سعد زين العابدين سلامة
دكتور سعد سلامة الصيدلاني الكيميائي من مواليد الإسكندرية عام 1938م، عاش فى طنطا مع والده والذى كان صديقا للإمام البنا وكان يزوره في بيته اذا نزل طنطا وكان فى صفوف الدعوة.
تعرف سعد على الدعوة فى بيته وحرص على انشطتها فى كل مراحلها حتى قبض عليه لنشاطه الوطني ولمناداته بتطبيق الشريعة ودخل سجون عبد الناصر عام 1954 وعمره 16 عام ومكث بها سنتين لازم فيها الشيخ القرضاوي فى الزنزانة وخرجا سويا في كلابش واحد. رزقه الله في هذه المحنة التعرف على رموز الدعوة والحركة عن قرب.
وخرج عام 1956م ذهب الي بلدته ليجد أن أهله قد تم نقلهم الي لمدينة أخرى بعد أن تم التضييق عليهم، ولكن تشاء الأقدار أن يتم العثور عليهم ، بعدما خرج من السجن ولصغر سنه التحق بالدراسة من المنازل ودرس عامين فى عام ثم الثانوية العامة فى مدرسة خاصة، ونجح بتفوق مما يسر له الحضور الى المانيا فارا بدينه.
يقول الدكتور أحمد خليفة عنه:
- اجتهد قدر المستطاع حتي تمكن من استكمال دراسته وينهي الجامعة بل وتخصص ليحصل على الدكتوراه في مجال الكيمياء بدرجة عالية وكان يعمل فى المناجم ليوفر مصروفات الدراسة.
- وطاف المدن الالمانية لتجميع اخوانه من كل مكان، وكان يبيت فى القطار لمدة ثلاث سنوات ليس له سكن ينتقل يوميا بعد الدراسة لمدينة بالليل ثم يعود الى الجامعة وهكذا شارك مع الدكتور المحجرى ويوسف ندا والدكتور فؤاد قنديل وغالب همت والدكتور المجددى وفاروق الزيات والدكتور سعيد رمضان وغيرهم من الرعيل الأول نشأة المراكز الإسلامية في ألمانيا.
- كان عالى الهمة شجاعا. ظل يدافع عن قضيته التي خرج من اجلها ويقاوم أنصار النظام الغاشم في الداخل والخارج ولم يترك لهم اجتماعا ولا مؤتمرا إلا وكان متواجدا ليصدع بكلمة الحق ويعري النظام العسكري المنقلب في مصر أمام الغرب في ألمانيا حتى جعلهم يسحبوا عنه الجنسية المصرية التي أعادها له الرئيس السادات.
- كما حاولوا قتله في الحوادث المشهورة بالنعوش الطائرة. ولكن هذا لم يمنعه ابدا ان يقاوم وظل يناهض النظام الي ان زال عصر ذلك الطاغية، كما شارك فى حركة العاصفة فى الكفاح من اجل فلسطين.
هو أيضا شاعر واديب ذو حس رهيف وله قريحة شعرية مبدعة تمتاز بالجذالة والقوة الثورية
كما ذكره الدكتور القرضاوي فى كتابه "ابن القرية" قائلا:
- كنت اذا نسيت بيتا لى من الشعر أبحث عن الإخوة الذين كانوا يحفظون القصيدة ممن كانوا معي في السجن الحربي، ومنهم أخوان كريمان من إخوان طنطا، وهما: سعد زين العابدين سلامة، أصغر طالب كان في السجن الحربي، وكان في الشهادة الثانوية، وزميله فؤاد قنديل، وكان في السنة الأولى في كلية الصيدلة، وكان مشهورًا بقوة الذاكرة، وسرعة الحفظ، حتى إنه حفظ القرآن كله - وهو في السجن الحربي - في أقل من سنة.
- وقد علمت أن كلًّا منهما - سعدًا وفؤادًا - قد غادرا مصر منذ سنوات إلى ألمانيا، واستقرا فيها، وأكملا دراستهما بها، وتزوجا من ألمانيتين، بعد أن صمما ألّا يعودا إلى مصر، بعد تجربة السجن الحربي، إلا أن تتغير الأوضاع فيها، وتهب على الناس رياح الحرية، التي ينعمون بها في بلاد الإفرنج، وقد طعموا فيها من جوع، وأمنوا من خوف.
- وبالسؤال والبحث عرفت عنوان الأخ سعد وطلبت إليه أن يرسل إليَّ كل ما يحفظه من النونية، ويستعين بالأخ فؤاد، وكل من يعرف من نزلاء السجن الحربي. وكان سعد حفظه الله عند العهد به، فراسل إخوانه وهاتفهم هنا وهناك، وبعث إليَّ بنحو مائة وتسعين بيتًا من القصيدة.
- وهي أكثر من ثلاثمائة في الأصل، وبإضافتها إلى ما أحفظه مما لم يرسلوه إليَّ أمكن إعادة بناء القصيدة أو الملحمة، ولكن بقيت فيها فجوات اجتهدت أن أملأها بما يفيض به الخاطر، وإن لم يكن - غالبًا - في قوة الأصل الذي ظهر في السجن متدفقًا كالسيل، سلسًا عذبًا كالماء الزلال.
ويقول أيضا عنه أثناء المحنة:
- وكانت هذه الدروس تشمل الإخوان عمومًا، والشباب والطلبة خصوصًا، وكان معظم الطلبة من الجامعات، ولكن كان قليل منهم من المدارس أو المعاهد الثانوية، مثل الأخ سعد زين العابدين سلامة، الطالب بمدرسة طنطا الثانوية، وأحسبه كان أصغر طالب في المعتقل، ومثل الأخ عبد الشفوق الشحات من طلبة معهد دمياط الثانوي، وكان كلاهما من رواة قصيدتي "النونية".
يكمل الدكتور أحمد خليفة:
- مارس الدكتور سعد العديد من الاعمال التجارية والصناعية ولتصدير والاستيراد، واسس الشركات. ولما رزقه الله بابنه الحبيب خالد عام 1968، في فترة غياب المؤسسات الإسلامية وحرصا على تربيته، نقله إلى مصر حيث قامت العمة وزوجها بواجب التربية على خير ما يرام.
- فترعرع الولد بعيدا عن الأب في أمان الله ورعاية واعية. فأجاد حفظ القرآن والتزام ارتياد المساجد والمداومة على صلاة الجماعة إلى اليوم حتى بعد عودته إلى ألمانيا. مضرب مثل في الصدق والأمانة، وبر الوالدين والوفاء للعمة وزوجها.
- رزق بعدها بخلود في محضن رعاية متكامل في حضور الأب الواعي والأم الرؤوم، فترعرعت بشكل متميز يظهر في عطائها الدعوي والتربوي، فورثت من الاب السفر والترحال الدعوي، فعرفتها المؤتمرات والمعسكرات التربوية والدعوية... ورزقها الله بزوج يقدر المسئولية الدعوية، فهو أيضا صاحب نشاط متميز في العمل الدعوي، ورزق فقيدنا احفادا من ابنه خالد وابنته خلود.
- ومع انتقال السفارات من بون الى برلين، انتقل إلى برلين من عام 2005 الى عام 2014. دعم فيها انشاء حزب إسلامي مع الحاج على عبد الوهاب (عليه رحمة الله) بعاطفة عالية وهمة كان معتزا بدينه محبا لربه فخورا بدعوته وتاريخها محبا لإخوانه.
شارك في الثورة المصرية والوقفات الاحتجاجية، وفي عام 2012م وقف في شوارع برلين أثناء انتخابات الدكتور محمد مرسي يحث الناخبين على الادلاء بأصواتهم لمرسي ، وقابل د. مرسي عند زيارته لألمانيا. كان شعاره: (إذا كانت النفوس كبارا .. تعبت في مرادها الاجساد) .. تحمل الصبر على المرض في اخر اشهره حتى توفاه الله يوم 11 فبراير من عام 2017م.
تكريم سعد سلامة