عبدالرحمن سالم العتيقي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عبدالرحمن سالم العتيقي وجمعية الإرشاد بالكويت


عبدالرحمن-سالم-العتيقي.5.jpg

إخوان ويكي

مقدمة

تظل ذكرى الصالحين نسيمًا للعليل، وبلسمًا للمريض، وعبرةً للسائرين على طريق رب العالمين وموعظة للمتقين، فهم بمثابة السراج المنير لأهل الأرض الذي يستضئون به في حياتهم.

وتظل سيرة كل من انتسب للعمل الإسلامي وأحب وطنه نبراس يتعرف به الناس على حقيقة هذا الدين الذي يتجسد عمليا في نموذج آمن بدينها وضحت من أجل وطنها، ومنهم العم عبدالرحمن سالم العتيقي أحد رواد الحركة الإسلامية الأوائل في دولة الكويت.

مسيرته

فيأقليم سدير بنجد حيث النشأة الأولى لأسرة العم عبدالرحمن حيث نزح العلامة الشيخ "سيف بن أحمد بن محمد العتيقي الحنبلي" للكويت سنة 1775م واستقر بها وأسس أسرة لها في محلة العتيقي والتي انتشرت وأثرت وتأثرت بالمكان. في هذا البلدة ولد عبدالرحمن سالم عبدالله حمد العتيقي 15 أبريل 1928 في "محلة العتيقي" المعروفة بـ "سكة عنزة" شمال حي الوسط من مدينة الكويت.

تعليمه

التحق في سن السادسة بمدرسة الملا عبدالله عبداللطيف العثمان وإخوانه التي درس فيها القرآن الكريم والحساب لمدة عامين قبل أن يتركها ويلتحق بالمدرسة المباركية مع بدء التعليم النظامي في الكويت في عام 1936، إلا أنه مرض عام 1942م فترك التعليم وهو في الصف الثاني الثانوي.

لكنه لم يستلم لذلك حيث بقي في منزله لمدة عام كامل يحاول خلاله تثقيف وتعليم نفسه بنفسه من خلال الاطلاع. وبالتزامن مع ذلك لازم العتيقي أستاذين كويتيين متخصصين كان لهما فضل كبير عليه: أولهما هاشم بدر القناعي الذي تولى تعليمه اللغة الانجليزية والضرب على الآلة الكاتبة، وثانيهما الأديب والشاعر عبدالله سنان الذي علمه النحو والأدب إضافة إلى أصول مسك الدفاتر التجارية والمحاسبية.

عمله

يذكر قوله عن أول عمل يعمله:

كانت ظروف الحياة في كويت الاربعينات جعلته مضطرًا لدخول ميدان العمل مبكرًا، فبدأ خلال حقبة الحرب العالمية الثانية العمل في تموين الأطعمة ثم تموين الأقمشة. لكنه بدءًا من عام 1949 التحق بشركة نفط الكويت، حيث استطاع بسبب تفوقه في اللغة الانجليزية أن يجتاز اختبارات القبول ويتجاوز بقية المتقدمين، وأن يحصل على وظيفة "مشرف عام" على العمال في جميع مناطق التنقيب عن النفط.

وبسبب ضيق المعيشة وزيادة النفقات بعد زواجه اتجه للعمل مع التجار واكتساب الخبرة فعمل مع بعض التجار الكبار، وكان دوره معهم كتابة الرسائل وطباعتها باللغة الانكليزية، وترجمة ما يصلهم من رسائل من تلك الشركات.

ويبدو أن انخراط العتيقي وقتئذ مع كبار تجار الكويت في أعمال الترجمة بلغت مسامع شيوخ البلاد ومسؤوليها، ومنهم رئيس دائرة الشرطة آنذاك الشيخ صباح السالم الصباح (أمير الكويت لاحقًا) الذي طلبه للعمل معه في دائرة الشرطة كمترجم. وهكذا ترك العتيقي شركة النفط في عام 1949 ليلتحق بدائرة الشرطة في العام نفسه.

استمر الرجل يعمل في الدائرة الأخيرة لمدة عشر سنوات، باذلاً جهدًا كبيرًا ليس في مجال الترجمة فحسب، وإنما أيضا في مجال تنظيم دائرة الشرطة التي صار مديرا عاما لها، حيث أنه طلب إذنًا من الشيخ صباح السالم للقيام بذلك كي يبرز مواهبه ويفرغ طاقاته المخزونة، فجاءته الموافقة دون تردد لثقة الشيخ صباح بقدراته وحسن تدبيره

وهي ثقة تكررت حينما نقل الشيخ موظفه العتيقي معه إلى دائرة الصحة بعد أن أسندت رئاسة دائرة الصحه إلى سموه بدلاً من الشرطة في عام 1959، ثم تكررت مرة أخرى بعد ثلاثة أشهر حينما تم تعيين العتيقي مديرا عاما لدائرة الصحة والخدمات الطبية خلفًا لمديرها السابق الذي استقال بسبب تقدمه في السن.

استمر العتيقي يعمل في دائرة الصحة بنفس الوتيرة التي عـُرف بها في دائرة الشرطة لمدة أكثر من عامين ما بين 1959 و1961. وبعد استقلال الكويت عن بريطانيا في يونيو 1961 أصدر الشيخ عبدالله السالم الصباح مرسومًا أميريًا قضى بتعيين العتيقي كأول مبعوث دبلوماسي للكويت لدى منظمة الأمم المتحدة في مقرها بنيويورك، وفي الوقت نفسه قدم أوراق اعتماده في واشنطون إلى الرئيس الأمريكي جون كينيدي كأول سفير معتمد لبلاده لدى الولايات المتحدة الامريكية. غير أنه لم يبق كثيرا في أمريكا بسبب وفاة والده ووالدته وحزنه الشديد عليهما.

في عام 1963 عاد العتيقي الى الكويت لتقبل العزاء في والده الذي كان قد توفي في تلك السنة، ثم عاد الى مقر عمله في واشنطون ليجد في انتظاره برقية من الشيخ عبدالله السالم الصباح يطالبه فيها بالعودة إلى البلاد لتولي منصب سياسي رفيع كمكافأة وتقدير لقدراته الدبلوماسية والادارية المشهودة. وقد عاد بالفعل وقابل الأمير وعرف منه اختياره لشغل منصب وكيل وزارة الخارجية الذي باشره بعد أن قام بترتيب أوضاع سفارة بلاده في واشنطون وبعثتها لدى الامم المتحدة خلال شهرين.

في منصبه الدبلوماسي الجديد بقي العتيقي لمدة أربع سنوات (من 1963 وحتى 1967) تولى خلالها مهمات صعبة، منها على سبيل المثال التوصل إلى إتفاقية أكتوبر 1963 لترسيم حدود بلاده مع جارتها العراقية المشاكسة بـُعيد الإطاحة بنظام الزعيم عبدالكريم قاسم الذي كان قد أثار زوبعة إقليمية بمطالبته بالكويت فور إعلان استقلالها.

وبحلول فبراير سنة 1967 دخل الحكومة الكويتية السادسة التي شكلها رئيس الوزراء وولي العهد الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح في عهد الشيخ صباح السالم الصباح، شاغلاً لأول مرة منصبًا وزاريًا وهو منصب وزير المالية الذي كان يشغله من قبل الشيخ جابر بنفسه

إضافة إلى حقيبة النفط التي دمجت في حقيبة المالية قبل أن تفصل الحقيبتان في التشكيل الوزاري التاسع في عام 1976 ويبقى العتيقي ممسكًا بالمالية لغاية سنة 1981، وهي السنة التي خرج فيها من التشكيل الوزاري الحادي عشر برئاسة الشيخ سعد العبدالله السالم لصالح الوزير عبداللطيف يوسف الحمد، ليختاره الشيخ جابر في السنة ذاتها مستشارًا لسموه.

ويمكن القول إن أبرز ما قام به الرجل إبان توليه حقيبة المالية والنفط هو:

عبدالرحمن-سالم-العتيقي.11.jpg
إنهاء إجراءات امتياز البنك البريطاني وتحويله إلى "بنك الكويت والشرق الأوسط"، قيادة الوفد الكويتي إلى الاجتماع التأسيسي لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط (الأوابك)، التوصل في عام 1972 إلى اتفاقية المشاركة الجزئية بالملكية في صناعة النفط مع شركتي بريتش بتروليوم وغلف المالكتين لشركة نفط الكويت، كبديل للتأميم؛
السهر على تنفيذ الأهداف الكبرى للمجلس الأعلى للبترول المؤسس في عام 1974 والمتمثلة في بناء صناعة نفطية وطنية، تأسيس التأمينات الاجتماعية لصالح مستقبل طيب وواعد لموظفي الدولة، وتأسيس صندق الأجيال القادمة الذي لا ينسب الرجل فكرته إلى نفسه وإنما ينسبها بكل تواضع إلى آخرين على رأسهم الشيخ جابر الأحمد حينما كان سموه وزيرًا للمالية.
وفي هذه الجزئية أخبرنا العتيقي في حواره مع مجلة الرجل أن مداخيل الكويت في البدايات لم تكن بذلك الحجم الكافي للاستثمار، لكن مع مرور الوقت زادت الأرصدة المالية فأنفق جزءاً منها في بناء البنية الأساسية في الداخل وتأسيس المؤسسات التي يعجز القطاع الخاص المحلي عن إنشائها، وانفق الجزء الآخر على الدول الشقيقة والصديقة الاقل دخلا من خلال "صندوق الكويت للتنمية الاقتصادية".

إبان توليه حقيبة المالية والنفط، صولاته وجولاته في المحافل العالمية دفاعًا عن الكويت والبلاد العربية بلغة إنجليزية سليمة وخطاب مقنع. حيث أنه شغل الحقيبة المذكورة في زمن كان فيه الاعلام الغربي يهاجم الدول العربية بضراوة بسبب قيامها بوقف تصدير النفط ورفع أسعاره من خلال منظمة الأوبك، وما تسبب فيه هذا الاجراء من شح المعروض من النفط في الأسواق الغربية، وبالتالي تضرر الصناعة ووسائل المواصلات والتدفئة.

ومن ضمن أعمال العتيقي الأخرى عمل يشيد به البعض فيما البعض الآخر ينتقده وهو دعمه ووقوفه خلف مشروع تأسيس "بيت التمويل الكويتي" (بيتك)، يقول العم عبدالمحسن الخرافي: العم أحمد بزيع الياسين والسيد بدر المخيزيم قائلين: "ساهم عبد الرحمن العتيقي في تأسيس بيت التمويل الكويتي، من خلال اتخاذ قرار سياسي بالموافقة على تأسيس "بيتك"، ولا شك أن مثل هذا القرار كان يحتاج إلى جرأة شديدة آنذاك، لحداثة التجربة، وصعوبة تقبل البعض للفكرة"، لذلك كان العم أحمد بزيع الياسين رحمه الله يسميه البطل.

ولندع السيد عبد الرحمن العتيقي يروي لنا تفاصيل اهتماماته ومقدمات إنشاء "بيتك" .. يقول:

في عام 1976م في شهر يوليو، عُلّقت المادة الرابعة في الدستور لإعطاء الحكومة فترة أربع سنوات، تراجع فيها الدستور وتدرس تنقيحه، وبالتالي تعطلت الانتخابات وحُلَّ مجلس الأمة. وكعادتي في زيارتي لمصر في اجتماعات المجلس الاقتصادي رأيت د. عيسى عبده وقلت له: "حضّر لنا مشروع قانون إنشاء بنك إسلامي بناء على الفكرة التي سبق أن طرحتها.."

فجهز الفكرة وبعثها إليّ في وزارة المالية، وذهبت بها إلى الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح - رحمه الله - الذي لا يُرد راغباً في الخير. وقلت له:

"هذا مشروع خير، ولا نستطيع أن نجبر كل الناس على الذهاب إلى البنوك القائمة الآن، ولا يمكن تطبيق هذا المشروع إلا بقانون، وأعتقد أن هذا خير وبركة للبلد، حيث إننا حققنا للإنسان رغبته، فمن أراد البنوك العادية فهي موجودة، ومن أراد بيت التمويل، فله ذلك"، وعندما ذهبنا إلى مجلس الوزراء لعرض القانون وقّعه الشيخ جابر رئيس المجلس مباشرة وبلا تردد، حيث كان - رحمه الله - لا يتردد قيد أنمُلة، في ما يرى فيه المصلحة والخير.

وأُحيل القانون إلى مجلس الوزراء، وحدثت عدة مناقشات لكن تمت الموافقة عليه، وذُللت كل العقبات أمام المشروع بسلام، ثم وقّعه الأمير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح.

ويضيف العتيقي قائلاً:

"لكي تكون سليم النية لا بد أن تخدم المشروع بلا مقابل، وهذه طريقتي باستمرار، وقد سعيت في سبيل الخير، وليست لي مساهمة في التأسيس ولم أشتر أسهماً، ولم أساهم – طوال حياتي – في أي عمل مالي، لا بنوكا ولا غيرها، حتى لا يُقال سعى في هذا المشروع لغرض في نفسه".

بين صفوف جمعية الإرشاد

حمل فكر الإخوان إلى الكويت الأخوين عبدالعزيز وعبدالله المطوع حيث تلاحمت قلوبهم ببعض القلوب الطيبة المحبة لدينها ووطنها فعملوا على تأسيس جمعية للدفاع عن الإسلام في مواجهة تيارات التغريب التي كانت قد اجتاحت المنطقة العربية في ذلك الوقت

فشاركهم العم عبدالرحمن في تأسيس جمعية الإرشاد الإسلامي والتي أنشئت في أول رمضان 1371هـ الموافق 24 مايو 1952م بهدف تربية النشء الجديد على الأخلاق الحميدة، وتجديد الفكرة الإسلامية في نفوس الأجيال. كما كان رئيس مجلس إدارة جمعية المعاقين، وهو عضو مؤسس منذ عام 1973م.

وفاته

بعد رحلة من العطاء توفى العم عبدالرحمن سالم العتيقي يوم الجمعة 12 يونيو 2020م، الموافق 20 شوال 1441ه عن عمر ناهز (92)

ألبوم الصور

عبدالرحمن-سالم-العتيقي.1.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.2.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.3.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.4.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.5.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.6.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.7.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.8.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.9.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.10.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.11.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.12.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.13.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.14.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.15.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.16.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.17.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.18.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.19.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.20.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.21.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.23.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.24.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.25.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.26.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.27.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.28.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.29.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.30.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.31.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.32.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.33.jpg
عبدالرحمن-سالم-العتيقي.33.jpg