محمود فارس مصنع الطائرات المسيرة في القسام
ولد محمود محمد فارس لأسرة متواضعة ربت أبناءها على حب الله والتضحية في سبيل تحرير الوطن في 10 يونيو 1983 بمحافظة خان يونس بقطاع غزة، وتلقى تعليمه إلى المرحلة الثانوية في مدينة غزة، وانتقل إلى سوريا لدراسة هندسة الميكانيك في جامعة تشرين بمدينة اللاذقية، وحصل على الرتبة الأولى في تخصصه.
التحق فارس بحركة "حماس" وهو طالب بجامعة اللاذقية في سوريا، وكان له حضور متميزٌ في الشأن الطلابي الفلسطيني
وكان من أبرز قيادات العمل الطلابي الفلسطيني في سوريا، وبعد تخرجه التحق بكتائب القسام وتلقى دورات تدريبية في صناعة الطائرات المسيرة في عدة دول عربية.
أنظم إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام في 2007، و التحق بدورات صناعة الطائرات بدون طيار في سوريا، وتلقى تدريبا من محمد الزواري في 2012 عمل كمهندس أساسي في مشروع صناعة وتطوير الطائرات دون طيار الذي أنتج طائرة أبابيل، واساهم في تطوير طائرات شهاب والزواري ومحركات الصواريخ.
انتاج الطائرات المسيرة
وفي العام 2005 أطلقت دائرة العمل العسكري في الخارج ” الإعمار” مشروع تصنيع الطائرة بدون طيار، وباشرت حشد الإمكانات الفنية والطاقات النوعية من كوادر ومهندسين، لإدارة المشروع من أبناء فلسطين والأمة الإسلامية. ثم ما لبث أن تولى الشهيد التونسي المهندس محمد زواري قيادة وحدة تطوير وتصنيع الطائرات بدون طيار.
تزامن ذلك مع تخرج المهندس محمود من الجامعة، وعُرض عليه الانتساب إلى صفوف كتائب القسام في دائرة الإعمار عام 2007، والعمل في قسم التصنيع الحربي فيها، وقد وقع الاختيار عليه ليكون من المهندسين الرئيسين في مشروع الطائرة من دون طيار. لم يتردد محمود بالاجابة على العرض والتقف الفرصة بنهم وشغف، حيث تدرب وعمل بصحبة الشهيد محمد الزواري، فكان يده اليمنى في تطوير العديد من النماذج.
فبعد تخرجه التحق بكتائب القسام، وتلقى دورات تدريبية في صناعة الطائرات دون طيار في عدة دول عربية، وتدرب على يد الشهيد المهندس محمد الزواري الذي كان مسؤولا عن وحدة تطوير وتصنيع الطائرات من دون طيار، إضافة إلى الشهيد جمعة الطحلة.
العودة لغزة
نجح محمود بالدخول الى قطاع غزة إبّان الثورة المصرية في عام 2011، وذلك برفقة زوجته الطبيبة ابنة أحد قياديي الحركة بالخارج وابنهما فارس، عمل محمود بدأَب وتفانٍ لإنتاج الطائرات وتطوير نماذجها الجديدة، وتأهيل الإخوة المهندسين على ذلك. لمَع اسم محمود عند العدو بعد “حرب السجيل” واستهداف ورشة تصنيع الطائرات، وذلك بعد أن رصد العدو تجاربها من الجو، حيث تمت التجارب بوجود الشهيد محمد الزواري، وأصبح محمود من المطلوبين لاستخبارات العدو. قام العدو في معركة “العصف المأكول” عام 2014 بتدمير منزله ومنزل أهله في خانيونس أمام نظر العائلة حيث لم يكن الشهيد موجوداً فيه.
عاد إلى غزة ناقلا ما راكم من تجارب وخبرات خدمة لمشروع تصنيع وتطوير المسيرات، واستلم جهود تطوير المسيرات بعد معركة "حجارة السجيل" عام 2012، وواصل عمله في المشروع إلى أن أثمر إطلاق طائرة "أبابيل" التي استخدمتها كتائب القسام لأول مرة في معركة "العصف المأكول" عام 2014، وفاجأت الاحتلال واستخباراته.
عمل القائد فارس مع الشهداء القادة في التصنيع العسكري سامي رضوان، حازم الخطيب، وظافر الشوا، والأخيران هما مهندسا طائرة "شهاب" المسيرة التي دخلت الخدمة الميدانية خلال "سيف القدس".
كما طوّر فارس طائرتي "شهاب" و"الزواري" إضافة إلى محركات الصواريخ. وعمل على تطوير التصنيع الحربي لدى القسام، وتمكن من وضع بصمته على كل مسيرة تحلق في سماء الاحتلال، إضافة إلى التدريب ونقل الخبرات لعناصر وحدة التصنيع العسكري في كتائب القسام.
صفاته
عشق محمود فلسطين منذ الصغر. كنا نسأله عن سر كثرة الشيب المبكر في رأسه رغم صغر سنّه، فيجيب “أنا من غزة مصنع الرجال منذ الطفولة”، محمود مهندس قسامي مجاهد، صاحب قلب رقيق وعاطفة جيّاشة، دمعته سخية حتى لمرض إخوانه، هادئ ولو هبّت العواصف، إنه أسد في الميادين صلب الإرادة جسور عند الشدائد عزيز على الكافرين رحيم بين إخوانه، لا يعرفه إلا من عايشه في الميدان وتحت أزيز الطائرات وقصف الصواريخ متمثلاً قول عنترة:
واختر لنفسك منزلاً تعلو به أو مت كريماً تحت ظل القسطل
لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
عشق محمود ياسمين الشام وحارات دمشق القديمة، حيث كان يسير فيها ليلا ويحفظ حواريها وأزقّتها عن ظهر قلب، إلى أن عاد إلى فلسطين الوطن. امتزج عِشْقُ الشام عنده بعنفوان المقاومة وإرادة القتال، بحُبّ الأقصى والارتقاء إلى ذروة سنام الإسلام، إنه الجهاد أرفع المراتب وأربح الصفقات. عمِل وعمِل، جَدّ فوَجَد.
استشهاده
استهدف الطيران العسكري الإسرائيلي إحدى ورش التصنيع بمعركة "العصف المأكول" محاولا اغتيال فارس، لكنه نجا من تلك المحاولة، كما استهدف منزله في خان يونس ونجا للمرة الثانية، إلى أن تمكن الاحتلال من اغتياله في اليوم الثالث من معركة سيف القدس يوم 12مايو/أيار 2021 في معركة "سيف القدس" رفقة القائد جمعة الطحلة، بعد أن أنهى العمل على عدد من المشاريع التي دخلت حيز الإنتاج بعد معركة سيف القدس.
ولقد نظمت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وجناحها العسكري "كتائب القسام" في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة في 27 تموز / يوليو 2022م، حفل تأبين قائد التصنيع العسكري المهندس الشهيد محمود محمد فارس الذي ارتقى خلال معركة سيف القدس. (12 / 5 / 2021). وتخلّل التأبين عرضًا عسكريًا "للقسام" وطائراتها المسيّرة.