، ويؤكد حرمة الخروج على الحاكم الشرعي، حتى أن المتحدث الرسمي باسم مشيخة الأزهر قدم استقالته واعلن انضمامه لثوار ثورة يناير.

الباحث أحمد عبد الرحيم، رصد في دراسة له، موقف الأزهر، مؤكدًا أنه منذ بداية الدعوة إلى التظاهرات الحاشدة في أنحاء مصر بدايات 2011، لم يخرج الموقف الأزهري الرسمي عن "المتوقع" منه: "كلامٌ عامٌّ مستهلكٌ حول "حرية إبداء الرأي"، ووجوب "سلمية" التظاهرات، مع التأكيد الدائم، بمناسبة ودونها، على الثقة في "القيادة الرشيدة الحكيمة للرئيس مبارك والقيادات الأمنية".

ويضيف عبد الرحيم:

"تأكَّد موقف الأزهر غير الإيجابي من هذه التظاهرات، وانحيازه مع نظام مبارك، يوم 28 يناير 2011، "جمعة الغضب" حيث لم تكن التظاهرات قد هدأت طوال الأيام الثلاثة السابقة، وبدأت أسقف المطالبات تعلو، لكن مجلة "صوت الأزهر"، الناطق الرسمي للأزهر جامعًا وجامعةً، بادرت بنشر تهنئةً لوزير الداخلية، حينها، اللواء حبيب العدلي، مع صورة كبيرة له، بمناسبة "عيد الشرطة"!.

الغريب أن الإمام الأكبر، قام، قبيل خطاب "تنحي مبارك" بساعات، بالتصريح للتليفزيون الحكومي بأن المظاهرات غدت حرامًا، حيث تحققت مطالب الميدان، وانتهى "النظام" بقرار "الرئيس" بتعيين نائبه اللواء عمر سليمان وإعطائه كل الصلاحيات المطلوبة، وهو الموقف الذي اضطره لاحقاً، وأكثرَ من مرة، إلى الاعتذار عنه، مبرراً إياه بأن دافعه كانت حقنَ الدماء وتهدئةَ الأمور، ناسيًا او متناسيًا أنه قبيل التنحي أيضًا، طالب المتظاهرين في ميدان التحرير وكل المحافظات المصرية بالعودة إلى بيوتهم وفض اعتصامهم فوراً، معتبراً أن ما يحدث نوع من الخروج على الشرعية.

لكن ما لاحظه الجميع بقوة هو التزام الدكتور أحمد الطيب والدكتور علي جمعة الصمت التام في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، خاصة مع إعلان العديد من القوى أنها ستحوله إلى يوم دام، ولم يقل أحدهما إنه لا يجوز الخروج على الحاكم المنتخب، بل إن تأمّل موقفهما طوال فترة حكم الدكتور محمد مرسي سنجدهم لم يدينوا مظاهرة أو إحراق مؤسسة حكومية أو حتى محاصرة القصر الجمهوري أكثر من مرة. (11)

وتذكر صفية عامر:

أن الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، أحمد الطيب، حثّ في بيان له في 3 فبراير، الشباب على التعقل، وزعم أنّ الأحداث يراد بها تفتيت مصر وتصفية حسابات وتنفيذ أجندات خارجية، ودعا شباب الميدان إلى العودة إلى بيوتهم وتهدئة الأوضاع، وتلا ذلك إعلان المتحدث الرسمي باسم مشيخة الأزهر السفير، محمد رفاعة الطهطاوي، استقالته من منصبه وانضمامه بشكل كامل إلى المعتصمين في ميدان التحرير، وأنّه يساندهم بكلّ ما أوتي من قوة، ولن يترك الميدان إلا برحيل الرئيس حسني مبارك عن الحكم. (12)

لكنه شارك في الانقلاب على الرئيس المنتخب، بل شاهد المذابح التي ارتكبها العسكر دون أن يحرك ذلك منه شيء. وهكذا اصبحت المؤسسات الدينية في سوريا – والعالم الإسلامي - حربا على كل من يعمل من أجل رفعة الدين والوطن خدمة للحاكم ونظامه القائم.

المراجع

  1. السيرة الذاتية: موقع علي جمعة
  2. علماء السلطان
  3. بسام رمضان: القرضاوي»: علي جمعة «جنرال الأزهر ومتحدث عسكري باسم الانقلاب»
  4. علي جمعة أثناء ثورة 25 يناير: الخروج على مبارك حرام والثوار خوارج يجب قتلهم يوتيوب
  5. حقيقة موقف المفتي علي جمعة من ثورة 25 يناير: مداخلة مع عمر الليثي قناة دريم
  6. "القرضاوي»: علي جمعة «جنرال الأزهر ومتحدث عسكري باسم الانقلاب» مرجع سابق.
  7. جمال سالم ومحمد أبو المجد: المظاهرات بعيون الأزهر.. "حرام – حلال – حرام"، 21 يناير 2014م
  8. خطبة الجمعة لعلي جمعة قناة cbc
  9. هيثم الكحيلي: محطات في تاريخ "مفتي العسكر"، 9 أكتوبر 2013م
  10. علي سعادة: علي جمعة.. "المفتي" برتبة جنرال، 6 يوليو 2015م
  11. جمال سالم ومحمد أبو المجد: المظاهرات بعيون الأزهر.. "حرام – حلال – حرام" مرجع سابق.
  12. صفية عامر: مواقف متباينة لرجال الدين من ثورة 25 يناير، 25 يناير 2020م