مرض الشاطر والزمر وهدية شفاء الرئيس
بقلم : أيمن نور
أمنية
لا أحد في مصر لم يتمن الشفاء للرئيس مبارك، وعودته لأسرته سالماً، عقب الجراحة التي أجراها مؤخراً في ألمانيا.. فمهما كان الخلاف السياسي، يبقي «المرض والحياة والموت» ثالوثاًَ مقدساً فوق الخلاف أو الاتفاق السياسي.
تمتع الرئيس مبارك طوال عمره بلياقة صحية دائمة، كما مر بأزمات صحية عابرة، كان أخطرها الجراحة الأخيرة لإزالة الحوصلة المرارية، وقبلها الأزمة التي تعرض لها بسبب دور برد، والتي أدت لسقوطه مغشياً عليه داخل مجلس الشعب في نوفمبر 2003، ثم الجراحة التي أجراها في العمود الفقري لإزالة غضروف في 21 من يونيو 2004.
وإذا كانت الصحة ـ كما يقولون ـ تاج علي رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضي، فلعل الأزمة الصحية التي مر بها الرئيس تحمله علي أن يراجع بعض الملفات المتصلة بصحة بعض مخالفيه ومعارضيه الموجودين رهن الاعتقال أو السجن، حيث تغلب فرص الفناء فرص الشفاء.
معتقلون مرضي
أبرز أوراق هذا الملف هي المتصلة بالمهندس خيرت الشاطر.
خيرت الشاطر كالأبطال في المسرح الإغريقي، تلاحقه الصواعق والرعود، والزلازل والبراكين.
محاكمات عسكرية، اعتقالات ، مصادرة أموال وممتلكات سنوات قضاها الرجل في سجون الظلم والتنكيل، دون أن تخور قواه النفسية.. دون أن يرفع الراية البيضاء، أو يتراجع عن مواقفه ومعتقداته، ووسطيته.
ماتت أمه منذ أشهر، وتزوج بناته الثماني، وهو خلف القضبان « وسط أحزان بدلاً من الأفراح» وأصيبت زوجته مؤخراً بجلطة!!
ثلاث سنوات قضاها المهندس خيرت الشاطر، علي ذمة القضية العسكرية الأخيرة، وقبلها سنوات علي ذمة قضايا أخري، أو اعتقالات بلا قضايا أو قضاء!!
صاحب القامة الضخمة، والقيمة، امتدت إلي جسده أمراض السجون، وربما تحالفت عليه وتمكنت منه فتضخمت عضلة القلب بسبب الارتفاع الشديد في الضغط وسدت الشرايين التاجية بسبب السكر في الدم، الذي امتدت مضاعفاته للكلي والأعصاب الطرفية وشبكية العين.
بات المهندس خيرت الشاطر في خطر داهم يهدد حياته، مع مخاوف متزايدة من جلطات القلب والذبحات التي لا يمكن تفاديها في حياة السجون وإغلاق الزنازين وغياب الرعاية الطبية الحقيقية في السجون لحالات الطورائ والخطورة.
إذا داهمت الذبحة، مسجوناً في ليل السجون المصرية البهيم، فعليه أن يخطر من حوله ـ إذا سمعوه ـ فيخطروا حراسه ـ إذا فهموا ـ فيخطروا الضابط المناوب، ليخطر المأمور ليخطر الإدارة الطبية، لترسل طبيباً يحدد مدي خطورة الحالة من عدمها، ثم يقرر أن ينقل المسجون إلي المستشفي الخارجي قسم الطوارئ بعد عرض الأمر علي أمن الدولة ورئيس مصلحة السجون وربما الوزير ـ في حالة مثل حالة الشاطر ـ لتنتهي هذه الرحلة بانتداب سيارة ترحيلات وقوة تأمين لنقله إلي قسم الطوارئ!!
المدة الفاصلة بين الأزمة القلبية وتلقي العلاج كفيلة لتلقي العزاء ـ لا قدر الله ـ بدلاً من العلاج!! هذا علي فرض أنه لا توجد مماطلة أو موانع أمنية من سير الأمور وفقاً للروتين السابق الإشارة إليه والكفيل بتحقيق الكارثة دون غيره.
خيرت الشاطر.. لم يقتل أحداً ولم يسرق بنكاً، ولم .. ولم …ولم.
كما تدين تدان
إننا كما تمنينا الشفاء للرئيس وعودته لأسرته سالماً نتمني من الرئيس ألا يضن بحق الشفاء علي غيره من المرضي.. ممن لا يطمحون في السفر للعلاج بالخارج علي نفقة الدولة، كما يفعل كل الكبار في هذا الوطن!! فقط يطمحون في أبسط صور العلاج وهي أن يجد طبيباً أو مسعفاً أو مستشفي في اللحظة الحرجة التي يكون فيها بحاجة لمحاولة لإنقاذ حياته.
الهدية التي نتوقعها من الرئيس ونطلبها منه فور عودته، هي ألا يضن بالحق في الشفاء الذي مٌن الله به عليه!!
لا نتمني من الرئيس أن يطلق سراح خيرت الشاطر فقط بل يراجع كل ملفات مرضي السجون، والمعتقلات المصرية، وفي مقدمتهم الشيخ عبود الزمر، الذي قضي للآن 29 عاماً في السجون، في ظل أصعب الظروف وأنهي مدة سجنه قانوناً ولم يعد هناك مبرر قانوني لبقاء الرجل خلف القضبان، سوي الإصرار علي أن يموت خارج بيته، وبعيداً عن أسرته أولاده.
القضاء لم يحكم بالإعدام علي عبود الزمر، فلماذا نعدمه خارج القانون؟