ملامح حول تربية الأولاد في الإسلام

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

بقلم:د.أحمد عبدالهادي شاهين

ملامح حول تربية الأولاد فى الإسلام

الدكتور:أحمد عبدالهادي شاهين

عوامل التأثير فى النشئ وتكوين فكره وعاداته وتقاليد تدور غالبا حول هذه الأمورالرئيسة:

1-البيت: وهو أهم وأقوى عوامل التأثيرعلى الإطلاق، إيجابا وسلبا، فلإذا كان البيت مستقيما، نشأ الأولاد على الاستقامة، وإذا كان البيت فى حالة من الضياع والتسيب، انعكست هذه الصورة على الأولاد، والتعامل مع الطفل من أصعب المهمات الشاقة التى تحتاج إلى دراسة وخبرة.

والتربية مسئولية الأب والأم معا، فانشغال الأب فى العمل من أجل تحصيل المعاش، لا يلغى دوره فى التربية، وأقل دور للأبوين هو المحافظة على سلامة الفطرة للطفل منذ صغره، وفى الحديث قال-صلى الله عليه وسلم-: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه).

2-المدرسة: وهى تانى عوامل التأثير، حيث يقضى الطفل فيها أربعين ساعة فى الأسبوع، والطفل صفحة بيضاء، ينقش فى عقله ما يتعلمه فى صغره، ويتعود عليه، ويكون جزءً من سلوكه وأخلاقه.

3-الإعلام: حيث يقضى الطفل ساعات طوال أمام التلفاز، أو الفيديو، أو النت، وتكرار الأفكار والبرامج يرسخ ذلك كله فى ذاكرة الطفل، ويصبح ما يشاهده جزءً من حياته اليوميه.

4-المسجد: وهو من عوامل التأثير فى رواده، وهذا متوقف على مدى حضور الطفل إليه، ومدى الأنشطة التى يحضرها، ويشارك فيها.

5-الشارع والجيران والأصدقاء: وهى من عوامل التأثير عموما، وفى الحديث قال-صلى الله عليه وسلم-: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) . وفى الحديث أيضا قال-صلى الله عليه وسلم-: (لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقى) .

بعض الملامح العامة حول تربية الطفل فى الإسلام

1-استحباب البشارة، والتهنئة بالمولود، والدعاء له، قال تعالى: (وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) . وقال تعالى: (يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا) .

وثويبة بشرت أبا لهب بمولد الرسول-صلى الله عليه وسلم- فأعتقها، فكانت الحرية هى ثمن البشارة. ومن أدعية الحسن البصرى-رضى الله عنه-للمولود يقول: (بورك لك فى الموهوب، وشكرت الواهب، ورزقت بره، وبلغ أشده).

2-استحباب الأذان والإقامة عند الولادة، أبو رافع يقول: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أذن في أذن الحسن بن علي، حين ولدته فاطمة بالصلاة.) وذلك حتى يكون أول ما يقرع الأذن كلمة التوحيد.

3-استحباب تحنيكه عندما يولد: مضغ تمرة أو نحوها، ودلك حنك المولود بها، وذلك لتقوية عضلات الفم والحنك والفكين، أبو موسى الأشعرى –رضى الله عنه-دفع بولده إلى النبى-صلى الله عليه وسلم- فسماه إبراهيم، وحنكه بثمرة، ودعا له بالبركة.

4-استحباب حلق رأس المولود يوم سابعة، والتصدق بوزن شعره فضة أو ذهب، وفى الحديث (أمر النبى-صلى الله عليه وسلم- بحلق رأس الحسن والحسين يوم سابعهما، فحلق وتصدق بوزنهما فضة) ويكره القذع وهو حلق بعض الرأس وترك البعض.

5-التسمية بأحسن الأسماء، وفى الحديث قال-صلى الله عليه وسلم-(إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء أبائكم فاحسنوا أسمائكم) . وفى الحديث أيضا قال-صلى الله عليه وسلم-(تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة) ويستحب تكنية الأولاد، يقول أنس كان لى غلام صغير-أى أخوة- فكان النبى-صلى الله عليه وسلم-يقول له حينما رأى معه عصفورا: (يا أبا عيمر ما فعل النغير) .

6-العقيقة وهى الذبحية عن المولود يوم سابعه، للغلام شاتان، والجارية شاة، وفى الحديث قال-صلى الله عليه وسلم-: (الغلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى فيه، ويحلق رأسه) .

7-الختان: وهو من سنن الفطرة، وهو واجب على الذكور، ومكرمة للنساء، وله فوائد صحية وطبية كثيرة أكدها العلم الحديث.

من حقوق الأبناء على الآباء

أجمل شئ فى الحياة، أن يكون للإنسان أولاد بررة، يتأدبون معه، ويعرفون قدره، ويقومون على رعايته فى كبره، ويدعون له بعد وفاته.

ولا يختلف عاقل فى كون الأولاد نعمة من نعم الله تعالى، خاصة إذا كانوا صالحين وأوفياء مع أهليهم. وإنما أولادنا أكبادنا تمشى على الأرض. إذا هبت الريح على أحدهم امتنعت عينى عن الغمض.

والأولاد ثمرة جهد الآباء فى التربية، وانعكاس لحياة الوالدين، فالأبوان عليهما مسئولية كبيرة، وواجبات عظيمة، نحو أولادهم.

ونحاول أن نتعرف على بعض هذه الواجبات التى الزم بها الإسلام الآباء، أو بمعنى آخر الحقوق التى أوجبها الإسلام للأولاد على آبائهم.

1- حماية الأولاد من كل ما يضرهم فى الدنيا والآخرة، سواء كان الضرر فى الدين، أو الجسم، أو العقل، أو النفس، قال تعالى: (ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها النار والحجارة) .

فالأولاد قطعة من آبائهم، وأمانة فى أعناقهم، والوقاية تكون بحسن تربيتهم، وتأديبهم، وتعليمهم، خاصة فى سن الطفولة، فمن شب على شئ شاب عليه.

والطفل يولد على الفطرة صفحة بيضاء، يجب المحافظة عليها بالتربية الدينية الصحيحة، بتعليمهم آداب الإسلام، وغرس خصال الخير، ومكارم الأخلاق، وعلو الهمة، والفضائل الإنسانية النبيلة.

وينشأ ناشئ الفتيان منا على ماكان عوده أبوه.

ومن حقوق الأولاد العامة على أبنائهم ما يأتى:

1- حسن اختيار الأم

فهى تمكث مع الأولاد أكثر من الأب، ودورها فى التربية أكبر من الأب، فإذا كانت الأم صالحة انعكس صلاحها على أولادها، والعكس، وصلاح الأم يكون بتدينها، وأدبها، وأخلاقها، والتزامها بالحشمة والفضيلة، وحسن تعاملها مع زوجها وأولادها. قال تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم).

فالأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعباً طيب الأعراق

2- تسميته بأحسن الأسماء

فيختار الوالدان إسماً يحبه الطفل، ويألفه الناس، وغالباً ما يكون للإسم انعكاس على شخصية الولد، سلباً وإيجاباً، واسمه يلازمه طوال حياته، بل يتذكره الناس به بعد موته، وينادى به يوم القيامة. وفى الحديث: (إن خير أسمائكم الحارث وهمام) وجد نبينا محمد عبد المطلب حينما سمى حفيده محمداً، فقال سميته محمداً ليكون محموداً فى الأرض وفى السماء.

بعض الأباء يسمى أولاده بأسماء لا تعرف منها إن كان مسلم أو غير مسلم، خوفا عليه فى المستقبل أن لا يجد وظيفة فى هذا المجتمع، وهذا تصرف غريب وعجيب، فالرازق هو الله سبحانه وتعالى.

3- تحفيظه شيئاً من القرآن

فالتعليم فى الصغر كالنقش على الحجر، وذاكرة الطفل صفحة بيضاء، فيستحب أن تستفتح بحفظ كلام الله تعالى القرآن الكريم.

وهذا له فوائد كثيرة على الطفل، فيقوى ذاكرته، ويقوم لسانه، وينمى الذكاء، ويدفع للمناقشة والتفوق، ويحفظ الولد من الإنحراف.

4- تنشئة الطفل على حب الدين، و تعظيم أحكامه

وخاصة الفرائض والأركان، من الصلاة والصيام وحضور الجمعة، وارتياد المساجد، والأداب الإسلامية من احترام العلماء، والكبار، والمعلمين، ومساعدة الآخرين من الضعفاء، والمحتاجين.

إن لقمان عليه السلام غرس فى ولده كل هذه المعانى وهو صغير، فغرس فى قلبه حب الله، وتعظيمه، وبر الوالدين، وتعظيم الفرائض، ومراقبة الله، وجمال المظهر، وحسن الخلق فى كل شئون حياته.

وفى الحديث: (إن الله يسأل كل راع عما استرعاه، حفظ أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) وفى الحديث أيضا: ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).

ماذا يستفيد الإنسان إذا ربح أموال العالم كله، وخسر نفسه، وأولاده، تلك هى الخسارة الكبرى التى قال الله تعالى عنها: (قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين)

إن أكبر نجاح للإنسان فى الحياة، أن يحسن تربية أولاده، وتعليمهم، وتأديبهم حتى يكونوا ذكراً حسناً لآبائهم، يتذكرونهم بالدعاء بعد رحيلهم عن الحياة.

وفى الحديث (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، منها ولد صالح يدعو له)

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المحافظين على أداء واجباتنا نحو أولادنا.